ماضٍ يفتخر به البشر والحجر، ماضٍ تربعت على قمته بشائر الرسالة واصالة النبوة، ماضٍ حيث كانت دولة الاسلام دولة محمدية اصيلة، يقابله حاضر يمحو بشناعته كل فخر كان يلامس جفون البشرية الغابرة.. حاضر بات من الصعب أن يقال عن اسلامه "دين الرحمة" اذا ما استمرت بعض الفئات بتشويه صورته الحقيقية تحت مسميات "الجهاد". لذا، ما بين الحاضر والماضي هناك دولة وهنا دولة ولكن هل هي الدولة ذاتها؟.

من المتعارف عليه، ان لكل دولة حاكم ولهذا الحاكم معايير معينة تميزه عن غيره من الناس ليكون جديراً بإدارة امور الدولة. فالنبي محمد(ص) كان مثالاً للنموذج البشري الكامل حتى قبل ان يتلقى الوحي(انك لعلى خلق عظيم)، فالصدق والامانة والاخلاص والرحمة (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين) وغيرها من الصفات جعلته حاكماً لدولة اسلامية اصيلة. اذاً هذا هو نموذج حاكم دولة الاسلام عام 1 للهجرة، و شتان بين من نصب نفسه "خليفة" لـ "دولة الاسلام" عام 1435 للهجرة(2014).."ابو بكر البغدادي"، هذا "الخليفة" الذي لا يمتلك اي صفة من صفات الحاكم العادل الجدير بالادارة كالتي كان يمتلكها النبي محمد(ص) وهو الذي يدعي أنه يريد اعادة امجاد الدولة الاسلامية المحمدية، كما أن الحاكم العادل لا يتحصّن في بروج وقصور، الحاكم العادل لا يحكم بالسيف؟!..

ومن مسألة الحاكم، الى تنظيم شؤون الدولة، وهنا تكمن الطامة الكبرى. ففي دولة الرسول محمد(ص) كان أول ما قام به(ص) هو بناء مسجد يعبد الله تعالى فيه ويُسير فيه أمور المجتمع الإسلامي، بينما أول ما قامت به "دولة الاسلام 1435(2014)" هو هدم المساجد ونبش قبور الأولياء والصحابة!..

الرسول(ص)، نظم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار بعد قيامة الدولة، أما ما فعلته دولة الاسلام 1435(2014) هو محاربة وقتل كل من يختلف عنها فكرياً وعقائدياً!.. ثالث ما قام به الرسول الاكرم(ص) هو وثيقة الصفيحة، فـأين وثيقة الصحيفة التابعة لدولة الاسلام 1435(2014)؟.

ألم يكن أول بند ان المسلمين أمة واحدة رغم اختلاف قبائلهم وانتماءاتهم؟

ألم يكن أحدى البنود الاخرى المحافظة على اليهود والنصارى وغيرهم من غير الاسلام واعطائهم الحرية في ممارسة شعائرهم والتمتع بحقوقهم كما جميع سكان الدولة ضمن شروط محددة كما هي الحال عند كل دول العالم ؟، هل قام الرسول الاكرم(ص) بفرض الاسلام على حد السيف ام انه كان يدعو بسلاسة وهدوء؟ هل ذبح الرسول الاكرم(ص) يوماً اسيراً، وهو القائل" اياكم والمثلى ولو بالكلب العقور".. وهو الذي طلب من كل اسير تعليم عشرة من الانصار لقاء حريتهم؟

التاريخ واضح جداً..

واذا استمر الكلام لما انتهى ابداً ، فالاسلام دين الرحمة والمودة، ذاك الدين الاصيل المجرد من كل النزعات البشرية. لاتحكمه غرائز وشهوات نفوس البشر لانه الهي. دولة الاسلام لا تتنكر بالدين ولا تستخدم من عظمة الرسول(ص) "سواتر" لتغطية الرغبات من حب السلطة والطمع والتلذذ بالعنف! هكذا كانت دولة الاسلام المحمدية عام 1 للهجرة وهذه هي الدولة المتأسلمة عام 1435 للهجرة وهي نقيض الأولى تماماً.

زهراء حمود/ كلية الإعلام