X
جديد الموقع
حزب الله يهنئ الشعب الفلسطيني على كسر قيود الاحتلال عن المسجد الأقصى المبارك
حزب الله: ما قام به أبناء عائلة الجبارين في القدس درس لأحرار الأمة..
الإمام الخامنئي: الجرائم بحق الشعب الايراني لن تزيده إلا كرهاً للادارة الأميركية وأذنابها بالمنطقة كالسعودية
بيان صادر عن حزب الله تعليقاً على اقتحام النظام البحراني لمنزل آية الله الشيخ عيسى قاسم
حزب الله يدين بأشد العبارات : الحكم ضد آية الله الشيخ عيسى قاسم جريمة
السيد حسن نصر الله يهنئ الشيخ روحاني بإعادة انتخابه رئيسا للجمهورية الاسلامية

مختارات :: دور المعلم في الوقاية من الحرب الناعمة

img

يشكّل دور المعلم مرتكزاً محورياً وقطب رحى في الوقاية من الحرب الناعمة وفي مواجهتها، باعتباره واحداً من المداميك والصروح الأساسية والهامة في نخب المجتمع، ومؤثّراً فعّالاً في حركيته وفي رقيّه وتطوّره، كيف لا!؟ وهو الذي أُسندت إليه مهمة عظيمة كمهمة الأنبياء كما ذكر ذلك الإمام الخميني الراحل "قده"، وهي مهمة التربية والتعليم، وبعبارة أخرى مهمة التزكية والتعليم كما جاء في وصف دور الأنبياء في القرآن الكريم، وكذلك نجد أن الإمام الخامنئي " دام ظله " قد وصف دور المعلمين في مواجهة الحرب الناعمة بالقادة والضباط ، الذين غالباً ما يوجدون في طليعة الجيوش المقاتلة، يتطلّعون دائماً قدماً، فيستبصرون ويتدبرون وينظّمون ويرشدون ويواكبون ويخوضون في غمار المواجهة، مسددين الرميات الأولى ومتقدمين في صدارة المواجهة.

    وقبل أن نلج في إظهار دور المعلم  في الوقاية من الحرب الناعمة وفي مواجهتها، لا بد بداية من تسليط الضوء على ماهية هذه الحرب وعلى إبراز مخاطرها مقارنة بمخاطر الحرب العسكرية.

 

v   أوّلاً- مفهوم الحرب الناعمة:

  يُعتبر مصطلح الحرب الناعمة أو القوة الناعمة مصطلحاً حديثاً. قام بالترويج له بعض المسؤولين والضباط الأميركيين وعلى رأسهم البروفيسور جوزيف ناي[1]، وذلك منذ الغزو الأمريكي الاوّل للخليج في العام 1990، وقد عرّف ناي القوة الناعمة بأنها "القدرة على صناعة وتشكيل تصوّرات الآخرين" أي إعادة تشكيل الاتجاهات الذهنية للآخرين، وقال عنها أيضاً: "الحصول على ما تريد من الآخرين عن طريق الجاذبية بدلاً عن الإرغام ( واستعمال القوة) أو دفع الأموال"، وأردف أيضاً: "وتنشأ القوة الناعمة من الجاذبية الثقافية لبلد ما، ومن مُثلِه السياسة، وسياساته، فعندما تبدو سياستنا مشروعة في عيون الآخرين، تتسع القوة الناعمة وتتعاظم...".

 

 بيد أن ممارسات أشكال مختلفة من الحرب الناعمة ليست وليدة مرحلة التنظير الأخير لها، بل هي قديمة وضاربة في هذا التاريخ منذ نشوء صراع الثقافات والحضارات، ولعل مصطلح الغزو الثقافي – الذي استخدم ردحاً من الزمن- هو أحد تجلّيات هذه الحرب وأحد مظاهرها.

   إذاً فالحرب الناعمة قديمة جداً ومن خلالها تعرضت حضارات وثقافات لتحولات كبرى ولتصدّعات وانحرافات كثيرة، ومن خلال الحرب الناعمة سقطت وانهارت دول، وتفككت اتحادات، وتشرذمت جماعات. لقد سادت الحرب الناعمة بقوة في العقود الثلاثة الأخيرة وكان من أحد نتائجها انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، وانهيار جدار برلين، وانفصال مجموعات من الدول ومجموعات من الشعوب عن بعضها البعض، ومن خلالها نعيش اليوم أوار الفتن المذهبية وفي أتون الانهيار القيمي والتحلل الأخلاقي والتفكك الأسري، وهكذا نجد أن ما تحدثه الحرب الناعمة لم ولن تحققه الحروب العسكرية مهما كبرت أو طالت، ويإمكاننا الجزم أن مفاعيل الحرب الناعمة هي أشد فتكاً وخطراً بأضعاف كثيرة من مفاعيل حروب عسكرية كبرى، وكما يصف سماحة الإمام الخامنئي " دام ظله" الحرب الناعمة فيقول : "إنّ مفاعيل وآثار قناة فضائية مفسدة أكثر فتكاً من قنبلة نووية".

 

                                                                                                 

v   ثانياً- أبرز مخاطر الحرب الناعمة مقارنة بمخاطر الحرب العسكرية:

 

بالرغم من الآثار المدمرة والمميتة للحرب العسكرية إلاّ أنها لا يمكن أن تحدث بعض التحوّلات المصيرية والاستراتيجية الفعلية كما تحدثه الحرب الناعمة وخاصة في المجتمعات المحافظة و الملتزمة، وهذا ما نظهره من خلال المقارنة التالية:


آثار وخصائص الحرب الناعمة

 

آثار وخصائص الحرب العسكرية

1.   تضعف التدين والالتزام وتسبب الانحرافات العقائدية والسلوكية.

 

1. تزيد من تمسك الناس بالله سبحانه وتعالى واللجوء إليه والتوكل عليه.

2.   تفكك المجتمعات والأُسر وتزيد التباعد والقطيعة بين الناس عموماً والأرحام خصوصاً

 

2.   تعزز التماسك والتكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع وتجعلهم أكثر حناناً وعطفاً تجاه بعضهم بعضاً.

3.  تُبقي العدو مجهولاً وغير مشخّص وبعيداً عن ردود الفعل والاستهداف.

 

3.  تشخّص العدو بوضوح دون ريبة، وتوفّر الاصطفاف والاحتشاد ضده.

4.   تمتاز بالشمولية وسعة نطاق المستهدفين.

 

4.   غالباً ما تكون موضعية ومحدودة النطاق والمستهدفين.

5.   تمتاز بالاستمرار والديمومة والتصاعد والتنوّع.

 

5.   تنتهي بانتهاء الأعمال الحربية والعسكرية.

6.  تنساب بهدوء وتتغلغل بنعومة ويصعب تشخيصها وتفاديها على غير المحصّن بالقيم والأخلاق الفاضلة.

 

6.  أدواتها وآثارها واضحة ومدويّة ويمكن الابتعاد عنها أو الوقاية منها.

7.  ضحاياها لا يمكن إحصاؤهم وغير مكترث بهم وغير مأسوف عليهم.

 

7.   ضحاياها مادة للاستثمار السياسي ولإبراز المظلومية ولإظهار عدوانية العدو.

8.  تغرق المجتمع في مشاكل مختلفة وتبعده عن محورية قضاياه المشتركة.

 

8.  توحّد المجتمع وتوفّر اصطفافه خلف قضاياه العادلة وتعزّز تمسّكه بها.

9.  تشتت مجهودات ومقدرات أبناء المجتمع وتستنزفهم وتغرقهم في شركها وفي حبائلها.

 

9.  تشكّل فرصة مؤاتية لإيجاد مجتمعات مقاومة ومناهضة للاحتلال وللعدوان.

10.أدواتها تتوافر وتنتشر في بيوت الناس كافة ويتداولونها بين أيديهم يومياً وهي تضخ سمومها الفتاكة فيهم

 

10.   أدواتها تُرمى من بعيد وضمن أطر محدودة ويمكن توقّيها أو تعطيل مفاعيلها.

 

 

v   ثالثاً- مسؤولية المعلم ودوره في الوقاية من الحرب الناعمة وفي مواجهتها:

  يمتاز المعلم بقدرة خاصة على التأثير في مفاهيم ورأي الطلبة وفي تكوين اتجاهاتهم الذهنية وفي تشكيل سلوكاتهم نظراً لما يمتلكه من سلطات معنوية اعتبارية وأخرى قانونية، وإذا أمعنّا النظر في العديد من الحركات والتيارات الحزبية والسياسية والنقابية وغيرها...، نجد أن للمعلم الأثر الأساس في تشكيل حالات الوعي لدى أفرادها وعناصرها وفي استنهاضهم وتحفيزهم ودفعهم نحو إحداث التغييرات المطلوبة وتحقيق الأهداف المرسومة، ومن هنا يمكن للمعلم أن يقوم بدور محوري وريادي في الوقاية من الحرب الناعمة وفي مواجهتها ومواجهة تداعياتها، وبناءً لما ورد يمكننا إيجاز أبرز مسؤوليات وأدوار المعلم بالتالي:

1. امتلاك البصيرة واليقظة والعزيمة، أي لابد كخطوة أولى وضرورية من أن يمتلك المعلم الوعي والانتباه لما يجري من حوله، ويستطيع أن يميز الخبيث من الطيّب، وأن يمتاز بالحضور والجهوزية في كل الأوقات وفي كل الميادين، وأن يتمتع بالهمة العالية وبحسّ المسؤولية ليكون المبادر دون تردد.

2. الإيمان بوجود الحرب الناعمة وفهمها ومعرفة آثارها ونتائجها وإدراك مجالاتها وأدواتها وأساليبها، وإتقان سبل الوقاية منها وكيفية مواجهتها.

3. الاطّلاع المستمر على خطط وبرامج ومشاريع الأعداء، وعلى ما يكيدونه ضد شعوبنا ومجتمعاتنا، وعلى الأساليب والوسائل التي يستخدمونها في سبيل تحقيق أهدافهم.

4. استشعار التكليف الشرعي وتقلُّد الأمانة الإلهية الموجهة إليه، باعتباره مربياً ومرشداً وهادياً ومنوّراً... ، والقيام بالخطوات العملية الواجبة منه استناداً لهذا التكليف ولهذه الأمانة.

5. التعرف إلى نقاط القوة والاقتدار لدى الطلبة، وإلى نقاط الضعف والخلل لديهم ليتسنى له معالجة الضعف والخلل، وليعزّز ويحصّن الطلبة عبر تعزيز واستثمار نقاط القوة والاقتدار لديهم.

6. تقديم النموذج والقدوة في الفكر والقول والممارسة، وأن يحرص على إظهار الشخصية الرسالية المنسجمة مع القيم والأخلاق الإسلامية، وأن يتحرّز من الترويج لأي تصرف أو سلوك سلبي يشكّل للطلبة فرصة للاقتباس والتقليد، وهنا تبرز أهمية دور المعلمات بشكل خاص ولا سيما أن غالبية طلبة المراحل الأساسية يتلقون التعليم والتربية على أيديهن، ويتأثّرون بكل تصرفاتهن وأقوالهن ومظاهرهن وسائر أفعالهن.

7. الاستفادة من دوره لتوعية وإرشاد الطلبة حول الحرب الناعمة وإظهار مخاطرها ونتائجها وما ألحقته بمجتمعاتنا من آثار تدميرية وهدّامة.

8. توجيه الطلبة نحو كيفية الاستفادة السليمة من التكنولوجيا الحديثة (الهاتف الخلوي، الإنترنت، الفضائيات،...) وإظهار مفاسدها ومساوئها ولا سيما عندما تستخدم كأدوات للحرب الناعمة.

9. الاطلاع المستمر على مشاكل الطلبة التعليمية والاجتماعية المؤثرة سلباً في سلوكهم واستكشاف أسبابها، والسعي مع إدارته لمعالجتها بصورة سريعة وبنّاءة.

10. بناء الود والثقة مع الطلاب وتجنب السلوك الغليظ والفظّ معهم، بما يعزّز قدرته عل فهمهم وعلى التأثير في سلوكهم وتوجّهاتهم.

11. استحضار منظومة القيم السامية باستمرار، وإتقان سبل تسييلها في مواده التعليمية وفي شروحاته وتوجيهاته وإرشاداته، واعتماد مبدأ "التعليم بالقيم".

12. الحضور الفعّال في العملية التربوية والمساهمة في كشف كل ما يروّج بصورة مباشرة وغير مباشرة للحرب الناعمة      (مضمون المواد، الصور المعتمدة في الكتب، دُور النشر وارتباطاتها، الأنشطة اللاصفّية ، الرحلات وطبيعتها،...).

13. السعي مع مختلف تشكيلات الهيئة التعليمية لإيجاد التحول البنيوي في مختلف مكونات العملية التربوية التعليمية، والسعي قدماً نحو منظومة تربوية تعليمية تنتج طالباً عازماً ومحصّناً يمتلك التوازن والتكامل في أبعاد شخصيته (الروحية، المعرفية، الانفعالية، الاجتماعية والمهارتية).

 

وأخيراً إن كل ما ورد من مسؤوليات ومهام وأدوار يحتاج إلى خطط عملية تفصيلية، لكيلا تبقى في إطار التمنيات والشعارات، لأن حجم المعركة كبير جداً وتداعياتها كارثية، وقد نستيقظ غداً ونجد أنفسنا غارقين جميعاً بلا حول ولا قوة في سيول إعصارات هذه الحرب الخبيثة.

الأستاذ محمد ابراهيم زين الدين

 


[1] جوزيف ناي: نائب وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، مدير مجلس المخابرات الوطني الأمريكي وعميد كلية الدراسات الحكومية في جامعة هارفورد، وهو أيضاً أحد أهم المخططين الاستراتيجيين الأمريكيين.

                                                                                      

تعليقات الزوار


مواقيت الصلاة

بتوقيت بيروت

الفجر
5:33
الشروق
6:46
الظهر
12:23
العصر
15:32
المغرب
18:16
العشاء
19:07