X
جديد الموقع
حزب الله يهنئ الشعب الفلسطيني على كسر قيود الاحتلال عن المسجد الأقصى المبارك
حزب الله: ما قام به أبناء عائلة الجبارين في القدس درس لأحرار الأمة..
الإمام الخامنئي: الجرائم بحق الشعب الايراني لن تزيده إلا كرهاً للادارة الأميركية وأذنابها بالمنطقة كالسعودية
بيان صادر عن حزب الله تعليقاً على اقتحام النظام البحراني لمنزل آية الله الشيخ عيسى قاسم
حزب الله يدين بأشد العبارات : الحكم ضد آية الله الشيخ عيسى قاسم جريمة
السيد حسن نصر الله يهنئ الشيخ روحاني بإعادة انتخابه رئيسا للجمهورية الاسلامية

مقالات :: حقوق الانسان، اثارات في المفهوم والتطبيق بين الغرب والاسلام..

img

صادف اليوم العاشر من كانون الأول، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وقد أخذت الحقوق الانسانية مساحة واسعة من الأدبيات الفكرية والتشريعية في العقود الأخيرة، وكتب حول ذلك الكثير في المفهوم وخلفياته ومحتواه وتطبيقاته، ولا نريد أن نكرر ما كتب، بل سنطرح جملة من الإثارات والاشكاليات في المفهوم والتطبيقات، بين الرؤيتين الغربية والإسلامية. يُعتبر مصطلح حقوق الانسان حديث نسبيا فهو ثمرة الحضارة الغربية التي سادت من بدايات القرن الثامن عشر والتي أنتجت الكثير من المفاهيم في السياسة والقانون والاجتماع والاقتصاد وغير ذلك من أصناف العلوم الانسانية والطبيعية، فهو جزء من التطور السياسي الذي شهدته أوروبا في القرن السابع عشر ومن حركة الصراع بين الملكية والبرجوازية الرأسمالية الناشئة وبين الكنيسة والعلمانية، وقد استندت فكرة الحقوق في عمقها الفلسفي على مفهوم الحق الطبيعي الذي يعني أن ثمة حقوقاً للانسان كونه إنسان منحتها له طبيعته الانسانية، في مقابل المفاهيم الكنسية، وقد تطور مفهوم الحقوق بتطور الظروف السياسية والاجتماعية للقارة الأوروبية، فحقوق الجيل الأول والتي تسمى بالحقوق الزرقاء بمعظمها حقوق فردية تهدف إلى حماية الفرد من تعسف السلطة، كالاعتراف له بحق الحياة،  والحق في محاكمة عادلة وحق المشاركة في الحياة العامة والحق في إبداء الرأي والتعبير وغيرها، ونشأت في ظل الرأسمالية التي تهدف إلى تعزيز مفهوم الفردية لدى الانسان ككائن حر في الانتاج والاستهلاك، أما الجيل الثاني من الحقوق، أُطلق عليه الحقوق الحمراء، فرضتها الأفكار الشيوعية التي سادت والخوف من تمددها إلى أوكار الرأسمالية، فأضيف للمفهوم بعداً إجتماعياً كحق التعليم والطبابة والسكن وتشكيل النقابات و..

أما في التشريع الإسلامي لم يعرف مصطلح حقوق الإنسان في كتابات الفقهاء القدماء، إلا أن مضمونه واضح جدا في كل كليات وجزئيات الشريعة، وقد اتّخذ اسما آخر هو الحدود والتكاليف.

ويختلف الجذع الفلسفي للفكرة في المفاهيم الاسلامية عن المفاهيم الغربية التي اعتبرت أن الطبيعة هي مصدر بعض الحقوق؛ والتوافقات الاجتماعية هي مصدر البعض الآخر، أي ما اتفق عليه الناس وشرّع بقوانين عبر المؤسسات التشريعية الأممية والمحلية، بينما الاسلام اعتبر أن الله هو مصدر الحقوق والحدود، فهو الذي استخلف الانسان في الأرض (وجعلكم خلائف الأرض) ووضع له شرعة ومنهاجاً يسلكه في الحياة (شرع لكم من الدين ما وصى به نوح..) والمتتبع لآيات الكتاب الكريم، وللسنة الشريفة، يلحظ كثرة ما ورد من آيات وأحاديث واضحة الدلالة على كونها حقوق انسانية عامة، تلتقي في شيء منها مع ما توصل اليه الفكر البشري لاحقا، كالحق في الحياة (من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا) وحق الكرامة الإنسانية (ولقد كرمنا بني آدم) وحق الانتفاع من خيرات الأرض (وأحل لكم الطيبات) والحق في المساواة وعدم المفاضلة بين البشر باللون أو العرق أو الجنس أو المال (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) والحق في محاكمة عادلة (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق) والحق في العدل (إن الله يأمر بالعدل) وغير هذا الكثير الكثير.

ولكن السؤال ما هو وجه الالتقاء والاختلاف في مفهوم الحقوق في الفلسفة الغربية ومنظومتها الحقوقية وبين المفاهيم والتشريع الإسلامي:

1- اعتبار الاسلام أن الوحي الالهي هو مصدر الحقوق، يعطيها قداسة سامية في نفوس أبناء المجتمع الاسلامي..  ترقى لمستوى الالتزام الطوعي عند المتدين والتعبد بأدائها.. وهذا الأصل النفسي مفقود في الفلسفة الغربية.
2- الدولة هي حامية الحقوق في الفكر الغربي؛ أما في الشريعة الاسلامية فالدولة والمجتمع والأفراد كلهم مكلفون بحفظ المنظومة الحقوقية (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر).
3- الحقوق بالمفهوم الإسلامي ذاتية نابعة من القيم الانسانية المتوافقة مع الفطرة الانسانية أقرها الشرع، وفي الفكر الغربي هي نتيجة توازنات سياسية واجتماعية؛ على سبيل المثال بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وزوال الخطر الشيوعي، انحسرت الحقوق الاجتماعية الى حد ما في المجتمع الرأسمالي وسادت مفاهيم الخصخصة وتضاءلت التقديمات  الاجتماعية في الكثير من الدول الرأسمالية العريقة..
4- كثير من الحقوق المكتسبة في المجتمعات الرأسمالية هي نتاج حركة صراع بين الطبقات المختلفه في مصالحها؛ مثلا الأجور والتقديمات الاجتماعية هي حصيلة نضالات الطبقات محدودي الدخل والفقراء، أما في التشريع الاسلامي هي حقوق ثابته منحها التشريع؛ ومثال ذلك الفرائض المالية كالاخماس والزكاة الواجبة على الميسورين في كل الأحوال والواجب انفاقها على الفقراء..
5-  في المجال الأسري تحديدا للشرع احكام ثابتة، أما في الفلسفة الغربية فلا ثوابت؛ ما توافق عليه الناس يصبح حقا ولو كان مثل زواج المثلَين..
6- تفتقر منظومة الحقوق الغربية للحقوق ذات البعد المعنوي كحق الوالدين وحق الجار وحق الأرحام بينما نراها بارزة وبقوة وكثرة في المفاهيم الاسلامية.
7-  تغلّب المنظومة الحقوقية الاسلامية مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد في الكثير من تشريعاتها الاقتصادية، بينما تغلّب المنظومة الحقوقية الغربية مصلحة الفرد انسجاما مع المدرسة الرأسمالية في الاقتصاد.
8-  حق حرية المعتقد والديانة وما يتفرع عنهما ما زالت محل جدل في الاجتهاد الاسلامي، وتشكل تحديا أمام المفكرين والفقهاء لانتاج مادة عقلانية تتوافق مع الاجتماع الانساني الحديث..
يتبين مما سبق أن تشريعات حقوق الإنسان في المنظومة الحقوقية الغربية تلتقي مع بعض تشريعات الفقه الإسلامي وتختلف مع البعض الآخر، أما الجذع الفلسفي والمفهومي فهو مختلف كلياً..

ربيع نورالدين



تعليقات الزوار


مواقيت الصلاة

بتوقيت بيروت

الفجر
5:39
الشروق
6:53
الظهر
12:22
العصر
15:26
المغرب
18:08
العشاء
18:59