...............................جريدة السفير................................
انتهى، أمس، اليوم الطويل من شد الحبال، وعضّ الأصابع، بين وزير التربية و"هيئة التنسيق النقابية"، الى تسوية مرحلية لعقدة الامتحانات الرسمية على الطريقة اللبنانية التقليدية: "لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم".
وتطلبت "التسوية المؤقتة" مفاوضات صعبة على حافة الهاوية، استمرت حتى منتصف الليل،
ومرت في أكثر من قطوع، وكادت تُنعى أكثر من مرة.. قبل ان تخرج
"المعادلة
الذهبية" من عنق الزجاجة: تأجيل الامتحانات يوماً واحداً، ثم مشاركة "هيئة التنسيق"
في وضع الاسئلة والمراقبة، مع تعهدات ببذل جهود مكثفة لإقرار سلسلة الرتب والرواتب
في جلسة 19 حزيران، في وقت تردد أن النائب بهية الحريري قد تؤدي دوراً في الضغط على
"تيار المستقبل" لإقناعه بالتجاوب.
واحتاج "الحل الانتقالي" الى وساطة من الرئيس نبيه بري، وتدخل من العماد ميشال عون،
فيما عقد موفد بري النائب علي بزي اجتماعات "ماراتونية" مع الوزير الياس بو صعب
وقيادة "هيئة التنسيق"، تُوّجت باجتماع ثلاثي استمرّ الى ما بعد الثانية عشرة
ليلاً، وانتهى الى تفاهم حول تأجيل الامتحانات 24 ساعة، على أن توقف "هيئة التنسيق"
مقاطعتها لوضع الأسئلة والمراقبة، فيما يبقى التصحيح والإعلان عن النتائج معلقين
الى حين اتضاح مصير السلسلة في جلسة 19 حزيران.
وبذلك يكون وزير التربية و"هيئة التنسيق" قد خرجا من هذه الجولة من دون غالب ولا مغلوب، على قاعدة "ربط النزاع" وتبادل التنازلات الموضعية، بحيث وافق بو صعب على إرجاء الامتحانات 24 ساعة لإتاحة الفرصة امام حضور الاساتذة، بعدما كان يتمسك بإجرائها من طرف واحد، ويستعد لإعطاء إفادات في ما خصّ شهادة "البريفيه"، كما وافقت "هيئة التنسيق" على المشاركة في وضع الاسئلة والمراقبة بعدما كانت ترفض أي انخراط في ورشة الامتحانات ما لم تُقر السلسلة أولاً.
وفي تفاصيل المفاوضات، أن بري أوفد مساء الى "هيئة التنسيق" النائب علي بزي الذي حمل اقتراحاً يقضي بتأجيل الامتحانات ما بين 24 و48 ساعة، لاستكمال عدتها اللوجستية، لا سيما ان إيصال الاسئلة الى مدارس لبنانية موجودة في الخارج، يحتاج الى يوم أو يومين، على ان تتم بعد ذلك الامتحانات بمراقبة من الاساتذة، ثم تُعلق أعمال التصحيح الى حين حسم ملف السلسلة.
وافقت الهيئة على هذا الطرح المرحلي الذي يفصل بين مساري المراقبة والتصحيح، ثم نقل بزي العرض الى وزير التربية وحاول إقناعه به، على أساس انه لا يكسر كلمته ولا كلمة "هيئة التنسيق"، ويُبقي "ربط النزاع" لفترة من الوقت قد تكون كافية لمعالجة أزمة السلسلة المعلقة.
لكن بو صعب رفض الاقتراح، فاتصل بري هاتفياً بعون وطلب مساعدته، قائلاً له: "ما بدنا نكسر وزير التربية ولا الهيئة". نريد لالياس بوصعب أن ينجح ونحن معنيون بنجاحه، كما نريد أن نحمي "هيئة التنسيق" ونحافظ عليها.
وأضاف بري مخاطباً عون: إجراء الامتحانات الرسمية من دون الاساتذة قد يضرب مصداقيتها ويفتح المجال امام التشكيك في مستواها، الامر الذي من شأنه ان ينعكس سلباً على الشهادة الرسمية، عدا عن انه يمكن ان تحصل اشكالات أمنية في بعض المناطق، وتضاف الى ذلك إشكالية المدارس الموجودة في الخارج. يجب ان يتعاون الوزير حتى نتجاوز هذا الاختبار الصعب بنجاح، وأنا أضمن أن "هيئة التنسيق" ستقدر موقفه وتشكره.
تجاوب الجنرال مع بري، وأبلغه انه سيكلم بو صعب، وهذا ما حصل.ولاحقاً، تجدد مسعى بري عبر بزي الذي التقى ليلاً بو صعب و"هيئة التنسيق" في اجتماع مشترك، خلص الى الحصيلة المعروفة.
امتحان الجلسة
أما امتحان الجلسة النيابية المخصصة للسلسلة، فقد رسبت فيه مجدداً هذه الطبقة السياسية المترهلة التي لم تكتف بما "أنجزته" من فساد وهدر للمال العام والدين العام، لتمتد يداها الآن الى الثروة الأهم التي يمكلها لبنان، وهي الثروة البشرية المتمثلة في طلابه.
وهكذا، لم يرفّ جفن البعض وهو يعطل أمس الجلسة النيابية، التي كان يمكن لها ان تأتي
بالفرج، وان تنقذ وزير التربية و"هيئة التنسيق" وقبلهما الطلاب، من المأزق، فيما
حدّد بري موعدا جديدا للجلسة في 19 حزيران الحالي.
وجاء تطيير نصاب جلسة أمس من قبل قوى "14 آذار" مخالفاً لمناخ متفائل كان قد لمسه
بري خلال الاجتماع الذي ضمه أمس الاول مع كل من رئيس الحكومة تمام سلام والرئيسين
فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي والنائبة بهية الحريري، ما دفع بري الى اتهام السنيورة
بالانقلاب على ما جرى التوافق عليه في هذا الاجتماع.ووفق
المعلومات، لفت بري انتباه الحاضرين الى ان الدولة تدفع حالياً 850 مليار ليرة بدل
غلاء المعيشة للموظفين من دون أن تكون هناك إيرادات تغطيها، في حين ان السلسلة تلحظ
هذه الإيرادات. واقترح بري حسم 10 بالمئة من إجمالي كلفة السلسلة.
وكرر السينورة المطالبة بإعطاء المعلمين درجتين فقط، معتبراً أن منحهم ست درجات ليس سوى بدعة، فأجابه وزير المال علي حسن خليل الذي كان حاضراً: اصلاً انتم من اخترع هذه البدعة..
وفيما كان لافتاً للانتباه ان النائب بهية الحريري دعت الى اعتماد الدرجات الست، اقترح خليل تقسيطها لثلاث سنوات بدل سنتين، ثم تدخل بري حاسماً النقاش من خلال عرضه حسم 10 بالمئة من إجمالي كلفة السلسلة، "لتضييق الفارق بيننا".
وافق السينورة مبدئياً، وغادر مكتب بري على هذا الاساس، قبل ان يحصل في اليوم التالي الانقلاب، وتقاطع "كتلة المستقبل" الجلسة التشريعية. وقالت مصادر نيابية بارزة لـ"السفير" إن المافيا المصرفية ومافيا المخالفين في الاملاك البحرية هما اللتان تقفان خلف الانقلاب في موقف "المستقبل".
الى ذلك، قال بري امام زواره ان وقائع الجلسة النيابية غير المكتملة هي أقرب الى انقلاب على مناخ إيجابي كان قد ساد الاجتماع الذي عقد أمس الاول في مكتبه في المجلس بينه وبين كل من رئيس الحكومة تمام سلام والرئيس نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري.
وأشار الى انها "ليست المرة الاولى التي ينقلب فيها "تيار المستقبل" على أجواء إيجابية او اتفاقات، وأكاد اقول إن الرئيس فؤاد السنيورة لا يتفق حتى مع نفسه"، معرباً عن أسفه لموقف "المستقبل" الذي يمعن في تعطيل مجلس النواب، تارة بذريعة ان السلسلة غير متوازنة، وطوراً بحجة التضامن مع مسيحيي "14 آذار" في رفض التشريع في ظل غياب رئيس الجمهورية، منبهاً الى أن "ما يجري يشكل خطراً على النظام بمجمله، والمسألة لم تعد حصراً مسألة سلسلة وامتحانات رسمية".
وأكد حرصه على إنجاز السلسلة بشكل يحقق التوازن بين النفقات والإيرادات، والمساواة
بين الأسلاك. وحذر من خطورة أن ينسحب التعطيل على الحكومة، وسط محاولات تكبيل
صلاحيات رئيسها، مشيداً بموقف سلام الذي كان حريصاً على حضور جلسة مجلس النواب،
متوجهاً اليه بالقول: "شابو با".
وعلم أن سلام تواصل أمس مع كل من "حركة أمل" و"حزب الله"، في
إطار التحضير لجلسة مجلس الوزراء غداً، وسط إصرار سلام على الخروج منها بنتيجة
واضحة بالنسبة الى آلية عمل الحكومة، في ظل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية.
ووُزع جدول الأعمال على الوزراء، متضمناً بنداً رئيساً وهو استكمال مناقشة آلية
العمل.
افتتاحية السفير
رضخ وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب في تأجيل الامتحانات الرسمية 24 ساعة، نزولا عند طلب «هيئة التنسيق النقابية»، على أن تبدأ امتحانات الشهادة المتوسطة يوم الجمعة المقبل، بمشاركة الأساتذة والمعلمين الرسميين، مع الإبقاء على مقاطعة أعمال تصحيح المسابقات، وإصدار النتائج. على أن تبقى مواعيد امتحانات شهادة الثانوية العامة في مواعيدها المقررة سابقاً، التي تبدأ الاثنين المقبل، وكذلك بالنسبة إلى امتحانات التعليم المهني والتقني، التي تبدأ الاثنين المقبل أيضا.
جاء موقف بو صعب بعد يوم طويل من المفاوضات بينه وبين هيئة التنسيق، شارك فيها على
دفعتين النائب علي بزي ومسؤول المكتب التربوي المركزي في حركة
«أمل»
د. حسن زين الدين، أثمرت مؤتمراً صحافياً عقده وزير التربية منتصف الليل في
الوزارة، حضره بزي وزين الدين، والمدير العام للتربية فادي يرق وأعضاء هيئة
التنسيق، وقال بو صعب: «توصلنا الى تفاهم مع هيئة التنسيق على ضرورة مشاركتها
بإجراء الامتحانات الرسمية، وبما أن الهيئة كانت قد اتخذت موقفا بالإضراب، ارتأيت
تأجيل الامتحانات 24 ساعة لتكون الهيئة مشاركة بشكل فعلي فيها».
ولفت الى أن «لا توافق على تصحيح الامتحانات حتى الآن، ولا إعطاء نتائج، وهذا
الموضوع ما زال معلقا»، مشددا على ضرورة العمل على إقرار السلسلة وحضور الجلسة
النيابية التي حددها الرئيس بري في 19 الجاري، رغم انه لم يكن هناك من سبب لتأجيل
الجلسة.
وحذر بو صعب من انه «بحال لم تحل مسألة سلسلة الرتب والرواتب سنقع في أزمة نتائج الامتحانات وإعلانها».وشدد على ان «الشهادة الرسمية مهمة، ويجب أن نحافظ على مستواها، وطلبت من المدير العام أن نراعي الظروف التي نعيش بها ولا نقوم بامتحانات تكون أصعب ما يكون، لكن بنفس الوقت لن نقوم بامتحانات كيفما كان، وسنحافظ على مستوى معين من الشهادة».
ولفت وزير التربية الى انه «كان وصل الى مرحلة سأضع فيها حداً لمعاناة الطلاب، لكن اهتمامي بالقطاع التربوي جعلني اجتمع عدة مرات بهيئة التنسيق».
ولفت عضو هيئة التنسيق حنا غريب، الى أن «صمود الاساتذة فرض تأجيل الامتحانات
الرسمية».
وأوضح، أن «موضوع الاتفاق الذي حصل مع وزير التربية الياس بو صعب هو على اساس أن لا
نكرر الخلاف مرة ثانية في ملف التصحيح»، مشيرا الى «أننا اتفقنا في ما يتعلق بأسس
التصحيح والتصحيح»، أن لا إعلان للنتائج قبل اصدار السلسلة».
وشدد غريب على انه «لن تمس الشهادة الرسمية مهما كانت مطالبنا ومعاناتنا»، مشيرا الى أن «الهيئة وضعت الامتحانات الرسمية قبل السلسلة»، متمنيا على الجميع تقدير هذا الموقف الوطني الذي أخذته الهيئة. وأوضح أن الاتفاق يشمل التعليم المهني والتقني.
مفاوضات
وكانت كل المحاولات فشلت لثني وزير التربية عن موقفه وإمهال هيئة التنسيق
48
ساعة، لإجراء الإمتحانات الرسمية، كي لا يتم كسر قرار الوزير ولا الهيئة، وإعطاء
مهلة لدائرة الامتحانات في وزارة التربية، وللأساتذة لتجهيز أنفسهم، من دون طائل،
وبقي الوزير على موقفه، في إجراء الامتحانات يوم الخميس، على الرغم من تدخل النائب
علي بزي موفدا من قبل بري.
وعلى الرغم من النصائح التي وجهت إليه من بري بضرورة تأجيل الامتحانات في ظل الأوضاع الراهنة، لم يتراجع بو صعب قيد أنملة، وأصرّ على الموعد الذي حدده، قبل أن يتراجع عنه، مهددا بإعطاء إفادات نجاح لتلامذة الشهادة المتوسطة، كبديل عن الامتحانات التي لن يستطيع إجراؤها، بفعل تمنع الأساتذة المتعاقدين، التي وجهت إليهم الدعوة للمشاركة في أعمال المراقبة، خصوصا أنه لم يتجاوب مع دعوة الوزير من أساتذة التعليم المهني والتقني، سوى 800 أستاذ متعاقد، من أصل 12 ألف متعاقد. وكذلك الأمر بالنسبة إلى المتعاقدين الثانويين في التعليم الرسمي، الذين رفضوا المشاركة، أو أن يكونوا خنجرا في ظهر هيئة التنسيق.
وبعد عودة بو صعب من مجلس النواب، إثر تأجيل الجلسة التشريعية حتى 19 الجاري، والمواقف التي أطلقها هناك، مع تمسكه بالموعد الذي سبق وحدده، فوجئت الإدارة التربوية بموقف الوزير، وهي التي لم تبلّغ بأي شيء، لا قبل ولا بعد الجلسة، مما دفعه إلى عقد اجتماع معها لمعرفة إمكاناتها، في وقت كانت هيئة التنسيق تنفذ اعتصاما على مداخل وزارة التربية، وتحديدا أمام دائرة الامتحانات، بمشاركة وازنة من طلاب المدارس الرسمية والخاصة، واستقدمت الهيئة كراسي للحشد المشارك.
الاجتماع مع وفد الهيئة
طلب وزير التربية، الاجتماع بروابط الأساتذة والمعلمين في التعليم الرسمي، إلا أنه لم يلق أي تجاوب، خصوصا أن هيئة التنسيق مجتمعة هي التي أعلنت الإضراب ومقاطعة الامتحانات. وبرر الوزير رفضه الاجتماع بالهيئة، نظرا لوجود نقيب «المعلمين في المدارس الخاصة» نعمه محفوض فيها، بحجة أنه تناوله في إحدى المقابلات الإعلامية، وأتهمه بأنه تحول من ملاك إلى شيطان، وأنه يسعى لرشوة الأساتذة. غير أن محفوض نفى الاتهام، وفي موضوع الرشوة أكد أن الهيئة مجتمعة وفي بياناتها ذكرت ذلك.
ولم تنفع محاولات مستشاري الوزير على مدى ساعتين في أخذ اعتذار من محفوض، وشارك رئيس «رابطة معلمي التعليم الأساسي الرسمي» محمود أيوب في لقاءات مباشرة مع الوزير، أعقبها موافقة الوزير على قبول الاجتماع بوفد الهيئة الموسع، وبتوضيح.
وكشفت مصادر المجتمعين، أن الهيئة تشبثت بموقفها الرافض دخول الامتحانات، ما لم تحصل على سلسلة الرتب والرواتب، خصوصا أنها بقيت في الشارع لأكثر من ثلاث سنوات، ونفذت عشرات الاعتصامات والتظاهرات، والإضرابات، التحذيرية، من دون الحصول على شيء سوى الوعود. وسأل الوفد الوزير عن سبب عدم ذهابه إلى مجلس الوزراء ووضع الحقائق أمامه وتحمــيله المسؤولية. ردّ بو صعب أنه لا يضمن أي شيء إن على صعيد اجتماع مجلس الوزراء، أو حصول جلسات تشريعية في مجلس النواب، «لذا لا بد من الحصول على تنازل من قبل الهيئة». وعــرض الوزير لمواقف الكتل النيابية المؤيدة اقتراحه في شأن السلسلة، وأشاد بموقف النائبة بهية الحريري، وبالطرح الذي كانت تنوي التقدم به في الجلسة التشريعية، وتتمثل في إعطاء ست درجات إضافة إلى السلسلة التي أقرّها مجلس الوزراء، «غير أن فقدان النصاب دفع بالحريري إلى مغادرة الجلسة».
وبعد نقاشات مطولة، قال بو صعب: «سأدخل الامتحانات الخميس، يمكن أن أنجح، ويمكن أن أفشل». ورد عليه النقيب محفوض: «كيف يمكن ذلك ولا يوجد من يراقب الامتحانات». فأجاب الوزير: «عند ذهاب التلامذة إلى مراكز الامتحانات ولا يجدوا أحدا بفعل تغيب رؤساء المراكز، سأعلن ظهرا عن إلغاء الامتحانات، وعن إعطاء التلامذة إفادات نجاح...». هنا توقف الاجتماع بحسب المصادر، لإفساح المجال أمام الاتصالات والمشاورات، ليعود بعدها الجميع للاجتماع مجددا، إلا أن الوزير بقي يحارب حتى اللحظة الأخيرة.
وتطرق وفد الهيئة للضغوط التي تمارس على رؤساء المراكز والمراقبين من قبل رؤساء المناطق التربوية، وعدد من المسؤولين في وزارة التربية. كما تم التطرق إلى كتاب التفتيش التربوي. غير أن النقاش طال لأكثر من ساعتين، فخرج وفد الهيئة من دون أخذ أي نتيجة.
في دردشة مع الإعلاميين، أكد وزير التربية أن القرار الذي سيتخذه حول الامتحانات الرسمية «سيكون نابعاً من قناعاته وسيتخذه بغض النظر عن كل ما قيل لي». وأعرب عن تفهمه «لصرخة الاساتذة وهي محقة، ولكن لديّ طلاب اهتم لمستقبلهم».
واجتمع بو صعب مع وفد من طلاب شهادة الثانوية العامة، وابلغهم موقفه الأخير.
وأمام مدخل الوزارة، أعلن غريب، استمرار الهيئة بقرار مقاطعة الامتحانات الرسمية، داعيا المعلمين والمدراء ورؤساء المراكز الى الاعتصام اليوم أمام المناطق التربوية في المحافظات ابتداءً من الساعة 7 صباحاً من اجل تنفيذ خطوة مقاطعة الامتحانات.
وردا على ما ذكر عن اعتذار قدمته الهيئة، أعلن محفوض إن «هيئة التنسيق لم تخطئ في أي مكان لتعتذر، بل أوضحت على لسان احد الزملاء موقفها». وأكد أن «وجودنا في وزارة التربية ضمانة لحماية الشهادة الرسمية، وأي خطوة بإلغاء الشهادة أو إعطاء إفادات يكونون بذلك يأخذون الأولاد رهائن».
وأوضح رئيس «رابطة موظفي الإدارة العامة» محمود حيدر «أننا لن نسمح بكسر هيئة التنسيق التي شكلت ضمير هذا الشعب، ولن نتخلى عن حقوقنا وسنأخذ السلسلة بما يؤمن العدالة لموظفي الإدارة». وأعلن «أن الرابطة اتخذت قرارا بالإضراب المفتوح حتى 19 الجاري».
وأنضم النائب بزي وزين الدين، إلى الاجتماع مع وزير التربية قرابة التاسعة مساء، وبعد مناقشات خرج بزي للاتصال هاتفيا بالرئيس بري وإبلاغه بالموقف، ثم عقد اجتماع بحضور وفد هيئة التنسيق، إلا أنه لم يتم التوصل إلى أي نتيجة. بعد ذلك خرج بزي ورفض الإدلاء بأي تصريح مكتفيا بالقول: «ذاهب إلى المنزل».
في هذه الأثناء كان الوزير أستدعى محمود أيوب نحو خمس مرات، وفي المرة الأخيرة خرج أيوب، ليعلن أنه لن يضحي في الشهادة، في إشارة إلى رفضه المطلق إلغاء الشهادة المتوسطة وإعطاء إفادات.
وقرابة الحادية عشرة ليلا، عاد النائب بزي يرافقه زين الدين، واجتمع مع وزير
التربية، ثم التقى بزي وفد الهيئة، ليعقد بعدها اجتماع مع بو صعب، ويعود البحث إلى
مهلة اليومين في تأجيل الامتحانات، وتكون النتيجة تأجيل ليوم واحد.
اعتصام حاشد
وكانت هيئة التنسيق نفذت اعتصاما حاشدا، قبل الظهر داخل مبنى وزارة التربية، وأطلقوا الهتافات المنددة بالذين يرفضون إقرارها.
بداية، تحدث طالب وطالبة أكدا «دعمهما لمطالب الأساتذة والمعلمين بإقرار السلسلة»، وألقيا اللوم في عدم إجراء الإمتحانات على «الذين يرفضون إقرارها،» وأكدا أنهما «لن يطعنا ظهر من علموهما»، وانتقدا قرار وزير التربية بـ«إجراء الامتحانات الرسمية بطريقة غير مسبوقة».
وألقى وليد الشعار كلمة «رابطة موظفي الإدارة العامة» منتقدا «أداء التفتيش التربوي الذي لم يقف الى جانب الموظفين والمدرسين بل هوّل عليهم». وتوجه الى وزير التربية: «إن طعن الأساتذة والموظفين عبر محاولة إجراء امتحانات مبتورة يعطي مثلا سيئا وليس صالحا لا عنك ولا عن هذه الحكومة ولا عن هذه الدولة، فكيف بك تقول للطلاب: «تفضلوا واطعنوا من علمكم في الظهر؟».
وأكد إيلي خليفة باسم «رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني»، «رفض متعاقدي التعليم
المهني ملء جداول المراقبة في الامتحانات الرسمية وأن كرامتهم أملت عليهم رفض هذه
المراقبة وأن الجداول عادت فارغة».
وألقى صلاح نون كلمة المتعاقدين في التعليم المهني فأكد أن «ما قاله البعض إن لجنة
المتعاقدين في التعليم المهني ستشارك في الامتحانات الرسمية هو كلام باطل لأن
المتعاقدين لم ينتخبوا هذه اللجنة وهي لا تتكلم باسمهم، وبالتالي فإن المتعاقدين
يلتزمون قرارات هيئة التنسيق».
وبعد كلمة لممثل «رابطة التعليم الأساسي» منصور العنز، شدد فيها على ضرورة إقرار
السلسلة ومن ثم إجراء الامتحانات، وصف محفوض خبر تأجيل الجلسة النيابية بأنه «عبارة
عن مسلسل مكسيكي عمره ثلاثة أعوام ليقول البعض مجددا إن السلسلة غير مدروسة، وأنهم
في حاجة الى مزيد من الوقت لدرسها»، لافتا إلى أن «من يتسلم ملفا ويحاول معالجته
خلال ثلاثة أعوام من دون الوصول الى نتيجة إما أن يعتزل أو يستقيل أو يعترف بفشله».
ورد على الرئيس فؤاد السنيورة بالقول: «ليست هيئة التنسيق التي تسمح لبعض السياسيين
بأن يستغلوا مطلبها الاجتماعي كي يأخذوا البلد الى الإفلاس ويتحول لبنان الى دولة
فاشلة». وسأل السنيورة: «كيف ستغطي العجز الذي كان في السنة الماضية 6000 مليار وفي
هذه السنة وصل الى 8000 مليار؟ هل ان الموظفين والمعلمين والعسكريين هم المسؤولون
عن هذا العجز؟».
بدوره، شدد غريب على أن «هيئة التنسيق لن تخرج من المعركة إلا منتصرة وأنها أجرت الامتحان لكل البلد بطبقاته السياسية وتياراته، فهناك من نجح وهناك من رسب»، مشددا على أن «لا امتحانات رسمية من دون إقرار السلسلة». وتوجه الى وزير التربية: «كل ما يجري خارج القانون هو نزع لرسمية الامتحانات الرسمية». ورأى أن «الطبقة السياسية تأخذ كل الشعب اللبناني رهينة وليست هيئة التنسيق النقابية»، داعيا من «قاطع موضوع السلسلة ألا يرشق الناس بالحجارة لأن بيته من زجاج».
عماد الزغبي
اتضح مصير امتحانات الشهادة المتوسطة، مع تأجيلها 24 ساعة، فيما دخل مصير سلسلة
الرتب والرواتب في المجهول.
وفيما اتضح أن قدرة «هيئة التنسيق النقابية» على خوض معركة نقابية تقف دون القدرة
على تحمّل مسؤولية إلغاء الامتحانات أو تركها «رهينة» إقرار السلسلة، اتضح أن
«الدولة» تسعى إلى تأجيل، أو إلغاء، البحث في شأن السلسلة ولا تريد أن تبقى في يد
الهيئة ورقة ضغط.
واتضح أيضاً أن الجميع يعرف أن الوقت ليس لإقرار السلسلة. وكأن الهيئة أحست أن الاستمرار بالمعركة عناد ربما تأتي نتائجه الشعبية عكسية. والقوى السياسية الداعمة للسلسلة استنفدت قدرة هذا الملف على الضغط، فيما بدت القوى المعارضة للسلسلة «غير معنيّة»، على الأقل أمس. وكأنّها في ذلك تحرر نفسها من أي ضغط يُمارس عليها من طريق السلسلة ليُصرف في ملف آخر. وبالرغم من أن فرص إقرار السلسلة أمس كانت ضئيلة، إلا أن مسرحية النواب والاتصالات التي سبقتها ورافقتها وتلتها، جعلت الأمر محطة في مسيرة هيئة التنسيق والنضال المطلبي النقابي. فالكباش في ذروته الآن. وكل من الفريقين، الهيئة والسياسيين على أنواعهم واختلاف مواقفهم من السلسلة، مستنفر ويستعمل ما توافر له من أسلحة. الهيئة بيدها «الشرعية» الملازمة للامتحانات الرسمية. وهذا في حدّ ذاته مسؤولية أخلاقية وعبء على الهيئة التي بقي بُعد الإصلاح الإداري خجولاً في خطابها وتعهداتها.
في المقابل، يستعمل السياسيون الرافضون للسلسلة الذين لديهم مصلحة تفاهم مع الرافضين لأهداف تتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، سلاح الضغط المعنوي على الهيئة والأساتذة. ولم يتردد هؤلاء في القول إن السلسلة سترهق الاقتصاد، وإن الأساتذة المقاطعين للامتحانات يأخذون الطلاب رهينة. وقد ردّت الهيئة على هذا المنطق، فاعتبرت أن السياسيين الذين يديرون البلاد منذ أوائل التسعينيات هم، وليس السلسلة، من يدمّر الاقتصاد ويرهقه بالفساد والهدر وحماية مصالح حيتان المال، وأن من يحمل ملف السلسلة منذ ثلاث سنوات لا يمكنه أن يقول، في الساعات الأخيرة، إن السلسلة بحاجة إلى درس. فمن يفعل ذلك ليس جديراً بتولي مسؤولية البلاد والاقتصاد والمواطنين، وهو من يأخذ البلاد كلها رهينة وليس من يطالب بحقوقه ويمارس أساليب الضغط السلمي المتوافرة لديه.
والغريب، أنه وسط ذلك تراجع السجال في شأن السلسلة وكأنها ليست الموضوع الأساس. الأمر الذي انتبه إليه عدد من أعضاء الهيئة فقالوا إن زيادة الإنفاق والعجز يحصلان الآن وحصلا قبل ذلك، أي قبل إقرار السلسلة، بل إن زيادة الإنفاق والعجز تفوق قيمة السلسلة. ولعلَّ من حظ هيئة التنسيق أن السلسلة لم تُقر، إذ كان معارضوها سيتهمون الهيئة بالتسبب بزيادة الإنفاق والعجز. ولا يقل عن ذلك أهمية أن الغلاء يُشعل الأسواق ويرهق المواطنين قبل إقرار السلسلة. والسؤال الأهم: ما هو مصير السلسلة والهيئة؟
وتتصل بهذا السؤال أسئلة كثيرة عن كيفية تعامل الطاقم السياسي مع الهيئة والسلسلة. فعلى مدى ثلاث سنوات، من الحراك النقابي والإضرابات والاعتصامات والسجالات، السياسيّون يكرّرون أنّهم مع حقوق الأساتذة والموظفين ويقولون إن اختلافهم هو في شأن أرقام السلسلة ومصادر تمويلها وطرائق تنفيذها. وعلى مدى ثلاث سنوات راوغ الطاقم السياسي الهيئة ولعب بالسلسلة وأرقامها وحاول تفصيلها على مقاس فئات أخرى غير مكوّنات الهيئة، لا سيما أصحاب المال والنفوذ الاقتصادي والعقاري، وراهن على هشاشة الهيئة وتضارب المصالح والارتباطات في داخلها. فالطاقم السياسي كله تقريباً لم يتكلم صراحة في شأن السلسلة التي صارت سلاسل، فلا يعرف المواطن أياً منها هو الصحيح، ولا أياً من أرقامها هو العلمي والحقيقي أو وجهة النظر والهرطقة. ولم تُشوَّه سمعة السلسلة فحسب، بل جرى التذكير بالفساد في الإدارات العامة وبتراجع مستوى التعليم الرسمي وتهرّب أساتذة كثيرين من واجبهم فيه، من دون أن يشعر الطاقم السياسي بوخز ضمير في ما يخص الفساد. وحاول البعض ربط السلسلة بالإصلاح الذي تذكر اللبنانيّون وعوده في التسعينيات من القرن الماضي ولم يقبضوا سيرته اليوم.
ودائماً بقيت «حصّة» القوى الأمنية من السلسلة خارج السجال، حتى ليبدو أن المستفيدين من السلسلة هم حنا غريب ونعمة محفوض ومحمود حيدر وبعض رفاقهم. وهذا غير حقيقي وغير منصف، ليس إعلامياً فحسب، إنما علمياً واقتصادياً أيضاً. وبعد مسلسل البحث عن مصادر تمويل، في مجلس النواب وخارجه، أكمل الطاقم السياسي محاولة تهرّبه من السلسلة، بالسعي إلى إجراء الامتحانات على الرغم من مقاطعة الأساتذة مراحل الامتحانات كلها، وما يعنيه ذلك عملياً وعلميّاً وقيمياً على الامتحانات ومستواها وشرعيتها، وعلى العمل النقابي.
أرقام ومستفيدون
1400
مليار هي كلفة سلسلة الرتب والرواتب كما أنجزتها حكومة نجيب ميقاتي في 21 آذار 2013.
وبعد احتساب حقوق المتعاقدين والمتقاعدين أُضيف إليها 450 ملياراً، لتغدو
1850
ملياراً، دُفع منها غلاء المعيشة من شباط 2-12 بقيمة 850 ملياراً.
وبين حكومة ولجنة نيابيّة تضخّمت أرقام السلسلة، فأعلنت وزارة المال أنّها صارت 2776 ملياراً. وتدحرجت مع اللجنة النيابية التي أُلّفت خصيصاً لدراستها برئاسة النائب جورج عدوان إلى ما يتجاوز 3 آلاف مليار بفعل الإضافات التي أُلحقت بها.
يُقدَّر عدد الموظفين المستفيدين من السلسلة بنحو 180 ألفاً: 95 ألفاً في القوى العسكرية، و28 ألف أستاذ في الملاك (أساسي، ثانوي، مهني وتقني)، 26 ألف متعاقد بين ساعتين و14 ساعة في الأسبوع، والبقية في الملاك ومتعاقدون ومياومون وأجراء ومتقاعدون في مختلف مؤسسات الدولة وإداراتها الرسمية.
حسان الزين
فور معرفتهم بـ«الخطة الإستراتيجية لتطوير الجامعة اللبنانية»، التي أعدها رئيسها
عدنان السيد حسين، تداعى ناشطون معوّقون إلى اعتصام أمام مبناها المركزي. ندّد
المعتصمون بـ«سياسة التهميش، التي تمارسها الجامعة، بحق الأشخاص المعوقين، لجهة عدم
تأمين البيئتين الجامعية والهندسية الدامجتين»، مستنكرين «الخطة»،
التي همّشتهم.
عشرون شهراً على شعار رفعه المعتصمون «جامعة للجميع بحجم الوطن واحتياجات الناس من
دون تمييز». فوجئت إدارة الجامعة بالاعتصام، ولم تكن تتوقعه أصلاً. فهو لم يكن
جزءاً من مناكفات سياسية يغرق فيها البلد، بل أتى من أصحاب حق، يفترض أن يشكلوا
عشرة في المئة من الجسم الإداري والتعليمي والطالبي في الجامعة، إضافة إلى العاملين
فيها. لكن الخطة لم تلحظ تلك الفئات.
لبنان الرسمي التزم نظرياً بخطط تربوية، منها خطة النهوض التربوي (1994)، ومشروع الإنماء التربوي (20012009)، والتطوير التربوي في مطلع القرن الحالي (2004)، والخطة الوطنية للتعليم للجميع (20052015)، ووثائق التحضير لمؤتمر باريس3 (2007)، وجودة التعليم من أجل التنمية (2010)... أما عملياً فلا تطبيق لتلك الالتزامات.
عشرون شهراً مرت على «المذكرة المطلبية» التي رفعتها حركة الإعاقة إلى إدارة الجامعة، مفصلة فيها مطالبها.. والواقع اليومي يشير إلى أن الحقوق إلى تراجع. أما الحوار المفتوح لرئيس الجامعة مع طلابها اليوم، فيهدف وفق الدعوة «إلى تطوير الجودة في كلياتها». فهل يمكن تصور تطوير الجودة في الكليات مع إقصاء عشرة في المئة من المواطنين عن التعليم الجامعي؟ أليس الوضع الحالي للطالب المعوق، تمييزاً واضحاً تجاه حقوقه التي كفلها الدستور، ولم تلحظها «خطة تطويرية»؟
أدخلت «كشافة الإمام المهدي» «مشروع المكتبة الجوّالة» حيز التنفيذ منذ نحو سنتين، وزارت معظم المناطق. حاولت المكتبة إعادة الحياة إلى الكتاب والقصة، بعد سيطرة المواقع الإلكترونية على العقول. اكتسبت المكتبة المتنقلة ثقة لدى الجيل الناشئ بعد النتائج التي حققتها في دعم الأطفال والتلاميذ.
«مكتبة مهدي المتجولة» الحديثة المتنقلة في حافلة «بولمان»، زارت مدينة الهرمل بدعوة من «مدرسة الإمام علي» لمدة ثلاثة أيام، استقبلت خلالها عشرات الأطفال والتلاميذ، فساهمت في تعزيز المطالعة والعلاقة مع الكتاب ونشر الوعي والثقافة بأسلوب جذاب وسهل موجه للأطفال والناشئة.
المكتبة تتابع مسيرتها في المناطق، بالتعاون مع اللجان الأهلية المحلية والبلديات والنوادي الثقافية. وهي منارة حقيقية تضيء طريق المعرفة بأسلوب حديث، حيث جهزت لتستوعب أكثر من 8000 كتاب في مختلف المجالات الأدبية والتربوية والعلمية والفنية، بالإضافة إلى نحو ألف قرص مدمج من الأفلام الوثائقية الهادفة إلى نشر الوعي والمعرفة. مدير المكتبة مهدي عباس حمودي قال إنها صممت لتراعي أكبر قدر ممكن من شروط الصحة والسلامة العامة من حيث نظامي الإضاءة والصوت ونظام التبريد والتكييف، وتصميم الأماكن المريحة للزوار. كما زودت بإرشادات السلامة العامة.
وتابع: بالإضافة إلى الخدمات المباشرة التي تقدمها المكتبة، فإنها تنفذ نحو 40 نشاطاً فنياً مختلفا كالرسم، صناعة الدمى، تجارب علمية، كتابة قصص، أشغال فنية. وتؤمن خدمة الانترنت السريع لعشرة حواسيب محمولة داخلها. وهي مزودة أيضا بشاشة عرض كبيرة ثلاثية الأبعاد.
...............................جريدة الأخبار................................
تدخّل الرئيس نبيه بري واستعان بالرئيس ميشال عون، فرضخت هيئة التنسيق النقابية للضغوط الهائلة التي انصبّت عليها. قررت المشاركة في مراقبة الامتحانات، في مقابل تأجيلها ليوم واحد من الخميس الى الجمعة حفظاً لماء الوجه، بناءً على اقتراح النائب علي بزي، وأيضاً في مقابل تعهّد وزير التربية الياس بو صعب بتجميد كل الإجراءات اللاحقة، بما فيها تحديد أسس التصحيح والتصحيح وإعلان النتائج، في انتظار ما ستؤول اليه معركة السلسلة المفتوحة.
فاتن الحاج
لم تنجح هيئة التنسيق النقابية في فرض معادلتها «الذهبية»: «لا سلسلة، لا امتحانات»، لكنها بقيت قابضة على سلاح مقاطعة أسس التصحيح والتصحيح. هذه هي حصيلة «الكباش» في اليوم الطويل أمس. فقد تواصلت المفاوضات حتى منتصف الليل ليخرج بعدها وزير التربية الياس بو صعب معلناً انتصاره، ويعقد مؤتمراً صحافياً في مكتبه في الوزارة، محاطاً بأركان قيادة الهيئة وبحضور موفدَي بري النائب علي بزي والمسؤول التربوي في حركة أمل حسن زين الدين اللذين شاركا في الاجتماعات ولعبا الدور الحاسم في الوصول الى هذه النتيجة.
أعلن بو صعب أن الامتحانات ستجري في المواعيد المعلنة، ما عدا امتحانات الشهادة المتوسطة التي أرجئت ليوم واحد فقط من الخميس الى الجمعة، وذلك نزولاً عند طلب هيئة التنسيق النقابية نفسها، التي ظنّت أنها بذلك تحفظ ماء وجهها، ولا سيما بعد موقف بو صعب النهاري الذي رفض فيه تأجيل الامتحانات «حتى لربع ساعة». وذكرت مصادر مطّلعة أن هذا التأجيل جاء بناءً على اقتراح بزي، ولم يوافق بو صعب عليه إلا بعد تدخلات مباشرة من الرئيسين نبيه بري وميشال عون. وبحسب هذه المصادر، لم يكن بعض قادة الهيئة، ولا سيما رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، موافقين على هذه «التخريجة»، إلا أن ضغوط حركة أمل المضافة الى ضغوط قوى سياسية أخرى لم تترك مجالاً للرفض من دون إطاحة وحدة الهيئة وتماسكها. هذه «التخريجة» تضمنت أيضاً تعهداً من بو صعب بتجميد كل الإجراءات لوضع أسس التصحيح والتصحيح وإعلان النتائج، كما تضمنت إعلان بو صعب أنه كان في صدد إصدار قرار يعلن فيه إلغاء شهادة «البريفيه»، إلا أن «حرص الهيئة على هذه الشهادة دفعها إلى القبول بإجراء الامتحانات».
فوزارة التربية لم تكن جاهزة أبداً لإجراء هذه الامتحانات في ظل مقاطعة المعلمين لأعمالها، ليس على صعيد المراقبة فقط، بل أيضاً على صعيد الإجراءات التحضيرية والإدارية المسبقة، وخصوصاً وضع الاسئلة. وبحسب المعنيين في الوزارة، فإنّ مراقبة الامتحانات وحدها تحتاج إلى 10 آلاف معلم ومعلمة، على الأقل، لتوزيعهم على 400 مركز في جميع المناطق، وهو الأمر الذي لم يتأمن، على الرغم من الإغراءات «الوهمية» التي قُدّمت إلى المتعاقدين كي يرتكبوا فعل الخيانة لمصالحهم ومصالح زملائهم.
استحالة إجراء الامتحانات من دون موافقة هيئة التنسيق لا تتصل فقط بفشل بو صعب في حشد مراقبين من خارج الملاك، بل تعود أيضاً إلى واقع أنّ مقر وزارة التربية كان قد أصبح فعلياً تحت سيطرة هيئة التنسيق النقابية التي أعلنت أمس الاعتصام المفتوح (نهاراً وليلاً) داخل المقر، وتحديداً أمام مكاتب الموظفين المعنيين بالإعداد للانتخابات، بهدف منعهم من أي أعمال قد تؤدي إلى تسهيل إجراء الامتحانات. كذلك أعلنت رابطة موظفي الإدارة العامّة الإضراب المفتوح حتى 19 الشهر الجاري، وهو الموعد الجديد الذي حدده الرئيس بري لانعقاد الجلسة التشريعية المخصصة لاستكمال درس مشروعي قانوني السلسلة والإجراءات الضريبية الملازمة لها. وهذا الإضراب المفتوح كان كفيلاً بتعطيل إدارات الوزارات كلّها. إلا أن تطورات منتصف الليل أعادت ترتيب الأمور، إذ رفعت هيئة التنسيق النقابية اعتصامها في الوزارة، في حين يواصل الموظفون إضرابهم المعلن، باستثناء الموظفين في دائرة الامتحانات الرسمية.
نجاح بو صعب في أداء مهمّته بكسر إرادة هيئة التنسيق من باب إجراء الامتحانات غصباً عنها، تزامن مع نجاح إضافي لتكتل المصالح المصرفية والعقارية والتجارية في تعطيل مسار إقرار السلسلة والإجراءات الضريبية في مجلس النواب. فالجلسة التي كانت مقررة أمس لهذا الغرض لم تنعقد بسبب غياب كتل نيابية أساسية عنها، وهو ما دفع بري إلى الحديث عن «محاولات تعطيل التشريع وتعطيل الحكومة الآن»، وقال أمام النواب الذين حضروا الجلسة إنّ «كل واحد له هدف من التعطيل، هناك من لا يريد قانوناً انتخابياً جديداً، وهناك من قد لا يكون يريد انتخابات أبداً». وأضاف: «أعتقد أن البعض قبل الضريبة على الفائدة وتكليف المصارف بها ليعطلها في النهاية، لأنه في هذا الميدان ليس بالسهولة أن تأخذ اللقمة من قلب الحيتان. بكل صراحة أقول ذلك».
إذاً، بقّ بري البحصة، وكشف بوضوح أن تعطيل السلسلة لا يمت بصلة الى كل هذا التهويل
بخراب البلد والاقتصاد، بل هدفه حماية مصالح «الحيتان»، كما سمّاهم، الذين لا
يريدون دفع الضرائب الواجبة عليهم من الأرباح والريوع الطائلة التي يجنونها على
حساب أكثرية اللبنانيين، فضلاً عن الهدف السياسي المستجد بتعطيل الدولة ومؤسساتها
في عملية ابتزاز فاقعة تحت حجّة الفراغ الرئاسي. وما يعزز من صحّة ما كشفه الرئيس
بري هو تركيز «جوقة» نواب المستقبل أمس على بث الشكوك مجدداً في صحّة تقدير حجم
الايرادات المتوقعة من الإجراءات الضريبية التي أقرّها مجلس النواب حتى الآن. وفي
اتصال مع وزير المالية علي حسن خليل للسؤال عن ذلك، كشف أن الرئيس فؤاد السنيورة
كرر، في الاجتماع الذي جمعه معه في مكتب بري قبل يوم من الجلسة، معارضته الشديدة
لزيادة الضريبة على ربح الفوائد من 5% الى 7% وإلغاء إعفاء المصارف منها بذريعة أن
ذلك سيؤدي الى انكماش الاقتصاد، فضلاً عن تسليمه بعجز الدولة عن جباية الغرامات من
محتلي الأملاك العامّة البحرية، لأنهم لن يدفعوا قرشاً، حسبما قال السنيورة.
التهويل لم ينحصر بالخطاب الكلامي والتشويش الإعلامي، بل انتقل، للمرّة الثانية،
الى سوق القطع، إذ حصل طلب مشبوه على الدولار عشية الجلسة (أمس)
في محاولة لتوجيه رسالة بليغة ضد إقرار السلسلة، وهو ما اضطر مصرف لبنان الى التدخل
لكبح المضاربات، من دون محاسبة المسؤولين عنها. إلا أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة
سارع الى إعلان موقف يقول فيه «إن سلسلة الرتب والرواتب ليس لها علاقة باستقرار
الليرة»، محبطاً كل خطاب يهوّل بانهيار العملة الوطنية إذا أقرّت السلسلة، علماً
بأن سلامة كرر موقفه السابق لجهة الدعوة الى تقسيط السلسلة على خمس سنوات «حتى لا
تؤثر على مالية الدولة».
وكشف بري مساءً أمس أمام زواره عن جوانب من اتفاق (لم يجر الالتزام به) على موضوع سلسلة الرتب والرواتب، على هامش جلسة مجلس النواب لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية الاثنين، شارك فيه رئيس الحكومة تمام سلام والسنيورة والنائبة بهية الحريري، تناول إخراج مشروع السلسلة في جلسة أمس، بعدما رفض بري زيادة واحد في المئة على ضريبة القيمة المضافة اقترحها السنيورة، فردّ بأنه مع زيادة من 10 الى 15 في المئة على الكماليات وزيادة تعرفة الكهرباء الى 300 ليرة على الشطر فوق 500 كيلو واط، واقترح حسم 10 في المئة على مجمل السلسلة. ولفت رئيس المجلس إلى أن الدولة تدفع بدل غلاء معيشة ما يساوي 850 ملياراً من دون إيرادات، في حين ان السلسلة تتضمن هذه الإيرادات، وتالياً فإن إقرارها هو ربح للجميع. وقال إن تيار المستقبل لم يتخذ حتى مساء الاثنين موقفاً يعارض انعقاد المجلس للتشريع، قبل أن يفاجأ بتغيير التيار موقفه، ما بدا انقلاباً على اتفاق الاثنين. وقال إن «تعطيل ما اتفق عليه لا يرتبط بالسلسلة فقط، بل أيضاً بموقف تيار المستقبل وحلفائه بتعطيل جلسات المجلس للتشريع وربط تعطيل المجلس بعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية». وأضاف «إن ما حصل يشكل خطراً على النظام، والمسألة ليست سلسلة رتب ورواتب وامتحانات فحسب، بل محاولة لتعطيل النظام من خلال تعطيل المؤسسات».
لم يكتف سارقو لبنان بعد. لم يكتف النهّابون، والنصّابون، والقتلة بعد. منذ ثلاثة عقود ولم يتعبوا بعد، لم يشبعوا، ولم يتوقف اللصوص يوماً. لا يرتاح هؤلاء للحظة. لا تغمض أعينهم عن شيء. لا دولة ولا شعب ولا قطاع عام ولا قطاع خاص. هم زمرة من اللصوص يمسكون بكل مفاصل البلاد.
ولكي لا يختلط الأمر على أحد: هم، جميعاً، من يمسكون بكل سلطات البلاد من دون استثناء، وكل الذين تعاقبوا، أحياءً أو موتى أو هاربين، سياسيين وأمنيين وعسكريين ودينيين وإعلاميين ودبلوماسيين، تجاراً ومصرفيين ومقاولين ومتعهدين، فنانين وموظفين عامين من الفئات العليا.
إذا كان بين هؤلاء جميعاً من يرفض الاتهام، فليقبل بلجنة تحقيق، مستقلة فعلاً، تكشف لنا ما كانوا عليه، وكيف صارت أحوالهم بعد هذه العقود الثلاثة، وليكشفوا لنا كل حساباتهم.
يبدو الكلام مكرراً. البعض يرفض مجرد الطعن في كرامته أو نزاهته. لكن، ليس لدينا من وسيلة سوى اتهامهم جميعاً، من دون استثناء، بأنهم هم أصل البلاء، وهم من أفرغ الخزينة والجيوب، وباعوا سيادة الدولة، ويواصلون الإمساك برقابنا.
والآن ماذا يفعلون؟
يريدون القضاء على الدولة نهائياً. هالهم أن يتجمع عشرات الآلاف من اللبنانيين من طوائف ومذاهب ومناطق وحساسيات مختلفة. هالهم أن غالبية هؤلاء لم يطلبوا الإذن من المرجعيات والقيادات قبل الخروج الى الشارع مطالبين بحقوقهم. وهالهم أن ليس هناك من يقبض على روح هؤلاء سوى أولادهم، فكيف يهددون، وكيف يرعدون، وكيف سيجبرون هؤلاء على الاستكانة؟
قررت العصابة أنه آن الأوان للتخلص نهائياً من القطاع العام. اطردوهم وأعيدوهم الى
منازلهم، واتركوا لنا رواتبهم نسرقها ونضيفها الى أرصدتنا.
ولا حاجة إلى تعليم الأولاد إلا لمن نختاره نحن. ولا حاجة إلى مدارس ومعاهد لتعليم
الجميع. في قاموس هؤلاء لا حاجة إلى العلم. تكفي الشطارة والفرادة اللبنانيتان. هما
وسيلتاهم الى فعل الحرام ليل نهار.
اليوم تقف البلاد أمام اختبار ربما يكون الأقسى. هي المواجهة الحاسمة بين تيار شعبي
يريد حفظ الدولة والقطاع العام من جهة، وتيار يلمّ في صفوفه كل لصوص البلد من جهة
أخرى. وهذه المعركة لا يمكن مقاربتها وفق حسابات بسيطة.
وليكن الموقف واضحاً: بقاء المعلم ممر إلزامي لبقاء التلميذ. وحقوق المعلمين هي
حقوق التلاميذ وأهلهم أيضاً. ولا شيء يتقدم على حقوق هؤلاء.
ابراهيم الأمين
منذ التاسعة والنصف صباحاً، بدأ الأساتذة والموظفون بالتوافد إلى وزارة التربية والتعليم العالي. «احتلوا» الطابق الأرضي وأعلنوا اعتصاماً مفتوحاً حتى إقرار السلسلة. قبل يومين من الموعد الذي حدده وزير التربية لإجراء الامتحانات الرسمية، قرر هؤلاء تعطيل عمل الوزارة بنقل الاعتصام إلى داخلها، بعدما كان مقرراً أن يقام أمام مبناها. العنوان العريض كان واضحاً وحازماً: «لا سلسلة، لا امتحانات»، لكن إصرار المجلس النيابي على التأجيل، وإصرار وزير التربية الياس أبو صعب على إجراء الامتحانات غداً، جعلا الأمور تتجه نحو المجهول.
الحماسة سيطرت على المشاركين الذين أعلنوا مضيهم قدماً في مقاطعة الامتحانات. فهؤلاء يرون أنّ التنازل مجدداً، تحت ضغط الامتحانات بعد 3 سنوات من المطالبة بالسلسلة، هو انكسار سيمنع الفئات الشعبية اليوم وفي المستقبل من تحصيل أي حق. لا العقوبات التي هدّد بها التفتيش التربوي، ولا إعلان بعض المتعاقدين مشاركتهم في مراقبة الامتحانات، نجحا في كسر عزيمة هيئة التنسيق والمؤيدين لها، بل على العكس زادت من إصرارهم على الوقوف صفاً واحداً في وجه «سلطة فاسدة»، حيث تؤكّد رانيا أنّ «معركتنا هي معركة بالنيابة عن كل الناس. عدونا واحد وهو السلطة الفاسدة، وحيتان المال هؤلاء من يسرقون جميع موارد الدولة»، أمّا العقوبات، فهي «واهية» وفق رانيا، «هل يستطيع الوزير أن يعاقب الشعب اللبناني بأكمله؟ رح يصير فيهن مثل مسرحية الرحابنة حكام من دون شعب». أمّا نجاة الآتية من الشوف، فتعبّر عن صدمتها من كلام وزير التربية «لقد عقدنا آمالنا على الوزير، إلّا أنه إذا أراد إجراء الامتحانات الخميس من دون إقرار السلسلة، فليقم بها ولنرَ كيف ستكون هذه الامتحانات. فليحصل ما يحصل وليوزعوا العقوبات على الجميع. لسنا خائفين ولن نتراجع». في طوابق المبنى وقف موظفو الوزارة ينظرون بفرح إلى ما يحصل في الأسفل. حضروا إلى عملهم إلا أنهم لم يعملوا، فالهتافات الصادرة عن الاعتصام دفعتهم إلى التهافت نحو شرفات المبنى ليعبّروا عن تأييدهم الكامل لمطالب هيئة التنسيق.
الانتظار كان سيد الموقف على رغم توقع المشاركين مسبقاً فشل الجلسة النيابية، إلاّ أن قليلاً من الأمل كان مطلوباً. مع وصول خبر تأجيل الجلسة النيابية علت الهتافات الغاضبة «اسمع، اسمع، اسمع حقي كامل بدك تدفع». وما لبث أن ازداد الغضب مع إعلان وزير التربية الياس بو صعب الاستمرار في إجراء الامتحانات في موعدها، ومحاولته استجداء التعاطف من معاناة الطلاب. إلّا أن الرد كان قد جاء مسبقاً من الطلاب، الذين كانت لهم كلمة في اعتصام الهيئة، فرفضوا طعن من علّمهم ونكران جميلهم، مشيرين إلى أنّ «البلد أفلس سياسياً واقتصادياً قبل إقرار السلسلة بسبب السياسات التي اتبعها مَن في السلطة»، كما أعلن وليد الشعار في كلمة رابطة موظفي الإدارة العامة أنّ «الدولة تعلّم الطلاب سياسة الطعن في الظهر التي تنتهجها. هذه سياستك يا معالي الوزير، هذه سياسة الحكومة، هذه سياسة الدولة. كفى تهويلاً وكذباً على اللبنانيين. إنفاقكم هو ما دمّر الاقتصاد وأفقر اللبنانيين»، داعياً «من قال إن هذه السلسلة ليست مدروسة وعلى رأسهم (الرئيس فؤاد) السنيورة إلى تقديم استقالتهم».
آراء المعتصمين كانت نفسها: من يسأل عن مصادر تمويل السلسلة فليسأل من أين يحصل هو على راتبه كل شهر، وإذا لم يكفِ النواب 3 سنوات لدراسة السلسلة فليستقيلوا لأنهم سقطوا في الامتحان والتصعيد بدأ منذ الآن. الغضب الذي سيطر على المشاركين تحوّل إلى هجومٍ على النواب والوزراء شنّه المعتصمون في الاعتصام وحظي السنيورة بالحصة الأكبر من الهجوم، فأعلن نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض أنه «ليست هيئة التنسيق النقابية التي تسمح لبعض السياسيين بأن يستغلوا مطلبها الاجتماعي كي يأخذوا البلد الى الإفلاس، ويتحول لبنان الى دولة فاشلة. من يأخذ لبنان نحو الإفلاس، ويحوله الى دولة فاشلة، هو هذه الطبقة السياسية التي أفرغت الرئاسة ومجلس النواب، وتعطل الحكومة وكل المؤسسات وتأخذ كل البلد نحو المجهول، بما فيها التربية والسلسلة ومصالح المعلمين». أمّا رئيس رابطة اساتذة التعليم الثانوي حنا غريب، فرأى أنّ من يقاطع الجلسات ولا يقوم بواجباته هو آخر من تحق له محاسبة الأساتذة والموظفين، لافتاً إلى أن «14 جمعية عمومية صوتت نهار الإثنين على الاستمرار في مقاطعة الامتحانات حتى إقرار السلسلة، وكل ما يجري عمله خارج القانون هو نزع لرسمية الامتحانات، ولا أحد يمكنه إجراء الامتحانات سوى الاساتذة». ودعا غريب الأساتذة والموظفين إلى إقامة اعتصامات مفتوحة في جميع المناطق التربوية حتى إقرار الحقوق كاملة.
الخرق الذي حاول وزير التربية إحداثه في صفوف الهيئة من خلال الرهان على متعاقدي التعليم المهني والتقني لمراقبة الامتحانات لن يكون ذا فاعلية كبيرة، برأي المعتصمين، الذين يتوقعون بعض الخروقات القليلة من دون التمكن من تغطية جميع مراكز الامتحانات. ويقول فاروق إن «وزير التربية سيكتشف قريباً كيف جرى إيهامه بقدرته على إجراء الامتحانات من دون الأساتذة»، مشيراً إلى أن «لكل شخص الحرية في التصرف، فهيئة التنسيق لن تجبر أحداً على الانصياع لقراراتها، إلّا أننا نقول لمن سيذهب للمراقبة أنه يضرب حقوقه بالدرجة الأولى ويطعن زملاءه»، كما أعلن صلاح نون في كلمة المتعاقدين في التعليم المهني أنّ «ما قاله البعض أمس عن أن لجنة المتعاقدين في التعليم المهني ستشارك في الامتحانات الرسمية هو كلام باطل، لأنّ المتعاقدين في التعليم المهني لم ينتخبوا هذه اللجنة، وهي لا تتكلم باسمهم، وبالتالي فنحن ملتزمون قرارات هيئة التنسيق»، فيما أكّد إيلي خليفة في كلمة رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني «رفض متعاقدي التعليم المهني ملء جداول المراقبة في الامتحانات الرسمية، فالجداول عادت فارغة، ورابطة التعليم المهني جزء لا يتجزأ من هيئة التنسيق النقابية، ولن نقبل أن نكون شوكة في خاصرة هيئة التنسيق من أجل حفنة من الأموال».
...............................جريدة النهار................................
لم تذهب وعود وزير التربية الياس بوصعب أدراج الرياح التي عصفت بالامتحانات الرسمية، وتلاعبت به وبالاهل والتلامذة على السواء، فأرجأت المرحلة الاولى منها والتي كانت مقررة غداً الخميس لتلامذة الشهادة المتوسطة مدة 24 ساعة، لتنطلق صباح الجمعة، في ظل اصرار من الطرفين، اي الوزير وهيئة التنسيق النقابية، على عدم التراجع عن مواقف سابقة. وأفيد ان النقابيين في هيئة التنسيق عرضوا على بوصعب ارجاءً محدوداً الى السبت لعقد جمعيات عمومية يقرر خلالها المعلمون المشاركة في المراقبة من دون التصحيح، لكنهم جبهوا برفض منه استدعى ارفضاض الاجتماع الليلي مع الاستمرار في المقاطعة. إلا أن الوزير بوصعب عاد فاستدعى هيئة التنسيق ليلا بعد تدخل الرئيس نبيه بري، واعلن منتصف الليل الاتفاق على التأجيل الى الجمعة بدل السبت. لكن الاتفاق اقتصر على اجراء الامتحانات ولم يشمل التصحيح واصدار النتائج التي ستظل عالقة في انتظار الجلسة المقبلة لاستكمال درس سلسلة الرتب والرواتب.
واسترعى الانتباه موقف الرئيس بري الذي وجه رسالة علنية ومباشرة من القاعة العامة في مجلس النواب انعكست سلباً على اندفاع بوصعب: "أقول لوزير التربية انتبهوا لا تستطيعون اجراء امتحانات بهذا الشكل، وانتبهوا أيضاً رجاء ألا نخرّب البلد ونوصله الى نقطة اللارجوع". وإذ رد مباشرة مؤكدا أن "وزارة التربية هي صاحبة القرار" عاد وتراجع ليلاً وشرح آلية القرار التي يشارك فيها المعلمون والاداريون.
هكذا تحولت السلسلة كرة ثلج كبرت لتصير قضية استقرار تربوي، ستنعكس حتما على عمل الحكومة التي دعيت الى جلسة غدا الخميس، من دون الاتفاق على صيغة لاتخاذ القرارات في داخلها. وجرى امس حديث عن تعطيل مقابل تعطيل، في اشارة الى عمل المجلسين.
وكان مجلس النواب غرق مجددا في التعطيل، فطارت السلسلة، بعدما حضر فقط 55 نائبا، فيما كان النصاب يتطلّب 65. ولم تحضر سوى مواقف سياسية للمزايدة، خصوصا ان الكتل النيابية المؤيدة للمشاركة في الجلسة لم تحشد جميع اعضائها، اذ لم يكن حضورها كاملا، كما لو ان الجميع لا يريدون فعلا إقرار السلسلة.
وقال الرئيس بري أمام زواره إن وقائع جلسة أمس وما رافقها كانت أقرب الى انقلاب على
الاتفاق الذي ناقشناه وعرضناه الاثنين في حضور الرئيسين تمّام سلام وفؤاد السنيورة
والنائبة بهية الحريري، وتبيّن ان تعطيلا طرأ على ما اتفق عليه ولا يرتبط فقط
بسلسلة الرتب والرواتب. ولم يقل بيان كتلة المستقبل ان نوابها لن يشاركوا في الجلسة
بل انسجموا مع موقف قوى 14 آذار المسيحية القاضي بعدم التشريع في غياب انتخاب رئيس
للجمهورية.
وأضاف: "تناول الاتفاق السلسلة وعارضت اقتراح الرئيس السنيورة زيادة 1 في المئة على
الضريبة على القيمة المضافة. وكان ردي بزيادة 10 الى 15 على الكماليات وألا يطاول
هذا الامر الفقراء، ولا يجب ان يحصل الموظفون على الزيادة بيد ويدفعونها بالاخرى
ليطير مفعول السلسلة. واقترحت من اجل تقصير الطريق مخرجا فوريا يقضي بحسم 10 في
المئة من السلسلة لطمأنة القلقين. وتشديدي ليس على التوازن بين النفقات والواردات
فحسب بل ايضا المساواة بين الموظفين في الدولة التي تدفع الآن غلاء معيشة 850 مليار
ليرة من غير ان تكون هناك واردات تحصل عليها. في اختصار ما حصل في المجلس يشكل
خطراً على النظام والمسألة ليست في السلسلة والامتحانات الرسمية بل في خطورة تعطيل
النظام من خلال تعميم هذا التعطيل على المؤسسات".
وأشاد بري بموقف الرئيس سلام وحضوره الى المجلس "وهو ليس ضد انعقاد الجلسات والتشريع في البرلمان، لكن ما أخشاه ان ينسحب هذا التعطيل على الحكومة فيتعطل عندها كل شيء في البلد. ومن حق رئيس الحكومة وضع جدول الاعمال وان ينظر في أي تحفظ على أي بند".
افتتاحية النهار
وقع المحظور. لم تعد القضية مجرد سلسلة رتب ورواتب. باتت مصير امتحانات رسمية ومستقبل طلاب. وبعد الاستقرار الامني والسياسي، الذي ضعف تدريجاً في لبنان، أتى دور الاستقرار التربوي، وباتت سمعة الشهادات اللبنانية على المحك.
كبرت كرة السلسلة حتى باتت قضية استقرار تربوي. وغرق مجلس النواب مجددا في التعطيل، فطارت السلسلة، بعدما حضر فقط 55 نائبا، فيما كان النصاب يتطلّب 65 نائبا. ولم تحضر سوى مواقف سياسية للمزايدة، وخصوصا ان الكتل النيابية المؤيدة للمشاركة في الجلسة، لم تحشد جميع اعضائها، اذ لم يكن حضورها كاملا، كما لو ان الجميع لا يريدون فعلا اقرار السلسلة.
في البداية، لم يقبل احد من السياسيين المسّ بالارباح العقارية ولا بالاملاك البحرية ولا بالمطار ولا بالجمارك ولا بسوكلين ولا بغيرها من الكثير من ابواب المال، ثم عادوا اليوم ليقولوا للاساتذة: " ما في واردات".
ومنذ البداية ايضا، وضعوا الطلاب بين "شاقوفين": قالوا لهم استعدّوا الامتحانات في موعدها، واليوم يعترفون بأن " لا اجواء للتحضير للامتحانات"، تاركين الطلاب وحدهم امام قلقهم وخوفهم. كأن الفراغ مكتوب له ان يتمدّد الى كل مرافق الدولة، الغائبة اصلا.
وابلغ دليل على هذا الغياب، شلل السلطة الاشتراعية، وتباهي النواب بأنهم يعملون لمصلحة البلاد. امس، تكرّرت " لعبة" المقاطعة والنصاب ولو في شكل معكوس، وكانت الحاضرة الابرز في المجلس، النائبة بهية الحريري التي تمايزت عن موقف كتلة "المستقبل". هي في الاساس لم تحضر اجتماع الكتلة اول من امس. وصلت باكرا الى المجلس، وغادرت عندما قرع الجرس، ايذانا بعدم اكتمال النصاب، وبالتالي بتثبيت عدم انعقاد الجلسة.
كلام بري
دقّ الجرس وعلم ان المصير سيكون تأجيلا ثانيا. لكن ما لم يكن معلوما هو ان الرئيس نبيه بري اختار الكلام من القاعة العامة. ادخل الصحافيون واوصل رئيس مجلس النواب رسالته: "سأرفع الجلسة الى 19 حزيران الجاري، ولا ازال مصرّاً على هذه السلسلة، وأقول لوزير التربية انتبهوا لا تستطيعون اجراء امتحانات بهذا الشكل، وانتبهوا أيضاً، رجاء ألا نخرّب البلد ونوصله الى نقطة اللارجوع".
واضاف: " أنا أعلم أن لا نصاب الآن. ما يحصل اليوم لا يخدم انتخاب رئيس الجمهورية، ما لا يدرك كله لا يترك جله. ان تعطيل مؤسسة يؤدي الى تعطيل كل المؤسسات، وهو ضد النص الدستوري الذي يتحدث عن التعاون بين المؤسستين. إذا استقالت حكومة حينا يجب أن يتوقف كل شيء، وحيناً آخر إذا تأخر انتخاب رئيس جمهورية يجب أن يتوقف كل شيء. أنا أعتقد ان علينا الا نجعل انتخابات الرئاسة، التي هي أعلى مركز في البلد ورأس الدولة، في مهب مصالح معينة".
واعتبر ان " لمحاولات تعطيل التشريع وتعطيل الحكومة هدفا. هناك من لا يريد قانوناً انتخابياً جديداً، وهناك من لا يريد انتخابات أبداً. وفي سلسلة الرتب والرواتب، أهلنا والموظفون والمحرومون والمستضعفون لم يكونوا يطالبون بها بل الحكومة السابقة هي التي تبرّعت لتعطيهم، والآن يحكى عن التعطيل. أكثر من ذلك، فإن ما وافقنا عليه في ما يتعلق بموضوع المصارف والضريبة على الفائدة، اعتقد أن البعض قبل به ليعطلّها في النهاية، لأنه في هذا الميدان ليس من السهولة أن تأخذ اللقمة من قلب الحيتان. انما هذا الأمر لا يجوز. هناك من لا يريد الموازنة أيضاً، مرّ عقد من الزمن بلا موازنات، والآن الموازنة جاهزة وأعتقد أنها وزعت على مجلس الوزراء".
واكد ان: " تعطيل مؤسسة لا يؤدي الى انقاذ مؤسسة أخرى. الهدف الأول والثاني والثالث والعاشر والأحد عشر، هو انتخاب رئيس الجمهورية، ولكن هذا لا يمر على جثث المؤسسات الأخرى بتعطيلها. رئاسة المجلس هي أول من حافظت على الميثاقية. ولا أحد يعطيني دروساً فيها، ومرفوض الكلام الذي يقول: "خلينا نتفق برّا ونفوت نبصم. ليش شو عم تشتغل اللجان النيابية؟"، فهل يريدون مني أن أفرط المجلس؟".
وختم: " اتعهد أمام الشعب وأمامكم أنه لا يمكن الموافقة على سلسلة لا يكون فيها توازن دقيق، ولا توافق بين النفقات والواردات. لقد وافق مجلسكم في الجلسة الماضية على واردات تبلغ 1850 مليار ليرة، وقلنا بعد ذلك فلنزد الضريبة على القيمة المضافة على بعض السلع الكمالية، والرسوم على المشروبات الروحية، والغرامة على أشغال الأملاك البحرية. الأمور الأخرى التي قالوا اننا لا نريدها، سواء كان من هذا الفريق أو من الفريق الآخر، قلنا فليكن و"بلاها". وقلنا أيضاً بلا مشروع البناء المستدام، وإذا كنتم لا تريدون تسوية مخالفات البناء فليكن أيضاً. لا نريد موضوع الريجي لأنه يخسّر ولا يرّبح، وصار لدينا الآن تأمين نحو 400 مليار على الأقل عبر زيادة التعرفة على الكهرباء فوق الـ500 كيلوواط، وأصبح التوازن قائماً، مع العلم أن هناك اقتراحات أخرى، وقالوا لا يزال هناك فارق بنحو 60 ملياراً. وقد اقترح عليّ وقبلت أن يحسم عشرة في المئة من كل السلسلة وأن تسير الأمور، ولكن بعدما تبّين أن هذا الأمر سيتم، "عادت حليمة لعادتها القديمة" وصاروا يقولون حرصاً على رئاسة الجمهورية. جميعنا حرصاء على الرئاسة، وكان علينا جميعاً أن ننتخب رئيس الجمهورية بالامس قبل اليوم".
تصريحات بالجملة
داخل القاعة، استمع الى بري نواب من "تكتل التغيير والاصلاح" وكتلة "التنمية والتحرير" وكتلة "الوفاء للمقاومة" و"جبهة النضال الوطني"، وغاب نواب 14 آذار من "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" والكتائب، كذلك، غاب الرئيس نجيب ميقاتي ونواب مستقلون.
انما الابرز كان غياب رؤساء الكتل، كالنواب ميشال عون ووليد جنبلاط وسليمان فرنجيه.
في المقابل، لم تهدأ الحركة في مكتب بري. تارة يستقبل الوزير الياس بو صعب، ثم الرئيس تمام سلام والحريري، قبل ان يستقبل النائب ابرهيم كنعان، في حضور وزير المال علي حسن خليل.
كل هذه المشاورات لم تفلح. هي في الاساس، سقطت منذ ساعات اول من امس. وفجأة، يحضر النائب روبير غانم الى المجلس، لا للمشاركة بل لتوضيح الموقف. يقول: "لا يجوز اقفال المجلس، لكن اقرار السلسلة كما هي مطروحة خطير جداً، من حيث نتائجها، وان كنت مع حقوق الاساتذة والموظفين".
رفع الجلسة لم يستغرق اكثر من نصف ساعة، انما "رطل" التصريحات داخل المجلس استغرق
اكثر من ساعتين.
كما كان مقرراً سابقاً، حضر النواب احمد فتفت وجمال الجراح وغازي يوسف لعقد مؤتمر
صحافي، وانضم اليهم النائب انطوان زهرا.
قال فتفت: "نحن مع الحقوق كاملة ولكن مع حقوق اللبنانيين وان يكون هناك اقتصاد كامل وتوازن بين الحاجات. اذا كانت السلسلة "ستمرّ بالأرقام الحالية، فهذا الأمر سينعكس سلبا على لبنان والعمال". وشدد على ان "موضوع رئاسة الجمهورية مهم جداً وعلينا انتخاب رئيس كي نكون على السكة الطبيعية لبدء حلحلة المطالب".
اما زهرا فاعتبر أن "أكثر من يريدون اقرار السلسلة لانصاف اللبنانيين هم نحن"، مشيراً الى أنه "كان لافتا اليوم محاولة تأمين نصاب عبر مزايدة شعبوية".
واعتبر أنه "لو حضر النواب لكنّا انتخبنا رئيساً للجمهورية وخرجنا من المأزق"، لافتاً الى "اننا حاولنا ان نتوصل الى اتفاق حول السلسلة وقلنا ممنوع الحياة الدستورية الطبيعية في غياب الرئيس، ولكن نحن مستعدون لاستثناءات محددة مثل قانون السلسلة وقانون الانتخابات النيابية، ولكننا لم نتوصل الى نتيجة".
تلاه يوسف مشدداً على "اننا مصرون على انه إذا لم يكن هناك توازن بين الإيرادات
والنفقات لن يكون هناك سلسلة".
وأكد "اننا سنبقى جاهزين لندرس الإيرادات المحققة كي تموّل سلسلة معقولة، فيما
البعض يحاول جرّنا إلى اقرار سلسلة ستكون خرابا".
وعن الارقام أيضاً، قال الجراح: "أرقام السلسلة غير عادلة وتؤثر سلبياً على عدد كبير من اللبنانيين، مما يزيد التضخم وينعكس سلبا على النمو الاقتصادي". وردّ كنعان: "المشترع سمح لأقلية معينة باتخاذ موقف، وإلا لما قال بالثلثين وسمح بالثلث الآخر، وهناك من يقاطع ويبرر المقاطعات، وبالتالي باتت الامور دستورياً وجهة نظر، ولا يمكن تسويق منطقين، الأول يرفض المقاطعة والثاني يقبل بها".
واشار الى ان "السلسلة درست في لجنة فرعية أولى واللجان المشتركة والهيئة العامة على مدى عامين"، واعتبر أن "عدم دخول الجلسة بحجة أنه لا يمكن التوافق داخل الهيئة العامة غير صحيح"، موضحاً ان "كلفة السلسلة وفق اللجنة الفرعية الأخيرة هي 2700 مليار". وختم: "نسمع عشية الوصول إلى الهيئة العامة مواقف لبعض الأفرقاء يرفض الأرقام التي توصلنا إليها، ولكن المشكلة هي مشكلة خيارات لا ارقام، ولو كنا في دكانة داخل دولة في مجاهل افريقيا لاستطعنا احتساب الأرقام التي تحولت كذبة كبيرة، ولا يجوز لدى الوصول إلى الهيئة العامة أن ننسى ما قمنا به وقررناه بالاجماع".
وفي الختام، قال وزير المال: "الفريق الذي عطل الجلسة وافق على كل البنود التي أقرت، وليس صحيحا انني رفضت ان أجلس مع أحد لكني رفضت المساومة والتسويات الجانبية التي تعطل عمل المجلس"، رافضاً "اي سلسلة لا توازن بين النفقات والايرادات".
وسط ضبابية تكتنف المشهدين السياسي والنقابي نفذت هيئة التنسيق النقابية اعتصاماً في وزارة التربية في الاونيسكو، على وقع قرار الوزير الياس بو صعب المضي في اجراء الامتحانات الرسمية لشهادة البريفيه اعتباراً من يوم غد. وأعلنت استمرار الاعتصام داخل الوزارة.
رفع اعضاء الهيئة سقف خطاباتهم، خصوصاً بعد دعوة الرئيس نبيه بري لعدم اجراء الامتحانات بسبب الظروف الراهنة. ولبى الاساتذة والمعلمون وموظفون في الادارات العامة نداء هيئة التنسيق وتجمعوا بدءاً من العاشرة قبل ظهر امس في مبنى الوزارة وتحديداً على الطبقة الاولى حيث احضروا الكراسي ووضعوها قرب المصاعد تمهيداً للاعتصام المفتوح الذي اعلن عنه رئيس رابطة التعليم الثانوي حنا غريب.
المعتصمون كرروا مطالبهم بإقرار سلسلة الرتب والرواتب ورفعوا اللافتات المعهودة في
كل تحرك نقابي والتي تدعو الى "التعجيل في إقرار السلسلة ورفع الظلم اللاحق" بهم
وأطلقوا الهتافات المنددة بالذين يرفضون إقرارها.
وكتبت احدى المعلمات على لافتة مقاطع من اغنية للفنانة جوليا (زوجة الوزير بو صعب)
فيما حضرت موظفة تعاني اعاقة على كرسيها النقال الى الاعتصام دعماً للمطالب
النقابية. وشارك تلامذة في الاعتصام وطالبوا خلاله الحفاظ على "مستوى الشهادة
الرسمية واتباع الاصول في اجراء الامتحانات. وتحدث ممثلون عنهم اكدوا دعمهم هيئة
التنسيق.
ثم ألقى وليد الشعار كلمة رابطة موظفي الإدارة العامة فانتقد "أداء التفتيش التربوي
الذي لم يقف الى جانب الموظفين والمدرسين بل هول عليهم". وتحدث ايلي خليفة بإسم
رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني، فأكد "رفض متعاقدي التعليم المهني ملء جداول
المراقبة في الإمتحانات الرسمية، وان كرامتهم أملت عليهم رفضها".
وكانت كلمة للمتعاقدين في التعليم المهني القاها صلاح نون.
وبعد كلمة للنقابي يوسف بسام ، قال نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض ان
"من يتسلم ملفا ويحاول معالجته خلال ثلاثة اعوام من دون الوصول الى نتيجة إما ان
يعتزل أو يستقيل أو يعترف بفشله". وتوجه الى الرئيس فؤاد السنيورة: "ليست هيئة
التنسيق النقابية التي تسمح لبعض السياسيين بأن يستغلوا مطلبها الاجتماعي كي يأخذوا
البلد الى الإفلاس ويتحول لبنان الى دولة فاشلة (...) وانتقد قرار وزير التربية
"إجراء الإمتحانات بأي شكل".
بدوره، شدد غريب على ان "هيئة التنسيق النقابية لن تخرج من المعركة إلا منتصرة
وانها أجرت الامتحان لكل البلد بطبقاته السياسية وتياراته، فهناك من نجح وهناك من
رسب"، مشيرا الى "انعقاد 14 جمعية عمومية في مختلف المناطق للمراقبين العامين
والمراقبين وانهم صوتوا جميعا من دون استثناء من الشمال الى الجنوب، فالبقاع وبيروت
على مقاطعة الامتحانات الرسمية"، مشددا على ان
"لا
امتحانات رسمية من دون إقرار السلسلة".
وتوجه الى وزير التربية: "كل ما يجري خارج القانون هو نزع لرسمية الامتحانات الرسمية". ورأى ان "الطبقة السياسية تأخذ كل الشعب اللبناني رهينة وليست هيئة التنسيق النقابية"، داعيا من "قاطع جلسة السلسلة الى ألا يرشق الناس بالحجارة لأن بيته من زجاج". وفي المناطق، نفذت اعتصامات لهيئة التنسيق النقابية، خصوصا امام المراكز التربوية.
عباس الصباغ
حتى ساعة متأخرة كانت المفاوضات مستمرة بين وزير التربية الياس بوصعب وهيئة التنسيق النقابية المعتصمة في الوزارة، للتوصل الى حل في شأن الامتحانات الرسمية.
وقبل بدء الاجتماع الثاني بين الهيئة والوزير قبل منتصف الليل بقليل، الذي حصل بعد اتصالات سياسية عدة، لم يخرج الاجتماع الأول الذي استمر أربع ساعات من النقاشات الساخنة في حضور عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي موفداً من الرئيس نبيه بري، بنتائج، وهي ساعات لم تكن كافية لثني الوزير بوصعب عن قراره اجراء الامتحانات غداً وإقناعه بتأجيلها أياماً قليلة للوصول الى تسوية في شأنها.
ويمكن القول أن ما حصل مساء أمس في الاجتماع الأول عكس حجم التناقضات والخلافات، بامتداداتها السياسية ارتباطاً بما حصل في الجلسة النيابية أمس، والكلام الذي وجهه الرئيس بري لبوصعب عن خطأ اجراء الامتحانات بهذا الشكل، لينعكس على الامتحانات برمتها. وكانت برزت مخاوف من توجه الوزير لمنح افادات لمرشحي البريفيه، وهو ما تخوف منه رئيس رابطة أساتذة الأساسي الرسمي محمود أيوب، قائلاً "اننا سنواجه اي محاولة لضرب الشهادة الرسمية". وفي المقابل، اعتبر نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض أن هناك مخاوف من أن يلجأ وزير التربية الى منح إفادات ستؤدي الى ضرب الشهاد الرسمية اللبنانية.
وقال أيوب لـ"النهار" أن الهيئة اقترحت على وزير التربية تأجيل موعد امتحانات
البريفيه من الخميس الى السبت، ليتسنى لها اتخاذ قرار من موضوع المشاركة، وهي تحتاج
الى 48 ساعة لترتيبات لوجستية تتعلق باستعدادات المعلمين لتسلم تكليفات المراقبة،
لكنه رفض أي تأجيل، وتمسك بموقفه إجراءها في مواعيدها، وبقي على ما اعلنه خلال
مؤتمره الصحافي من انه غير مستعد لأي تأجيل ولو كان ربع ساعة، عندها أبلغته الهيئة
ان الامتحانات في موعدها 12 الجاري أي يوم غد لن تحصل من دون المعلمين في الرسمي.
وأوضح أيوب أن الهيئة لم تطلب المعجزات، لكنها وضعت الوزير في الأجواء الحقيقية
للمعلمين الذين يريدون حقوقهم، وأن تجرى الامتحانات بالاتفاق مع هيئة التنسيق. ولفت
الى أن أجواء بوصعب كانت تشير الى انه يريد الغاء شهادة البريفيه ومنح إفادات
للمرشحين، وهو أمر لن يحل مشكلة الامتحانات، خصوصاً عندما يصل الى موعد استحقاق
امتحانات الشهادة الثانوية.
وقالت مصادر في الهيئة لـ"النهار" أن أعضاء الهيئة وضعوا الوزير في أخطار اجراء
امتحانات لا يشارك فيها أساتذة الرسمي، وقد تنعكس سلباً على التلامذة والمرشحين،
وأن من يستدعيهم لمراقبة الامتحانات لا يمكنهم إقفال الثغر الموجودة، لكن الوزير
اصر على إجرائها رغم كل الصعوبات. وفي المقابل، علمت "النهار" أن بوصعب طرح على
الهيئة المشاركة في الامتحانات الخميس، ولتقاطع بعد ذلك التصحيح في المرحلة اللاحقة
لإيجاد تسوية للسلسلة، لكنها رفضت عرضه معتبرة أنها تنازلت كثيراً ولا يمكنها
الاستمرار بعدما حصل في الجلسة النيابية أمس.
وفي وقت جرت اتصالات مكثفة خلال الاجتماع، إذ خرج وزير التربية والنائب علي بزي مرات عدة، للوقوف على رأي مرجعيات سياسية، لم تؤد الى أي نتيجة إيجابية، إذ أصر بوصعب على قراره، وتمسكت هيئة التنسيق بموقفها، والتي أعلنت انها مستمرة بمقاطعة الامتحانات، لتقرر اعتصامات امام المناطق التربوية والاستمرار في الإضراب، والبقاء في وزارة التربية في اعتصام مفتوح، ومواجهة أي محاولة لإخراج أسئلة الامتحانات من القسم المخصص لها في الوزارة والقائم قرب مكان الاعتصام في قاعة الدخول.
وكان اعلن وزير التربية من مجلس النواب قبل ظهر أمس، ان الامتحانات الرسمية ستجري يوم غد الخميس في موعدها، مشيرا الى انه يريد من الاساتذة ان يكونوا مشاركين في القرار، ولافتا الى ان "نقطة الخلاف الوحيدة مع الاساتذة كانت اعلاني عن يوم الامتحانات قبل جلسة السلسلة"، وقال: "سبق ان قلت للاساتذة ان الحل في اقرار السلسلة سياسي والضغوط لا تنفع".
وأعرب عن اسفه لعدم اقرار السلسلة، وقال: "في موضوع الامتحانات الرسمية، اشارك
الرئيس بري كلامه، خصوصاً بعد الاجواء التي نعيشها، لناحية عدم اجراء الامتحانات
بهذا الشكل، وهذا صحيح، اي تلميذ اليوم يركز على الدرس والامتحانات؟ ونأسف لاننا
وصلنا في موضوع التربية والامتحانات الرسمية ان ندخل اولادنا وعائلاتنا في هذه
الاجواء".
وأكد ان "الاسبوع لن ينتهي من دون انتهاء هذه المعاناة، كيف؟ الامتحانات ستحصل
الخميس، ولن اتراجع عن هذا التاريخ".
ابراهيم حيدر
اعلنت رابطة أساتذة اللغة الانكليزية استعدادها للمشاركة في الامتحانات الرسمية مراقبة وتصحيحاً.
وعقد رئيس الرابطة رينه كرم مؤتمرا صحافيا في مقر نادي الصحافة، قال فيه: "لقد أدت الحركة التي قامت بها هيئة التنسيق النقابية الى معاقبة التلامذة والمعلمين وادارات المدارس والمواطنين عبر شل مصالحهم والارتفاع الحاد في الاسعار بعد نشر أول خبر عن امكان اقرار السلسلة، ما انعكس سلبا وتراجعا وانكماشا على القطاعات المعيشية والاقتصادية كافة، ومن دون الوصول الى نتائج تذكر.
ولفت الى ان الاستراتيجية المعتمدة من هيئة التنسيق ستؤدي حتماً الى اغراق البلد، خصوصا اصحاب الدخل المحدود في وحول الضرائب والغلاء، الى مزيد من التضخم الذي بدوره حوّل حياة اللبنانيين جحيماً والبلد جهنّم ضرائبيّة تفوح منه روائح الفساد والسرقة المنظمة والسمسرة العلنية في دوائر الدولة وسوء الإدارة وسياسات مِنَح وتقديمات اجتماعية لا تستطيع اكثر الدول ترفاً في العالم تحمل اعبائها. في حين الحلول الصغيرة والموقتة كزيادات غلاء المعيشة مرفقة بسياسة الضرائب لن تؤدي الى اي نتيجة.
واشار الى ان الحلول الكبيرة تبدأ باعادة النظر في الهيكلية المالية للدولة
وللسياسات المالية والاقتصادية.
من جهته، اعرب رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس في بيان عن استعداده، في حال
استمرت المراوحة الراهنة، للمشاركة شخصيا ومن دون اي مقابل في أعمال تصحيح
الامتحانات الرسمية، وذلك تصديا لتشنج هيئة التنسيق النقابية بازاء هذا الموضوع،
توفيرا لعبور آمن نحو التعليم العالي للآلاف من الطلاب اللبنانيين.
واعلن شماس في بيان ان شهاداته الجامعية، المحصلة من الجامعة
الاميركية في بيروت ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا
(MIT)
كما وجامعة هارفارد في بوسطن تؤهله للمشاركة في عملية التصحيح الى جانب أهل
الاختصاص.
دعت لجان الاهل في المدارس الكاثوليكية الى اجراء الامتحانات الرسمية في مواعيدها المقررة حفاظا على شرعية القرار التربوي.
وعقدت اللجان ومنسقو المناطق، في حضور ممثل لجان الاهل في المدارس الارثوذكسية، اجتماعا استثنائيا في مدرسة راهبات الانطونيات غزير. ورفض المجتمعون في بيان ما سموه "المنحى العدائي الخطير الذي لجأت اليه هيئة التنسيق النقابية بالتعدي على الحقوق العامة والخاصة والتهديد باقفال المؤسسات الرسمية والمرافق العامة وشل البلد والتسبب بانهيار المستوى التعليمي والتربوي"، وحذروا من "الهيمنة على القرار التربوي ومقاطعة مراقبة الامتحانات الرسمية وتصحيحها، واخذ اولادنا رهائن للضغط على مجلس النواب لاقرار سلسلة الرتب والرواتب على حساب الاهل والتلامذة". واكد المجتمعون "وقوفهم الى جانب وزير التربية ودعمهم أي قرار يتخذه في ظل هذه الظروف الاستثنائية باجراء الامتحانات في مواعيدها المقررة حفاظا على شرعية القرار التربوي وتحرير التلامذة وانهاء السنة الدراسية".
اعتصم امس الاساتذة المتعاقدون في كليات للجامعة اللبنانية فرع البقاع في حرم كلية الآداب والعلوم الانسانية، مطالبين بتفرغهم في الجامعة.
وسألت مديرة الكلية غادة شريم عطا، التي التقاها المعتصمون في مكتبها،
"في
اي بلد يضطر الاستاذ الجامعي للنزول الى الشارع ليطالب بحق له؟ وهذا حق وليس
مطلبا". وتحدثت من منطلق تجربتها في الكلية التي تديرها حيث "118 استاذا متعاقدا
مقابل 27 استاذا متفرغا"، وقالت: "كيف للاستاذ المتعاقد الذي يضطر الى العمل في
اكثر من مؤسسة ليؤمن استقراره المالي ان يجد وقتا للبحوث وتطوير نفسه اكاديميا؟
فدور الاستاذ الجامعي لا يقتصر على التدريس".
واذ دعت اهل السياسة الى "رفع ايديهم عن الجامعة"، طالبتهم بان "يردوا للجامعة
الوطنية استقلاليتها واكاديميتها وقيمتها وهيبتها، وتعيين مجلس عمداء ليدرس وضعنا،
وان يدعموا المتعاقدين حفاظا على الجامعة لانها اصبحت في خطر". واستغربت كيف يقال
"ان تثبيت الف استاذ متعاقد هو رقم كبير في حين يوجد 3 آلاف متعاقد في الجامعة
اللبنانية".
ثم كانت وقفة للمعتصمين في باحة الكلية، تلت خلالها الدكتورة سابين الكيك معلوف،
بيانا باسمهم جاء فيه: "نعتصم اليوم من خلال هذا الاضراب المفتوح، معلنين التزامنا
التام بمقاطعة الامتحانات بكل اشكالها الى اقرار التفرغ. ونناشد اصحاب الربط والحلّ
في الدولة، ان ينظروا الى قضيتنا بعين المسؤولية الوطنية، لاقرار الحقوق لاصحابها،
بعيدا من التجاذبات الفئوية، ولنا ملء الثقة والامل في اننا سنلقى آذانا صاغية".
ومشددين على ان "تفرغنا قضية محقة وعادلة، وليست تعنينا وحدنا، بل تعني معنا، وعلى
قدر ما تعنينا، كل حريص على مستوى اولادنا حاضرا ومستقبلا".
...............................جريدة اللواء................................
السيد حسين: الامتحانات في الجامعة اللبنانية لن تتأخّر
أكد رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين أنّ «الامتحانات لن تتأخر ونحن حريصون على الطلبة وامتحاناتهم وإنجاز برامجهم»، مشيرا إلى «حرص إدارة الجامعة ومنها الهيئات المسؤولة في طرابلس في الشمال على التعويض للطلاب عما فاتهم بسبب الاحداث الامنية في السنتين الماضيتين»، ولافتاً إلى أنّ «ما يجري تجاه الجامعة اللبنانية امر مرفوض من رئيس الجامعة وخصوصا هذه السياسة المعتمدة في لبنان، منذ عشر سنوات هناك عمداء للجامعة بدون مراسيم أي إنّ الجامعة بلا مجلس، ويقال لرئيس الجامعة ادر الجامعة وتحمل المسؤولية وللمتفرغين اذهبوا الى الجامعات الخاصة، وكذلك للممنوحين في الجامعة».
السيد حسين وخلال ندوة عن «الربط بين البحث العلمي والجامعة والمجتمع» في كلية العلوام في الحدث»، قال: «ليعلم القاصي والداني: بموجب احصاءات دقيقة، ان الجامعة اللبنانية منذ 40 سنة اعطت كل جامعات لبنان افضل وارقى واعرق الاساتذة ولولاها لما تطورت كل هذه الجامعات بما فيها الجامعات التي نشأت منذ قرن ومنذ قرن ونصف قرن، وعندما نطالب اليوم باستقلالية الجامعة وتأكيد قراراتها وعدم اغراق الجامعة بمشكلات السياسة والنظام السياسي، ليس هربا الى جزيرة معزولة، كما يقال لنا احيانا، بل من اجل لبنان»، مشيراً الى ان «كل الدول التي حوصرت في الحروب اقتصاديا او عسكريا، او ماليا، لم تخضع البحث العلمي للحصار المالي الاقتصادي، وعلى الرغم من ذلك، تنهض اليوم جامعتنا بجودة التعليم والبحث العلمي في مختلف درجاته وتفتح على أعرق الجامعات في العالم».
بتوقيت بيروت