................................جريدة السفير................................
قلة من النواب استفاقت من صدمة الجلسة التشريعية. وحدهم أصحاب الريوع شربوا نخب نجاحهم في الإبقاء على الوضع القائم منذ العام 1992.
من خرج من المجلس، أمس الأول، اعتبر أن «السلسلة» طارت، ومن نزل إلى الشارع، أمس، رفض الاستسلام لهذا المصير مهدداً بعدم السكوت عن الحق. بينهما صارت الهوة كبيرة وهي مرشحة للاتساع أكثر، خاصة في ظل التوقعات بأن لا تصل اللجنة التي شكلت لإعادة درس المشروع إلى بر الأمان الذي ينتظره الموظفون. ذلك يعني أن «السلسلة» تحوّلت إلى كرة نار سيتحكم الشارع باتجاهها.
أسبوعان هما المهلة التي طُلبت لإنجاز اللجنة مهمتها. مهلة يعرف من طلبها أنها لن تكون كافية لإنجاز المشروع، إلا أنها ستكون أكثر من كافية للقضاء عليه وتضييعه في زحمة الانتخابات الرئاسية. وهو ما يفتح الباب أمام سؤال مشروع: ماذا يريد الرئيس فؤاد السنيورة من «السلسلة»؟ سريعاً تأتي الإجابة من أكثر من نائب: عينه على التعديلات التي أُقرت على المنظومة الضريبية. هو نفسه تحدث في كواليس المجلس عن خفة في الضرائب الموضوعة وعن عدم قدرة على رفع الرسوم الجمركية لارتباط لبنان مع دول أخرى باتفاقات جمركية.
إذاً أول أهداف اللجنة سيكون الانقلاب على الهيكلية الضريبية التي أُقرت، والتي
وُصفت بالعادلة، لأنها تطال بـ29 بالمئة منها كل الناس، وبـ71 بالمئة منها الطبقات
الميسورة، كما قال النائب علي فياض في الجلسة.
هذا بيت القصيد بالنسبة للسنيورة. لو كانت الحسبة مقلوبة لما تردد للحظة بالسير
بها. أسهل الطرق التي يراها مناسبة لسد العجز هي زيادة الضريبة على القيمة المضافة
إلى 12 بالمئة. أما الحديث عن زيادة الضرائب على المصارف، فهذا يستدعي التحذير من
تأثيره على أسعار الفوائد وسعر العملة والتضخم.
لم يُعرف قبلاً أن «التيار الوطني الحر» يتبنى هذه السياسة الاقتصادية، التي كان السنيورة إحدى دعائمها. على العكس، بنى «التيار» مشروعه على مواجهة هذه السياسة، التي أوصلت البلد إلى ما أسماه بالإرث الثقيل. في السياق نفسه، بدا مفهوماً كيف تحول «التيار» إلى الأب الشرعي لـ«السلسلة»، إن كان في الحكومة التي أقرته وكان له فيها عشرة وزراء، أو في اللجنة الفرعية التي ترأسها النائب ابراهيم كنعان، أو في اللجان المشتركة التي ترأس كنعان معظم جلساتها.
كل ذلك هوى في لحظات. تضافرت جهود الطغمة المالية مع الطغمة الطائفية لتضرب المشروع في أساساته، مستفيدة من الأحلام الرئاسية العونية.
وبقدر ما كانت «السلسلة» تعبّر عن عودة بعض الحق إلى أصحابه، فقد شكلت فرصة لكل
اللبنانيين، ولا سيما منهم الفقراء وذوي الدخل المحدود، بأن لا يكونوا هم وحدهم
وقود الضرائب. في الجلسة التشريعية، ثمة من عمل بكل ما أوتي من قدرة لإسقاط هذه
الفرصة.. للقول إن في البلد متاريس مالية لم يحن موعد اختراقها بعد. قبل ذلك، كانت
بشائر الانقلاب قد تظهّرت في اللجان المشتركة، فلم يتردد النائب انطوان زهرا، على
سبيل المثال، في اعتبار الضريبة على الأملاك البحرية بمثابة استهداف طائفي للمؤسسات
السياحية التي يملك معظمها مسيحيون.
أمس لم يكن بعض نواب «التيار الوطني الحر» بعيدين عن هذا السياق، حيث سوّقوا لضغوط
تعرّضوا لها من المؤسسات السياسية ومن المدارس الكاثوليكية.
قبل ذلك، كان أصحاب المصارف يعتمدون الخطاب نفسه، فلم يترددوا على سبيل المثال، في
تقديم أنفسهم كمصارف مسيحية وسنية وشيعية، بحسب كل ظرف!
ضاعت حقوق الناس أمام حقوق الطوائف. ولم يتوهّم أحد أن اللجنة ستحقق ما وعدت به.
الأسبوع الأول من المهلة سيضيع في عطلة عيد الفصح. الاتصالات التي سجلت أمس بين عدد
من أعضائها، أثمرت اتفاقاً أولياً بانعقاد جلستها الأولى يوم الثلاثاء المقبل، أي
قبل يوم واحد من الموعد الذي حدده رئيس المجلس لانعقاد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس
جمهورية.
في التاسع والعشرين من الشهر الجاري تنتهي المهلة التي طُلبت للانتهاء من إعادة دراسة المشروع. العونيون لا يزالون يعتقدون أن إقرار «السلسلة» ممكن. وعلى هذا الأساس، فقد بدأوا التحضير لاجتماعات اللجنة، علماً أن النائب ابراهيم كنعان قد حزم أمتعته أمس وبكّر في عطلة عيد الفصح.
يجزم عضو اللجنة ألان عون رداً على سؤال لـ«السفير» أن «التيار» جدي في السعي لإنهاء الموضوع خلال أسبوعين، والرجوع إلى الهيئة العامة بما اتفق عليه.
يقول إن ذلك ممكن، ما دام بري قد أعلن أنه يستطيع التشريع حتى 15 أيار. هذا لا يعني أن الضبابية قد أزيحت من فوق اللجنة. فلا منهجية واضحة لعملها، حتى بالنسبة لوزارة المالية، التي لم تتبلغ شيئاً. يقول الوزير علي حسن خليل لـ«السفير» إن «القصة صارت تتعلق بقرارات وتوجهات سياسية أكثر من أي أمر آخر»، مستبعداً البحث في موضوع الأرقام «التي صارت واضحة بالكلفة والتقديرات».
بعكس خليل، يقول العونيون، كما المستقبليون، إن المشروع سُلق سلقاً في اللجان المشتركة، لذلك فهو لم يكن جاهزاً للعرض على الهيئة العامة، إلا أن الإصرار على الانتهاء منه، فرض تأجيل البت بعدة أمور، منها: الضريبة على القيمة المضافة، الترشيق، الأملاك البحرية والمتعاقدون..
ثمة من يسأل عن الأمور التي اتُّفق عليها. يذكّر «المستقبل» بموقفهم أثناء النقاش، وإصرارهم على الحاجة للتوافق، رفضاً لأن يتحمل أي طرف هذا الموضوع وحده. ويضيف: ما الذي حصل ليقرر هؤلاء إطاحة التوافق والسير بمشروع اللجنة من دون أخذ هذا التوافق بعين الاعتبار.
أكثر من ذلك، فقد بدا تشكيل اللجنة تحدياً واضحاً لكل من «حزب الله» و«أمل» اللذين تحفظا على المشاركة فيها. هؤلاء بدأوا بالرد: الرئيس نبيه بري دعا إلى جلسة انتخاب الرئيس، التي ستكشف الفارق بين المواقف الداعية لعقد الجلسة اليوم قبل الغد والأفعال التي ستظهر نتائجها بعد الجلسة الأولى مباشرة، والنائب هاني قبيسي أعاد تحريك الدعوى التي أقامها ضد رئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل، بجرم القدح والذم.
ايلي الفرزلي
امتصت «هيئة التنسيق النقابية» الصدمة التي تلقتها لجهة التصويت في جلسة مجلس النواب، بالأكثرية على اقتراح تأجيل البحث بالسلسلة مدة 15 يوماً وتشكيل لجنة نيابية لبحثها، وأعادت توحيد صفوفها، في شكل متين وصلب، إثر المحاولات التي جرت لشق الوحدة النقابية، على الرغم من الهجمة الشرسة على الهيئة من قبل الهيئات الاقتصادية و«اتحاد المؤسسات التربوية»، وردت عليها بتنفيذ مجموعة من الاعتصامات في بيروت والمناطق، دفاعاً عن الأساتذة والمعلمين والموظفين، والمطالبة بسلسلة رتب ورواتب عادلة وغير مجزأة، ومن دون تقسيط، وبنسبة 121 في المئة أسوةً بالقضاة وأساتذة «الجامعة اللبنانية»، وتلويح باتخاذ خطوات تصعيدية، وأهمها الإضراب والتظاهر في 29 الجاري، في حال عدم توصل اللجنة النيابية الجديدة الى إقرار الحقوق.
وتؤكد مصادر نقابية، أن هيئة التنسيق ربحت هذه المعركة، بوحدتها وصلابة موقفها، وأثبتت أنها عصية على الاحتواء، وبعيدة كل البعد عن الانقسامات السياسية والمناطقية والطائفية، بفعل تمسكها باستقلاليتها، وفرض جدول أعمالها على المسؤولين، لأنها أعادت الإضاءة على معاناة الناس الفقراء ووجعهم وآلامهم في الحياة الوطنية والسياسية في البلاد، بعدما حاولت الهيئات الاقتصادية قلب المعادلة لمصلحتها من خلال التهويل بعظائم الأمور.
وعلمت «السفير» أن خطة سير التظاهرة في 29 الجاري، ستكون من أمام «مصرف لبنان»،
رداً على مواقف الحاكم رياض سلامة، على أن تتابع سيرها في اتجاه
«غرفة
التجارة والصناعة» في الصنائع، ومن ثم باتجاه شارع المصارف، للرد على موقف «جمعية
المصارف»، وصولا إلى ساحة رياض الصلح، حيث تلقى هناك كلمات لأعضاء الهيئة، والإعلان
عن برنامج جديد للتصعيد، وأهمها مقاطعة الامتحانات الرسمية.
وقد وضعت الهيئة وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، عصر أمس، في أجواء خطة
الهيئة التصعيدية، ليتحمل مسؤوليته، ونقل موقف الهيئة إلى من يعنيه الأمر، وخصوصا
اللجنة النيابية الجديدة.
تفنيد الأرقام
فنّدت هيئة التنسيق بالأرقام «الهجمة على السلسلة والتهويل عليها»، في مؤتمر صحافي
عقدته بعد الظهر في ساحة رياض الصلح، في ختام مجموعة من الاعتصامات عمّت مختلف
المحافظات اللبنانية. وثمّن رئيس «رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي» حنا غريب
باسم الهيئة في المؤتمر مواقف النواب الذين وقفوا ضد ترحيل السلسلة إلى لجنة مصغرة.
وقال: «لو أن السجال الذي حصل في مجلس النواب، يستند الى المنطق لكان الرد على
الحجة بالحجة..». وتابع: «إن ما يجب أن يعرفه اللبنانيون هو أن التخويف بانهيار
الليرة إذا أقرّت السلسلة كاملة، هو نوع من التهديد بارتكاب جريمة، وواجب النيابات
العامة أن تتحرك للتحقيق بمضمون تصريحات المصرفيين وأركان الهيئات الاقتصادية وبعض
الوزراء والنواب. فهناك من هدد الناس بوضوح أنه ينوي تكرار جريمة الانهيار النقدي
المفتعل في عام 1992».
وسأل: «هل يستطيع حاكم مصرف لبنان أن يجيب عن الهدف من وجود أكثر من 48 مليار دولار
لدى مصرف لبنان كموجودات بالعملات الأجنبية والذهب؟ ما هي الوظيفة التي تؤديها هذه
الموجودات ما لم تكن لمعاقبة كل من تسوّل له نفسه التلاعب بالنقد والمضاربة على
الليرة؟».
واعتبر ادعاء المصارف عدم قدرتها على زيادة الاقتطاعات الضريبية من أرباحها، ادعاءً
باطلاً. وقال: «حققت المصارف في العام الماضي وحده أكثر من
2300
مليون دولار من الأرباح، تم تهريب نحو 300 مليون دولار منها كمصاريف شخصية ومخصصات
لأصحاب البنوك ومديريها، وتم التصريح عن 2000 مليون دولار لدوائر الضريبة، التي
اقتطعت منها نحو 300 مليون دولار كضرائب فقط، ليبقى للمصارف نحو 1700 مليون دولار
أرباحا صافية».
وأكد أن هذا ما يحصل كل سنة منذ العام 1993، وهذا ما سمح للمصارف بنفخ أموالها
الخاصة من نحو 140 مليون دولار فقط في نهاية عام 1992 الى نحو
14800
مليون دولار الآن.
وأوضح غريب أن ما طرحته وزارة المال من أجل زيادة الضريبة على المصارف لا يعد إلا
تصحيحاً بسيطاً يؤدي الى تقليص أرباح المصارف بنحو 250 مليون دولار فقط لا غير. أين
الكارثة بذلك؟
وأشار إلى أن تهديد المودعين والمقترضين لدى المصارف بتحميلهم عبء زيادة الاقتطاعات
الضريبية من أرباح المصارف، أمر ينطوي أيضاً على تهديد بارتكاب جريمة يعاقب عليها
القانون. وقال: «تقدر تسليفات المصارف لزبائنها بحسب جمعية المصارف بنحو 53 مليار
دولار، 56% منها تعود الى عدد قليل جداً من الشركات الكبيرة، في حين أن 14 مليار
دولار منها، أي ربع التسليفات للقطاع الخاص، فهي تسليفات مدعومة فوائدها بالمال
العام، عبر الموازنة العامة أو على حساب خسائر مصرف لبنان. وتفيد جمعية المصارف
أنها تحقق فائدة على هذه التسليفات بنسبة 7.39% وسطيا، وهو هامش ربح مرتفع قياسا
الى متوسط الفائدة الذي تسدده المصارف للمودعين ويبلغ 5%».
تابع: «إن مصرف لبنان يدعم أرباح المصارف من خلال شهادات الإيداع بفائدة تتجاوز 9%،
وتوظف المصارف في هذه الشهادات الآن نحو 23 مليار دولار من ودائعها، وتكسب من ذلك
ما لا يقل عن 2000 مليون دولار من الأرباح على حساب المال العام، فضلا عن أنها توظف
ما يصل الى 38 مليار دولار في سندات الخزينة التي تصدرها وزارة المال، وهي تكسب من
وراء ذلك نحو 2500 مليون دولار من الموازنة العامة، أي من أموال الضرائب. فضلا عن
أنها تضع نحو 55 مليار دولار كودائع لدى البنك المركزي وتتقاضى عليها فوائد ولا
تسدد أي ضريبة».
وأكد أن «هذا يعني باختصار أن المصارف تجني فوائد على مجمل توظيفاتها تقدر بنحو 10
مليارات دولار، تسدد منها فوائد لمودعيها بقيمة 7 مليارات دولار، وتكسب لها بهذه
العملية نحو 3 مليارات دولار، تصرح عن ملياري دولار منها، وتهرب نحو مليار دولار من
الأرباح من الضريبة عبر أشكال مختلفة من التحايل المشرع وغير المشرع».
وبالنسبة إلى أرباح المضاربات العقارية المعفية من أي ضريبة، قال غريب:
«بحسب
الدوائر العقارية لدى وزارة المال، بلغت قيمة المبيعات العقارية في العام الماضي،
نحو 8700 مليون دولار. إن هامش الربح في تجارة العقارات لا يقل عن 100%، أي أن
الأرباح التي حققها المضاربون على أسعار العقارات بلغت في عام واحد نحو 4 مليارات
دولار. علما أن الجميع يعرف أن عمليات بيع العقارات لا تسجل كلها لدى الدوائر
العقارية، ما يسمح بتقدير حجم المبيعات الفعلي بأكثر من 11 مليار دولار، والأرباح
المحققة بأكثر من 5 مليارات دولار».
وسأل: «هل يستطيع أحد من المهولين أن يصارح اللبنانيين أين الكارثة إذا سدد هؤلاء ضرائب على أرباحهم كسائر الشركات والأجراء؟».
وقال: «إن ريوع الاحتكارات التجارية قدرها البنك الدولي في عام 2006 بنحو 16% من مجمل الناتج المحلي، أي أن المحتكرين يجنون أرباحاً سنوية لا تقل عن 7200 مليون دولار، وهؤلاء لا يسددون إلا ضرائب هزيلة ويتهربون من تسديد ما يتوجب عليهم. ولا تقتصر الفاجعة في القطاع التجاري على هذا الجانب المظلم، بل ان مجلس الوزراء كان قد أقرّ في العام الماضي بأن التهريب عبر المرافئ والمطار والمعابر الحدودية يفوّت على الخزينة إيرادات ضريبية لا تقل قيمتها على 1400 مليون دولار. فعلى ماذا يتباكون؟».
ولفت إلى أن «أصحاب الرساميل وحاشية الزعماء احتلوا أكثر من 10 ملايين متر مربع من الأملاك العامة البحرية، تقدر قيمتها السوقية بأكثر من 25 مليار دولار. إن ما أقرّته اللجان النيابية المشتركة لجهة فرض الغرامات بمفعول رجعي لمدة 5 سنوات فقط، هو بمثابة عملية سطو على حقوق اللبنانيين».
وختم غريب: «لذلك، نعلن أن المعركة مفتوحة، وهي لا تخص هيئة التنسيق وحدها، بل تخص كل المواطنين الفقراء الذين تطالهم الضرائب، وندعو الى الاستعداد للتصعيد إضراباً واعتصاماً وتظاهراً، ومقاطعة الامتحانات الرسمية، والخروج الى الشارع من أجل إقرار الحقوق في السلسلة 121%».
عند بو صعب
بعد الظهر زار وفد من الهيئة وزير التربية الياس بو صعب وبحث معه في موضوع السلسلة بعد تأجيل بتها لمدة 15 يوماً. وأمل بو صعب أن «يتم حل موضوع السلسلة خلال الأسبوعين المقبلين، وإلا هناك خطر على العام الدراسي وعلى الامتحانات الرسمية».
وأعرب عن أسفه لأنه «كان هناك وقت طويل لدراسة أرقام السلسلة»، موضحا أن «هذه الدراسة العميقة كان يجب أن تتم منذ زمن»، وأكد «أحقية مطالب هيئة التنسيق»، موضحا أن «موضوع المفعول الرجعي قيد الدرس»، وأضاف: «يجب أن نأخذ في الاعتبار المدارس الخاصة، فنحن لا يمكننا إقفال مدارس لا يمكنها أن تدفع الزيادة، ويجب مراعاة ظروف الأساتذة والأهل».
وأعلن غريب أن «الهيئة أطلعت الوزير أنها حددت يوم 29 نيسان الحالي يوم إضراب وتظاهرة كبيرة، الشعب كله مدعو لها إذا لم تقر السلسلة». وأمل نقيب «المعلمين في المدارس الخاصة» نعمة محفوض «أن تقر المطالب وألا نصل إلى مقاطعة الامتحانات».
اعتصامات
نفذت هيئة التنسيق اعتصاماً قبل ظهر أمس، أمام وزارة التربية - الاونيسكو، شارك فيه
النائبان قاسم هاشم ومروان فارس، وألقيت كلمات لكل من: عدنان برجي باسم «رابطة
التعليم الأساسي»، نزيه جباوي باسم «رابطة التعليم الثانوي»، سلام يونس باسم «رابطة
الموظفين»، انطوان مدور باسم «نقابة المعلمين»، وفادي جوني باسم «رابطة أساتذة
التعليم المهني» أكدت استمرار التحرك بعد عيد الفصح.
انعكست وقائع الإضراب والاعتصام والمسيرة التي قادها أساتذة التعليم الخاص من مقر نقابتهم في عاصمة الجنوب صيدا («السفير») الى باحة سرايا صيدا الحكومية شللا في قطاعات المدينة المختلفة وتعطيلا للحياة اليومية فيها.
وأكد الأمين العام لـ«نقابة معلمي المدارس الخاصة» وليد جرادي أن «النقابة حريصة على الطلاب وعلى ذويهم وعلى المؤسسات التربوية حرصها على مطالبها وحقوقها، ونتخوف من فصل التشريع بين القطاعين الرسمي والخاص ونحذر من ضرب هيئة التنسيق المعقل الوحيد والأخير للنضال النقابي».
ودعا الأمين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد إلى وحدة الموقف بين جميع المتضررين من سلطة حيتان المال، وإلى تقديم كل الدعم لتحرك هيئة التنسيق. ونفت هيئة التنسيق أمام سرايا طرابلس («السفير») اعتصاماً شارك فيه ممثلو القطاعات التربوية والإدارية والموظفون في القطاع العام، ومديرو وأفراد الهيئة التعليمية في مدارس خاصة. وألقيت كلمات رفضت التسويف والمماطلة في إقرار السلسلة.
«الهيئات الاقتصاديّة»: لإدخال تعديلات على «السلسلة»
نوّهت «الهيئات الاقتصاديّة»، في بيان، بـ «المواقف المتزنة التي صدرت عن رؤساء الكتل النيابيّة والنوّاب في اجتماع الهيئة العامة للمجلس النيابي أمس الاول، والذي جرى تخصيصه لمناقشة مشروع سلسلة الرتب والرواتب المحال من اللجان النيابية المشتركة. وثمّنت الدور الذي لعبه رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في إدارة الجلسات داخل المجلس، والتي أبرزت حرصا على الواقع الاقتصادي جرّاء التداعيات المحتملة التي قد تنجم عن إقرار سلسلة الرتب والرواتب في ظل الصيغة الحاليّة للمشروع».
ودعت «الهيئات» اللجنة النيابية الموكلة إعادة درس مشروع السلسلة، الى «الأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنيّة والهواجس والتحذيرات الصادرة عن أهم المراجع الماليّة سواء حاكم مصرف لبنان المركزي أو صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والخروج بتعديلات جوهريّة، من شأنها أن تحافظ على التماسك المالي للدولة في ظل التدهور المستمر على مستوى الماليّة العامة مع تزايد معدّل الدين العام، وأن تلحظ في المقابل حقوق العمّال المكتسبة بما لا يؤدي إلى تآكل الزيادة المرتقبة».
واعتبرت «الهيئات» أنّه «في موازاة إصرار بعض القوى السياسيّة على إقرار السلسلة بأي ثمن، لا بدّ بالتوازي من تنفيذ خطّة إصلاحيّة جوهريّة شاملة داخل الإدارات والمؤسسات والمرافق العامة، وهو ما لا يلحظه مشروع سلسلة الرتب والرواتب في صيغته الراهنة، الأمر الذي من شأنه أن يبقي حالة الترهّل التي تعيشها مؤسسات الدولة على حالها، ما سوف يزيد العجز المالي للدولة».
عماد الزغبي
بعد عام على توقيع الشرعة الوطنية للتربية على العيش معاً في 15 آذار 2013، أطلق «منهج التربيّة على المواطنة الحاضنة للتنوّع الديني»، أمس، في وزارة التربية والتعليم العالي، الأونيسكو. ويُشكّل المنهج، محطة في تطوير المقاربة التربويّة لمسألة المواطنة والتعدّديّة والعيش معاً في لبنان، في مواكبة خطة تطوير البرامج في «المركز التربوي للبحوث والإنماء»، ونافذة أمل نحو لبنان المستقبل المتصالح مع تاريخه والجامع لأبنائه كافة. ويأتي ذلك ضمن مشروع «مؤسّسة أديان» عن «التربية على المواطنة الحاضنة للتنوّع الديني»، الذي تنفذه بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم العالي والمركز التربوي، بتمويل من الحكومة البريطانيّة. يستند المنهج التربوي على المفهوم الجديد للتربية على المواطنة الحاضنة للتنوع، والذي شكل وضعه مع المعايير والمؤشرات المرتبطة به المحطة الأولى من هذا المشروع، والتي تمت على أساسها مراجعة الكتب المدرسية الخاصة بمواد التربية الوطنية والتنشئة المدنية، والعلوم الاجتماعية والفلسفة والحضارات.
وفي سياق الخطوات المقبلة للمشروع، سوف يتم إدخال عناصر هذا المنهج في البرامج التدريبية للمعلمين والبرامج التربوية، ووضعها في متناول المدرسين والتلامذة، على أن تكون مادة الفلسفة والحضارات أول الكتب المدرسية المعدلة. وتستند استراتيجية المشروع المتبعة الى استهداف السياسات المؤسساتية والبنى العامة، سعياً إلى ضمان استدامة نتائج المشروع، والشراكة المتينة مع الجهات المعنية من مؤسسات تربوية رسمية وخاصة، وخبراء وتربويين ومؤسسات مجتمع مدني، ومقاربة شاملة للعملية التربوية تعمل على المناهج والكتب والمواد التربوية وتتوجه إلى التلميذ والهيئات التعليمية والإدارية والأهل.
افتتح حفل إطلاق منهج التربية بكلمة لمنسقة المشروع هدى بركات مشيرة إلى أنه تم وضع
الأهداف العامّة للمنهج، تبعتها الكفايات المتدرّجة على السنوات الدراسيّة والتي
تمّ على أساسها تطوير الأهداف التعلّميّة والأهداف الخاصّة. ثمّ كانت مرحلة تطوير
المضامين والأنشطة المناسبة والتي تشكّل مرجعاً لمؤلّفي الكتب المدرسيّة في إدراج
مفاهيم المنهج في الكتب المدرسيّة. وأكدت أن هذا المنهج يعتبر مرجعًا لعمليّة تطوير
البرامج في ما يخصّ مسألة التربية على الموطنة والتنوّع والعيش معًا، جاعلاً من
المواطنة الإطار الجامع للتنوّع الثقافي والديني المكوّن للنسيج اللبناني.
وبعد عرض فيلم وثائقي عن مشروع «التربية على المواطنة الحاضنة للتنوع الديني»،
وآراء تلامذة وطلاب بعد تجربة عاشوها مع الآخر، قال رئيس مؤسسة
«أديان»
الأب فادي ضو، إن ما نطمح إليه هو تكوين المواطن. وهذا ما يعبّر عنه المشروع، في
محطّاته المتتالية في طريق تطوير هذه المقاربة التربويّة الجريئة في مواجهة
التحدّيات، والمتشبثّة بالرؤية الميثاقيّة للوطن وبالثقة بأجياله الصاعدة، وتقديم
الأسس المفاهيميّة والموارد التطبيقيّة لتحقيقها.
بعد ذلك، وقع على منهج التربية كل من المدير العام للتربية فادي يرق ممثلا وزير
التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، رئيسة المركز التربوي الدكتورة ليلى فياض،
والأب ضو. وأشارت فياض إلى أن المنهج يأتي في مرحلة يقوم بها المركز التربوي بورشة
إعادة النظر بالمناهج والكتب المدرسيّة، فيستفاد من هذا الانجاز الجبّار، لتدمج
موارده في كلّ من كتب التربية الوطنيّة والتنشئة المدنيّة والفلسفة والحضارات
والتاريخ والاجتماع.
واعتبر السفير البريطاني طوم فليتشر أن أهم ما في المشروع أنه سيصبح منهجاً تعتمده
دول المنطقة، لأنه بعيد عن الطوائف والخلافات بين القوى السياسية في لبنان، وكونه
يمثل تجارب ناس تحارب من أجل وجودها.
واختتم الحفل بكلمة لوزير التربية ألقاها يرق، رأى فيها أن المناهج التربوية التي
تعتبر مكوناً أساسياً من سيادة الدولة على أبنائها لأنها وسيلة تكوينهم فكرياً
ووطنياً وعلمياً وتربوياً، هي الوعاء الذي يحتضن جميع أبنائنا، وقد تم وضعها
بالشراكة بين المركز التربوي والمؤسسات التربوية بالتعاون مع المجتمع المدني والقوى
الحية في المجتمع، وإن هذه المقاربة في فهم المواطنة، وفي بناء السياسات التربوية
تغني المناهج وتعزز السياسات، على اعتبار أن الله يحب التنوع في الوحدة الكونية
الشاملة. وأكد إن لبنان الرسالة يقوى ويستمر في احتضان التنوع الديني والروحي
والثقافي، وإذا فشلنا في صون هذا التنوع تهتز ركائز الوطن، وهذا ما نرفضه.
لم تنتهِ معركة سلسلة الرتب والرواتب بعد، ولا «هيئة التنسيق النقابيّة» تفتّتت.
لكن، دلّت الأحداث على أنّه لا يمكن تحقيق مطالب اجتماعية والعمل لإصلاح اجتماعي وسياسي وإداري، بأدوات نقابيّة للقوى السياسيّة والمذهبيّة تأثير فيها.
وبالرغم من الحسّ النقابي والمصالح الاجتماعيّة لمكوّنات الهيئة، لم تفلح في تحقيق
استقلاليّتها عن القوى السياسية. ولم تفلح في إبراز وبلورة التناقض بين مصالح
المكوّنات ومصالح القوى السياسيّة المذهبيّة وأجنداتها.
وبالكاد ارتفع صوت التناقض هذا في الغرف المغلقة للقوى السياسيّة. واحتمال أن ينفجر
ذاك التناقض في هيئة التنسيق أقوى من احتمال تبلوره داخل أطر القوى السياسيّة. ولعل
تأخر حصول ذلك يعود لكون الهيئة ائتلافاً، ومرّة يكون التناقض في هذا التيّار،
ومرّة في تلك الحركة، ومرّات في ما بين القوى. ولا يمكن لجهة سياسيّة أن تخرج من
الهيئة وتتركها للآخرين.
إذاً، بالرغم من أن الهيئة «أفضل» ما يمكن أن تنتجه الحياة السياسيّة والنقابيّة
اليوم، فالمشكلة فيها أيضاً. فإضافة إلى أن طرحها يواجه انقساماً لدى المواطنين
والسياسيين والاقتصاديين، فإن فئاتها غير شعبيّة ولدى المواطنين مآخذ تاريخية على
سلوكها الوظيفي، ما يزيد على تكبّلها تعثراً.
لعل أهم ما تطرحه تجربة هيئة التنسيق هو التناقض بين العمل النقابي والبعد الاجتماعي من جهة، والسياسة المذهبيّة من جهة أخرى. وعلى النقابي والمواطن أن يختارا بينهما. فالجمع بينهما ليس تبييضاً للفساد فحسب، وإنّما هو خطف للعمل النقابي لمصلحة السياسة واستغلاله في بازارها.
حسان الزين
أطلق المدربون العاملون في «الجامعة اللبنانية» صرخة «للمطالبة بإصدار عقود المدربين رسمياً في مجلس الوزراء، وهو الملف الأوحد المغيب باستمرار عن جلساتها، وعلى مر الحكومات المتعاقبة»، من أمام وزارة التربية والتعليم العالي ـ الأونيسكو. وأوضحوا في بيان: «إن هذا الوضع مضى عليه نحو عشر سنوات، وما زال المدرب يتقاضى تعويضاته مرة في نهاية كل سنة، غير أن هذه المدة تطول في مجمل الأحيان أكثر من سنة، في الوقت الذي يجب أن نتقاضى فيه كمدربين، راتباً شهرياً، وبدل نقل، وضماناً اجتماعياً، وهذه أدنى حقوقنا، إذ نطبق واجباتنا كأي موظف في الجامعة».
وأكدوا المضي في التحرك لتحقيق المطالب من دون أي تنازل، وطالبوا رئاسة الجامعة ووزير التربية ومجلس الوزراء على حد سواء بـ«بذل الجهود لإحقاق مطالبنا»، قائلين: «أصبحنا كمدربين ركناً أساسياً في الجامعة اللبنانية، وجزءاً لا يتجزأ منها. ونلفت الى ضرورة انخراطنا كمدربين في عقود رسمية في الجامعة، خاصة إنها بحاجة لنا، ومراكزها تشغر يوماً بعد يوم، بفعل بلوغ معظم الموظفين لديها السن القانونية».
وحاول المعتصمون لقاء وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، لتسليمه شخصياً مذكرة مطلبية، إلا أنهم لم يوفقوا، بسبب مشاركة الوزير في جلسة مجلس الوزراء. وفي المذكرة مطالبة بإصدار عقود المصالحة لتصبح عقوداً رسمية، لإدراجها بنداً على جدول أعمال مجلس الوزراء. وتشرح المذكرة معاناة المدربين المتعاقدين بعقود مصالحة، مع الجامعة (أقله منذ عامين)، والتي تعمل بدوام كامل بموجب مشروع عقد كان يفترض أن يمنحهم الحق بالانتساب للضمان الصحي والاجتماعي، وبدل النقل، وبتقاضي مستحقاتهم السنوية مقسمة على 11 شهراً في شكل راتب شهري كبقية المدربين المتعاقدين بعقود تجدد سنوياً.
................................جريدة الأخبار................................
شحن تأجيل إقرار سلسلة الرتب والرواتب الكثير من المعلمين والموظفين ضد كتل أحزابهم السياسية. إلا أن قيادة هيئة التنسيق النقابية لم تسارع إلى تلقف «الصدمة» وتحويلها إلى حركة نشطة لتعبئة القواعد وتحضيرها لاستكمال الصراع، وتجاوز الاصطفاف السياسي.
فاتن الحاج
ترحيل سلسلة الرواتب فتح فرصة استثنائية أمام هيئة التنسيق النقابية لاستكمال معركتها بعدما كانت مهددة بخسارتها في مجلس النواب، فقررت الإضراب وتنظيم تظاهرة حاشدة في 29 الشهر الجاري من مصرف لبنان إلى جمعية المصارف، وصولاً إلى مجلس النواب. وهذا ما دفع رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، إلى دعوة جميع الفئات المتضررة للمشاركة في هذاه التظاهرة والانخراط في المعركة من أجل عدالة النظام الضريبي.
قال غريب في المؤتمر الصحافي الذي عقدته الهيئة أمس في ساحة رياض الصلح إن «الناس يجب أن يكونوا مستعدين للتصعيد إضراباً واعتصاماً وتظاهراً، لفرض تغيير النظام الضريبي وجعله أكثر عدالة تماماً كما من أجل إقرار الحقوق في السلسلة وإلغاء البنود التي تطاول المكتسبات». اللافت أن غريب رأى أن الهيئة ربحت هذه الجولة من المعركة بعدما تمكنت من إعادة معاناة الناس إلى الحياة الوطنية والسياسية، إلا أن أجواء القاعدة النقابية لم تكن على التشخيص نفسه، بل إن هناك شعوراً بالخسارة لا الربح، وبدا مستغرباً أيضاً أن الهيئة علقت تحركاتها حتى 29 الجاري بحجة عطلة الأعياد، علماً بأنها اشترطت في لقائها مع وزير التربية إلياس بو صعب أن تكون شريكة في الحوار داخل اللجنة النيابية الوزارية تجنباً لتكرار المأساة.
الوزير بو صعب برر موقف تكتل التيار الوطني الحر المحسوب عليه بأنّه أراد التريث لعدم إخراج سلسلة مشوهة من جهة، كذلك فإن الجو العام كان يتجه إلى التأجيل والنواب الخمسة للتيار لن يقدموا ولن يؤخروا؟! استشار الوزير وفد الهيئة بشأن مشاركته في اللجنة، علماً بأنّ دوره هنا استشاري لا تقريري. الأهم أنه طمأن إلى أن الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 23 الجاري لا تلغي إمكان الدعوة إلى جلسة تشريعية حتى 15 أيار.
الانقسام السياسي حول قرار التأجيل لم ينعكس حتى الآن على شارع هيئة التنسيق. التزام الإضراب في التعليم الرسمي والإدارات العامة كان معقولاً، إذا ما استُثنيت التهديدات التي تعرض لها بعض الموظفين من قبل الوزراء، ولا سيما في وزارة الصحة.
ممثلو القوى النقابية الحزبية المعارضة والمؤيدة لتأجيل بتّ السلسلة شاركوا في الاعتصام، مستعيدين مشهد يوميات إضراب الـ 33 يوماً في بيروت والمحافظات. فالقرار مدّ أصحاب السلسلة بشحنات جديدة من التصميم على انتزاع حقوقهم من جيوب «التجار وحيتان المال». تحدثوا بلغة واحدة بلا حرج من مواقف الكتل النيابية للأحزاب التي ينتمون إليها، وإن كان البعض قد أظهر تفهماً لها. كانت الأستاذة في التعليم الثانوي الرسمي غادة الزعتري (تيار المستقبل) تتوقع مثل هذا القرار «الذي أتى يترجم حسابات السياسيين الانتخابية في رئاسة الجمهورية ومجلس النواب لا حقوق قواعدهم».
تقول: «يمكن أن يفكروا أنهم ما زالوا قادرين على أن يسوقونا كالغنم. لا، زمن الأول تحوّل. لم أفاجأ بكتلة المستقبل ولا بغيرها. كلهم تكتلوا ضدنا. هناك طرف ظهر بمظهر البطل أكثر من طرف آخر». تضيف: «أنا شخصياً لن أستقيل من عملي النقابي ولا من مهماتي الحزبية، سأكون لهم بالمرصاد وسأحاربهم من الداخل، فقد لمسنا لمس اليد أن النواب هم ممثلو الهيئات الاقتصادية لا ممثلو الشعب».
الأستاذ في التعليم الأساسي الرسمي منصور العنز (الحزب التقدمي الاشتراكي) لم يشعر بأي نقمة تجاه حزبه، مشيراً إلى أنّه يشارك في تحركات هيئة التنسيق النقابية «لأنني أريد حقوقي كنقابي، وهني يشتغلوا سياسة يصطفلوا».
أما الأستاذ في التعليم الأساسي يوسف نصر الله (حزب القوات اللبنانية) فبدا ناقماً «وسيكون لنا نحن الأساتذة موقف نتركه للأيام بعدما نسمع المبررات التي دفعت كتلتنا النيابية إلى تبني هذا الموقف المعارض لحقوقنا».
وفي ردّ الفعل الأول على قرار التأجيل، رأى عضو المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين مجيد العيلي (حزب الكتائب) أنّ الصورة التي أشيعت، أنّ من صوّت مع التأجيل صوّت ضد حقوق الناس ليست دقيقة لكون «الأحزاب ضنينة بمصلحة محازبيها». لكن العيلي لم يغفل القول إنّ «الاقتصاديين والمصارف وحاكم مصرف لبنان نجحوا في إقناع السياسيين بوجهة نظرهم والرئيس فؤاد السنيورة كان له أكثر من دور، وأتمنى أن تكون نياته بريئة». «وجودنا في الشارع أبلغ دليل على رفضنا لضرب حقوقنا كأننا لسنا موجودين في الدولة»، هذا ما قاله عضو رابطة موظفي الإدارة العامة وليد جعجع (التيار الوطني الحر). يشرح أن «كل كتلة نيابية تضم التجار والمعترين، وطبيعي أن تنحاز الفئة الأولى إلى مصالحها، والثانية إلى حقوق الناس، ونحن سندافع عن مكتسباتنا حتى الرمق الأخير».
على المقلب الآخر، بدا المحازبون لكتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة منتشين بوقوف أحزابهم ضد تأجيل السلسلة، وتنافسوا على توجيه التحية للرئيس نبيه بري ونواب الكتلتين. أما غريب، فقد قدّر للكتلتين موقفهما، إلا أنّه وضع بين أيدي اللبنانيين مجموعة أرقام تدحض حملة التهويل والتخويف. سأل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يشغل منصبه منذ 1992: «هل ما سدده اللبنانيون من كلفة باهظة لتثبيت سعر صرف الليرة على حساب مستوى معيشتهم وفرص عملهم وإنتاجية اقتصادهم ذهب سدى؟ ما الهدف من وجود أكثر من 48 مليار دولار لدى مصرف لبنان كموجودات بالعملات الأجنبية والذهب؟ ما هي الوظيفة التي تؤديها هذه الموجودات ما لم تكن لمعاقبة كل من تسوّل له نفسه التلاعب بالنقد والمضاربة على الليرة؟».
وقال: «إنّ ادعاء المصارف عدم قدرتها على زيادة الاقتطاعات الضريبية من أرباحها، هو
ادعاء باطل. هي حققت في العام الماضي وحده أكثر من 2300 مليون دولار من الأرباح،
جرى تهريب نحو 300 مليون دولار منها كمصاريف شخصية ومخصصات لأصحاب البنوك ومديريها،
وصُرِّح عن 2000 مليون دولار لدوائر الضريبة، التي اقتطعت منها نحو 300 مليون دولار
كضرائب فقط، ليبقى للمصارف نحو 1700 مليون دولار أرباحاً صافية.
وأضاف أن الأرباح التي حققها المضاربون على أسعار العقارات بلغت في عام واحد نحو 4
مليارات دولار. وقال: «إنّ ريوع الاحتكارات التجارية قدّرها البنك الدولي في عام
2006 بنحو 16% من مجمل الناتج المحلي، أي إنّ المحتكرون يجنون أرباحاً سنوية لا
تقلّ عن 7200 مليون دولار، وهؤلاء لا يسددون إلا ضرائب هزيلة ويتهربون من تسديد ما
يستحق عليهم». وأشار إلى أن أصحاب الرساميل وحاشية الزعماء احتلوا أكثر من 10
ملايين متر مربع من الأملاك العامّة البحرية، تقدّر قيمتها بأكثر من
25 مليار دولار.
تحتفل الجامعة اللبنانية اليوم بـ«يومها»، للمرة الثانية منذ قرار رئيسها الدكتور عدنان السيد حسين العام الماضي تخصيص يوم في السنة للاحتفال بهذا الصرح الوطني الذي يُتمّ الثالثة والستين من عمره. وكما في العام الماضي، يأتي الاحتفال هذا العام في ظلّ غياب مجلس جامعة وعلى وقع اعتصامات الأساتذة المتعاقدين الذين يشكلون أكثر من 80% من طاقمها التعليمي.
هاتان الأولويتان تطغيان على حديث من التقيناهم للسؤال عن واقع الجامعة اليوم. كلٌّ منهم لديه ما يبثّه من شكاوى، تبدأ من المناكفات الشخصية، وتمرّ بالتفاصيل الإدارية البسيطة، لتصل إلى المباني والمناهج ووظيفة الجامعة الوطنية. لكنّ الجميع يتفق على أهمية حماية مؤسسة لم تستفق بعد من الضربة القاصمة التي وجهتها إليها الحرب الأهلية وأفقدتها صلاحياتها. منهم من يذهب بعيداً مطالباً بتشكيل «عصبية» تلتفّ حول الجامعة المسؤولة عن تعليم نحو 75 ألف طالب.
يمكن البدء من أماكن كثيرة. الخلافات لا تعدّ في أوساط أهل الجامعة، وكذلك المخالفات. وليس أسهل من أن يضعها واحدنا أمامه ويبدأ في سرد تفاصيلها المخيّبة للتوقعات غالباً. لكن هذه الأمور تبقى تفصيلية إذا انتبه المستمع إلى أن الشكوى الأساسية التي يكرّرها مختلف المعنيين بقضية الجامعة اللبنانية تعيد المشكلة إلى مكان واحد: إحكام السلطة السياسية قبضتها على الجامعة.
هذه السلطة السياسية هي التي تحول دون تشكيل مجلس للجامعة منذ عام 2004، وتحجب التفرّغ عن الأساتذة منذ عام 2008، وتمنع إنشاء مبانٍ جامعية في مناطق نائية ومحرومة، وتقرّ موازنات مجحفة، وترخّص للمزيد من الجامعات الخاصة، إلخ. كلّ هذا يحصل غالباً بقوة مراسيم و«قرارات» تصدر عن مجلس الوزراء مصادرة صلاحيات الجامعة والقيّمين عليها.
قرارات تخالف القانون، كما قرار مجلس الوزراء رقم 901/ 97 الصادر في 29 آذار 1997 القاضي بـ«وقف التعاقد للتدريس في الجامعة اللبنانية إلا بموافقة مجلس الوزراء»، الذي يتعارض مع قانون الجامعة اللبنانية. وبما أن «القانون أقوى من القرار» كما يقول رئيس الجامعة د. عدنان السيد حسين، يعلن أنه سيطالب قريباً باستشارة من هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل للسؤال عن قانونيته، وسيطلب أيضاً من كبار القانونيين إعداد مطالعة قانونية دفاعاً عن استقلالية الجامعة. سيفعل هذا «لأنه من هنا يبدأ بناء الجامعة».
الحديث عن بناء، يعني أن هدماً وقع. وهذا ما لا ينفيه أحد، بحيث يخشى الباحث عن وظيفتها اليوم، أن يكون في صدد التمهيد لتقاعدها بما أنها دخلت عامها الثالث والستين، عوضاً أن يهيئ لها الأرضية لتحتفل باليوبيل الذهبي فخورة بالإنجازات التي تحققها وطلابها.
هذا الشعور بالخشية، ممنوع التعبير عنه أمام أهل الجامعة. الكلّ يشعر بفخر الانتماء
إليها، مع الإقرار بوجود مشاكل.
يقول رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين د. حميد الحكم إن
«صورة
الجامعة اهتزّت بالتأكيد خلال الحرب الأهلية التي كانت عبئاً ثقيلاً على الجامعة،
وخصوصاً بعدما عاثت فيها قوى الأمر الواقع فساداً»، لكنه يستطرد سريعاً: «هناك
محاولات دائمة للمعالجة، وقد نجحنا فيها إلى حدّ كبير من خلال الإنجازات التي
حققتها الرابطة لتأمين حقوق الأساتذة». وفي هذا الإطار يشير حكم إلى أهمية قانون
المجالس الأكاديمية (مجلس القسم، الفرع، الوحدة) «الذي سحب البساط من تحت أرجل
السياسيين إلى حدّ كبير. صحيح أن قرار تعيين العمداء مرهون بمجلس الوزراء، لكن هناك
من يقدّم الأسماء إليه ليختار منها».
طبعاً هذا لا ينفي أن التنازع السياسي والطائفي لا يزال مستحكماً بعمل الجامعة في كلّ مفاصلها، ما يسبّب قدراً لا بأس به من المشاكل التي تعيشها الجامعة. وهنا يطرح السؤال عن دور أهل الجامعة في عدم الاستسلام لما تمليه «الوصايات» السياسية عليهم: هل هم فعلاً غير قادرين على تجاوزها؟ ولماذا لا ينتفضون؟
هذا ما تطالب به الأستاذة في كلية الإعلام والتوثيق د. نهوند القادري. أن يبادر الأساتذة أنفسهم «من خلال اعتماد آلية عمل مختلفة يشارك أهل الجامعة أنفسهم في صياغتها». ترى القادري أن «الجامعة عندما بُنيت كصرح وطني، لم يجر التفكير بها جيداً، فلم تُعطَ الإمكانات ولم تُرحم. يجب أن تدرك السلطة السياسية أن المحاصصة والتوازن الطائفي والمحسوبيات لا يمكنها أن تنجح في المؤسسات الأكاديمية»، لكنها تستطرد أيضاً: «رغم كلّ شيء، يبقى مستوى الجامعة اللبنانية أفضل من غيره من الجامعات الخاصة، والوضع ليس سيئاً إلى هذا الحدّ». هي تعوّل على تفعيل البحث العلمي في الجامعة «لأننا نكتسب من خلاله خبرات جديدة ومهارات جديدة للأستاذ كما للطلاب، ونؤسس لسلوك علمي لدى الطلاب». برأيها «المطلوب من الجامعة ليس تلبية قطاعات سوق العمل، بل أن تحدّد آليات أن تعالج تشوّهات سوق العمل»، متسائلة: «إذا لم ننتج مفاهيم ونبلورها فكيف ستتطور المهن؟». وتطالب القادري بأن لا يقتصر العمل النقابي على تحصيل الحقوق فقط «بل حماية الأساتذة من التدخلات، العمل على تطوير منهجية التعليم». وتذهب بعيداً في المطالبة إلى أن «تكون لدينا عصبية للجامعة اللبنانية، هذا ليس عيباً، شرط أن يكون هذا من خلال نقاش حقيقي ونقد بنّاء».
قد يكون رئيس الجامعة أقلّ الأشخاص تقبلاً للنقد في موضوع الجامعة. برأيه، الحصار الذي تتعرّض له هذه المؤسسة يتطلّب دعمها، وليس التصويب عليها كما يحصل غالباً. المشكلة بالنسبة إليه أن «قرار الجامعة ليس عندها». تبعية الجامعة للدولة كان يمكن أن يكون أمراً حسناً «لو كانت هناك دولة». لكنه متفائل رغم كلّ شيء «ربما على المدى البعيد، ما يحصل الآن أننا نضيّع الوقت والفرص». ورغم تضييع الوقت هذا، تحققت بعض الإنجازات التي يعرض أبرزها خلال عامين ونصف تقريباً من تسلّمه رئاستها: «إعداد استراتيجية تطوير الجامعة اللبنانية، إصدار تقرير سنوي عن أعمال الجامعة، تثبيت اجتماع دوري لمجلس العمداء، إقامة حلقات نقاش شهري مع مديري الكليات في كلّ لبنان». كما لحظ «استراتيجية لتطوير البحوث العلمية، وقد شكلنا لجنتين: لجنة تطوير السياسات البحثية، ولجنة ثانية لبتّ الطعون بما يخص تقويم الأطروحات والأبحاث، واكب هذا الموضوع زيادة موازنة الأبحاث من مليارين إلى ثلاثة مليارات ونصف». وتوقفت لجنة المناهج عند «تطبيق نظام «أل أم دي»، ومحاولة معالجة ثغره بما يتلاءم مع حاجات الكليات وبرامجها، قمنا بوضع أنظمة للكليات التي لا نظام لها ولا نزال، وضعنا مع عدد من الزملاء القانونيين مشروع قانون تنظيم الجامعة الذي لم يتغير منذ عام 1967».
وفي النتائج المباشرة «زاد عدد الطلاب في معاهد الدكتوراه. فقد أوفدنا خمسين طالباً
متفوقاً إلى الخارج (ومن المرشح أن يرتفع العدد إلى ستين)،
وتسهم الجامعة كلياً أو جزئياً من تمويل دراستهم، بالإضافة إلى منح كاملة تضاف إلى
الخمسين».
وعلى صعيد الأبنية الجامعية «استطعنا الحصول على موافقة لبناء كلية صحة في الفنار
إلى جانب كلية الحقوق، وبناء كلية صحة في البحصاص في طرابلس، كذلك صدر مرسوم يخصص
قطعة أرض في إدّه ليكون هناك تكملة لمجمّع الفنار». ويأسف لأن ملف البقاع لم
يتحرّك، رغم الطرح المتكرّر للموضوع. ويعيد التذكير بأن الجامعة تدفع سنوياً «أكثر
20 مليار ليرة بدل إيجارات. هذا مبلغ يكفي ليعملوا كلية كل سنة».
إلى هذه الإنجازات، يبقى الكثير من المشاكل العالقة. ففضلاً عن ملفي العمداء والتفرّغ، هناك مشكلة الموظفين الذين تفتقر إليهم الجامعة المحرومة التوظيف منذ 17 عاماً «حرام، هذا مشكل كبير نعيشه. شاخ الموظفون وتقاعد القسم الأكبر منهم. نحن اليوم عندنا تقريباً نحو 1000 موظف ملاك و590 أجيراً والباقي متعاقد بالساعة ومدرّب، وهذا أمر لا يجوز أن يبقى كذلك».
لكن أيّ علاج لهذه المشاكل، لا يمكن أن يتحقق إلا إذا توحد أهل الجامعة خلف مؤسستهم. فهل تتحقق هذه الوحدة، ظهر اليوم، في الاحتفال الذي تقيمه الجامعة في مجمع الحدث احتفالاً بعيدها؟
ملف التفرّغ
لا يبدو رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين، متفائلاً بإمكان إقرار ملف التفرّغ قريباً، كما يروّج البعض. ويطالب بالبحث عن الأسباب التي أدّت إلى سحب الملف عن طاولة مجلس الوزراء في 27 كانون الأول 2012. وفيما يؤكد أن وزير التربية والتعليم العالي الياس أبو صعب لم يتلقّ الملف بعد «لكنه سيطّلع عليه بالتأكيد»، يؤكد حصول تغييرات فيه «سقط ثلاثون اسماً لأسباب مختلفة: منهم من سافر ومنهم من وقّع عقوداً نهائية مع جامعات خاصة».
مهى زراقط
هديل فرفور
لطالما كان الأساتذة عرضة للنقد والتقويم، وحتى التجريح، وخصوصاً من قبل طلابهم. لكن الانتقادات التي تطاول أساتذة «اللبنانية» تلقى أصداءً أوسع بسبب إحكام السلطة السياسية قبضتها على الجامعة، وما يقال عن توليها هي اختيار الكادر التعليمي بناءً على الانتماء، لا على الكفاءة العلمية، في ظلّ غياب مجلس الجامعة.
يصحّ على هذا الكلام القول إنه يأخذ «الصالح في عزا الطالح»، إذ تحتضن الجامعة العديد من الأساتذة المشهود لهم بالكفاءة، الذين يمتلكون رصيداً ثقافياً وأكاديمياً متيناً، ولم يدخلوا إلى الجامعة من باب السياسة. لكن هذه الحقائق يصعب تصديقها، في ظلّ واقع يقضي بتصدّر الطائفة لائحة المعايير التي يقبل الأستاذ على أساسها. من هنا، تطالب الأستاذة في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية د. وفاء نون بـ«معايير واضحة وشفافة، ولا يكون ذلك إلا عبر قيام مجلس الجامعة باختيار الأساتذة وتعيينهم، وليس مجلس الوزراء. فـ«بروتوكول» تقاسم الحصص المتبع في الدولة لا يصح أن ينطبق على الجامعة اللبنانية لمجرد أنها تابعة لها». وتشرح نون أن «التدخلات السياسية لم تكن غريبة يوماً عن الجامعة، لكنها لم تصل إلى حد المساومات الواضحة كما يحصل اليوم».
على وقع التظاهرات والاعتصامات بدأ شهر نيسان. تحرّكت معظم القطاعات والفئات لتطالب بحقوقها، في إطار حركة مطلبية سليمة قد تكون أجمل ما شاهدناه خلال السنوات الماضية. لكن اللافت كان غياب طلاب الجامعة اللبنانية عن هذا المشهد.
إيفا الشوفي
عندما صدر مرسوم تأسيس الجامعة اللبنانية عام 1951، كان وليد إضرابٍ عام قام به طلاب الجامعات الخاصة والثانويون، رافقته تظاهرات واشتباكات مع القوى الأمنية للمطالبة بجعل التعليم العالي مجانياً. نشأت الجامعة الوطنية من خلال التظاهرات، فتشكّلت حركة طلابية قوية بلغت ذروتها عام 1971 حين سقط 40 جريحاً من الطلاب بعدما قطعوا طريق المطار واحتلوا مباني الكليات.
عاشت الجامعة اللبنانية طويلاً على مجد تلك الأيام، التي ذهبت إلى غير رجعة منذ اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975. شهد الحراك الطلابي تدهوراً متصاعداً، حتى وصلنا إلى اليوم الذي بات فيه معظم الطلاب يدخلون إلى «اللبنانية» بهدف الحصول على الشهادة الجامعية بأسرع وقت، ومغادرة ما يسمّيه كثيرون منهم «السجن». وهذا ما لا يتوافق مع مهمة الجامعات في العالم، التي تسعى إلى بناء مواطن قادر على ممارسة التفكير النقدي والمشاركة في قيادة التغيير في الوطن.
حالة التذمّر المستمرة، التي يمارسها الطلاب بشكل شبه يومي، تعكس رفضهم للواقع الموجودين فيه، إلّا أنها تترافق مع يأسٍ شديد سيطر عليهم وأقنعهم بعدم قدرتهم على التغيير. هكذا يبدو علي، الطالب في كلية الحقوق والعلوم السياسية، مسلّماً بأنّ «الحصول على الشهادة الجامعية هو هدف كل شخص يدخل الجامعة. وأي قرار بالتغيير كطلاب لا يمكن أن يحدث أي تأثير، لأن قرار التغيير مصادر من الجهة السياسية المسيطرة على الكلية، فهي التي تقرّر حصول تحرّك من عدمه». أمّا سالي، طالبة في كلية العلوم، فتجيب «بصراحة، نحن نعلم أنّ هناك أخطاء كثيرة ترتكب في الجامعة اللبنانية، وأن مستواها التعليمي تراجع في الفترة الأخيرة. لكن ما العمل؟ ليس بمقدورنا فعل شيء. علينا تقبّل الواقع كما هو. في هذه الكلية، همّنا الوحيد تجاوز السنة الأولى. هكذا أصبحت طموحاتنا!».
صراحة سالي تعكس حالة الصدمة التي يتعرّض لها الطلاب الذين يدخلون إلى الجامعة «محمّلين بأحلامٍ كبرى، نريد تغيير العالم والوصول إلى أعلى المناصب، نريد أن ننتفض ضد الظلم لبناء وطننا كما تخيلناه». لكن «لا يحتاج الأمر إلى أكثر من شهر في الجامعة اللبنانية لكي يصبح أقصى طموحنا وذروة تحركنا هو إزالة علَمٍ من هنا وتحسين الكافيتيريا وتأمين طاولات لائقة من هناك».
يُرجع البعض الفرق بين طلاب الخمسينيات وطلاب اليوم إلى الواقع السياسي والاجتماعي المسيطر. فتقول حنين، طالبة في كلية الإعلام والتوثيق، «في تلك الفترة كانت التحركات تقوم على أساس وطني، صحيح أن الطلاب كانوا منقسمين بين اليسار واليمين، إلا أنهم كانوا متفقين على إعلاء مصلحة الجامعة والطلاب. أما اليوم فالانقسام الطائفي والحزبي متغلغل في جميع مجالات الحياة، وقد فشلنا في فصله عن حياتنا الجامعية للأسف فوصلنا إلى ما نحن عليه. لا يمكن أن نتوحد اليوم كطلاب، فلكل منا حساباته السياسية والشخصية. أمّا وضع الجامعة ونوعية التعليم فلا يهمّ... فلنحصل على شهادة وكتّر خيرن».
هذا التركيز على الحصول على الشهادة، بصرف النظر عن نوعية التعليم المقدّمة، وتقاعس بعض الأساتذة بالشراكة مع الطلاب الذين لا يعنيهم حضور الأستاذ أو غيابه، جميع هذه الأمور ناتجة من ارتقاء مشوّه يسعى إليه الطالب الذي ينتمي إلى الطبقة المتوسطة والفقيرة. وهذا ما لا نلحظه لدى طلاب الجامعات الخاصة، الذين خاضوا أخيراً في الجامعة الأميركية معركة ضد زيادة الأقساط متضامنين على اختلاف انتماءاتهم. وإن كان فراس، الطالب في كلية الآداب، يرى أن سبب هذا الأداء من قبل طلاب الجامعات الخاصة قد يكون يكمن في أنهم «يدفعون مبالغ طائلة ليتعلموا، كما أنّ الأستاذ يتعرّض دائماً للمحاسبة والمساءلة من قبل الإدارة. لذلك، فهم يأخذون الأمور بجديّة أكبر». لا شيء يفترض أن نخشاه، أكثر من أن يكون هذا السبب صحيحاً.
................................جريدة النهار................................
جدّدت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية مقاطعتها الاحتفال بيوم الجامعة اللبنانية الذي يقام ظهر اليوم، "رداً على ممارسات رئاسة الجامعة العدائية تجاه الأساتذة وأداتهم النقابية"، وفق ما ذكرت في بيان أصدرته أمس.
وردّت على ما ورد في بعض وسائل الإعلام عن بيان صادر عن الدكتور جوزف شريم تلاه في اعتصام الأساتذة المتعاقدين أمس، قائلة إن "شريم لم تكلفه الهيئة التنفيذية بأي مهمة، ومشاركته في الاعتصام كانت إما بصفة شخصية وإما بصفة مستشار لرئيس الجامعة اللبنانية".
وأكدت الهيئة "تضامنها ودعمها الكامل للأساتذة المتعاقدين"، لافتة إلى أنها ستتابع "مسار ملف التفرغ"، مذكرة بأنه "ما زال في عهدة رئاسة الجامعة"، وداعية "رئاسة الجامعة إلى الإسراع بإنهاء هذا الملف، نظراً إلى عمر الحكومة القصير، وإرساله إلى وزير التربية والتعليم العالي ليأخذ مساره إلى جدول أعمال مجلس الوزراء". وقالت إن "ما ورد في البيان يطرح الكثير من التساؤلات ويثير الاستغراب، لجهة ما ورد عن وجود "مجلس جامعة بالتكليف"، معتبرة أن "هذا المصطلح الذي بدأ تداوله في أروقة الإدارة المركزية هو قمة الهرطقة، إذ لا وجود له في قاموس الجامعة ولم يسبق أن ورد ذكره في أي نص، وهدفه التغطية على الكثير من الممارسات والقرارات المزاجية التي تصدر بين الحين والآخر، والإيحاء أنها تحصل على غطاء قانوني وأكاديمي". وذكّرت الهيئة بـ"المرسوم رقم 1658 الذي ينص على أن مجلس الجامعة يتكون من عمداء أصيلين وممثلي أساتذة للوحدات الجامعية وشخصيتين علميتين وممثلي الطلاب". واستغربت "حديث مستشار رئيس الجامعة عن شكوى إلى مجلس شورى الدولة، خصوصاً وأن رئيس الجامعة وبعض مستشاريه لا يعترفون بالأحكام الصادرة عن مجلس شورى الدولة ولا بإلزامية تطبيقها".
................................جريدة اللواء................................
أساتذة العلوم الاقتصادية يشاركون
في الاجتماعات الجزئية في 24 الحالي
عقد أساتذة كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال، اجتماعاً أمس ونتيجة المعطيات المستجدة والمتعلقة بالقرار 669 الصادر عن لجنة الانابة عن مجلس الجامعة (الرئيس والوزير المختص) جرى نقاش افضى إلى الإشادة بكتاب وزير التربية لاستعادة القرار 669، وتأسيساً عليه، وانطلاقاً من حرص الأساتذة على مصلحة الطلاب والحفاظ على الجو الأكاديمي اللازم، قرّر الأساتذة المشاركة بالامتحانات الجزئية المعلنة يوم 24/4/2014.
وأكد الأساتذة حرص الأساتذة على التمسك بتطبيق الأنظمة والقوانين والمراسيم المرعية
الاجراء.
واعتبر الأساتذة قرارهم بالمشاركة، بادرة حسن نية وفسحاً في
المجال للمعالجة الهادئة والهادفة إلى إلغاء القرار رقم 669.
واكدوا على أن هذه الخطوة الإيجابية لا تعني مطلقاً التخلي عن المطالبة بالالغاء
الكامل للقرار، ويحتفظون بحقهم الكامل في اجراء التحرّك الملائم تنفيذاً لذلك.
وأبدى الأساتذة استعدادهم الكامل لاجراء الحوارات اللازمة من
أجل وضع قانون
LMD
كاملاً موضع التنفيذ بداية مع السنة الدراسية المقبلة.
بتوقيت بيروت