................................جريدة السفير ................................
أثار القرار الرقم 54 الصادر عن رئيس «الجامعة اللبنانية» د. عدنان السيد حسين، أمس، ترحيباً وارتياحاً من أوساط عدة من أهل الجامعة، واعتراضاً من المكاتب التربوية في الشمال، ومن «رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية»، جراء تكليف أعضاء من الهيئة التعليمية في الجامعة القيام بمهام عمداء لبعض الوحدات الجامعية، بـ«انتظار تعيين عمداء أصيلين لوحدات الجامعة». وأملت مصادر المكتب التربوي للرئيس نجيب ميقاتي أن يكون القرار موقتاً، ولا يؤدي إلى سابقة في تجاوز صلاحيات مجلس الوزراء.
أول ردود الفعل المعترضة، صدرت عن الرابطة، التي أعلنت أن «أهل الجامعة فوجئوا بقرار يصدر عن رئاستها يتمُّ بموجبه تكليف عمداء لبعض الكليات من دون سواها وتحت ستار تطبيق القانون 66 الذي تمَّت الانتخابات على أساسه، في وقت يصرح رئيس الجامعة لإحدى الصحف أنه يستطيع ألا يحصر تكليف من يراه مناسباً بالأسماء الخمسة، ما يدلُّ على تناقض بين الأقوال والأفعال».
وسألت الرابطة بعد اجتماعها أمس: «لماذا اختيار هذه الكليات من دون غيرها؟ وما هي المعايير أو القواعد التي تمَّ اعتمادها للقيام بعملية التغيير؟ علماً أنه سبق أن طالبنا باعتماد القانون 66 نصاً وروحاً، ما يستدعي التساؤل عن سبب بقاء عمداء في مناصبهم التي شغلوها منذ سنوات طويلة، علماً أنَّ القانون 66 حدَّد مدَّة العميد بأربع سنوات غير قابلة للتجديد، وبعضهم مُنع حتى من الترشح في كلياتهم، فهل ان ممارسة الصلاحيات هي عملية استنسابية أم أنها مبنيَّة على معايير أكاديمية وقانونية؟».
وبعدما وصفت واقع ما يحصل في الجامعة بـ«المرير»، أعلنت الرابطة أنها «تجد لزاماً عليها متابعة قضايا الجامعة بكل ملفاتها الأكاديمية والإدارية متحررة من أي قيود». واستهجنت أن «يقوم بعض المستشارين بمهام هي من صلب عمل الأجهزة الإدارية». ودعت رئاسة الجامعة لإعادة هؤلاء الأساتذة «المستشارين» إلى كلياتهم للقيام بمهامهم التعليمية. وأشارت إلى أن «لهؤلاء الموظفين حصانة ومهاما حددتها قوانين الجامعة وأنظمتها، وهم بحاجة إلى مناخ من الطمأنينة والاستقرار للقيام بواجباتهم».
وتعقد الرابطة، ظهر الخميس المقبل، مؤتمرا صحافياً في مقرها لشرح موقفها لأهل
الجامعة واللبنانيين.
التعيينات
جاء في قرار رئيس الجامعة «تكليف أساتذة - أعضاء الهيئة التعليمية في الجامعة
الواردة أسماؤهم القيام بمهام عمادة الوحدة الجامعية المذكورة أمام أسم كل منهم،
إلى حين تعيين عمداء أصيلين وفقا للأصول: «الدكتور جان جرجس داود عميدا لمعهد
الفنون الجميلة، محل العميد محمد الحاج. الدكتور فؤاد حسين أيوب عميدا لكلية طب
الأسنان محل العميد منير ضوميط . الدكتور حسن كامل زين الدين عميدا لكلية العلوم،
محل العميد علي منيمنة.
الدكتورة أسما سليم شملي عميدة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، محل العميدة وفاء بري. الدكتور سمير زخيا المدور عميدا لكلية الزراعة محل العميد تيسير حمية. الدكتور جورج خليل سعد عميدا للمعهد العالي للدكتوراه في الحقوق والعلوم السياسية والإدارية والاقتصادية، محل العميدة ليلى سعادة. الدكتور طلال محمود عتريسي عميدا للمعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، محل العميد محمد بدوي الشهال، والدكتور فواز علي العمر عميدا للمعهد العالي للدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا، محل العميدة زينب سعد». وأعلن أن عملية التسلم والتسليم تجري خلال فترة أسبوعين من تاريخ صدور القرار.
وعلقت مصادر تربوية على ما صدر، بالإشارة إلى أن رئيس الجامعة مارس صلاحياته، وقالت: «عندما تأتي حكومة جديدة يتم تعيين عمداء أصيلين، وفي حال وجود أي خلل في تطبيق القانون 66، يمكن للمعترضين اللجوء إلى الطعن بحسب القانون لدى رئاسة الجامعة أو مجلس شورى الدولة».
وشككت مصادر تربوية أخرى في صحة التعيينات، على غرار رابطة الأساتذة المتفرغين،
التي أشارت إلى الملابسات التي رافقت ترشيحات العمداء من مجالس الوحدات. وقالت:
«إذا كان البعض يحاول أن يرسم خطوطاً لعملها أو اختار المواجهة معها، فإن الرابطة
مستعدة لهذه المواجهة وفقاً لما يمليه عليها واجبها النقابي والأكاديمي ولأنها أم
الصبي في الدفاع عن الجامعة وعن بقائها صرحاً علمياً حضارياً وثقافياً». وذكّرت
بـ«الخلل الكبير الذي شاب انتخابات معهد العلوم الاجتماعية وعدم تأخرها في التقدم
بطعن مطالبة فيه بإلغاء هذه الانتخابات وإعادتها، ومتابعتها للعملية الانتخابية
لمجلس وحدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية. وقالت المصادر إنه «تبين من الترشيحات
التي حصلت في كلية الزراعة انتخاب أربعة أساتذة في الملاك وواحد متفرغ، وأن النتيجة
كانت لصالح المتفرغ».
بدورها تمنت مصادر مكتب الرئيس ميقاتي «لو أن الأمور كانت محصورة بصلاحيات مجلس
الوزراء، لأن الجامعة مؤسسة وطنية، وهذه المسؤولية تقع على عاتق المجلس الذي يضم
مختلف القوى السياسية». وأملت «ألا يؤدي القرار إلى تجاوز صلاحيات مجلس الوزراء في
المستقبل، وإذا كانت العملية إصلاحية نأمل أن تكون بعيدة عن التدخلات السياسية».
وذكر أن المكاتب التربوية في الشمال ومنها «تيار المستقبل» و«العزم والسعادة»،
و«الصفدي»، و«الجماعة الإسلامية»، ومستقلين، و«تجمع الأساتذة المسلمين في الجامعة
اللبنانية في الشمال»، قد دعوا إلى اجتماع للبحث في ما يحصل. وقد وجه التجمع كتاباً
مفتوحاً إلى الرئيس ميقاتي أشار فيه إلى أنه ينقل «الأجواء الضبابيّة الملبّدة
والمتوترة التي تسود الجامعة راهناً والتي تفاقمت بعد أن عمد رئيس الجامعة إلى
تغيير طائفة عمادة كليتي العلوم وطب الأسنان، الأولى هي حالياً من نصيب الطائفة
السنيّة والثانية من نصيب الطائفة المارونيّة وإحلال محلهما عميدين من الطائفة
الشيعيّة بناء على رغبة مرجعيّة معروفة، ولكن بغير التراضي والتوافق السياسي أو
الطائفي أو المذهبي كما جرت العادة، ما سيزيد من الانقسام والتشنج داخل جسم الجامعة
في جميع مستوياته كونه سيحصل قسرياً بناءً على رغبة مذهب واحد بعينه من دون باقي
المذاهب».
عماد الزغبي
................................جريدة النهار ................................
قبل أن تنضج تسوية توزيع المسؤوليات في كليات الجامعة، اقدم رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين، على إصدار مذكرة بتكليف ثمانية عمداء لكليات في الجامعة وترك 11 عميداً في مناصبهم، وذلك بعدما أنجزت الكليات انتخابات إختيار 5 أسماء مرشحين للعمادة وفق القانون 66.
حسم رئيس الجامعة اللبنانية موقفه، رغم الضجة التي رافقت انتخابات أسماء كلية
الأداب، فأصدر مذكرة حملت الرقم 45 قضت بتكليف اعضاء من الهيئة التعليمية في
الجامعة القيام بمهمات عمداء لبعض الوحدات الجامعية، وهم كل من الدكتورة أسما شملي
عميدة لكلية الآداب والعلوم الانسانية بدلاً من الدكتورة وفاء بري، الدكتور حسن زين
الدين عميداً لكلية العلوم بدلاً من الدكتور علي منيمنة، وعميد هذه الكلية يكون
عضواً حكماً في مجلسي ادارة معهد
CNAM
والمعهد الجامعي للتكنولوجيا، والدكتور جورج سعد عميداً للمعهد العالي للدكتوراه في
الحقوق بدلاً من الدكتورة ليلى سعادة، والدكتور طلال عتريسي عميداً للمعهد العالي
للدكتوراه في الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية مكان الدكتور محمد بدوي الشهال،
والدكتور جان داود عميداً لمعهد الفنون بدلاً من الدكتور محمد حسني الحاج، والدكتور
فؤاد أيوب عميداً لكلية طب الأسنان مكان الدكتور منير ضومط، والدكتور سمير مدور
عميداً لكلية الزراعة بدلاً من الدكتور تيسير حمية، والدكتور فواز العمر عميداً
للمعهد العالي للعلوم والتكنولوجيا بدلاً من الدكتورة زينب سعد.
وبقي العمداء الـ11 للكليات الأخرى في مناصبهم بالتكليف، وهم الدكاترة، رفيق يونس
عميداً لكلية الهندسة، زلفا الأيوبي عميدة لكلية التربية، نينا زيدان عميدة لكلية
الصحة العامة، باسكال سلامة عميدة لكلية الصيدلة، جورج كلاس عميداً لكلية الاعلام،
كميل حبيب عميداً لكلية الحقوق والعلوم السياسية، فهد نصر عميداً لكلية السياحة،
عبد الغني عماد عميداً لمعهد العلوم الاجتماعية، بيار يارد عميداً لكلية الطب،
وغسان شلوق عميداً لكلية العلوم الاقتصادية وادارة الاعمال.
وجاءت مذكرة الدكتور عدنان السيد حسين، في وقت كان التجاذب قد وصل الى ذروته على خلفية انتخابات اسماء المرشحين للعمادة، فيما هو يؤكد انه يلتزم القانون وانه لا يوجد اي نص دستوري او نص في القانون 66 يقول بالتوزيع الطائفي للكليات. اما رابطة الاساتذة المتفرغين فتقول ان هناك شوائب وثغراً في العملية الانتخابية تثير شكوكاً حول النتائج. واذا كان رئيس الجامعة قد التزم التوزيع الطائفي لتكليفات العمداء، الا انه اعتمد المداورة والتغيير في بعض الكليات، ومنها العلوم، مما أثار ردود فعل طائفية، وذلك رغم انه لا يوجد أي نص في القانون 66 يقول بتوزيع طائفي للعمادات.
على ان ردود الفعل التي ظهرت تطالب بإبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه بالنسبة لتكليفات العمداء، ويؤخذ على مذكرة رئيس الجامعة انها لم تغير مثلاً عميد كلية الاعلام جورج كلاس الذي لم يترشح للعمادة وقد فاز في الكلية مرشحون، كل من الدكاترة علي رمال، جورج صدقة، محمد محسن، اياد عبيد وحسانة محي الدين، وكذلك كلف الاستاذ المتفرغ عميداً لكلية الزراعة سمير مدور بينما الاربعة الباقون هم في الملاك. اما في الفنون فجورج داود هو من المرشحين الناجحين. وفي العلوم التي شكلت عنواناً خلافياً، بينت نتائج الانتخابات ان الدكتور حسن زين الدين، قد نال 11 صوتاً وفواز العمر 9 اصوات وفاروق جابر 8، وقبلان بربر 7 وجمال شرارة 6. اما في الآداب وهي الكلية الاكبر في الجامعة فذهبت الى الطائفة السنية، ما يعني حسم نتائج انتخابات المرشحين بعد انسحاب الدكتور ديزيره سقال. وإذا كان التوزيع الطائفي لعمداء الجامعة بقي على حاله، الا ان السجال لم يتوقف في التكليفات، بعدما بلغ ذروته وواكبته مفاوضات بين الاطراف، تهدف الى التوصل الى تسوية او اتفاق على أسماء العمداء، الا ان المفاوضات لم تنجح، فاستخدم رئيس الجامعة صلاحياته وأصدر مذكرته للتكليفات، وان كانت الاتهامات بانها تكليفات سياسية ومن أطراف معينة لم تتوقف. والى حين تأليف الحكومة الجديدة سيمارس العمداء الجدد مهماتهم في مجلس العمداء، وليس مجلس الجامعة، الذي سيحسم مجلس الوزراء المقبل في تعيين عمداء جدد وتشكيل مجلس الجامعة، علّ بذلك لا يعود هناك ثغر وخرق في تطبيق القانون 66، ولا تدخل سياسي مباشر في شؤون الجامعة.
"الجامعيون اللبنانيون" أيّدوا مذكرة السيد حسين
نوّه "الجامعيون اللبنانيون" في بيان بالقرار الصادر عن رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين، والذي كلف بموجبه عمداء جدداً للمعاهد العليا للدكتوراه ولكليات العلوم والآداب والفنون والزراعة وطب الاسنان. واعتبروا ان خطوته تأتي في ظل غياب آلية التعيين، بسبب تأخر الحكومة، في انجاز التعيينات وفق القانون 66. ورأوا ان اعتماد المداورة في مراكز العمادة، هو خطوة مطلوبة وناجحة وتسجل له والذي بادر الى اعطاء المثل بضرورة واحقية بدء المداورة، على قاعدة احترام التوازنات والكفاءات والطاقات الاكاديمية والفكرية والعلمية، والتي تشكل الجامعة اللبنانية، بكل كلياتها ومعاهدها ساحتها الاولى في الوطن. وتمنى الجامعيون لو ان المداورة في تحمل المسؤوليات تنسحب على الوزارات، خصوصاً وان كل القوى السياسية تطالب بذلك. وها هي الجامعة اللبنانية، تقدم المثل في ذلك.
شريم: بيان الرابطة لم يوقّعه جميع الاعضاء
اصدر امين الاعلام في رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور جوزف
شريم بياناً جاء فيه:
"كنا
نتمنى ان يصدر بيان الرابطة المتعلق بتكليف بعض العمداء في الجامعة بحضور جميع
الاعضاء كما جرت العادة. ان الامور الحساسة التي تطال الجامعة يجب ان يطلع عليها
جميع الاعضاء، خصوصا امين الاعلام".
ابراهيم حيدر
ناقشت الهيئة التنفيذية لرابطة الاساتذة المتفرغين الوضع الداخلي في الجامعة على ضوء ترشيحات العمداء من مجالس الوحدات وما رافق بعضها من ملابسات. وأصدرت بياناً اكدت فيه انه "إذا كان البعض يحاول أن يرسم خطوطاً لعملها أو اختار المواجهة معها فإن الرابطة مستعدة لهذه المواجهة وفقاً لما يمليه عليها واجبها النقابي والأكاديمي ولأنها "أم الصبي" في الدفاع عن الجامعة".
اضاف البيان: "اعتبرت الرابطة أن دعوة رئيس الجامعة مجالس الوحدات إلى اختيار
مرشحيها للعمادات وفقاً للقانون "66" سيوفر للجامعة طاقماً جديداً من الأساتذة يسمح
للإدارة بترشيحهم لمناصب العمادات فور تشكيل الحكومة واختيار احدهم إذا اقتضى الأمر
عند شغور إحدى العمادات. إن الهيئة الحريصة على ممارسة الديموقراطية بشفافية
متناهية، قامت بمراقبة العملية الانتخابية في كل الوحدات من دون أي تدخل فيها،
لكنها لم تتأخر لحظة عندما علمت بالخلل الكبير الذي شاب انتخابات معهد العلوم
الاجتماعية عن التقدم بطعن، مطالبة بإلغاء هذه الانتخابات وإعادتها. وقد أيدت
المراجع القانونية في الجامعة هذا الطعن وقام الرئيس بتحديد موعد جديد لإجرائها
وهذا ما حصل. ومن باب الحرص ذاته، تابعت الرابطة العملية الانتخابية لمجلس وحدة
كلية الآداب والعلوم الإنسانية، التي حصلت المرة الأولى الأربعاء 8 كانون الثاني
لكنها ألغيت نتيجة الطعن الذي تقدم به أحد أعضاء مجلس الوحدة، وأعيدت الانتخابات
الثلثاء 14 منه، لكن الهيئة فوجئت بعدم صدور إعلان رسمي لنتائج ترشيحات كلية الآداب
وفقاً لما ينص عليه القانون "66"، وحتى تاريخ كتابة هذا البيان لم يصدر عن رئاسة
الجامعة مثل هذا الإعلان، من هنا الإصرار من الهيئة على ضرورة صدور إعلان يحسم
نتيجة الترشيحات في هذه الكلية قبل الأخذ بنتائجها تفادياً للطعن".
وبعدما "فوجئ أهل الجامعة بقرار يصدر عن رئاستها يتمُّ بموجيه تكليف عمداء لبعض
الكليات دون غيرها وتحت ستار تطبيق القانون 66 الذي تمَّت الانتخابات على أساسه،
طرحت الهيئة بعض التساؤلات: "لماذا اختيار هذه الكليات دون غيرها؟ وما هي المعايير
أو القواعد التي تمَّ اعتمادها للقيام بعملية التغيير علماً أنه سبق أن طالبنا
باعتماد القانون "66" نصاً وروحاً. ما يستدعي التساؤل عن سبب بقاء عمداء في مناصبهم
التي شغلوها منذ سنوات طويلة، علماً أنَّ القانون "66" حدَّد مدَّة العميد بأربع
سنوات غير قابلة للتجديد وبعضهم مُنع حتى من الترشح في كلياتهم!
وتعقد الرابطة مؤتمرا صحافياً في مقرها، ظهر الخميس المقبل لتوضيح هذه الامور للرأي
العام.
عقدت المكاتب التربوية في الأحزاب والقوى والتيارات السياسية الآتية: "حزب الله"، حركة "أمل"، الحزب الشيوعي اللبناني، "القوات اللبنانية"، "التيار الوطني الحر"، الحزب السوري القومي الاجتماعي، الكتائب اللبنانية، اليسار الديموقراطي، الحزب الديموقراطي اللبناني والحزب التقدمي الاشتراكي، اجتماعًا في مقر الحزب التقدمي الاشتراكي.
وتداول المجتمعون في أمور تربوية عديدة، وأصدروا بيانًا أكدوا فيه "أهمية متابعة
التنسيق في الأوضاع التعليمية، وإبعاد التجاذبات السياسية عن المؤسسات التربوية،
والعمل باتجاه رفع مستوى التعليم وجودته".
وتداول المجتمعون في ما "يسرب عن جداول سلسلة الرتب والرواتب التي أقرتها اللجنة
الفرعية لمتابعة موضوع السلسلة"،
وأكدوا في بيانهم ضرورة "توحيد نسبة الزيادة في مختلف القطاعات التعليمية والإدارية
على حد سواء، وترجمة ما ورد في قرار اللجنة عن الحفاظ على الحقوق المكتسبة للمعلمين
في الجداول المرفقة بالتقرير المرفوع من اللجنة الفرعية إلى اللجان المشتركة"،
وأكدوا أيضاً "متابعة الاجتماعات الدورية لمواكبة الأمور التربوية كلها، وما يتعلق
بموضوع سلسلة الرتب والرواتب".
رعى المدير العام للتربية فادي يرق الاحتفال بتوزيع "دليل النشاطات المدرسية اللاصفية المتعلقة بالبيئة"، وهو ثمرة تعاون بين الوزارة و"مركز حماية الطبيعة" التابع للجامعة الأميركية في بيروت وشركة "كوكاكولا"، ويهدف إلى ترسيخ المفاهيم والسلوكيات البيئية السليمة في حياة الشباب.
تحدثت مديرة "مركز حماية الطبيعة" الدكتورة نجاة صليبا عن التجربة التي أوصلت إلى هذا المشروع من خلال عدم معرفة التلامذة لشجرة البلوط، وضرورة تعزيز علاقتهم بالطبيعة من خلال مشاريع التشجير وزراعة الأشجار المحلية.
وقال مدير الشؤون العامة والاتصالات في شركة "كوكاكولا" أنطوان طيار: "دأبنا طيلة العقد الماضي على المشاركة في مشاريع تهدف إلى حماية الثروات الطبيعية في لبنان، بالتعاون مع البلديات والمراكز العلمية ومنظمات محلية وعالمية. وهذه الجهود تتوج من خلال هذا الدليل التربوي الإرشادي الذي سيُعتمد في المدارس ليمنح أجيال المستقبل فرصة المساهمة في حماية البيئة في كل أرجاء لبنان".
وقال يرق: "خير ما يبنى عليه لإرساء سلوك بيئي ذي جدوى، هو خيار التربية على البيئة، أي نشر ثقافة البيئة بين معشر التلامذة، بذرة المجتمع وعماده ومستقبله واستمراريته. من هنا، كان التعاون بين وزارة التربية والتعليم العالي و"مركز حماية الطبيعة" في الجامعة الأميركية في بيروت، وثمرته "دليل النشاطات اللاصفية" كخطة متكاملة ترسي التوعية، نظرياً واختبارياً خصوصاً لدى تلامذة الحلقة الثالثة من مرحلة التعليم الأساسي".
وأضاف: "يجدر بهذا الدليل أن يشكل استكمالاً عملياً للمناهج التربوية، وأن يكون في صدارة الاهتمامات في النشاطات اللاصفية، كي نكون نكرّس، فعلاً لا قولاً، مقاربة أن البيئة أمانة وضعها أحفادنا في عهدتنا. ونأمل في أن يساهم هذا الدليل في تحقيق الأهداف المرجوة له، في إرساء ثقافة بيئية سليمة في "لبناننا الأخضر"، وتشمل مساحة العالم الأعم وفضاءه". وتحدث منسق المشروع وسيم قيس عن المراحل التي قطعها المشروع وكيفية تطبيقها في المدارس من عكار إلى الجنوب، وتوجه التلامذة إلى الطبيعة وابتداعهم النشاط. ولفت إلى أن هذه التجربة ستصدر في كتيب، مركزاً على جمع البذور والتشجير والعناية بالطبيعة وإحياء الدروب القديمة. ثم تحدث رئيس قسم علم النفس في الجامعة الأميركية الدكتور شارل حرب عن الدراسة التي شملت 260 تلميذًا من 6 مدارس موزعة بين الأرياف والمدن حيث تم جمع البذور والتشجير، ورُصدت المواقف التي جاءت إيجابية لجهة الاهتمام بالطبيعة، وتطورت مواقفهم إيجاباً تجاه الآخر.
أطلقت شركة "بيبسيكو" وجمعية "أجيالنا" في رعاية وزير التربية في حكومة تصريف
الاعمال ممثلاً بمستشاره غسان شكرون، برنامج "طموح" الذي يعرف ببرنامج "طموح سعد
عبد اللطيف للمنح الجامعية" في مؤتمر صحافي في نقابة الصحافة.
بداية رحب مستشار النقابة فؤاد الحركة بالحضور. وأوضحت مديرة برنامج "طموح" في
جمعية "اجيالنا" ندى كبي "ان برنامج "طموح " يقدم المنح الجامعية للمتفوقين الذين
تراوح أعمارهم ما بين 18 و22 سنة ويواجهون ازمة اقتصادية ليشجعهم على متابعة
تعليمهم".
وأشارت الى "ان قيمة المنحة الواحدة ما بين 500 الى 3000 دولار تقدم كأقساط جامعية
ولا تقدم في شكل نقدي"، لافتة الى "تحديد نسبة 10 في المئة من المبلغ المخصص
لبرنامج طموح الى ذوي الحاجات الخاصة من الطلاب اللبنانيين".
وشرحت "محتوى الاستمارة التي على الطلاب المستفيدين ملؤها، فضلاً عن شرح معايير
التفوق ودرس الطلبات"، واوضحت "ان استقبال الطلبات يستمر إلى 30 حزيران المهلة
النهائية لتسلمها على ان يتم الاعلان عن اسماء التلامذة الذين سيحصلون على المنح
خلال شهر آب مع بداية السنة الدراسية 2014 – 2015".
ووعد مدير الموارد البشرية في شركة بيبسيكو سفيان السلمان بأن "الشركة سوف تستمر على العهد للعام التاسع، خصوصا لجهة الاحتراف والمهنية العالية في ادارة البرنامج من فريق واحد يضم سيدات جمعية اجيالنا وبيبسيكو".واكد "ان برنامج طموح احتضن مئات التلامذة منذ بدايته، وضم فريق عمل متفانياً، جمع حوله ، بسبب نجاحه وتميزه، راعيين ساهموا مباشرة في نجاح البرنامج طيلة السنوات الثماني الماضية".
................................جريدة الأخبار ................................
فوجئ أهل الجامعة اللبنانية، أمس، بسلة تكليفات جديدة للعمداء تضم ثمانية عمداء فقط من أصل 19 عميداً. التشكيلة أرضت القوى السياسية، فيما الأساتذة سألوا عن المعايير التي جرى على أساسها اختيار كليات دون غيرها، وما إذا كان تجديد الدم يكون بإبقاء عمداء مضت سنوات على تكليفهم. القرار استنفر رابطة الأساتذة، فحددت موعداً لمؤتمر صحافي يشرح ملابسات التكليف
فاتن الحاج
بين حكومة مستقيلة وحكومة لم تشكّل بعد، كان بإمكان رئيس الجامعة اللبنانية د. عدنان السيد حسين أنّ يمارس صلاحياته بتكليف من يراه مناسباً عميداً في انتظار تعيين عمداء أصيلين في مجلس الوزراء وتأليف مجلس الجامعة، الضمانة الوحيدة لاستقلالية المؤسسة الوطنية. لم يكن السيد حسين يحتاج أصلاً إلى دعوة الأساتذة إلى تقديم ترشيحاتهم وفق القانون 66 وكل ما رافق ذلك من التباسات وتجاوزات قانونية لمجرد أنّه يريد أن يستبدل عمداء مكلفين بمكلفين آخرين.
إذا كان رئيس الجامعة يريد تكليف
عمداء منتجين أو متعاونين معه كما يسميهم، فإن أهل الجامعة لم يفهموا «توقيت إخراج
تركيبة مؤلفة من 8 عمداء فقط من أصل 19 عميداً في الجامعة، هي أشبه بحفلة مبايعة
للسياسيين».
عنوان «الصفقة» كان حسن استمرار المرفق العام، علماً بأنّ هناك عمادتين فقط من
العمادات الثماني تشغران هذا العام، هما عمادة المعهد العالي للدكتوراه في العلوم
الاجتماعية والإنسانية، إذ يخرج العميد د. بدوي الشهال إلى التقاعد في 15 آذار
المقبل وعمادة كلية العلوم، إذ يخرج العميد د. علي منيمنة في 29 آب المقبل.
وفي وقت يرى فيه المراقبون لأحوال الجامعة أنّ «الصفقة» لم تكن لتعقد لو لم تكن
نتاج اتفاق تحت الطاولة لمعظم القوى السياسية التي أخذ كل منها حصته عملياً، لم
تُرض التركيبة في العلن بعض هذه القوى. هكذا كان احتجاج صارخ لتيار المستقبل على
«مداورة غير سليمة هدفت إلى إرضاء طرف واحد أصرّ على بعض المواقع، فكانت التركيبة
التي تضم مرشحين متنوعين مجرد تغطية لتمرير مطالب هذا الطرف». هذا الطرف لم يكن سوى
حركة أمل التي تمسكت بكليتي العلوم وطب الأسنان، فتمت المبادلة مع كليتي الآداب
والزراعة، احتراماً للتوازن الطائفي.
اللافت أن تغيب الجامعة كمؤسسة تربوية وطنية عن الكتاب المفتوح الذي وجهه
«تجمع
الأساتذة المسلمين في الجامعة اللبنانية في الشمال» إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي
يطلب فيه التدخل المباشر لحماية «التراضي والتوافق السياسي والطائفي والمذهبي
وتغليب التوقيت الأمثل درءاً للتوترات المتصاعدة!».
التجمع يدعو ميقاتي إلى الدفاع عن «مصالح ومواقع من تمثّل في الجامعة»،
مطالباً إياه بمنع «إقصاء متعمد لرئيس الجامعة لفئات دون غيرها وعلى خلفية مذهبية!».
ومن المفارقات في المعطى
الأكاديمي أنّ التركيبة لم تجدد الدم في المواقع القيادية، إذ أبقى رئيس الجامعة
على عمداء يحظون بالرضى السياسي ومضى أكثر من 8 سنوات على وجودهم في العمادات، في
حين أنّه لو كان يريد تطبيق روحية القانون 66، فإنّ العميد يمضي بحسب القانون 4
سنوات غير قابلة للتجديد.
كذلك فقد أطاح القرار عمداء يعترف أهل كلياتهم بكفاءتهم لمصلحة آخرين، هناك التباس
بشأن رتبهم وشهاداتهم.
العمداء الثمانية هم الدكاترة: جان داود (الفنون)، فؤاد أيوب (طب الأسنان)، رئيس المكتب
التربوي في حركة أمل حسن زين الدين ( العلوم)، أسما شملي
(الآداب)،
سمير المدور (الزراعة)، جورج سعد (معهد الدكتوراه في الحقوق)،
طلال عتريسي (معهد الدكتوراه في العلوم الاجتماعية) وفواز العمر (معهد الدكتوراه في
العلوم والتكنولوجيا). العمداء المكلفون مقرّبون من التيار الوطني الحر والكتائب
وتيار المستقبل وحزب الله. قرار التكليف فاجأ رابطة الأساتذة المتفرغين وهي ستعقد
مؤتمراً صحافياً ظهر 23 الجاري، لتوضيح الملابسات، مؤكدة استعدادها للمواجهة
النقابية مع «البعض الذي يحاول أن يرسم خطوطاً لعملها أو اختار المواجهة معها».
وقالت إنها لم تتأخر عن التقدم بطعن عندما علمت بالخلل الكبير الذي شاب انتخابات معهد العلوم الاجتماعية، مطالبة فيه بإلغاء هذه الانتخابات وإعادتها وهذا ما حصل، وكانت تنتظر إعلاناً رسمياً لنتائج ترشيحات كلية الآداب وفقاً لما ينص عليه القانون 66، و«حتى تاريخه لم يصدر عن رئاسة الجامعة مثل هذا الإعلان، وما بني على باطل فهو باطل».
وسألت الرابطة: «لماذا اختيار هذه الكليات دون غيرها؟ وما هي المعايير أو القواعد التي تمَّ اعتمادها للقيام بعملية التغيير، ما يستدعي التساؤل عن سبب بقاء عمداء مُنعوا حتى من الترشح في كلياتهم؟! فهل أن ممارسة الصلاحيات هي عملية استنسابية أم أنها مبنيَّة على معايير أكاديمية وقانونية؟».
وفي وقت لاحق، اتصل بنا أمين الإعلام في الرابطة د. جوزيف شريم يطلب منا نشر هذا التصريح: «كنا نتمنى أن يصدر بيان الرابطة المتعلق بتكليف العمداء بحضور جميع الأعضاء، كما جرت العادة، فالأمور الحساسة التي تطال الجامعة يجب أن يطّلع عليها كل الأعضاء وخصوصاً أمين الإعلام». وعندما سألنا شريم عن سبب عدم حضوره الاجتماع الدوري للرابطة الذي يعقد كل نهار خميس، قال إنّه طلب من رئيس الرابطة حميد الحكم تأجيل الاجتماع والتريث في اتخاذ الموقف لقراءة القرار على الأقل، لكن الحكم لم يوافق، ثم «إنني كنت شخصياً مرتبطاً بموعد في رأس بعلبك!».
تحمل الإدارة العامة المالية همّ جعل الإنفاق العام يتوافق مع الإيرادات. تعمل على خفض الإنفاق وضبطه، حيث هذا الأمر ممكن. الجامعة اللبنانية هي المؤسسة التي تحاول وزارة المال خفض إنفاقها بإصرار وبدون كلل.
ألبير داغر
1ــ الجامعة: عرض حالة
تمنح الجامعة اللبنانية وحدها شهادات لنصف متخرجي لبنان. بلغ متوسط عدد طلابها نحو 72 ألفاً خلال السنوات الثماني الأخيرة. يدرّس فيها أساتذة مثبّتون في الملاك ومتفرّغون ومتعاقدون كان عددهم في آخر 2012 نحو 5163 أستاذاً، منهم 1438 أستاذاً في الملاك ومتفرغاً. أي أن نسبة الأساتذة المثبّتين بلغت 28 بالمئة من المجموع، مقابل 72 بالمئة للمتعاقدين بالساعة (جبر، 2013).
لا تزال الجامعة اللبنانية تستقطب هذه النسبة الكبيرة من الطلاب، رغم نشوء عشرات الجامعات الخاصة التي تأخذ قسماً متزايداً منهم.
هذه الأخيرة هي مؤسسات تجارية عادية، ينجح من يرتادونها باستحقاق أو بدون استحقاق. ويشكّل ذلك مصدر «تنافسيتها». بالمقابل، تشكّل هذه الجامعات وبالاً على لبنان وعلى مستوى التعليم فيه، وعلى مستقبله الاقتصادي. لا تزال الجامعة اللبنانية تفخر بأنها تطبّق معايير جدية في عملها، تظهر في الأخذ بمبدأ الاستحقاق للنجاح في الامتحانات، ويعبّر عنها وجود نسبة رسوب مهمة فيها.
عاش أساتذة الجامعة اللبنانية مثلهم في ذلك مثل بقية موظفي الإدارة العامة، بمداخيل
مزرية بعد 1984، أي خلال حقبة انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، وقبل تعديل سلسلة
الرتب والرواتب في 1996. في نهاية الحرب اللبنانية، كان راتبهم الشهري لا يتجاوز
مئتي دولار. وفي مطلع التسعينيات، إبان الانهيار الأخير لسعر صرف الليرة، لم يكن قد
تجاوز الثلاثمئة وخمسين دولاراً. وحين ارتفعت رواتبهم بفعل تعديل سلسلة الرتب
والرواتب، استعادوا القدرة الشرائية التي كانت لهم مطلع الثمانينيات. وقد تآكلت هذه
القدرة الشرائية بنسبة خمسين بالمئة بعد سنتين من الحصول عليها.
أمضى الأساتذة بعد 1996 خمسة عشر عاماً من دون زيادة رواتب تقريباً. كانت مداخيلهم
في 2011، مع معدّل تضخّم تراكمي بلغ 110% خلال الفترة ذاتها، قد فقدت نصف قدرتها
الشرائية. أعادت لهم زيادة الرواتب عام 2011 القدرة الشرائية التي حصلوا عليها عام
1996. خلال الثلاثين سنة الماضية، جرى تصحيح الرواتب مرتين، مرّة كلّ 15 سنة.
الأمر الثاني المهم لوضع الأمور في نصابها، هو المقارنة مع الجامعات الخاصة. درّس أكثر الذين تم تفريغهم عام 2008، في جامعات خاصة معروفة. كانوا يقبضون في هذه الجامعات ضعف ما باتوا يحصلون عليه بعد تفرّغهم في الجامعة اللبنانية. قبلوا بهذا الوضع بسبب الأمان الوظيفي الذي توفره الوظيفة العامة، وبقي قسم منهم يدرّس سرّاً في القطاع الخاص لضمان دخل إضافي.
تتيح المقارنة مع مؤسسات القطاع الخاص إظهار أن رواتب الجامعة اللبنانية بعد
الزيادة لا تزال أقلّ من أجور أساتذة الجامعات الخاصة. وقبل زيادة الرواتب عام
2011، كانت أقساط ثلاثة أولاد في المرحلة الابتدائية، في المدارس الخاصة، تستحوذ
على أكثر من 40% من راتب الأستاذ الجامعي من الرتبة الأعلى.
تحقّق للجامعة إنجازان بالغا الأهمية خلال السنوات الأخيرة. أولهما تفريغ
700
أستاذ دفعة واحدة عام 2008، بعد حقبة طويلة من الحجر على الجامعة، بدأت مع تسلّم
الوزير ميشال إده وزارة الثقافة والتعليم العالي. بدا الرقم كبيراً، لكنه لم يغطِّ
سوى جزء بسيط من الشغور الفادح في الجهاز التعليمي الدائم، وخصوصاً أن المتفرّغين
توزعوا على أكثر من 50 فرعاً لكليات الجامعة الست عشرة. لا تكتسب الكليات وفروعها
كياناً إلا بوجود كتلة متفرغين مهمة فيها.
كان الإنجاز التالي، اعتماد سلسلة رواتب جديدة عام 2011، أعادت للأساتذة القدرة
الشرائية التي كانت لمداخيلهم قبل خمسة عشر عاماً، كما سبقت الإشارة. لم تنجح
تحركات الأساتذة خلال 2012 و2013 في تفريغ دفعة جديدة من الأساتذة، تبيّن أوضاع
كليات الجامعة وفروعها أنها بأمسّ الحاجة إليها.
تقدّمت
أولويات أخرى لدى الحكومة منعت تحقّق هذا الأمر. يخضع الإنفاق العام لقاعدة توازن
المداخيل والمصروفات، ويؤدي إلى تأجيل أوجه كثيرة من الإنفاق سنة بعد سنة.
تشهد الجامعة تراجعاً في جهازها الإداري لجهة تزايد الشغور وتقدّم الإداريين في
السن وعدم تجديد الملاكات الإدارية للجامعة. أول من يتحقّق من ضعف الملاكات
الإدارية هم الطلاب الذي يفاجأون من تردّي الخدمات المقدمة لهم. ترخي حالة الشغور
بثقلها على بيئة الجامعة، وتجعل الجو داخلها قاتماً، ومدعاة لكثير من الخيبة لدى
المتضرّرين.
تبدو الجامعة خلال الحقبة الأخيرة أكثر تعرّضاً للضغط عليها من أجل خفض موازنتها
وأوجه الإنفاق فيها. يظهر ذلك من الخلاف القائم منذ فترة حول موازنة صندوق التعاضد.
ويظهر أكثر من الاقتطاعات التي يقال إنها ستتناول البنود المختلفة لموازنة الجامعة.
ومنها ما يتناول الإشراف على أبحاث الطلاب وتصحيح المسابقات ومراقبة الامتحانات.
قيل إن عمداء كليات لا تتضمّن مناهجها إجراء أبحاث من قبل الطلاب، طالبوا بإلغاء
بدل الإشراف.
المعنيون من مسؤولي الجامعة بالدفاع عن موازنتها، هم الأكثر تماساً مع مشاكل
تسييرها اليومي، والأكثر اطلاعاً على مظاهر الفساد وعدم المسؤولية وعدم الأهلية في
أداء بعض العاملين فيها. يزداد غبنهم حين تأتي التدخلات الخارجية لمنع محاسبة أو
معاقبة مرتكبين ومخلّين بواجباتهم. لطالما شكّلت فئة المرتكبين هذه من العاملين في
الإدارة العامة، العدو الرئيسي لهذه الأخيرة. يجعل هذا الوضع المستمر على مدى حقبة
ما بعد الحرب، بعض المسؤولين أكثر قابلية للتنازل عن مكتسبات الجامعة. ولو أخذنا
الإشراف على أبحاث الطلاب مثالاً، فإن إلغاء البدل يفاقم تردي عملية الإشراف، في
حين أن الأفضل، التعرّف على مصدر الخلل القائم، وإجبار الأساتذة المخلّين على
القيام بواجباتهم.
2ــ سقوط النيوليبرالية في العالم
النقاش الأهم هو حول موقع الجامعة اللبنانية في مجتمعنا ونظامنا السياسي. هل نريدها وهل هي حاجة؟ هل ينبغي خصخصة التعليم العالي، وتالياً الجامعة اللبنانية؟ هل تنسحب الدولة أكثر من أدوارها، ومنها دورها في توفير الحماية الاجتماعية (social protection) للمواطنين. الجواب يكون أفضل باستقراء تجارب غيرنا.
شهد العالم كلّه خلال الحقبة النيوليبرالية المستمرة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، تمدّد اقتصاد السوق وحلول القطاع الخاص محل القطاع العام في بلدان كثيرة.
تم ذلك حتى في البلدان التي امتلكت بعد الحرب العالمية الثانية قطاعاً عاماً واسعاً، كدول أوروبا الغربية، ومنها فرنسا. وإذا كان صحيحاً أن النيوليبرالية غيّرت وجه العالم، لجهة حلول القطاع الخاص محل القطاع العام في مختلف البلدان، فإن الصحيح أيضاً، هو أن تطبيقها لم يترافق في كل التجارب مع النيل من مكتسبات المواطنين الاجتماعية. يصح هذا الكلام على بلدان أوروبا الغربية وبعض بلدان أميركا اللاتينية وشرق آسيا. حققت بلدان أوروبا الغربية الخصخصة للاقتصاد من دون المساس بالمكتسبات الاجتماعية للمواطنين. تخصّص فرنسا نحو ثلث موازنتها السنوية للإنفاق الاجتماعي، ومواجهة الانعكاسات السلبية للخصخصة على القوى العاملة.
ترصد هذه المبالغ لتغطية نفقات ضمان البطالة والضمان الصحي وضمان الشيخوخة والإنفاق
على دورات التدريب والتأهيل التي يخضع لها العاملون في مختلف القطاعات، إلخ (إيفانز
وسويل، 2013: 32). استفادت شعوب أميركا اللاتينية من دمقرطة الأنظمة السياسية فيها.
أتاح لها ذلك التعبير عن مصالحها، والنضال من أجل مزيد من الحماية الاجتماعية من
قبل الدولة لها. يقيم إيفانز وسويل ترابطاً بين الدمقرطة والقدرة على التعبير
السياسي والمطلبي، وبين التحسّن لشروط المعيشة والتقديمات الاجتماعية للأكثر حاجة
إليها بين المواطنين
(المصدر نفسه:
34). وفي عز الهجمة النيوليبرالية على العالم، اعتمدت بلدان كالبرازيل وفنزويلا
وبوليفيا، وتشيلي أخيراً، نماذج أقرب إلى الاشتراكية الديموقراطية ومؤسساتها التي
عرفتها حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وفّرت هذه
السياسات لشعوب هذه البلدان مزيداً من الحماية الاجتماعية التي كانت تحتاج إليها،
في مجالات العمل والطبابة والتعليم والحد الأدنى للدخل.
أما تجربة العالم الأنكلوسكسوني، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، فهي عكست
ازدياداً هائلاً في تفاوت الدخل، حيث حافظ الأجر الفعلي على مستواه خلال الأربعين
سنة الماضية، في حين تضاعفت خمس مرّات مداخيل العشرة بالمئة الأغنى خلال الفترة
ذاتها، وتراجعت جودة التقديمات الاجتماعية، وخصوصاً الصحية منها، وتزايدت نسبة
المهمّشين والفقراء (المصدر نفسه: 26). أظهرت التجربة الأميركية تلازم هيمنة الفكر
النيوليبرالي واحتلال القوى المحافظة لسدة الحكم وازدياد التفاوت الاجتماعي
والإفقار للشرائح الدنيا من المجتمع.
توافقت الولايات المتحدة مع المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، على نقل هذه التجربة إلى عموم البلدان النامية عبر «توافق واشنطن». كانت سياسات التنمية النيوليبرالية الطابع، ودور المؤسسات الدولية في وضعها موضع التنفيذ في مختلف البلدان النامية، وبالاً على هذه البلدان.
تفرّد لبنان بعد الحرب بأن الدولة فيه أخذت جانب «أصحاب الريوع المالية»، وأهملت المنتجين وما له علاقة بحاجات المواطنين من بنى تحتية وتعليم وصحة. ستدفع الدولة، وفقاً لمشروع موازنة 2014 نحو 6117 مليار ل. ل. أو أربعة مليارات دولار، فوائد على الدين العام، تضاف إليها المبالغ التي يدفعها البنك المركزي على المبالغ المودعة فيه العائدة للقطاع المصرفي الخاص. تبلغ موازنة الجامعة السنوية 345 مليار ليرة لبنانية، أو 230 مليون دولار (الحاج، 2014). أي أن خدمة الدين العام تفوق بـ 18 مرّة موازنة الجامعة.
لا تتلكأ الدولة في دفع كلّ ما يجب عليها للمدينين، لكنها تتهاون في القيام بواجباتها تجاه عشرات آلاف الطلاب، الذين يمثلون مع أهلهم غالبية الشعب اللبناني.
منذ الأيام الأولى للاستقلال، كان بعض الاقتصاديين النقديين يتساءلون لماذا تخصّص الدولة كل همّها لبضعة أنشطة لا تستفيد منها القوى العاملة اللبنانية إلا بالنزر اليسير، ولماذا تهمل ما له علاقة بالأكثرية الساحقة ومصالحها؟ لم يتغيّر شيء على مدى حقبة الاستقلال كلّها. دفع لبنان وشعبه غالياً ثمن هذا التحيّز. هاجر اللبنانيون وما انفكوا يهاجرون بوتيرة تزداد مع الأيام.
لا يزال المليارديرية الذين يمثلون المهمّشين في المجالس التمثيلية ومؤسسات الحكم،
يطبقون حين يتسلّمون الحكم، سياسات تهتم بمصالح أصحاب التوظيفات المالية فحسب.
ترتفع أسعار البناء والشقق التي سيسكنها الشباب خمس مرات خلال ست سنوات، في حين
تبقى مداخيلهم على حالها، ولا أحد يرى في ذلك ما يستوجب السؤال (بيشون، 2012).
توفر هذه الارتفاعات لـ«الاستثمار الأجنبي المباشر» _ وهي التسمية التي يطلقها
اللبنانيون عن خطأ على هذه التوظيفات _ أرباحاً لا يمكن تحقيق مُشابه لها في أي
مكان آخر في العالم. لا تترك هذه السياسات لشباب لبنان إلّا الهجرة مخرجاً. تركت
النيوليبرالية بصيغتها الأنكلوسكسونية أينما حلّت، مجتمعات محطّمة. يبدو الأساتذة
الدائمون في الجامعة اللبنانية وسط الحطام اللبناني، أصحاب امتيازات. يرسل مواطنون
شرفاء أولادهم إلى الجامعة اللبنانية، لأنهم لا يستطيعون تحمّل كلفة المؤسسات
الجامعية الخاصة العالية الكلفة. تقع حماية الجامعة اللبنانية في خانة الحماية
الاجتماعية التي ينبغي أن توفّر للمواطنين. إذا اكتفينا بهذه الحجة للدفاع عن
الجامعة اللبنانية، يكون ضرورياً أن تزيد الدولة تدخّلها لصالح هذه المؤسسة، لا أن
تنسحب من المسؤولية تجاهها بشكل إضافي.
3ــ الحاجة إلى الجسم النقابي للجامعة
على مدى حقبتي الحرب وما بعدها، كان ثمة مجموعة بعينها من الأساتذة تطوّعت لحمل لواء مطالب الجامعة. كانت تؤمن متابعة ملفاتها وتخوض مواجهات مع الإدارة الحكومية بشأنها. كانت تنجح أحياناً، وأحياناً تخفق. كان البعض من الأساتذة ينتقدون أحياناً طرقها الاستعراضية، ويُثنون على نشاطها. كبرت هذه المجموعة في السن، وبات أغلبها متقاعداً أو على أبواب التقاعد.
افتقدت الجامعة الدور الذي كانت تلعبه هذه الأداة النقابية. بات ضرورياً أن يتقدم أساتذة من الصفوف الخلفية لتأمين استمرارية العمل النقابي لأساتذة الجامعة.
المراجع
Evans Peter٬
William H. Sewell٬
Jr.٬
“The Neoliberal Era: Ideology٬
Policy٬ and Social
Effects”٬
in Peter Hall and Michele Lamont (eds.)٬
Social Resilience in the Neo-Liberal Era٬
Cambridge University Press٬
2013.
Pichon Muriel.٬
« Au Liban٬
le marché de l’immobilier se transforme-t-il au profit des acheteurs ? »٬
L’Orient Le Jour٬
28 juillet٬
2012.
- إبراهيم جبر، «ملفات الجامعة اللبنانية وحاجاتها رُحّلت إلى السنة المقبلة»،
النهار، 17/ 5/ 2013.
- فاتن الحاج، «رئيس الجامعة اللبنانية: سأمارس صلاحياتي»، الأخبار، 4/ 1/ 2014.
*
باحث لبناني
بتوقيت بيروت