ترأس وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي، إجتماعا مشتركا لمجلس التعليم العالي واللجنة الفنية الأكاديمية التي تم تشكيلها حديثاً، وذلك في حضور أعضاء المجلس والخبراء والمستشارين.
وتحدث الوزير الحلبي في بداية الإجتماع وقال: نرحب بكل منكم، في الإجتماع الأول بين مجلس التعليم العالي واللجنة الفنية الأكاديمية، وأشكركم لقبول المهمة الكبرى، لأنه يرتبط بها سير عمل مجلس التعليم العالي وكل القضايا المتصلة به. سيما وأن القطاع شهد مرحلة من الفراغ أو الإنقطاع، إضافة إلى التجاذبات التي عطلت البلد لفترة طويلة، وقد سبق لعدد منكم أن كانوا أعضاء في لجان سابقة.
إن ملف التعليم العالي هو ملف حيوي للحفاظ على جامعاتنا الجيدة وعلى شهاداتها، وقد شكل ذلك ميزة تفاضلية مكنت اللبنانيين من تبوء مراكز مهمة.
وهناك عشرات الملفات العالقة، تتصل بكل جامعات لبنان، وقد استقبلت العديد من مندوبي الجامعات الذين شكوا التأخير نتيجة عدم انعقاد اللجنة الفنية أو مجلس التعليم العالي، ما دفعني لإعادة تركيب الهرمية الإدارية لتفعيل العمل.
لذا أتمنى منكم المباشرة في الإجتماعات، وأتمنى على المديرية العامة للتعليم العالي البدء بتحويل الملفات إلى اللجنة الفنية. كما أنه توجد ملفات لم تدرسها اللجان الفنية بعد ويتوجب إنجازها.
أضاف: هناك أولوية لجهة النظر بموضوع الإعتراف بالشهادات وتسوية أوضاع الطلاب الذين درسوا وأنهوا دراستهم ولم يحصلوا على الإعتراف، والأولوية هي إنقاذ هذه المجموعة من الطلاب، فيما يتم تحديد الجامعة المخالفة لكي تؤخذ الإجراءات بحقها بحسب مقتضيات القانون.
نحن وأعضاء مجلس التعليم العالي، لن نوفر جهداً لضبط الأمور، وآمل أن تضعوا منهجية عملكم، لكي نعرف كيفية إنسياب الملفات وصولاً إلى إنجازها.
ثم غادر أعضاء اللجنة الفنية الأكاديمية الإجتماع، وتابع مجلس التعليم العالي برنامج عمله، وناقش المجتمعون الأنظمة والبرمجيات الإلكترونية التي تتيح التواصل بين دائرة المصادقات وإدارات الجامعات بصورة فورية، أو عن طريق تسليم لوائح إسمية رسمية ورقمية بأسماء الخريجين والإختصاصات والشهادات والإفادات المعروضة للمصادقة.
كما تابع المجلس الملاحظات على مسودة مشروع مرسوم تنظيم شهادة الماجيستير، على أن يتم تخصيص جلسة خاصة لدراسته بصورة نهائية في مهلة عشرة أيام.
وكلف المجلس أحد أعضائه إعداد دراسة تتعلق بالدورات التدريبية التي تجريها الجامعات، بغية تحديد توجهات المجلس لجهة تصديقها من دون ان تشكل وثائق صالحة للمعادلة.
بوابة التربية: دعا “لقاء النقابيين الثانويين” في بيان، قوى المعارضة إلى التعاضد والتآزر في سبيل حفظ أصول العمل النقابي، وقال:
تشكَّل “لقاء النقابيين الثانويين” بالأساس من رؤية ترى ضرورة تظافر كل الجهود، وتكاتف كل الطاقات والكفاءات، في إطار جماعة نقابية مرنة متحرِّرة من الأجندات السياسية والحزبية. وهذا قد تم وأكدته الأرقام التي أفرزتها الانتخابات.
وتأسيساً على ذلك ولأن هذه الجماعة النقابية المرنة المتحرِّرة من الأجندات السياسية والحزبية تُعطي الأولوية المطلقة للدفاع عن الوظيفة العامة والمدرسة الرسمية وحقوق الأساتذة في مواجهة الوصاية الاقتصادية الدولية والقوى الحكومية النيابية التي تنفذ قراراتها بالتآزر والتعاضد والشراكة.
وإنطلاقاً مما تحقق في الإنتخابات الأخيرة ببروز أغلبية معارضة من المندوبين، وعطفاً على النصوص المتعلقة بصلاحيات مجلس المندوبين في النظام الداخلي لرابطة الثانوي لا سيما المادة ٣٩ التي تنص على أنّه: “يحق لمجلس المندوبين حجب الثقة عن الهيئة الإدارية بناءً على اقتراح من ربع أعضائه وفي اجتماع يحضره ثلثا المندوبين شرط أن ينال الإقتراح الأكثرية المطلقة”، فإن الأمر الذي يُبنى عليه هو هذه الأغلبية.
وبما أن التدافع الرئيسي هو مع قوى السلطة المهيمنة على قرار الرابطة. وبما أن إستيلاء هذه القوى على الهيئة الإدارية يمكن أن يتحول، في ظل النِسَب التي أظهرتها الإنتخابات، إلى نقطة ضعفها ومدخلاً لتطويقها في سبيل حفظ أصول العمل النقابي ودور الجمعيات العمومية وحقوق الأساتذة.
وفي سبيل تحقيق ذلك، فإننا في “لقاء النقابيين الثانويين” نقترح على جميع المعارضين، لائحة قوى التغيير النقابية، النقابيين المستقلين المنفردين، لائحة مستقلون، باعتبار حصولنا سوياً على أكثرية واضحة من أصوات المندوبين (٥٣٪)، خوض المواجهة بالتعاضد والتآزر إنطلاقاً من مجلس المندوبين والهيئة العامة، وانتخابات مجالس الفروع، علي أن يُمارس كل منا آداءه النقابي إنطلاقاً من وجهته ورؤيته النقابية. ومن جهتنا كـ “لقاء نقابيين ثانويين” فإننا لن نوفر جهداً، وعلى قاعدة تمسكنا باستقلاليتنا ووجهتنا النقابية المعارضة المستقلة المتحررة من الأجندات السياسية والحزبية، واحتفاظنا بحق ممارسة الإعتراض داخل الرابطة وخارجها، لبث دينامية مستمرة في مجلس المندوبين والهيئة العامة بغية تحويل الهيئة الإدارية من موقع إختراق لقوى السلطة إلى موقع يحاصرها في ملزمة بين الجسم الحي للأساتذة (أي مجلس المندوبين والجمعيات العمومية) من جهة وقرارات القوى الحكومية النيابية المقيّدة بتنفيذ توجهات ووصفات الوصاية المالية والنقدية الدولية من جهة أخرى. هذه القوى التي أصبحت إمتداداً مباشراً لهذه الوصاية في الرابطة.
"النهار" ــ أكد وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي أنّه "من السابق لأوانه حسم موضوع الامتحانات الرسميّة"، لافتاً إلى أنّه "لا نريد أن نصل إلى حزيران وتموز والتعليم الرسمي لا يزال على إضرابه، فحينها لا يمكننا إجراء امتحانات فقط للمدارس الخاصة".
كما أكد الحلبي، عبر الـ"أم تي في"، أنّ "التعليم الحضوري أساسي، والمتعاقدون يصوّرون وكأنّي في مواجهة معهم في حين أنّ وظيفة وزير التربية هي حماية التعليم، وسعيت قدر الإمكان لتحقيق مطالب المعلمين بالتعاقد".
وأضاف: "ذاهبون إلى مكان لا نرغبه، وسأحاول تأمين الدعم من الجهات المانحة لإنقاذ الوضع وما يهمني هو استكمال العام الدراسي".
"النهار" ــ ابراهيم حيدر ــ لم يكن أحد يتوقع أن تنقلب الامور في القطاع التربوي رأساً على عقب، من هجرة معاكسة، إذ كان تلامذة المدرسة الخاصة ينتقلون إلى الرسمية بسبب الأزمة المعيشية وعدم قدرة الأهالي على تحمّل كلفة تعليم أولادهم في الخاص. اختلف الوضع اليوم، ليس بسبب الانهيار فحسب بل نتيجة الحالة المزرية التي يعانيها التعليم عموماً والتعليم الرسمي خصوصاً الذي أصبح الحلقة الأضعف في بنيان التعليم اللبناني. نشهد اليوم حركة معاكسة، بتسارع الهجرة من المدرسة الرسمية إلى الخاصة في شكل خارج التوقعات. المعلومات التي حصلت عليها "النهار" من وزارة التربية ومديريات التعليم والمناطق التربوية، تشير إلى أن 60 الف تلميذ وتلميذة هجروا المدرسة وخسرهم التعليم الرسمي، فيما عدد آخر يبلغ 20 الفاً تسجلوا لكنهم يبحثون عن مدارس غير مكلفة لأبنائهم، وذلك بعدما تعطّلت الدراسة لنحو 4 اشهر بسبب مقاطعة المعلمين خصوصاً المتعاقدين الذين يستمر معظمهم في الإضراب طلباً لبدل النقل والمنحة الاجتماعية.
خسرت المدرسة الرسمية ربع تلامذتها حتى الآن، على الرغم من تامين وزارة التربية مستلزمات الدراسة من كتب مجانية وهي وزعت على المدارس نحو 3 ملايين و500 ألف كتاب إضافة إلى مستلزمات مواجهة وباء كورونا أمنتها من المنظمات الدولية والجهات المانحة. لكن توقف التعليم في مقابل استمرار المدارس الخاصة التدريس في شكل طبيعي جعل المدرسة الرسمية في وضع كارثي وأمام انهيار محتوم إذا بقيت الامور على حالها. لكن المشكلة الاخطر تتمثل بتسرب قسم كبير من تلامذة الرسمي إلى الشارع، أي أن الوضع لا يقتصر على الانتقال الى مدارس خاصة. ووفق المعلومات أن قسماً كبيراً من التلامذة انتقلوا إلى مدارس خاصة غب الطلب، غالبيتها إفرادية وتجارية، تسعى الى استقطابهم بعروض مغرية أقل ما يقال فيها أنها لا تقدم تعليماً بالحد الادنى، فيما البعض ذهب الى مدارس مجانية، وقلة قليلة تمكنت من تسجيل أبنائها في مدارس خاصة متوسطة المستوى.
في العامين الدراسيين الماضيين حدثت هجرة من الخاص الى الرسمي بسبب الاوضاع المعيشية، وليس انطلاقاً من الثقة بالتعليم بالمدرسة الرسمية، لكن الأرقام التي جرى الحديث عنها أي عن 100 الف تلميذ انتقلوا الى الخاص كانت للترويج في عهد الوزارة السابقة، ليتبين أن المجموع لم يتعد الـ20 ألفاً. وبينما نشهد اليوم خروج بين 60 ألف تلميذ و80 الفاً من الرسمي يعني أن هذا التعليم لم يعد يجمع الا نسبة اقل من 25 في المئة من تلامذة لبنان، فيما الخاص غير المجاني، والمجاني ومدارس الاونروا باتت تستوعب 75 في المئة، علماً أن في لبنان بحسب احصاءات المركز التربوي للبحوث والانماء للعام الدراسي 2020 – 2021، 1053956 تلميذاً، بينهم 8.21 تلميذ سوري و4.7 فلسطينيين، و1.8 من جنسيات مختلفة، كان يمثل التعليم الرسمي من المجموع العام 36 في المئة. ووفق المعلومات يتبين أن الخسارة تركزت في محافظات جبل لبنان وبيروت والجنوب في شكل رئيسي.
يوجد في لبنان 2796 مدرسة، يمثل التعليم الرسمي منهم 44.21 في المئة. وبما ان قسما من المدارس الرسمية معطل، رغم عودة اساتذة الأساسي والمهني الى التعليم، إلا أننا سنكون أمام مشهد اقفال العديد من المدارس الرسمية بسبب خسارة تلامذتها، مع استمرار المقاطعة المفتوحة وبسبب أيضاً تراجع المستوى وتراكم المشكلات خلال السنوات الثلاث الماضية، وقد يؤدي ذلك الى الغاء العديد من عقود الاساتذة. الواقع الحالي يلخصه وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي الذي لم يُنف خسارة التلامذة، بالكارثة إذا بقي الوضع على ما هوعليه، وهو يدعو الأساتذة المقاطعين للعودة الى المدرسة بعد قرارات مجلس الوزراء بالمساعدة، والتعويض للتلامذة قبل أن ندخل مرحلة اللاعودة.
نفذ الأساتذة المتعاقدون في التعليم المهني والتقني الرسمي في محافظة عكار، إعتصاما ووقفة رمزية أمام سرايا حلبا وطالبواالحكومة مجتمعة ب"تحقيق مطالبهم ليعودوا الى التعليم".
نمير
وتحدث وليد نمير باسم المتظاهرين، مطالبا المسؤولين ب"انصافهم لأن التعليم الرسمي أصبح في خطر ومستقبل التلاميذ في خطر"، متوجها الى وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي بالقول:"شكرا على التهديد والوعيد. يا سعادة القاضي لا ينصف المظلومون بهذه الطريقة، فالاضراب حق ونحن لن نمتنع عن التعليم انما نحن عاجزون. كفانا وعودا والى مدارسنا لن نعود، فلا تهدد بالغاء العقود، لن نتراجع عن الاعتصامات وسنبقى في الساحات الى ان تقر كل التحفيزات".
ثم ألقيت كلمات طالب في خلالها المتعاقدون ب"اقرار مطالبهم المحقة وهي: دفع في أسرع وقت ال35 بالمئة من قيمة العقد عن العام المنصرم اضافة الى دخولهم في الضمان وبدل نقل عن كل يوم عمل"، واكدوا انهم "ليسوا أصحاب إضرابات واعتصامات، وان مكاننا بين طلابنا وأوضاع المتعاقدين أصبحت مزرية للغاية"، مطالبين وزير التربية ب"الضغط في جلسات مجلس الوزراء لتحقيق المطالب وإقرارها". وختموا مؤكدين "استمرارهم في الإضراب حتى تحقيق المطالب كافة".
أصدرت اللجنة التمثيلية للأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية بيانا جاء فيه: "صرح رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور بسام بدران يوم الجمعة في 28 كانون الثاني الفائت، أن الجامعة أنجزت ملف التفرغ وأودعته رسميا وزارة التربية. كما أكد رئيس الجامعة "الإيجابية التي يتعاطى بها الوزير القاضي عباس الحلبي مع الملف والضغط باتجاه إقراره في مجلس الوزراء".
أضافت: "بناء على ما تقدم، تطالب اللجنة الوزير الحلبي إحالة الملف على الأمانة العامة لمجلس الوزراء إنفاذا لوعده، فور استكماله من رئيس الجامعة بالوثائق الضرورية، بغية إقراره سريعا في أقرب جلسة حكومية".
وختمت: "في هذا السياق، تؤكد اللجنة أن إقرار ملف التفرغ شرط أساسي لانتظام العمل الأكاديمي في الجامعة ويفتح الباب لعودة الاساتذة المتعاقدين الى صفوفهم لملاقاة طلابهم".
بوابة التربية: تمنى رئيس رابطة قدامى أساتذة الجامعة اللبنانية د. شبيب دياب، من الإجتماع الذي سيعقد عند الساعة 10:30 من قبل ظهر غدٍ الجمعة، في وزارة المال إجتماع لدراسة جدولة الطبابة العسكرية وطبابة الأساتذة الجامعيين، ان يأتي بقرارات حاسمة تساند المتقاعدين، وقال في بيان:
يهم رابطة قدامى أساتذة الجامعة اللبنانية ان تحيط جميع السؤولين علما ان الأوضاع المعيشية الصعبة قلصت نفقاتنا على المأكل والملبس الى الحد الأدنى الضروري للبقاء على قيد الحياة، ولكن تقليص النفقات على الطبابة يعني الموت، لذا نلح عليكم في طلب المحافظة على تغطية نفقات الطبابة بصرف النظر عن أي اعتبار اخر، لان خسارة الحياة لا تعوض، فالعديد من المتقاعدين يتردد في زيارة الطبيب واجراء الفحوصات المخبرية وشراء الادوية، نظرا لكلفتها العالية، فكيف بالاستشفاء الذي تعرفون انه لم يعد في مستطاع اي من المتقاعدين.
لا نحسب انكم ستقفون ضد الحق في الطبابة، ونرجو من اجتماعكم غدا الجمعة 4 شباط 2022 ان يأتي بقرارات حاسمة تساند هذا الحق، حق البقاء على قيد الحياة.
"النهار" ــ الدكتور نبيل قسطه* ــ حتّامَ الصمتُ وعلامَ السكوت وإِلامَ الانتظار!؟ أجل، لقد حانَ الوقتُ لكي تعترِفَ الدولةُ اللبنانيَّة بأنَّ الأساسَ الذي بنَتْ عليه التربيةَ التي اتّخذت صفة "الرّسميَّة"، لم يَكُن متينًا. لقد حانَ الوقتُ لِكَي تعتَرِفَ الدّولة من دون تردُّدٍ وبلا خجَلٍ بأنَّ ما قدَّمته للتربية كان دون المتوخّى ولم يُلبِّ التوقُّعات. حانَ الوقتُ لكي تُقِرَّ الدولةُ بأنَّها أولتِ القطاعَ العامَّ أهميَّةً قصوى تفوقُ تلك التي أولتها القِطاعَ الخاصّ، وقد جَعَلَتْ قِطاعَها الرسميّ أولويَّةً فيما هَمَّشَتِ القطاع الخاصّ أحيانًا كثيرة، والقليل الذي مَنَحْتَهُ لهذا الأخير لا يُقاسُ بذاك الكثير الذي خَصَّت به قطاعَها الرسميّ. وحانَ الوقتُ أيضًا للاعترافِ بأنَّ الأزمة التي تولَّدت مطلع العام 2019 فَضَحَتِ التربية في القطاع العام بِكَونِها كشفَت فيه خاصرةً "رخوةً" جدًّا، تأتَّت، ليس فقط من الإضرابات المتلاحقة بل من عدم توافر البُنية التحتيّة للتعليم عن بُعد لدى غالبيّة المدارس الرسميّة وأُسرها وتلامذتها، من كهرباء وإنترنت وأجهزة كومبيوتر وسواها، وقد جاء حجم الضرر كبيرًا ولمّا يزل في تصاعُدٍ وتزايد. ولعلّ ما قاله وزير التربية عن هذه السنة بالذات خير اعترافٍ محزن. قال: "تَلامِذة التعليم الرسمي لَم يتعلَّموا أَكثر مِن 25 يَومًا، أمَّا تَلامِذة الخاص فبَاتوا قَريبين مِن انجاز المنهاج، وهذا يؤدي إلى تفاوت كبير يطرح موضوع الامتحانات الرسمية على بِساط البحث ما لم نتمكن في التعليم الرسمي من تعويض الفاقد التعليمي". في هذا الوقت، قدَّمتِ المدرسةُ الخاصَّة بالمقابل نموذجًا بأضرارٍ أقلّ كلفةً وبمعالجات سريعة عمليّة لا تخضع لما يُشبه ذاك الروتين الإداري في القطاع الرسميّ، بحيثُ كان ما قدَّمتهُ من تعليمٍ عن بُعْدٍ فعّالًا بِمعظمِهِ، وكلَّفَ جهدًا كبيرًا واستنبَطَ من الضعف قوَّة، على الرغم من احتجاز الدولة لكثير من أموالِها وتحديدًا تلك المُخَصَّصة للمدارس المجانيّة. وهُنا لا بُدَّ لنا من التذكير بأنَّ العديد الاجماليّ لمدارس لبنان هُوَ نحو من ثلاثة آلافِ مدرسة بينها ألفٌ وأربعمئة مدرسة رسميَّة تُعلِّم مئتين وسبعين ألف تلميذ وعديد معلّميها هو خمسة وأربعون ألفًا، فيما هناك ألف وستمئة مدرسة خاصّة تعلّم سبعمئة وثلاثين ألف تلميذ. إنَّ هذا الإحصاء البسيط يُرينا حجم المسؤوليّات والقدرات والتضحيات التي تُبذَل في الخاصّ، فيما نرى مثلًا أنَّ لكلّ خمسة تلاميذ في الرسميّ معلّمًا، وهي من أفضل النِّسَبِ عالميًّا، بينما المردود التعلّميّ والنتائج مُتدنّية جدًّا قياسًا بما حقَّقهُ ويُحقّقه القطاع الخاصّ على الرغم من كلّ الأثقال والأعباء التي يتحمَّلها. وهذا ما يُؤكِّد مرّة جديدة أنَّ النظام التربويّ بِرُمَّته بات بحاجة إلى عمليّة إصلاح جذريّة بكونه بات هشًّا وقديمًا ولا يُحاكي متطلّبات التربية العصريّة، وهذا ما يُحتِّم علينا الشروع بورشة عملٍ نهضويَّة هادفة. بناءً على كلّ ما تقدَّم، نقول: "حانَ الوقتُ لِأَن يكونَ القطاع الخاصّ شريكًا كامِلًا وأساسيًّا في صنع القرار التربويّ في لبنان". كما حانَ الوقتُ كي تستفيدَ الدولةُ من خبراتِ القطاع الخاصّ، فلا يقتصر دوره على المشاركة في وضعِ أسئلة الامتحانات الرسميّة ومراقبة إجرائِها وتصحيحها، وفي وضع مناهِج تعليميَّة مرَّة كلّ ربع قرنٍ إذا حَصَلَ. وحانَ الوقت كي تُفعّل الدولة مشروع تجميع المدارس الرسميَّة، بحيث يُصار إلى ضمّ صغريات المدارس الكائنة في قرى وبلدات متجاورة إلى مدرسة رسميّة واحدة قائمة في الوسط الجغرافيّ للمنطقة، الأمر الذي يُخفِّف عن كاهل الدولة أعباء ومصارفات تشغيليّة كبيرة، وتحويل هذه الأموال لتطوير العمل ولتحسين أوضاع المعلِّمين. وبإمكان المدرسة الخاصَّة أن تقدّم الكثير في هذا المجال وعلى غير مستوى وصعيد. وحانَ الوقت لكي تَضَعَ الدولةُ خُطَّةً للفاقِدِ التعلُّميّ المتراكم من العام 2019 إلى اليوم، على أَن يُشارِكَ معلّمو المدرسة الخاصّة في هذه الخطّة، ففي النهاية هُناكَ منهج تعليميّ مُوَحَّد وهُناكَ شهادة رسميَّة موحَّدَة للقطاعَيْن.
ولكن، قبلَ الشروعِ في أيٍّ من الخطواتِ والخطط التي حانَ وقتُها أعلاه، فإنَّ الدولة مدعوَّةٌ إلى إعادة النظر في فائض المعلِّمين لديها وإعادة توزيعهم من جديد وفصل شريحة كبيرة من بينهم لملء الشواغر في الإدارات الرسميّة وهي بالآلاف، كلّ ذلك بطريقة قانونيّة عادلة تحفظ كرامة الجميع وتضمن معيشتهم. وهنا نَهيبُ بكلِّ الأحزابِ والطوائف أن تعمَلَ على تسهيل هذه الخطَّة وضمانِ نجاحِها بعيدًا من أيَّةِ وساطاتٍ وتدخُّلاتٍ قد تعيقُ تنفيذها وتَتَسَبَّبُ بإفشالِها. نَعَمْ، إنقاذ القطاع التربويّ – التعليميّ وتطويرُه يبدآنِ بهذه الخطوة الإجرائيَّة، وكلّ ما عداها من تطويرِ مناهِج وتأمين الفاقد التعلّميّ وسوى ذلك يأتي كخطوات لاحقة. استنادًا إلى كلّ ما سبق، نُؤَكّد أنَّهُ حانَ الوقت ليكونَ القطاع الخاصّ شريكًا كاملًا، وعليه، فإنَّهُ لم يَعُد مقبولًا أن تتوجَّهَ كلّ المساعدات من الجهات المانحة إلى القطاع الرسميّ دونَ الخاصّ، علمًا أنَّ هذا الأخير يضطلع بثلاثة أرباع المهمّات التعليميَّة – التربويّة في لبنان. وهنا نقترح أن تكون هذه المساعدات للقطاعَين معًا بناءً على مشروع تربويّ إصلاحيّ هادف، على أن تُضبَط من خلال نظام محاسبيّ دقيق. وبالتالي، لماذا لا نعود إلى صُلب الخطّة الخمسيّة التي أعدّتها وزارة التربية في شهر آب 2021، والتي تنطوي على رؤية تربويّة إصلاحيّة مستقبليّة من شأنها إعداد جيل يمتلك المهارات اللازمة لمواجهة العصر الجديد من جهة، ولتُمكِّنه من الإسهام في بناء اقتصاد وطنه من جهة أخرى. نَعْم ثُمَّ نعَمْ، حانَ الوقتُ لنكونَ شركاء كاملين.
*الأمين العام لرابطة المدارس الإنجيليّة في لبنان
بتوقيت بيروت