"النهار" ــ روزيت فاضل ــ خبر إيجابي: ما زال للبنان صدقيته أمام البلدان العربية تربوياً، ولاسيما من ناحية إعادة انتخاب جمال الحسامي رئيساً لل#منظمة العربية للتربية لولاية ثانية تستمر 4 أعوام.
من يعرف الحسامي عن كثب، يمكن فعلياً أن يثمن شخصيته الفذة، التي تميزت بمسيرة تربوية طويلة في مدارس جمعية المقاصد الإسلامية الخيرية ونضال استثنائي لحقوق المربين في نقابة معلمي المدارس الخاصة، التي ترافقت مع وقفات نقابية داعمة لهم في التحركات المطلبية العامة.
التقت "النهار" المقاصدي النبيل والأصيل، الذي يتحدث قليلاً عن نفسه مستخدماً دائماً لغة الجماعة للدلالة على دينامية المشاريع وزخمها بين المجموعة المعنية فيها بكل ما للمعنى من كلمة...
أكد الحسامي أن ترشيحه لولاية ثانية، كما الحال في السابق، جاء بمبادرة من نقابة معلمي المدارس الخاصة في لبنان، مشيراً إلى أن "هذا يعود إلى أمرين: الأول أنه يتعلق بسلوكياتنا في المنظمة، التي لطالما عكست مبدأ الاعتدال المعروف به اللبناني عموماً، إضافة الى أن نقابة معلمي المدارس الخاصة في لبنان نجحت في إبراز مكانتها في العالم العربي من خلال خطها المعتدل والوسطي البعيد عن الاصطفافات العربية، ما عزز ترشيحي للدورة الأولى وانتخابي رئيساً للمنظمة".
وقال: "فوجئنا بعدم طرح أي مرشح لرئاسة لمنظمة اليوم مقابل مرشح نقابة معلمي #التعليم الخاص في لبنان، ما أكد الأداء المميز لرئيس المنظمة في الدورة الأولى الممتدة 4 أعوام".
وتوقف عند حصاد الأعوام الأولى من الدورة الأولى، التي جاءت قبل جائحة كورونا، وتمثلت في تنظيم "14 مؤتمراً تربوياً بين بلدان عدة منها لبنان، تونس، الكويت، البحرين، تركيا، الإمارات، السودان، الجزائر، مصر والمغرب، من خلال معالجة عناوين تحاكي الواقع التربوي والتعليمي على مستوى العالم العربي".
ولفت الحسامي إلى أن "من حسنات هذه المؤتمرات تقريب المسافات بين 19 منظمة مندرجة تحت راية المنظمة العربية للتربية وكافة مربيها، إضافة الى إيجاد بيئة تربوية قابلة للتعاون والتشبيك في ما بينها". وأضاف: "مجلس الأمناء في المنظمة عقد اجتماعات عدة لدعم سياسات المنظمة وأطر عملها في البلدان...
أما التحدى الأكبر فكان في تطوير #التربية والتعليم والبحث العلمي".
ورأى أن الركائز الثلاث المطروحة تصطدم "بموضوع تمهين التعليم ولاسيما في إمكانية أن يكتفي المعلم بالعيش من راتبه ليتمكن من متابعة رسالته النبيلة دون أن يلجأ الى مهنة أخرى خلال دوام آخر لإعالة عائلته".
وعن رأيه بواقع التعليم عن بعد الذي فرضته جائحة "كورونا" قال: "لقد رصدنا بعض الدراسات المعدة في مراكز البحوث أو من أفراد معنيين بالتربية ليتبين أن التعليم عن بعد لم يعطِ أكثر من 20 في المئة من منهج التعليم الحضوري، الذي نحرص على تأمينه في جو صحي آمن. ونحن بصدد إقامة مؤتمر في الفترة القريبة لدراسة العامل النفسي عند التلامذة وأوليائهم والأسرة التربوية وضرورة تعزيز ثقافة الحوار خلال الحجر المنزلي...".
وكشف أننا "لمسنا دوراً تربوياً مهماً كبيراً للتربية بين البلدان من خلال تقاطعات بين دول ومجتمعات مختلفة رغم الإختلاف اللغوي بين البلدان المنتسبة إلى المنظمة، منها مثلاً في المغرب حيث تختلف طرق التعليم بين الدار البيضاء ومدينة طنجة..". أما في العامين المنصرمين، فقد لفت الحسامي إلى أن "المنظمة أقامت مجموعة دورات تدريبية على العمل التربوي النقابي مع نقابة تركيا ولبنان وتونس بالتعاون مع كل من نقابة وموظفي التعليم في تركيا ومعهد الإدارة العامة في تركيا والشرق الأوسط...".
وعن أبرز عناوين الدورة الثانية؟ بادر الحسامي بالقول: "إننا ندرس الخطوات التنفيذية للخطة المقترحة من مجلس الأمناء للدورة الثانية ويتناول فيها من الناحية النقابية إعداد دليل تربوي لغايات المنظمة في ما يتعلق بالمؤسسات والهيئات والشخصيات النقابية والتربوية، وإعداد نشرات تثقيفية في الحقوق النقابية، وإطلاق مسابقة بحثية عن آليات الإرتقاء بالعمل النقابي في الدول العربية، إضافة إلى التشديد تربوياً على الصعوبات التعلمية، والتعليم الناشط، والأمية في العالم العربي، وكل الجوانب المتعلقة بالعلاقة بين المدرسة والأهل والمعلم وسوق العمل واحتياجاته".
وليد حسين|المدن ـ تستمر انتفاضة طلاب كلية الطب في الجامعة اللبنانية رفضاً لقرار عميد الكلية يوسف فارس بإحالة الطالب هادي شماع، في السنة الرابعة، إلى المجلس التأديبي، وفصله من الجامعة لمدة شهر، والذي أدى إلى حرمانه من الامتحانات.
فبعد الاعتصام الذي نفذه طلاب الكلية وامتناع طلاب السنة الرابعة والخامسة عن إجراء الامتحانات يوم الإثنين الفائت، يواصل الطلاب إضرابهم عن الامتحانات، وانضم إليهم طلاب السنة الثانية والثالثة، الذين أكدوا أنهم لن يجروا الامتحانات المحددة بعد غد الجمعة في 23 تموز.
وسينظم الطلاب اعتصاماً في الكلية للمطالبة بوقف قمعهم وتحويلهم إلى المجلس التأديبي كلما انتقد أحدهم واقع الجامعة والقيّمين عليها. وللمطالبة بتحسين أوضاعهم وإصلاح وضع الكلية.
يوم الإثنين الفائت تمنّع طلاب السنة الرابعة والخامسة كلهم عن إجراء الامتحانات. فلجأت الإدارة إلى الضغط عليهم. وأرسل رئيس القسم يبلغهم أن العميد قرر وضع علامة صفر لهم جميعاً على المواد المقررة، لأنهم لم يجروا الامتحانات. أي فضّل استخدام أساليب الترهيب عوضاً عن الوقوف عند مطالبهم، التي لا تقتصر على قضية حرمان زميلهم الشماع من الامتحانات، بل تتعلق بشكل أساسي بالواقع المزري للكلية، كما أكد طلاب لـ"المدن".
وأضافت مصادر الطلاب، أن هناك من يمارس الضغوط على طلاب السنة الثانية والثالثة، عبر التلميح إنهم سينالون صفراً على المواد المقررة بعد غد الجمعة، أسوة بما حصل لطلاب السنة الرابعة والخامسة، في حال تمنعوا عن إجراء الامتحانات.
الطلاب لم يأخذوا قرار العميد الذي أبلغهم إياه رئيس القسم على محمل الجد. فهو لا يحق له قانوناً أن يضع علامة لأي طالب لم يجر الامتحان، فكيف إذا كان الطلاب يتقصدون عدم اجراء الامتحانات كنوع من احتجاج على ظلم يلحق بهم؟ يسأل الطلاب.
وشرح الطلاب واقعهم المزري والمزمن، والذي استفحل مع قدوم العميد الحالي يوسف فارس منذ نحو سنة. فالأخير عين عميداً بالتعاقد لقربه من حركة أمل، وهو يشغل منصب المدير الإداري لمستشفى الزهراء. وهو غير متفرغ في الجامعة. وأتى تعيينه كسائر التعيينات في كل مرافق الدولة. وعندما استلم منصبه أحضر معه أطباء من المستشفى ومن مستشفيات أخرى (تحاصص بين حركة أمل والتيار الوطني الحر) وعينهم رؤساء أقسام الطب الداخلي والجراحة ورؤساء أقسام أكاديميين، من دون أخذ مبدأ الكفاءة أو الدرجة العلمية. وألغى العقود مع أطباء حتى من دون إبلاغهم بشكل مسبق، مضى على تعاقدهم أكثر من 15 سنة، في رئاسة الأقسام، وكانوا من ذوي السمعة المهنية والسيرة العلمية، وساعدوا طلاباً كثراً على إيجاد اختصاصات في دول أوروبية كثيرة، نظراً لعلاقاتهم بنظراء لهم في تلك الدول.
ويقول أحد طلاب سنة أولى اختصاص، ترك الجامعة بسبب الوضع العلمي المزري، أنهم كانوا يُتركون في المستشفيات بلا أي مساعدة علمية. حتى أنهم لا يعرفون رؤساء الأقسام. بل كانوا يتدبرون أمرهم بأنفسهم على المستوى العلمي. حتى أن الطبيب المشرف المتعاقد مع اللبنانية ومع جامعات خاصة أخرى، كان يطلب من طلاب اللبنانية الانصراف في حصص معينة، متذرعاً أنها مخصصة للجامعة الفلانية وأنه لا يحق لهم متابعتها.
وأضاف الطالب أنه لاحظ الفرق الشاسع بين اللبنانية والجامعة الخاصة التي لجأ إليها لاستكمال تخصصه. فهو في هذه الجامعة بات تحت إشراف دائم يصل إلى حد الإزعاج، لكثرة المتابعة والامتحانات التي يخضع إليها. بينما كان في اللبنانية "يكسّر رأسه" منفرداً، ويتعلم بنفسه، من دون أي متابعة.
طالب آخر في السنة الثالثة طب شرح لـ"المدن"، أن قضية هادي شماع كانت بمثابة الفتيل الذي أشعل غضبهم. فهم يشعرون منذ دخلوا إلى الجامعة بأنهم مهانون. فكلما اعترض أي طالب يحال إلى مجلس تأديبي يديره أشخاص غير أكفاء. ينهالون على الطالب بالشتائم والإهانات، كأنه يخضع للتحقيق في فرع أمني.
وأضاف أن هذا النهج متواصل منذ صدور قرار عن الإدارة حمل الرقم 34 السنة الفائتة منعت فيه الطلاب من انتقاد الجامعة والمسؤولين فيها، كما لو أنه ممنوع على الطلاب انتقاد التقصير أو الشكوى من الظلم اللاحق بهم.
وأكد أن الوضع المزري في الجامعة يعود حتى إلى ما قبل مجيء العميد الحالي، الذي قدّم مصلحة المستشفى الذي يعمل فيها على مصلحة الطلاب. فالعميد السابق كان مديراً في مستشفى الجعيتاوي، وهو من قرر عدم صرف أي زيادة في المخصصات التي يتلقها طلاب الطب الذين يعملون في المستشفيات، مبدّياً مصلحة المستشفى.
وشرحت إحدى الطالبات أن الطلاب منذ السنة الفائتة يعانون من عدم وجود أماكن لمتابعة تخصصهم في المستشفيات، التي تفضّل طلاب الجامعات الخاصة على طلاب اللبنانية، لأن الإدارة لا تتحرك في هذا المجال.
وأكدت أنهم لم يأخذوا تهديد العميد وفريقه على محمل الجد. بل هم ماضون في تحركهم كي تتراجع الإدارة عن القرار المتخذ بحق زميلهم شماع. أي أنهم لن يجروا الامتحانات في الوقت الحالي. وعندما ينتهون من تحقيق هذا المطلب، سينتقلون إلى تحركات من نوع آخر لتحقيق مطالبهم في تحسين ظروف دراستهم وتحصيلهم العلمي.
وطنية - شددت أمانة التربية في حزب الوطنيين الأحرار، في بيان اليوم بعد اجتماع، أنه "من المقبول بعد اليوم قمع فكر الطلاب، ومن غير المسموح منع التلامذة من إجراء امتحانات جامعية، وبخاصة أن قرار عميد كلية الصحة في الجامعة اللبنانية لم يوقع من رئيس الجامعة ولا من وزير التربية".
ودعت الطلاب الى "المشاركة الكثيفة في الوقفة التضامنية مع الطالب هادي شماع، أمام كلية الطب في الحدت، العاشرة قبل ظهر بعد غد الجمعة أمام كلية الطب في الحدت، وتوجيه رسالة الى كل من رئيس الجامعة اللبنانية ووزير التربية، نطلب فيها اعادة النظر بهذا القرار وإحالة الملف على وزارة التربية".
وشددت على أن "منظمة الطلاب ستشارك بكثافة وستكون دائما بجانب كل طالب مظلوم، فكيف اذا كان هذا الظلم بسبب قلمه الحر ويطال حرية التعبير؟"
مارلين خليفة ـ اساس ـ يشدّد رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري على أنّ الجامعة لا تركّز على تخريج زعماء على صعيد حزبي أو سياسي، بل تهتمّ بتخريج قياديين لهم رؤية وتصوّر شامل وبعيد الأمد، يؤسّسون لقيم التسامح والأمل، ويقلّصون الهوّة بين الفقراء والأغنياء، ويؤثّرون على ما هو أبعد من جدران الجامعة: على المجتمع اللبناني والوطن العربي.
في ظلّ شعار طالما ردّده، وهو: "نكون أكبر، وأفضل، وأكثر عدالة، وأكثر تأثيراً"، لا ينفي دور الجامعة في ما يطلق عليه "انتفاضة وليس ثورة 17 تشرين"، كما يقول لـ"أساس": "لم ترتقِ انتفاضة 17 تشرين إلى مصافّ الثورة. بقيت انتفاضة لم تكتمل. توقّفت، لسوء الحظ، لأنّ السياسيين كانوا أشدّ ذكاء من المنتفضين، إذ أتوا بحكومة تكنوقراط فتوقّف الناس عن التظاهر. هكذا أعطوا فرصة لهذه الحكومة التي حاولت قليلاً أن تنجز أمراً ما، لكنّها لم تكن شجاعة".
يجيب: "لا، ليس خرّيجنا، كان أحد نوّابي الستة. لا أريد وضع كلّ اللوم على حسان دياب، لكنّ الحكومة لم تستطِع تحقيق المهمة التي كان يتطلّع إليها الشعب. وقد توقّفت الانتفاضة لمنحها فرصة. وبين فشل هذه الحكومة وبداية الوباء و4 آب تعرقلت الانتفاضة".
قيل الكثير عن الارتباط العضوي بين انتفاضة 17 تشرين والجامعة الأميركية في بيروت. يردّ على هذا الكلام: "بالطبع كان لها دور، هنالك جامعتان لديهما مسؤولية في هذا البلد، هما الأميركية واليسوعية، ولهما ثقل. طلاب هاتين الجامعتين يهزّون البلد. لو انتشر كلّ الطلاب الباقين في الساحات من دون طلاب هاتين الجامعتين الأساسيّتين لا يمكن أن تكون ثورة".
عن خطابه الشهير للطلاب المنتفضين يقول: "أنا تحدّثت 10 دقائق، اُقتُطِع ثلاث منها فحسب، ووُزِّعت عبر "السوشيل ميديا". ما قلته: أنا معكم وهذا حقّكم أن تحلموا بمستقبل أفضل في هذا البلد. لم يحظ جيلي بذلك، فأُرغِمنا على الهجرة، لكنّني ضدّ العنف. وأنا أنصحكم، لأنّكم بحسب ما قال المؤرّخ العظيم كمال الصليبي: "أنتم بيت بمنازل كثيرة". مِنكم مَن هو مع الثورة، ومِنكم مَن هو ضدّها. منكم العلمانيون ومنكم المتديّنون. منكم المؤمنون ومنكم الملحدون. إبقوا معاً. إذا هجم عليكم أحد احتضنوه، لكن اتركوا الكاميرات محميّة دوماً لأنّه لا يمكن لأحد أن يضربكم بقسوة بوجود كاميرات. هذا ما قلته، على مدى 10 دقائق، وتحدّثت إليهم عن أمل بمستقبل أفضل".
تمّت مراسم تنصيب الدكتور فضلو خوري رئيساً للجامعة في 25 كانون الثاني 2016، وواجه تحدّيات ضاعفتها جنسيّته المزدوجة: "كلّ إنسان يتولّى هذا المنصب يتمّ التعامل معه كأميركي حتى لو كان يتكلّم العربيّة وغير العربية، وبعض الناس لا يحبّون الجامعة الأميركية أو يهابونها أو يعتقدون أنّها تمثّل حضارة تهدّدهم. والأمر لا يقتصر على لبنان، بل يتعدّاه إلى بعض البلدان العربية. وهذه الجامعة هي الأهمّ ضمن الجامعات الأميركية خارج الولايات المتحدة الأميركية، وهي الأقدم".
أمام الدكتور فضلو خوري تحدٍّ إضافيّ، فهو لبناني الأصل، وليس أميركياً من أصل لبناني، ولديه الهويّتان. يعلّق: "أنا أميركي، وأحاسب كأميركي، لكنّ هنالك حساباً جديداً يكمن في أنني لبناني".
يضيف: "المحاسبة والتقويم، اللذان يحصلان هنا، يمرّان عبر السؤال التقليدي الذي يُطرح دوماً لسوء الحظ: ما هي طائفتك، مع مين ضد مين؟ وهذا ما ينقّز الناس لأنّني بروتستانتي. وما يزيد الأمر سوءاً أنّني نشأت في هذا البلد وأعرف الكثير من السياسيين. فإذا اُلتُقطت لي صورة مع أحدهم يبدأ القيل والقال. لكنّني أقول إنّ الجميع يعرفونني، لكن لا يحاولون التوسّط معي طائفياً. وبالعموم، تعلّموا الدرس منذ السنة الأولى التي تولّيت فيها منصبي".
تستمرّ الجامعة الأميركية في بيروت صامدة وسط انهيار اقتصادي شامل، ولعلّها تمرّ بأصعب حقبة في تاريخ لبنان: انهيار للدولة والاقتصاد والعملة، وانفجار 4 آب 2020، ووباء كوفيد-19، و"انهيار الأمل لدى كثر"، بحسب الدكتور خوري.
قال يوماً: "باتت الجامعة تواجه صعوبة أكبر بكثير في توفير تعليم عالمي المستوى لأفضل الطلاب وألمعهم، وبغضِّ النظر عن قدرتهم على دفع الرسوم، يجب أن نعالج هذه المشكلة التي تقوّض صميم هويّتنا كجامعة غير ربحيّة تسعى إلى إحداث فارق في مجال التعليم العالي".
انخفضت قيمة الأقساط في غضون عامين من 220 مليون دولار سنوياً إلى 30 مليوناً، أي بنسبة 84 في المئة، بحسب الأرقام التي قدّمها الدكتور خوري. أمّا عدد طلّابها فيبلغ اليوم 8400 بانخفاض بلغ 1000، وذلك "بسبب انفجار 4 آب وانهيار الوضع الاقتصادي والأمني والاجتماعي".
وضعت الجامعة الأميركية إعلاناً في صحيفة "نيويورك تايمز" تطلب دعماً ماليّاً ومعنويّاً من خرّيجيها وأصدقائها حول العالم. اُتّخذ هذا القرار منذ أشهر على مستوى لجنة المستشارين العالميين للجامعة، ومنهم مَن نالوا جائزة نوبل، فـ"هؤلاء يحبّون الجامعة، ويقدّمون النصح لي ولمجلس أمناء الجامعة". يقول خوري، ويتابع: "رحم الله فارتان غراغوريان. لقد كان رئيس مجلس إدارة مؤسسة كارنيغي الإنسانية. وهو أرمني جاء من إيران إلى لبنان، وأمضى أعواماً في فلك الجامعة الأميركية في بيروت. وقد وصفها بأنّها الأهمّ عالميّاً. وقال إنّه يجب وضع هذا الإعلان لكي نذكّر الناس في الولايات المتحدة الأميركية بأهمّية هذه الجامعة لها وللعالم أجمع. ولذا وُضِع هذا الإعلان. وقد نلنا تضامناً لا بأس به". ويتابع: "نحن صامدون، ولدينا خطة ماليّة واقتصادية أقلّه لثلاثة أعوام".
شاعت أخبار منذ مدّة بأنّ الجامعة ستنتقل إلى أحد البلدان الخليجية، وكانت ردّة فعل عاصفة من الطاقم الأكاديمي والطلابي للجامعة، فما حقيقة هذا الأمر؟
يجيب الدكتور فضلو خوري: "لم يجرِ أيّ حديث بيني وبين مجلس الأمناء، ولا في مجلس الأمناء، ولا بيني وبين إدارة الجامعة، بأن نترك لبنان. لن نترك لبنان. كلّ ما نفكر فيه هو إنشاء ما يُعرف بـ"توأم الحرم الجامعي" أو "حرم مزدوج" خارج لبنان، يعمل بالتنسيق مع الجامعة الأميركية في بيروت، سواء في الطب أو في التعليم العالي. لا أعرف حتى اليوم مَن أشاع تلك الأخبار، ولا مصدرها. كلّ ما أستطيع تأكيده أنّنا لسنا مصدرها لأنّنا لم نفكر في ذلك يوماً".
لا تزال الجامعة تستقطب طلّاباً عرباً. في آخر إحصاء يعود إلى عام مضى، كانت النسبة 76 في المئة لبنانيين، و24 في المئة من الطلاب العرب والأجانب. اليوم انخفضت النسبة، لكنّها لم تنزل عن 20 في المئة، وهي النسبة العليا عربيّاً، باستثناء جامعة قطر.
يحرص الدكتور خوري عند كلّ حفل تخرُّج على بثّ روح الأمل والإيجابيّة في الطلاب: "قلت لدورة المتخرّجين في التمريض والطب أخيراً إنّ التاريخ يعلّمنا عبراً عدّة، وثمّة شخصيّات تغيِّر التاريخ، والناس تحبّ الأخبار السيِّئة، لكن يجب أن تتذكّروا "أوتو فان بسمارك"، مؤسّس دولة ألمانيا في القرن التاسع عشر، وأوّل مستشار لألمانيا. بسمارك لم يوحِّد ألمانيا وحده، فدائماً ما يوجد أشخاص يكونون على هامش الصورة. وهؤلاء يغيِّرون العالم نحو الأفضل. وأنا رسالتي لكم أن تكونوا أنتم الأخبار الفضلى وأمل الغد".
في العام الفائت، اتّخذت إدارة الجامعة الأميركية قراراً بتسريح 600 موظف وعدم تجديد الاتفاقات مع 244 موظفاً آخرين، وبلغ العدد الإجمالي لهذا "القرار الصعب" 850 موظفاً. أمّا الذين غادروا المستشفى بقرار شخصيّ منهم فكانت الأسباب تراوح بين إفلاس البلد وانفجار 4 آب وانعدام الحل السياسي والاقتصادي والماليّ وطول أمد الأزمة.
يؤكّد الدكتور خوري لـ"أساس" أنّه "لا يوجد أيّ نقص على مستوى المعدّات والأدوية في مستشفى الجامعة الأميركية. لدينا أدوية. ونحن الوحيدون الذين لديهم مختبر يستقبل جميع المرضى من خارج المستشفى. لكنّ ما حصل أنّه في زمن الوباء حوّلنا الكثير من طاقتنا التي انخفضت بشكل ملموس، إذ ترك المستشفى قرابة 90 طبيباً، معظمهم مؤقتاً لفترة عام، إلى الخليج أو الولايات المتحدة الأميركية بسبب الانهيار المالي أو النفسي. وسط هذه الظروف كنّا مرغمين على مواجهة الوباء، واضطُررنا إلى أن نزيد الأسرّة، ونأتي بالاختصاصيين، ونكرِّس قسماً للوباء، فأُفرِغ نصف طابق هو العاشر. واليوم تنخفض معدّلات الإصابة، فنعيد فتح كل الأقسام، ونحاول توظيف ممرّضات تخرّجن حديثاً".
بمبادرة شخصيّة من الدكتور فضلو خوري، قرّر مجلس أمناء الجامعة الأميركية توفير بين 20 و25 في المئة من رواتب كلّ الموظّفين والأساتذة بـ"الفريش دولار" لمدّة 3 أعوام. يقول: "مع انهيار الليرة اللبنانية إلى 6000، خسرت جزءاً كبيراً من قيمتها، واليوم خسرت 90 في المئة، ومع انخفاض الناتج القومي المحلّي منذ السنة الماضية من 50 مليار دولار أميركي إلى 19 مليار دولار، بات الفريش دولار ضرورياً، إذ يجعل بعض الناس يوفّرون متطلّبات مهمّة لعائلاتهم". ويشير إلى أنّ الـ850 موظفاً، الذين غادروا المستشفى، زوّدتهم الجامعة بشبكة أمان، فـ"أعطيناهم ليس فقط ما طلبته وزارة العمل، أي رواتب عام واحد، بل أعطينا رواتب عامين لبعض الناس، وعملنا لهم شبكة أمان بحيث تتمّ معالجتهم، ونساعد الكثير من أولادهم في المدارس".
يضيف: "أخذنا في الاعتبار أنّ 40 إلى 45 في المئة من الناس في لبنان اليوم لديهم وظيفة لا توفّر لهم الطعام والغذاء فحسب، بل والطبابة والتقاعد والقليل من الأمل. ونحن نعلم أنّ موظفينا يكونون في بعض الأحيان المعيلين الوحيدين في عائلاتهم الكبرى، لذا ستساعد 250 دولاراً أو أكثر شهرياً، عائلة كبيرة برمّتها" وأودّ الإشارة إلى أنّنا عملنا بجهد كبير مع نقابة عمّال ومستخدمي الجامعة الأميركية في بيروت".
بالنسبة إلى الاعتراضات الطلابية على دفع الأقساط بالدولار، يقول: "نحن زدنا المنح والمساعدات حتّى 90 مليون دولار أميركي. أنا لا أحبّ نسبة الـ99 في المئة لأنّها تشبه نسبة الانتخابات في العالم العربي، لكن في الحقيقة 99 في المئة من الطلاب دفعوا القسط الذي يترتّب عليهم بلا نقاش. لذا يجدر السؤال: لِمَ نظّمت نسبة الـ1 في المئة أو أكثر بقليل تظاهرات، واستقدمت طلاباً من جامعات أخرى للتظاهر معهم؟ أنا أقول لأنّ لديهم مشروعاً سياسياً هو مشروع علماني شيوعي. وأنا أضيف "معليش" ينبغي أن يكون لدى الطلاب مبادرات، وقدرة على محاسبتنا، ومشاريع سياسية. وهذا الأمر ليس سيّئاً". نسأله: كيف توقّفت التظاهرات؟ هل قمعتهم؟ فيجيب: "بالعكس أنا أشجّعهم على الثورة وعلى أن ينتقدوني، وإلا فما هو البديل؟ هل البديل أن يكونوا منكسرين؟ أنا لا أريد ذلك البتّة".
يعود إلى فترة الدراسة في الـ"آي سي" حين درّس في المخيمات الفلسطينية، فيقول: "أنا لبناني فلسطيني سوري أسود أبيض. حين كنت صغيراً جعلتنا مدرسة الـ"آي سي" ندرّس طلاباً من الصفوف الابتدائية. وسُئلت إن كنت أرغب بذلك. وهكذا كنت أتقاضى المزيد من النقود. طُلب منّي التعليم في المخيمات الفلسطينية قبل الحرب. كنت أنظر إلى هؤلاء الطلاب الأصغر منّي سنّاً، فرأيت أنّ شغفهم بالعلم أقوى من شغفي بأشواط. فقد قُدّم إليّ العلم على طبق من فضة، إذ كنت ابن عائلة متوسّطة. تعلّمت من هؤلاء الطلاب التقدير والشغف، ولم أخسرهما منذ ذلك الحين. ومنذ أن أصبحت رئيساً للجامعة الأميركية في بيروت وأنا أرى هذا التقدير وهذا الشغف في كل طلاب الجامعة. بالنسبة إليّ، من حقّ كل إنسان أن يتعلّم. لذا أناقش طلابنا حين يقولون إنّ العلم حقّ. نعم، لكن نحن في الجامعة الخاصّة مضطرّون إلى الحفاظ على حقوق جميع العاملين فيها".
وطنية - أقامت الجامعة الأنطونية - فرع مجدليا في زغرتا، احتفالا تسلم خلاله الأب أنطوان عزيز إدارة فرع زغرتا والدكتور أنطونيو سوتو مهام المدير الإداري، في حضور رئيس الجامعة الأنطونية الأب ميشال جلخ، الأمين العام نائب الرئيس للشؤون الإدارية الأب زياد معتوق، نائب الرئيس للتنمية البشرية المتكاملة عميد كلية العلوم الرياضية بالإنابة الأب جان العلم، رئيس دير مار سركيس وباخوس إهدن الأب ابراهيم بو راجل وأعضاء مجلس الفرع والموظفين والأساتذة.
وشكر جلخ في كلمة لمدير الفرع السابق الأب فرنشيسكو الخوري والمدير الإداري السابق الأب جوزيف فرح الذي اضطر إلى مغادرة الجامعة بداعي السفر، "كل الجهود التي بذلت في سبيل إنجاح الفرع خلال السنوات السابقة". وتمنى لعزيز "النجاح في إدارته في فرع زغرتا، وهو الذي كان المدير المالي المركزي في الجامعة سابقا، وللدكتور سوتو النجاح في مهامه الجديدة".
وتحدث عن "ثلاثة أمور تمتاز بها الجامعة الأنطونية في فروعها، ولا سيما فرع زغرتا". وقال: "في مقدمة هذه الأمور، الأقساط المدروسة، للتأكيد أنه على الرغم من الأوضاع، إلا أن الجامعة الأنطونية لا تزال تحافظ على أقساطها المعقولة وغير المرتفعة، الى جانب تقديم المساعدات الاجتماعية إذا ما دعت الحاجة. والميزة الثانية والأهم فتتمثل بجودة التعليم، فالجامعة لم تتوقف عن العمل من أجل تطوير مستواها الأكاديمي من خلال تقديم الأفضل للطالب".
وختم: "أما الميزة الثالثة فمتمثلة بمحورية الطالب وجودة العلاقة معه واحترامه وخدمته أفضل خدمة، فالجامعة الأنطونية تضع طلابها في المقام الأول من خلال نسج علاقات تثمر إنتاجية أفضل وإيجابية لدى الطالب".
بدوره، شكر سوتو لجلخ ثقته، لافتا الى "الدينامية داخل الجامعة على رغم الصعوبات التي نعيشها".
واختتم اللقاء بكلمة لعزيز أشار فيها الى أن "عمل الفريق الطبي يهدف في المستشفى الى شفاء المريض، وفي الكنيسة يتمثل المحور الأساسي بخلاص النفوس، أما في الجامعة الأنطونية فالطالب هو المحور"، داعيا الى "العمل يدا واحدة، إدارة وأساتذة، من أجل تأمين الأفضل لطلابنا".
قمر سليمان ــ المدن ـ شهد السابع والعشرون من حزيران يوماً مفصلياً في معركتنا بوجه النظام القائم، حين تصدّر الانتصار الساحق الذي حققته أحزاب ومجموعات المعارضة في انتخابات نقابة المهندسين في بيروت، تحت لائحة "النقابة تنتفض"، عناوين الصحف ونشرات الأخبار والمنشورات في العالم الافتراضي. ووضع حجر أساس للانتصار الآخر في 18 تموز، عندما اكتسحت اللائحة مركز النقيب وأعضاء مجلس النقابة بأربعة أضعاف الفرق عن لوائح السلطة. إلا أن هذا المشهد السعيد، الذي انتهى باحتفال المنظمين في بدارو، كان أقل سعادة إن ابتعدنا بضعة الكيلومترات عن العاصمة.
الانتقام شمالاً.. والتعتيم
ففي اليوم نفسه، كانت طرابلس تشهد واقعاً مختلفاً جداً عن نشوة الانتصار، حيث تعرضت إلى جولة جديدة من العنف المفرط. ومن الضرورة أن نشدد أنّ العنف الذي تشهده مدينة طرابلس يختلف في الشكل والنوع عن العنف المتعمّد في باقي المناطق، لأسباب وشروط أمنية واجتماعية عديدة، مرتبطة بعلاقة النظام بالمدينة. فباتت السلطة بذراعها الأمني والعسكري تردّ على انتصار المعارضين في بيروت عبر سياسات القتل والقمع في الشمال. وانتهت الجولة بجرح العديد من سكان طرابلس وسحلهم وتدمير ممتلكاتهم، واعتقال الصحافي محمد العمر، بطريقة الخطف من قبل شبّان يرتدون لباساً مدنياً.
وهذا المشهد لم يستحق اهتمام الإعلام التقليدي. فكانت التغطية محصورة بهواتف الطرابلسيين، وبعض صفحات الإعلام البديل. وهذا التعتيم خارج بيروت ليس جديداً علينا، فأثناء أيام الانتفاضة الأكثر احتداماً، لم تنل بعلبك التغطية الإعلامية في أغلب الأحيان، حتى عندما امتلأت الساحات بالناس، وحتى عندما احترقت الهرمل ولم تصل طوافات الإطفاء إلا بعد ساعات. ولم تستحق أخبار بعلبك الهواء إلا عندما حدثت اعتداءات خدمت الاعتبارات السياسية لدى بعض المحطات، التي لديها مواقف ملتبسة من الأحزاب الحاكمة في تلك المناطق.
لكن هذا التقصير مع مناطق "الأطراف" لا يقتصر فقط على السلطة وإعلامها التقليدي، بل ينعكس أيضاً على مجموعات وأحزاب المعارضة، التي تشهد وجوداً خجولاً في أحسن الأحوال خارج المناطق المركزية، لأسباب اجتماعية موضوعية، وخيارات واعية لاعتبارات إنتخابية محصورة. وانعكس ذلك في انتخابات نقابة المهندسين في الشمال، التي لم تشهد لوائح معارضة، ولم يُخصَّص لها سترات براقة عليها شعارات اللائحة.. فاكتحست لوائح السلطة منصب النقيب والمقاعد جميعاً، لأن لوائح المعارضة انسحبت بعد فشلها في التنسيق وفي التوافق على المرشحين. وعلى الرّغم من الواقع الثوري الطاغي في طرابلس أثناء تظاهرات 17 تشرين، إلّا أن هذا الفشل لم يكن الأول في الشمال. فقبل ذلك بفترة وجيزة خسر المعارضون نقابة الأطباء في طرابلس، وفازت لائحة السلطة التوافقية بكامل أعضائها. أما انتخابات نقابة المحامين، التي اعتُبر انتخاب النقيب خلف في بيروت وقتها أحد أول انجازات الثورة، فكانت مقررة في الشمال في تشرين الثاني 2020، لكنها لم تجرِ بعد، وتأجلت بذرائع تتعلق بالجائحة والوضع الصحي في البلد.
ولعل هذه الأمثلة تستحق التوقف كثيراً، لأن طرابلس هي المدينة التي شهدت أكبر عدد من الاحتجاجات، وكانت وحيدة في الشارع أحياناً كثيرة. ومع ذلك، فشلت المعارضة فيها بخوض أي معركة، ما يلزم المعارضة إعادة النظر في المعارك التي تخوضها وجدية توسعها خارج العاصمة، خصوصاً وأن التجربة اللامركزية الوحيدة والتي كانت ضمن تحالف "كلنا وطني" في الانتخابات النيابية السابقة قد باءت بالفشل للعديد من الأسباب المختلفة.
لا شك بأن الحركات القاعدية الجديدة، كالنوادي العلمانية، قدّمت نموذجاً جدياً في التوسع القاعدي، فبعد انحصارها بثلاثة أندية داخل بيروت وبعض المناطق في الجوار، قبل الانتفاضة، قامت بالانتشار في جميع الرقع الجغرافية، فتشكلت في جامعات الشمال مثل البلمند والكسليك، وفي مناطق أخرى، بعد النجاح الكبير لتجربة النادي العلماني في منطقة صور، والتي امتدت لتشمل نظيره في صيدا، وآخر في عاليه، والعمل على مناطق أخرى كطرابلس وغيرها، وصولاً إلى التجمع العلماني في قطاع الهندسة، الذي خاض المعركة الانتخابية وانتصر بمرشحه بول نجار على رأس اللائحة.
وما يميز بعض النوادي ليس فقط لامركزيتها، بل تشعبها هي أيضاً. فجامعة البلمند تتواجد في أربع مناطق بعيدة عن بعضها البعض، لكنها تتواصل عبر أعضاء النادي العلماني هناك. كذلك الأمر في الجامعة اللبنانية الدولية، التي يشهد ناديها انتشاراً في جميع أفرعها التي تمتد على مساحة لبنان، هذا إضافة إلى الجامعة اللبنانية التي لا ينحصر التنظيم فيها في الحدت، بل يضم أعضاء من العديد من الكليات والأفرع.
لذا، تقدم هذه النوادي نموذجاً للعمل ضمن شبكة مدى، حيث تتمثّل في شبكة أصبحت موجودة بكثافة في مختلفة الجامعات والمناطق والقطاعات، وأصبحت تمثّل تقاطع مصالح لفئة كبيرة من الشباب. ونموذج العمل هذا، ان استمر بالتطور والتوسع، سيسهّل خوض تلك المعارك على مستوى البلد، داخل بيروت وخارجها.
ويشهد العمل القاعدي في الخريف تحدياً جديداً، مع انتخابات الجامعات التي لن تخاض فقط في بيروت، بل ستتوسع لتشمل جامعة اللويزة في كسروان، وفرع اللبنانية الأميركية في جبيل. لكن التحدي الأكبر هو انتخابات الجامعة اليسوعية، التي ستكون أيضاً في فروع زحلة وطرابلس وصيدا. وستكون تجربة مهمة لانتخابات خارج بيروت، بمرشحين علمانيين تقدميين، يكسرون القيود والأعراف، كما كسرها النادي العلماني في اليسوعية في أكثر من كلية، أهمها كلية الحقوق السنة الماضية، وكما كسرها النقيب عارف ياسين في بيروت.
ولذا، من الضرورة أن يتطور خيار التنظيم القاعدي اللامركزي هذا، ليشمل باقي المناطق والقطاعات، وليضمّ كل فئات المجتمع، إلى أن يتحوّل إلى مقاومة شعبية في وجه النظام، ويحدث فرقاً في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة، كمحطات أساسية من محطات النضال المستمرّ. هذا النضال، من خلال استرجاع المجتمع، سيفرض سرديته الخاصة نحو عملية إنتقالية من مجتمع الطوائف إلى المجتمع العلماني التعددي، الذي يهدف إلى إسقاط نظام المافيا والميليشيا والمصارف.
بتوقيت بيروت