مهرجان في قلعة أرنون الشقيف إحتفاء بانتصار الشعب الفلسطيني
نظمت التعبئة التربوية في "حزب الله"، بالتعاون مع المنظمات الشبابية اللبنانية والفلسطينية، مهرجانا شبابيا في قلعة أرنون الشقيف، "احتفاء بانتصار الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس"، وتخلله كلمات لكل من زينب طحان أخت الشهيد محمد طحان، التعبئة التربوية ألقاها مسؤول الجامعات في المنطقة الثانية علي فواز، "الشباب الفلسطيني" ألقاها المسؤول الشبابي في حركة "حماس" علي يونس، "المنظمات الشبابية اللبنانية" ألقاها العضو القيادي في "الحزب العربي الديموقراطي" ربيع مصطفى، حركة الجهاد الاسلامي ألقاها ممثل الحركة في لبنان إحسان عطايا، "حزب الله" ألقاها نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب الوزير السابق محمود قماطي.
وشارك في المهرجان ممثلون عن المنظمات الشبابية والطلابية لحركة "أمل" و"التيار الوطني الحر" وتيار "المردة" والحزب السوري القومي والشباب القومي العربي، اضافة الى حركة "حماس"، حركة الجهاد الاسلامي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والمؤتمر الشعبي العام والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين.
المركز التربويّ: تفصيل وظائف على قياس محظيّين
فاتن الحاج ــ الاخبار ــ بين 15 آذار و17 أيار، تغيّرت مرتين شروط اختيار مسؤول فني لمركز الموارد في دار المعلمين والمعلمات التابع للمركز التربوي للبحوث والإنماء. في المرة الأولى، اشترط الإعلان عن إجراء مباراة محصورة لاختيار مسؤول فني في مركز صيدا أن يكون المرشح من المدربين العاملين حالياً في إطار مشروع التدريب المستمر، ويملك خبرة لا تقلّ عن عشر سنوات. وفي المرة الثانية انخفضت المدة إلى سبع سنوات في كل من إعلانَي مركزَي بعلبك وزحلة للمنصب نفسه.
تعديل شرط الخبرة في فترة قصيرة لا تتجاوز شهرين ترك علامات استفهام حول المعايير التي تعتمدها مؤسسة بحجم المركز التربوي تهندس المناهج وشخصية المعلمين والطلاب ويفترض أنها تبحث عن الكفاءات الأكاديمية وتختار أفضلها، خصوصاً أن التربية هي آخر قطاع يمكن أن يراعي الخدمات أو يطوّع القوانين لمصلحة أفراد أو أحزاب سياسية، بحسب مصادر جهات رقابية.
وفي وقت يجري فيه التحضير لتعيين مسؤولين فنيين في المراكز الثلاثة الشاغرة، فإن المتوقّع هو البحث عن أصحاب كفاءة وليس تسليم مهمات وظيفية حساسة لأشخاص غير كفوئين، ما يؤدي إلى تراجع في الأداء وانحدار في المستوى الأكاديمي.
رئيس المركز التربوي بالتكليف، جورج نهرا، عزا في اتصال مع «الأخبار» خفض شرط الخبرة من 10 إلى 7 سنوات إلى أنه «لم يتقدم أي من الأساتذة لهذه المسؤولية، لذا اضطررنا لتخفيف الشروط»، لافتاً إلى أنه «يُنتظر أن يصدر إعلان جديد خاص بمركز صيدا مشابه لمركزَي زحلة وبعلبك، لأن المعايير يجب أن تكون موحّدة للجميع». إلا أن معلومات «الأخبار» تشير إلى أن المسؤولة الفنية في مركز النبطية، مثلاً، قدّمت طلب نقل إلى مركز صيدا، لكنه رُفض لكون رئيسة لجنة التربية النيابية ونائبة صيدا بهية الحريري تسعى إلى تعيين أستاذ تعليم ثانوي من بلدة القرية - شرق صيدا منتسب إلى التيار الوطني الحر وملحق حالياً بمكتب وزير التربية، ولا يستوفي شرط السنوات العشر. أما مقدمة طلب النقل فرفضت التحدث لـ «الأخبار» عن حيثيات الموضوع، علماً أن هناك سابقة بنقل مسؤولة فنية من محافظة إلى أخرى.
رئيس المركز: خفّفنا الشروط لأنه لم يتقدّم أحد للوظيفة
هل فعلاً نفِدت كل الطاقات والإمكانات، وليس هناك من بين الأساتذة المدربين مرشحون يستوفون شرط السنوات العشر، أم أن ضغوطاً سياسية مورست وتُمارس على الأساتذة لعدم الترشّح، وأن الخفض «الفاقع» للشروط هدفه تفصيل المنصب على قياس أشخاص معيّنين تعدهم القوى السياسية لتسلّم المسؤوليات، وكأنّ هذه المراكز مُطوَّبة لهذه القوى كل الوقت، ما يؤدي إلى انعدام تكافؤ الفرص بين المرشحين. واللافت هنا أن الأحزاب التي تتناحر في السياسة تتفق في توزيع الحصص في ما بينها.
هذا الواقع ينسحب على مديريات وزارة التربية ومديري المدارس والثانويات الرسمية، فالتعيين لا يسلم من مرجعيات سياسية تزكي من تريد، رغم وجود آلية واضحة وشروط محددة تنص عليها القوانين. ويحدث غالباً أن يُستجلب الدعم السياسي قبل أن يشغر المنصب.
هكذا، يغرق التعليم الرسمي في ضغوط تنعكس سلباً على إنتاجيته. فتزاحم المرجعيات السياسية على الاستيلاء على الإدارات عبر تولية أتباعها، من خارج نصوص المؤسسات، دليل واضح على أنّ من يتدخل لدعم تكليف أحد المرشحين دون الآخر لا يعني له ماذا يحل بمستوى التعليم الرسمي ومصالح التلامذة، إذ لا ينقص هذا التعليم الذي يمرّ في مرحلة حرجة إسقاط المحظيّين على إداراته، ويكفيه ما يعانيه بسبب تولية أصحاب المصالح المتضاربة مع مصلحته... عليه.
صرخة تربوية في تكريم الأب بطرس عازار... هل حان وقت تاسيس مجلس حوكمة للتربية وإعادة الهيكلة؟
النهار ــ ابراهيم حيدر ــ الكوارث التي تعصف بالتربية حضرت في التكريم الخاص الذي نظمه اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة للأب بطرس عازار، بعد انتهاء مهماته كأمين عام للمدارس الكاثوليكية عمل فيها لتسع سنوات ومنسقاً ايضاً للاتحاد. طغت الأزمة وطبعت كل الكلام، وتحول إلى صرخة تربوية لإنقاذ التعليم لم تخلو من الانتقادات لسياسة التربية في حضور وزيرها طارق المجذوب الذي كرر المعزوفة ذاتها للحفاظ على وحدة العائلة التربوية آملاً بأن يتمكّن لبنان من إتمام السنة الدراسية الحالية رغم كل الصعاب.
الطرح الجديد أو الرؤية التربوية تولى إثارتهما الأمين العام لرابطة المدارس الإنجيلية الدكتور نبيل قسطه، وقدمها كجزء من نقاشات بينه وبين عازار، وهي رؤية تستحق النقاش وإعلاء الصوت لأن تتولى وزارة التربية وضع خطط هيكلية وخريطة طريق لوقف النزف بالشراكة مع القطاع التربوي الخاص ومدرسته التي تشكل الاولوية للانقاذ.
أسئلة في ورقة عملٍ للنّقاش في العالم التّربوين الرّسمي الخاص بلا أحكامٍ مسبقة وبانفتاح، تنطلق عناوينها من الشراكة والوضوح والشفافية وتقديم الصورة الكبيرة، فهل نحنُ في صددِ الإنتقالِ من مرحلةِ تعميمِ التّعليم العام على كلِّ التربية في لبنان إلى مرحلة الشّراكة الفعليّة الحقيقيّة؟ ففي التّربيةِ، ليسَ هناكَ الّا الخدمة للتلامذة وبينهم ذوو الصعوبات التعلّميّة، وأي خدمةٍ فعّالةٍ ممكنةٍ من دون تواضع حقيقي؟
النقطة المهمة، التي يمكن أن تفتح نقاشاً في موضوع التعليم والامتحانات والتقييم، هي إذا كانت رؤية التّربية في لبنان، ولوقتٍ طويلٍ من الزّمن، ترتكز على معادلة "الأعلى إلى الأسفل"، فهل نحنُ على أبوابِ رؤية مشغولة بالشراكة بين الجميع؟
يفتح هذا الامر على الانتقال من مرحلةِ تهميشِ القدرات الموجودة في القطاع الخاص التّربوي إلى مرحلةٍ من اكتشاف القدرات أينما وُجدت، في الخاص او في الرّسمي؟
وللعملية أوجه عدة، تبدأ من مواكبة إنتقال العالم من مرحلة المعرفة إلى مرحلة المهارات، ومن مرحلة العلامةِ التي تُقرّرُ نجاحنا ورسوبنا كما يحصل في الامتحانات الرّسميّة إلى مرحلة تقييم المكتسبات؟ والاهم كيف نرتكز على قاعدة التّعلم المستمرّ والتطوّر؟
هذه الرؤية تؤدي إلى طرح عملية انتقال التّربيةُ في لبنان من مرحلة القرار المركزي الذي يُطبّقه الجميع إلى الشَّورى في صنع القرار وإن كانت الكلمةُ النّهائيّة هي للسلطة الرّسميّة.
وهذا يعني في المحصلة، انتقال إدارة الشأن التّربوي شكلاً ومضموناً إلى مرحلة إدارة العمليّة التّربويّة لوجستيّاً وإداريّاً، "فيما نتركُ إدارة الشأن التّربوي إلى مجموعة خبراءٍ برعاية ومسؤولية وزارة التّربية دون سواها".
يمكن للخبرات والخُبراء أن يُبدعوا لإخراج لبنان من الحضيض، غذا تسنى جمعها تحت مظلّة واحدة لها صلاحيات الحوكمة Governance وهل حان الوقت لإنشاء "مجلس حوكمة للتربية" مع صلاحيات تقنيّة، يتعاون مع وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء؟ هذا مدخل للتغيير والانقاذ ومطروح للنقاش أمام الجميع ويستدعي تغييراً في الذهنيات وقرار من وزارة التربية.
لم تخرج أيضاً كلمة أو مطالعة رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية، المطران حنّا رحمة، عن النقد، هو تمنى على المعنيين إعادة النظر بالبرامج التربوية ليكون للبنان استراتيجية قادرة على أن تنهض بالجسم التربوي وتوحّده وتخلّص لبنان من محناته المتوالية.
الحضورالتربوي الجامع من ممثلي الاتحاد أشاد بدور عازار وبالامين العام الجديد الأب جان يونس. ولم تخلو كلمة عازار في تقييم لتجربته من إبراز الصعوبات والمشكلات في التربية، مجدداً رهانه على الاتحاد كأسرة واحدة متضامنة تمثل لبنان بتعدد أديانه وطوائفه، همّها الأوحد هو مصلحة التلامذة وخدمتهم وبالتالي خدمة الوطن.
وظيفة المدرسة التّغييريّة
بوابة التربية: في القسم السّابع من مقالاتها، المتعلّقة بوظائف المدرس تتناول د. *ندى عويجان
وظيفة المدرسة التّغييرية”، وتقول:
تُنتج المدرسة نوات القيادات التّغييريّة والنّخب الرياديّة الحاملة للتّغيير الإيجابي الهادف، في جميع ميادين حياة المجتمع،
تتفاعل في المدرسة المكوّنات المختلفة، فيختبر التّلامذة التّعبير والتّواصل والتّفاعل والتّعاون ومفهوم الاختلاف.
تُعتبر المدرسة الإمتداد الطّبيعي والصّورة الحيّة للمجتمع. فهي تتضمّن نظام كامل ومتكامل يَعكس الأطر العامّة للحياة الإجتماعيّة. وكأنّنا في وضعيّة تماثُل (Symmetrical) بين الوسط المدرسي والوسط الإجتماعي.
تُنتج المدرسة نوات التّغيير من خلال تلامذتها. فتعمل على تشخيص النّخب الرياديّة، والمجموعات الأخرى الدّاعمة. وتجعل منهم أفراداً ملتزمين، ومبادرين، ومبدعين، وواعيين ومسؤولين ومسائلين ومشاركين في عمليّة التّغيير والتّغيّر. وتُرسّخ فيهم، منذ الصّغر، ثقافة المجتمع المتعدّدة الأبعاد، ومنظومة القيم الوجدانيّة والإنسانيّة والوطنيّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة والسياسيّة والبيئيّة وغيرها. وتدعمهم بشتّى المعارف والمهارات والمواقف التي تعزّز مساهمتهم في التّغيير البنيوي الإيجابي، المرتكز على البدائل الموضوعيّة الهادفة والقابلة للتّطبيق والمنسجمة مع أنظمة وعناصر المجتمع الأخرى.
تُعتبر المدرسة البيئة المثاليّة لجميع أنواع التّعبير، ولجميع أشكال التّفاعلات المتشابهة والمختلفة والمتكاملة. ودون أن تدري، تهيّئ المدرسة براعم الحركات التّغييريّة المستقبليّة. فتتبلور الشخصيّات الثوريّة التّغييريّة الواعية والمسؤولة. ويأتي التّغيير في وقت لاحق، إمّا بطريقة هادئة وصامتة وسلسة، وإمّا بطريقة بركانيّة وصاخبة وتمرّدّيّة.
تُنتج المدرسة نوات القيادات التّغييريّة ذات الشّخصيّة المتميّزة والكاريزماتيّة العالية، المشجّعة والراعية للتّغيير والتّغيّر، المؤثّرة بالناس والمحبّبة والمقنعة للرأي العام، الواثقة من قدراتها والمثابرة لتحقيق الأهداف والطّموحات. قيادات مستقبليّة حاملة للتّغيير الواعي في شتّى ميادين الحياة، ولديها ذكاء انفعالي عال. قيادات مستقبليّة مناضلة وصلبة ، تكون المثال والقدوة في مواجهة المشاكل والصّعوبات، وفي مقاومة الإغراءات على أنواعها دفاعا عن القناعات والمسلمّات الأساسيّة، الشخصيّة والاجتماعيّة والوطنيّة.
تزوّد المدرسة التّلامذة بالكفايات الذاتيّة والحياتيّة والعلميّة، وتوجّههم وتدرّبهم على الطرائق والاستراتيجيّات المناسبة لتذكّر المعرفة على أنواعها (في الحياة، في الفلسفة، في الاقتصاد، في العلوم، في الفنون، في الرّياضة وغيرها)، ولفهم هذه المعرفة وتطبيقها وربطها أفقياً وعامودياً، ومن ثم لتحليلها وتقييمها وتجديد إنتاجها. هنا تأتي مرحلة الإبتكار والإبداع والتّغيير الحقيقي، جوهر العمليّة التّربويّة.
من ناحية أخرى، تعزّز المدرسة آليّة التّعبير عند التّلامذة على أشكاله، بشرط أن لا تتعارض مع “احترام حقوق الغير أو سمعتهم” أو “حماية الأمن الوطني أو النّظام العام أو الصّحّة العامّة أو الآداب العامّة”. فيتداخل في وضعيّات مختلفة (مناظرة، عرض بحث، إلقاء محاضرة، وغيرها)، التّعبير اللفظي مع الكتابي والطّباعي، مع التّعبير الأدائي (تمثيل، رقص، غناء …)، مع التعبير المبني على الرّسم أو على بناء المجسّمات الثلاتيّة اللأبعاد، مع إدخال البرمجة والتّقنيّات التّكنولوجيّة الحديثة وأيّة وسيلة أخرى متاحة. الأمر الذي يسهم في رفاه التّلامذة، وصفاء أفكارههم، وتمكّنهم من تحديد ماذا ومتى وكيف وأين يعبّرون، وتعزيز جرأتهم ليكونوا أداة فاعلة للتّغيير الإيجابي الهادف.
تتفاعل في المدرسة المكوّنات البشريّة (التّلامذة والمعّلمين والإداريّين والعمّال)، مع المكوّنات الماديّة (الأبنية والبيئة الطّبيعيّة والتّجهيزات والأدوات)، مع مكوّنات السّياسة التربويّة العامّة (منظومة المناهج التّعليميّة والأنشطة اللاصفيّة)، مع مكوّنات المدرسة الخاصّة (رسالة المدرسة، الرؤية، الأهداف، المشروع، النّظام الداخلي، الثقافة السائدة، القيم والأعراف …). فيتعلّم التّلامذة التّواصل والتّفاعل والتّعاون ويختبرون العلاقات المنظّمة وغير المنظّمة في الوسط المدرسي.
يختبر التّلامذة أيضا في المدرسة، مفهوم الاختلاف ويطبّقونه ويتفاعلون ويتأقلمون معه. فنجد في المدرسة اختلاف الجنس والعمر والطّبقة الاجتماعيّة ونوع العائلة وثقافتها والخبرات الشّخصيّة وغيرها، واختلاف الأدوار وتنوّع وتشعّب المقررات التعليميّة والأنشطة التّابعة لها وغيرها الكثير.
وبناء على ما ذكر، تُعتبر المدرسة المجتمع المصغّر الموازي للمجتمع الأكبر، حيث تتواجه النّخب التّغييريّة والقوى الدّاعمة لها مع القوى المعارضة للتّغيير، وتنشأ الأحزاب السياسيّة والوطنيّة بالقول والفعل، ويعيش المجتمع حقابات تغييريّة متعدّدة كالتّغيير الطّبيعي البسيط والتّغيير الجذري والتّغيير الثوري وغيره.
هل يعي المسؤولون في بلادي أن التّغيير البنّاء يبدأ في المدرسة ؟
هل يعي المسؤولون في بلادي أنّ القيادات التّغييريّة المستقبليّة تنشأ وتتطوّر في المدرسة؟
هل تعي السّلطة الحاكمة والقيادات التربويّة أن الإستثمار في المدرسة يؤدّي الى تعزيز النّخب الرياديّة الحاملة للتّغيير الإيجابي الهادف، في جميع ميادين حياة المجتمع؟
*أستاذة في الجامعة اللبنانية وباحثة تربوية
لأجل "ولادة جديدة لبيروت"... "إبداع" يدعم 3 مشاريع ابتكرها الشباب
النهار ــ جودي الأسمر ــ يمكن اعتبار منتدى "إبداع" 2021 الذي اتّخذ شعار "ولادة جديدة لبيروت"، تجسيداً لخيار الحياة والتصدي للموت، من خلال طرح حلول للمشكلات الحاصلة على مختلف الصعد، ومنها البيئي، وأبرزها تداعيات انفجار 4 آب.
وفازت ثلاثة فرق لطلبة من جامعة القديس يوسف، والجامعة الأميركية في بيروت، وجامعة الروح القدس الكسليك، من خلال اتباع نهج مبتكر حيال التعليم. وتمخّض مسار هذه السّنة عن 68 مشروعاً ركّزت على التنوع البيولوجي وحماية البيئة، من إعداد طلّاب في الجامعات المذكورة، إضافة الى الجامعة اللبنانية الأميركية، وجامعة سيدة اللويزة، وجامعة بيروت العربية.
وإذ بات معلوماً أنّ "مركز حماية الطبيعة" التابع للجامعة الأميركية في بيروت، التزم تنظيم "إبداع" سنوياً، تقول لنا مديرة المركز الدكتورة نجاة عون صليبا "لطالما شكّل "إبداع" رمزا للحياة بالنسبة إلي. إنه منتدى، يتيح للعقول الشابة الإزدهار والتوسع لإيجاد حلول لمشاكلنا البيئية".
أمّا عضو اللّجنة التحكيميّة، رئيس رابطة متخرجي جامعة HEC بباريس، نيكولا بوخاطر، يعتبر أنّ "هذه التّجربة تحمل رسالة أمل، من جيل يكافح ضدّ الظّروف القاسية الّتي نعيشها، اختار الانخراط في عملية التغيير الحقيقي"، مضيفاً أنّ "المشاريع الّتي اطّلعت عليها رسّخت يقيننا بوجود طاقات شبابية تنحو لبناء وطن يليق بأبنائه"، ناقلًا إعجابه بجدّية الفرق المشاركة، الّتي اقترحت حلولاً لمشاكل بيئية نعانيها من تلوث في الهواء والبحر وما بعد انفجار المرفأ.
عن هذه التّجربة، ننقل تفاصيل المشاريع الفائزة، وروح الشّغف والعمل الّتي لازمت الفريق الشّبابي المنظّم.
"B. Smart" لمكافحة النفايات
فاز عن فئة "تخطيط الأعمال"، مشروع "B. Smart" لطالبة ماستر إدارة الأعمال يارا خوري، من جامعة القدّيس يوسف.
تعالج الفكرة أزمة النّفايات الصّلبة في لبنان، والّتي دفعت لنشوء حراك "طلعت ريحتكن" في عام 2015، من خلال ابتكار "حاوية نفايات ذكيّة"، بمفهوم جديد على السّوق اللّبنانيّة، يمكّن من "المشي في بيروت بدون روائح كريهة وحاويات نفايات فارغة"، وفق يارا.
وبفضل تقنيّة انترنت الأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي (AI)، تعتمد هذه الحاوية على مستشعرات وأجهزة كشف ذكيّة، تسهّل على البلديات إدارة النّفايات عبر نظام ذكيّ، يكشف مستوى الامتلاء في الحاويات ويرسلها الى منصّة التّحليلات، ويدير حركة مرور الشاحنات الّتي تجمع النفايات.
أمّا لجهة المواطن، يقدّم المقترح هذه المعلومات من خلال تطبيق B. Smart، إلى جانب حاويات تساعده للفرز من المصدر بهدف البدء بإعادة تدوير النّفايات.
دراسة عن انفجار المرفأ "Beirut Blast: A Time Bomb From a Decade Past"
عن فئة "بحوث وتدخلات"، فاز مشروع Beirut Blast: A Time Bomb From a Decade Past (انفجار بيروت: قنبلة موقوتة منذ عشر سنوات)، وهو عبارة عن دراسة أعدّها أكرم ياسين، أحمد المدواحي، ألان فتاح، كريم كيوان ويارا مراد، طلبة في الصحة البيئيّة من الجامعة الأميركية في بيروت.
وبحسب أكرم ياسين، "تفند الدراسة سوء الإدارة المتفشي في مرفأ بيروت، وكيف أدّى الاستهتار بالقواعد والقوانين إلى تخزين نيترات الأمونيوم. هذا ما توصلنا إليه عبر دراسة القوانين ومعايير تخزين المواد الكيميائيّة التي خالفها القيمون على المرفأ، وختمنا بتوصيات علمية لإصلاح نظام إدارة المرفأ".
ويمكن ملاحظة رسم بياني يوضح العد العكسي لاشتعال كارثة المرفأ، والتطورات التي أحاطت بالملف منذ تشرين الأول 2013 لغاية نيسان 2021.
ويخبرنا عضو الفريق الفائز أنّهم حظيوا بفرصة نشر الورقة البحثيّة في Kaza Mind، وهم يفكّرون بتطوير سبل الإفادة بها.
كتيّب "بيروت، مدينة الأمل"
ولادة لحظة الانفجار، سيّدة طاعنة في السن تعزف على البيانو داخل منزلها المتهاوي، الممرضة تنقذ أطفالا رضعاً، وسيدة تخيط وتهدي اللعب لبنات فقدن خلال الانفجار... كلّها وغيرها كثير من لحظات ومبادرات مؤثرة ومعبرة جداً عن روح الفينيق الذي يلد نفسه وسط نار ورماد 4 آب، والتي استأنس بها اللبنانيون وألهمت العالم عبر الاعلام، وثّقها فريق نور السخن، فانيسا ديب وإليسا النار، طالبات التصميم الغرافيكي في جامعة روح القدس-الكسليك في كتيّب "بيروت، مدينة الأمل".
المشروع الفائز عن فئة "الفن والتواصل"، ويبرز مهارات وإبداع الطّالبات بألوان جذابة وقصص قصيرة، ينقل لمن يتناوله ما يمكن وصفه بـ"جمال بيروت وقلوب أهلها الذهبية"، على حدّ تعبير نور.
وتضيف "قررنا تسليط الضوء على الجانب الإيجابي من السردية، بما فيها الأعمال الصغيرة المفعمة بالأمل وهي نتجت من الانفجار المدمر. غايتنا كانت ترميم الإيمان والتفكير الإيجابي، ليس من أجل نسيان هذا اليوم المؤلم، إنّما لإعطاء مسحة تشجيع للمتضررين من الانفجار ومنحهم الأمل، وللمساعدة في التغلب على المأساة التي شهدناها جميعًا".
وبعد الفوز بزمالة تدريبية في Khaddit Beirut، يبحث الفريق عن سبل تعاون ورعاية لنشر الكتيّب.
متطوّعو "إبداع": لم نفقد الأمل
ولا تكتمل الصّورة بل ما كانت لتولد بالأساس، لولا الجهود التطوّعيّة التي بذلتها لجنة تنظيميّة من 14 طالباً في الجامعة الأميركيّة في بيروت بإشراف الدكتورة نجاة صليبا، إذ أخذ المتطوعون على عاتقهم "إبداع" 2021، فنظموا مشاركة الفرق الفائزة وأقاموا المنتدى الافتراضي الّذي استضاف رئيس منظمة فرح العطاء مارك طربيه الحلو، وعالمة النفس والأستاذة في جامعة AUB، الدكتورة بريجيت خوري، بمشاركة أكثر من 280 أستاذا وطالبا من الجامعات المهتمة.
المتطوعة نتالي شحرور، طالبة الهندسة الكيميائية، ساهمت بـ"إبداع" منذ بداية نسخة العام "من خلال إرسال أكثر من 1000 بريد إلكتروني لأساتذة جامعات في لبنان لسؤالهم إن كانوا مهتمين بالفكرة".
وتقول: "على رغم كلّ التحديات التي نواجهها في لبنان، لم نفقد الأمل بعد. إنّه لشعور قوي للغاية، قادر على تحصين أفكارنا لخدمة المستقبل، وهو ما يمنحنا الثقة والإيمان بلبنان وبقدرته على جعل نفسه وطناً أفضل".
من ناحيتها، تعتبر طالبة الهندسة الكيميائية كالين بيشديمالجيان، أنّ تطوّعها في "إبداع" كان نوعاً من "ردّ الجميل" لهذا المنتدى وللدكتورة صليبا، بعد فوزها في نسخة العام الماضي.
واستثمرت الطالبة مهاراتها، لاستقبال وتحرير نحو 70 مشروعاً ومساعدة الفرق المشاركة في مراسلتها. تعلّق بحماس "كان أمراً ممتعاً جداً، أن أكون أول شخص تصفّح جميع الطلبات".
"فوط لجميع النساء"
أمّا خالد الحريري، طالب الهندسة الكيميائيّة، فتطوّع في التّواصل مع الأساتذة كما طوّر مع زملاء فكرة مشروع "Pads for all" ، ويعنى بفقر الدورة الشهرية أي صعوبة الحصول على المنتوجات الصحية النّسائيّة.
وينسب هذا التحدي إلى "واحد من الأزمات الاجتماعية التي لا يتناولها النّاس بجديّة المشاكل الاقتصادية والمالية. لهذا السبب، أحاول زيادة الوعي المجتمعي بين مختلف الشرائح، لأن هذه المنتجات الشخصية ليست ترفاً بالنسبة للنساء وكثيرات بتن محرومات منها".
كما سعى المشروع إلى "تقديم الحلول الصديقة للبيئة والمستدامة للسيدات وبسعر أقلّ، من خلال منتج جديد"، اهتمّ خالد بدراسة علمية لمواده البديلة العضوية، وتوضيب يساعد في الحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون.
اليوم، يجتهد هذا الفريق في التواصل مع Berytech و BDD، للانتقال الى مرحلة خطة عمل خلال شهرين في الصيف، تمهيدا لتطبيقه بالتعاون مع شركات وجمعيات معنية.
في المحصّلة، تذكّر هذه التّجربة المفيدة بدور المعرفة، وضرورتها، وبأنّها حين تُقرَن بالابداع، ويوضع الصالح العام نصب الأعين، لا بد من أن يزهر الأمل. هذا الأخير، ضروري لنثر بذور التغيير، والأهم أن الأمل موجود لأن شبابا يحبون لبنان، فأرادوا توظيف الوقت والعلم والعمل لأجل ولادة جديدة.
بتوقيت بيروت