*الجامعة اللبنانية: انتفاضة على الرئيس*
مريم سيف الدين ــ المدن: هناك من ضاق ذرعاً برئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب. وهناك جو مناهض له بدأ يبرز بشكل أوضح داخل الجامعة، ويؤكده بيان صدر قبل أيام باسم "هيئة الأساتذة المستقلين".
فبعد قرارات عدة وقعها أيوب، صدر البيان الناري الذي يتهمه بممارسة الإقصاء الطائفي، معتبراً إياه رمزاً من رموز الفساد والفئوية والعنصرية، ومطالباً بإقالة "صاحب أكبر ملف فساد موجود في الجامعة"، أي ملف الشهادات المزورة الذي اتهم به. وطالب البيان بتحقيق اللامركزية الإدارية. فوجد أيوب نفسه مضطراً إلى إصدار بيان مضاد، الثلاثاء في 29 أيار 2018، مهدداً بالادعاء على "كل من يظهره التحقيق متورطاً ومشاركاً ومروجاً للادعاءات الصادرة بحقه"، في محاولة لإغلاق الملف ومنع أي كان من تعييره به مجدداً. أضاف أيوب أن القضاء حكم بعدم صحة هذه الادعاءات.
خلال البحث عمن أصدر البيان الذي طرح في التداول "الخلل الطائفي الخطير" في الجامعة، أشار أساتذة إلى الدكتور عصام خليفة، وهو أستاذ متقاعد. لكن خليفة ينفي لـ"المدن" علاقته بالبيان، غير أنه يعلن تبنيه له. ويؤكد أنه سيصدر ألف بيان أشد قوة وستكون هناك تحركات حتى استقالة أيوب، مكرراً المطالبة بتحقيق اللامركزية في الجامعة وإنشاء خمس جامعات مستقلة، كي لا تبقى تحت سيطرة الزعران ممن لا يملكون شهادات، وفق تعبيره. وإذ ينصح بقراءة الشرعة العالمية للتعليم العالي لدى سؤاله عن مساهمة مطلبه بتقسيم الجامعة وطلابها مناطقياً ومذهبياً، ننصحه بقراءة الواقع الذي أثبت سيطرة كل جهة على فروع الجامعة في مناطق نفوذها. وفيما يصف خليفة أيوب بـ"سرطان الجامعة الذي يجب إزالته"، والمكلف بتنفيذ توجيهات مَن عينه، يناشد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن يبدأ مكافحة الفساد كما وعد بإقالة رئيس الجامعة اللبنانية.
وفي ظل التصعيد، يبدو "الرئيس القوي" للجامعة غير مكترث لأي اعتراض، متفادياً اتصالات الصحافيين أو حتى لقاءهم. وإذ يعبر بيانه عن حرصه على صورة الجامعة، يظهر واضحاً من أجواء الطلاب والأساتذة أن هذه الصورة ساءت بعد استلامه منصبه، خصوصاً أن عدداً من قراراته لاقت ردات فعل غاضبة، وأظهرته كأنه أكثر رئيس مرفوض وصاحب نفوذ عرفته الجامعة اللبنانية.
ويعتبر مصدر مقرب من أيوب، في حديث إلى "المدن"، أن وجود جو معارض أمر طبيعي. وعن عدم نشر أيوب أي مستند يظهر صحة شهاداته، يجيب المصدر أن الرئيس كان واضحاً لجهة قراره بالادعاء على من شهر به، وهو ما سيثبت براءته، فما يحصل بحقه تشهير وعملية ابتزاز من دون أدلة. ويؤكد المصدر رفض أيوب اتهامه بتجاوز مجلس الجامعة، لأن القانون أعطاه صلاحيات مستقلة عن المجلس. ووزارة التربية وصية على الجامعة وتمنع تنفيذ أي قرار مخالف.
المصدر، لدى شرحه آلية وصول الرئيس إلى موقعه، يؤكد تدخل المحاصصة في تعيينه. بالتالي، فإن الرئيس الذي يعتبره مستحقاً منصبه لم ينل المنصب من دون دعم سياسي أشار إليه معارضوه. لكن المصدر يتكلم عن المحاصصة كأمر واقع حاضر في التعيينات، داعياً من يملك ملفات ومستندات تدين أيوب إلى الادعاء أمام القضاء.
ويؤكد المصدر أن الجامعة تتجه نحو الريادة، وكانت تنتظر وصول وفد أوروبي يضم خبراء للاعتراف الدولي بشهاداتها، لتصبح كجواز سفر بيد حاملها. لكن الخطوة تأجلت بسبب ظروف سياسية.
*الإمتحانات الرسمية انطلقت مع الشهادة المتوسِّطة في كافة المحافظات أسئلة متوقَّعة وأجواء هادئة شابها سقوط مراقِبة ووفاتها في طرابلس*
اللواء ــ طبّقت اللجان الفاحصة للامتحانات الرسمية تعليمات مدير عام التربية فادي يرق بضرورة ان تكون الاسئلة غير معقدة وسهلة على الفهم، وهو الانطباع الذي خرج به الطلاب بعد يوم الامتحان الاول لطلاب الشهادة المتوسطة (البريفيه)، وكاد اليوم يكون مبشراً لولا الحادث الاليم الذي وقع لإحدى المعلمات التي سقطت من الطابق الثالث في مدرسة إبن خلدون في منطقة ابي سمراء في طرابلس اثناء عملية مراقبة امتحانات الشهادة المتوسطة، ما أدى إلى إصابتها في الرأس وكسور في مختلف أنحاء جسدها، وقد عمل جهاز الطوارئ والإغاثة في الجمعية الطبية الإسلامية على إسعافها ونقلها إلى مستشفى دار الشفاء، حيث ثم ما لبثت أن توفيت.
وانطلقت صباح امس امتحانات الشهادة المتوسطة البريفيه في مختلف المحافظات، وسط جو هادىء وتدابير أمنية اتخذتها القوى الأمنية داخل مراكز الامتحانات وخارجها، حيث امتحن التلاميذ في مواد التاريخ، الكيمياء والتربية.
{ وجال المدير العام لوزارة التربية رئيس اللجان الفاحصة فادي يرق على مراكز الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة في بيروت، في يومها الاول.
وتفقد يرق المرشحين في متوسطة شكيب ارسلان في منطقة فردان، ثم انتقل الى ثانوية جبران غسان تويني في الاشرفية. وتحدث الى الطلاب الذين ابدوا ارتياحهم للاسئلة، واكدوا انها عادية وخالية من التعقيدات. واشاد بأجواء الهدوء في المراكز.
وقال: «الوضع طبيعي كما توقعنا، والتلامذة مرتاحون جدا للاسئلة في مادة التاريخ»، مشيرا الى ان «التوجيهات كانت واضحة للجان الفاحصة في ان تكون المسابقات عادية».
وردا على سؤال قال: «وقع حادث أليم في طرابلس حيث سقطت احدى المعلمات المراقبات من الطابق الثالث، والقوى الامنية تتابع الموضوع، ونحن سنذهب الان الى طرابلس».
وطمأن يرق الاهالي والتلامذة إلى ان «الجو في المركز المذكور في طرابلس طبيعي»، مشيدا بـ»المناقبية العالية للهيئة التعليمية ورئاسة المركز»، وشاكرا القوى الامنية «لإعادة الوضع الى طبيعته حيث ان التلامذة لم يعرفوا بالحادث».
{ وفي محافظتي بيروت وجبل لبنان جرت الامتحانات وسط جو هادىء وتدابير أمنية داخل مراكز الامتحانات وخارجها. ففي بيروت امتحن 4881 طالبا توزّعوا على 27 مركزا، وفي جبل لبنان امتحن 21218 طالبا توزعوا على 115 مركزا. وتجمع اهالي التلاميذ امام المراكز طيلة فترة الامتحانات يستقون الاخبار حول الاسئلة والمراقبة، وكأن الاهالي هم من يمتحنون في هذا الاستحقاق.
وأشار رئيس مركز ثانوية جبران غسان تويني ناجي اسماعيل الى ان «الامور الادارية واللوجستية تجري كما خططت لها وزارة التربية وان هناك ارتياحا كاملا للطلاب والاوضاع جيدة جدا وليس هناك اي عقبات».
واعتبرت الطالبة ملاك قطيش ان الامتحانات كانت سهلة ومتوقعة ومن ضمن البرنامج الذي درسه الطلاب، حتى انها وجدت مسابقة الكيمياء «بايخة» جداً، واعترفت ان شهر رمضان يؤثر على الدرس الا انها تكيفت مع الموضوع.
{ ومن طرابلس أفادت مندوبة «اللواء» روعة الرفاعي بأن الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة انطلقت بخطوات ناقصة في يومها الأول، حينما سقطت احدى المعلمات المكلفة بالمراقبة في مدرسة ابن خلدون في منطقة أبي سمراء من الطابق الثالث أمام أعين التلاميذ ما أثار حالة من الذعر، اضطرت لتدخل سريع من قبل رئيسة المنطقة التربوية نهلا حاماتي لاعادة الأجواء الى طبيعتها.
وفي التفاصيل، إنّ المعلمة هند كرم مواليد 1955 من قضاء زغرتا كانت قد حضرت منذ ساعات الصباح الأولى الى مدرسة ابن خلدون، وعند الساعة السابعة والنصف، وبينما كان الطلاب يستعدون للدخول الى المركز، شاهد قسم كبير منهم كيف ان احدى السيدات ترمي بنفسها من الطابق الثالث لتستقر على الأرض ما أسفر عن حالة من الخوف في صفوف الطلاب والذين عمل اهاليهم على ابعادهم عن مكان الحادث، وعلى الفور حضر الصليب الأحمر وعمل على نقل المصابة الى مستشفى الشفاء لكن سرعان ما فارقت الحياة.
الطبيب الشرعي الذي كشف على الجثمان أكد ان الوفاة حصلت نتيجة نزيف داخلي من دون أي آثار للتعنيف، فيما القوى الأمنية التي عاينت المكان، أكدت أن الأدلة كلها تشير الى امكانية اقدام هند على الانتحار، وهذا بالفعل ما أكدته المعلومات الأولية، التي أشار اليها مصدر أمني من كون هند تعاني مشاكل عائلية مع زوجها، ربما تكون سببا وجيهاً لإقدامها على الانتحار.
مدير عام وزارة التربية ورئيس اللجان الفاحصة فادي يرق، الذي قطع جولته في بيروت فور سماعه بالحادثة أكد أن «الأجواء عادت لطبيعتها، ونحن نعول كثيراً على الوسائل الاعلامية بغية اظهار الأجواء الايجابية في مركز ابن خلدون، وبتوجيهات من الوزير مروان حمادة نحن اليوم في هذا المركز والذي شهد حادثاً مؤسفاً، انما الامتحانات اكملت مسيرتها بشكل طبيعي، كون الحادثة تمت في مبنى ملاصق لطابق الامتحانات، وهنا أشكر القوى الأمنية على المهنية العالية التي تمتعت بها، كذلك رئيسة المنطقة التربوية ورئيسة المركز».
وتابع: «اطلعنا على حسن سير الامتحانات واستمعنا للطلاب الكل بدا مرتاحاً للأجواء، ونأمل أن تستمر بهذا الشكل، الاقبال على الامتحانات فاق 90% ولم يغب عن الحضور سوى أصحاب الطلبات الحرة، وفي النهاية أؤكد أن الأجواء ايجابية في الاجمال».
أما الأهالي فتساءلوا عن أوضاع أبنائهم الذين دخلوا في حالة من الرعب الشديد وعلى الدولة أن تأخذ وضعهم بعين الاعتبار.
الطالبة رغد هرموش من مدرسة الايمان الاسلامية قالت: «الأجواء كانت مريحة والأسئلة سهاة، ونأمل أن تستمر الامتحانات بنفس الأجواء».
من جهتها، قالت وفاء الغوش من مدرسة الحدادين: «الحمدلله الأسئلة سهلة جداً والأجواء جيدة والمراقبة لم تكن شديدة».
{ وأكدت رئيسة المنطقة التربوية في الشمال نهلا حاماتي، اثناء تفقدها مراكز الامتحانات للشهادة المتوسطة في الكورة ان «الهدوء يعم مراكز الامتحانات»، لافتة الى أنه «تم تأمين غرف في تكميلية خليل سالم وليسيه القديس بطرس الارثوذكسية لذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير اساتذة ومراقبين خاصين لهم ومراعاة وضعهم الخاص».
{ وأفادت مراسلة «اللـواء» في صيدا الزميلة ثريا حسن زعيتر بأنّ «الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة البريفيه انطلقت في يومها الأول، وسط أجواء هادئة ومريحة وتدابير أمنية اتخذتها عناصر من القوى الأمن الداخلي داخل المراكز والجيش اللبناني خارج المراكز، حيث توزع الطلاب المرشحون في صيدا على 12 مركزا.
رئيس دائرة التربية في الجنوب باسم عباس قام بجولة على المراكز، وقال: «الأجواء ممتاز والطلاب مرتاحون جداً من طريقة الأسئلة، حيث أمّن الأجواء المريحة للطالب كونهم أول مرة يخوضون الامتحانات الرسمية».
وأضاف: «طلبنا من رؤساء المراكز أن يريحوا الطلاب نفسيا ونحن نطمح أن تكون الامتحانات مثالية، مثل كل عام، أما نسبة الغياب فهي ضئيلة جدا 2.2% (أعتقد معظمهم طلبات حرة) والمرشحين 7378 والغياب 165».
انطلقت صباح امس امتحانات الشهادة المتوسطة البريفيه في مختلف المحافظات، وسط جو هادىء وتدابير أمنية اتخذتها القوى الأمنية داخل مراكز الامتحانات وخارجها، حيث سيمتحن التلاميذ في مواد التاريخ، الكيمياء والتربية.
{ وأفاد مراسل «اللـواء» في النبطية سامر وهبي بأنّ عدد المرشّحين في المحافظة بلغ 4484 مرشّحا موزّعين على 25 مركزا على الشكل الآتي: 14 مركزا في مدينة النبطية وضواحيها، و3 مراكز في مرجعيون، 6 مراكز في بنت جبيل ومركزان في حاصبيا. وخضع الطلاب لامتحانات في مواد التاريخ الكيمياء والتربية.
وتفقّد رئيس المنطقة التربوية في محافظة النبطية اكرم ابو شقرا سير الامتحانات في النبطية واقليم التفاح، ترافقه رئيسة دائرة التربية في المنطقة نشأت الحبحاب، واستقبلهما رئيس دائرة الامتحانات في المنطقة جمال الشريف الذي اكد ان الامتحانات تسودها اجواء من الهدوء ولم تسجل اي شكوى من الطلاب او المراقبين.
وقال ابو شقرا: «بدأنا الامتحانات الرسمية في اجواء هادئة داخل المراكز، ونشكر القوى الامنية والعسكرية على دورها في توفير الاستقرار والهدوء داخل المراكز وفي محيطها».
وتفاجأ الصحافيون في منطقة النبطية، لدى تسلّمهم تصاريحهم الصادرة عن الدكتور يرق تسمح لهم بتغطية الامتحانات ليوم واحد فقط، وتخوّلهم الدخول الى المركز لمدّة 5 دقائق فقط بإشراف رئيس المركز، رغم ان بعضه الصحافيين من المدينة أُعطيت لهم تصاريح للبلدات المحيطة والتي تبعد أقله 12 كيلومترا من المدينة ما يعيق مهمتهم الاعلامية. وطالبوا الوزير حمادة والدكتور يرق باعادة النظر في الموضوع وتزويدهم بتصاريح على الاقل لكل شهادة، لتسهيل مهامهم في تغطية الامتحانات.
{ ومن صور، أفاد مراسل «اللـواء» جمال خليل بأنّه تمَّ توزيع الطلاب على 15 مركزاً تضم جميعها 5358 مرشحاً. وقد أشرف مدراء المراكز على أجواء الإمتحانات التي وصفوها بالإيجابية فيما يظهر على وجوه الطلاب ارتياح تام.
ومن مرجعيون، أفاد مراسل «اللـواء» جورج نهرا بأنّ الامتحانات انطلقت في قضاء مرجعيون وسط اجواء هادئة وطبيعية فرضتها الاجراءات الامنية للجيش اللبناني والامن الداخلي، وتقدم 400 طالب وطالبة على الامتحانات، موزّعين على ثلاث مدارس وهم ثانوية مرجعيون، مدرسة جديدة مرجعيون المتوسطة، ومدرسة القليعة الرسمية.
مدراء المراكز اشاروا الى ان الإمتحانات تسير بشكل طبيعي دون ان تسجل اي عقبات، وذلك في ظل اجواء مريحة للطلاب والمراقبين، وإننا نعمل على تأمين الأجواء الهادئة حتى يتمكن الطلاب من تقديم امتحاناتهم بكل ارتياح خاصة في هذه المنطقة الحدودية الواقعة على خط التماس مع العدو الصهيوني.
وافاد مندوب اللواء في حاصبيا حسين حديفة ان الطلاب في المنطقة الذين تقدموا لهذه الامتحانات وعددهم 354 طالب وطالبة تغيب منهم ا3 طالبا على مركزين الاول في ثانوية حاصبيا الرسميةالتي ضمت 200 طالب وطالبة توزعوا على 10 غرف وقاعات للامتحانات باشراف رئيس المركز حبيب صباح ومعه 27 مراقب ومراقبة اما المركز الثاني فكان في متوسطة حاصبيا الرسمية وضمت 154 طالب وطالبة توزعوا على 8 صفوف باشراف من رئيس المركز حبيب زرقط ومعه 24 مراقب ومراقبة. وانقسمت آراء الطلاب حول طبيعة الاسئلة اذ وصفها البعض بالسهلة والمتوقعة في حين اعتبرها البعض الاخر صعبة خاصة في مادة الكيمياء آملين من وزارة التربية ان تاخذ هذا الامر بعين الاعتبار.
*اليوم الأوّل من إمتحانات الـ Brevet: التاريخ على وقع الصدمة*
الجمهورية ــ ناتالي اقليموس: وقفَت أمّهاتُ تلامذة الشهادة المتوسطة على مداخل مراكز الامتحانات يُردِّدن غيباً على مسامع أولادهنّ محاورَ من كتاب التاريخ. بهذه المشهدية انطلقت أمس الامتحانات الرسمية اللبنانية في «البريفه» والتي امُتحِن فيها أكثر من 59 ألف مرشّح في التاريخ والتربية المدنية والكيمياء. يومٌ كاد أن يَمُرّ من دون أيّ علامة استفهام تُذكر لولا البَلبة التي أحدثها انتشارُ خبر سقوط المرَبّية المراقِبة هند م.ك. (55 عاماً) من الطابق الثالث ووفاتها.
عند السابعة صباحاً بدأ المرشّحون وأهاليهم بالتجمّع أمام مداخل مراكز الامتحانات، وسط تدابير أمنية وانتشارٍ كثيف لعناصر الجيش والدرك. بدت الأمور على خير ما يُرام، وصَلت المسابقات إلى المناطق مع ساعات الفجر الأولى، لتُوزَّع على المرشحين في الوقت عينِه على كامل الأراضي اللبنانية، إلّا أنّ خبر سقوط المربّية هند ملحم كرم (55 سنة) من الطابق الثالث في طرابلس هزَّ الأوساط التربوية، التي بذلت جهداً للمحافظة على الهدوء والانضباط من دون إثارة أيّ بَلبلةٍ قد تؤثّر على معنويات التلامذة ومسارِ الامتحانات منذ اليوم الأوّل.
شمالاً: سَقطت أم انتحرَت؟
في محافظة الشمال حيث يبلغ عدد المرشّحين 13 ألف، موزّعين على 62 مركزاً، مِن بينها مدرسة إبن خلدون الرسمية للبنات التي شهدت حادثةً مؤثّرة، إذ لفَظت المربّية هند أنفاسَها الأخيرة بعدما سقطت من الطابق الثالث إثرَ وصولِها إلى المدرسة بدقائق للمشاركة في عملية مراقبة، قرابة السابعة والربع، وقبل دخول المرشّحين إلى المركز. رئيسة المنطقة التربوية نهلا حاماتي، أكّدت لـ«الجمهورية»: «أنّ المركز آمنٌ لوجستياً 100% على المرشحين والأساتذة، ولا يُمكن لأحد الوقوع إلّا إذا هو أراد»، وتابعَت موضحةً: «رحلَت المرحومة قبل أن تكون قد وقّعَت اسمَها بأنّها حضَرت كبقيةِ المراقبين، وصَلت وأخَذت السلالم متوجّهةً إلى الطابق الثالث، عِلماً أنّه لم يُستعَن بالغرف الموجودة فيه، بل هو فارغ». أمّا عن كيفية عِلمهم بوقوع الحادثة، فقالت: «أحدهم رآها واقعةً على جهة جانبية من المركز فأبلغَ القوى الأمنية وطلبنا سيارةَ الإسعاف وأخَذت التحقيقات طريقها إلى حين وصَل المدير العام الأستاذ فادي يرق». واكتفَت بالقول: «أرفض استباقَ التحقيقات ولكنّ المسألة شخصية ولا علاقة للامتحلانات بها».
بيروت... الأشرفية «سكّرت»
بدت زحمة السير خانقةً في العاصمة بيروت، حيث مراكز الامتحانات متقاربة والمواقف شِبه معدومة. في الأشرفية شارع «الشحروري» تحديداً أمام ثانوية لور مغيزل الرسمية للبنات بدا المشهد أشبَه بتظاهرة تربوية، ومن حظيَ بـ«مرقد سيّارة» من الأهالي كمن رَبح اللوتو. وحدهنّ الأمّهات وقفنَ يتنافسن فيما بينهنّ على المراجعة الأخيرة، على اعتبار «بلكي بتِعلق شي معلومة براس هالولاد»، أمّا المرشّحون فمنهمكون بالترجيحات، وما تمّ تداوُله عشية مسابقة التاريخ، «القضية الفلسطينية والأردن من أبرز المحاور التي ستُطرَح لأنّها كانت ملغاة وأعيدَت مؤخّراً»، تقول إحدى المعلّمات التي تُرافق ابنَها، فتُقاطعها إحدى الطالبات: «mais c›est quoi ca mom»، ما دفعَ بوالدتها للترجمة لها إلى الفرنسية.
سؤال تلك الشابة عكسَ تململَ مجموعةٍ كبيرة من المرشّحين ذوي الثقافة الفرنسية من الكتابة باللغة العربية. وفي جولةٍ لـ«الجمهورية» على الغرف، انقسَم المشهد ما بين مرشّحين لم يوقِفوا كتابةً منذ اللحظة الأولى، وفئةٍ أخرى تنتظر «بس أوّل كلمة»، لتتذكّر ما حفظته، وفئة تُدرِك الجواب ولكن يتعذّر عليها التعبير باللغة الأم. أمّا الانطباع الأوّل الذي خرج به الطلاب، «كِلّ الترجيحات كانت إشاعات وما إجا شي»، أمّا الأهالي فذهبوا أبعد من ذلك، فجَمعوا ما بين زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى فرنسا وما بين السؤال الرابع عن الحرب العالمية الثانية والتدابير الفرنسية والإجراءات التي اتّخَذها المفوّض السامي، وغيرها من التفسيرات والتأويلات الخاصة بكلّ سؤال من الأسئلة الستة التي طُرحت.
في هذا السياق، أعرَب رئيس المركز حيدر إسماعيل في حديث لـ«الجمهورية» عن امتنانه من انطلاقة الامتحانات، قائلاً: «وسط أجواءٍ هادئة انطلقَ هذا الاستحقاق، حاوَلنا استقبالَ الطلّاب بابتسامةٍ عريضة. ويضمّ المركز هنا 180 مرشّحاً، موزّعين على 9 غرف، من بينهم 10 طلبات حرّة، أمّا المراقبون فعددهم 24، في كلّ غرفة مراقبان وفي الممشى مراقب عام».
لم يكن من الصعب الاستدلال إلى مدرسة سلمى الصائغ الكائنة على بُعد أمتار من مركز لور مغيزل، نظراً إلى أنّ الأمّهات افترَشنَ الرصيف وفضّلنا عدم تركِ أولادهنّ، فتداخلت الأحاديث ما بين رفعِ الصلاة وتنظيمِ الصبحيات. مضَت الساعة الأولى بسلامة، وعند قرعِ الجرس الأوّل هرَع التلاميذ إلى البوّابة يُطَمئنون أهلَهم كمن يقفُ عند الشريط الشائك على الحدود: «كيف عملتِ؟»، «شو بقول لبَـيِّـكْ عم بتلفِن؟»، وغيرها من الاستفسارات. ومع قرع الجرس الثاني، ساد الصمت، ووَجد الأهالي أنّ الكيمياء «مِش ملعبُن»، ليس بوسعِهم أن يجودوا في التحليلات، فانتقلَ الحديث إلى استرجاع ذكرياتهم الخاصة «نِحنا ع إيامنا كان التقديم...».
لم تُسجَّل أيّ ملاحظة تُذكر على صعيد مسابقة الكيمياء في مدرسة سلمى الصائغ، بل حظيَت برضى معظمِهم لجهة المضمون والوقت المخصّص لها. في هذا السياق، أكّد رئيس المركز عمر شعيت لـ«الجمهورية» عدمَ حصولِ أيّ محاولة غشّ، قائلاً: «لم نضبط أيَّ هاتفٍ أو «راشيتا»، معظم المشاركين يبدون أعلى درجات من الجدّية والجهوزية، لم نجبَر على توجيه أيّ ملاحظة لأحد». وأضاف: «يضمّ المركز 162 مرشّحاً، بينها طلبان حرّان فقط، 26 مراقباً، والأمور تسير على خير ما يُرامم، حتى إنّ في محاذاتنا ورشة بناء، إلّا أنّهم أوقفوا العمل بعد توصيةٍ خاصة».
في جبل لبنان
قرابة الحادية عشرة قبل الظهر، انتقلنا إلى جبل لبنان، حيث اختلف المشهد أمام المراكز، صبرُ الأهالي قد نفِد من الانتظار ومِن وهج حَرِّ الشمس، فانتقلوا إلى سياراتهم أو إلى المقاهي المجاورة: «من الصبح واقفين وراسنا مشوّش»، تتأفّفُ إحدى الجدّات التي أبَت إلّا أن تُرافقَ حفيدها إلى الامتحان كونها الشهادةَ الأولى في العائلة.
في محيط مدرسة القديسة ريتا - ضبية، وحدهم الأمنيون صَمدوا واقفين حتى آخِر لحظة، عينٌ على عقربِ الساعة وأخرى على البوّابة لتُفتح معلِنةً انتهاءَ اليوم الأوّل. بدت الأجواء هادئةً في المركز، الكلّ منغمس في مسابقة التربية المدنية يأبى المغادرةَ قبل استنفاذ كلِّ الوقت المخصّص لها، متهامسين: «انشالله كِل الأيام مِتل أوّل نهار». في هذا الإطار، قالت رئيسة المركز مدى سليمان لـ«الجمهورية»: «في المركز 169 مرشّحاً، موزّعين على 11 غرفة، 29 مراقب، و4 مراقبين عامّين، ولم يُسجَّل أيّ غياب، فالحضور 100%». وأضافت: «حَرصنا على عدم إدخال الهواتف إلى المركز، أمّا الحقائب فبقيَت في الملعب، الأجواء جدّية إلى أقصى الحدود، من دون أن ننسى الابتسامة في وجه التلاميذ».
ختاماً، يواصل اليوم طلاب البريفه امتحاناتهم مع مادتيّ علوم الحياة والأرض واللغة العربية.