إحياء «الضمان التربوي» يجهز على المدرسة الرسمية
فاتن الحاج - الأخبار - تسويق أصحاب المدارس الخاصة وبعض المرجعيات السياسية والدينية لتغطية رواتب المعلمين/ات من خزينة الدولة بدأ يحرّك جدياً روابط التعليم الرسمي والخبراء النقابيين لكونه يضع المدرسة الرسمية في خطر جدي، في دورها ووجودها، ويجهز عليها لمصلحة التعليم الخاص. المفصل الأساس للتحرك هو أنّ المدرسة الرسمية باتت، بحسب أهلها، يتيمة الأب والأم ومستباحة في غياب أي احتضان رسمي أو شعبي لها، وعليه فالتوجه الحالي يجب أن يكون المبادرة فوراً لتشكيل هيئة وطنية لحمايتها وتطويرها.
النقابي محمد قاسم أحد المبادرين لتأسيس هذه الهيئة، وهو شغل سابقاً مهمة مقرر لجنة وضع القانون 515 /1996 الناظم للموازنات المدرسية والمتعلق بأصول تحديد الأقساط المدرسية التي شكلها وزير التربية آنذاك زكي مزبودي.
تمرد المؤسسات التربوية الخاصة على قوانين الدولة ظاهرة جديدة، بحسب قاسم، تمادت خلال السنوات الست الأخيرة مع رفض تطبيق القوانين النافذة والتهرب من تحمل المسؤولية لجني المزيد من الأرباح من جهة، ولتحقيق هدف استراتيجي يسعى إليه اتحاد المؤسسات الخاصة، وفي مقدمته الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية من جهة أخرى. وهو فرض خصخصة التعليم وتحميل الدولة والأهالي أعباء التعليم الخاص لأسباب سياسية وتربوية، بما يضرب المفهوم الوطني للتربية التي يجب أن تشكل انصهاراً بين جميع اللبنانيين والذي لا تؤمنه سوى المدرسة الرسمية.
البدعة هي ما تداولته المؤسسات والمرجعيات السياسية والدينية على حد سواء، بتحميل الدولة أعباء تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب الرقم 46، لا سيما لجهة تغطية رواتب المعلمين (65% من القسط المدرسي المتعلقة بحسب القانون 515 بالرواتب والأجور وصندوق التعويضات والضمان الاجتماعي وبدل النقل). الهدف، كما يقول قاسم، هو استدراج الدولة إلى هذا الموقف لتسجيل سابقة لمرحلة لاحقة أو «تعليق الصنارة»، والمطلوب احياء المشروع القديم المسمى «الضمان التربوي» أو «البطاقة التربوية» والإجهاز على التعليم الرسمي لمصلحة التعليم الخاص تحت شعار «حرية التعليم». هذا المشروع يعود إلى نهاية الستينيات عندما طرح الأمين العام للمدارس الكاثوليكية آنذاك المونسنيور اغناطيوس مارون تولي المدارس الخاصة التعليم نيابة عن الدولة بعد تحويل موازنة وزارة التربية إليها. يذكر هنا ان المادة 10 من الدستور التي تؤكد حق الطوائف بإنشاء مدارسها الخاصة تشترط أن تسير هذه المدارس وفق الأنظمة العامة التي تضعها الدولة.
تحذير نقابة المعلمين من السكوت على تحميل الدولة أعباء السلسلة
ومع ذلك فإنّ الدولة رضخت منذ زمن بعيد لضغوط المدارس الدينية المجانية التي تتقاضى 160 مليار ليرة سنوياً.
ما يستوقف قاسم تحديداً هو عدم اتخاذ وزارة التربية، وهي الحلقة الأولى الأساسية، موقفاً حاسماً من هذا المشروع وتركه مائعاً، والمفاجأة التي طرحها رئيس الجمهورية بتحمل الدولة جزءاً من أكلاف السلسلة وكأنه يشجع على خصخصة التعليم، في حين «أننا كنا ننتظر أن يضرب بيد من حديد باتجاه الطلب من المدارس الخاصة تنفيذ القانون 46 الذي يحمل توقيعه، وقطع الطريق على التفاف أصحاب المدارس على حقوق المواطنين واستباحة أموالهم وفرض زيادات على الأقساط لا مبرر لها، وأن يطلب بحزم تفعيل أجهزة الرقابة وتفعيل دور المفتشين التربويين بتطبيق القانون 515، خصوصاً أن نسبة الزيادات التي فرضت على الأقساط المدرسية منذ آخر زيادة للرواتب في العام 1996 لامست 500%، فهل نسبة الـ65% المخصصة لرواتب المعلمين من الموازنة العامة زادت بهذه النسبة؟».
قاسم ناشد رئيس الجمهورية والمجلس النيابي «وقف هذه المسرحية وهذا التردد لدى أصحاب المدارس الخاصة في تنفيذ القانون لأنّ المدارس الخاصة خرجت عن الأصول القانونية وباتت سلطات مستقلة تفرض رأيها وتضرب بمصالح المعلمين والأهالي عرض الحائط». ونبّه نقابة المعلمين في المدارس الخاصة الى ضرورة التصدي والموقف الحازم غير المائع والمتردد وفي بعض الأحيان المسهّل لتحميل الدولة، باعتبار أن وحدة التشريع بين التعليمين الرسمي والخاص بنيت على مبدأ أن الدولة تدفع رواتب معلمي التعليم الرسمي والمدارس الخاص تدفع رواتب معلميها. أما سكوت نقابة المعلمين عن تحميل الدولة المسؤولية فسيدفع، بحسب قاسم، المدارس الرسمية ووزارة التربية للمطالبة بفصل التشريع، لأن وحدة التشريع تعني الحفاظ على المدرسة الرسمية ومعلميها وعلى المال العام والتزام المدارس الخاصة بتنفيذ القوانين.
تحميل الدولة جزءاً من أعباء المدارس الخاصة ليس بريئاً كما يؤكد قاسم، بل هو مقدمة للانقضاض على المؤسسات العامة وفي مقدمتها المدرسة الرسمية، وبالتالي يجب بتر هذا المشروع وإيقافه حتى لو اضطر الأمر للنزول إلى الشارع حماية للمدرسة الرسمية. وللغاية أجرى قاسم اتصالات بروابط التعليم الرسمي ودعاها الى التنسيق مع نقابة المعلمين ولجان الأهل الحقيقية للتحرك من أجل اسقاط المشروع، وإلا تحويل المدارس الخاصة إلى رسمية وأن تتولى وزارة التربية إدارة شؤونها ما دامت ستتحمل جزءاً من أعبائها.
تعزيز المدرسة الرسمية ورفض الضمان التربوي
بوابة التربية ــ أعلن التيار النقابي المستقل رفضه مشروع “الضمان التربوي” الذي تطالب به “حيتان التعليم الخاص” وذلك بمطالبة الدولة دفع الزيادة المترتبة عن سلسلة الرتب والرواتب ( القانون ٤٦/٢٠١٧) بحجة أن هذه المؤسسات عاجزة عن تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب، وقالت في بيان لها:
في بدايات سبعينيات القرن الماضي ارتقت المدرسة الرسمية ( التكميليات والثانويات) الى مستوى تربوي وعلميجيد لتتبوأ المراتب الأولى وتشكل الأساس في العملية التربوية وفي اعداد المواطن وتنشئته على الوطنية ورفض الطائفية والمذهبية. ترافق تطور التعليم الرسمي ونموه مع خطط ومشاريع وضعتها بعض أطراف السلطة ترمي الى ضرب التعليم الرسمي لحساب التعليم الخاص ، ومن أهم هذه المشاريع ما سمي في حينه “الضمان التربوي” والذي ينص على أن تدفع الدولة للمدارس الخاصة لتقوم بتعليم التلامذة. واجهت النقابات والروابط هذا المشروع في حينه لتمنع تطبيقه ، كما ساهم المستوى الجيد للتعليم الرسمي في منع تطبيقه وذلك باستقطاب تلاميذة وطلاب لبنان.
أتت الحرب اللبنانية حيث راحت الميليشيات تعيث فساداً وتخريباً في المدارس والثانويات الرسمية من جهة ، ومن جهة أخرى تؤمن الحماية للمدارس الخاصة ضد أي تدخل او تخريب، فكان هذا السلوك مبرمجاً لضرب التعليم الرسمي ليقوم مكانه التعليم الخاص لكل مذهب من أجل انتاج الفرد المذهبي لتأبيد هذا النظام المذهبي. حصل كل ذلك لنصل الى يومنا هذا مع تعليم رسمي فقد ثقة الناس باستثناء التعليم الثانوي الرسمي والذي يتعرض لكل أشكال التخريب، وسلطة الأحزاب المذهبية تتفرج بهدف اسقاطه لصالح مؤسساتها التربوية المذهبية.
امام هذا الواقع يبرز الى العلن من جديد مشروع “الضمان التربوي” الذي تطالب به “حيتان التعليم الخاص” وذلك بمطالبة الدولة دفع الزيادة المترتبة عن سلسلة الرتب والرواتب ( القانون ٤٦/٢٠١٧) بحجة أن هذه المؤسسات عاجزة عن تنفيذ هذه السلسلة، علماً أن هذه المؤسسات زادت الأقساط منذ ١٩٩٦ ولتاريخه أكثر من ٤٠٠٪ وحقوق المعلمين في المدارس الخاصة لا تتعدى ال١٠٠٪. الا يكفي هذه المؤسسات أنها لا تدفع ضريبة على ارباحها باعتبارها “مؤسسات لا تبتغي الربح”، هل تصدقون أن هذه المدارس لا تحقق أرباحاً؟؟؟! ان اقرار “الضمان التربوي سيدمر ما تبقى من التعليم الرسمي وبموافقة ومباركة كل أطراف السلطة.
ان التيار النقابي المستقل اذ يرفض هذا المشروع، سيواجهه بكل ما استطاع من قوة، يحمِّل هذه السلطة مسؤولية ضرب التعليم الرسمي ويدعوها، بدل التباكي على مستوى التعليم الرسمي والشهادة الرسمية والذهاب الى مناهج أجنبية وتكريس شهاداتها، يدعوها الى تعزيز التعليم الرسمي بتعديل المناهج والزامية الشهادة الثانوية الرسمية على كل لبناني مقيم على الأرض اللبنانية كشرط للانتقال الى المرحلة الجامعية، وتحسين الأبنية وتجهيزها بأحدث المختبرات واعداد المعلمين والأساتذة اعداداً جيداً واخضاعهم لدورات تدريبية مستمرة من أجل تحسين وتطوير ادائهم التربوي، كما يطالب التيار النقابي بتفعيل دور التفتيش التربوي.
ان التيار النقابي المستقل يطالب كل الروابط والنقابات بالوقوف وقفة وطنية واحدة للدفاع عن التعليم الرسمي وتعزيزه ورفض مشروع ” الضمان التربوي”، ايماناً منه أن هذا التعليم هو المكان الذي نعد فيه المواطن اللبناني في سبيل بناء وطن موحد تسوده قيم المواطنية الحقة، وطن تسوده الكفاءة ، وطن نفصل فيه الدين عن الدولة، وايماناً منه أنه اذا أردت أن تدمر بلداً عليك بضرب التربية والتعليم فيه، ان التيار النقابي يحمل هذه الروابط والنقابات مسؤولية اي سكوت او تواطؤ على تمرير هذا المشروع.
الأساتذة يُصعِّدون والأهالي يتحرّكون ورحمة يُحذّر... حمادة: جلسة حكومية تربوية قريباً
ناتالي قليموس ـ الجمهورية ــ “على صوص ونقطة». إلى هذا الحدّ بات مصير العام الدراسي على المحكّ، ولم يكن ينقص الوضع تأزّماً إلّا إعلان اتّحاد المؤسّسات الخاصّة عدمَ اعترافِه بالدرجات الستّ التي منحَتها سلسلة الرتب والرواتب للمعلّمين «إذ إنّها تخصّ التعليم الرسمي فقط». فيما الأساتذة يُصرّون على كامل حقوقهم: «ما صِمنا لنِفطَر عَ بصلة». أمّا وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة فيستبشر خيراً من «تخصيص جلسة وزارية تربوية قريباً»، وفقَ ما أكّده لـ«الجمهورية». إلى ذلك، تستعدّ اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية برئاسة المطران حنّا رحمة للقاء رئيس الحكومة سعد الحريري الثلثاء المُقبل وفقَ ما علمت «الجمهورية» في محاولةٍ لإنقاذ السنة الدراسية.
من يُنقذ أكثرَ من 660 ألف تلميذ في المدارس الخاصة؟ سؤالٌ باتَ أكثرَ مِن مُلحّ وسط عجزِ إدارات المدارس الخاصة عن إعطاء أساتذتها كاملَ حقوقهم من دون زيادات على الأقساط، فيما الأهالي يَرزحون تحت ضائقةٍ اقتصاديّة ويرفضون أيَّ زيادة بصَرفِ النظر عن حجمها.
حمادة: هذا الحلّ الوحيد
وحده وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة يأمل خيراً بأن يخلقَ ثغرةً في الأفق المسدود، فيوضح لـ«الجمهورية»: «أرسلتُ إلى الأمانة العامة في مجلس الوزراء مشروع قانون معجَّل بجدولةِ القانون 46 بالنسبة للتعليم الخاص، مع جدولةٍ زمنيةٍ للدفع على 3 سنوات، تحفَظ للأساتذة كاملَ حقوقهم وفي الوقت عينِه تأتي الزيادات ناعمةً على الأهل ومحمولة، مع المحافظة على التوازن المالي للمدارس، وهذا هو الحلّ المنطقي الوحيد الذي أراه خصوصاً وأنّ الدولة لن تكون قادرةً على تغطية الزيادات كاملةً»، مشيراً إلى أنّه سيدعو «قريباً لجنة الطوارئ للانعقاد في غضون 3 أيام للبحث في التفاصيل».
جلسة حكومية استثنائية
هل ستشهد الجلسة الوزارية اليوم غَوصاً في الملفّ التربوي؟ يجيب حمادة: «ضِمن جدول الأعمال لا، إنّما قد أطرَح في بداية الجلسة القضية التربوية، على أيّ حال منذ أشهر طلبتُ من رئيس الحكومة سعد الحريري جلسةً وزارية تربوية خاصة وأمسِ جدّدتُ مطلبي ووعَدني خيراً بتخصيص جلسة وزارية استثنائية في الشؤون التربوية».
وعن موقفِه من عدمِ عقدِ الجلسة حتى الآن رغم أنّ القضية وطنية وترتبط بمصير الآلاف من التلاميذ، يجيب ممازحاً: «ربّما لو كنّا باخرةَ نفطٍ أو كهرباء لَكانت انعقَدت الجلسة أسرع»، وأضاف: «هناك استحقاقات كثيرة وطارئة، من دون أن ننسى أنّنا أمضَينا نحو شهر ونِصف بما سُمّي الأزمة الحريرية، ما انعكسَ تأخيراً على انعقاد الجلسات الوزارية».
المطران رحمة: لهذا نرفض الدرجات
بالمقابل يَعتبر رئيس اللجنة الأسقفية المطران حنّا رحمة «أنّ التقسيط ليس حلّاً جذرياً، وكأنّه وسيلة فقط لتأخير موعدِ إقفال المؤسّسة التربوية من سنة إلى أخرى نتيجة الأوضاع التي تتخبّط فيها».
ويوضح في حديث لـ«الجمهورية»: «إذا كان فعلاً مِن حقّ الأساتذة في الخاصة أخذُ الدّرجات السِتّ، نتمنّى الاعترافَ بذلك بصريح العبارة، ولتتكفَّل الدولة في تسديدها، نحن نؤدّي دورَ «نسمة الخير»، صِلة الوصل بين المستفيد والمفيد، بين الأهالي والأساتذة».
ويتوقّف رحمة عند تداعيات إلزام القطاع الخاص بالدرجات السِتّ، قائلاً: «الزيادة العادية، أي مِن دون الدرجات السِتّ تُرتّب زيادةً على الأقساط نحو 400 ألف ل.ل. في الحدّ الأدنى، و800 ألف ليرة كحدٍّ أقصى على كلّ تلميذ، وهذا يختلف من مدرسة إلى أخرى بحسب حجمِها، وضعِها، عددِ المسجّلين فيها، وغيرها من التفاصيل».
ويُضيف: «أمّا إذا احتسَبنا الدرجات التي أقرَّتها السلسلة، فأدنى زيادة ستكون مليون ل.ل. على كلّ تلميذ. الأهالي ومن دون زيادة يتعذَّر عليهم تسديد الأقساط سنوياً، كيف بالحريّ إذا أضَفنا ما أقرّته السلسلة؟».
ويتابع مستغرباً: «منذ الأساس حين طُرحت مسألة الدرجات السِتّ، كان الهدف إعطاءَها فقط إلى الأساتذة في قطاع التعليم الرسمي، وتحديداً الثانوي الذي لم ينَلْ سابقاً درجاتٍ استثنائية لتقليص الفجوة بين راتبه وراتبِ زميله في الخاص»، متوجّهاً بالسؤال إلى النائب بهية الحريري وحمادة: «غريب كيف انتقلَت الدرجات إلى التكميلي والابتدائي بسِحر ساحر؟».
ماذا سيَحملون للحريري؟
وفيما تستعدّ اللجنة الأسقفية للقاء الرئيس سعد الحريري، يوضح رحمة: «سنَحمل معنا الهَمَّ الوطنيّ الأكبر، المسؤوليةَ الكبرى، وهي مستقبل التلامذة والأساتذة والمؤسّسات التربوية الخاصة التي تشكّل 70 في المئة من التعليم في لبنان وتَرسم وَجهَه الحضاري والثقافي. سنُطلِع الحريري، رئيسَ السلطة التنفيذية، على أدقِّ تفاصيل المشكلة التي هي في الأساس مسؤوليّة دولة وليس مجرّد مدرسة أو مدير أو مطران».
ويُضيف: «نأمل منه أن يتوصّل إلى حلول عاقلة، منطقية بالتعاون مع السلطة التشريعية، أقلّه لهذه السَنة، ومِن ثمّ يتمّ التركيز على حلٍّ استراتيجي وطني، أي خطة شاملة تضع الدولةَ أمام مسؤوليتها»، متخوِّفاً من «أن يتلهّى السياسيّون بالانتخابات، متناسين وجَع الناس».
نقيب الأساتذة: سنُصعّد
بينما تكبُر الأزمة التربوية ككرةِ ثلجٍ مِن رأس الهرم إلى القاعدة، بالنسبة إلى الأساتذة الأمرُ محسوم: «نرفض أيَّ مبدأ يَمسّ بالسلسلة، وكلُّ طرحٍ يؤدّي إلى تعديل القانون 46 أو يُغيّر في تقديماته وبمستحقّاته نحن نرفضه»، وفقَ ما أكّده نقيب المعلمين رودولف عبّود لـ«الجمهورية»، موضحاً: «نحن لا نعتمد على القراءة الخاصة لأصحاب المدارس للقانون، فالمواد واضحة ولا تحمل أيّ لبسٍ.
حتى إنّ مشروع القانون الذي أرسَله الوزير حمادة ليس لنا عِلمٌ به، وما طرَحه حول إمكانيةِ التقسيط نَرفضه»، مشيراً إلى أنّ «الجمعيات العمومية ستُكثّف اجتماعاتها للإعلان عن مواقف تصعيدية موحّدة وضِمن أوقات محدّدة، باختصار: نحن متّجهون نحو التصعيد بسبب ما نَسمعه من مواقف في توقيتٍ مشبوه».
الأهالي: مسيرات احتجاجية
يُشكّل توقيعُ الأهل على الموازنات التي مِن المفترض أن تُرسِلها كلّ مدرسة إلى وزارة التربية قبلَ انتهاء الشهر الجاري، ورقةَ ضغطٍ قوية في حساباتهم. إذ يَرفضون التلهّي في خوضِ غمار الحلول المقترَحة مؤكّدين البقاءَ على موقفِهم «لن نرضى بأيّ ليرة إضافية».
فبَعد الاجتماع الأخير في غزير والذي ضمَّ معظمَ اتّحادات لجان الأهل في المدارس الخاصة من المناطق كافّة، أجمعوا على أهمّيةِ رصِّ صفوفِهم، وتوحيدِ الكلمة والموقف.
وفي هذا السياق علمت «الجمهورية» أنّ الأهالي يَدرسون استبدالَ فكرةِ التظاهر أمام وزارة التربية بتنفيذ مسيراتٍ سِلمية مناطقية، أبرزُ وجهاتِها القصرُ الجمهوري وبكركي.
من جهتها، تقول رئيسة اتّحاد لجان الأهل في فتوح كسروان وجبيل ميرنا خوري لـ«الجمهورية»: «إتفَقنا على عدمِ توقيع موازنات المدارس التي تتضمَّن زياداتٍ رغم أنّ عدداً كبيراً من المدارس قد أرسَل إلى الأهالي circulaire يتضمَّن زيادات، وهي حكماً غير قانونية».
وما هي النتيجة من عدمِ توقيع الموازنات؟ تُجيب خوري: «بَعدها ستلاحظ وزارة التربية الكمَّ الهائلَ من الموازنات غيرِ الموقَّعة، وستتّجه حكماً إلى فتحِ ملفّات الموازنات القديمة وتُدقّق فيها».
لجان الأهل تعلق التوقيع على الموازنات والمؤسسات لا تعترف بالدرجات الست
بوابة التربية ــ قررت لجان الأهل في المدارس الخاصة تعليق التوقيع على الموازنات المدرسية التي تتضمن زيادات على الأقساط، في حين أكد اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة بعد اجتماع له انه غير معني بالدرجات الست للاساتذة “إنطلاقاً من قراءته للقانون إذ إنها تخص التعليم الرسمي فقط”.
عقدت لجان الأهل في المدارس الخاصة من مختلف المناطق اللبنانية (من 32 مدرسة) اجتماعا موسعا في غزير خصص للبحث في ملف الزيادات على الاقساط المدرسية.
وأعلن رئيس تكتل لجان الأهل في المدارس الخاصة في المتن سعيد فاخوري استمرار لجان الأهل في تعليقهم على توقيع الموازنات المدرسية، وقال: الأهل غير قادرين على الدفع وتحمل أي زيادة على الأقساط لأنها غير مشروعة. ونطالب الدولة بإيجاد آلية معينة لتنفيذ المقترحات التي طرحت.
وطلب من الاهل تعليق دفع الزيادات على الاقساط المدرسية حتى إيجاد الحلّ.
تجدر الإشارة إلى ان لجان الاهل ليست كلها في صف واحد وتحمل المطالب ذاتها، هناك لجان تتهم بأنها شبه معينة من ادارات المدارس الخاصة وانها تنطق باسمها، وخلال يومين ستطلق حملة سميّت بالحملة الوطنية لدعم لجان الاهل واولياء الامور في المدارس الخاصة.
ونفت رئيسة اتحاد لجان الأهل في كسروان الفتوح وجبيل ميرنا خوري أن يكون الاتحاد ينطق باسم المدارس الخاصة.
صندوق تعويضات الأساتذة.. هل سينهار؟
خضر حسان ــ يتجه ملف سلسلة الرتب والرواتب لمعلمي المؤسسات التربوية الخاصة نحو مزيد من التعقيد، لدرجة تنذر بوقوع كارثة سيُنتجها تعنّت تلك المؤسسات، رغم وضوح معايير الصح والخطأ، والصيغة المباشِرة التي يحدد فيها القانون 46 أسس دفع السلسلة، وعلى من تُطبّق.
بعض المؤسسات التربوية المسيحية والإسلامية، تصر على عدم دفع السلسلة مع الدرجات الست، وتتنقل من حجة إلى أخرى، وتًطلق مخاوفها بصورة تهديد مبطّن، مفاده أن دفع السلسلة والدرجات يعني خسارة المدارس وإقفال أبواب بعضها. وصولاً إلى حد قول اتحاد المدارس التربوية بصراحة: " نحن غير معنيين بالدرجات الست إنطلاقاً من قراءتنا القانون، إذ إنها تخص التعليم الرسمي فقط".
هي قراءة خاصة إذن، هكذا ينظر الاتحاد إلى قوانين الدولة اللبنانية، علماً أن المادة 13 من القانون تنص على أن قانون السلسلة يُطبق على المدارس الخاصة تماماً كما على المدارس الرسمية، ولا تتضمن عبارات غامضة قابلة للتفسير والتأويل. ما يعني ان الاتحاد يرفض بوضوح تطبيق القانون. وهو ما يُعيدنا إلى محاولات تطيير تلك المادة في مجلس النواب، لأن أصحاب المصلحة يعلمون بأن إقرارها يعني إلزامية تطبيقها.
ترفض نقابة معلمي المدارس الخاصة التي عقدت الأربعاء 10 كانون الثاني، اجتماعاً لبحث مستجدات ما يقوم به الاتحاد، إذ إن التلويح بخسارة المدارس، ينفيه "دفع بعض المدارس السلسلة مع الدرجات الست"، على حد تعبير عضو مجلس إدارة صندوق التعويضات، نعمة محفوض، الذي يلفت خلال حديث إلى "المدن"، إلى أن "مدارس الفرير، الكرملية، راهبات المحبة، الليسيه، وغيرها دفعت السلسلة والدرجات الست، ولم تقفل أبوابها ولم تُفلس"، مؤكداً أن النقابة ستعلن أسماء المدارس التي إلتزمت بالقانون، وتلك التي لم تلتزم بعد".
الأزمة لا تنحصر بالرواتب، إذ يكشف محفوض عن أن رفض الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، التوقيع على جداول صرف تعويضات لأكثر من 1000 أستاذ، "يعني أن الصندوق ذاهب إلى تعطيل مهماته، وعدم الدفع لكل أساتذة التعليم الخاص".
وما يزيد الوضع تعقيداً، هو أن اتحاد المؤسسات الخاصة يصر على سياسته تلك، رغم مديونيته لصندوق التعويضات بـ70 مليار ليرة، اقتطعتها المدارس من رواتب المعلمين، ولم تدفعها للصندوق. عليه، من يريد الحديث عن إنهيار المؤسسات عليه أن يدفع متوجباته كي لا تنهار مؤسسات أخرى، وهي في هذه الحالة، المعلمون الذين ينتظرون تعويضاتهم والأهل الذين يدفعون أقساطاً مرتفعة، وأضيف إليها زيادات بحجة السلسلة، على مدى 5 سنوات، ولم تُدفع السلسلة. "فأين ذهبت أموالنا؟"، تتساءل مصادر في إحدى لجان الأهل التابعة للمدارسة الكاثوليكية. وفي حديث إلى "المدن"، ترى المصادر أن "الأمور ذهبت بعيداً، والمدارس الخاصة تأخذ أموالنا من دون أن تبيّن وجهة صرفها. وهو ما نحاول تحديده من خلال إصرارنا على الاطلاع على موازنات المدارس والتدقيق فيها قبل الموافقة عليها. مع تأكيد رفضنا أي زيادة على الأقساط مجدداً. فما تمت زيادته على مدى 5 سنوات، يمكنه سد كلفة السلسلة للأساتذة".
مع كل هذا الوضوح، يعمد الاتحاد إلى لقاء بعض المرجعيات السياسية والدينية، منها على سبيل المثال رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ووزير التربية مروان حمادة، والبطريرك بشارة الراعي، في محاولة لإبراز مظلوميته ولإيجاد "حل للأزمة". والمستغرَب هو أن هذه الجهات تسعى إلى ايجاد "حل" لقانون نافذ وواضح، أي أنها تحاول عدم تطبيق القانون بدل السعي إلى تطبيقه وإلتزام الأطر القانونية للاعتراض، في حال شعور طرف ما بالغبن. وهنا، يرى محفوض أنه "بات على الحكومة ورئيس الجمهورية والنواب الذين أقروا القانون وجعلوه نافذاً، التدخل لحماية القانون وتطبيقه".
حراك المتعاقدين الثانويين: الى الشارع لتحقيق المطالب
وطنية - أسف حراك المتعاقدين الثانويين، في بيان اليوم، ل"المستوى الذي انحدرت اليه السلطة في التعاطي مع حقوق المواطنين الذين يضطرون الى الاعتصام والتظاهر وقطع الطرق وحرق الاطارات وحجز الناس في السيارات".
وسأل: "لماذا لا تعطي السلطة المتعاقد حقه بالتثبيت ورفع أجر الساعة والضمان وبدل النقل، فهل على هذا المتعاقد ان يقطع الطرق ويحرق الاطارات ليتحرك بعدها ضمير الدولة؟"، داعيا المتعاقدين "ليجهزوا انفسهم للنزول الى الشوارع وقطع الطرق واغلاق المؤسسات، و"ما في حدا أحسن من حدا"، ولن يضيع حق وراءه متعاقد".
«شِبه» مركز تعليمي في برجا... تحت الأرض!
شيماء الخطيب ــ الاخبار ــ افتتحت جمعيّة «أرض الإنسان» الإيطالية في 28 أيلول الماضي، مركزاً تعليميّاً، في بلدة زاروت بالإقليم، لدعم النازحين السوريين في المنطقة، وتأمين تعليمهم. في الأصل، عدد كبير من اللاجئين السوريين في لبنان، لجأ إلى منطقة إقليم الخروب، ويحاول الاستفادة من المركز. لكن المركز ــ على ما يبدو ــ غير «مطابق»!
تصل إلى بلدة زاروت، وهي بلدة صغيرة ضمن بلدة أكبر منها هي برجا. في سيارة الأجرة، السائق «ابن المنطقة ومش من قبرص» كما يقول، يقود بمزاجٍ جيد متجهاً الى مركز «برجا التعليمي المجتمعي» الذي افتتح من أجل النازحين السوريين. حتى السائق، ليس لديه الكثير من الأفكار عن شكل هذا المركز ومساحته وطريقة التعليم فيه. هو لم يسمع به أصلاً، رغم أنه سائق، ورغم أن السائقين يعرفون كل شيء. في الطريق، لا وجود للافتة تدلّ إلى مكان المركز. تسأل أهالي المنطقة فيأتي الجواب واحداً: «لا نعرف». حتى السوريون ــــ المعنيون الأساسيون بالموضوع ـــــ لا يعرفون عنه شيئاً.
بعد عناءٍ طويل، نصل إلى «المركز». تتلاشى جميع الأفكار التي يمكن تخيّلها لدى سماع كلمة «مركز». بناء سكنيّ عادي، داخله شقّتان عاديّتان، إحداهما تحت الأرض، تحوّلت غرفهما إلى صفوف ومكتب صغير تجلس خلفه مديرة، تنظّم مواعيد خروج التلاميذ ودخولهم، مع عاملة من عمّاله.
نحن أمام «شبه مركز تعليمي». الطلاب، في الصفوف، أو شبه الصفوف، من أعمار مختلفة. لكنهم من أعمار مختلفة في الصف الواحد. لا معايير منهجية واضحة. يقول المسؤولون إن المركز يضمّ نحو مئة وعشرين تلميذاً، تتراوح أعمارهم بين الرابعة والثالثة عشرة. لكن، في الواقع، وبالنظر إلى حجمه الصغير جدّاً، لا يمكنه استيعاب أكثر من خمسين تلميذاً. لا ندري أين ذهب البقية. مساحة الشقة الواحدة لا تتعدى المئتي متر مربع، ولا يوجد فيها سوى حمام واحد، يستخدمه الجميع، ذكوراً وإناثاً. أما الصّف، الذي من المفترض أن يتألّف من عدة طاولات، فصغير جدّاً، ولا يضمّ سوى طاولة واحدة يجلس عليها عشرة تلاميذ أحياناً. تتفاوت أعمارهم كثيراً، فمنهم من هو في العاشرة من عمره بين «رفاق» لا يتعدون السادسة، جميعهم في الصف نفسه، ويدرسون المادة نفسها. أما المواد التي يتم تعليمها، فتقتصر على تلك الأساسية كاللغات (عربية وأجنبية) والرياضيات. يقضي التلاميذ أوقات فراغهم، في الصفوف، بسبب عدم وجود باحة في هذا المركز، علماً أنّ الباحة من الشروط الأساسية لأي مركز تعليمي أو مدرسة.
في البحث عن أسباب هذه الخِفة، في التعاطي مع «التعليم»، تقول جمعية «أرض الإنسان» الإيطالية إنها تموّل المركز من كافة النواحي، من نقل وأقساط وقرطاسية وغيرها، بدعم من الصندوق الائتماني الأوروبي وAVSI وجمعية War Child. أسماء رنانة وتبدو كبيرة، لكن «المركز» بالكاد يُرى. هل تهتم هذه الجمعية، بما يحصل في الداخل، وخاصة طريقة اختيار الأساتذة مثلاً؟ لا يمكننا الافتراض أن الجواب ايجابي. فعاليّات في المنطقة أكدوا أن اختيار الأساتذة يحصل «على الطريقة اللبنانية»: يُعيّنون «بالواسطة»، وليس بالكفاءة. المصادر تقول إنّ التلاميذ المسجّلين في المركز لا تستقبلهم المدارس بحجّة عدم قدرتها على استيعاب أعدادهم، علماً أنّ عددهم ليس كبيراً، ويمكن للمدارس أن تفتح أبوابها لهم بعد الظهر كما تفعل العديد من بلدات الإقليم!
لا يجد سكان المنطقة القريبون من المركز ما يمكن الاستفادة منه. يذهب إليه من لا يمكنه الذهاب إلى أي مكان آخر. يقولون: «لا يمكن أن يكون مركزاً تعليميّاً أبداً، إنه مجرد مكان يقضي فيه بعض الناس أوقات فراغهم ويؤمّنون مصالحهم». في الداخل الصورة مختلفة. وبالنسبة للجمعية الإيطالية التي تدفع، ربما يكون الأمر كذلك أيضاً، إذا افترضنا «حسن النية». تعتقد إدارة المدرسة أنها تقوم بفعل خير للتلاميذ، على الأقل هذا ما تصرّ عليه. ولكن، من لمحة بسيطة للمكان، سنرى أطفالاً يتعرّضون للضغط النفسي بسبب دمجهم مع أطفال أكبر منهم أو أصغر منهم بكثير. سنرى «تسرباً مدرسياً» موصوفاً.