جريدة السفير
«اللبنانية» بعيون أهلها: مأزومة.. والحلول بأولويات مختلفة
شكلت الجامعة اللبنانية منذ تأسيسها في العام 1955 أساس التعليم العالي في لبنان. كان طبيعيا، مع مرور الوقت ومع توسعها وتفريعها، أن تتعرض لمختلف أنواع الضغوط السياسية والطائفية، إلى ان تحوّلت، وبحسب أهل الجامعة أنفسهم، إلى ساحة للتوظيف السياسي والطائفي والمذهبي، أي أن صورتها صارت جزءا من صورة البلد غير الجميلة.
يجمع أهل الجامعة على وجود تدخل سياسي في الشؤون الداخلية لهذا الصرح التعليمي، يتخذ أشكالا متعددة، لكنهم يختلفون في ما بينهم حول حجم هذا التدخل، علما أنه تدخل يمتد من تعيين رئيس الجامعة والعمداء، مرورا بمدراء الفروع والكليات، وامتحانات الدخول، بهدف السيطرة على كليات الجامعة طلابيا، وصولا إلى الحاجب ومشغلي الكافيتريا في آخر فروع الجامعة.
دفع كل ذلك، وبحسب أساتذة في الجامعة، البعض إلى استغلال هذه التجاوزات لتشويه سمعة «اللبنانية» من خلال التركيز على بعض المشكلات وتضخيمها خدمة للجامعات الخاصة، من دون الالتفات إلى الجانب المشرق للجامعة الوطنية والمتمثل بوجود هيئة تعليمية تتمتع بمقدار عال من الكفاءة، وبتفوق طلابها وخريجيها في المحافل الدولية، إضافة إلى ما تشكله من واحة تعليمية مضيئة تجمع الفقراء والطبقة المتوسطة، وابناء الطوائف المختلفة، فتلعب بذلك دورا كبيرا في تحقيق الانصهار الوطني الذي صار عملة نادرة في لبنان.
استضافت «السفير» عددا من اساتذة الجامعة اللبنانية في ندوة حملت عنوان: «الجامعة اللبنانية: مشاكل وحلول»، إفساحا في المجال للحديث عن جامعة الوطن ونقل همومها على لسان أهلها. وعلى قاعدة أن «أهل مكة أدرى بشعابها»، وضع الأساتذة بعض مشكلات جامعتهم بمتناول اللبنانيين حتى يكونوا على بينة مما يجري في هذا الصرح التعليمي الذي سيكون الوجهة الأولى لأبنائهم لدى انتقالهم إلى مراحل التعليم العالي.
شارك في الندوة كل من الأساتذة: العضو المنتخب في دورتين لرابطة الأساتذة المتفرغين الدكتور همذان حيدر، عميد كلية الإعلام الدكتور جريس صدقة، عميدة كلية السياحة والفنادق الدكتورة آمال فياض، رئيس الأساتذة في الجامعة الدكتور محمد صميلي، أمين سر الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين الدكتور عادل خليفة، رئيس مجلس إدارة صندوق تعاضد الأساتذة الدكتور نزيه الخياط، العميد السابق لكلية الإعلام الدكتور جورج كلاس، عضو الهيئة التنفيذية في رابطة الأساتذة الدكتور بسام الهاشم.
تناول أهل الجامعة معظم المشكلات التي تعيشها «اللبنانية»، انطلاقا من التدخل السياسي والطائفي، لكنهم أصرّوا برغم كل ذلك على أن هذا التدخل لم ينل من مستواها، وإن اراد البعض الترويج خلاف ذلك، وهكذا بقيت «اللبنانية» الوجه الفرح للوطن، وهي كانت ولا تزال تقدم تعليما مختلفا في ظل وجود هيئة تعليمية تتمتع بالكفاءة اللازمة، وطلاب يرغبون بالعلم قبل أي شيء آخر، فكانت النتيجة تقديم صورة راقية عن لبنان في العالم.
من دار للمعلمين إلى جامعة
قدّم الدكتور همذان حيدر شرحا موجزا عن نشوء الجامعة التي كانت دار معلمين عليا، وتحولت إلى جامعة في عهد الرئيس كميل شمعون الذي وقّع مرسومها بناء على اقتراح قدمه وزير التربية في تلك الفترة سليم حيدر، وكان رئيس الحكومة آنذاك الأمير خالد شهاب، وهكذا تحولت الدار إلى الجامعة اللبنانية في العام 1955.
نشأت الجامعة موحدة وتركزت في بيروت إلى أن صدر مرسوم تفريع الجامعة عن الحكومة التي كانت تتمتع بصلاحيات تشريعية، ونشأت فروع في كل محافظة ولم تعد الجامعة محصورة في بيروت فقط. وقد حدث أن تعرض التفريع لانتقادات، فاعتبره البعض نوعا من التقسيم وضربا لوحدة الجامعة وبالتالي غير جائز، لكن تبين في ما بعد أن لهذا التفريع حسنات منها أن الجامعة صارت في كل المناطق، أي أنها ذهبت إلى الطلاب موفرة عليهم عناء ومشقة الانتقال من المناطق إلى بيروت مع ما يرتبه ذلك الانتقال عليهم من تحمل تكاليف وأعباء مادية قد تفوق طاقاتهم، ناهيك عن الوقت والارهاق.
يشير حيدر إلى أنه «مع نضالات الأساتذة والطلاب ومطالبتهم بكليات تطبيقية، أنشئت كليات هندسة وطب وصيدلة وزراعة، كما دخلت التقنية إلى الجامعة من خلال تعزيز كلياتها بأجهزة الكومبيوتر. ولأن الجامعة هي ككل مؤسسات الدولة، فقد كان طبيعيا أن يكون فيها إيجابيات وسلبيات، مع الإشارة إلى أن ما يجوز في الوزارات وإدارات الدولة لا يجوز في الجامعة اللبنانية»، موضحا أن «أكبر عنوان للسلبيات هو تدخل السياسيين في الشؤون الداخلية للجامعة، برغم أن قانونها ينص صراحة على أنها تتمتع باستقلال مالي وإداري واكاديمي».
يضرب حيدر مثلا على التدخل السياسي، فيشير إلى كلية السياحة والفنادق التي ولدت بقرار سياسي لأن إحدى الطوائف أرادت أن يكون عميد الكلية من أبنائها، علما أن إنشاء هذه الكلية واجب، وهذا يعطي صورة عن الفساد السياسي الذي ينخر كيان الجامعة.
هل «اللبنانية» في أزمة حقا؟
يطرح الدكتور نزيه الخياط جملة تساؤلات انطلاقا من عدم تحديد وظيفة الجامعة. فأي جامعة لبنانية نريد؟ هل هي جامعة لإعطاء شهادات اكاديمية أو جامعية فقط؟ هل هي جامعة لتعزيز الجانب المعرفي؟ هل هي جامعة لأن تكون متلائمة ومتكيفة مع حاجات سوق العمل الداخلية والعربية؟ هل هي جامعة، كما حصل في السنوات الاخيرة، مساحة للتوظيف السياسي بعدما ضاقت فرص العمل وزادت البطالة وصارت الجامعة هي النافذة الوحيدة لتلبية مطالب السياسيين؟
يؤكد الخياط أن الإجابة عن هذه الأسئلة من شأنه ان يحدد الإشكالية الحقيقية للجامعة، مشيرا إلى ان السلطة السياسية تعاطت خلال الحرب الأهلية مع موضوع إنشاء الفروع بخلفية سياسية وإدارية، ولم تتعاط معها بخلفية تنموية أكاديمية، ثم تطور الأمر مع إعادة التموضع الجغرافي للجامعة في المحافظات، إذ تعاطت السلطة نفسها، وكذلك السلطة الإدارية الأكاديمية في الجامعة، مع ذلك على أنه إجراء إداري تقني على المستوى الجغرافي، ولم تتم مواكبة هذا الأمر على مستوى تطوير قانون الجامعة.
يقول: «عندما نرى هذا التموضع الجغرافي وقانونا متخلفا يعود الى خمسينيات القرن الماضي، ندرك فعلا أن هناك أزمة في ذاتها، وهنا الاشكالية».
يؤكد الخياط أن هناك أزمة وطنية تترك انعكاساتها على كل المؤسسات بما فيها الجامعة، مشيرا إلى أمر واقع في الفروع التي هي مجمعات جامعية بأمر من السلطة التي حولتها إلى ذلك خارج إطار القوننة. ويتحدث عن تراكمات من المصالح والامتيازات لكل الطبقة السياسية بلا استثناء، متسائلا كيف يمكن لجامعة خاصة أن تنشئ خلال أربع سنوات مجمعات في بيروت والجنوب والشمال وفي الوقت نفسه هناك مجمع في الشمال والبقاع منذ عشر سنوات، تابعين للبنانية، ولم يبصرا النور!
ويشير الخياط إلى «أزمة تطبيق القوانين التي بدأت تستفحل وتسهل تجاوز القوانين، فعندما يتم تعيين مدراء على مستوى كل فرع من كليات الجامعة، وهم لا يفقهون شيئا في علم الادارة، ويصبح المدير رهينة أمين السر الذي قد يكون لديه مصالح واتجاهات خاصة.. هنا المشكلة. ونحن قلنا على الدوام، أيا يكن المدير الذي تريدون تعيينه، ومع مراعاة التوازن الطائفي والمذهبي والقبلي، لكن لتكن هناك بعض المعايير، كإخضاعه على الأقل لدورة تأهيل لمدة ثلاثة أشهر حتى يتمكن من إدارة الموقع المعين فيه بالطريقة الصحيحة».
مشاكل أكاديمية وإدارية
تنطلق عميدة كلية السياحة والفنادق الدكتورة امال فياض، من تجربة تعليمية شخصية في أوروبا وفرنسا، لتخلص إلى التأكيد أن «مستوى الجامعة اللبنانية رائع جدا».
تقسم فياض المشكلة إلى شقين، إداري وأكاديمي، والاثنان يكونان الجامعة.
من الناحية الإدارية، القوانين قديمة، في حين أن هناك أمورا جديدة طرأت على الجامعة ويصعب حلها استنادا إلى القوانين الموجودة. لذلك هناك اتجاه، في الوقت الراهن، إلى مشروع قانون جديد يتناسب مع المشكلات الطارئة.
على مستوى الإدارة، بدأ العمل من خلال وضع هيكلية لها، على أن يتم الانتقال لاحقا إلى الفروع والكليات. ومن المشكلات أيضا كان تأخر إنجاز المعاملات، ولحل هذا الأمر انوجدت بعض الحلول من خلال عملية ترشيد إداري بإشراف رئيس الجامعة الدكتور فؤاد ايوب بهدف تسريع إنجاز المعاملات، الأمر الذي أدى إلى تخفيض مدة إنجازها إلى شهر واسبوع في حين كانت تحتاج إلى نحو ثلاثة اشهر.
من الناحية الأكاديمية، تؤكد فياض أن مستوى الجامعة يبرز من خلال تخريجها طلاب بشهادات عالية ومستوى عال، وهذا يعني أن هناك جسما أكاديميا واساتذة على مستوى عال أيضا. وإذ تشير إلى ان تدخل السياسة بنسبة 10 إلى 15 في المئة في الجامعة، لا يؤثر على هيكليتها العامة، تؤكد ان مستوى طلاب اللبنانية رائع على المستوى العالمي مستدلة بذلك على أن نحو عشرة طلاب من كلية السياحة والفنادق الذين يتابعون دراسة الدكتوراه في فرنسا، وكذلك من بعض الكليات الأخرى كالزراعة، اثبتوا تفوقهم في فرنسا.
وتخلص فياض إلى وجوب التركيز على الوجه الحسن للجامعة اللبنانية، خصوصا في ظل سعي بعض الجامعات الخاصة للنيل من صورتها خدمة لمصالحها الخاصة.
مشكلة قوانين
يربط الدكتور بسام الهاشم تفريع الجامعة، الذي بدأ في العام 1976 استنادا إلى القرار المتخذ بإنشائها في العام 1974 من قبل مجلسها، بالتغيرات الديموغرافية بين بيروت وضواحيها والمناطق. فكانت الفروع وفقا للحاجة ولا علاقة للحرب الاهلية بذلك. وبالتالي كانت نابعة من تحسس الحاجات الانمائية. ثم جاءت الحرب وسرّعت هذه العملية.
ويشدد على أنه «لا يمكننا ان نطرح إشكالية الجامعة وكأنها في جزيرة لوحدها، أي بالتغاضي عن وجود نحو خمسين جامعة خاصة في لبنان، منها عريقة كالجامعة الاميركية التي تضم اليوم حوالي 20 الف طالب، اي ما نسبته ثلث طلاب اللبنانية تقريبا».
يقول الهاشم: «أعداد طلاب اللبنانية، الذين كانوا يشكلون منذ 15 سنة نحو 55 في المئة من طلاب لبنان، تتناقص، إذ باتوا يشكلون اليوم نحو 39 في المئة من مجموع الطلاب الجامعيين». ويرفض القول إن «هذا التناقص يعني تراجع «اللبنانية»، التي تضم أفضل الأساتذة وكذلك الأمر بالنسبة إلى المناهج فهي مقبولة.
ما عن «النق» الحاصل، فليس لأن الجامعة سيئة، بل لأن هناك مناخا ديموقراطيا، يسمح للأساتذة أن يتحدثوا من دون خوف بمقتضى القانون، لكن في التعليم الخاص فإن من يرفع الصوت يتم فصله وطرده. لكن برغم ذلك، يؤكد الهاشم أن وضع الجامعة ليس صحيا أبدا، في ظل السياسات الجارية لإضعافها منذ العام 1998 والمتمثلة بمصادرة قرارات مجلسها في مسألة التفرغ وأمور أخرى فمنعت من الاستعانة بأساتذة جدد على الرغم من أن بين 60 إلى 70 استاذا يحالون إلى التقاعد سنويا.
ويضيف الهاشم أن أخطر مشكلة تواجه الجامعة ليست بالتدخل السياسي عبر فلان وفلان، وإنما في مسألة حفظ التوازنات التي تعد الهاجس الكارثي، لأنها تقضي على معيار الكفاءة في مجال التعليم والبحث وتجعل الأولوية للانتماء الطائفي.
ويوضح الهاشم أنه مع التفريع، الذي لا يعني تقسيما، فالجامعة يجب أن لا تبقى امبراطورية، فكل جامعة إذا تجاوز عدد طلابها الـ 15 الفا يتم فرزهم إلى جامعات عدة، فبقاء الجامعة بهذه الطريقة يعرقل تطورها.
أزمة.. أم أزمات؟
يؤكد الدكتور محمد الصميلي أن هناك أزمات في الجامعة ليست جديدة بل منذ نشأتها. ويوضح أن وضع الجامعة كان أفضل لأنها كانت صغيرة، كما أن وضع البلد كان أفضل. لذلك لا يمكن النظر إلى الجامعة اليوم من زاوية الأمس. وأيضا لا يمكن فصل الجامعة عن الدولة والسلطة والمجتمع، لأنها لا تعود جامعة الوطن. هناك أزمة دور وهي تاريخية ولا تزال قائمة.
ويلفت الانتباه إلى أن أزمة تطبيق القوانين واحدة من أكبر المشكلات التي تعاني منها الجامعة، لذلك لا بد من تعديل القوانين، لكن حتى نعدل القوانين يجب أن نطبقها أولا، وهذا ما لم يحصل حتى الآن.
ويشدد على أن «أزمة تطبيق القوانين ليست مرتبطة بالسلطة فقط، بل بداخل الجامعة ايضا. هناك أزمة إدارة. الجامعة تابعة للدولة. صحيح لديها استقلالية إدارية ومالية لكن لا بد من حصول تعيينات في محل ما. إذا كنا سننكر هذا الموضوع لماذا نقول الجامعة الوطنية». وإذ يشير إلى تدخلات السلطة في التعيين على مستويات لا تصل إلى تعيين المديرين، يوضح أن توصيف هذا التدخل «موضوع آخر، خصوصا أن السلطة تتدخل بحسب القوانين، وتدخلها قائم منذ نشوء الجامعة».
يضيف أن «هناك أزمة إدارة وهذه لها علاقة بالجامعة ولا علاقة لها بالسلطة ولا بالمجتمع، ولنعترف أنه بالعمل الاداري على كل المستويات هناك خلل في التجربة والتراكم». ويشرح: «بما أن كل القوى السياسية في السلطة، فحكما سينعكس ذلك في محل ما على التعيينات، وضغوطات على كل المستويات».
هل السلطة تريد جامعة لبنانية؟
يشير الدكتور جريس صدقة إلى أن تعبير أزمة قوي، «لأنه يعني أن الجامعة تعاني من معوقات تهدد وجودها. أما وإن الجامعة لا تزال رائدة وتقوم بدورها التنموي فإن ما تعاني منه هي صعوبات لا بد من حلها، حتى نحافظ على دورها وكي لا تتحول الصعوبات الى أزمة».
ويوضح أن للسلطة جامعاتها الخاصة التي تنافس الجامعة اللبنانية. وقد تحوّل الطالب إلى زبون لدى الجامعات الخاصة التي تتنافس لجذبه، لافتا الانتباه هنا إلى أن التلكوء في موضوع بناء المجمعات الجامعية، علما أن الجامعة تدفع كل سنة نحو 15 مليون دولار إيجارات، وهو مبلغ كان من الممكن أن يستخدم لبناء مبنى للجامعة كل عام، ويؤكد ان السلطة السياسية لا تريد جامعة لبنانية.
ويلفت النظر إلى أنه عندما تعين السلطة أو الحزب السياسي المدير، يصبح مديرا للجهة التي عينته وبالتالي هذه مسألة أكبر من قضية الصعوبات الإدارية كعدم علم المدير بالإدارة، فالمطلوب هو تحرير الجامعة من السلطة السياسية التي تملي عليها التعيينات، لأن عجز الجامعة عن التوظيف، وتحوّل الموظفين فيها إلى مجموعة من المتعاقدين لا يتقاضون رواتبهم إلا مرة كل سنة أو سنتين، يعرقل مسيرتها. كما أن تعيين الهيئة التعليمية في مجلس الوزراء بدعة كبيرة، لأنه يلغي دور اللجان العلمية المنوط بها دراسة ملف الأستاذ وكفاءته، ما يؤدي إلى تعيين بعض الأساتذة الذين لا حاجة لهم، وهذا كله يهدد مسار الجامعة اللبنانية.
ويشدد صدقة على أهمية وجود موازنة للجامعة، لأن القرار الرسمي بعدم التوظيف هو دائما بذريعة أن الميزانية لا تسمح. ومع الإشارة إلى ان هناك أنظمة للتعيين في الجامعة، إلا ان مجلس الوزراء اتخذ قرارا بربط كل التعاقد او التفرغ به، وبالتالي فقدت الجامعة القدرة على «التفريغ».
ويتحدث صدقة عن معوقات إدارية تصل إلى حد عجز العميد عن شراء قلم، لأن هذا يجب أن يكون مدرجا في الموازنة، فالمعوقات الادارية كبيرة، أما الحل فيكون بالتخلي عن المركزية التي تخنق الجامعة. فمن المستحيل أن تمر معاملات نحو 75 الف طالب و5 الاف استاذ والاف الموظفين على شخص واحد هو رئيس الجامعة لتوقيعها. نحن بحاجة إلى إعادة النظر في قوانين الجامعة والاتجاه إلى لامركزية تحافظ على فروع المناطق والتنوع داخل الكليات، رافضا في الوقت عينه تفريع الجامعة إلى جامعات ستصبح طائفية.
ويطالب صدقة بنقد ذاتي انطلاقا من: هل تمكنا من خلق بيئة مختلفة للطلاب غير بيئتهم التي يعيشون فيها؟ قد نكون فشلنا فجاء الطلاب بصراعاتهم الى الجامعة.
الجامعة والمعايير الدولية
«الجامعة اللبنانية هي الوحيدة في لبنان التي لا يدخل إليها إلا اساتذة يحملون شهادات دكتوراه من ارقى جامعات العالم، وهي تضم اصحاب الكفاءات خصوصا خريجين من ىبريطانيا واميركا وفرنسا، وهم من أصحاب الكفاءات العالية» يقول الدكتور عادل خليفة.
ويضيف ان هذا المستوى يعكس إيجابيات كبيرة على صعيد طلابنا الذين يتخرجون من «اللبنانية» ويتفوقون، ومن الأمثلة على ذلك ان 17 قاضيا من اصل 27 قاضيا في دورة القضاة كانوا من الجامعة اللبنانية علما أن كل الجامعات الخاصة تدرس الحقوق. كذلك الأمر بالنسبة لامتحانات مجلس الخدمة المدنية، فطلابنا يحققون نتائج مهمة، وفي الخارج يتفوقون أيضا، وهذا يدل على المستوى والسمعة التي تتمتع بها اللبنانية في الخارج.
يقول خليفة إن من الأمور التي تؤثر على السمعة هي الأبنية، فبعض كليات اللبنانية عبارة عن أبنية قديمة، ولا تستوفي المعايير الدولية التي تفرض مجمعات على طريقة مجمع الحدث الذي يستوفي المعايير لكنه يفتقر إلى البيئة الحاضنة، وأمور أخرى كصعوبة الوصول إليه.
ويلفت النظر إلى ان التفريع إلى نحو 50 فرعا مع مركزية محصورة بشخص واحد، وإن كان هناك مجلس جامعة، يخلق مشكلات إدارية. لذلك انا مع 3 أو 4 أو 5 جامعات في المناطق مرتبطين بمجلس تعليم عالي يخطط استراتيجيا. ولتكن المنافسة قائمة بين هذه الجامعات.
وهنا يؤكد خليفة ان التدخل السياسي هو الذي اساء إلى سمعة الجامعة لأن السلطة السياسية لا تريد جامعة، مستدلا على ذلك بغياب إستراتيجية للتعليم العالي عن كل الحكومات المتعاقبة، الأمر الذي سيدفع بنا إلى الانحدار أكثر فأكثر نحو الهاوية.
كذلك يدعو خليفة إلى منح البحث العلمي أهميته، حتى تظهر الجامعة في عداد جامعات العالم العريقة في التصنيفات الدولية. بعض اساتذة الجامعة يتكلون على المعاش وأكثريتهم يتوقفون عن البحث. لذا المطلوب اعادة الاعتبار للبحث العملي وتفعيله ورصد موازنة له حتى نصنع المعرفة ونربط كل الاختصاصات بسوق العمل.
من المفرق إلى الجملة
يقول الدكتور جورج كلاس إن التحديات والصعوبات الموجودة في الجامعة هي جزء من أزمة البلد، فما كنا نقوله بالمفرق نقوله اليوم بالجملة، لأن مثل هذه الندوات من شأنها أن تساعد على تبادل الأفكار وتلاقحها، ليعرف الناس أكثر.
يؤكد أن الجامعة هي مجال للتوظيف والخدمات، ككل القطاعات، لكنها في الوقت نفسه مؤسسة كيانية ويجب أن نعمل على أن تبقى كذلك وتتمتع باستقلاليتها، مشيرا إلى أن الخوف على الجامعة ليس فقط من النظام السياسي والطائفي، بل من اتحادات الجامعات الخاصة التي تعمل لإضعافها. ويعبر عن خوف آخر، ومع مرور الوقت، أن يحجم بعض الطلاب المسيحيين عن الالتحاق بالجامعة اللبنانية. وهذه مشكلة السياسيين ومشكلة التوزيعات غير العادلة. والخوف مشروع ونحن نعكس ما يدور وما نشعر به وإذا كنا سنختبئ وراء هذه الأمور فهذا خطأ. خصوصا في الظل الخوف الأكبر من أن تصبح الجامعة كالمستشفيات الحكومية بإحجام الجميع عن الانتساب إليها بسبب سياسة مد اليد عليها.
ويشير كلاس إلى أن القانون 66 وضع من أجل دول حضارية لا طائفية فيها، مشددا على أنه لولا مواطنية بعض الزملاء والسياسيين والنافذين في الجامعة لاستثني المسيحيون في بعض الفروع، ولكانت الجامعة بلون واحد وبالتالي لن تكون جامعة لبنانية. ويرى كلاس أنه في الفروع، في البقاع أو الجنوب هناك انصهار وطني، أما في بيروت فهناك مشكلة أساسية بين الفرعين الأول والثاني وهذا الوضع ليس سليما أبدا.
يخلص أهل الجامعة إلى وجود مشكلات كثيرة تعاني منها الجامعة وهي متروكة، لذلك لا بد من خريطة للحلول، وجعل مصلحة الجامعة وأساتذتها وطلابها أولا، لأنه عبر هذه الطريقة فقط يمكن الانتصار على السياسة والسياسيين.
الموضوعات المدرجة ضمن هذه الصفحة تعرض للقارئ أبرز التقارير التربوية في الصحف المحلية،
وموقع التعبئة التربوية لا يتبنى مضمونها