يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي توفير الحماية اللازمة للمستوطنين الذين يرتكبون الجرائم ضد الفلسطينيين، خاصة في الضفة الغربية، وفي الوقت ذاته الاعتداء على الفلسطينيين حين يحاولون الدفاع عن أنفسهم، وسط غطاء سياسي توفره الحكومة وقيادة الجيش للجنود والمستوطنين على حد سواء.
هذا الواقع دفع أصواتا إسرائيلية للاحتجاج عما تصفه بـ"انحراف" الجيش عن مهمته الأساسية إلى العمل "مقاولا" لدى المستوطنين، وتعبيد الطريق للسيطرة على ملايين الفلسطينيين، واتهامهم بـ"الإرهاب" لتبرير استمرار هذا الاحتلال والسيطرة، وصولا إلى توفير كامل إجراءات الدعم والرعاية لقطعان المستوطنين الذين باتوا يمارسون ذات سلوك الجيش ضد الفلسطينيين، بتواطؤ واضح منه.
الخبيرة القانونية الاسرائيلية رينا عناتي وجهت في مقالها في موقع "زمن إسرائيل"، " ما اعتبرته "انتقادا لسلوك الجيش القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الذي يزعم ارتكاب المزيد من الانتهاكات ضد الفلسطينيين بحجة حماية المستوطنين، مما أثار انقساما في "إسرائيل"، ونشوء فئة تكره الدولة والجيش، لأنه بات يخدم أجندة سياسية حزبية، وغير أمنية وعسكرية مهنية بحتة، وأوقع نفسه بين مؤيدي الاحتلال وخصومه داخل الساحة الإسرائيلية".
وأوضحت أن التطور الخطير الذي طرأ على الجيش في السنوات الأخيرة أنه تحول تدريجيا إلى "خادم" لمجموعة صغيرة وخطيرة من اليهود القوميين، الذين يدافعون عن العنصرية.
يرتكب جرائم حرب
ووفق عناتي فقد بات الغرض من وظيفة جيش الاحتلال الدفاع عن المستوطنين، والحفاظ على الاحتلال، مما جعل الوضع لا يطاق من قبل الجنود الذين باتوا متهمين بارتكاب جرائم حرب وفق معايير محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بسبب دفاعهم عن المستوطنين.
ورأت أنه يصعب إيجاد فروق جوهرية بين ما يقوم به جيش الاحتلال والمستوطنون ضد الفلسطينيين، في ظل تماهي الاختلافات بينهما، والضحية في النهاية هم الفلسطينيون، لكن ذلك لا يخفي حقيقة أن جيش الاحتلال أخذ يتحول رويدا رويدا إلى منفذ لأجندة يمينية استيطانية دينية خاصة باليهود المتطرفين.
وبينت أن ذلك "يعيد الإسرائيليين إلى هذا التأثير الخطير الذي أوصلهم في النهاية إلى حصول أول اغتيال سياسي لإسحاق رابين، بهدف منع تنفيذ حل سياسي مع الفلسطينيين ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم".
والدولة عموما ايضا
ويرفض الإسرائيليون المناوئون لهذا الانخراط من الجيش في خدمة أهداف المستوطنين أن يدفع باقي الإسرائيليين أثمانا جراء هذه السياسة، ممثلة بالدماء والخسائر البشرية والاقتصادية، مع العلم أن الأمر لم يعد يقتصر على الجيش خصوصا، بل إن الدولة عموما باتت تسخر قوانينها وتشريعاتها خدمة لهذه الأقلية من المستوطنين.
وأضافت: "يمكن القول إنها أصبحت مستعبدة لاحتياجات هذه المجموعة الصغيرة والمتشددة، وهذا وضع يعني بالضرورة أن "إسرائيل" تحفر قبرها بنفسها".
واعتبرت أن التوصيف الحقيقي للصورة التي وصل إليها جيش الاحتلال أنه بات "جيش المستوطنين"، يخدم أغراضهم، وينفذ أجندتهم، مع تقديم عرض كاذب ومخادع، يذر الرمل في عيون باقي الإسرائيليين، الذين أصبحوا يلمسون بأيديهم حقيقة أن الدولة بأسرها تعيش دور العبودية الكاملة للمستوطنين.
بتوقيت بيروت