مع ارتفاع وتيرة التوترات الأمنية في الكيان الصهيوني، التي يخوضها الشعب الفلسطيني على امتداد الاراضي الفسطينية المحتلة من الضفة والقطاع الى القدس، أو حتى بالنظر إلى الجبهات الخارجية المحيطة، شمالا وشرقا وجنوبا، تتجه الأنظار الإسرائيلية إلى مسؤولية مركزية تتحملها من يطلق عليها وصف "القيادة الضعيفة".
هذا الاتهام توجهه المحافل الإسرائيلية للقيادة الحالية في دولة الاحتلال، بسبب رغبتها الشديدة بالحفاظ على ما تسميه "الهدوء الأمني المدمر"، وبالتالي فإن سياسة حفظ التسويات والتهدئات الأمنية لم تعد تتغلغل في القيادة السياسية الإسرائيلية فحسب، بل وصلت إلى قيادة قوات جيش الاحتلال، ومنها إلى الجنود والحراس على الأرض، وبالتالي فهي لا تحارب أعداءها الذين يكتسبون مزيدا من القوة والردع أمام "إسرائيل".
وصلت الى السجون
وفي اشارة الى اتساع دائرة هذه الحال داخل الكيان الصهيوني ذكر الرئيس التنفيذي لمنتدى القادة الوطنيين، والعضو في منتدى الشرق الأوسط، أليكس ناحومسون، في مقاله بـصحيفة معاريف، أن "الأسير الفلسطيني يوسف المبحوح، المحكوم عليه بالسجن 18 عامًا في سجن نفحة بتهم أمنية، هاجم أحد السجانين، وضربه وطعنه بآلة حادة، ـ(هو الذي حرمت عائلته من زيارته منذ بداية اعتقاله. (وجاء هجومه ردا انتقاما للأسيرات الفلسطينيات في سجن “الدامون”. بعد ان قامت سلطات الاحتلال بعزل عدد من الأسيرات انفراديا).
وهذا يعني أن المبحوح، وهو أحد كوادر حماس، لم يتردد بمهاجمة السجان، صحيح أن هذه حادثة تتكرر في السجون الإسرائيلية، لكننا في هذه الحالة أمام أحد أعراض ظاهرة خطيرة تتلخص في "تآكل الردع الإسرائيلي".
وأضاف أن "الأمر يمتد إلى الصلاحيات المتزايدة للأسرى الفلسطينيين داخل السجون بإعلان الإضراب كلما لم يعجبهم قرار ما من مصلحة السجون، التي أصبحت مدمنة على الصمت، وبات تهديد الأسرى بالإضراب عن الطعام بالنسبة لها كابوسا خطيرا، لأن الأسرى يهددونها بتصعيد الإجراءات الاحتجاجية لإزالة المزيد من القيود، مما يعني أن الأسرى باتوا هم "أرباب العمل" داخل السجن، وبالتالي فعند إطلاق سراحهم يكونون أكثر تعقيدًا وتصميماً في حربهم ضد إسرائيل واليهود".
ضياع القيادة:
يمكن الحديث عن موضوع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال كدراسة حالة عن تبدد الردع الإسرائيلي أمام القوى المعادية للاحتلال، لأن المشكلة لا تقتصر على خدمة السجون، بل تسود على جميع الجبهات، ويبدو أن فقدان الردع الإسرائيلي يعود بالأساس إلى ضياع مسار القيادة في إسرائيل، بسبب رغبتها الشديدة بالحفاظ على الهدوء الصناعي الأمني المدمر، لأنه يعني أن إسرائيل ليست متأكدة من قدرتها على الإطاحة بأعدائها.
"في الوحل"
المخاطر الإسرائيلية تصل إلى حد أن سياسة المحافظة على الهدوء باتت تتسرب إلى مختلف مفاصل القيادة الإسرائيلية بمختلف مسمياتها: "السياسية والعسكرية والأمنية، رغم أنها ليست الطريقة المناسبة لمحاربة القوى المعادية لإسرائيل، وفي هذه الحالة، أي إذا لم تنجح في خلق الردع أمام أعدائها، وجعلتهم يدركون أن الهجمات المسلحة لن تحقق شيئًا، بل يدفعون ثمنًا باهظًا له، فإن مستقبل إسرائيل كدولة يكتنفه الضباب، استنادا لمقولة الزعيم الصهيوني الأول زئيف جابوتنسكي بأن "الصمت هو الوحل""!
بتوقيت بيروت