كما كان متوقعا اصدرت المخابرات الاميركية تقريرها بشأن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ورغم انه حمَّل المسؤولية لولي عهد سلمان بن سعود فانها لم ترق الى مستواها الاجرامي وبنيت نتائجه على قاعدة الافلات من العقاب، وهو المبدأ الذي ترفعه الولايات المتحدة الاميركية حيث تخدم مصالحها الهادفة الى تطويع القوى والبلدان المخالفة لسياساتها والخارجة على ارادتها وتتغاضى عنه حيث يخدم مصالحها، وهي بذلك تكون قد اكدت، مرة جديدة، خلو مبادئها والشعارات التي ترفعها من القيم الاخلاقية والانسانية وتظهرها على حقيقتها المجافية لصورتها المزعومة امام شعوبها وشعوب العالم..
ولا يبدو ان التغيير في رأس الادارة الاميركية بين جمهوري وديموقراطي انعكس تغييرا في مسارات الامور وحتى في السياسات المعتمدة خارجيا، وما هو ظاهر من انعطافات خجولة انما هو شكل من اشكال الاداء تعتمده الادارة الاميركية الجديدة في فترة المئة يوم الاولى من ولاية هذه الادارة..
ولعل ما يشير الى ذلك ايضا ان صدور التقرير لم يخرج الى العلن الا بعد الاتصال الذي جرى بين جو بايدن وحاكم السعودية سلمان بن عبد العزيز آل سعود، اذ تطرح اسئلة عديدة عن اسباب تأخيره الى هذا الوقت وما اذا كان صدر وفق الصيغة الحقيقية التي عليها او تم تعديله بما يتناسب مع ما ارخاه الاتصال بين الطرفين سواء كانت نتائجه واجواؤه سلبية او ايجابية..
وفي ما يأتي نص حرفي لترجمة التقرير الذي أصدرته المخابرات الوطنية الأميركية بشأن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وخلُصت فيه إلى أن العملية التي نُفِّذت في إسطنبول تمَّت بموافقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان:
الملخص الإجرائي:
هذا التقرير صادر عن «مكتب مدير الاستخبارات القومية (ODNI)» وهي الجهة المؤهلة للإجابة عن أي أسئلة أو استفسارات بهذا الخصوص.
خلُص التقرير إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على القيام بعملية احتجاز أو قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل مدينة إسطنبول في تركيا.
ونبني هذا التقييم على حقيقة سيطرة ولي العهد السعودي على صُنْع القرار في المملكة، وكذلك المشاركة المباشرة لأحد مستشاريه الرئيسِيْين وأعضاء من فريق المهام الأمنية الخاصة التابع لمحمد بن سلمان في العملية. وأيضًا تأييد ولي العهد لاتخاذ إجراءات تتسم بالعنف لإسكات المعارضين في الخارج بمن فيهم جمال خاشقجي.
ومنذ 2017 يتمتع ولي العهد بالسيطرة المطلقة على منظمات الأمن والاستخبارات في المملكة؛ وهو الأمر الذي يبيِّن أنه من المُستبعد أن ينفذ المسؤولون السعوديون عملية من هذا النوع دون إذن ولي العهد.
تقييم دور السعودية في مقتل الصحافي جمال خاشقجي
تداعيات صدور التقرير حول مقتل جمال خاشقجي
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية حظر منح تأشيرات لـ76 سعوديًّا ضمن ردها على جريمة مقتل خاشقجي. وكذلك حظرت الولايات المتحدة ممتلكات المتَّهمين في قضية خاشقجي على الأراضي الأميركية.
وفرضت الخزانة الأميركية عقوبات على اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس المخابرات السعودية الأسبق، وقوات التدخل السريع السعودية لتورطهم في اغتيال خاشقجي.
وقالت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأميركية، في البيان الذي نُشِر على موقع وزارة الخزانة إنه تجب محاسبة المتورطين في القتل الشنيع لجمال خاشقجي. وأكدت أن الولايات المتحدة تقف صفًا واحدًا مع الصحافيين والمعارضين السياسيين في وجه التهديدات بالعنف والإرهاب. وقالت إن بلادها ستستمر في الدفاع عن حرية التعبير التي تمثل حجر الأساس للمجتمع الحر.
بتوقيت بيروت