0
تزامنًا مع تنصيب بايدن، يتأهَّب مكتب التحقيقات الفيدرالي لمواجهة تهديدات باقتحام المكاتب الحكومية في جميع الولايات الأميركية.
بينما لا تزال الولايات المتحدة تترنَّح تحت وطأة صدمة اقتحام حشد من أنصار ترامب مبنى الكابيتول يوم السادس من يناير (كانون الثاني)، يستعد مسؤولو إنفاذ القانون لمواجهة شبحٍ، يقول عنه موقع Vox: إنه لا يقل رعبًا، إن لم يكن أكثر رعبًا: ما سيحدث بعد ذلك؟
فبعدما استطاع مثيرو الشغب وأنصارهم اقتحام مقر الحكومة الأميركية؛ أصبحوا الآن أكثر جرأة، ويخطط العديد منهم لتكرار ذلك، من خلال مسيرات متعددة وإجراءات أخرى يخططون لتنفيذها منذ الآن وحتى تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن يوم 20 يناير.
بايدن.. الهدف القادم للغوغاء
مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) حذر من أعمال مسلحة يخطط هؤلاء الغوغاء لتنفيذها ضد المقرات الحكومية في جميع الولايات. وتعرَّض أعضاء الكونغرس لمضايقات في المطارات، وهم قلقون من التهديدات الموجهة لمنازلهم وعائلاتهم. أُطلِع المشرعون يوم الاثنين على تفاصيل مؤامرة لتطويق مبنى الكابيتول، ومنع الديموقراطيين من الدخول، حتى يتمكن الجمهوريون من السيطرة على الحكومة، وفقًا لما نشره موقع هافنغتون بوست.
المشرعون وخبراء الأمن القومي والتطرف في حالة تأهب لمواجهة الخطوات القادمة التي سيتخذها هؤلاء المتمردون. وبعدما تركزت طاقة الغوغاء في يوم السادس من يناير على الكونغرس، تلفت ميجان سكواير، الزميلة البارزة في مركز قانون الفقر الجنوبي الذي يدرس التطرف عبر الإنترنت، في تصريحها لشبكة إن بي سي، إلى أنهم سيركزون طاقتهم في يوم العشرين من هذا الشهر على بايدن، قائلة: «هذا مقلق جدًا؛ لأنهم لا يشعرون بالندم أو الخجل».
الاختبار القادم للشرطة: الحزم المنضبط
بناء على ما سبق، تشدد الكاتبة على ضرورة اقتناع جهات إنفاذ القانون بمدى خطورة التهديد الذي يشكله المتمردون المؤيدون لترامب، وهو أمر قلل الكثيرون من شأنه في الفترة التي سبقت أعمال الشغب في الكابيتول يوم السادس من يناير. ويقول الخبراء: إن الوقت قد حان للاستعداد بردٍ، قد لا يكون بالضرورة أكثر عنفًا، لكنه يتعين أن يكون أذكى من استجابة شرطة الكابيتول يوم غزوة الكونغرس.
يؤيد هذا الرأي، الخبير في مكافحة الإرهاب آر بي إيدي، الرئيس التنفيذي لشركة إرجو الاستخباراتية، قائلًا في تصريح لموقع فوكس: يجب أن تكون هناك دعوة لضباط الشرطة بأن يكونوا على أهبة الاستعداد بقوة (…) ويضبطوا أنفسهم في الوقت ذاته؛ ذلك أنهم سيواجهون الاختبار نفسه مرة أخرى».
يشير التقرير إلى أن المتطرفين هددوا بـ«اجتياح» المكاتب الحكومية ومحاصرة مباني العاصمة قبيل حفل التنصيب. وعندما اقتحم مثيرو الشغب أبواب الكابيتول، ودخلوا قاعات الكونغرس في يوم السادس من يناير، لم يواجه كثيرون منهم مقاومة تُذكَر، وتمكَّنوا من الفرار بعد ارتكاب أعمال الشغب دون مواجهة أي عواقب فورية. ولم يُلقَ القبض سوى على 69 شخصًا فقط في العاصمة خلال تلك الليلة، من بين آلاف المتمردين الذين كانوا حاضرين.
«أعتبر نفسي في حالة حرب ضد الحكومة»
يرى كثيرون أن السهولة التي تمكن بها هؤلاء الغوغاء من الوصول إلى مبنى الكابيتول، إلى جانب التصريحات المتحدّية التي واصل الرئيس دونالد ترامب إطلاقها، من المرجح أن تشجع مؤيديه على تكرار المحاولة مرة أخرى، بل إن العديد من تلك الخطط قائمة بالفعل.
على سبيل المثال، حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي من «مسيرة مسلحة» إلى مبنى الكابيتول الأميركي، وفي جميع عواصم الولايات الخمسين يوم الأحد، الموافق 17 يناير، حسبما ذكر موقع هافنجتون بوست. هذه التحركات تحظى بدعم حركة «بوجالو» المتطرفة، التي تدعو إلى امتلاك السلاح، وفي بعض الحالات، الإطاحة بالحكومة الفيدرالية، كما أوضحت جين كوستون لموقع فوكس العام الماضي.
وفقًا لموقع هافنجتون بوست، يشعر مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) بالقلق تحديدًا من التهديدات التي تطلقها مجموعات «بوجالو» في مينيسوتا وميتشيجان. ذلك أن أحد أتباع حركة «بوجالو» اقترح فكرة استخدام جهاز يعمل بالبنزين مزود بسلك تشغيل في لانسينغ بولاية ميشيغان وسيلةً للفت الأنظار بعيدًا عن تحركات أفراد آخرين يقومون بالاستيلاء على مبنى الكابيتول، وفقًا لتحذير مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي أضاف أن الشخص المعني «اعتبر نفسه في حالة حرب ضد الحكومة، لا سيما ضد السياسيين والوكلاء الفيدراليين، وأراد الإدلاء ببيان بشأن هذه الخطوة».
«هذه المرة لا رحمة.. لا يهمني ترامب، بل الحرب»
كانت ميتشيغن بالفعل ساحة للاحتجاج ضد القيود المفروضة لمواجهة تفشي كوفيد-19، وهناك اقتحم متظاهرون مسلحون مقر الولاية، بالإضافة إلى وجود مؤامرة لاختطاف الحاكم الديمقراطي غريتشن ويتمير؛ ولذلك تعمل شرطة الولاية على زيادة الإجراءات الأمنية قبل تنظيم المسيرات المحتملة، كما حُظِرَ حمل الأسلحة النارية علانية في مبنى الولاية.
على الرغم من ذلك، لا يزال من المقرر أن تنظم رابطة الدفاع عن المواطنين في فرجينيا مسيرة مؤيدة لحمل السلاح في يوم 18 يناير. وبينما لم تتمكن الرابطة من الحصول على تصريح، فإنها طلبت من مؤيديها مواصلة مشاركتهم في الفعاليات المحيطة بمبنى الكابيتول في فرجينيا. ترى كاتبة التقرير أن هذا أمر مثير للقلق؛ نظرًا لأن أكثر من 20 ألف شخص حضروا فعالية سنوية أقيمت العام الماضي.
ويشعر مسؤولو إنفاذ القانون وخبراء الأمن بالقلق أيضًا بشأن يوم التنصيب، حين يجتمع أعضاء الكونغرس الذين استُهدفوا في يوم السادس من يناير مع الرئيس القادم ونائبه، اللذين يمثلان، حسبما يزعم ترامب والعديد من مؤيديه زورًا، الانتخابات «المسروقة».
وقد حصل مكتب التحقيقات الفيدرالي على معلومات بشأن مجموعات تخطط «لاجتياح» المكاتب الحكومية في كل الولايات يوم التنصيب، وفقًا لشبكة آيه بي سي. وأفادت شبكة إن بي سي أن المتمردين المؤيدين لترامب يتحدثون عن إقامة حفل تنصيب عبر قنوات التواصل الاجتماعي. وكتب أحدهم في منتدى TheDonald.win: «ستعقد الجولة الثانية في يوم 20 يناير. هذه المرة لا رحمة. أنا لست مهتمًا حتى بإبقاء ترامب في السلطة. ما يهمني هو الحرب».
هكذا يخطط مؤيدو ترامب للاستيلاء على السلطة
وبعدما حظر موقع تويتر حساب ترامب، وحظرت شركة آبل وآخرون شبكة بارلير البديلة، انتقلت الأحاديث التي تدور حول يوم التنصيب إلى تطبيق تليجرام، وفقًا لـ آنا شيكتر من شبكة إن بي سي.
ونصح بعض مستخدمي التطبيق المؤيدين لترامب بتجنب المسيرات الأصغر في الولاية، وانتظار تجمع الحشود في يوم التنصيب. وكتب أحد المستخدمين: «لا تشاركوا في الاحتجاجات المسلحة التي تنظم في عواصم الولايات قبل التنصيب. ربما تكون مؤامرة شريرة دبرها اليسار الراديكالي لانتزاع حقوق السلاح».
في غضون ذلك، أطلعت شرطة الكابيتول يوم الاثنين المشرعين على خطة وضعها المتطرفون لتطويق البيت الأبيض ومبنى الكابيتول والمحكمة العليا، حسبما أفاد موقع هافنجتون بوست.
وتفيد الأنباء بأن المؤامرة تتضمن منع أعضاء الكونغرس الديمقراطيين من دخول مبنى الكابيتول، وربما حتى قتلهم، للسماح للجمهوريين بالاستيلاء على السلطة. وتلقى المشرعون تحذيرًا لعدم مشاركة تفاصيل بشأن الخطة، بما في ذلك التواريخ؛ لأنها يمكن أن تساعد المنظمين، وفقًا لـ هافنجتون بوست.
نواب الكونغرس في مواجهة تهديدات الغوغاء
علاوة على ذلك، يتلقى المشرعون تهديدات ومضايقات. على سبيل المثال، صرح النائب الديمقراطي من ولاية تكساس، آل جرين، لمجلة بوليتيكو بأن أشخاصًا اعترضوه عدة مرات أثناء عودته إلى منزله في تكساس الأسبوع الماضي، فيما وصفه ما يُرَجِّح أنهم أنصار ترامب بأنه «السيد/ العزل» (لأنه أيَّد دعوات عزل الرئيس) و«الخائن».
قال جرين لمجلة بوليتيكو: «كانوا يتميزون غيظًا. أنا ابن الجنوب المنعزل. ولم أنس تعبيرات الكراهية والألفاظ القبيحة التي كان الناس يتفوهون بها، وكيف كانوا يصفونني بكلمات قبيحة أعفُّ عن تكرارها. أتذكر تلك النظرة، ولقد رأيتها مرة أخرى مرتسمة على وجوه بعض هؤلاء الناس».
كيف تستجيب السلطات للتهديدات وتستعد لمواجهتها؟
السؤال المطروح على طاولة وكالات إنفاذ القانون في مختلف الولايات الأميركية خلال الأيام المقبلة هو: كيفية حماية المشرعين والجمهور دون تصعيد العنف.
أبلغت شرطة الكابيتول المشرعين يوم الاثنين بأنهم مستعدون لمواجهة مؤامرات إرهابية خلال الأيام المقبلة، بإجراءات تشمل تطويق مبنى الكابيتول، حسبما ذكر موقع هافنجتون بوست. ومع ذلك، يخشى بعض أعضاء الكونغرس على سلامتهم عند العودة إلى واشنطن، أو الانتقال من مساكنهم في العاصمة إلى مبنى الكابيتول. وقال أحد المشرعين لـ موقع هافنجتون بوست: إن شرطة الكابيتول لم تتجاوب بما يكفي مع هذا القلق.
التهديد الأكبر: الانزلاق إلى دائرة العنف
يقول الخبراء: إجمالًا، سيتعين على الشرطة أن تسير على خيط رفيع. فمن ناحية، التهديدات الوشيكة حقيقية، ولا يمكن لوكالات إنفاذ القانون أن تكرر ارتكاب خطأ عدم الاستجابة كما فعلت في مواجهة أحداث الشغب يوم الأربعاء. وفي هذا الصدد، يقول إيدي، خبير مكافحة الإرهاب: «خلال يومي 17 و20 يناير، ترفع كل مواقع التواصل الاجتماعي حالة التأهب إلى أقصى درجة».
لكن في الوقت نفسه، هناك الآن خطر أن تبالغ الشرطة في رد الفعل، خاصة وأنهم رأوا للتو أحدهم مصابًا بجروح قاتلة، وآخر سحقته الحشود أمام باب الكابيتول. يضيف إيدي: «في جميع أنحاء البلاد، شاهد ضباط الشرطة جميعًا مقاطع الفيديو نفسها التي شاهدتها أنا وأنت». وأضاف: «يتعين على المحافظين وقادة الشرطة في الوقت الحالي التأكد من أن هذه الحشود عندما تظهر مرة أخرى في يومي 17 و20 يناير، فلن تبدأ الشرطة في إطلاق النار على الناس. دعونا لا ننزلق إلى دائرة العنف».
بتوقيت بيروت