حذر محللون إسرائيليون، من أن هجوم أنصار الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، على الكونغرس واقتحامه على خلفية عدم اعترافهم بهزيمة ترامب في الانتخابات، يمكن أن يتكرر في "إسرائيل" في حال هُزم نتنياهو في انتخابات الكنيست القريبة، وللأسباب والعوامل نفسها التي دفعت إلى أعمال الشغب في واشنطن.
وكتب المحلل العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني، رون بن يشاي، أن "الهجوم العنيف والعفوي لحشد مُحرض على الكونغرس الأميركي كان نتيجة لترابط مباشر وقابل للاشتعال بين رئيس شعبوي يعاني من مشاكل شخصية شديدة وبين عشرات آلاف الأشخاص الغاضبين ويشعرون ويؤمنون مثله بأنه سُرقت الدولة منهم".
وأضاف أن "ما جعل هذا الرابط قابلا للاشتعال هي الشبكات الاجتماعية التي نشرت التحريض والأخبار الكاذبة ونظريات المؤامرة الوهمية بسرعة الضوء تقريبا. واستخدمت شبكات الاجتماعية تلك أداة منظمة سمحت للمحرض الرئيسي – الرئيس الأميركي – بتجميع الحشود في واشنطن وإرسالهم بتوقيت مثالي، مشحون وجاهز، إلى الكابيتول من أجل وقف مصادقة مجلسي الكونغرس على انتخاب جو بايدن رئيسا. لقد تمرد المسخ الرقمي الذي لا يميز بين الحقيقة والكذب وبين الطيب والشرير على خالقه".
ورأى بن يشاي أن المذنبين المركزيين، عدا ترامب وأنصاره، في أعمال الشغب هم "قادة الحزب الديموقراطي. فقد رأوا منذ وقت طويل الكتابات التي تراكمت على الحائط، ودلت على انعزالهم عن الواقع وعلى خطورة الرئيس، عضو حزبهم، ولم يحركوا ساكنا. والأسوأ من ذلك أن قسم لا يستهان به بينهم،، وبضمنهم رئيس مجلس الشيوخ، الذين عرفوا الحقيقة، أيدوا علنا ودعموا شرعية ومصداقية ادعاءات ترامب الوهمية والكاذبة حول ’سرقة الانتخابات’".
وأضاف بن يشاي أن قادة الحزب الجمهوري صمتوا إزاء تحريض ترامب لأنهم كانوا يخشون معاقبة المتعصبين اليمينيين البيض والأنغليكانيين في الانتخابات المقبلة لمجلسي الشيوخ والنواب. وأيد قادة الحزب الجمهوري مزاعم ترامب بأن المرشحة الديموقراطية في انتخابات الرئاسة السابقة، هيلاري كليننتون، تدير شبكة بيدوفيليا، ومطالبته بسجنها.
وختم بن يشاي مقاله بأنه "ليس فقط المؤسسة السياسية والسلطوية الأميركية ينبغي أن تستخلص وتستوعب العِبر من أحداث أمس في الكونغرس. فزعماء شعبويون وحشود متعصبة، تشعر أنها مظلومة ومنصتة لتغريدات ومقاطع الفيديو التي ينشرونها في الشبكات الاجتماعية ليست موجودة في الولايات المتحدة فقط؛ ولم يخترعوا في واشنطن سياسيين يؤيدون، من أجل بقائهم ونجاعة سياسية وتملق، زعيما مستبدا يحاول بمساعدتهم النشطة ليّ وإخضاع مؤسسات الحكم الديموقراطي و’حراس العتبة’ لاحتياجاته الشخصية. ولذلك يجدر في "إسرائيل" أيضا أن ينتبهوا إلى المخاطر الكامنة في المنحدر الزلق الأملس" في إشارة إلى ممارسات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.
عنف سياسي مستفحل
المحلل القانوني في موقع "واللا" الإلكتروني، باروخ كْرا، رأى أنه "باستثناء مواجهة أزمة كورونا، فإن إدارتي ترامب ونتنياهو تصرفتا خلال الولاية الأخيرة كأنهما توأمان سياميان، تجاه سلطة القانون، الكراهية لـ’الدولة العميقة’، التحريض الأرعن ضد أي أحد ليس في معسكريهما، التحريض الأرعن ضد الصحافة الحرة، نشر نظريات مؤامرة حقيرة في الشبكات الاجتماعية وبتحطيم كامل لقيمة الحقيقة".
وأشار كرا إلى أنه عشية قرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، بتوجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو، وجه رئيس الائتلاف في حيننه، الوزير دافيد أمساليم، تهديدا علنيا إلى مندلبليت بأنه إذا حاكم نتنياهو، سيخرج الناس إلى الشوارع "ولن يتقبل الملايين ذلك". ولفت إلى أن "هذا أمساليم نفسه الذي يعمل كمنفذ لأوامر نتنياهو بالتحريض، والذي يهاجم من على منصة الكنيست المدعي العام لدولة إسرائيل".
ولفت كرا إلى تهديد رئيس الائتلاف الحالي، عضو الكنيست ميكي زوهار، لمندلبليت خلال مقابلة إذاعية، ويحرض على النيابة العامة والشرطة بعد دعوته إلى تحقيق. "هكذا بالضبط يعمل هذا الأسلوب، وعند ترامب أيضا. سلوك إجرامي بغطاء التظاهر كضحية".
وتابع كرا، "هل تعتقدون حقا أنه هذه قصة أميركية لا يمكن أن تحدث هنا؟ ماذا بالنسبة لوزيرة المواصلات، ميراي ريغيف التي تسعى إلى كسب التأييد بين مجموعات عنيفة، وتلتقط صورا مع أعضاء تنظيم عنيف، تجول أعضاؤه في الشوارع حاملين العصي من أجل ضرب متظاهرين ضد السلطة. وماذا بالنسبة لوزير أمن نتنياهو، أمير أوحانا، الذي بعث برسالة تهنئة علنية عبر الفيديو إلى شخص دعا خلال مظاهرة (نجل نتنياهو) يائير نتنياهو إلى الاعتداء جنسيا على القاصرات في اليسار، وعدد لانهائي من الدعوات إلى استخدام العنف ضد متظاهري" ضد نتنياهو.
وأضاف كرا أن مشهدا كالذي حصل في الكونغرس، "كاد يحصل هنا، عندما حاول يائير نتنياهو والصحافي يعقوب بردوغو النشر أن لجنة الانتخابات المركزية سرقت الانتخابات. وفوق كل ذلك، أين تعتقدون أنكم تعيشون؟ في جزيرة سلام جميلة؟ لقد سجلت هذه الدولة لنفسها فصولا فاخرة من العنف الداخلي الشديد. وفي هذه الدولة اغتالوا رئيس حكومة في ظل أجواء تحريض مارسها رئيس الحكومة الحالي؛ في هذه الدولة عمل تنظيما سريا سعى إلى تفجير المسجد الأقصى ولكنه تمكن فقط من تنفيذ عمليات عنيفة أخرى، بينها محاولة اغتيال رئيس بلدية فلسطيني أدت إلى قطع ساقه (رئيس بلدية نابلس الأسبق بسام الشكعة) وإلى فقدان خبير متفجرات لبصره. وفي هذه الدولة قُتل متظاهر بإلقاء قنبلة (على مظاهرة لحركة "سلام الآن"). وفي هذه الدولة وفي هذه الايام،، يهاجم متظاهرين في الشوارع بعنف جسدي وكلامي".
وتابع أنه "في هذه الدولة يفعل رئيس حكومة كل ما بوسعه من أجل إضعاف أجهزة الحكم والقانون،، وفيما هو يرفض منذ أكثر من سنة تعيين مدع عام، وبعد أن أرجأ لسنتين تعيين مفتش عام للشرطة وكل هذا بسبب ملفاته (الجنائية) الشخصية. وفي هذه الدولة، تستبيح الحكومة قيمها فقط من أجل الشؤون الشخصية لشخص واحد، الزعيم الأعلى رئيس الحكومة".
وخلص كرا إلى أنه "إذا أخذنا بالاعتبار تاريخ فصول العنف، والحاضر العنيف الحاصل أمام أنظارنا، هل تتساءلون حقا إذا كان ما حصل في الكونغرس يمكن أن يحصل هنا؟ والإجابة هي أنه يمكن أن يحصل أسوأ منه بكثير".
بتوقيت بيروت