قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن الاقتصاد الإيراني تغلب على العقوبات الأميركية الصارمة، ونجح في التكيف معها رغم قسوتها.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها، أن الشركات الإيرانية ركزت على الإنتاج المحلي، وعملت بشكل متزايد على إنتاج أنواع البضائع التي كانت إيران تستوردها من الخارج منذ فترة طويلة، بينما زادت حاجة الشركات الأصغر النامية للعاملين.
ووفقا لإحصاءات الحكومة الإيرانية، فقد نما إجمالي إيرادات الصناعة غير النفطية الإيرانية بنسبة 83% في العامين الماضيين، متجاوزا قطاع الطاقة الذي تضرر بسبب العقوبات.
وأكد محافظ البنك المركزي الإيراني في كانون الأول/ ديسمبر أن اقتصاد البلاد نما بنسبة 1.3% من آذار/ مارس إلى منتصف أيلول/ سبتمبر، مدفوعا إلى حد كبير بالتصنيع المحلي.
وقال محسن توكل خبير العقوبات في مركز أتلانتك كاونسل: "حتى لو قطعت العقوبات صادرات إيران النفطية بالكامل، فإن اقتصاد البلاد يمكنه البقاء".
ونقلت وكالة انباء ارنا عن نائب رئيس منظمة الصناعات الصغيرة والمناطق الصناعية الإيرانية إن نحو ألف شركة إيرانية أوجدت أو أعادت 17 ألف وظيفة. وهي تشكل 92 بالمئة من مؤسسات التصنيع الإيرانية و 45% من وظائفها الصناعية.
ووفقا للإحصاءات الحكومية، فقد انخفض معدل البطالة في إيران خلال العقد الماضي إلى 9.5 بالمئة من 12.3 بالمئة.
وفي الأشهر الأخيرة، تحسنت قدرة إيران على التهرب من العقوبات الأميركية على صادراتها من النفط الخام.
وكانت معظم شركات الشحن ومشتري النفط قد توقفوا عن التعامل مع إيران بعد أن فرضت واشنطن حظرا على شحنات الخام الإيرانية في أعقاب قرار إدارة ترامب 2018 الانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران الذي تم توقيعه في عهد أوباما. لكن التجار يقولون إن إيران تقدم تخفيضات كبيرة لجذب الزبائن وهي التي تجعلهم يتجاهلون العقوبات. وظهر عملاء جدد للخام الإيراني أيضا، خاصة أن الاقتصادات الآسيوية، بما في ذلك الصين، استعادت نشاطها.
وقال مسؤولون أميركيون إنهم يعتقدون أن طهران استطاعت فقط البقاء على قيد الحياة، مشيرين إلى شح احتياطيات العملات الأجنبية وانخفاض سعر صرف الريال. ويقولون إنهم يعتبرون إحصاءات طهران غير موثوقة وإن الحكومة تخفي المدى الحقيقي للضرر الاقتصادي الذي تعانيه تحت حملة الضغط. ومع ذلك، يستخدم الاقتصاديون والمؤسسات الأجنبية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الإحصاءات الإيرانية كأساس لتحليل اقتصاد البلاد.
وأغلقت جائحة كوفيد-19 حدود إيران مع العراق المجاور وقلصت التجارة مع الصين، وجهتي التصدير الرئيسيتين لإيران. وقد أدى ذلك إلى انخفاض بنسبة 25% في الصادرات غير النفطية مقارنة بالسنة المالية السابقة، وفقا لأرقام من إدارة الجمارك الإيرانية.
وتعرضت بعض أكبر الشركات المصنعة في إيران، والتي تعتمد على المواد الخام المستوردة ولا تقوم بالتصدير، لأوقات عصيبة. على سبيل المثال، فقد خفضت صناعة السيارات الكبيرة في إيران الإنتاج من 1.4 مليون سيارة في عام 2017 إلى 770 ألف سيارة في عام 2019، وفقا للمنظمة الدولية لمصنعي السيارات.
وقال أوميد غلاميفار، مؤسس شركة Serkland Invest ومقرها السويد والمتخصصة في الاستثمار في إيران، إنه بينما من غير المرجح أن تنفق العائلات في أوقات الأزمات على السيارات، فإن استهلاك المنتجات اليومية ظل ثابتا. وقال إن "الطلب جيد بشكل عام ويجب أن تملأه جهة ما".
واستثمر غلاميفار في أربع شركات إيرانية تنتج سلعا استهلاكية: شركة أدوية، وشركة بيع أغذية بالتجزئة، وشركة تغليف صناعية، وشركة رعاية منزلية. وقال إن كلا منها زاد حجم مبيعاته بنسبة 25% إلى 30% سنويا منذ عام 2018.
بينما تتخطى أجزاء من الاقتصاد الإيراني علاقة البلاد المتوترة مع أميركا حتى الآن، ويواجه الكثيرون مشاكل في المستقبل. ويقول الاقتصاديون إنه طالما يتجنب المستثمرون الأجانب إيران، فإن قطاع التصنيع الذي تقيده قيود رأس المال والتكنولوجيا في البلاد سيكافح من أجل النمو.
بتوقيت بيروت