قتل جنود الاحتلال الإسرائيلي الطفل علي أبو علياء، (13 عامًا)، لم تهتز لأحدهم شعرة جرَّاء ذلك، إنه مجرد رقم أُضِيف إلى أعداد القتلى من أطفال فلسطين.
وزارة العدل الإسرائيلية، لن تُوجه أي اتهاماتٍ لأحد إزاء إطلاق النار على الطفل مالك (9 سنوات)، ادت الى فقدان احدى عينيه، وبمقدور "رجال الشرطة" الذين قتلوا الطفل أن يناموا في سلام ملء أجفانهم: فلن يلاحقهم أحد؛ لأن كل ما فعلوه هو مجرد قتل طفل فلسطيني.
اما باسل، (16 عامًا)، وهو أخٌ مكلوم بسبب مقتل شقيقه، فقداختطفه جنود الاحتلال الإسرائيلي من فراشه في ظلام الليل الدامس للتحقيق.
هذه نماذج من ارهاب الكيان الصهيوني مع الاطفال الفلسطينيين الـ170 غير المعروف مصيرهم والقابعين في الزنازين بدل ان يكونوا على مقاعد الدراسة وتغيب عنهم وعن قضيتهم كل برامج وانشطة مؤسسات حقوق الانسان والطفولة الدولية فيعطي ذلك الكيان مساحة وقت يواصل فيه ارهابه بهدف زرع الارهاب في قلوب اصحاب الارض.. على حساب المحتلين المهاجرين من اصقاع الدنيا الى فلسطين..
مخيمات غير آدمية
فقد نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية مقالًا روى فيه ما رآه خلال زيارته الى مخيم العروب شمال مدينة الخليل ويعيش معظم سكانه فيه منذ النكبة في العام 1948. فيقول: كنَّا نبحث عن منطقة مكشوفة ومفتوحة نجلس فيها خشية الإصابة بعدوى فيروس كورونا، لكننا لم نجد مكانًا واحدًا. وفي هذا المخيم، الذي تُتاخِم فيه المنازل بعضها بعضًا ولا تتسع عرض أزِقَّته سوى لرجل واحد كي يمشي فيها، إلى جانب أن تلك الأزقة مليئة بالقمامة، لن تجد مكانًا تجلس فيه خارجها. وقد يتصور الواحد منَّا أن هناك حديقة أو مقعدًا داخل حديقة حيث يمكن أن يستريح بعيدًا عن منازل المخيم؛ لكننا لم نجد ولو رصيفًا للمشاة.
يضيف الكاتب: يعيش في هذا المخيم شابٌ يُدْعى باسل البدوي، والذي أطلق الجنود الإسرائيليون الرصاص على شقيقه أمام عينيه قبل عام مضى، فأرْدُوا أخاه قتيلًا من دون أي سبب. وقبل أسبوعين، انتزع جنود الاحتلال الإسرائيلي باسلَ من على فراشه في ليلة باردة واقْتَادوه حافيَ القدمين لكي يستجوبوه. وجلسنا في منزل عائلته الضيق بعد أن أدركنا أنه ما من «مكان بالخارج» نذهب إليه. وبينما كنَّا في منزل باسل، أغلق الجنود الإسرائيليون مدخل المخيم، كما يفعلون أحيانًا، إغلاقًا تعسفيًّا، ولم يزد هذا سوى الاختناق.
اختطاف طفل
وأوضح الكاتب أن هذا هو العالم الذي يعيش فيه باسل، أما عنه فهو يبلغ من العمر 16 عامًا، وهو أخٌ مكلوم بسبب مقتل شقيقه، اختطفه الجنود الإسرائيليون من فراشه في ظلام الليل الدامس. ولا يذهب باسل إلى أي مكان سوى مدرسته المغلقة في بعض أيام الأسبوع بسبب التدابير المفروضة بسبب تفشي جائحة كوفيد-19. وقد أُطلِق سراح باسل الآن ليكون أسعد حظًا من غيره من الأطفال والمراهقين، الذين تحتجز إسرائيل قرابة 170 واحدًا منهم في الوقت الراهن.
يُطلق جنود القوات الإسرائيلية النار على أطفال آخرين فيقتلون بعضهم تارة ويجرحون بعضهم تارة أخرى من دون تمييز بين الأطفال والبالغين – الفلسطيني هو الفلسطيني – أو من دون اكتراثٍ لوضع يُهدد الحياة أو شيوع «اضطراب عام».
لا معنى اكثر من النضال:
وقد قتل جنود الاحتلال الإسرائيلي الطفل علي أبو علياء، وهو صبي يبلغ من العمر 13 عامًا، وتوفي على إثر إصابته بطلقة رصاص قاتلة اخترقت بطنه. ولا يُمكن لأي شخص أن يسيطر على مشاعره أو عواطفه عندما ينظر إلى وجهه البريء في الصور، أو عندما يرى صورته الأخيرة وهو مُسجًى فى كفنه، مكشوف الوجه، مغمض العينين، محمولا على الأعناق إلى قريته لكي يُوارَى الثرى.
وعلى عادته كل أسبوع – بحسب الكاتب – ذهب علي مع أصدقائه للتظاهر ضد البؤر الاستيطانية المسعورة المُعْتدية على أراضي الآخرين، التي امتدت من مستوطنة «كوخاف هشاحر»، واستولت على ما تبقى من أراضي قريته «المغير». وفي قرية المغير، لن تجد شيئًا ذا معنى أكثر من النضال ضد الاحتلال، كما لن تجد شيئًا أكثر بشاعة وجُرمًا من استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين، ومن المؤكد أنه ليس هناك مبرر لإطلاق النار على الطفل علي بهذه الطريقة. وبالطبع – يضيف الكاتب – ففي إسرائيل لم تهتز لأحدهم شعرة جرَّاء مقتل طفل آخر خلال عطلة نهاية الأسبوع، إنه مجرد رقم أُضِيف إلى أعداد القتلى من أطفال فلسطين.
تدمير المدارس الفلسطينية
ولفت الكاتب إلى معاناة الأطفال في الدراسة أيضًا، قائلًا: حتى في العام الدراسي الحالي، كان ينبغي على حوالي 50 طفلًا من مجتمع الرعاية في رأس التين الذين كانوا يدرسون في مدرسة المغير، قرية الصبي المتوفى، السير على الأقدام قرابة 15 كيلومترًا يوميًّا، ذهابًا وإيابًا لحضور اليوم الدراسي.
وفي هذا العام تمكن آباؤهم بمساعدة منظمة إغاثة تابعة للمفوضية الأوروبية مقرها إيطاليا، من بناء مدرسة متواضعة، ولكنها بديعة في القرية. يستدرك الكاتب: لكن الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية تُهدد بهدمها، وفي الوقت نفسه لا تتوقف عن مضايقة الطلاب والمعلمين بزيارات مفاجئة للتحقق مما إذا كانت المراحيض – لا قدر الله – متصلة بماسورة مياه في قرية لم تمتد إليها شبكة كهرباء، أو إمدادات مياه مطلقًا.
وأكدَّ الكاتب على أن الأطفال في رأس التين لا بد أن يكونوا قد علموا الآن أن زميلهم السابق في الدراسة علي أبو علياء قد فارق الحياة. لكن هؤلاء الأطفال لم يعرفوا شيئًا عن الطفل مالك عيسى من بلدة العيسوية الواقعة في مدينة القدس الشرقية. وقد فقدَ مالك، طفل يبلغ من العمر تسع سنوات، إحدى عينيه بعد إصابتها برصاصة إسفنجية أطلقها ضابط شرطة إسرائيلي.
ارهاب الدولة العبرية
وكانت وزارة العدل الإسرائيلية، التي تنظر في الادِّعاءات والشكاوى المُقدَّمة بشأن حالات سوء سلوك الشرطة، أعلنت أنه لن يُوجه لأحد أي اتهاماتٍ إزاء إطلاق النار على مالك، وذلك بعد 10 أشهر من التحقيق المكثف. وقد كان كافيًا أن يدَّعي أفراد الشرطة المتورطين في الحادثة أنهم تعرضوا لإلقاء الحجارة عليهم، وربما أصاب أحدهم الصبي، إلا أنه ليس هناك ثمة مقطع فيديو يُظهر إلقاء حجارة عليهم، وليس هناك أي دليل آخر يثبت هذا الادَّعاء. وعلى نفس المنوال بمقدور هؤلاء الذين قتلوا الطفل أن يناموا في سلام ملء أجفانهم: فلن يلاحقهم أحد؛ لأن كل ما فعلوه هو مجرد قتل طفل فلسطيني.
ونوَّه الكاتب إلى أن هذه الحوادث وغيرها من الحوادث العديدة تقع خلال وقت يُعد من أكثر الأوقات هدوءًا في الضفة الغربية. إن هذا هو الإرهاب الذي تمارسه الدولة العبرية بحق الفلسطينيين. وعندما نسمع عن وقوع مثل هذه الحوادث في ظل الأنظمة الديكتاتورية الشريرة، مثل اختطاف أطفال من بين أحضان عائلاتهم في منتصف الليل، وفقدان أحد الأطفال إحدى عينيه بعدما أُطلِقت عليه رصاصة، ناهيك عن مقتل طفل آخر بعدما أصيب برصاصة من جنود إسرائيليين، نشعر بقشعريرة تسري في كل أوصَالِنا.
"الديمقراطية الزائفة"
ووجه الكاتب تساؤلًا للقارئ الفلسطيني قائلًا: أين تُرتكب مثل هذه الأمور؟ إطلاق الرصاص على المتظاهرين؟ بل حتى على الأطفال؟ وأجاب قائلًا: إنها لا تحدث في بعض الأراضي النائية، ولكنها تحدث على بعد ساعة واحدة بالسيارة من منزلك؛ كما أنها لا تُرتكب في ظل بعض أنظمة ظلامية، لكنها تحدث في ظل "ديمقراطية فريدة من نوعها" (كما يتغنى الإسرائيليون بذلك).
وفي ختام مقاله يطرح الكاتب على قرَّاء المقال سؤالًا أخيرًا: ماذا تقولون في نظام يسمح بإطلاق الرصاص على الأطفال، واختطافهم وهم نائمون من على أسرِّتهم وتدمير مدارسهم؟ إن هذا هو ما يمارسه النظام الإسرائيلي في بلادنا ويجب أن ندرك أنه يفعل ذلك.
بتوقيت بيروت