"نتنياهو اخطر الازمات التي تواجه الكيان الصهيوني في تاريخه" هذه خلاصة ما توصل اليه يوفال هراري استاذ التاريخ في الجامعة اعبرية في القدس المحتلة، مستندا الى وقائع مارسها رئيس حكومة الاحتلال مستفيدا من موقعه السلطوي..
وقال المؤرخ الإسرائيلي إن "دولتنا تواجه واحدة من أخطر الأزمات في تاريخها، رغم أن لديها كل الموارد لتجاوزها بنجاح، باستثناء عنصر أساسي وهو الثقة".
وأوضح هراري في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن "الإسرائيليين بحاجة للثقة بمؤسسات الدولة وبأنفسهم، وكذلك الوثوق بالأشخاص من حولهم، والمعلومات التي يسمعونها، والإرشادات التي يتلقونها".
وتابع: "قبل كل شيء، نحتاج للتأكد أن الجالسين في المكاتب الحكومية يعرفون ما يفعلون، ويعتنون بنا جميعا، وليس فقط بأنفسهم"، مضيفا أنه "لسوء الحظ، فإن الكثير من الإسرائيليين اليوم ليس لديهم ثقة كافية بالدولة، وتقع المسؤولية عن انعدام الثقة هذا أولا وقبل كل شيء على عاتق شخص واحد، قام ومساعدوه منذ سنوات بتدمير الثقة في المجتمع الإسرائيلي بشكل كامل ومنهجي، وهو بنيامين نتنياهو".
وأشار هراري، أستاذ التاريخ في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة، مؤلف كتاب "قراءة في القرن الحادي والعشرين" الذي ترجم إلى ستين لغة، وباع 27 مليون نسخة، إلى أن "نتنياهو لديه قائمة طويلة من الإنجازات، لكنه كأي سياسي لديه نقاط ضعف وإخفاقات، ومشكلته الكبرى ليست الطريقة الفاشلة التي أصر بها على إدارة أزمة كورونا فحسب، بل الهجوم الذي يشنه منذ سنوات ضد مؤسسات الدولة، والعلاقات الأخوية بين الإسرائيليين".
تحريض نتنياهو
وأوضح أنه "منذ سنوات، ونتنياهو يحث الإسرائيليين على عدم الإيمان بوسائل الإعلام والمؤسسات الأكاديمية ونظام القضاء، والشرطة والنيابة العامة والمدعي العام ومسؤولي وزارة المالية، وفي النهاية يتضح أن الكثير من الإسرائيليين لا يؤمنون بسلطات الدولة".
ولفت إلى أنه "لسنوات عديدة، حرض نتنياهو الإسرائيليين ضد بعضهم البعض، ما قوض ثقتهم ببعضهم، وزرع الفرقة والكراهية بين اليمين واليسار، بين العرب واليهود، بين المتدينين والعلمانيين، وبين الشرقيين السفارديم والغربيين الأشكنازيم، واعتبار أن كل من لا يصوتون له خونة، وليس لهم دور في إسرائيل، وأنه سيعتني فقط بمعسكره الحزبي، والنتيجة أن الإسرائيليين في مثل هذه الأزمة الشديدة لا يؤمنون ببعضهم البعض"
وأوضح أن "نتنياهو جزء من تيار عالمي، فمن الشائع الحديث في الآونة الأخيرة عن انهيار الأخوة الوطنية، واستخلافها بالعداء القبلي، وفي جميع أنحاء العالم اليوم هناك نقص حاد في الحب، وأدت الكراهية الداخلية لتفكك البلاد، وحروب أهلية دامية، وتعميق الانقسامات الداخلية، والفائزون في الانتخابات يهتمون في المقام الأول بأنفسهم، ونتيجة هذا السلوك فإن العديد من الإسرائيليين لم يعودوا يؤمنون بالإعلام والسلطات".
وأكد أن "هذا الفريق من الإسرائيليين يؤمنون فقط بنتنياهو، إذا ظهر على التلفزيون وقال بنبرة موثوقة إن الشمس تشرق في الغرب، وتغرب في الشرق، فسيصدقونه، والعديد من القادة يقدمون أنفسهم وطنيين، وهم في الواقع عكس ذلك تمامًا، وبدلاً من توحيد الخطوط، فإنهم يعمقون الجدل بمساعدة اللغة الهجومية، والسياسات الانقسامية، ولكي يحافظ نتنياهو على ولاء معسكره له، فهو يعمل على تعميق العداء بين باقي الإسرائيليين".
ونوه إلى أن "هناك العديد من الإسرائيليين الآخرين لم يعودوا يؤمنوا بأي شيء يخرج من فم نتنياهو، فإذا ظهر على شاشة التلفزيون، وقال بنبرة موثوقة إن الواحد والواحد يساوي اثنين، فسيبدأون على الفور بالشك، وإذا كان وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس لا يصدق كلمة لرئيس الوزراء، فلماذا يصدق الإسرائيلي العادي نتنياهو، خاصة عندما تتم محاكمته بتهمة الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة؟".
عدم الثقة
ورأى أن "كل شيء الآن ينفجر بوجوه الإسرائيليين، فعدم الثقة يخلق صعوبات، وفي خضم الوباء والأزمة الاقتصادية لإسرائيل، فإن عدم الثقة يخلق كارثة، رغم اعتقاد البعض بأنه يمكن إدارة إسرائيل بمساعدة حفنة من المتملقين والمعجبين، ومن أجل استعادة الثقة المفقودة، فسيتعين على نتنياهو تغيير أسلوب قيادته بشكل جذري، ومن المشكوك فيه أن يتمكن من فعل ذلك، مع أن الأفضل أن يخلي مقعده، ويعطيه لشخص آخر".
وأكد أن "نتنياهو مطالب بأن يدرك أن القيادة تعني التضحية بالمصلحة الشخصية من أجل المصلحة الوطنية.. المصلحة الوطنية في الوقت الحالي هي الثقة بين جميع المواطنين والمعسكرات في إسرائيل، ونتنياهو ببساطة لا يمكنه توفير هذه الثقة، يمكنه شراء ثقة الأمراء من الخليج العربي والجمهوريين الأمريكيين ومعسكر واحد في إسرائيل، لكنه خسر بقية الإسرائيليين".
وشدد على أن "نتنياهو لا يدير مسألة حزبية أو سياسية، بل معركة شخصية، حزب الليكود حركة كبيرة ومتعددة، وهناك قادة فيه يغرسون الثقة، ويمكنهم توحيد الإسرائيليين حولهم، هناك أيضا قادة خارج الليكود يمكنهم فعل ذلك، لكن الرجل الذي بنى قيادته لسنوات على زرع الانقسام والكراهية بين الإسرائيليين لا يستطيع ذلك، ولسوء الحظ، يصعب تصديق أن نتنياهو سيغادر طواعية، لأنه نسي ما يعنيه أن تكون وطنيا".
وأضاف أنه "بالنسبة لنتنياهو، إسرائيل هي أنا، لم يعد قادرا على التمييز بين مصلحته الشخصية ومصالح الدولة، وهذا ما يفسر إصراره على الحصول على خصم ضريبي بنصف مليون شيكل في وسط الأزمة، وعندما فقد مئات الآلاف من الإسرائيليين وظائفهم وأعمالهم، وكان هذا خطأ سياسيًا فادحًا، ما يطرح السؤال: كيف ارتكب الساحر السياسي هذا الخطأ؟".
ونوه إلى أن "جواب نتنياهو يكمن في تأكده أن ما هو جيد له جيد لإسرائيل، ومقتنع بأن ميزة ضريبية قدرها نصف مليون شيكل لنفسه ستساعد جميع الإسرائيليين بأوقاتهم الصعبة، والخلاصة أن نتنياهو لن يغادر طوعا، لأنه لم يعد يرى إسرائيل، فقط يرى كرسيه، حتى لو انفجرت الأرض غدًا، فمن المحتمل أنه من بين شظايا الكوكب العائمة في الفضاء، يمكن رؤية كرسي فاخر يدور ببطء، ورجل يتمسك به بكل قوته، وهو نتنياهو".
المصدر: عربي 21
بتوقيت بيروت