فظاظة وعجرفة دونالد ترامب، هي سمة عامة تكاد تكون ماركة مسجلة، وقد كان الظن انها تطال بهذا الشكل السافر، غير الاميركيين، اذ رأوها موجهة تجاه دول الخليج ومن ثم تجاه الاتحاد الاوروبي ومن ثم تجاه دول الحلف الاطلسي، الى ان دخلت الى البلاد فاستهدفت توجهات كان سلفه يعمل عليها تطال التقديمات الاجتماعية لكبار السن. ومع انطلاق حملته الانتخابية بدأ الابتزاز يطال اعضاء حزبه الاغنياء منهم والفقراء، ولأن هذا الامر بالغ الفظاظة ولم يسبقه احد من قبله الى اعتماده بهذا الشكل سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الضوء على الأساليب التي تستخدمها حملته الانتخابيةي من أجل "إغراء المتبرعين، وتقديم الوعود المالية الغريبة لهم، والإهانات أيضا".
وقالت الصحيفة، في تقرير لها إن جهود التبرعات اتخذت منعطفا شاذا بنبرة عدوانية، ففي الوقت الذي تهدف الحملات الأخرى للتواصل مع أنصارها، إلا أن الهدف الرئيسي لحملة ترامب الانتخابية هي الحصول على تبرعات.
ورأت الصحيفة أن حملة ترامب تجسد عادته التي مارسها طوال حياته، والتي استعارها من عمله الطويل في عالم العقارات بنيويورك، المعروف بعدم أخلاقيته.
وشددت على أن ترامب يبيع الوعود المشكوك فيها، حيث أنفقت حملته 800 مليون دولار من الميزانية الكبيرة المخصصة للحملات الانتخابية، المقدرة بـ1.1 مليار دولار بحلول أيلول/ سبتمبر.
وفي آب/ أغسطس، جمع جوزيف بايدن تبرعات أكثر من ترامب بـ155 مليون دولار، وبنهاية أيلول/ سبتمبر تفوق عليه بـ141 مليون دولار، ولهذا السبب بدت محاولات ترامب للحصول على التبرعات يائسة وغير ممكنة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه لمعرفة تفكير ترامب بشأن أنصاره السياسيين، الذين وصفهم بأنهم حفنة من اللصوص والمخادعين، ما علينا إلا النظر إلى الطريقة التي أجبرهم فيها على التبرع بأموالهم من خلال التودد والسباب.
وقدمت الصحيفة نماذج من هذه الاساليب مثل: "أنت من أحسن الداعمين لترامب طالما قدمت المال لحملته الانتخابية، لكنك لا تعود داعما عندما يقال لك إنك تخليت عن الرئيس ولم تدفع مالا كافيا".
وتابعت الصحيفة بأن ترامب "يستخدم الحيل الإعلانية والتسويقية التي استعارها من القنوات التلفزيونية الدعائية التجارية، والتي يعد فيها بزيادة أو تنزيلات حال فتحت محفظتك المالية وسريعا، ومثال ذلك ما فعله ترامب حين أطلق نداء الثالث من آب/ أغسطس الماضي، قال فيه: "لقد قررت تفعيل هذا التبرع لمدة 3 أشهر، وبتنزيلات 700%، وهذا العرض متوفر فقط في الساعة التالية".
ويعلق كاتب التقرير، بن أدلر، على ما سلف بالقول: "إن إعلانات ترامب تتراوح من الكذب إلى عدم الدقة"، وتساءل عن خرق الحملة المستوى المسموح لها في جمع التبرعات من خلال هذه الوعود الانتخابية، بمطابقة كل تبرع بآخر وبأضعاف المبلغ الأصلي.
ويقول روبرت غيرنوولد مؤسس "بريف نيو فيلمز"، التي لديها خبرة طويلة بجمع التبرعات: "لم نر مطابقة تبرعات بهذا المستوى العالي"، مضيفا: "من ناحية عامة، أحيانا ترى مطابقة مبلغ بمبلغ أو ضعفه بمرتين".
ومن الناحية القانونية، تشير الصحيفة إلى أن خبراء يقولون إن محاولة التزلف للمتبرعين بعبارات مبالغ فيها لا تخرق القانون، مقارنة مع الكذب حول التبرعات ومطابقتها بتبرعات أخرى تعتبر في المحكمة خداعا للمستهلك، ومع ذلك لا يوجد قانون في الحملات الانتخابية يعاقب على هذا الانتهاك.
ويرى مستشار للجمهوريين تحدث للصحيفة أن هناك طرقا عدة للحصول على أضعاف ما يتم التبرع به بنسبة 9-1 دون تجاوز الحدود المفروضة على التبرعات. فمثلا يمكن للحملة الطلب من المتبرعين الكبار تأجيل تبرعاتهم حتى تقوم بالإعلان والدعاية للمتبرعين الصغار، وعندها يتم مطابقة ما تم التبرع به وبمبالغ عالية.
بينما يقول مات ساندرسون من مجموعة كابلان أند درايسديل، التي تعمل مع الزبائن الجمهوريين، إن عملية مطابقة التبرعات بمبالغ أعلى منها أصبحت لعبة معروفة في حملات الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
بدوره، علّق تي جي دكلو، المتحدث باسم المرشح الديمقراطي بايدن، بالقول إن الأخير يتجنب هذا، وإن ترامب لديه خبرة طويلة في سرقة الناس وتجريدهم من أعمالهم، وإن حملته ليست استثناء، حيث يقوم بإرسال الرسائل إلى المؤيدين لإحراجهم وخداعهم وتجريدهم من كل سنت".
بتوقيت بيروت