عندما فشل الكيان الصهيوني في تحقيق الاهداف التي رفعها كناتج لحرب الــ2006 على لبنان وحزب الله، كان لا بد من تحميل المسؤولية الى فرد، حفاظا من الدولة العميقة على الكيان، فكان ان تشكلت لجنة فينوغراد والتي خلصت الى تحميل المسؤولية الى الطاقم الصهيوني والذي كان حاكما آنذاك برئاسة ايهود اولمرت.
وها هي العقلية ذاتها والنموذج ذاته، يعيد الكرة في الولايات المتحدة الاميركية، اذ تقع "الدولة العظمى" تحت وطأة الفشل المتراكم سواء داخليا او خارجياً، ولهذا بدأت النخب او جزء منها يرتب المسؤوليات على فرد او الطبقة الحاكمة، وليس اسهل من ان تكون نواتها، رأس هذه الطبقة اي دونالد ترامب، وتشتد هذه الهجمة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل..
واحدة من هذه المواقف نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في افتتاحية لها اعتبرت فيها أن ترامب "ضرب سمعة الولايات المتحدة في العالم".
وخلافا لما يدعيه ترامب في لقاءاته الانتخابية، بأن "أميركا كسبت الاحترام من جديد"، فإنها ترى ان سمعة البلاد ورئيسها ومكانته في العالم انهارت في أعين أهم الحلفاء منذ عام 2017.
واعتبر تقرير "واشنطن بوست"، أن إصلاح هذا المشهد سيكون مهمة صعبة حتى في حالة رفض الناخبون عودة ترامب في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وأظهرت دراسة مسحية أجراها مركز أبحاث "بيو" في 13 دولة ديمقراطية نتائج يجب أن تفتح عيون الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، إذ كشفت عن تراجع النظرة للولايات المتحدة ولأدنى المستويات في السنوات العشرين الأخيرة في بريطانيا وفرنسا واليابان وأستراليا وهولندا والسويد.
ولم تظهر مواقف إيجابية من الولايات المتحدة إلا في دولة واحدة وهي كوريا الجنوبية التي عبر فيها 50 بالمئة من المستطلعة آراؤهم عن مواقف إيجابية. في حين كان مستوى النظرة الإيجابية للولايات المتحدة في تلك الدول ذاتها، عام 2016، يتراوح بين 57 و72 بالمئة.
ومن أسباب التراجع الكبير بمكانة أميركا تعاملها مع جائحة فيروس كورونا المستجد، ففي الوقت الذي كان المجتمع الدولي ينتظر ، من هذه "الدولة العظمى" قيادة عملية مواجهة هذه الجائحة العالمية، وفقا للصورة المخيلة عنها لانها تمتلك منظومة صحية هي الافضل في العالم، او من خلال قيادتها لتحالف دولي صحي على رأس منظمة الصحة العالمية، كان لها موقف مستغرب بمحاربتها لهذه المنظمة الدولية وحجب الاموال عنها.. ولهذا تقول الصحيفة ان الموقف الدولي العام هو أن أميركا عالجت الأزمة بطريقة سيئة.
وقال ما متوسطه 85 بالمئة من المستطلعة آراؤهم في الدول التي شملتها الدراسة، إن أميركا عالجت الجائحة بطريقة سيئة، وقال 15 بالمئة إن أميركا تعاملت مع الفيروس بطريقة جيدة أو نحو ذلك.
ترامب.. لا ثقة
ولكن السبب الرئيسي وراء ذلك التراجع الكبير، وفق الصحيفة، هو "ترامب"، ومتوسط نسبة من قالوا إن لديهم "ثقة" برئيس الولايات المتحدة وأنه "سيختار القرار الصحيح" في ما يتعلق بالشؤون الدولية تصل إلى 16 بالمئة، وهي نسبة صادمة وبعيدة عن الشعبية التي حظي بها سلفه باراك أوباما حيث عبر في عام 2016 نحو 68 بالمئة من المستطلعة آراؤهم في الدول ذاتها عن ثقتهم به.
أكثر من ذلك، فإن 93 بالمئة قالوا إنه لا يعطيهم الثقة بأنه يتصرف بعقلانية، وتفوق عليه بالنسبة لهم نظيراه الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جينبنغ.
والشخصية التي حظيت بأكبر دعم من المشاركين في الدراسة المسحية هي المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي لطالما حط ترامب من قيمتها، وفق التقرير، ولكنها حصلت على شعبية تفوقه بثلاثة أضعاف.
..ربما مع بايدن والا الكارثة
وتعلق الصحيفة بالقول إن الاستطلاعات الدولية قد تكون متقلبة، فقد وصلت المواقف من أميركا أدنى درجاتها في أوروبا بعد غزو العراق عام 2003 وارتفعت لمستويات عالية بعد انتخاب أوباما، وربما ترتفع مجددا إذا فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات.
لكنها توقعت أن يبقى أثر ترامب على سمعة أميركا قائما، حتى بعد خروجه من البيت الأبيض، أما في حال فاز بفترة ثانية، فإن النتائج ستكون كارثية، بحسب "واشنطن بوست".
بتوقيت بيروت