بعد فترة طويلة من الجلوس في المنزل دون مذاكرة في أغلب الأحوال بسبب جائحة كورونا، بدأت الدراسة تعود تدريجيًا في الكثير من الدول، ولمن شعر بالمعاناة من الأمهات خلال تلك الإجازة الطويلة التي توقف خلالها كل شيء، فإن العودة للمذاكرة مع الأبناء تبدو كابوسًا مخيفًا.
فالكثير من الأبناء يعتمد على مساعدة أمهاتهم في المذاكرة، في المرحلة الابتدائية تحديداً وفي المرحلة الإعدادية في بعض الأحيان، وإذا كان للأم أكثر من طفل خاصة إذا كان أحد الأطفال في سن صغيرة ويحتاج لرعاية أكبر فإن المعاناة تصبح مضاعفة، لذا هذه الطرق ستساعد طفلك على المذاكرة وحده أو بقليل من المساعدة منك.
عندما يتعود طفلك على المذاكرة وحده فإنه يصبح أكثر ثقة في ذاته وأكثر قدرة على اتخاذ قرارات مستقلة بشكل جيد، أول خطوة تساعد طفلك على المذاكرة بشكل مستقل هي أن تبتعدي عنه تدريجيًا، لا تتركي طفلك فجأة، فيشعر بالحيرة والتخبط وربما الانهيار وعدم القدرة على فعل أي شيء.
عندما يبدأ طفلك في أداء واجباته المنزلية اقرأي معه الأسئلة وتأكدي أنه يفهمها جيدًا قبل أن تتركيه وحده، يمكنك أن تجلسي في مكان قريب نسبيًا في البداية للتأكد من قدرته على القيام بذلك، ويمكنك الذهاب فترة من الوقت لأداء بعض مهامك والعودة كل فترة لمتابعة تقدم طفلك.
لا بد من حصول طفلك على فترة راحة بين كل مادة وغيرها حتى لا يشعر بالملل والإرهاق وحتى يستطيع أن يؤدي واجباته بإتقان
لا تنسي أن تعودي طفلك في الوقت نفسه على القيام ببعض المهام المنزلية مثل ارتداء الملابس وحده وترتيب ملابسه والمساعدة في إعداد الطعام أو إعداد وجبة الإفطار بنفسه حسب عمره والمشاركة في تنظيف المنزل.
هذه الخطوة لن تتقنيها من أول مرة، ستحتاج لبعض الجهد والتكرار حتى يعتادها طفلك كما ستحتاج لمتابعتك بعض الوقت، يمكنك تقدير الوقت الذي تحتاجه كل مادة لإنهاء مذاكرتها وامنحي طفلك وقتًا أطول منها، تناقشي أولًا مع طفلك في الوقت الذي يراه مناسبًا فذلك يمنحه المزيد من الثقة.
لا بد من حصول طفلك على فترة راحة بين كل مادة وغيرها حتى لا يشعر بالملل والإرهاق وحتى يستطيع أن يؤدي واجباته بإتقان، وإذا كان طفلك أكبر سنًا وتستغرق المادة الواحدة وقتًا طويلًا فيجب أن يحصل على راحة وسط المادة الواحدة.
تختلف القدرات الفردية من طفل لآخر، فأحدهم يستطيع التركيز ساعة كاملة أو أكثر وأحدهم لا يستطيع الجلوس لأكثر من نصف ساعة متواصلة، لذا أنت وحدك تستطيعين تحديد الوقت المناسب لطفلك للحصول على استراحة، إذا كان طفلك ممن يتململون سريعًا فانتهزي الفرصة وابدأي في زيادة الوقت تدريجيًا لتعويده على التركيز فترة أطول.
عندما يكون المناخ المحيط مناسبًا فإن الطفل يتمكن من أداء مهامه بشكل أفضل، خصصي مكانًا ثابتًا في المنزل ذا إضاءة جيدة وطاولة أو مكتب مريح للطفل، وبالطبع احرصي أن لا توجد ألعابه في هذا المكان أو أي مشتتات أخرى، فتهيئة المكان المناسب تساعد طفلك على الدخول في أجواء المذاكرة وسيصبح الأمر أسهل بالنسبة إليه كل مرة عن سابقتها.
من الممكن أيضًا تحديد جدول للمذاكرة مع الأطفال الأكبر سنًا يصنعه الطفل بنفسه ويحدد فيه المواد التي سيذاكرها كل يوم مع تحديد عدد ساعات كل مادة وتجديد هذا الجدول أسبوعيًا، هذه الطريقة ربما تزيح بعض الثقل عن كاهل الطفل حتى لا يشعر بأنه مطالب بالإعداد للمذاكرة يوميًا، كما ستمنحه شعورًا بأنه يملك وقته.
ساعدي طفلك على صناعة جدول مرن حتى لا يشعر بالانهيار إذا حدثت أي ظروف مفاجئة ولم يتمكن من أداء المهام كما حددها في جدوله.
يجب أن يشعر طفلك بأنك تثقين في قدراته، لا يجب أن يشعر بأنه موضع اختبار ويجب أن ينجح في اختبار الاستقلالية وإلا أصبح منبوذًا، لكن علّمي طفلك أننا جميعًا نقع في الخطأ ولا بأس في ذلك، الأهم أن نعترف بخطئنا ونحاول إصلاحه وأن نعتذر لمن أخطأنا في حقه.
لا بأس في أن يكرر الطفل الخطأ نفسه عدة مرات، فحتى البالغين يقعون في الأمر ذاته، الأهم أن يدرك الطفل أنه أخطأ وأن يعلم جيدًا جوانب الخطأ وأن يتحمل مسؤولية وتبعات هذا الخطأ وفقًا لعمره.
ترغب جميع الأمهات في أن يحصل أبناؤهن على الدرجات النهائية وأن يصبحوا الأوائل دائمًا، لكن لا بد أن تدرك الأم أن هناك فروقًا فرديةً بين الأطفال وبعضهم بعضًا وحتى بين الأشقاء أنفسهم، لذا لا يجب أن يشعر الطفل أن نتيجة عمله أهم شيء بالنسبة لنا.
امدحي المجهود الذي بذله طفلك في أداء مهامه وكافئيه على ذلك، فالاهتمام بالنتيجة وحدها قد يدفع طفلك لاتباع طرق مخادعة أو الغش للحصول على نتيجة أفضل في وقت أقصر، وبالتأكيد أنتِ لا ترغبين في ذلك.
الاهتمام بصحة طفلك ونشاطه جزء مهم لا يتجزأ عن أداء المهام بشكل جيد، فالطفل الضعيف صحيًا لن يستطيع التركيز والإنجاز في أي مهمة مطلوبة منه، والاهتمام بالصحة يبدأ من الاهتمام بالنوم الجيد في المساء.
يجب أن يحصل طفلك على قدر مناسب من النوم ليلًا حتى يستيقظ نشيطًا ومقبلًا على الدراسة والحياة، كما أن النوم ليلًا يساعد العقل على استيعاب وتخزين المعلومات التي دخلته طوال اليوم، وبجانب النوم لا بد من الاهتمام بتناول الطفل للطعام الصحي والخضراوات الطازجة التي تساعد في بناء جسمه وعقله.
تواجه الأمهات اليوم الكثير من الصعاب في عصر مليئ بالمشتتات وأدوات الترفيه التي لا حصر لها، وفي عصر حرية المعلومات تحتاج الأمهات للتركيز بشكل أكبر مع أطفالهن فيما يتعرضون له ومتابعة تطورهم على المستويات كافة دون أن يشعر الطفل في الوقت نفسه أنه تحت المراقبة، لكن مع بعض التركيز والنظام ستتمكن الأم من فعل ذلك بشكل أكثر سلاسة.
المصدر: نون بوست
بتوقيت بيروت