نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تحليلًا استعرض ملابسات تفشي فيروس كورونا المستجد في أوكيناوا إحدى القواعد الأميركية في اليابان، ومدى تأثير ذلك على العلاقات بين البلدين.
وذكر التقرير أن قوات المارينز رصدت 136 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في أوكيناوا، تلك الجزيرة التي شهدت فقط 148 إصابة بـ(كوفيد-19) حتى الآن. ويقول مسؤولون محليون: «إن الجيش لا يبذل ما بوسعه لكبح انتشار الفيروس».
وأثار تفشي حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في القواعد العسكرية الأميركية في أوكيناوا باليابان ذعر سكان الجزيرة المحليين، الذين اختلفوا في بعض الأحيان مع الأميركيين المتمركزين هناك، ونجحوا على عكسهم في الحد من تفشي (كوفيد-19).
136 إصابة جديدة
وأبلغت قوات مشاة البحرية الأميركية، التي يتمركز 20 ألفًا منهم في الجزيرة، حكومة الإقليم بوجود 136 حالة إصابة مؤكدة، وقالوا إنهم اتخذوا تدابير مشددة في كافة المنشآت العسكرية الـ33 في المنطقة. وقال حاكم أوكيناوا، ديني تاماكي، إنه صُدِم بسبب عدد الإصابات، مضيفًا: «من المؤسف للغاية» أن العديد من الحالات ظهرت بين القوات الأميركية والأفراد التابعين لها في أقل من أسبوع.
وباستثناء الحالات الأميركية، لم تسجل أوكيناوا سوى 148 إصابة منذ فبراير (شباط). وأضاف السيد تاماكي أنه كانت لديه «شكوك قوية» بشأن عدم كفاية التدابير الوقائية التي أبلغت عنها الولايات المتحدة. وأشار التقرير إلى أن اليابان، التي نجحت نسبيًا في احتواء الفيروس، كانت شهدت أيضًا مؤخرًا زيادة حالات الإصابة الجديدة في طوكيو، حيث رُفِعَت حالة الطوارئ في نهاية مايو (أيار).
وأبلغت طوكيو عن تسجيل إصابات يومية خلال يومين متتابعين في الأسبوع الماضي، مع زيادة عدد حالات الإصابة بين الأشخاص الذين يبلغون 20 و30 عامًا، الذين عملوا في الأحياء الليلية في طوكيو أو زاروها.
كما أعلن الجيش الأميركي في كوريا الجنوبية يوم الاثنين أنه ثبت إصابة 11 جنديًا بفيروس كورونا لدى وصولهم من الولايات المتحدة. وكان الجيش الأميركي قد عانى من تفشي الفيروس بين قواته، مع ظهور مجموعة كبيرة من الإصابات في مارس (أذار) على متن حاملة الطائرات ثيودور روزفلت.
وعلى النقيض من الجيش الأميركي، بحسب التقرير، لم يسجل الجيش الياباني سوى 14 حالة بين قواته، ويُعتقَد بأنهم جميعًا أُصيبوا بالفيروس في مجتمعاتهم، وليس أثناء خدمتهم.
وجود رغم الشكوى..
يضيف التقرير: تمثل الحالات الموجودة في أوكيناوا عبئًا جديدًا على العلاقات بين الجيش والحكومة المحلية، إذ شكَّل وجود القوات الأميركية، الذي يعود تاريخه إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، مصدرًا مستمرًا من مصادر التوتر. ولطالما اشتكى المواطنون من الضوضاء، والجريمة، وحوادث الطائرات، وتساءلوا مرارًا وتكرارًا عن أسباب تمركز نحو نصف القوات الأميركية الموجودة في اليابان البالغ عددها 55 ألف جندي، بما فيها أفراد من كافة الفروع العسكرية، في أوكيناوا.
وتعد إحدى القواعد التي سُجلَ فيها عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا مؤخرًا، وهي قاعدة فوتينما الجوية التابعة لقوات مشاة البحرية الأميركية، موضوع خطة مثيرة للجدل تهدف إلى نقل عمليات القاعدة من وسط أوكيناوا إلى منطقة ساحلية أقل اكتظاظًا بالسكان قيد البناء حاليًا. وتنظر الحكومة المركزية اليابانية إلى هذه القواعد باعتبارها ضرورية لأمن البلاد، ويرحب العديد من المواطنين ورجال الأعمال التجارية في أوكيناوا بالقوات، ويعتبرونهم زبائن وجيران.
..وقلق لاخفاء معلومات عن المصابين
عندما بدأت الأخبار تفيد بظهور إصابات في القواعد، طالب حاكم أوكيناوا ومجلسها بالحصول على مزيد من المعلومات من قوات المشاة البحرية بشأن عدد الحالات؛ ما أثار قلق مسؤولي أوكيناوا والمقيمين بها الذين أعربوا عن خشيتهم من احتمالية مخالطتهم، عن غير قصد، للجنود المصابين.
«عندما يحدث شيء كهذا، وعندما لا يقدم الجيش معلومات أساسية عن عدد المصابين والبلدان التي ينتمون إليها والمكان الذي كانوا فيه خارج القاعدة، فإن لشعب أوكيناوا أن يشعر حقًا بالخوف والإحباط وخيبة الأمل»، هكذا قال مانابو ساتو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أوكيناوا الدولية، التي تطل على قاعدة فوتينما الجوية التابعة لقوات المشاة البحرية.
واستشهد التقرير بما قاله تومناري كيونا، الذي يعمل في متجر لبيع المعكرونة في تشاتان، أحد أحياء أوكيناوا الذي يتردد عليه الجنود الأميركيون: «أنا خائف». وأضاف: «نحن حريصون للغاية، ونرتدي الكمامات ونغسل أيدينا ونعقمها». وتابع: «أريدهم أن يكشفوا عن المعلومات. إنهم أميركيون، لكنهم يقيمون في أوكيناوا باليابان. وأهل أوكيناوا أو الشعب الياباني لهم الحق في معرفة» عدد الإصابات التي تظهر في القاعدة.
وأعرب الحاكم تاماكي عن تخوفه من أن يكون الجنود نشروا الإصابات أثناء احتفالات 14 يوليو (تموز). وفي بيان أدلى به، قال تاماكي: «هناك معلومات تفيد بأن أفراد القوات الأميركية ذهبوا إلى الأحياء الليلية، وشاركوا في الحفلات الشاطئية خارج القواعد في 4 يوليو». وطالب بوقف نقل الجيش لقوات جديدة من الولايات المتحدة، التي تزداد فيها أعداد الحالات.
فحوصات بالمجان
وأشار التقرير إلى أن مستشفى تشوبو، إحدى أكبر المستشفيات في أوكيناوا، قدمت إجراء فحوصات بالمجان لأي شخص يخشى أنه ربما تعرض للفيروس. وقد فحصت المستشفى حتى الآن 130 شخصًا منذ انتشار أخبار تفشي (كوفيد-19) في القاعدة.
وفي منشور على «فيسبوك»، حذر يوشيرو تاكاياما، الطبيب بقسم الأمراض المعدية والصحة العامة في المستشفى، من تحميل الجيش مسؤولية تفشي الفيروس.
وكتب الدكتور تاكاياما «يميل الناس إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الأفراد العسكريين الأميركيين نشروا الفيروس، نظرًا للعثور على كثير من الحالات بينهم». وأضاف: «لكني لا أعتقد ذلك. فمن المفترَض أنهم أُصيبوا يوم 4 يوليو، استنادًا إلى التاريخ المؤكَد. ولكن لا يزال غير معلوم من أين أُصيبوا؛ لأنه لم يجرِ مشاركة المعلومات الوبائية للمصابين. ويمكن أن يكونوا أُصيبوا من خلال مخالطة المقيمين اليابانيين، أو بين الأفراد العسكريين. ومن المفتَرَض أن هناك طرقًا متعددة للإصابة، ولكن لا ينبغي أن تكون لدينا تصورات مُسبَقَة».
وأضاف أن الناس «ذهبوا إلى العديد من الحانات، ورقصوا جماعيًا جنبًا إلى جنب، وتشاركوا زجاجات الخمر»، بما فيهم الأفراد العسكريون الأميركيون والمقيمون المحليين.
وفي تشاتان، حيث يوجد العديد من الحانات التي يتردد عليها الأميركيون، لاحظت الأعمال التجارية انخفاضًا في عدد عملائها مع دخول إغلاق القاعدة حيز التنفيذ. وقال إلتارو ماشيرو، صاحب مقهى «Transit Cafe»، الذي يشكل الأفراد العسكريون ثلثي عملائه الدائمين: «شهدنا انخفاضًا ضخمًا في عدد الزبائن أمس، لا سيما الزبائن الأميركيين».
واختتمت التقرير بما قاله الطباخ كازويا كانشي الذي يعمل في مطعم لبيع السوشي: إن تدابير الإغلاق الصارمة كانت لها آثار قاسية على الأعمال التجارية، «لكننا لا نريد تفشي إصابات في الوقت ذاته». وأضاف: «إذ اتسع نطاق الإصابات في أوكيناوا بأكملها، سنواجه مشكلة ضخمة».
بتوقيت بيروت