ربما لم ينم رئيس اركان جيش العدو الاسرائيلي افيف كوخافي ليلته بالشكل الذي اعتاد عليه، لذلك قرر ان يتحدث، خلال لقائه بهيئة الاركان العامة، بصوت عال، فطلب منهم العمل لانتاج افراد وضباط نوعيين لـ"نتمكن من الدفاع عن "اسرائيل".
فخطاب كوخافي منشأه، انه كان نجا عشية تلك الليلة من حادث كاد يودي بحياته نتيجة توقف احد محركي طائرة كانت تقله، لتخلف فرق صيانتها في احراز سلامتها لاتمام مهامها على نحو ناجع وكامل..
فبعد اكثر من عام ونصف من توليه رئاسة الاركان جدد كوخافي، خطاب قادة صهاينة سابقين، إن "جهوزية قوات الاحتياط ليست جيدة وغير كافية". وركز في مقال له على ضرورة وجود جنود وضباط "نوعيين" من أجل أن يتمكن الجيش من الدفاع عن "إسرائيل".
وقالت صحيفة "معاريف"، أن أقوال كوخافي جاءت خلال اجتماع لهيئة الأركان العام لتقييم الوضع وتناول جهوزية قوات الاحتياط، وذلك إثر تعالي تحذيرات من جانب ضباط احتياط برتب عالية حول وضع قوات الاحتياط.
وقال هؤلاء الضباط إنه توجد "فجوة مقلقة" بكل ما يتعلق بتدريبات جنود الاحتياط وتوفير عتاد ملائم لهم، وأن قادة الجيش ليسوا منتبهين لهذا "الوضع المقلق"، وأن "الجيش قرر التنازل عن قوات الاحتياط التي تصغر من سنة إلى أخرى". وأشارت الصحيفة إلى أن "قوات الاحتياط التي يفترض أن تكون جزءا فاعلا في الحرب القادمة، تتدرب لمدة خمسة إلى عشرة أيام فقط سنويا".
تخفيض الموازنة والغاء تدريبات
ووفقا للصحيفة، فإن كوخافي شدد خلال الاجتماع أنه "لن يكون بالإمكان هزم العدو في الحرب القادمة من دون مناورة عسكرية (اجتياح بري) صحيحة ومن دون قوات الاحتياط التي تشكل جزءا لا يتجزأ منه". كذلك اعتبر كوخافي أن "كفاءة الوحدات والتدريبات تسبق التسلح بعتاد متطور. وذلك، فيما ينبغي أن نذكر أنه إثر الوضع الاقتصادي وأزمة كورونا، يتعين على الجيش أيضا تقليص ميزانيته".
وأضاف كوخافي أنه "إذا تعين علينا إزالة تسلح بعتاد ومنصات من أجل إجراء نموذج تدريبات جديد لقوات الاحتياط، فسننفذ ذلك على حساب تعظيم القوة". وفي أعقاب أزمة كورونا وانتشار موجة ثانية للفيروس، قرر الجيش وقف تدريبات الاحتياط الكبرى. وأعلن الجيش الإسرائيلي أمس عن إلغاء تدريب كبير لقوات الاحتياط ويحاكي انتقال القوات من حالة عادية إلى حالة طوارئ، وكان يفترض إجراؤه في أيلول/سبتمبر المقبل. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن كوخافي اتخذ القرار بهذا الخصوص من إعطاء أولوية لمهمات الجيش في العام الحالي وبسبب نقص في الميزانية.
أعطوني قوى بشرية نوعية
وأشار كوخافي في مقال آخر نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إلى أن "الواقع عموما والبعد الإستراتيجي خصوصا متحركان ويتغيران بشكل دائم، وهذه الحقيقة تستوجب بين حين وآخر إضافة دلالة جديدة وذات علاقة بالواقع إلى أسس الأمن القومي".
وعدد كوخافي أسس الأمن القومي الإسرائيلي، وهي: "الإنذار الذي ينبغي أن يتحول إلى معلومات استخبارية. فالإنذار ليس كافياً، وينبغي جمع معلومات استخبارية حول أنفاق، صواريخ وقذائف صاروخية، ومعلومات استخبارية حول مخرب يوشك على تنفيذ عملية في شوارع يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وتوفير معلومات استخبارية تشير بدقة فائقة إلى قافلة أسلحة متجهة من سورية إلى لبنان. والمطلوب من أجل تحقيق ذلك أشخاصا رائعين. والتفوق الاستخباري للجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل يستند قبل أي شيء إلى تفوق بشري".
وأضاف كوخافي أن "الردع، هو وضع الوعي في رأس أعدائنا، ولكنه نابع من قوة شديدة للجيش الإسرائيلي، جهوزيته ومن شكل ممارستنا للقوة العسكرية حتى الآن. ويتعزز الردع أيضا نتيجة العمليات العسكرية الحالية، ولكن الدقة والحرفية التي تستوجبها لا يمكن تنفيذها إلا من خلال أشخاص متفوقين".
وتابع أنه خلال السنة الأخيرة تمت بلورة ما وصفه بـ"مفهوم الممارسة نحو الانتصار"، إلى جانب الخطة العسكرية المتعددة السنوات "تنوفا"، وفي صلبها "تعديل عملي لمبدأ الحسم، بواسطة تحسين القدرات الهجومية للجيش الإسرائيلي، بحيث تفتح فجوة واسعة عن العدو وتقود إلى حسم سريع وواضح أكثر. وهذه تغييرات تستوجب أفضل ضباط وأفضل الأشخاص الذين يطورون" السلاح والعتاد العسكري.
تراجع المفهوم الى مبدأ الدفاع
وحسب كوخافي، فإنه "خلال العقد الأخير، أضيف إلى المفهوم الأمني مبدأ الدفاع. الدفاع الذي يجب أن يستند إلى آلاف المقاتلين، وإلى ضباط نوعيين لديهم قدرة قيادية، ويشكلون نموذجا شخصيا واتخاذ قرارات نوعية".
وأضاف كوخافي أن "تعديل المفهوم يجب أن يشمل مبدأ المنع. وعلينا أن نقتلع تهديدات خطيرة ’وراء التلة’، وإنشاء ظروف أفضل للحرب القادمة والعمل على إضعاف تعاظم قوة العدو. والأساس في العثور ومهاجمة السلاح في مكان ما، إحباط هجوم سايبر يكمن بنوعية الأفراد".
وأردف أنه "من خلال تحليل مجمل العناصر، يتبين أن علينا إضافة شرط ضروري لهذه المبادئ الخمسة، وهو النوعية البشرية،، أي نوعية الجنود والضباط. وهم أولئك الذين يحلون لغز المكان الدقيق لمخزن الصواريخ، وهم الذين يحلقون سرا ويهاجمون على بُعد مئات الكيلومترات عن الحدود، وهم الذين يقودون كتائب وسرايا في معركة معقدة في منطقة مأهولة وشائكة، وهم الذين يطورون القنبلة الجديدة، وهم الذين يربطون كافة وسائل السيطرة، وهم الذين يوفرون الدعم اللوجيستي والتكنولوجي. وهذا كله بفضل الأفراد، وعلى رأسهم الضباط".
واقتبس كوخافي عن مؤسس إسرائيل وواضع مفهوم الأمن القومي، دافيد بن غوريون، أن "يجب أن يكون في الجيش أفراد من أعلى نوعية، من ناحية كفاءة أفعالهم وأيضا من ناحية مزاياهم الأخلاقية، كي تكون مثالا يحتذى لمرؤوسيهم... وينبغي إنشاء ظروف كهذه كي يرغب شبان جيدون وأكفاء التوجه إلى الخدمة الدائمة في الجيش. وألا يمنعهم القلق على أنفسهم، وبضمن ذلك التعليم وكسب الرزق، من الذهاب إلى الجيش".
وخلص كوخافي إلى أن "رأس المال البشري هو الذي يحول الجيش الإسرائيلي إلى أحد أكثر الجيوش نوعية في العالم. وقد قال أرخميدس أعطوني نقطة استناد وسأرفع العالم، وأنا أقول أعطوني قوى بشرية نوعية وسنرفع التفوق العسكري بفضله".
بتوقيت بيروت