الاداء المتطرف الذي يمارسه رئيس الولايات المتحدة الاميركية دونالد ترامب حيال قضايا جوهرية يواجهها في حكمه ـ داخلية وخارجية ـ دفعت بمتابعين اعلاميين وسياسيين ونخب من خصومه السياسيين وحتى من اعضاء حزبه الى الخشية من انه قد يرفض مغادرة البيت الابيض اذا ما خسر الانتخابات..
ويشير هؤلاء الى سلسلة من هذه، اولاها قيام مناصريه عشية الاعلان عن نتائج الانتخابات باستعراضات مسلحة في عدد من الولايات، كادت تدخل اميركا ـ في صراعات داخلية، مؤهلة للاندلاع لتشعل حرباً اهلية، وليس آخرها، محاولته زج الجيش الاميركي في مواجهة التظاهرات المعترضة على اداء الشرطة وعنصريتها والتي ادت الى مقتل العديد من السود وحتى البيض وكان ابرزها جورج فلويد..
وتزداد هذه الخشية كلما اقترب موعد الانتخابات حيث المؤشرات تدل على ان بقائه في البيت الابيض لن يكون سهلاً ويزداد صعوبة في ظل ادائه السيئ مع جائحة الكورونا حيث تتربع الولايات المتحدة على رأس قائمة الدول المعتلة بهذا الوباء، واعلان أنتوني فاوتشي كبير مسؤولي الأمراض المعدية في الولايات المتحدة من أن وضع جائحة فيروس كورونا المستجد في البلاد "غير جيد في الحقيقة"، في الوقت الذي تواصل فيه عشرات الولايات الأميركية تسجيل معدلات إصابة غير مسبوقة بالفيروس بشكل يومي.
سيناريو الرفض:
وحول المخاوف المحيطة بانتقال السلطة في أعقاب انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة في نوفمبر (تشرين الثاني).كتب بيتر نيكولاس مراسل مجلة ذي أتلانتك تقريرًا اشار فيه الى مخاوف عامة من أن يرفض ترامب ـ إذا ما خسر الانتخابات ـ تسليم السلطة، في نظام يقول الخبراء إنه ليس مصممًا للتعامل مع مثل هذا الشخص، بل يعتمد على استيعاب الأشخاص الذين يحترمون قواعد الديمقراطية.
ويستهل المراسل تقريره بتخيل ما يمكن أن يحدث فيعرض السيناريو الآتي: لنقل إن جو بايدن فاز بانتخابات الرئاسة في نوفمبر. في صباح يوم 20 يناير (كانون الثاني)، سوف يدخل دونالد ترامب المكتب البيضاوي، ويترك خطابًا مكتوبًا بخط اليد إلى بايدن على مكتب ريزولوت. وفي وقت لاحق سيقف ترامب وزوجته ميلانيا في الرواق الشمالي بالبيت الأبيض في انتظار زيارة من الرئيس المنتخب وزوجته جيل. بعد أن تتهادى سيارة الليموزين المدرعة على الممر، سيتبادل الأربعة المجاملات، وربما الهدايا، قبل أن يتوجهوا إلى الداخل لتناول القهوة.
ولاشك أن صور ترامب ستكون قد خُلعت بالفعل من داخل الإطارات كبيرة الحجم، التي ستكون في هذه اللحظة معلقة على الجدران خالية من الصور. وسوف ينزع العمال الستائر ويطوون الأبسطة التي لا تتناسب مع ذوق الأسرة القادمة. وفي وقت ما قبيل الظهر سوف يغادر الأزواج البيت الأبيض في سيارات منفصلة، ويلتقون مرة أخرى في الرواق الغربي للكابيتول.
وسوف يكون ترامب في الصف الأول يشاهد، بينما يضع بايدن يده على الإنجيل ويؤدي يمين القسم لتولي المنصب. وفي البيت الأبيض سيقوم مساعدو ترامب الكبار بحزم أمتعتهم والمغادرة. وبعد الاحتفال سوف يسير الرئيس رقم 45 والرئيس رقم 46 إلى جانب بعضهما البعض إلى مروحية تنتظرهما في ساحة الكابيتول من أجل الوداع الأخير. وسوف يرفع ترامب يده بالتحية ويصعد إلى المروحية ثم تنطلق به. أو ربما لا يحدث ذلك.
العقل المؤامراتي:
كل أربع أو ثماني سنوات، عندما تصل الساعة إلى الثانية عشرة ظهرًا في العشرين من يناير تعلم الأمة ما إذا كان الرئيس القديم يقبل بشرعية الرئيس الجديد.
ينقل المراسل عن أستاذ القانون بجامعة جورجتاون، جوشوا غيلتزر، قوله: إن فترة الرئاسة الحالية تنتهي عند الظهيرة في 20 يناير. وإذا فاز بايدن فهذه هي اللحظة الدقيقة التي يجب أن تبدأ فيها فترته. إنها أخطر لحظة بالنسبة للديمقراطية: الفترة التي يجرى فيها تداول السلطة، وتختبر ما إذا كانت الدولة ستظل ملتزمة بحكم الذات.
ويعتمد استمرار هذا التقليد على تعاون ترامب، أو مرونة المؤسسات الديموقراطية في البلاد إذا ما رفض تسليم السلطة. وليس هناك تأكيد بأن ترامب سوف يقبل صحة نتائج الانتخابات. إذ وصف بالفعل التصويت بالبريد الإلكتروني بأنه مؤامرة لسرقة الانتخابات. واستفز منتقديه بإشارته الساخرة إلى أنه في ضوء الطلب الشعبي قد يظل في السلطة بعد المدة المحددة في الدستور بثماني سنوات.
وكتب ترامب تغريدة على «تويتر» يوم 16 يونيو (حزيران) 2019 نصها:
… الأنباء تفيد بأنه في نهاية السنوات الست، بعد أن تحولت أميركا إلى دولة عظيمة مرة أخرى، وأنا أغادر البيت الأبيض الجميل (هل تعتقدون أن الشعب يمكن أن يطالب بأن أظل فترة أطول؟ حافظوا على أميركا عظيمة)، كل من هاتين الصحيفتين البشعتين سوف تتوقفان عن العمل بسرعة وتختفيان إلى الأبد!
بالطبع يمكن لترامب أن يفوز. ولكن إذا اكتسح بايدن ما يكفي من الولايات الرئيسة بنسبة مقنعة، فإن أي مزاعم بأن ترامب سرق منه الفوز سيكون مضحكًا في ظاهره. وعند الظهيرة يوم 20 يناير لن يكون رئيسًا، وإذا قاطع الطقوس المحيطة بتسليم السلطة وتحصن داخل البيت الأبيض، سيكون ذلك منه بمثابة احتلال موقع بدون وجه حق.
وينقل المراسل عن العميل سابق في الخدمة السرية، جوناثان واكرو، والذي كان عضوًا في مفرزة حماية الرئيس، وعمل في اليوم الذي تولي فيه أوباما السلطة من جورج بوش الابن، قوله: «يمكنه أن يجلس في المكتب البيضاوي ويضم يديه ويقول: (أنا لن أذهب)، ولكن نقل السلطة سيحدث به أو بدونه».
وفي مقابلة مع «فوكس نيوز» قال ترامب إنه سيقبل بالهزيمة، وإنه إذا ما خسر فسوف يغادر. وأضاف: من المؤكد أنني إذا لم أفز، فسأكون قد خسرت. وأشار إلى أنه «سيمضي قدمًا، وسيمارس أشياء أخرى».
وينقل المراسل عن السناتور الجمهوري ليندسي غراهام من ساوث كارولاينا وهو شخص مقرب من ترامب، اعتقاده بأن ترامب سيتحدى قرار الناخبين، قائلًا: «أنا لا أصدق هذا الهراء المجنون. أنا لا أشعر بالقلق بشأن ذلك».
بايدن قد يستدعي الجيش لإجلائه
لكن خصم ترامب ليس واثقًا إلى هذا الحد. إذ تنبأ بايدن الذي كان يتحدث مع تريفور نواه بأن الجيش ربما يُستدعى لإجلاء ترامب إذا وصل الأمر إلى هذا الحد، وأن الجيش سوف يمتثل لذلك عن طيب خاطر. وقال بايدن «أنا مقتنع تمامًا أنهم سوف يرافقونه ليخرجوه من البيت الأبيض بسرعة كبيرة».
ومما يجعل اللحظة أكثر إثارة للرعب هو ظهور نتيجة انتخابات تتقارب فيها نتيجة الخصمين وتكون موضع خلاف؛ وهو سيناريو أكثر وجاهة من هزيمة ترامب. وفي ميتشيغن يمكن أن تتوقف النتيجة على التصويت باستخدام البريد الإلكتروني، وطي الطريقة التي سعى ترامب إلى التشكيك فيها. إذ ألمح بالفعل إلى اعتراضه على فرز الأصوات بعد الانتخابات التي لا تكون في صالح الجمهوريين.
بتوقيت بيروت