لأن بنيامين نتنياهو فشل في اخفاء فساده، عن الرأي العام وبات ظاهرا تملأ تفاصيله وسائل الاعلام التقليدي والجديد، ولم يعد بالامكان اخفاءه، تتعالى الاصوات داخل الكيان الصهيوني للحديث عن فساده، محاولين النأي بالكيان عن الفساد، وهي مهمة صعبة عند هؤلاء، اذ ان اخبار الكيان منذ انشائه تعج بالحكام الفاسدين، حتى ان بعض الكتبة الصهاينة عبر في احد مقالاته انه يكاد يكون كل رؤساء الحكومات السابقين الذين تعاقبوا على حكم الكيان فاسدين وآخرهم ايهود اولمرت الذي لا يزال يقضي فترة محكوميته في السجن الى الان.

لكن فظاعة ما قام به نتنياهو دفعت باحد الكتبة الصهاينة الى رفع توصيف رتبته من الفاسد الى المفسد، ويشير الى ان مركبات الكيان الصهيوني المجتمعية بدءا من عامة الناس الى النخب الحاكمة وغير الحاكمة تقبل ان تعتاش مع هذا النمط من الحكام، في توصيف يشير الى المباني الاخلاقية السيئة لهذا الكيان..

لا يريدون نتنياهو ولكن..

ويقول يورام يوفال، وهو علم اجتماع في مقال في صحيفة يديعوت احرونوت ان "نصف الإسرائيليين أرادوا رؤيته (نتنياهو) خارج المشهد السياسي، وهذه حقيقة لن تتغير، رغم أننا نعيش كارثة حقيقية تتمثل بسيطرته على المؤسسات الحكومية، وهي حقيقة مؤلمة ومزعجة ومحبطة، رغم أن الاكتئاب واليأس ليسا خطة عمل، بل المطلوب بذل الجهود لإخراجه من منزل رئيس الوزراء".

يوفال، اعتبر أن "نتنياهو يحاصر نفسه خلف شاشة سوداء، ورغم تكرار الانتخابات، فإن نصف الإسرائيليين يعتقدون أنه يجب استبدال رئيس وزراء أفسد حياته، وفقد كوابحه، وأصبح ذا جنح جنائية يخدم نفسه فقط، وبطل العالم بالتسويق والدعاية والاستخدام الموجه عبر القنوات الإعلامية، وأثبت نفسه وإتقانه على مر السنين، وتمسكه بالسلطة".

وأوضح يوفال، الذي انخرط في الجيش الإسرائيلي، وخاض حرب لبنان الأولى 1982، وتولى مسؤوليات عسكرية فيها، أن "نتنياهو يقف على ثلاث أرجل: أولاها تخويف الجمهور، وخلق انطباع بأنه الوحيد القادر على إنقاذهم، وتحذيراته بأنه إن لم يكن هو من يحميهم، فستكون حياتهم سيئة جدا، وثانيها زيادة الكراهية، واستغلال التنافس بين التجمعات السكانية، وثالثها تدمير منهجي لجهاز مناعة الكيان الذي يتمثل بالحفاظ على "الديمقراطية" عبر شل الكنيست، وتخويف رجال القانون، والاستيلاء العدواني على نظام العدالة برعاية كورونا".

وأكد أن "نتنياهو قام بانقلاب حكومي في "إسرائيل" تحت أنوف الإسرائيليين، صحيح أنه لم يخترع فيروس كورونا، لكنه استفاد منه، واستمر في استخدامه بكفاءة وذكاء لتشديد قبضته على مراكز السلطة، والهروب من المحاكمة عن الجرائم التي اتهم بها، ومن خلال تذرعه بأزمة كورونا، سيؤجل محاكمته مرة أخرى، بعد تأجيلها بالفعل إلى 24 مايو، هنا يتضح القول أن نتنياهو ليس فاسدا فقط، بل مفسدا".

القانون غير حاكم

وأشار إلى أنه "إذا كان اليوم الحاكم الأعلى في إسرائيل هو القانون، فمن الآن فصاعدا الحاكم الأعلى في إسرائيل هو الحاكم "نتنياهو"، وإذا كنا اليوم فخورين بكون "إسرائيل" هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، فمن الآن فصاعدا ستكون أقل ديمقراطية، وكما هو الحال في جميع البلدان التي تحيط بنا في إسرائيل، فمن يحكمها اليوم ليس نموذجيا، بل زعيما يقدم مصالحه الشخصية، ويضع نفسه فوق القانون والحقيقة".

نتنياهو يكذب

وأضاف أن "الجميع يعلمون جيدا أن نتنياهو يكذب، ويخدع حتى أنصاره الأكثر ولاء، لكنهم فخورون بذلك، ونصف الإسرائيليين يؤمنون بهذا الهراء، ويثقون في بطل العالم في الخداع، الذي نجح بخداع السياسيين المتمرسين مثل شمعون بيريس، إيهود باراك، موشيه كحلون، نفتالي بينيت، أفيغدور ليبرمان، رؤوفين ريفلين، والآن بيني غانتس وغابي أشكنازي".

قضاة غير شجعان

وأوضح أنه "في الوقت الحالي، يبدو أن نتنياهو قد فاز بهذه الجولة، لكن الجولة المقبلة ستأتي، ربما قريبا، متى؟ من الصعب معرفة ذلك، ربما عندما يتحلى قضاة المحكمة العليا بالشجاعة، ويصدرون أحكامهم بناء على الحقيقة والقانون والعدالة، وليس الخوف، أو عندما يقرر أحد شركاء نتنياهو الآن الكشف عما يعرفه، حينها سيكون أكثر من اللازم".

وختم بالقول إن "نصف الإسرائيليين يشعرون بالاشمئزاز من المتهم نتنياهو، ولا يعتقدون بصدق أي كلمة تخرج من فمه، وسيكون نصفهم سعداء بظهوره يخرج في أول فرصة، ولن تتغير هذه الحقيقة، صحيح أن الطريق ما زالت طويلة، لكن هزيمة الكذب باتت قريبة".