يبدو أن الأميركيين السود يموتون بمعدلات أعلى، بشكل غير متناسب، جراء فيروس "كورونا" مقارنة بالأعراق الأخرى، وفقًا للبيانات الصادرة عن المستشفيات في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
بالرغم من أن مناطق قليلة في الولايات المتحدة أبلغت عن وفيات جراء الفيروس التاجي مُقسمة بحسب العرق، إلا أن البيانات المتوافرة حتى الآن تُظهر أن الأميركيين الأفارقة يشكلون نسبة كبيرة من الوفيات الناجمة عن “كورونا” في مجتمعاتهم.
بحسب البيانات التي جمعتها صحيفة “واشنطن بوست” من تسع مناطق تم التبليغ فيها عن وفيات مقسمة بحسب العرق – ست ولايات، مقاطعة واحدة، ومدينة واحدة، ومنطقة كولومبيا – يشكل الأميركيون من أصول أفريقية نسبة عالية من الوفيات الناجمة عن فيروس “كورونا” مقارنةً بمثيلهم الإجمالي من سكان هذه المناطق.
وتعد لويزيانا واحدة من أكثر الولايات الأميركية التي تشهد تبايناً في هذا السياق، حيث يمثل الأميركيون الأفارقة 32 في المئة من سكان الولاية، في حين أنهم يشكلون نسبة 70 في المئة من الوفيات الناجمة عن فيروس “كورونا”.
وفي ميتشيغن، يمثل الأميركيون الأفارقة 14 في المئة من السكان، ولكنهم يشكلون نسبة 41 في المئة من الوفيات جراء الفيروس التاجي.
وبالمثل في شيكاغو، يشكل الأميركيون من أصل أفريقي 32 في المئة من السكان ولكنهم يمثلون 67 في المائة من الوفيات بسبب “كورونا”.
نيويورك ليست بعيدة عن هذا النمط، فقد أفاد رئيس بلدية المدينة، بيل دي بلاسيو بأنّ احتمال وفاة السود والهسبانيك (المنحدرين من أصول أميركية لاتينية) في المدينة ضعف احتمال الإصابة بالفيروس التاجي قياساً إلى البيض، وذلك فقًا للبيانات المتوافرة.
بحسب ما قال بلاسيو، فإنّ “ثمة تفاوتات واضحة في كيفية تأثير هذا المرض على سكان مدينتنا”، موضحاً “الحقيقة هي أنه في نواح كثيرة، فإنّ الآثار السلبية للفيروس التاجي، والألم الذي تسببه ، وكذل الوفيات التي تسببها تتماهى مع الفوارق العميقة الأخرى في الرعاية الصحية التي شهدناها منذ سنوات وعقود”.
تشير البيانات التي قدمتها السلطات في نيويورك إلى أن سكانها المنحدرين من أصول لاتينية يستحوذون على نسبة 34 في المئة من وفيات “كورونا”، بالرغم من أنهم يمثلون 29 في المئة فقط من سكان المدينة. وبالمثل ، يشكل الأميركيون من أصل أفريقي 28 بالمئة من الوفيات على الرغم من أنهم يشكلون 22 في المئة من سكان المدينة. وبالمقارنة ، يشكل الأشخاص البيض ومن أصول آسيوية 27 و 7 في المائة على التوالي من الوفيات، مع العلم بأنّ الفئة الأولى تشكل نسبة 32 في المئة من السكان، في مقابل 14 في المئة للآسيويين.
يرجح دي بلاسيو أن يكون المصابون من أصل لاتيني قد أحجموا عن طلب الرعاية الطبية بسبب مخاوف من تعريض أنفسهم لرد فعل عنيف من مسؤولي الهجرة، وهو ما وافقته الرأي فيه مفوضة الصحة في نيويورك أوكسيريس باربوت، التي أعربت عن اعتقادها بأن “الخطاب المناهض للمهاجرين في هذا البلد له آثار حقيقية على صحة مجتمعنا”.
ويشير عمدة نيوروك إلى أن التفاوت في الوفيات يعكس التفاوتات الهيكلية والتاريخية الموجودة في المدينة، موضحاً أن “التفاوتات التي ابتليت بها هذه المدينة، وهذه الأمة عموماً، والتي تدور حول عدم المساواة في الحقوق الأساسية، تسبب مرة أخرى مثل هذا الألم المتمثل في فقدان الأبرياء لحياتهم”.
يرى دي بلاسيو أنّ على نيويورك مضاعفة الجهود المبذولة لمساعدة المجتمعات الضعيفة من خلال توفير المزيد من الموارد للمستشفيات العامة في المدينة وإطلاق حملات توعية.
وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز” فإن العديد من الأحياء التي تعاني من أكبر عدد من القتلى كانت تلك التي لديها أقل متوسط دخل.
وفي هذا السياق، قال دي بلاسيو “يجب أن نضمن أن يتواجد في المستشفى كل الأفراد الذين يحتاجون إليه، وكافة أجهزة التنفس الاصطناعي التي يحتاجونها، وكذلك معدات الوقاية الشخصية، وكل شيء”، موضحاً أن الأمر “يتعلق بالمفهوم الأساسي لضمان حصول الجميع على الرعاية الصحية بغض النظر عن خلفيتهم ، وبغض النظر عن الرمز البريدي الخاص بهم، وبغض النظر عن دخلهم.”
المستشفى الذي أشار إليه دي بلاسيو هو مستشفى إلمهورست في كوينز، وهو أقرب مرفق صحي للعديد من السكان المقيمين في الأحياء المجاورة، والذين وصفت أحوالهم بأنها أشبه بـ”يوم القيامة”.
حاكم نيويورك، أندرو كومو، اقرّ أيضاً بالتفاوت ، مشيراً إلى أن العمال السود أو من أصول لاتينية هم الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس لأنهم يعملون في وظائف أساسية، موضحاً “هل لدى الموظفين العموميين من أصول لاتينية أو افريقية أيّ خيار آخر غير الذهاب إلى عملهم كل يوم، وقيادة حافلة أو قطار؟ إنهم يعرّضون انفسهم في هذه الحالة للفيروس، في حين أن الكثير من الأشخاص الآخرين يملكون الخيار بأن يعزلوا أنفسهم”.
بتوقيت بيروت