الصورة التي عليها الولايات المتحدة الاميركية، بلغت حالا لا يحسدها عليها احد من الدول العادية، فماذا لو كانت هذه الدول في الموقع التي تتربع عليه هذه الدولة حيث تعتبر نفسها قائدة لهذا العالم. وانما هي على هذه الحال لأن طاقم الادارة الحاكمة لا يتمتع بالكفايات المؤهلة للدور الذي هي عليه، فرئيسها يتأرجح ويرتبك ويتناقض في المواقف الى حد الكذب في مواقفه من مواجهة جائحة الكورونا، وهو بذلك يربك الطاقم المعاون له، وهو في لحظات انعدام الوزن يخضع لآرائه المتطرفة.
وفي هذا الاطار ينكشف موقع وزير الخارجية، ودوره وقد كان هذا الرجل محل تركيز مقال في صحيفة الواشنطن بوست، وفي جردة تقييم لاسبوع نشاط لشخص في هذا الموقف ظهر ان الرجل يحتل مكان اسوأ وزير خارجية على الاطلاق..
حرب كلمات مع مرشد الثورة
ويبدأ المقال، بالقول: "دعونا نتذكر كيف كان وزير الخارجية تاريخيا يتصرف في وقت الأزمة الدولية الخطيرة: يتجول في العالم، أو على الأقل يتصل بقادته هاتفيا، ويشكل ردا فعليا متعدد الجوانب، ويجعل الدول تصطف معه، بدءا من حلفاء الولايات المتحدة".
ويشير الكاتب إلى أنه "بالمقارنة، لو نظرنا إلى مايك بومبيو وكيف قضى الأسبوع الماضي، حيث ازدادت حالات فيروس كورونا في الولايات المتحدة وعدد آخر من الدول، فبدأه يوم الاثنين بحرب كلمات مع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، آية الله علي خامنئي، واتهمه بالكذب حول حجم انتشار حالات الإصابة بفيروس كورونا".
فشل في افغانستان
ويلفت ديهيل إلى أنه "بعد ذلك سافر إلى أفغانستان، بعد محاولة فاشلة في إقناع الرئيس الأفغاني أشرف غني ومنافسه عبد الله عبد الله بوضع خلافاتهما جانبا وتسهيل عملية الانسحاب الأمريكي، ولجأ إلى أسلوب الإدارة المفضل: قطع المساعدات".
اجتماع الـ7 بلا بيان ختامي
ويقول الكاتب إنه "في يوم الأربعاء سنحت الفرصة لبومبيو للقيادة، فترأس اجتماعا لنظرائه في مجموعة السبع الكبار عبر الهاتف، ولو كان هناك جيمس بيكر أو جورج شولتز أو مادلين أولبرايت لخرجوا ببيان واضح حول كيفية مساعدة الدول الفقيرة واللاجئين الذين يعيشون في ظروف قاسية جدا، إلا أن بومبيو عارض إصدار بيان ختامي بعدما رفض الوزراء الآخرون المضي معه ووصف الفيروس بأنه (فيروس ووهان)، وكانت الرسالة واضحة، وهي أن تصفية حسابات كلامية مع بكين أهم لهذه الإدارة من بناء إجماع مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها".
والـ20 رفض بن سلمان
ويذكر ديهيل أنه "في يوم الخميس جاء اجتماع مجموعة العشرين عبر الفيديو برئاسة السعودية، واتصل بومبيو مقدما مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وطلب منه أن يكون على قدر المسؤولية ويطمئن أسواق الطاقة العالمية والأسواق المالية، وكان مفاد الرسالة لولي العهد: توقف عن حرب الأسعار مع روسيا، وهي الحرب التي أدت إلى انهيار أسعار النفط وهبوط الأسواق المالية الأمريكية".
ويقول الكاتب: "لم يحدث شيء، فقد تعود ولي العهد على الرفض، وتمتع بتدليل إدارة ترامب له، بما في ذلك مسامحته على دوره في قتل الصحافي جمال خاشقجي، ولم ينتج اجتماع مجموعة العشرين عن شيئ جوهري".
الاداء السيئ
ويتساءل ديهيل قائلا: "هل كان هناك وزير خارجية بأداء سيئ في حالة الطوارئ؟ من الصعب التفكير في أداء ضعيف كالذي قدمه بومبيو ومنذ الحرب العالمية الثانية، وجاء الأسبوع البشع لبومبيو بعد شهر لم يكن فيه ظاهرا طوال أزمة فيروس كورونا، باستثناء ظهور وحيد له مع ترامب في مؤتمره الصحافي أو قل عرض تلفزيون الواقع".
وينوه الكاتب إلى أنه "في الوقت الذي كان سيبحث فيه القادة المسؤولون عن طرق لوقف الوباء فإن بومبيو اهتم بالقضايا التي تهمه وكأن شيئا لم يحدث، وينطبق هذا بشكل خاص في حملة الضغط الأقصى ضد إيران.
منع الادوية عن 80 مليوني ايراني
ويقول ديهيل: "حتى الدول الحليفة، مثل بريطانيا، فإنها طالبت إدارة ترامب بتخفيف العقوبات المفروضة على إيران، التي تمنع من نقل الأدوية والمواد الإغاثية إلى 80 مليون إيراني، ما يعني وقوع وفيات بالجملة للأبرياء، بشكل يشوه صورة أمريكا وزعمها بالمساعدة الإنسانية".
..والشيوعي الصيني "تهديد"
ويرى الكاتب أن "حملة بومبيو ضد الصين لا معنى لها، فكرس جهوده لتحميل الصين مسؤولية انتشار الفيروس، في محاولة منه لمواجهة الدور الصيني الداعم للدول التي تقاوم الفيروس، وهو ما عجزت إدارة ترامب عن القيام بمثله، وأعلن بومبيو بعد اجتماع وزراء خارجية الدول السبع أن (الحزب الشيوعي الصيني يمثل تهديدا جوهريا على صحتنا وطريقة حياتنا، كما كشف عن ذلك بوضوح فيروس ووهان)، وشجب الصين ومحاولتها لدعم الآخرين".
اميركا لن تكون من يقود
ويعلق ديهيل قائلا إن "هذا الكلام الحماسي لن يعني شيئا للإيطاليين والأوروبيين الذين رحبوا بالمساعدات الصينية، فيما لم يحصلوا على أي شيء من واشنطن، وقال مدير المعهد الإيطالي للشؤون الدولية: (سيتغير وللأبد مفهوم من سيقود هذا العالم، ولن تكون الولايات المتحدة)".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "لو كان هذا الكلام صحيحا فإن بومبيو لم يكن مخطئا فقط؛ لأن كل ما قاله الأسبوع الماضي كان يهدف لإرضاء سيده ترامب، وشعاره (أمريكا أولا)، وهذا كله لن يغير الطريقة التي سينظر فيها التاريخ لوزير الخارجية الحالي: فأداء بومبيو في وقت الوباء سيضمن موقعه بين الأسوأ على الإطلاق".
بتوقيت بيروت