يوما بعد يوم تكشف العقلية المتحكمة بالادارة الاميركية عن جنونها وارهابها بحق من يخالفها، حتى الرأي، وتواصل استخدام كل المحرمات الانسانية والدولية لاخضاع الشعوب والدول، ولا يخفي رئيسها الحالي دونالد ترامب اهدافه من ذلك.. الاخضاع.. والمال.. والنفط.. والجديد في ذلك هو استعادة تشريع لاستخدام اسلحة قديمة كانت ادارات سابقة اخرجتها من الخدمة.. وهي الالغام ضد الافراد والقنابل العنقودية، رغم ان فترة استخدامها كشفت عن سقوط اميركيين بها لا يزالون يعيشون المعاناة تحت وطأة اصاباتهم بها..
فقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقالًا للكاتبين جون إيسماي وتوماس جيبونز نيف حول موافقة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على إعادة استخدام أسلحة الحرب الباردة مرة أخرى، مثل: الألغام المضادة للأفراد والذخائر العنقودية، ولكنها تفتقر على ما يبدو إلى إستراتيجية محكمة للتعامل مع مثل هذه الأسلحة.
وقال الكاتبان في مقالهما: إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تولت السلطة وتعهدت بإنهاء «الحروب اللانهائية»، تبنت إعادة استخدام الأسلحة التي تحظرها أكثر من 160 دولة، وتجهزها الآن لاستخدامها في المستقبل.
وأصبحت القنابل العنقودية، والألغام الأرضية المضادة للأفراد، والمتفجرات القاتلة المعروفة بتشويه وقتل المدنيين حتى بعد فترة طويلة من انتهاء القتال، جزءًا لا يتجزأ من خطط البنتاغون المستقبلية للحرب، رغم عدم توضيح الأسس المنطقية الكافية للجمهور عن أماكن وأسباب استخدام تلك الأسلحة المحظورة.
البنتاغون يقر سياسات "قديمة"
ويضيف الكاتبان أن هذه السياسات الجديدة التي أقرها وزير الدفاع مارك ت. إسبر تعود للعام 2017 عندما كان جيم ماتيس قائد البنتاغون آنذاك، يصوغ إستراتيجية عسكرية حددت روسيا والصين كقوتين عظميين منافستين للولايات المتحدة. فكلتاهما يمتلك قوات برية كبيرة، ومن الناحية التاريخية استخدمتا الألغام لحرمان قوات الخصم من التقدم في ساحة المعركة.
وقال كبير المتحدثين باسم البنتاغون، جوناثان هوفمان، في مؤتمر صحافي عُقد مؤخرًا: إن تغيير السياسة «كان نتيجة لنقاشات واسعة النطاق» مع مختلف الإدارات في السلطة التنفيذية. وأضاف أنه يهدف إلى «تزويد القادة الميدانيين بذخائر غير ثابتة، لكنها ضرورية لنجاح المهمة في حالات الطوارئ الكبرى في الظروف القاسية أو الاستثنائية». ورفض هوفمان الكشف عمن طلب التغيير في السياسة.
وقال مسؤولون سابقون في وزارة الدفاع: إن الجدل الدائر حول إعادة إدخال الألغام الأرضية، وغيرها من أسلحة منع وصول العدو لمنطقة ما، بلغ ذروته في عام 2017 بعدما قامت الإدارة الأميركية بتحليل الغزو والضم الروسي السريع لشبه جزيرة القرم".
الألغام الأرضية
وذكرت الصحيفة أنه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ألغى السيد ماتيس المذكرة الصادرة في عام 2008، والتي علقت استخدام جميع الأسلحة العنقودية تقريبًا، ووجهت بتدمير المخزون الحالي. وكانت تلك الأسلحة، المصممة للاستخدام في حال نشوب حرب عالمية ثالثة مع الاتحاد السوفياتي، عرضة للفشل، بل اكتسبت سمعة سيئة لأنها تقتل المدنيين والقوات الأميركية وتصيبهم.
ورأت الصحيفة أن البنتاغون لم يكن قادرًا على توضيح مدى الحاجة إلى استخدام هذه الأنواع من الأسلحة، لكن خطوط الإنتاج الصناعية التي ظننا ذات يوم أنها انقرضت في شركات الاسلحة بدأت تعود للعمل. ويعزى ذلك جزئيًا إلى جهود الضغط التي بذلها كبار الضباط العسكريين المتقاعدين مثل روبرت هـ. سكالز، وهو جنرال متقاعد بالجيش عمل مستشارًا للسيد ماتيس في إصلاح قوات المشاة.
لكن حجته استندت في جزء منها على فهم خاطئ لفعالية الذخائر العنقودية في النزاعات الماضية، وخاصة حرب الخليج عام 1991؛ إذ أظهر التحليل الذي أُجري بعد ذلك وجود معدلات فشل عالية لهذه الأسلحة، ولم تظهر أدلة تُذكر عن ردعها للقوات العراقية على النحو الذي كان مُنتظرًا منها في البداية.
وأوضح كاتبا المقال أنه اعتبارًا من أكتوبر (تشرين الأول) 2019، دفع الجيش 11.5 مليون دولار لشركة نورثروب جرومان و23.3 مليون دولار لشركة تكسترون لتطوير ألغام جديدة مضادة للمركبات، وفقًا لما ذكره مسؤولون في مركر بيكتاني أرسنال (Picatinny Arsenal)، وهو مركز لأبحاث وتطوير أسلحة الجيش في نيوجيرسي. وقُدرت القيمة الإجمالية للعقدين في ذلك الوقت بحوالي 60 مليون دولار.
وأضافت الصحيفة أن جهود البنتاغون للتطلع إلى المستقبل وضعت الجيش على مسار يعود تاريخه إلى الحرب الباردة عندما اعتمد النصر على القدرة على وضع متفجرات عبر مساحات واسعة من الأرض للحد من قدرة العدو على التحرك عبر ساحة المعركة، لكن عددًا من الدول رفضت استخدام بعض هذه الأسلحة، ومن بينها الألغام الأرضية والقنابل العنقودية.
مخالفة لاتفاقية حظر الألغام
في عام 1997 وقعت أكثر من 120 دولة على اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام الأرضية المضادة للأفراد التي تنفجر بشكل عشوائي. والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة لم تكن من بين الدول الموقعة، إذ أشارت إلى الحاجة إلى استخدام هذه الألغام على طول الحدود بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، ومن ثم فهي ليست من بين الـ164 دولة التي أصبحت الآن طرفًا في المعاهدة.
وتساءلت خبيرة مراقبة الأسلحة في مركز ستيمسون راشيل ستول، وهي منظمة أبحاث سياسية غير حزبية: «كيف يمكن تبرير هذه السياسات مع العلم أن كثيرًا من الناس قرروا أن هذه الأسلحة ليس لها مكان في الحروب، ثم ماذا تفعل هذه الأسلحة بالناس في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أفراد القوات المسلحة الأميركية؟»، وعلقت راشيل قائلة: «إنه أمر محير للعقل».
ويلفت كاتبًا المقال إلى أن إلغاء إدارة ترامب للسياسات السابقة التي حدت من تطوير واستخدام هذه الأسلحة قوبل باستنكارٍ فعلي من بعض أقرب حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا؛ مما زاد من تأجيج العلاقات المتوترة.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيانه: إن استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد «في أي مكان، وفي أي وقت، ومن قبل أي طرف لا يزال أمرًا غير مقبول على الإطلاق".
وجاء ذلك ردًا على إعلان البيت الأبيض بأنه سيتراجع عن السياسات التي تقيد استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد. فبموجب أحد التدابير التي اتخذتها إدارة أوباما عام 2014، كان استخدام الأسلحة – وهي عبوات ناسفة صغيرة تدفن عادةً تحت الأرض لتنفجر بمجرد وطئها – مقصورًا على شبه الجزيرة الكورية.
وخلصت الصحيفة إلى أن هذه التحركات لم تكن سوى أحدث التحديات التي واجهتها التحالفات الأميركية التقليدية. فالرئيس ترامب أدار ظهره للحلفاء الأكراد في العراق وسوريا، وهدد بسحب القوات من كوريا الجنوبية، وألمح إلى أنه سوف ينسحب من اتفاقية الدفاع المتبادل مع اليابان، بل ناقش الانسحاب من منظمة حلف شمال الأطلسي.
ضوء أخضر للمتهورين
ويشير الكاتبان إلى أن الأجيال الجديدة من الألغام الأميركية من المفترض أن تدمر نفسها بعد فترة محددة مسبقًا، لكنها فشلت في القيام بذلك عندما أخُتبرت في ظروف قتالية. ومن ثم لم يوضح مسؤولو البنتاغون كيف ستختلف الألغام الأرضية المضادة للأفراد الجديدة التي يرغبون في استخدامها من الناحية التكنولوجية عن تلك الألغام قديمة الطراز.
وتنبه السيدة راشيل ستول لهذا قائلة: «الأمر المقلق حقًا هو: أن هذا الوضع بطريقة ما يعطي ضوءًا أخضر للآخرين الذين سيكونون أقل تحملًا للمسؤولية، لاستخدام هذه الأسلحة".
وتذكر الصحيفة أنه في الحقبة السابقة لاستخدام الأسلحة الموجهة بدقة، كانت الذخائر العنقودية غير الموجهة – تُفتح على هدف ما وتوزع عددًا من «الذخائر الصغيرة» المتناهية الصغر على مساحة واسعة – كوسيلة لتعويض القنابل غير الدقيقة أو نيران المدفعية.
ولكن الآن بعد أن أصبحت الأسلحة الموجهة بالليزر والموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي هي الأمر الطبيعي أو المعتاد في الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة وحلف «الناتو»، لم يعد المسؤولون العسكريون وجماعات حقوق الإنسان يرون أن أسلحة «هجوم المنطقة» مثل القنابل العنقودية ضرورية. والحقيقة أن البنتاغون لم يكشف بالضبط عن الأسباب التي تجعله يعتقد بأن الأسلحة العنقودية لا تزال مطلوبة، باستثناء الإشارة إلى استخدامها المحتمل في أية حرب مع كوريا الشمالية.
أعباء التخلص من الألغام وآثارها
وتذكر الصحيفة أن آخر مرة استخدمت فيها القوات الأميركية الألغام الأرضية والذخائر العنقودية بكميات كبيرة كان خلال حرب الخليج عام 1991، وما زالت جهود التنظيف في الكويت والعراق لاكتشاف وتدمير الذخائر غير المنفجرة من النوعين مستمرة حتى اليوم.
ومنذ عام 1993 أنفقت الولايات المتحدة 3.4 مليار دولار لإزالة الألغام والقضاء على الذخائر غير المنفجرة في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، حيث لا يزال المدنيون يُقتلون من جراء بقايا الحرب الفيتنامية. ولا يشمل هذا الرقم الإنفاق على تنظيف الأسلحة غير المنفجرة – ومنها القنابل العنقودية – في أماكن المعارك العسكرية المهجورة، بما في ذلك تلك الموجودة في جزيرة كاهولاوي في هاواي، وفي بييكيس في بورتوريكو.
ولذلك تعتبر أقسام القصف والمدفعية العسكرية التي استخدمت فيها الأسلحة العنقودية خطرة لدرجة أنه لا يمكن دخول سوى الموظفين المكلفين بالتخلص من القنابل. وقد وضعت علامة على هذه الأماكن لتشير إلى أنها ملوثة بشكل دائم، كما أنها محظورة تمامًا.
لا اعتراف بالعواقب الإنسانية
أثارت تحركات الجيش الأميركي الأخيرة لجعل الألغام البرية والأسلحة العنقودية سهلة الاستخدام انتقادات واسعة النطاق، بحسب الصحيفة.
وفي هذا الصدد قال خوان كارلوس روان، الذي يشغل منصب مدير اتفاقية أوتاوا، والتي يشار إليها عادةً باسم «اتفاقية حظر الألغام»: «لقد أدركت الاتفاقية منذ فترة طويلة أن العواقب الإنسانية المترتبة على استخدام الألغام المضادة للأفراد تفوق إلى حد كبير أي فائدة عسكرية مُتصورة، أو محدودة لتلك الألغام». ويضيف روان: «لا يوجد شيء يمكن وصفه بالاستخدام المسؤول للألغام المضادة للأفراد».
وتضيف الصحيفة أن بعض القيود على الأسلحة التقليدية ما زالت قائمة، بما في ذلك المواد المحرقة، مثل الفوسفور الأبيض والنابالم. فاستخدام هذه المواد مُقيد في المناطق التي يتواجد فيها مدنيون، ولكن يُسمح باستخدامها ضد أفراد العدو.
فالطائرات الحربية الأميركية أسقطت قنابل النابالم زنة 750 رطل بأعداد محدودة في حرب الخليج عام 1991، وكذلك في أفغانستان، وخلال غزو العراق عام 2003. وأطلقت وحدات المدفعية الأميركية مؤخرًا قذائف مملوءة بالفوسفور الأبيض في سوريا والعراق. أما الاتفاق الذي يحدد كيفية استخدام هذه الأسلحة في الحرب فمدرج في اتفاقية الذخائر التقليدية المعينة.
اتفاقية جنيف لعام 1864
كان أول جهد دولي كبير بُذل لتنظيم سلوك الحرب هو اتفاقية جنيف لعام 1864. وأسفرت اجتماعات أخرى عقدت في جنيف عن اتفاقات دولية بشأن أمور أخرى مثل حماية المُسعفين والممرضات والطبيبات في القتال، والمعاملة الإنسانية لأسرى الحرب، وفرض حظر على استهداف المدنيين المتعمد.
ووقع الرئيس ريتشارد نيكسون معاهدة تحظر الأسلحة البيولوجية والسامة قبل أشهر من الكشف عما يسمى بفضيحة ووترجيت. وفي عام 1993 وقع الرئيس بيل كلينتون معاهدة تحظر استخدام أو تخزين الأسلحة الكيميائية. وفي الأسبوع الماضي في البنتاغون قال فيك ميركادو، أميرال البحرية المتقاعد الذي يعمل الآن كمسؤول مدني في البنتاغون عن الخطط، إن فكرة استئناف العمل في مجال الأسلحة الكيميائية والبيولوجية «لم تُطرح على مكتبي كمسألة للدراسة».
من ناحية أخرى تعرب بعض الجماعات غير الربحية، التي شاركت في وضع وإنفاذ معاهدات مختلفة لتحديد الأسلحة، عن قلقها من أن إدارة ترامب تمزق الأطر القانونية التي استغرقت عقودًا من الزمن للتوصل إليها، والتي نجحت في الحد من حدوث الأضرار المدنية أثناء النزاعات المسلحة.
وقالت ماري ويرهام، من منظمة مراقبة حقوق الإنسان «هيومن رايتس ووتش»: «منذ أن تولى السيد ترامب منصبه في أوائل عام 2017 أصبح مسؤولو وزارة الخارجية أقل نشاطًا في الاجتماعات السنوية التي تحدد التقدم المحرز في مختلف معاهدات الحد من الأسلحة».
وأضافت ماري ويرهام: «في الاجتماع السنوي الأخير الخاص باتفاقية أسلحة تقليدية معينة الذي عُقد في شهر نوفمبر لم تتحدث الولايات المتحدة خلال المناقشة العامة للاجتماع.» وأضافت السيدة ويرهام: «أصبح وفد الولايات المتحدة إلى اجتماعات الاتفاقية يلتزم الهدوء أكثر فأكثر، وأصبح إسهامه في المناقشات متعددة الأطراف محدودًا للغاية، ولا يُذكر».
بتوقيت بيروت