بينت الاحصاءات واستطلاعات الرأي ان إدارة الأعمال عمل صعب بما فيه الكفاية وتحتاج الى اجراء بعض التعديلات لتناسب والتطورات السريعة التي تمر بها بيئتك القريبة والبعيدة. وهي ـ الاحصاءات ـ تدلل على هذا الامر، فوفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة "إدارة الأعمال الصغيرة" تفشل نصف الشركات في السنوات الخمس من تأسيسها، وتتعرض الشركات الحديثة لمخاطر تدفق المال وقوى السوق، وسواء بدأت العمل لتوك أم منذ فترة فان عليك الانتباه الى العديد من التحديات تواجهك.
لكن ماذا لو كنت تضع المزيد من التحديات التي لست بحاجة إليها على عاتقك؟ واذا ما تعاملت مع هذه التحديات على هذا الاساس فان هذه التحديات ستتحول الى مخاطر ومن الممكن أن تفسد عملك دون أن تدرك ذلك، وهذا الأمر يبدأ من المكان الذي بدأت فيه فكرة عملك وهو: عقلك، لذا عليك ان تكون حذرًا من تلك المخاطر وابرزها ثلاثة:
اولا: مقاومة التغيير
يتغير العالم بسرعة كبيرة أكثر مما نعتقد، قد تبدو تلك الجملة مبتذلة، لكنها حقيقية أكثر مما نتخيل، فكر فقط في سرعة وتيرة التكنولوجيا في آخر 20 عامًا، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة سنينغولاريتي فإن هذه الوتيرة تتسارع عامًا بعد عام، فعام 2019 أسرع من عام 2018.
على سبيل المثال احتاجت الخطوط الأرضية 75 عامًا لتصل إلى 50 مليون مشترك، بينما احتاجت الهواتف المحمولة إلى 12 عامًا فقط، أما التطبيقات فهي تنتشر بصورة لا تُصدق، فتطبيق "بوكيمون جو" وصل إلى 50 مليون مستخدم بعد 19 يومًا فقط من انطلاقه، أما التوجهات والشعارات (الميمز) فقد ظهرت وانتشرت خلال ساعات، والعمل التجاري لا يختلف عن ذلك كثيرًا.
في عالم اليوم فائق السرعة، لا تملك المؤسسات حرية العمل بتلك الوتيرة البطيئة المحافظة، فعندما يتحرك كل شيء من حولك بسرعة الضوء، فإن فريق القيادة الذي يتجنب المخاطر ويتخد ردود فعل بطيئة سيتراجع حتى يسقط تمامًا في النهاية.
في بعض الأحيان نحتاج لأن نتقبل التغيير لنمضي في طريقنا، فحتى أكثر الشركات المحافظة استفادت من المخاطرة لتغيير ظروفها، مثال على ذلك مصرف "Citibank" ففي أواخر التسعينيات لم يتمكن أي بنك من التفوق على منافسيه، لكن مصرف سيتي بنك قرر المخاطرة وأطلق حملة إعلانية بعنوان "Live Richly" (عش حياة غنية)، التي تدعو إلى مزيد من التوازن في الحياة وتدعو إلى فكرة أن المال ليس أهم شيء في الحياة (وهي رسالة مضادة لأهداف البنوك).
استغرق الأمر بعض الوقت لكن وفقًا لدراسة الحالة التي أجرتها مجلة "Harvard Business Review" فقد أدى ذلك إلى وعي هائل بالمصرف وزيادة هائلة في النشاط المصرفي، التغيير يحدث فلا تحاول أن تتجنبه بل احتضنه، واتجه إليه إذا كان عملك قد أصبح باليًا، فالشركة التي لا تتجه إلى الأمام شركة تتجه إلى الموت.
ثانياً: لا تضع حدوداً وهمية
في بعض الأحيان نحجب عن أنفسنا فرصًا عديدة حتى قبل أن نتلقفها، والأشخاص القلقون بطبيعتهم أكثر عرضة للقيام بذلك، لكن الجميع يفعل ذلك ولو مرة واحدة، فأن تبخس ثمن خدماتك سواء في سعرها أم عند الحديث عنها من أكثر الأشكال شيوعًا، وهو ما يمنع عملك من النمو بشكل فعال.
نحن جميعًا نملك نمطًا للتفكير سواء سلبا أم إيجابا وهو ما يؤثر على طريقة نظرتنا للعالم، ويطلق علماء النفس على ذلك "المخططات الذهنية"، فإذا قمنا بطريقة ما ببناء نظرة سلبية للعالم أو قررنا أن هذا أبعد ما يمكننا الوصول إليه، فمن المتوقع جدًا أن يصبح الأمر حقيقة.
رصدت خبيرة علم النفس البشري والإيذاء الذاتي دوميني درو الكثير من تلك النماذج في عملها في مساعدة رواد الأعمال على تجاوز العقبات التي يخلقونها بأنفسهم، تقول درو: "يميل هذا الاتجاه إلى الانتشار في جوانب الحياة الأخرى أيضًا، فبشكل ما تتكون تلك الفكرة في رأس الأشخاص بأنهم ليسوا جيدين بما فيه الكفاية، لذا عندما يقررون اتخاذ خطوة ما فإنهم يفكرون: هل هذا العمل لنفسي؟ وهل سأفشل في ذلك؟ ثم يبالغون في تحليل الأمر حتى لا يقدموا على اتخاذ تلك الخطوة التي لو كانوا اتخذوها في وقتها لتمكنوا من النجاح"
قد تسبب لك الثقة الزائدة بالنفس مشكلة لكنها ليست كذلك في كثير من الأحيان، وحدودك التي تتبعها هو ما تضعه أنت بنفسك، لذا تأكد أن لا تمنع نفسك عن الكثير من الفرص المناسبة بتلك الحدود التي تضعها في عقلك.
ثالثا: ان تعمل وحيداً..
عندما يتعلق الأمر بعملك الخاص فإن الشخص الوحيد الذي يعرف كيفية إدارته، أنت الموجود هنا منذ البداية ورؤيتك وإرشاداتك هي التي أسست العمل ليصل إلى تلك النقطة ودفعت نحو المستقبل.
كل شيء يجب أن يسير وفقًا للخطة الرئيسية، لأن وقوع أي خطأ سيعني نهاية العالم، يجب أن تكتب أنت المقال وتحلل البيانات وتقابل العملاء، يجب أن تتخذ قرارات الشراء، فأي شخص آخر لن يفعل ذلك بطريقة صحيحة.
صدق أو لا تصدق، هذه الطريقة تضر بعملك، وفقًا لدراسة من شركة "i4cp" فإن 46% من الشركات تشعر بالقلق من مهارات التفويض لدى موظفيها، يجب أن يبدأ التفويض من الأعلى، وكمؤسس أو صاحب عمل من السهل للغاية أن تدفن نفسك في العمل ولا تخرج منه أبدًا.
تشير إحدى دراسات مؤسسة "Gallup" إلى أن الشركات التي يقوم مالكوها بالتفويض تنمو بشكل أسرع، وتولد المزيد من العائدات وتخلق الكثير من الوظائف، قد لا يؤدي الآخرون العمل بنفس الدقة التي تقوم بها، لكن هذا جزء من المخاطرة التي تتخذها عندما تسلم جزءًا من عملك لآخرين، والتخلي عن بعض المهام ليقوم بها الآخرون يوفر لك بعض الوقت لتعمل على الأجزاء التي تحتاج بالفعل للعمل عليها بنفسك.
من الصعب بما فيه الكافية أن تدير عملًا، فهل تواجه واحدة من تلك العقبات الثلاث؟ إذا كنت كذلك فقد حان الوقت لتتوقف عن ذلك، تعلم أن تخرج عن المسار المعتاد للعمل وسترى بنفسك كيف يزدهر العمل.
المصدر: إنتربنيور
بتوقيت بيروت