نشرت صحيفة "هافنغتون بوست" تقريرا للصحفي سباستيان ميردوخ، يقول فيه إن الرئيس دونالد ترامب الممعروف بتعليقاته الجارحة، التي تؤثر سلبا على مكانة أمريكا في العالم، كان خلال يومي الثلاثاء والاربعاء الماضيين محرجا بشكل كبير، حتى بمعاييره المعتادة.
ويستعرض التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، تعليقات ترامب في هذين اليومين، على النحو الآتي:
إنه مجنون للغاية.. لا يمكنه شراء غرينلاند
فقد غرد الرئيس الأمريكي ليلة الثلاثاء بأنه سيلغي لقاء مع رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسين، بعد أن اكتشف أنه ليس لديها استعداد للحديث عن رغبته في شراء غرينلاند.
بدأ الأمر الأسبوع الماضي، عندما نشرت "وول ستريت جورنال" تقريرا، يفيد بأن ترامب كان في حوار جاد مع مسؤولي البيت الأبيض، حول شراء تلك المناطق من الدنمارك، وعندما سئل عن ذلك يوم الأحد، بدا ترامب واثقا من أنه يمكن التوصل إلى صفقة، وقال ترامب للمراسلين: "الدنمارك تملكها تقريبا.. ونحن حلفاء جيدون مع الدنمارك، نحن نحمي الدنمارك مثلما نحمي مناطق كثيرة من العالم.. إن الأمر مثير من ناحية استراتيجية".
لكن فريدريكسين أغلقت الباب على الفكرة مباشرة، وكتبت مقالا في صحيفة "سيرميتسياق"، تقول فيه: "غرينلاند ليست دنماركية.. فغرينلاند تتبع لغرينلاند، وكلي أمل أن ذلك لم يكن جادا".
لكن من الواضح أنه كان جادا، وعندما أدرك ترامب أنه لن يستطيع شراء غرينلاند، فإنه قام بإلغاء رحلته المزمعة للدنمارك، وغرد على "تويتر" قائلا، إن ذلك لأن فريدريكسين "ليست لديها رغبة في مناقشة شراء غرينلاند".
مزيد من التعليقات المعادية للسامية
وصباح الأربعاء عاد ترامب إلى تعليقاته المعادية للسامية، عندما قال إن اليهود الذين يصوتون للديمقراطيين "خونة"، وقال الرئيس للمراسلين خارج البيت الأبيض، "إن اعطيتم صوتكم لديمقراطي فإنكم تخونون الشعب اليهودي وتخونون إسرائيل.. ولا يقول غير ذلك إلا الضعفاء".
وكان للتصريح مضاعفات لمهاجمته النائبتين الديمقراطيتين رشيدة طليب وإلهان عمر، اللتين انتقدتا "الحكومة الإسرائيلية".
وقال ترامب: "أعتقد أن أي يهود يصوتون لديمقراطي، يعكس نقصا كاملا في المعرفة، أو خيانة كبيرة"، (وبحسب مركز بيو للأبحاث فإن 79% من الناخبين اليهود صوتوا للمرشحين الديمقراطيين في الانتخابات النصفية في عام 2018، وهذا يعني أن ترامب يقول إن 8 من كل 10 يهود أمريكيين إما أنهم جهلة أو خونة).
وبعد ذلك غرد ترامب مستشهدا بنص من وين ألين روت، الذي يؤمن بنظرية المؤامرة، فقال "أنا أفضل الرؤساء لليهود ولإسرائيل في تاريخ العالم.. واليهود في إسرائيل يحبونني.. كأني ملك لإسرائيل". وتبدو عقدة الألوهية واضحة في كلامه في التغريدة.
أنا "المختار"
وعندما تحدث للمراسلين خارج البيت الأبيض يوم الأربعاء، لام ترامب الإعلام لنشره تقارير عن احتمال ركود اقتصادي وشيك، ودافع عن حرب اقتصادية فاشلة ضد الصين ودعا نفسه "المختار" في الوقت الذي كان ينظر فيه إلى السماء.
وقال ترامب: "الأخبار الكاذبة، وكثير منكم ينتمي لها، تحاول إقناع الرأي العام بأن هناك ركودا.. فليكن هناك ركود، إن أداء أمريكا رائع جدا، لكن علي فعل شيء، وهو محاربة الصين اقتصاديا، فهي التي نهبتنا لسنوات عديدة".
وقال إن الحياة ستكون "أسهل" لو لم يقرر أن يبدأ حربا اقتصادية مع الصين، ثم حاول أن ينكر المسؤولية عنها، فقال: "ليست هذه حربي الاقتصادية".
ثم نظر الرئيس إلى السماء، وقال: "أنا المختار. لذلك أتحدى الصين، أتحدى الصين في التجارة، وهل تعلمون؟ سننتصر".
تراجع في موضوع الأسلحة النارية وتخفيض الضرائب
ولم يترك ترامب شكا من أنه لا يزال في جيب لوبي اتحاد البنادق الوطني عندما تراجع عن إجراء للسيطرة على مبيعات الأسلحة النارية، يتطلب تحريات أكبر حول خلفية المشتري.
وكان ترامب قد قال في وقت سابق من هذا الشهر، بعد عدة حوادث إطلاق نار راح ضحيتها 31 شخصا: "نحتاج إلى عملية تحقيق ذكية في الخلفيات.. ولا علاقة لهذا باتحاد البنادق الوطني، أو الحزب الجمهوري أو حزب الديمقراطيين.. لا نريد مجانين، مرضى عقليين وأشخاصا سيئين وخطرين.. لا نريد بنادق بأيدي الأشخاص الخطأ".
ولكن ترامب اتصل لاحقا بالمدير التنفيذي لاتحاد البنادق الوطني وين لابيير، وطمأنه بأن التحقيق العام في الخلفية لم يعد مطروحا، بحسب ما نشرت مجلة "ذي أتلانتك" يوم الثلاثاء، وفي اليوم الذي تحدث فيه ترامب مع لابيير، فإنه تلاعب في اللغة عندما تحدث للمراسلين في المكتب البيضاوي.
وقال ترامب: "لدينا مساحات مفقودة لا تجعل الدائرة تكتمل، ونحن ندرس أمورا مختلفة.. ويجب علي أن أقول لكم إنها مشكلة عقلية، وكما قلت مئات المرات إنها ليست البنادق التي تضغط على الزناد إنهم الأشخاص".
ثم أنكر بعد ذلك أنه قال إن التحقيق العام في خلفية مشتري السلاح لم يعد مطروحا.
وقال ترامب يوم الأربعاء إنه لن يخفض الضرائب لمكافحة تراجع في الاقتصاد مجرد يوم واحد، بعد أن قال العكس، بحسب تقرير لـ"سي أن بي سي"، وقال ترامب للمراسلين يوم الأربعاء: "لا أفكر في تخفيض الضرائب حاليا.. لا نحتاج إليه لأن لدينا اقتصادا قويا".
ولكن مع تزايد احتمال الركود، وتغريدات ترامب التي تهاجم الاحتياطي الفيدرالي، فإن الاقتصاد لن يبدو جيدا لفترة طويلة.
وتختم "هافنغتون بوست" تقريرها بالقول إنه وسط السخافة على مدى الأربع وعشرين ساعة الماضية، استمر ترامب وإدارته في تخريب إجراءات الوقاية البيئية، والدوس على الحريات المدنية، وإبقاء الأطفال في أقفاص إلى أجل غير محدد، لكنه قد يعود للتصرف بصفته رئيسا في أي وقت.
بتوقيت بيروت