فازت الجامعة العبرية في القدس بمناقصة لاستضافة مشروع "حفتسلوت" للتميز الأكاديمي في "الجيش الإسرائيلي"، بحسب ما أعلنت سلطات الأمن الإسرائيلية، وهذا يستوجب استقدام ما يشبه ثكنة عسكرية صغيرة حقيقية إلى داخل الحرم الجامعي، بداية من السنة الأكاديمية المقبلة.
واشترط "الجيش" في المناقصة التي فازت فيها الجامعة العبرية، مزيدًا من الرقابة الأمنية على الحرم الجامعي، بالإضافة إلى إلزام الجنود بالتواجد بالحرم الجامعي بزيهم العسكري وأسلحتهم، ما يتسبب بمصادرة واضحة للحيز الأكاديمي، وخلَقَ تمييزًا أكاديميًا وفق متطلبات عسكرية.
ومشروع "حفتسلوت" هو برنامج للتميز الأكاديمي التابع لـ"الجيش الإسرائيلي" لإعداد ضباط للأجهزة الاستخباراتية، حيث يخضع كل مجند لدورة تدريبية مدتها ثلاث سنوات، تشمل الدراسات الجامعية، فضلاً عن تدريبات في وحدة الاستخبارات العسكرية، والتدريب على القيادة بالإضافة إلى اجتياز دورة إعداد القيادة والضباط، وعملية تأهيل الخريجين تستغرق 36 شهرًا، ويجري جلها في ظروف ثكنة مغلقة داخل الحيز المخصص للمشروع في الجامعة العبرية.
وأشار تقرير لصحيفة "هآرتس" إلى أن التعاون بين الأجهزة الأكاديمية في "إسرائيل" و"الجيش" ليس بالأمر الجديد، حيث تقدم المؤسسات الأكاديمية العديد من الخدمات للجيش، بما في ذلك تأهيل الجنود ومنحهم فرصة الحصول على لقبهم الأكاديمي الأول أو الثاني ضمن فترة خدمتهم الإلزامية بالإضافة إلى سلسلة طويلة من أعمال التعاون مع الجيش.
ولفتت الصحيفة إلى أن مشروع "حفتسلوت" قائم منذ 14 عاما، وفي العام الماضي كان المشروع من نصيب جامعة حيفا التي فازت بمناقصة "الجيش"، غير أن المناقصة الجديدة احتوت على إجراءات لاقت انتقادًا واسعًا بين الأوساط الأكاديمية في "إسرائيل" على اعتبار أنها تؤدي إلى مصادرة الحيّز الأكاديمي، أو جزء أساسي منه، ووضعه تحت السيطرة العسكرية المطلقة.
وشملت شروط "الجيش الإسرائيلي" في المناقصة التي فازت بها الجامعة العبرية، أن يكون سكن الجنود المشاركين في مشروع "حفتسلوت" ومكاتب القادة العسكريين المسؤولين عن المشروع، داخل الحرم الأكاديمي على أن يمنع الدخول إليه إلا بواسطة التحقق من بصمة الإصبع، بالإضافة إلى ضرورة حصول موظفي الجامعة الذين سيعملون في الجزء المخصص للمشروع على مصادقة مسبقة من الجيش. واشترط الجيش أن يتنقل الجنود المشاركين في المشروع داخل الحرم الجامعي بالزي العسكري والأسلحة.
وتتيح بنود المناقصة لـ"الجيش الإسرائيلي"، إقامة مركز مراقبة للجيش يشمل مركز اتصال داخل الحرم الأكاديمي بالإضافة إلى فصل الجنود الذكور عن الإناث بواسطة جدار، بالإضافة إلى تثبيت بوابة فولاذية مزودة بآلية فتح عبر التعرف على هوية الشخص بواسطة بصماته، وتسييج جميع نوافذ الطوابق الأرضية.
واشترط الجيش على الجامعة تثبيت كاميرات مراقبة إضافية لتغطي كل أرجاء الموقع المخصص للثكنة العسكرية داخل الحرم الجامعي بالإضافة إلى جميع مداخلها، بالإضافة إلى تسليم الجامعة لائحة بيانات تفصيلية عن كل موظفيها الذين يعملون في مجال الأمن والحراسة في الجامعة بالإضافة إلى بيانات تخص عمّال الصيانة.
وفي هذا السياق، نشرت مجموعة "أكاديميا من أجل المساواة"، التي أقامها أكاديميون إسرائيليون وتنشط أيضًا ضد عسكرة المجال الأكاديمي في إسرائيل، بيان تنديد شديد اللهجة بقرار الجامعة، جاء فيه: "ينطوي مشروع ‘حفتسلوت‘ على إنشاء ما يشبه ثكنة عسكرية في حرم الجامعة، تُدار كأنها قاعدة عسكرية مغلقة ومسلحة، يقيم فيها الجنود وقادتهم العسكريون، وتكون شروط حراستها والرقابة عليها كتلك المعمول بها في الجيش.
وتابع البيان "يجري الحديث هنا حول مصادرة الحيّز الأكاديمي، أو جزء أساسي منه، ووضعه تحت السيطرة العسكرية المطلقة، التي تتناقض مبادئها التراتبية تناقضًا جوهريًا مع مبادئ إدارة الحيز الأكاديمي. وسيشمل هذا، على سبيل المثال، فرض الرقابة العسكرية على جميع الوافدين إلى هذا الحيز لأغراض شتى". وأضاف أن "مثل هذه الرقابة تخلق، بالمؤكد، تمييزًا أكاديميًا وفق المتطلبات العسكرية. ويستطيع الجيش، وفق فهمنا، منع دخول عمال بحسب انتمائهم الإثني، أو بحسب معايير أمنية. وأدوات الرقابة، بما في ذلك التصوير والتسليح، اللازمة لحراسة وتأمين المنشأة عسكريًا، تشكل هي أيضًا مبعث قلق شديد في كل ما يتصل بضمان خصوصية الوافدين إلى الحرم الجامعي، والذين سيجري جمع تفاصيل عنهم، أو ستقوم الجامعة بتحويل مثل هذه التفاصيل عنهم إلى السلطات العسكرية".
واعتبرت مجموعة "أكاديميا من أجل المساواة" أن تلك "معايير غير مقبولة في المؤسسات الأكاديمية الحرّة، وتضع تقييدات شديدة على قدرة الجامعة على المحافظة على حرم جامعي حرّ ومفتوح. فالجامعة ليست قاعدة عسكرية، داخلية عسكرية، أو منشأة تدريبات عسكرية، وبرغم رغبة الجامعة في انخراط جنود بالبزة العسكرية أيضًا في الدراسة الأكاديمية، فإن هذه الرغبة لا يمكن تحقيقها بواسطة تغيير النظام الداخلي فيها وتحويله من نظام حرّ إلى نظام عسكري صارم".
المصدر: عرب ٤٨
بتوقيت بيروت