بدأت وسائل الإعلام الأميركية تسلّط الضوء مؤخرًا على الإنتماء الديني لمساعدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتنامي دور "الإنجيليين"، والبحث في خلفيات تأييد هذه الفئة من الناس لترامب.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية مقالاً للكاتب إدوارد وونغ، لفت خلاله إلى أنّ التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية مايك بومبيو، خلال مقابلة مع شبكة الإذاعة المسيحية عندما زار إسرائيل مؤخرًا، بعد زيارته بيروت، كان الأكثر إثارةً للانتباه من أي كلام آخر قاله خلال فترة العام التي قضاها في منصبه. وأوضح الكاتب أنّ بومبيو هو مسيحي إنجيلي، وقد زار كنيسة القيامة التي بنيت على الأرض حيث قيل إن يسوع قد صلب ودُفن فيها، وذلك قبل أن يزور حائط البراق، برفقة رئيس الوزارء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقد طرح الصحافي الذي قابل بومبيو سؤالاً عليه بعد جولته إن كان يعتقد أنّ ترامب جاء في هذا الوقت كي يُساعد في إنقاذ اليهود من التهديد الإيراني، كما فعلت الملكة إستير منذ زمن، علمًا أنّ الروايات تقول إنّ هذه الملكة كانت متزوّجة من ملك فارسي، ووردت في التوراة، وقد أحبطت خطة لإبادة الشعب اليهودي. فأجاب بومبيو: "كمسيحي أعتقد بالتأكيد أنّ هذا ممكن"، مضيفًا: "كنا نشق طريقنا قبل 3000 عام وقبل 2000 عام، إذا كانت معلوماتي التاريخية صحيحة، من أجل رؤية التاريخ الرائع للإيمان في هذا المكان، بالإضافة للعمل الذي قامت به الإدارة الأميركية للتأكد من أن هذه الديمقراطية في الشرق الأوسط وأن هذه الدولة اليهودية باقية".
ووفقًا للكاتب في "نيويورك تايمز"، فإنّ المسيحيين الإنجيليين البيض يشكّلون قوّة في الحزب الجمهوري، كذلك فنائب الرئيس مايك بينس هو مؤمن قوي والرئيس السابق جورج دبليو بوش ملتزم"، وأضاف أنّه "لم يمرّ أي وزير خارجية منفتح ومتحمّس لمناقشة المسيحية والسياسة الخارجية في الوقت نفسه مثل بومبيو، ما أثار أسئلة متزايدة حول مدى تأثير المعتقدات الإنجيلية على الدبلوماسية الأميركية".
وفي 25 آذار الماضي، تحدّث بومبيو في كلمته خلال مؤتمر السياسة للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية في مركز "وولتر إ. واشنطن" للمؤتمرات بواشنطن عن أنّ هناك قائمة بأشخاص اسمها "الصالحون بين الأمم"، وتضمّ أشخاصًا من اليهود وغير اليهود، الذين بحسب ما قال "خاطروا بحياتهم لإنقاذ اليهود أثناء الهولوكوست"، ولفت الى أنّه تمت إضافة اسم تيبور بارانسكي إلى هذه القائمة منذ 40 عامًا، لأنّ هذا الشخص خاطر بحياته لإنقاذ ثلاثة آلاف يهودي في هنغاريا في خلال الحرب العالمية الثانية، ثمّ هاجر إلى الولايات المتحدة وحصل على الجنسية الأميركية. وفي حديثه عنه، أضاف أنّ ضابطًا نازيًا صوّب مسدسه إلى رأس تيبور وسأله: "لماذا تساعد أنتَ المسيحي اليهود؟"، فردّ تيبور: "أنا أساعد اليهود لأنني مسيحي"، وهنا خلص بومبيو قائلاً: "نحن في إدارة ترامب لن نتعب من القتال، فالتخلي عن هذا القتال هو بمثابة التخلي عن مبادئنا. ويسعدني بصفتي وزيرًا للخارجية ومسيحيًا أن أقود الدبلوماسية الأميركية لدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
وبحسب الكاتب، ففي اليوم الثاني بعد المؤتمر، أعلن بومبيو عن توسيع سياسات إدارة ترامب لمكافحة الإجهاض، قائلاً إن الولايات المتحدة ستتوقف عن تمويل المنظمات الأجنبية التي تدعم الجماعات الأخرى التي تقوم بالإجهاض، مضيفًا: "هذه سياسة شعبية بين المحافظين والكاثوليك والمسيحيين الإنجيليين".
وأضاف الكاتب أنّه على الرغم من تاريخ ومعتقدات ترامب، إلا أن الإنجيليين البيض يمثلون جزءًا كبيرًا من قاعدة ناخبيه، وهناك الكثير من تحركاته الرئيسية في السياسة الخارجية التي يخطط لها أو يدعمها بومبيو.
وتشير الدراسات إلى أن الإنجيليين البيض هم من أكثر الأميركيين الذين يميلون للإعتقاد بأنّ إسرائيل تحقق نبوءة توراتية، وفقًا للكاتب الذي أضاف أنّ الإنجيليين الأميركيين الذين أيدوا خطوة ترامب بنقل السفارة إلى القدس، قد يوافقون أيضًا إذا قامت إسرائيل بضم جزء أو كل الضفة الغربية، فبعدما أعلن ترامب اعترافه بـ"السيادة الإسرائيلية" على مرتفعات الجولان السوري المحتلّ، قال عدد من الإسرائيليين المحافظين إنهم يأملون في أن يتم ضم جزء من الضفة الغربية.
من جانبه، أشار مارتن إنديك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى، إلى التأثير الإنجيلي على إدارة ترامب، وأعرب عن شكوكه في أن خطة السلام، قائلاً: "في نظر الإنجيليين، هذه هي الأرض التي وهبها الله لليهود.. إنهم يعارضون بشدة أي تنازل هناك. وإذا ما وجد شيء من هذا القبيل، أعتقد أنه ستكون هناك معارضة إنجيلية قوية لها".
وذهب الكاتب الى حدّ القول إنّ قرار ترامب في كانون الأول 2017 بنقل السفارة الأميركية كان يهدف إلى إرضاء الناخبين الإنجيليين في الولايات المتحدة، وكذلك بعض اليهود، كما أنّ نتنياهو تبنّى الدعم الإنجيلي لسياساته اليمينية، ويعتبر الإنجيليين حلفاء أكثر موثوقية لإسرائيل من اليهود الأميركيين الليبراليين.
بتوقيت بيروت