تسلم أفيف كوخافي، قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي خلفا لغادي ايزنكوت في مقر وزارة الحرب في "الكرياه". وبذلك يكون رئيس الأركان الثاني والعشرين، وقالت دراسة إسرائيلية صادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، إن كوخافي يواجه عشرة تحديات وسيتعامل معها". (وهي تركة ثقيلة تركها له خلفه بعدما واجهته مصاعب لم يستطع التغلب عليها وايجاد حلول لها)
ولفتت الدراسة إلى أن التحديات "ليست داخلية فحسب بل خارجية أيضا، لأنه من الناحية الأمنية فإن كوخافي يواجه مرحلة زمنية عاصفة وغير مستقرة في ظل البيئة الاستراتيجية التي يعمل فيها الجيش الإسرائيلي، وتتسم بحالة انعدام اليقين".
وشارك في إعداد الدراسة ثلاثة من كبار جنرالات العدو الإسرائيليين، وهم: الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" والرئيس الحالي لمعهد دراسات الأمن القومي عاموس يادلين، والقائد الأسبق لقسم الأبحاث بسلاح الجو، ومؤلف كتب في قضايا الاستخبارات والقوة الجوية والنظرية الأمنية ومدير معهد "دودو" للتفكير العسكري، إيتي بارون، وأودي ديكل، الرئيس السابق لإدارة المفاوضات مع الفلسطينيين، وشغل وظائف عديدة في الجيش والاستخبارات والتعاون العسكري الدولي والتخطيط الاستراتيجي.
اولاً: "التهديد الايراني":
وقالت الدراسة إن "التحدي الأول يتمثل في التعامل مع التهديد الإيراني، سواء النووي أو التقليدي، في ظل القناعات التي باتت سائدة في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة بأن إيران هي التهديد الأكثر حيوية على الأمن الإسرائيلي، وإلى ما قبل شهور قليلة امتنعت عن العمل مباشرة في وجهها، وفضلت العمليات السرية".
وأضافت أن "إسرائيل أعدت الخيار الهجومي العسكري لمواجهة البرنامج النووي الإيراني، وبالتالي فإن المواجهة المباشرة بينهما تتطلب تفعيل القوة الإيرانية من داخل أراضيها نحو إسرائيل، ويعلم كوخافي أن استخدام الخيار العسكري الإسرائيلي ضد إيران سيكون بالغ التعقيد، ويحمل مخاطر جمة".
ثانياً: الجبهة الشمالية:
وأكدت الدراسة أن "التحدي الثاني أمام كوخافي يتمثل باستمرار الهجمات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية ضمن استراتيجية "المعركة بين الحروب" التي تنفذها إسرائيل منذ عام 2013، وحققت نجاحات كبيرة في إعاقة التواجد الإيراني داخل سوريا، وتقليص كميات الأسلحة المنقولة لحزب الله، لكن مرور ستة أعوام على هذه الاستراتيجية يتطلب إجراء نقاش جديد حول نجاحاتها وإخفاقاتها وإمكانية دمج وسائل أخرى معها".
ثالثاً: حرب متعددة الجبهات
وأشارت الدراسة إلى أن "التحدي الثالث الذي يستعد كوخافي لمواجهته يكمن في إمكانية اندلاع "حرب الشمال الأولى المتعددة الجبهات"، بعد أن أسفرت حرب لبنان الثانية 2006 عن ردع متبادل بين إسرائيل وحزب الله، لكن المعطيات الميدانية تشير لإمكانية تدهور الأوضاع الأمنية، ونشوب حرب لبنان الثالثة التي ستكون أكثر شراسة من كل سابقاتها".
وأكدت أن "الوضع القائم في سوريا قد يجعل الحرب القادمة متعددة الأطراف، بعكس ما كان عليه الحال خلال العقود الماضية، بحيث لا تقتصر المواجهة مع إسرائيل على لبنان، بل قد تنضم إليها سوريا، وربما العراق وإيران، وفي السيناريو الأسوأ الجبهة الفلسطينية من خلال مشاركة العديد من القوات".
رابعاً: بناء القوة البرية
وذكرت الدراسة أن "التحدي الرابع في وجه كوخافي هو بناء القوة البرية "للجيش الإسرائيلي" الكفيلة بتحقيق الحسم والانتصار، في ظل الأسئلة المطروحة داخل أروقة الجيش حول مدى ملاءمة الصيغة القائمة من الحروب الجارية لتحقيق هدفي الحسم والانتصار".
وأشارت إلى أنه "في حين أن استراتيجية الجيش الإسرائيلي لعام 2018 أجابت عن هذا السؤال بإيجابية واضحة، حين أكدت أن ذلك يتطلب تفعيل مختلف أشكال القوة التي تحوزها إسرائيل في وقت واحد لمهاجمة آلاف الأهداف المعادية، وعلى رأسها تفعيل سلاح المشاة بصورة فتاكة، بما في ذلك دخول أرض العدو".
خامساً: تراجع قوة الردع مع حماس
وتحدثت الدراسة عن "التحدي الخامس الذي ينتظر كوخافي وهو مواجهة حماس في غزة، رغم أنها لا تبدي تحمسا لمواجهة واسعة مع إسرائيل، لكن مرور أكثر من أربع سنوات على الجرف الصامد 2014 كشفت عن تراجع في قوة الردع الإسرائيلية أمام الحركة، في حين أن حماس مستعدة لتفعيل ما لديها من مصادر قوة بما يلائم ظروفها كما كشف التصعيد الأخير في نوفمبر الذي شهد إطلاق 500 قذيفة صاروخية نحو "إسرائيل".
سادساً: الضفة الغربية
وأضافت الدراسة أن "التحدي السادس أمام كوخافي يتمثل بمنع تدهور الأوضاع الأمنية بالضفة الغربية لأن الظروف السائدة حاليا هادئة نسبيا ما يتطلب استمرار العمليات العسكرية للجيش فيها دون تغيير، لكن الجيش مطالب بأن يكون جاهزا لمواجهة زعزعة هذا الاستقرار بصورة مفاجئة، نتيجة لتطورت سياسية".
وذكرت الدراسة أن تلك المتغيرات "تتراوح بين غياب أبو مازن عن المشهد السياسي، ونشوء صراع قوى داخل فتح، أو بين فتح وحماس، وانهيار المنظومة الأمنية الفلسطينية، بما يشمل التنسيق الأمني مع إسرائيل، أو اندلاع مواجهات شعبية فلسطينية ضد "إسرائيل" والسلطة نفسها".
سابعاً: تراجع الثقة بالجيش
وتحدثت عن "التحدي السابع الذي سيتعامل معه كوخافي وهو المحافظة على ثقة الجمهور الإسرائيلي بـ"الجيش" من خلال ما تظهره استطلاعات الرأي قياسا بالثقة المتزعزعة بباقي مؤسسات الدولة، لكن هذه الثقة تواجه اختبارا جديا في حال واجه الجيش معركة عسكرية، قد تكشف عن إشكاليات بأدائه العسكري، الأمر الذي قد يؤثر على استمرار ثقة الجمهور به، أو تراجعها".
ثامناً: العلاقة مع السياسيين
وتطرقت الدراسة إلى "التحدي الثامن الذي يستعد كوخافي للتحضير جيدا له، وهو طبيعة العلاقة القائمة بين رئيس أركان الجيش والمستوى السياسي، في ظل ما وصل إليه رؤساء الأركان السابقون من مواجهات قاسية مع رؤساء الحكومات ووزراء الحرب، ما يتطلب من كوخافي أن يحدد لنفسه مبكرا مستوى العلاقة مع الحكومة، تفاديا لأي إشكاليات قد تنشب وتؤثر على مسار عمل المؤسسة العسكرية".
تاسعاً: توفير الموازنة الخاصة بـ"الجيش"
أما "التحدي التاسع فيتمثل في إقرار الموازنة السنوية الخاصة بالجيش، وهي المطلوبة للاستمرار في بناء الجيش ضمن خططه السنوية المقرة داخل الأروقة العسكرية، مع العلم أن استقرار تنفيذ هذه الخطط مرهون باستقرار إقرار الموازنات المالية، ما يتطلب القيام بذلك دون الدخول في جدالات قاسية مع رئيس الحكومة أو وزير المالية وغيرهما".
عاشراً: مؤسسة رئيس الاركان
وختمت الدراسة بذكر "التحدي العاشر لكوخافي وهو المحافظة على مؤسسة رئيس الأركان، الذي يحوز أهمية بالغة في التركيبة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، بما قد يزيد عن نظرائه في دول أخرى حول العالم، ولعل التحدي المضاعف أمام كوخافي أن تعيينه يأتي عشية انتخابات برلمانية مبكرة ستحصل في أبريل القادم".