عكست تصريحات وزير حرب العدو الاسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، خلافات عميقة في قيادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بعيدا عن وسائل الإعلام، تتمحور حول مواجهة الطائرات الورقية التي تطلق من قطاع غزة بين دعوة ليبرمان لرد عسكري مؤلم وواسع حتى لو كان الثمن دهورة المنطقة إلى حرب شاملة وبين الاكتفاء بتدابير مؤقتة ومواصلة الضغوط للعودة إلى التفاهمات وقواعد اللعبة السابقة التي تحددت بعد الحرب العدوانية الأخيرة عام 2014.
وكان ليبرمان قد صرح أنه مرت أربع سنوات على الحرب الأخيرة على قطاع غزة، في صيف العام 2014 والتي تطلق عليها إسرائيل "الجرف الصامد"، وأنه يؤكد لقادة حركة حماس أن إسرائيل لم ترتدع من التصعيد ولا من مواجهة واسعة النطاق، مضيفا أن "إسرائيل لا تبحث عن مواجهات أو مغامرات عسكرية، ولكن الطريقة التي تعمل فيها حركة حماس من شأنها أن تدهور الأوضاع، وقد تدفع ثمن ذلك أعلى بكثير مما كان في الجرف الصامد".
وأضاف أنه "أمام هذا الواقع الذي يحرق فيه كل يوم حرش طبيعي وحقول، وحتى اليوم أحرق نحو 28 ألف دونم وهي مساحة مماثلة لمساحة نتنانيا أو رحوفوت، فإن إسرائيل لن تمتص ذلك، ولا تنوي الاستمرار على هذا النحو".
وكتب بن كسبيت في صحيفة "معاريف"، أن ليبرمان كشف في جلسة الكتلة النزر اليسير من خلافات شديدة في وسط القيادة الأمنية بشأن الرد الإسرائيلي على ما أسماه "إرهاب الطائرات الورقية" في قطاع غزة.
وبحسبه، فإن ليبرمان يجد نفسه في هذا الخلاف في موقع الأقلية مقابل الجميع، حيث أن قيادة الجيش والشاباك و"هيئة الأمن القومي" يعتقدون أنه لن يتم التوجه إلى الحرب بسبب "الطائرات الورقية"، وأنه لا جدوى من الإنجرار إلى التصعيد ودهورة المنطقة إلى جولة أخرى لن يستفيد منها أحد. ويقترح الجيش وكافة الأجهزة الأمنية للعدو الاسرائيلي الاكتفاء بتدابير مؤقتة ومواصلة الجهود لإيجاد حل للطائرات الورقية والبالونات الحارقة.
في المقابل، بحسب بن كسبيت، فإن ليبرمان يخوض نقاشا مع قادة الأجهزة الأمنية، ويطالب بـ"عملية مؤلمة وواسعة ضد حركة حماس وقيادتها، حتى لو كان الثمن التصعيد أو التدهور لمواجهة شاملة بما في ذلك على الجبهة الشمالية".
وإزاء ذلك، وفي حين يفضل قادة الجيش والأجهزة الأمنية، بحسب الصحيفة، بذل الجهود للعودة إلى التفاهمات وقواعد اللعبة السابقة التي تحددت بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة بدون الحاجة إلى خوض مواجهة أخرى، فإن ليبرمان يدفع ويضغط باتجاه توسيع الرد العسكري الإسرائيلي.
ويدعي ليبرمان أن "الحديث ليس عن طائرات ورقية، وإنما عن تغيير معادلة القوى، وتآكل متواصل في الردع الإسرائيلي، وتجرؤ متصاعد من قبل حماس".
وبحسبه فإن "مواصلة المماطلة في الرد المناسب سيضاعف الثمن الذي تدفعه إسرائيل مستقبلا، ومن الأفضل عدم مواصلة سياسة التأجيل والتسهيلات والتساهل التي تزيد من تمادي الطرف الثاني"، على حد تعبيره.
وكتب أيضا أن توجه ليبرمان هذا بدأ يعطي مفاعيله عندما أعلن بنيامين نتنياهو، عن إغلاق معبر كرم أبو سالم، ملمحا أن "هذه هي البداية فقط". وردا على ذلك، قال ليبرمان في جلسة كتلته إنه سيتم في اليومين القريبين التشديد على المعابر، وإنه أصدر تعليمات للجيش ومنسق عمليات الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 باتخاذ عدة خطوات.
يذكر في هذا السياق أن عدة وزراء، بينهم نفتالي بينيت وغلعاد إردان، يعتقدون أنه "كان على الجيش، منذ اللحظة الأولى، التعامل مع مطلقي الطائرات الورقية كإرهابيين، وتنفيذ عمليات اغتيال موضعي ضدهم".
ويخلص بن كسبيت إلى أنه سيتوجب على نتنياهو حسم هذا الجدال، والاختيار بين "ميله إلى تهدئة الجبهة الجنوبية وعدم السعي إلى المواجهات، لاستكمال المهمة الصعبة في الشمال، وبين التزام إسرائيل كدولة تجاه مواطنيها تحت عبء الحرائق المندلعة منذ أكثر من مائة يوم. بيد أن الحل لا يلوح في الأفق".
والمقاومة ترد.. تصعيد الحرائق
وفيما يعتبر، ردا من القوى المقاومة في فلسطين، على تصريحات وزير الحرب والإجراءات التي دعا اليها نتنياهو، قالت وسائل إعلام إسرائيلية ان المستعمرات المحيطة بقطاع غزة شهدت تصعيدا في الحرائق المندلعة "، وذلك بفعل الطائرات الورقية والبالونات المنطلقة من قطاع غزة المحاصر.
وقال موقع والاه الإخباري الإسرائيلي إن نحو 600 دونم من الأحراج في المستوطنات القريبة من غزة احترقت بفعل الطائرات الورقية".
كما أشار الموقع إلى أن مستوطنين فيما يعرف بـ"غلاف غزة" اشتكوا من احتراق ما أسموه "الجدار الأمني" الذي تمثله الأحراج المحيطة بالقطاع، في إشارة إلى الأشجار التي تم زراعتها على مدار عشرات السنين الماضية؛ منعًا لكشف مستوطني الغلاف أمام نيران قناصة المقاومة في القطاع.
ونقل الموقع الإسرائيلي عن بعض المستوطنين قولهم إنهم "باتوا مكشوفين أمام النيران الفلسطينية بعد احتراق الجدار الطبيعي الذي تشكله تلك الأحراج."
المصدر:عرب 48