عدنان أبو عامر:
"الكارثة قادمة" بهذه العبارة لخص ثلاثة من كبار القادة العسكريين الصهاينة السابقين حال الكيان الصهيوني في هذه المرحلة، في مقابلة اجرتها معهم صحيفة "اسرائيل اليوم" العبرية.
فقد حذر القادة الصهاينة من سيناريوهات قاتمة تحيط بمستقبل الكيان، جراء "الفجوات الكبيرة بين مختلف مكوناته الاجتماعية"، معتبرين ذلك أكثر خطراً من حرب تقليدية قد تشن عليها.
والقادة هم الضابطان في سلاح الجو يتسحاق نير وأريك تشيرنياك وميشكا بن دافيد وهو أحد كبار رجال الموساد السابقين كانوا "أصدروا في السنوات الأخيرة كتباً تحاكي سيناريوهات خطيرة متوقعة قد يتعرض لها الكيان، والقاسم المشترك بينها هو التوقعات الصعبة القاسية على مستقبل هذا الكيان، وصولا لما يشبه تهديداً وجودياً عليه".
ويشبه كاتب المقال هذه المرحلة بالفترة التي اعقبت حرب تشرين في العام 1973 حيث شهدت صدور مثل هذه الكتب "حين وصلت حال الاحباط واليأس داخل المجتمع الصهيوني الى مستويات غير مسبوقة وتسللت الهزيمة العسكرية للوعي الداخلي في نفوس الإسرائيليين، حول مسألة بقاء الكيان من عدمه، مما أوجد البيئة الخصبة لظهور ما يعرف بالأدب البائس"، وسط تساؤل: "هل يمر الكيان اليوم بذات ظروف تلك المرحلة؟".
وينقل بن دافيد في كتابه الصادر قبل أشهر رواية عسكري إسرائيلي يعمل في معبر بيت حانون (إيريز)، فيقول لضابطه المباشر على الهاتف: أرى نساءً، أطفالاً، أمواجاً كبيرةً من البشر، آلافاً يأتون من داخل الظلام، حتى لو أطلقت عليهم كل مخازن الذخيرة التي بحوزتي فلن أوقفهم، لأنهم خلال دقيقة واحدة سوف يدوسون علي،(...) ولم يتحدث معنا أحد من كبار الضباط عن سيناريو اجتياح بشري من هذا النوع".
"الكارثة القادمة"
ويقول الصحفي الإسرائيلي: "ان اللافت أن القادة العسكريين الثلاثة رأوا الكارثة القادمة نحو "إسرائيل" من وجهات نظر مختلفة، وهم يعتقدون أنه يمكن النظر إليها من زاوية جيو-سياسية واسعة، لكنها في حال أبقت اعتمادها على الولايات المتحدة وحدها فإنها ستجد نفسها بعد بعض الوقت على حافة الهاوية".
ويعتبر الجنرالات الثلاثة: "ان الصراع مع الفلسطينيين يحمل بين ثناياه تهديداً خطيراً يتمثل بانضمام فلسطينيي الـ48 إليه، ولعلها من التهديدات الداخلية المتمثلة بوجود مخاوف من انضمامهم لقائمة أعداء إسرائيل، رغم أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير مهيأة لهذا السيناريو المخيف، سواء من الناحية السياسية أو العسكرية". وحذروا، من "اتساع الفجوات الاجتماعية بين "الإسرائيليين"، وما تحمله من ضغوط خارجية، بما قد يحدث انفجاراً داخلياً كبيراً يدخل "إسرائيل" في حالة من التيه والهاوية".
اما بن دافيد فيقول: "ان مخاوفه تكمن في أن "إسرائيل" تتقدم نحو الهاوية، لأسباب جوهرية، فرغم التفوق العسكري، والاقتصادي والنوعي، على جميع الدول العربية، الا اننا لم نحظ بالدعم الدولي، كما حظينا به في العقود الأولى من عمر "الدولة"". ويشير الى بعض الحركات والمنظمات الدولية المعارضة للعنصرية والتطبيع مثل (بي دي إس) حيث تسجل نجاحات ضدنا، وأخشى من وصولنا إلى يوم يسلم فيه العالم بغيابنا عن الخارطة، ويبدي فيه استعداداً لقبول فكرة عدم وجود "إسرائيل"، على اعتبار أن الثمن الذي سيدفعه مقابل هذا الخيار ليس كبيراً".
ويشير الى ان: "روسيا والصين ليستا معنا، والولايات المتحدة مع رئيس غير مستقر قد تنقلب علينا، أما في الزاوية القريبة فأعتقد أن قطاع غزة ذاهب باتجاه الانفجار، وسيدفع ثمناً باهظاً جداً مقابل ذلك، وقد تشهد الضفة الغربية سيناريوهات مماثلة لذلك، أما في الجبهة الداخلية فأعتقد أن إسرائيل تشهد انقسامات وتشققات لم تعهدها من قبل في تاريخها".
"ذنب الثعلب"
أما الجنرال يتسحاق نير فيرى أن ليس لـ"إسرائيل" وجود فيزيائي على الأرض، ولا تقوى على البقاء، دون دعم دولي عالمي واضح، نحن يمكن وصفنا بذنب الأسد، وربما نتحول قريباً إلى ذنب الثعلب".
ويعتقد أن الولايات المتحدة "التي كانت حتى أواخر القرن العشرين القوة العظمى الوحيدة في العالم تجد نفسها اليوم في حالة تراجع(,,,) وسيتواصل تراجعها خلال الـ20-30 عاما القادمة، والقوة العظمى القادمة موجودة في الشرق حيث الصين، وربما تكون الهند".
وأضاف: "ان التهديدات الإسرائيلية الصادرة عن كبار ضباط سلاح الجو بأنها ستعيد أي بلد يهاجمنا للعصر الحجري كلام عبثي لا طائل منه، صحيح أن الطيران يستطيع إحداث شلل في تلك البلدان كما حصل في 1967، وقد شاركنا في تلك الحرب، لكن أعداءنا اليوم لديهم كميات كبيرة من الصواريخ، قادرة على إغلاق أجوائنا بالكامل، وتمطر علينا مئات الصواريخ بصورة منسقة، في هذه الحالة أين هي الذراع الطويلة لإسرائيل؟".
"خطر وجودي"
من جهته يعبر الجنرال أريك تشيرنياك عن قلقه "بصورة خاصة من الفوارق والفجوات في المجتمع الإسرائيلي، لأن الوضع الاجتماعي والسياسي هش للغاية، وأخشى أنه آخذ بالتطرف مع مرور الوقت، فهناك فجوات داخل مجموعات اجتماعية متعددة، وخلافات بين الحكومة وجهات تطبيق القانون، ومحاولات للمس بالجهاز القضائي(...)".
ويلفت إلى أن هناك "تطورات غير متوقعة قد تحصل، ومنها في حال عاد الإخوان المسلمون للسلطة في مصر"(,,,) فإنني أستطيع القول أننا سنرى الجيش المصري، الذي توازي قوته الجيش الإسرائيلي، يشرع بدخول سيناء، مما سيغير صورة المشهد العسكري بين قوات الجيشين".
ويكشف الجنرال الإسرائيلي أن "سلاح المشاة الإسرائيلي غير مهيأ أو مجهز لخوض حرب برية على عدة جبهات، وهذا فشل بنيوي، لأنه بالكاد يستطيع مواجهة حرب في الجبهة الشمالية مع سوريا ولبنان في الآن نفسه".
ويتحدث تشيرنياك عن "خطر وجودي" تعيشه إسرائيل "فرغم أنها تعتبر من الأكثر تحقيقاً للإنجازات، فانها واقعة تحت اوضاع جيوسياسية تهددها ولا بد من إيجاد حلول لهذه الأوضاع".
ويختم تشيرنياك حديثه بلفت النظر إلى ما يسميها "إشكالية عسكرية لدى "إسرائيل" ناتجة عن حروبها مع قوى تخوض حروب عصابات، مما أحدث ثغرات كبيرة في العقيدة العسكرية الإسرائيلية، وقد يكتشفها الجيش في حال اضطر لخوض حرب نظامية مع أي دولة معادية".
المصدر: عربي 21