يتهم الكثير من الأبحاث الأكاديمية بشكل عام وفي مجال التربية والتعليم بشكل خاص بأنها تميل إلى التنظير والتقعر، بجانب التحذلق عبر استخدام ألفاظ عصية على الفهم، بالإضافة إلى الانفصال عن الواقع الذي نعيشه. إلا أن ذلك ليس صحيحاً على الإطلاق، إذ أن البحوث الأكاديمية خاصة في مجال التربية والتعليم توفر لنا الدلائل والبراهين على فاعلية طرق التدريس أو مدى جدواها.
كما أنها تحدد المشاكل الرئيسية التي تواجه التعليم وتحاول جاهدة توفير حلول لتلك المشاكل، بجانب أنها تستشرق المستقبل في تطوير العملية التعليمية برمتها. لذا تخيرنا لكم سبعة من أحدث الأبحاث في التربية والتعليم، لنتعرف سويا على ما يمكن أن توفره لنا تلك الأبحاث.
التعلم القائم على الألعاب والتنافسية
مؤخرا استطاع التعلم القائم على الألعاب تقديم نفسه وبقوة كأحد استراتيجيات التعلم ذات الفعالية الكبيرة في العملية التعليمية. وتؤيد أحدث الأبحاث ذلك، إذ وجد الباحثون لدى مراقبة النشاط العصبي للمخ لدى الطلاب الذين يتعلمون من خلال الألعاب ومقارنته بطلاب يتعلمون عبر طرق أخرى، أن التعلم عبر الألعاب يزيد من قدرة الطلبة على التركيز ويحفز ذاكرتهم.
ويرجع السر في هذا إلى التنافسية التي تخلقها تلك الألعاب التعليمية والتي تجعل الطلبة يؤدون بشكل أفضل.
التغلب على القلق يحسن من درجات طلاب المرحلة الثانوية
توضح الأبحاث أن طلاب المرحلة الثانوية يشعرون بالقلق والضغوطات في 80% من الأوقات التي يقضونها في الدراسة. لكن الأمر الإيجابي أن الأبحاث تخبرنا بوجود طريقة فعالة لمجابهة ذلك الأمر. فمن خلال بعض الممارسات المتعلقة بتقبل التغيير يمكن للطلبة في غضون أسبوع فقط مواجهة ذلك القلق وتلك الضغوطات. ولا يتوقف الأمر عند هذا فحسب بل يمتد إلى المذاكرة بشكل أكثر فعالية وتحقيق درجات أفضل.
أهمية علوم الحاسب الآلي
إن المستقبل في علوم الحاسب الآلي، تلك حقيقة لا يمكن إنكارها في ظل الثورة الي أحدثها الحاسب الآلي في حياتنا، والتي ستمتد آثارها إلى المستقبل بكل تأكيد. وتوضح الأبحاث أن 84% من أولياء الأمر يرون أن تدريس علوم الحاسب تضاهي في الأهمية تدريس الرياضيات والعلوم واللغة الإنكليزية. إلا أنه على الرغم من ذلك لا يتم تدريس علوم الحاسب بشكل كافي في غالبية المدارس. الأمر الذي ينبغي الانتباه إليه وإعطاؤه أهمية أكبر.
المزيد من الرسم والموسيقى واللعب في مرحلة رياض الأطفال
يوضح الباحثون أن الأطفال في مرحلة رياض الأطفال حاليا يقضون معظم أوقاتهم في الدراسة الأكاديمية. حيث تركز العملية التعليمية في تلك المرحلة على مهارات القراءة والكتابة والحساب بشكل أساسي، وذلك عند المقارنة بما كان عليه الأمر في أواخر تسعينيات القرن العشرين.
وتؤكد الأبحاث أن هذا الأمر ذو عواقب وخيمة، إذ ينبغي على المعلمين في مرحلة رياض الأطفال أن يمنحوا طلبتهم من الأطفال مزيدا من الوقت لممارسة الرسم والموسيقى واللعب.
الطلاب يعانون للتفريق بين الأخبار الحقيقية والمزيفة على الإنترنت
على الرغم من أن طلاب اليوم يتعاملون مع التكنولوجيا المختلفة والإنترنت والإعلام الاجتماعي بمنتهى السهولة واليسر. إلا أنه للأسف الشديد فإنهم لا يمكنهم تقييم المعلومات التي يتعرضون لها أو التفكير فيها بشكل نقدي من أجل تبيان الحقيقة من الكذب، إذ تبين الأبحاث أن أكثر من 80% من الطلاب لا يمكنهم تحديد الحسابات الوهمية والمزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. كما أن العديد منهم يقع بسهولة في حبائل الأخبار الكاذبة والمضللة. الأمر الذي يدفعنا للقلق ويحتم علينا التركيز على تدريس مهارة التفكير النقدي للطلاب في مختلف المراحل التعليمية.
دراسة سير حياة العلماء يحفز الطلاب
إن الفكرة السائدة عن العلماء المرموقين الذين أسهمت إنجازاتهم في تغيير وجه الإنسانية بأنهم أذكياء عباقرة قلما يجود الزمان بأمثالهم. إلا أن حقيقة الأمر أن ما وراء تلك الإنجازات هو جهد منظم وكفاح متواصل وإصرار ومثابرة على تخطى العقبات والاحباطات والحواجز من أجل بلوغ الإنجاز المنشود. هذا الأمر تحديدا هو ما ينبغي تدريسه للطلبة عند إلقاء الضوء على سيرة حياة العلماء المرموقين. فقد بينت الأبحاث أن توضيح ذلك الأمر للطلبة بأن العلماء مجرد بشر وأفراد عاديين مكافحين ومثابرين من شأنه تحفيز الطلبة لبذل مزيد من الجهد في الدراسة.
الدروس المستفادة من أفضل المدارس حول العالم
يمتلئ العالم بالعديد من المدارس الجيدة، إلا أن أفضل المدارس هي تلك التي تعد الطلبة للقرن الحادي والعشرين بواقعه الاقتصادي المختلف وتحدياته المستقبلية الفريدة.
وعلى الرغم من تنوع فلسفات وطرق التعليم في أفضل المدارس حول العالم، إلا أن الباحثين وجدوا عدة عناصر مشتركة تتميز بها تلك المدارس والتي يمكن تطبيقها كدروس مستفادة. فجميع تلك المدارس تتميز بتعليم قوي للغاية في المراحل العمرية المبكرة، بجانب أنها تضم معلمين ومعلمات أكفاء، بالإضافة إلى أن مناهجها الدراسية مرتبطة بشكل مباشر بالتعليم الجامعي واحتياجات سوق العمل المستقبلي.
محمد السنباطي/العربي الجديد