«يمنع منعاً باتاً على كافة تشكيلات الطيران المعادي الإقلاع او الهبوط او التحليق في أجواء فلسطين المحتلة من القدس جنوباً وحتى الحدود التركية السورية شمالاً».
هذا التعميم لقائد الجيش العربي السوري الرئيس بشار حافظ الأسد، هو الذي قلب توازنات العدو، وجعله يهيم في طيرانه ويُعمَى بصره..
وهكذا كان التحوّل عند أول مخالفة لهذا الأمر النافذ، فكان على جهات الاختصاص في الجيش العربي السوري والقوات الحليفة أن تتخذ الإجراءات المناسبة كما حصل عند الساعة ٠٢٤٠ من فجر الجمعة ١٧/٣/٢٠١٧.
أي التعامل مع هذه الطائرات بوسائط الدفاع الجوي الملائمة ومنذ لحظة إقلاعها من قواعدها…! وهذا ما بات يعرفه قادة سلاح الجو «الإسرائيلي» تمام المعرفة.
إذ إنهم يعلمون تماماً أن وسائل الدفاع الجوي في الجيش العربي السوري والقوات الحليفة قد رصدت إقلاع التشكيل الجوي المعادي منذ لحظة إقلاعه في محاولة للتعرّض لأهداف عسكرية داخل الأراضي السورية.
ثانياً: وبما أنّ هذا النشاط الجوي المعادي يعتبر خرقاً ومخالفاً لقرارت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية وغرفة عمليات القوات الحليفة، والذي كان قد أبلغ للجهات العسكرية «الإسرائيلية» في حينه، عبر قنوات دولية، فإنّ رادارات الدفاع الجوي السوري قد قامت بتتبّع الهدف وعملت على ضبطه هذا يعني وضع الهدف في مرمى النيران ومن ثم التعامل الفوري معه لمنعه من تحقيق أهدافه ومعاقبته على مخالفة الأوامر الصادرة عن الطرف السوري كما أشرنا آنفاً.
ثالثاً: وقبل أن ندخل الى أبعاد الردّ السوري المركّب والفوري والموجع جداً، فإننا نتحدّى «الطاووس» نتن ياهو أن يسمح للناطق العسكري باسم جيشه أن ينشر كافة تفاصيل ما حدث فجر يوم الجمعة ١٧/٣/٢٠١٧ بين الساعة ٠٢٣٠ والساعة ٠٤٠٠ فجراً. نتحدّاه أن يعلن مكان سقوط الطائرة الأولى واسم القاعدة الجوية التي هبطت فيها الطائرة المعطوبة…!
ثم نتحدّى هذا الكذاب المراوغ أن يسمح لناطقه العسكري وللصحافة «الإسرائيلية» أن تنشر تفاصيل أسباب الانفجارات التي فاق عددها العشرين انفجاراً في مناطق غرب القدس بيت شيمش ومناطق جنوب غرب رام الله – شرق الرملة منطقة موديعين .
فهل وصلت صواريخ الدفاع الجوي السورية إلى هذه المناطق حتى تنطلق الصواريخ المضادة للصواريخ من طراز حيتس للتصدّي لها!؟
وهل يعتقد خبراء الحرب النفسية لدى نتن ياهو أن العرب كلهم من طراز حلفائه آل سعود، جهلة ولا يفقهون شيئاً؟
ألا يعرف هذا المغرور، أن بين العرب من يعرف أن صواريخ حيتس مصمّمة للتصدّي للصواريخ الحربية ذات المسار القوسي وليست مصمّمة للتعامل مع صواريخ الأرض – جو ذات المسار المتعرّج بسبب ظروف تتبع تحليق الطائرة بعد الإطلاق؟
فليتفضّل هذا الجاهل ويقدّم تفسيراً لـ«الإسرائيليين» حول ذلك وما الذي حدث في المنطقة الواقعة بين الحمة السورية المحتلة على الشاطئ الجنوبي الشرقي لبحيرة طبريا عند الساعة ٠٢٤٨ من فجر الجمعة ١٧/٣/٢٠١٧، ولماذا انطلقت صافرات الإنذار على طول منطقة غور الأردن الشمالي؟ أم أن الدفاع الجوي السوري كان قد أطلق مجموعة ألعاب نارية في الاتجاهات كلها؟
رابعاً: إن المتابعين العرب يعلمون أكثر من قيادة سلاح الجو «الإسرائيلي» أن المهمة التي كلّف بها ذلك التشكيل الجوي «الإسرائيلي» المنكوب لم تكن إطلاقاً تهدف الى قصف قوافل سلاح متجهة من منطقة تدمر الى حزب الله في لبنان، حيث تتضح سخافة الرواية «الإسرائيلية» للأسباب التألية:
أ الم يكن من الأسهل نقل الأسلحهة من مطار المزة العسكري، قرب دمشق، الى لبنان بدلاً من نقلها عبر تدمر؟
ب إن الرواية «الإسرائيلية» حول وصول تلك الاسلحة من ايران الى مطار T 4 لا تنم عن ذكاء «إسرائيلي» مثير، اذ إن هذا المطار يقع في منطقة لا زالت تشهد عمليات عسكرية للجيش السوري وإن كانت بعيدة عنه، وعليه فمن المستحيل ان تقوم ايران بشحن أسلحة الى مطار أقل أمناً من مطار المزة العسكري.
ج اما رواية القناة العاشره في التلفزيون «الإسرائيلي» حول قيام الطائرات «الإسرائيلية» بتدمير خمس شاحنات محملة بالسلاح وبقاء شاحنة لم تصب بأذى فهي ليست إلا نسخة عن اكاذيب كولين باول التي عرضها في مجلس الأمن بداية عام ٢٠٠٣ حول أسلحة الدمار الشامل العراقية المحمولة على شاحنات…!
د إن حزب الله ليس بحاجة إلى مزيد من الصواريخ في لبنان لكونه متخماً بها هناك فهو حسب مصادر غربية لديه مئة وثلاثون ألف صاروخ في مساحة لا تزيد على الخمسة آلاف كيلو متر مربع… باعتبار أن مساحة لبنان الباقية لا توجد فيها صواريخ لحزب الله وإنما لعلي بابا والأربعين حرامي …!
والمعروف ايضاً لدى المصادر الغربية نفسها أن حزب الله، وبالتعاون مع ايران والجيش العربي السوري والمقاومة الوطنية السورية في الجولان، يقوم منذ مدة ببناء ترسانته الصاروخية وتحصينها في جنوب غرب وجنوب سورية. وعليه فإن رواية قوافل الصواريخ لم تعد تحظى بأي مصداقية، حيث عفى عليها الزمن، وهي منافية للحقيقة.
خامساً: اذاً ما هو الهدف التي حاولت الطائرات «الإسرائيلية» الوصول اليه وقصفه في منطقة تدمر؟ وهل له علاقة بما يدور في جنوب سورية من محاولات يائسة للمسلحين في استعادة المبادرة العسكرية في قاطع درعا ومحاولاتهم محاصرة وحدات الجيش العربي السوري والقوات الرديفة في مدينة درعا والسيطرة على الطريق الدولي درعا – دمشق؟
نعم، إن تلك المحاولة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتلك التحركات، حيث إن هدف محاولة القصف الجوي «الإسرائيلي» كان مرابض مدفعية الجيش السوري ووحدات مدفعيته ذاتية الحركة المدافع المحمولة على مجنزرات ووحدات مدفعيته الصاروخية التي تقوم، وبالتعاون مع سلاح الجو، بالتمهيد لتقدم الجيش والقوات الحليفة باتجاه السخنة / اراك، ومن ثم باتجاه دير الزُّور ومنطقة التنف…
ولكن ما علاقة هذا بذاك؟ إن العلاقة تنبع من حقيقتين:
– الاولى إن الطائرات «الإسرائيلية» حاولت تقديم الدعم الجوي لعصابات داعش على هذا القاطع، وذلك من خلال عرقلة تقدم الجيش العربي السوري باتجاه السخنة والمسّ بإمكانياته القتالية هناك.
– الثانية: هي أن الطائرات «الإسرائيلية» حاولت منع وصول الجيش العربي السوري وحلفائه الى منطقة التنف، حيث توجد مجاميع مرتزقة ما يطلق عليه «جيش سوريا الجديد» الى جانب كتيبتي قوات خاصة «إسرائيلية» واُخرى من دول «عربية»، تحت قيادة غرفة عمليات الموك الاردنية.
الثالثة: هي محاولة هذه الطائرات منع الجيش العربي السوري من إفشال عمليات الحشد الصهيو أميركي في منطقة التنف والذي يهدف الى شن هجوم واسع باتجاه محافظة السويداء في محاولة لربط منطقة التنف بالمناطق التي يسيطر عليها المسلحون على الحدود الأردنية السورية، وكذلك تلك المناطق التي يسيطرون عليها في أرياف درعا والقنيطره. وكذلك ربط التنف بمناطق السيطرة الأميركية الكردية في الحركة، وفي الرقة مستقبلاً، وذلك لقطع التواصل الجغرافي براً بين دمشق وطهران عبر العراق.
سادساً: أما عن نتائج محاولة التسلل الجوي للتشكيل «الإسرائيلي» فجر يوم الجمعة ١٧/٣/٢٠١٧، فيجب الإقرار بحقيقة أن تلك النتائج كانت كارثية على كل أطراف المؤامرة الدولية على سورية، سواء كان ذلك الطرف الأميركي الذي يقوم بمهمة القائد الأعلى للمؤامرة أو أذنابه من «إسرائيلي» او «خليجي أو عربي آخر»، وذلك لأن رد وسائل الدفاع الجوي السوري الفوري على محاولات تقرّب التقرب معناها محاولة الهجوم في التعبيرات العسكرية الطائرات «الإسرائيلية» من أهداف عسكرية داخل الاراضي السورية، وما بعد رد الدفاع الجوي الانفجارات في محيط القدس والمناطق الأخرى قد أكد حقيقتين هما:
الأولى: إن زمن العربدة الجوية «الإسرائيلية» في الأجواء السورية، وقريباً في أجواء عربية أخرى، قد ولّى إلى غير رجعة. أي أن الأجواء السورية قد أصبحت منطقة حظر جوي بالنسبة لسلاح الجو «الإسرائيلي» وأن أي طائرة معادية تقلع من قاعدتها متجهة الى الأجواء السوريـة سيتـم إسقاطهـا على الفـور وقبـل دخولهـا الأجــواء السوريـة.
أي أن قواعد الاشتباك الجوي الجديده التي وضعتها القيادة العامة لقوى تحالف المقاومة تنصّ على الاشتباك المسبق مع الطائرات المعادية، بمعنى التعامل معها «تحت الفصل السابع» أي تعرّضها لعقوبة الإسقاط الفوري.
لقد أصبحنا نسور الجو كما أننا أسود الأرض، ونحن مَن نحدد قواعد الاشتباك وصولاً إلى اليوم الذي تنتفي فيه ضرورة شن حرب على العدو، بسبب أنه فعلاً أوهن من بيت العنكبوت وسيأتي اليوم الذي يصدر فيه أسياد الميدان وأمراء البحر أوامرهم لهؤلاء المتغطرسين بتنفيذ إخلاء مناطق محتلة معينة خلال مهلة زمنية معينة وسيكونون مرغمين على تنفيذ تلك الأوامر.
الثانية: إن رسالة ما بعد الرد الدمشقية الانفجارات في محيط القدس فجر الجمعة ١٧/٣/٢٠١٧ قد وصلت الى كل من يعنيه الأمر من عرب وفرنجة، وفُهمت على نحو جيد.
أي أنهم حفظوا درسهم، كما يجب، رغم التصريحات المكابرة التي يطلقها وزير النوادي الليلية «الإسرائيلي» كان حارس نوادٍ ليلية في روسيا أفيغدور ليبرمان ورئيسه نتن ياهو حول قيامهم مستقبلاً بقصف «قوافل سلاح حزب الله».
ألم يذهب هذا «الطاووس» التلفزيوني يوم التاسع من آذار الحالي طالباً الحماية الروسية من «العدو» الإيراني الذي يريد إبادة اليهود؟
ألم يطلب من الرئيس بوتين التدخل لدى إيران وحزب الله والطلب منهم عدم شن حرب استباقية ضد «إسرائيل» بهدف تحرير الجليل؟
ألم تقم قيادة المنطقة الشمالية في الجيش «الإسرائيلي» باستبدال جنود الاحتياط العاملين في مستوطنات الشمال بجنود من قوات لواء هاغولاني ولواء جفعاتي استعداداً لدخول قوات المقاومة الى هذه المستوطنات؟
رحم الله امرئ عرف قدر نفسه… لقد تغيّر الميدان، فما عليك إلا أن تتكيف مع المتغيرات والابتعاد عن الشعوذات التوراتية القديمة، كما أبلغك الرئيس بوتين.
سابعاً: أما راعي ما يطلق عليه «قوات درع الفرات الأردنية» فقد تلقى الرسالة الصاروخية وقرأ محتواها وفحواها بكل تمعّن، خاصة أنها وصلته بعد فشل المجموعات المسلحة المنضوين تحت مسمّى «غرفة عمليات البناء المرصوص»، المدارة من قبل غرفة عمليات الموك الأردنية، تلك المجموعات التي تضمّ: جبهة النصره، حركة أحرار الشام، هيئة تحرير الشام.
بما في ذلك المجموعات التي انضوت تحت هذا التحالف من فرقة الحق / فرقة أحرار نوى / ألوية العمري / فرقة الحسم / فرقة ١٨ آذار / فرقة صلاح الدين / الفرقة ٤٦ مشاة / شباب السنة ولواء الكرامة..
ولكنهم وعلى الرغم من قوة الرد السوري ووضوح الرسالة إلا أنهم ما انفكوا يحاولون بلا جدوى تحقيق أي انتصار تلفزيوني يساهم في رفع الروح المعنوية للمسلحين محاولة الهجوم على نقاط معينة في محيط العباسيين وشركة كراش انطلاقاً من حي جوبر / القابون / والتي أفشلها الجيش العربي السوري ظهر امس إنما تأتي بانتظار ظروف أفضل تمكنهم من استئناف محاولاتهم للسيطرة على الجنوب السوري كله…!
ولكن الجيش العربي السوري والقوات الحليفة استطاعت ليس فقط افشال الهجوم الواسع، الذي نفذ على شكل قوس ناري امتد من جامع بلال الحبشي وحتى شارع سويدان، وإنما تجيير النتائج لصالحها..
حيث قام الجيش بتنفيذ خطة تطويق وعزل تلك المجموعات وقطع خطوط إمدادها سواء القادمة من الأردن او القادمة من الارياف.
ثامناً: وعلى الرغم من النجاحات الميدانية والإخفاقات الكبيرة للمشروع الأميركي الصهيوني ضد سورية ومحور المقاومة الا ان الاخطار لا زالت كبيرة خاصة في الجنوب السوري، فعلى الرغم من انخراط الاردن الظاهري في عملية «أستانة» وما يطلق عليه وقف إطلاق النار… إلا ان الضغوط الاميركية والسعودية التي تُمارس على الاردن كبيرة الى درجة انها أجبرته على عدم توجيه الدعوة للحكومة السورية لحضور «القمامة» العربية في عمان نهاية هذا الشهر.
أي أن الاردن لا زال، وكما يقول المثل، يضع رجلاً في البور ورجلاً في الفلاحة، ذلك ان المتغيرات التي حصلت على توجهاته من العدوان على سورية لم تكن نتيجة مبادئ او قناعات، وإنما نتيجة مصالح خاصة مرتبطة بالمتغيرات الميدانية والدولية تجاه سورية، ولكنها بالتأكيد لم تكن تغييرات تمس جوهر تحالف النظام الأردني مع قوى الاحتلال والاستعمار.
وعليه فإن موضوع الجنوب السوري يجب ان يحظى بأهمية كبيرة وأن يعطى اولوية على غيره، خاصة أنه قريب من جنوب الجولان المحتل وأن القيادة العسكرية «الإسرائيلية» جاهزة لتقديم الدعم الناري والتدخل بالقوات الخاصة لدعم المسلحين في أي هجوم مقبل لهم في محيط درعا وكذلك محيط القنيطرة.
وهنا يجب التنويه الى ان منطقة الحمة السورية المحتلة الملاصقة لحوض اليرموك، وبالتالي لمواقع المسلحين الإرهابيين هي منطقة انتشار لكتيبة قوات خاصة وكتيبة محمولة جواً «إسرائيليتين». فإذا ما اخذنا بالاعتبار عناصر الخطر الثلاثة هذه:
الوحدات «الإسرائيلية» الخاصة،
سلاح المدفعيه «الإسرائيلي»،
جيش العشائر الذي تديره المخابرات الأردنية
فإن المتابعين يرون ضرورة حسم معركة الجنوب بالسرعة الممكنة وعدم تضييع الفرصة الملائمة الناتجة عن ظروف الميدان الزاخرة بنجاحات محور المقاومة وما نتج عن الفشل الجوي «الإسرائيلي» والذي أصبح يشكل عامل ردع ثابت في وجه الغطرسة «الإسرائيلية»…
الصمت القاتل أو التعتيم الاستراتيجي الذي مارسه سيد المقاومة في آخر خطاب له حول هذا الموضوع يؤكد ما يذهب إليه المتابعون..
بعدنا طيبين قولوا الله.
محمد صادق الحسيني