تعد ظاهرة التدخين من الظواهر الاجتماعيّة السيّئة التي انتشرت في الآونة الأخيرة بين فئة "المراهقين"، وهذه فئة تشمل الأطفال الذين لم يصلوا إلى مرحلة النضوج والاستقرار، فتتراوح أعمارهم ما بين 12 إلى 18 سنة تقريباً (على الرغم من اختلاف الدراسات حول العمر الفعليّ للمراهقة).
ورغم خطورة هذه الظاهرة، إلاّ أنها لم تحظ بمعالجة كافية، ولا شك أن التهاون في مكافحتها يؤدي إلى انهيار حضاري سريع.
يمارس الطلاب عادة التدخين ضمن دوامهم المدرسي بعيداً عن أعين ذويهم. و قد تم ضبط العديد من حالات التدخين خلال الدوام الرسمي, إذ تفيد السيدة أ.س. (وهي ناظرة في إحدى مدارس الضاحية الجنوبية ومديرة لمعهد) أنها ضبطت خلال العام المنصرم حوالي الثلاثين طالبا تترواح أعمارهم بين الـ11 و 16 سنة يمارسون التدخين في حصص الفراغ وفي الاستراحات وفي الحمامات. كما أكدت الآنسة م.ك. (وهي معلمة رياضيات للصف السابع والثامن في منطقة طريق الجديدة) أنها ضبطت أربع من طلابها أحدهم أنثى يدخنون في وقت الاستراحة. ويفيد ع.ك. (أستاذ فيزياء للحلقة الثالثة في منطقة بيروت) بأنه ضبط العديد من حالات مشابهة لما ذكر.
وتبدأ حكاية السيجارة مع أغلب الطلاب المراهقين بتدخين سيجارة أو سيجارتين لاختبار الطعم، ثمّ ينتقلون إلى مرحلة التعوّد حيث يضعون السيجارة لا شعورياً في فمهم، والمرحلة الثالثة مرحلة التحمل حيث تتكيف أجسامهم مع مادة التبغ ويصبحون بحاجة لزيادة الجرعات، والمرحلة الأخيرة هي مرحلة الإدمان والخضوع.
العوامل المسببة للتدخين:
-التقليد والظهور بسن أكبر، حيث إنّ المراهق لا يدّخر وسيلةً في تقليد الكبار، فيظنّ أنّه يشعر برجولته عندما يقوم بالتدخين.
-رفقاء السوء، فالأصدقاء يتشاركون في عاداتهم وسلوكياتهم، لذلك فقد يقود مراهقٌ واحدٌ مدخنٌ جميع أصدقائه للتدخين.
-إشغال وقت الفراغ، فيجد المراهق متعةً في التدخين وقضاء الوقت وقتلاً للملل.
-التفكّك الأسري أو غياب دور الأسرة الفعّال في توجيه المراهقين، فالمراهق يعيش في حالةٍ من التشتّت خلال هذه المرحلة لاختلاط مشاعره ورغباته وحاجاته وتطلعاته فيحتاج إلى من يرشده، وعندما يغيب دور الأم أو الأب فإن هذا المراهق يلجأ إلى التدخين، كما أنَّ تدخين أحد أفراد الأسرة يزيد من إقبال المراهق على التدخين حيث يشعر بأنّها ليست خطيرة.
-الدعاية حول التدخين، فتجذب المراهق وتجعله محباً لتجربة هذا الشيء الجميل والجديد عليه وهو عكس ذلك طبعاً.
مساوئ التدخين للمراهقين:
وغني عن البيان أن ممارسة المراهق لهذه العادة تؤثر بشكل مباشر على صحته؛ فمن مساوئه:
-التدخين سبب أساسي لأمراض الربو التي يصاب بها المدخن، فالتدخين يجعل مجرى الهواء منتفخا وضيقا ومليئا بالإفرازات المخاطية ذات اللزوجة العالية، فتترسب على الشعب الهوائية مما يثير أعراض الربو عند المصاب به. إضافة إلى ذلك، فإن الدخان يعيق وظيفة الأهداب الصغيرة الموجودة بالقصبات الهوائية، فلا تتمكن هذه الأهداب من طرد الغبار والأجسام الضارة.
-يزيد التدخين من قابلية التعرض للالتهابات، مما يضعف جهاز المناعة.
-للتدخين أضرار وتأثيرات على القلب والشرايين؛ ويكمن الخطر هنا في أنّ الضيق الدائم في الشرايين يسبب على المدى البعيد انسداداً في شرايين القلب، فتحدث الذبحة الصدرية والجلطة. وقد تصل أضراره إلى أن -يسبب انسداداً في شرايين المخ، فتحدث السكتة الدماغية، أو يسبب انسداداً في شرايين الساقين فتصاب بالغرغرينا.
-ينتج التدخين أول أكسيد الكربون مما يعمل على ترسيب الكوليسترول في جدران الشرايين والأوردة وهذا يسبب الضغط المرتفع ويصيب القلب بالإجهاد وبالتالي يقل عمر القلب.
كما أنّ للتدخين مضاراً على صحّة الأسنان، فالفم هو أوّل من يستقبل هذه المادّة السامّة ليترك تأثيره على الأسنان، فتظهر البقع الصفراء وتفقد جمالها.
للمدخن رائحة فم كريهة تنفر الآخرين منه، حيث يؤثّر التدخين على الغدد اللعابية في الفم، مما يجعل بعض أنواع البكتيريا تنمو في الفم لتخرج هذه الرائحة.
إن التدخين سبب أساسي لأمراض اللثة، وفقدان الأسنان، وتأخير التئام الجروح، ويؤثر أيضا على حاسة الذوق لدى المدخن.
أمّا أخطر الأمراض التي يسببها التدخين هي السرطانات وخاصة سرطان الرئتين، فيسبب التدخين ما يقارب تسعين بالمئة من حالات سرطان الرئة، وقد يسبب التدخين أيضاً سرطانات في أماكن أخرى في الجسم كالفم، والحلق، والكلى، والكبد، والمعدة، والبنكرياس وغيرها.
طرائق وحلول لمعالجة هذه الظاهرة:
تحتاج عملية إقلاع المراهق المدخن عن التدخين إلى الصبر والتعب، فهي ليست بالعملية السهلة ولا يمكن حصد نتائجها بسرعة لأنّ هذا المراهق في مرحلة إثبات النفس، ويمكن الاستعانة بالنصائح التالية لمساعدة المراهق في ترك التدخين:
-محاورة المراهق بطريقةٍ لطيفةٍ وبأسلوبٍ جيدٍ عن أسباب إقباله على التدخين، وتوضيح الأضرار التي قد تنتج عنه.
-إقلاع المدخنين في نفس الأسرة لتشجيع المراهق على ترك التدخين.
-إشغال وقت المراهق بالأعمال المفيدة والمسلية حتى لا يشعر بالملل ويلجأ إلى التدخين.
-معالجة الإدمان بالإبر الصينية أو أي طرق علاجية يمكن أن تساعد في تخفيف رغبة المراهق.
-تفعيل دور المرشد الاجتماعي في المدرسة.
-استخدام المنابر من أجل توعية المراهقين.