يبتسمون، يصفقون، يلتقطون الصور ويشكرون أمهاتهم وآباءهم واصدقاءهم
وزملاءهم. ربما، لا يعرفهم المجتمع كثيراً، ولم تتداول وسائل الاعلام صورهم
كثيراّ، ولا يتم ذكرهم في المحافل المحلية، غير أنهم يبحثون ويثابرون
وينشرون بحوثهم العلمية، ويحددون المشاكل التي نعيشها في يومياتنا بطرق
واضحة ودقيقة، ويحاولون أن يجدوا حلولاً علميّة وفعّالة، ويرسمون صورة
منيرة لمجتمعنا يعكسون من خلالها الكثير من الأمل والمثابرة لشاباتنا
وشبابنا. فاز، أمس، سبعة باحثين في مختلف الميادين العلمية بجائزة «التميّز
العلمي» بدورتها السادسة التي نظمها أمس «المجلس الوطني للبحوث العلمية»
في السرايا الكبيرة.
تعتبر الباحثة الفائزة بالجائزة في مجال العلوم البيئية والزراعية الدكتورة
نجاة صليبا من «الجامعة الأميركية في بيروت» أن هذه الجائزة أهم بكثير من
الجوائز العالمية باعتبارها جائزة وطنية يكرّم فيها الباحث في وطنه. حصلت
صليبا على رتبة الأستاذية الكاملة في «الجامعة الأميركية» وهي مديرة «مركز
حماية الطبيعة»، وتدير بحوثا علمية في شأن تلوث الهواء، وأزمة النفايات
وتحليل المواد المسرطنة والسامة الناجمة عن التدخين، ولها أكثر من مئة
منشور علمي في المجلات العلمية المحكمة. تقول صليبا إن البحث العلمي في
لبنان يحتاج الى الدعم المادي، والبنى التحتية والقوانين الداعمة والراعية.
من جهة أخرى، فاز مدير مختبر الأبحاث في علم وظائف الأعضاء في كلية الطب في
«جامعة القديس يوسف» الدكتور نسيم فارس بالجائزة عن فئة العلوم الطبية
والصحة العامة. ترتكز بحوث فارس على أمراض القلب والأوعية الدموية ما يساهم
في تعزيز فعالية العلاجات الطبية. يقول فارس إن البحث العلمي يعكس رقي
المجتمع وتقدم التعليم الجامعي فمن دون بحث علمي، لا تطور للجامعات.
يعتبر البروفسور في أمراض الدم والأورام في «الجامعة الأميركية في بيروت»
علي طاهر، الذي فاز بجائزة التميز العلمي عن فئة العلوم الطبية والصحة
العامة، من أبرز الباحثين العالميين في مجال مرض التلاسيميا وعلاجاته.
لطاهر أكثر من 450 مقالة علمية وهو الباحث الرئيس في دراسات تبحث عن علاجات
جديدة لتحسين حياة مرضى التلاسيميا الذي يشكرهم على منحهم الثقة له.
خصصت جائزة المجلس في علوم الانسان والمجتمع للبروفسورة في «كلية سليمان
العليان لإدارة الأعمال» في «الأميركية» ديما جمالي التي تتمحوّر بحوثها
حول المسؤولية الاجتماعية للشركات والريادة الاجتماعية.
نالت جمالي، في العام 2015، جائزة «أسبن للأساتذة الرواد» وسمّتها المنظمة
العربية للمسؤولية الاجتماعية شخصية عام 2015. وتولت جمالي مهمات عدة في
الأمم المتحدة والبنك الدولي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
يشرح البروفسور في «الجامعة اللبنانية» فؤاد الحاج حسن أن تطور البحوث
العلمية يساهم في إيجاد الحلول التي تواجهها المجتمعات من مخاطر بيئية،
واحتباس حراري وغيرها. فاز الحاج حسن بالجائزة عن فئة العلوم الأساسية
والهندسية وترتكز بحوثه على آليات توليد الطاقة الكهربائية بواسطة أشعة
الشمس. يدير الحاج حسن مركز البحوث والتحاليل في علوم المياه في المعهد
العالي للدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا في «اللبنانية»، وله أكثر من 90
بحثاً علمياً وكتاب «النظرية الإلكترونية والذبذبات من البلورات». وفاز، في
العام 2005، بجائزة أفضل بحث علمي لبناني في الفيزياء في السنة العالمية
للفيزياء التي أعلنتها منظمة «اليونسكو».
فاز الأستاذ المتفرغ في كلية الهندسة في «جامعة القديس يوسف» الدكتور هادي
كنعان بالجائزة عن فئة العلوم الأساسية والهندسية. ترتكز بحوث كنعان على
إدخال التكنولوجيا الحديثة في شأن تحسين نوعية الطاقة الكهربائية وإدخال
الطاقة المتجددة ضمن شبكات الكهرباء التقليدية ولكنعان أكثر من 170 منشوراً
علمياً في مجلات علمية ومؤتمرات دولية.
أضاف المجلس، هذا العام، جائزة الإنجاز العلمي التي فاز بها الباحث الدكتور
إسكندر سرسق الذي أسس في العام 1975 «المركز الوطني للجيوفيزياء» التابع
للمجلس، وكرّس نفسه لتطوير شبكة الرصد الزلزالي في لبنان، ولتحديث الخريطة
الزلزالية للبنان ولتركيب نظام الإنذار المبكر على الشاطئ اللبناني للأمواج
العاتية والتسونامي.
أصبحت هذه الجائزة، وفق الأمين العام للمجلس البروفسور معين حمزه، علامة
فارقة وميزة للباحثين العلميين باعتمادها على معايير علمية موضوعية
ومحايدة. تعطي هذه الجائزة حافزا لجميع الباحثين بتقدير انجازاتهم العلمية
المرتبطة بتحديات محلية متعلقة بالصحة والبيئة والتكنولوجيا وغيرها.
ويشدد رئيس مجلس إدارة المجلس الدكتور جورج طعمة على أن المعايير المعتمدة للجائزة علمية ودولية وتهدف الى تحفيز البحث العلمي.
ويقول عميد كلية العلوم في الجامعة اللبنانية الدكتور حسن زين الدين، ممثلاً
رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور فؤاد أيوب»، ان هذه الجائزة بمثابة تقدير
واعتراف بدور الجامعة اللبنانية المتقدم وبقدرة المؤسسات الرسمية على
التفوق على عكس بعض المفاهيم الشائعة.
من ناحية أخرى، يعتبر رئيس «الجامعة الأميركية في بيروت» الدكتور فضلو خوري
أن الجائزة تمثل نموذجا للأمل بمستقبل أفضل، وأن العلماء يجسدون الريادة
في الخدمة. ويجد رئيس «جامعة القديس يوسف» الأب الدكتور سليم دكاش أن
الجائزة تعطي مسؤولية إضافية للباحثين في تطوير أعمالهم، ورفع شأن
جامعاتهم، ورعاية الباحثين الشباب. وينوّه أمين عام مجلس الوزراء فؤاد
فليفل بدور المجلس الوطني للبحوث العلمية في رعاية الطاقات العلمية
المتميزة في مختلف الجامعات اللبنانية.
ملاك مكي/جريدة السفير
25-11-2016