كتب محرر الشؤون العربية في جريدة السفير بتاريخ السبت 27 آب 2016:
اتفقا على انهما مختلفان، أقله حتى الآن. ليلة جنيف الطويلة لم تحمل أخباراً سورية سعيدة بالكامل بعد يوم تفاوض ماراثوني بين الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف. «تفاصيل فنية» تحتاج إلى متابعة من الخبراء، منعت الوزيرين من إعلان اتفاق جديد يرسخ «تفاهمات بوتين ـ كيري» قبل أسابيع، ربما بانتظار تبلور المشهد الجديد بعد الاقتحام العسكري التركي للميدان السوري، ومراقبة ما إذا كان نموذج داريا، سيخلق أثر «الدومينو» في المحيط الدمشقي الملتهب.
كيري تارة يتنصل من «جبهة النصرة» ويؤكد على «إرهابها» وأنها ليست مشمولة بوقف إطلاق النار، وتارة أخرى يقول إن «عزلها» معقد ويحتاج إلى تعاون إقليمي. كيري المستاء من تسوية داريا، اعتبر ان الحكومة السورية فرضت عليها «الاستسلام»، لكن لافروف رد مساجلا أن تسوية تمت بين طرفي الحكومة والمسلحين، وأنهت الاشتباك المستمر هناك منذ سنوات، وستلحقها مناطق أخرى.
لكن الرجلين كرّرا مراراً أنهما أنجزا الكثير، وما زالت هناك تفاصيل فنية عدة تحتاج الى متابعة من خبراء الدولتين والى تعاون أكبر بين غرف العمليات في حميميم وعمان وجنيف، قبل الإعلان عن اتفاق اميركي - روسي كامل حول سوريا، بما في ذلك ترسيخ هدنة شاملة، والانتقال الى التفاوض السياسي. «نحن قريبون» قال كيري، لكنه شدد على ان واشنطن لن تسارع إلى الإعلان عن الاتفاق قبل حسم التفاصيل وشياطينها.
وعلى الرغم من أن اتفاقاً لم يعلن، إلا أن الديبلوماسييْن حرصا أمام الإعلام على إظهار اتفاقهما. لافروف أعلن مرتاحا ان الأميركيين سلموا الروس، للمرة الأولى، لائحة باسماء فصائل وقعت على انضمامها الى «هدنة آذار». الوزير الروسي أظهر رهاناً ما على عملية الغزو التركية في الشمال السوري، عندما أعلن «أي مقاتلة تحلق في سوريا يجب أن يكون هدفها قصف داعش»، وأن «وجود أي قوة أجنبية في سوريا يجب أن يتم بالتنسيق مع دمشق».
وقال لافروف ردا على سؤال حول الغزو التركي، ان هناك العديد من الدول التي دخلت في العملية العسكرية في سوريا، من دون موافقة الحكومة السورية، ودمشق تبدي موقفاً معتدلاً وبراغماتياً، وهي مستعدة للعمل مع كل من يريد محاربة الإرهاب.
وتابع قائلا «أعتقد أن كل من له قوات داخل سوريا، عليه ان يعِيَ انه يجب تبني الأولويات، وهذا لا يحصل من دون مواجهة «النصرة» و»داعش». يجب ان لا نقع في الحفرة نفسها، كما جرى في العراق وليبيا، ويبدو لي ان البراغماتية والاعتماد على المصالح القومية يجب ان يكونا الحاكمين لمواجهة العدو المشترك».
وحول الاكراد، قال الوزير الروسي «العامل الكردي وعوامل أخرى دفعت للوجود التركي في سوريا، فنحن نرى ضرورة مشاركة الأكراد في العملية السياسية بشكل كامل. ليكونوا جزءاً من الحل وليس عاملاً لتقسيم سوريا».
وقال كيري ان «النصرة» تنظيم إرهابي وهي جزء من «القاعدة» وتغيير اسمها لا يغير من جوهرها، وسنتعامل معها مثل «داعش»، معتبرا ان «النصرة» لم تكن جزءاً من نظام وقف العمليات العسكرية، واستهدافها مشروع.
وبعدما ذكر بموقفه القائل بعدم وجود حل عسكري للنزاع في سوريا، قال كيري ان الهدف من محاثات جنيف وغيرها الوصول الى مفاوضات جدية حول مستقبل سوريا. لكنه اشار الى وجود «تفاصيل فنية كثيرة» تحتاج الى الاتفاق، وانه يمكن القول «اننا توصلنا الى قدر من الوضوح» لجعل الهدنة حقيقية ودعوة الأطراف الى الطاولة لمفاوضات جدية وإنهاء الحرب. وأشار الى ان الخبراء سيستكملون في الايام المقبلة، بعض المسائل الفنية الأخرى والخطوات لتعزيز الثقة واقناع الاطراف».
اما لافروف فقال «تقدمنا خطوات عدة مرتبطة بتفاهمات موسكو (بين كيري وبوتين). واضاف «تحدثنا ليس فقط عن حلب وانما ايضا عما حدث في منبج والحسكة وغيرها..... والوضع في العراق واليمن». وتابع ان الخبراء سيعالجون التفاصيل». واكد انه من دون فك الارتباط بين من يسمون المعتدلين و»النصرة»، فانني لا ارى أي فرصة او امكانية لتأمين وقف اطلاق نار دائم ومستمر».