"لا شيء يتحقق في الدنيا بدون تضحية، بدون جهاد، بدون تعب وألم حتى لو كان صغيراً، لا في الدنيا ولا في الآخرة، فالنتائج الأخروية تحتاج إلى تعب وجهد وكذلك النتائج الدنيوية "، هي خلاصة يخرج بها صادق من عاشوراء الإمام الحسين (ع)، فالتضحية والجهاد ضروريان لحفظ الإسلام، ولأجل الإسلام. ويضيف كانت المقاومة الإسلامية في لبنان ونحن في صفوفها لرفع لواء الحق ونكمل طريق الحسين (ع)، هذا نهجنا وطريقنا.
استشهد أخوه في معركة الدفاع المقدس، وله عمٌ شهيد في المقاومة الإسلامية في الثمانينيات. يحضر في هذه الأيام العاشورائية، ليلياً إلى رياض الشهداء في الغبيري لإحياء الذكرى والمعاهدة على المضي بمعركة الحق، قائلاً: لو أننا نقتل أو يُقتل لنا اثنان أو ثلاثة من البيت الواحد نفسه، فكل ذلك سيكون أقل بكثير من مصيبة الإمام الحسين (ع). ويضيف: لقد تحمل الإمام أكبر المصائب حتى يعلّمنا أن نتحمل المصائب في سبيل الله. الحسين معلمنا ومنه تعلمنا الصبر والتضحية.
تدمع عينا علي "صديق صادق"، يحاول منعها من إختراق جفونه، يقول إنه يفتخر أنه تعرف على مدرسة الإمام الحسين (ع) من تجربة المقاومة في لبنان، ويشير إلى أن تجربة صادق وهذا المنزل المعطاء عرّفه على بعضٍ من كربلاء، فنحن اليوم فيما يشبه عاشوراء في مواجهة محور الشر. ويؤكد علي أنه ثابت بإذن الله على نهج الإمام الحسين (ع) حتى قيام الساعة، وأنه سيعوض بُعده عن هذا النهج بسبب عيشه بعيداً عن الوطن وعن الأجواء الإيمانية بأن يكون في خدمة المقاومة الإسلامية التي تخوض ظروف كربلاء الامام الحسين (ع) في مواجهة الظلم وأعداء الدين.
وبينما نتحدث إلى صادق وعلي يعلو في رياض الشهداء، حيث نحن، صوت الرادود الحسيني تحضيراً لإنطلاق المراسم "الجهاد ، الجهاد.."
يبتسم الشابان علي وصادق ويشيران إلى شاب دخل للتو إلى المكان، ويقولان "إجا ابو الجهاد" فهو آتٍ من ساحة الجهاد للتو. أتوجه للحديث إليه، يرفض بداية، ولكن يعود أدراجه طالباً مني كتابة عبارة: "هيهات منّا الذلة وحط تحتها سطرين" . "هذه محور جهادنا ورِثناها من عاشوراء وستبقى شعارنا"، ويضيف:"خلي العالم يتأكد أننا لن نتراجع بل سنبقى نتقدم في أي مكان يتطلب منّا الواجب أن نكون فيه، فلا حدود بالنسبة لنا لمقارعة الظلم وهو هدف، ويزيد العصر لابد أن يُهزم ولو بعد حين".
يبدأ الإحياء في روضة الشهداء في الغبيري، يرتصّ الشباب كأنهم في معسكر ويرتفع نداء التلبية: "لبيك يا حسين".
هذا الإحياء الخاص تنظمه هيئة "أحيوا أمرنا" وهيئة "عشق" لإحياء الأمر .. والجهتان تعملان من أجل إحياء الشعائر الإسلامية وأمر النبي محمد وآله (ص).
نحاول أن نشق طريقاً بين أكثر من 1500 شاب تكاتفوا يوماً بعد يوم منذ بداية الاحياءات الليلية هذه، نصل إلى الشيخ حسين زين الدين نسأله عن هذا التجمع اليومي، فيشير إلى أنهم رغبوا في إحياء ذكرى عاشوراء على مقربة ممن سار على درب الحسين، مؤكداً ان اللطم موقف رجولي، ويشدد الشيخ زين الدين أن الشباب الواعي اليوم هو في مقدمة معركة الوجود التي نخوضها مشيراً إلى أنها ليست معركة للدفاع عن السلطة، وأضاف: كلنا مستعدون أن نكون شهداء.
ننتقل من جديد للحديث مع "اللطّيمة" من الشباب فكان تأكيدٌ جامعٌ من قبلهم أنهم يسعون لأن يكونوا كأصحاب الحسين (ع) وأن يكونوا على نهجه معاهدين إياه بحفظ الإسلام.