قضايا وتحقيقات :: الشيخ قاسم للشباب: تعرفوا على الإسلام،ولا تغُرَكم أفكار أعدائه
في كل زمان ومكان تتوجه الأنظار نحو الشباب في المجتمعات، حيث يشكلون المستقبل الموعود. ورسول الله محمد (ص) ذكر الشباب كأول وصية من وصاياه الخمسة لأبي ذر الغفاري ونبهه باستغلال الشباب قبل الهرم.
ولأن الشباب يُعتبر جوهرة ثمينة فلا بد من أن يحسن الإنسان استغلال هذه المرحلة العمرية من حياته. نسعى من خلال هذا التحقيق إلى تسليط الضوء على دور الشباب في المجتمع كما رسمه له الإسلام المحمدي الأصيل لا كما ترسمه الثقافات الغريبة، كيف يبني شخصيته ويحدد خياراته وأي علم أنفع له ومتى يبني أسرة ويتجه للزواج؟
ما تقدم من أسئلة حملها فريق تحرير موقع التعبئة التربوية إلى من أحب دوماً مجالسة الشباب، إلى نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم لننهل من خبرة تراكمت لدى شاب يافع نهل من الإسلام المحمدي الأصيل وتنقل في عدّة مناصب في مسيرة المقاومة والجهاد ولا زال.
تحقيـق خاص
الشباب شعبة من الجنون
"إن الشباب محطة مفصلية من حياة كل فرد وهو المقدمة الطبيعية لكل ما يُنتجه في مستقبل حياته"، يقول سماحة الشيخ نعيم قاسم، "فإن طاقة الشباب الإستثنائية تبدأ من سن التكليف وتظهر في مختلف المجالات العقلية والجسدية والنفسية، فإما أن تكون طاقة خير وإما أن تكون طاقة شر وبالتالي فهي شعلة تحرق أو تضيء".
وهنا يلفت سماحته قول رسول الرحمة محمد (ص) "أن الشباب شعبة من الجنون" ويفسر قائلاً: إن المقصود من الجنون، الحيوية الفائقة التي تجعل الشاب يُقبل على أعمال كبيرة وغير متوقعة، ففي هذه المرحلة يمكن أن تنتج الأعمال العظيمة في الإطار الخيّر والأعمال العظيمة في الإطار الشرير.
إذا هي مرحلة لا تدوم طويلاً، لكن آثارها آثارا باقية طويلة علی امتداد حياة الإنسان. وبالتالي على الشاب، بحسب نائب الأمين العام لحزب الله، أن يتحمل عدد من المسؤوليات، فعليه أن يُزكي نفسه، أن يُحسّن أداءه، أن يراقب، أن يختار ويميز ويدرس خطواته بدقة وليس كما يروّج البعض بانتظار أن يبلغ الثامنة عشر من عمره أو ما يُسمى سن الرشد بحسب الثقافة الغربية.
الإسلام إدارة المسار نحو المنهج
ولأن الفَرَس جَموح فعلى الشاب مع سن التكليف أن يطرح على نفسه بعض الأسئلة ويجيب عنها ليحدد مساره، وفق سماحة الشيخ نعيم قاسم. "فعليه أن يسأل نفسه السؤال المركزي الأول ما هي الحياة التي نعيشها؟ وما هو دوري فيها؟ وإلى أين يمكن أن أصل في نهاية المطاف؟ "ويضيف سماحته "إن الشاب بالإجابة عن هذه الأسئلة سيكتشف أن هذه الحياة هي عبارة عن بضع سنوات مؤقتة في دنيا ينتقل بعدها الإنسان إلى الآخرة والحساب، أي أن الحياة محدودة وهي فرصة".
أما الأمر الثاني الذي سيكتشفه "أن الله تعالى هو الذي خلق هذه الحياة وهو الذي وضع منهجاً كاملاً للإنسان ليكون سعيداً فيها، وبالتالي عليه أن يتعرف إلى هذا المنهج، عليه أن يتعرّف على الإسلام ومن خلال تعرفه يسترشد طريقه الذي سيسير عليه. ويدعو سماحته الشاب بالتعرف على دين الله، فالإسلام له ميزة أنه يوفر على الإنسان عملية البحث الشاقة عن هذه الحياة وكيفية التعاطي معها لأنه يعطيه كل الخطوات اللازمة وتترجم من خلال الحلال والحرام والواجب والتوجيهات الذي يعطيها".
ويشبّه سماحته تعاطي الشاب مع كتاب الله "بأي منتج يمكن أن تنتجه شركة عالمية وتزودنا بدفتر تعليمات من أجل أن نعرف كيف نتعاطى معه، والله عزّ وجل خلقنا وأرسل لنا كتاب تعليمات لنعرف كيف نتعاطى مع جسدنا ومع عقلنا ومع روحنا ومع حياتنا الاجتماعية وعلينا أن نفتح هذا الكتاب لنقرأ ونتعلم".
بعـض الشباب يستسهل والبعض يُضلل
وبناء على هذه النصيحة يشدد سماحة نائب الأمين العام لحزب الله في الزمن التكفيري على ضرورة أن يتنبه الشباب من العلماء المضللين مستشهداً بقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): "لا تفرقوا الحق بالرجال، إعرف الحق تعرف أهله". ويقول "فقبل اختيار العالم آو المثقف آو المرشد على الشاب أن يعرف بعض عناوين الحق ليرى إذا كان هذا الاختيار صحيحاً أم لا. فمثلاً يقول تعالى: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. وكذلك يقول تعالى: ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. إذاً هناك توجيهات تتحدث عن الرحمة وحسن التعامل، عن الاختيار الحر فهذا هو منطق الإسلام المحمدي الأصيل".
أما سبب إنحراف بعض الشباب عن نهج الإسلام فيرده الشيخ قاسم إلى "اليأس أحياناً أو السهولة في البيئة وأحياناً من أجل المال وأسباب أخرى وبالتالي فإن الأخطاء في الاختيار لها علاقة بالأخطاء في الهدف". ويقول: "لو كان الهدف نبيل من البداية أنه يريد أن يختار طريق الله تعالى فطريق الله بيِّن لأنه النور والنور لا يخفى على أحد، وهي مسؤولية البيئة والمجتمع في مساعدة الشاب وتقديم الخيارات التي من خلالها يستطيع أن يعيش البيئة النظيفة وأن يتمكن من حسن الاختيار".
"قيـمة الشاب أن يسـرع إلى الخير أول حياته"
عبـادة العالـم أفضـل من عبادة الجاهل
ولعل من أهم ما يثقل مهارات الشاب الفكرية ليحسن الاختيار، العلم، "فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون". فالعلم يقول الشيخ قاسم "يفتح الآفاق ويكافح الكسل وضعف الإرادة وهشاشة القدرة علی اتخاذ القرارات والإعراض عن الدراسة وعن السعي للتفكير التأمل". ويضيف "ليس المقصود بالعلم العلم الديني فقط بل إن مطلق العلم يؤدي إلى معارف تصب في نهاية المطاف في العلم الديني، فلذلك العلم يعطي قيمة ويقرّب الإنسان إلى الله تعالى أكثر، "ساعة تفكر خير من عبادة سبعين سنة".
حساسية الشاب تجاه المجتمع..والجهاد
و"بعد أن يثقل الشاب شخصيته عليه أن يتحمل مسؤولية أمته وعليه أن يمتلك شعوراً واعياً بالمسؤولية فيجب أن يكون جزءاً فاعلاً في قلب الحياة وفي قلب المجتمع لا أن ينعزل مع نفسه وفي علاقة خاصة مع ربه، ولكن عليه أن يكون عنصراً فاعلاً في كل حاجات ومتطلبات المجتمع من موقعه الإيماني".
و"لأن الجهاد وجد كحل لحماية الإسلام ليتقدم بسلاسة إلى الناس فوجب على الشاب المؤمن أن يكون مستعداً للجهاد، فآيات الجهاد في القرآن الكريم كثيرة جداً". "وهي دائماً تحثنا لنكون مستعدين وإن لم تكن المرحلة أو الظرف يتطلب جهاداً عسكرياً فهو على الأقل يتطلب جهاداً للنفس. والجهاد يجب أن يصاحب كل حركاتنا داخل المجتمع"، ويشير سماحته إلى جهاد حزب الله كيف انعكس بشكل كبير على قوة مجتمعنا ومكانته ليس في لبنان فقط بل في كل العالم وأعطى الجهاد حالة من الدفع إلى الأمام والتقدم في كل المجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية.
"الجهـاد مع بعـض التضحيات ونتائج عظيمة، بينما عدم الجهاد سيفقدنا كل شي ونصبح أتباعاً للمستكبرين "
الـزواج سـكن ومستقـر
ولعل المحافظة على الحياة الأسرية أساس في الحفاظ على الدين الإسلامي وهي باب من أبواب الجهاد وعليه ينصح الشيخ قاسم الشباب "أن تبقى فكرة الزواج المبكر فكرة حاضرة لديهم عندما تتوفر شروطها الموضوعية"، مشيراً إلى أن "الحرب الناعمة التي يشنها أعداء الإسلام في محاولة لإبعاد مؤسسة الزواج مكشوفة وهدفها النيل من بنيان الأسرة وتحويلها إلى شكل مختلف عن مشروع الإسلام". ويوضح: "إن مشروع الغرب هو مشروع التركيز على الجسد واللذة والإسلام هو مشروع التركيز على الإنسان كقيمة قائمة بذاتها، هناك تضارب في المشروعين ويجب أن نلفت شبابنا أن لا ينبهروا ببعض الدعايات وبعض الأشكال الظاهرة التي أشبه بالزينة التي تغر، وفتشوا عن المسار الصحيح، فنحن نرى أين هو المجتمع الغربي وأين هو مجتمعنا".
وفي الختام هذه دعوة إلى الشباب للتأمل بقول الإمام علي عليه السلام: شيئان لا يعرف فضلهما إلا من فقدهما الشباب والعافية... وليكن شبابنا في خدمة دين الله لينهزم أعداء الله...