قضايا وتحقيقات :: لا للإملاءات الخـارجية فـي القضايا التربوية/ تحقيق خاص
لا للإملاءات الخـارجية فـي القضايا التربوية
بانتظار التمويل .. دعوة لعـدم الارتهان ومـراجعة المسار
في لبنان، وكما العادة، نتعاطى مع كل "فرنجي" على أنه الأمثل، لا بل نشرّع أبوابنا ونسمح بعمليات التسلل إلى مناهجنا التعليمية، فلقاء التمويل نسمح أن تكون على هوى الممول.
الاستسلام للممولين هو ما تبين في الجلسات التمهيدية لانطلاق تطوير المناهج التربوية وهو ما نضيء عليه في تحقيقنا ليكون التطوير إلى الأفضل ولخدمة بناء أسس متينة للوطن.
تحقيق خاص
مع بداية العام 2015 كُلّفت الدكتورة ندى عويجان إدارة المركز التربوي للبحوث والإنماء، في ظل التعطيل المنتشر في الدولة. ومع الإدارة الجديدة تحرك المركز بتكليف من وزارة التربية والتعليم العالي لإعادة النظر في المناهج التربوية المعتمدة منذ تسعة عشر عاماً.
وهكذا كان... إنطلق العمل لتطوير المناهج وهو ما يرى فيه تربويون أنه أمرٌ مطلوب، لا بل لازم في ظل بعض الشوائب في المناهج الحالية. ولكن ما يستوقف هؤلاء هو العجلة التي سارت بها الأمور، إضافة إلى الدور الذي اتخذته مؤسسة "أديان"، وهي مؤسسة غير حكومية، في سياق العمل لتطوير منهجي التربية المدنية والفلسفة والحضارات.
فمؤسسة "أديان" تخطت حدود التمويل وتعدت في بعض الأحيان على عمل المركز التربوي للبحوث والانماء وتدخلت في تحديد أعضاء اللجان، وفرض مفاهيم معلبة تحت عنوان المواطنة الحاضنة "للتنوع الديني" "وثقافة السلام"...وبذلك تكون "الأمور تخطت أمور داعم مادي للمشروع إلى طرف يسوق الأمور بنوايا مستترة وبهدف تركيب وعي جديد للمجتمعات" على ما يقول الاكاديمي والاستاذ الجامعي الدكتور طلال عتريسي في حديثه لموقع التعبئة التربوية.
الشراكـة مع أديان خطأ استراتيـجي
وعلى هذا الاساس يرى مدير عام المؤسسة الاسلامية للتربية والتعليم الدكتور حسين يوسف، في حديث لموقعنا، أن "الشراكة مع مؤسسة غير حكومية كأديان خطأ استراتيجياً، لا سيما أنها مرتبطة بتمويل خارجي". ويضيف "الشراكة ممكنة إن كانت على سبيل المثال على الصعيد التقني ولكن أن يُترك لأديان حريّة التدخل لفرض مفاهيم فهو غير دقيق" ويشدد يوسف على "ضرورة أن تكون الجهة التي تناقش المفاهيم جهة مخولة وطنية مدركة لحقائق الواقع اللبناني".
ورغم أن رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء بالتكليف الدكتورة ندى عويجان تؤكد "حرص القيمين على تطوير المناهج على تعزيز القيم اللبنانية"، الا انها تبرر تبني بعض المفاهيم مثل الجندرة والتربية على السلام. وتؤكد ضرورة "الاستفادة من الخبرات العالمية في مجال رفد منظموتنا القيمية بقيم جديدة، ترسّخ الانتماء والوحدة وتفعّل الاندماج الاجتماعي وتقاوم مفاعيل العولمة".
ولكن الدكتور حسين يوسف، يسأل عن "أولوية طرح قضايا وتحديات داخلية قبل رفد منظومتنا القيمية بقيم جديدة"، ويشير إلى "أن وجعنا في لبنان له علاقة بالعدالة الاجتماعية والعيش المشترك والاستقلال ورفض الهيمنة ومواجهة الاحتلال والتنمية المتوازنة بين المناطق، كما أنّه له علاقة بالواقع الاجتماعي والسياسي والتكويني التاريخي لهذا البلد بالذات ولا يصح ان نستأجر عناوين لا تشبهنا".
ضـرورة ضبط الاستعجال وعـدم الخضوع للإملاءات
إذا هو خليط من "العجلة" و"الارتجال" ما حصل في المرحلة الأولى من جلسات اللجان لتطوير المناهج بحد وصف عضو لجنة التربية الدكتور غالب العلي، داعياً إلى التأني في عملية تطوير المناهج مستغرباً في حديثه لموقع التعبئة التربوية أن يُبذل جهد من ثم تحوّل النتائج إلى المجلس الأعلى للتربية ومن ثم الحكومة حيث يأتي احتمال تبني هذا الجهد والتصديق عليه وممكن ان لا يُصدق.
ويتفق الدكتور العلي مع الدكتور يوسف على ضرورة تصويب المسار منذ البداية كون الأمور لا زالت في المراحل الاولى وتصويب المسار وتنظيمه ومقاربته وفق دراسات تفصيلية للمناهج الحالية.
ويؤكد الدكتور طلال عتريسي، وبعد التجربة مع جمعية أديان، أن القبول بالتمويل لتطوير المناهج التربوية من أي جهة كانت لا يعني مسخ هويتنا الوطنية، فمن أهم وظائف التخطيط للتعليم هو تكوين مواطن صالح للمجتمع الذي يعيش فيه.