اعتبر رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله سماحة السيد هاشم صفي الدين ان أحد أهم مميزات المقاومة انها حافظت على ثقافة وقيم اصيلة تعابيرها الصدق مع النفس والمجتمع.
كلام السيد صفي الدين جاء خلال رعايته حفل التخرج الـثامن الذي اقامته كلية الرسول الأعظم ومعهد الرسول الأعظم التقني في حضور جمع من الفاعليات التربوية والاجتماعية واهالي الخريجين الذي بلغ عددهم 250 خريجاً.
بداية الاحتفال اي من الذكر الحكيم فالنشيد الوطني اللبناني ثم القت مديرة المعهد والكلية الحاجة نهى عمار كلمة تناولت فيها ابرز إنجازات الكلية والمعهد لناحية النتائج المشرفة التي يحصلها طلاب المعهد وعلى المستوى العلمي العالي الذي تقدمه الكلية مما يساهم في ظهور طلاب متفوقين على مستوى لبنان.
الكسب الحلال:
وفي كلمته تحدث السيد صفي الدين عن الكسب الحلال وقال: "نحن في بلد معطوب في بنيته الاداراية والأخلاقية والإجتماعية والسياسية ونحن نتأثر بكل ما هو موجود في البلد وبتعبير أوضح كثير من الناس في بلدنا وهم سياسيون وأصحاب مراكز مهمة في البلد يتجهون نحو الربح السريع حتى لو كان على حساب الأخلاق أو أداء الوظيفة وهذا خطأ ، فنحن ننتمي إلى مجتمع لديه ثقافة وقيم مختلفة فمن خصائص هذا الإنتماء وهذه الأصالة أن نكون صادقين مع ربنا ومع أنفسنا ومع مجتمعنا وأصحاب المهنة التي نعمل فيها وهذا يعني ان نسعى للكسب الحلال، فليس المطلوب ممن يتخرج من المعهد أو الجامعة أن يؤمن كل احتياجاته خلال يوم أو شهر أو سنة فهناك بعض الأشخاص بقوا لمدة 20 و 30 سنة حتى إستطاعوا شراء منزل، هذا يعني ان نكون جادين وأن نكون ممن يسعون لأن نأخذ المال من عرقنا وتعبنا وجهدنا، وأنا أعتقد لو أن اللبنانيين يعيشون من مال أكتسبوه من عرقهم وجهدهم وتعبهم فقط لأستقامت الأمور، ولكن للأسف هذا غير موجود بنسبة كبيرة، وهناك دائماً مشاريع ومناقصات واليوم حصل جدال كبير حول بعضها وأصبح هناك إتهامات حول كيفية التلزيمات والتي دائما فيها إتهامات وبعضها صحيح.
امانة تحمل المسؤولية:
واضاف: "الأمانة في تحمل المسؤولية ان نكون أهل أمانة سواء كنا في مستشفى أو معهد أو أي مؤسسة أخرى وحينما نوقع على عقد معين فيجب أن التزم به على المستوى الشرعي ومخالفته ليست أخلاقية بل شرعية، فالمتدين أمين والمؤمن مؤتمن على أي وظيفة وضعت بين يديه وهي أمانة حتى لو لم تكن عليه رقابة بالشكل المطلوب ففي بعض المؤسسات ليست هناك رقابة وهذا لا يعني أن يتفلت الموظفون كما يريدون من دون حسيب أو رقيب، فالأمانة في العمل يعني النجاح وأن لا تخفي ما تعلمته في وظيفتك وأداء أفضل ما عندك من أجل أن تكون هذه المؤسسة ناجحة و هذه من المسؤوليات الشرعية و الأخلاقية.
ميزات المقاومة:
واعتبر السيد صفي الدين: "ان أحد أهم مميزات المقاومة ليست العمل العسكري فحسب بل الحفاظ على هذه القيم فالكثير من المقاومات في العالم وممن يحملون السلاح ويقاتل ويتدرب ويملك تقنيات، ولكن أهم مميزات مقاومتنا أنها حافظت على هذه القيم والأصول وبالتالي عندما ندخل إلى سوق العمل منتمين إلى قضية ومنطق نعتقده وكلمات الخريجين والإدارة في المعهد قد ذكرت الشهداء في كل خطابها وبالتالي فنحن ننتمي إلى مبدأ وإلى قضية.
النموذج: الامانة والصدق:
ودعا السيد صفي الدين الخريجين: "الى الحفاظ على كل ما اكتسبتموه خلال دراستكم في المعهد والكلية، وأن تكونوا اوفياء لمعهدكم وكليتكم فعليكم أن تكونوا صالحين ونموذجيين وإيجابيين وأمينين وصادقين حيث تؤدون وظائفكم حينها يكون للراتب معنى إضافياً وتكون البركة فيه أكبر ويكفيكم بشكل أفضل من أي راتب أخر حتى لو كان أكبر في مكان أخر".
واضاف: "حينما ننتمي لهذه المقاومة لا بد أن نتمثلها ونتمثل أخلاقها وقضيتها ومبادئها وأهم مميزات المقاومة أمرين: الروحية العالية والأخلاق الإسلامية أي المصداقية، المقاومون الذي ذهبوا إلى أعالي الجبال و الوديان ويقاتلون اليوم في أقاصي سوريا في البادية و يعيشون كل المصاعب فلأجل أي شي؟ فلو لم يكونوا يملكون روحاً عالية ورؤية راسخة لما ذهبوا ليتحملوا كل هذه الصعاب من أجل قضية وبعضهم يسقط جريحاً و بعضهم كان أسيرا وبعضهم أصبح شهيداً وهم يتحركون بشغف و شوق إلى تلك الساحات حافزهم هو قناعتهم وعقيدتهم وقضيتهم وصدقهم مع ربهم هذه هي الروحية، المقاوم الذي يملك الروحية يسعى للقرب الإلهي يسعى أن يكون بالقرب من الأنبياء والأولياء والصديقين وحسبه بذلك رفيقاً، إن من يمتلك هذه الروحية ينتمي لمسيرة المقاومة المعطاءة والمجاهدة حتى لو كان في وظيفة إدارية".
وقال: "أذكر في يوم من الأيام حيث كنا في خدمة سماحة القائد الإمام الخامنئي دام ظله الشريف و كان حديثه عن روحية المقاومة فقال ما معنى روحية المقاومة فحينما تكون في مكتب إداري و ليس على الجبهة فالروحية الجهادية تعني أن تكون منسجماً وعاشقاً بشكل شغف ومتطلعاً أن تكون مكان المجاهد الذي يقاتل ويضحي حتى لو لم تكن مكانه أن تتعاطى في وظيفتك كمقاوم الذي يضحي من أجل الغير المقاوم الذي لا ينظر إلى نفسه بل ينظر إلى من خلفه من شعب و أمة يريد أن يدافع عنها وفي سبيل ذلك يعطي دماً".
المقاومة كرم وسخاء وعطاء:
ايها الأخوة و الأخوات إذا كنتم تعملون في مستشفى على سبيل المثال حينما تكونون في موقع رعاية المريض فروحية المقاومة تفرض عليك أن تتعاطى معه كأنه أبوك أو كأنها أمك أو أن تتعاطى مع بعض الحالات الخاصة بشكل أكبر من ذلك. فالمقاومة قبل أن تكون سلاحاً وميدان فالمقاومة كرم وسخاء وعطاء وفي أي موقع عمل يجب أن نمتلك هذه الروحية.
ودعا السيد صفي الدين: "الى الاتصاف بأخلاقنا وقيمنا الإسلامية مهما كانت الظروف وللأسف أصبحت القيم الفاسدة في بلدنا شائعة وخاصة بعد طغيان وسائل التواصل الإجتماعي، فالكذب مثلاً هو أمر منكر ولكن من أجل أن لا يغضب الموظف مديره يكذب و كذلك مع الزملاء و مع المحيط". فالثقافة السائدة في العالم اليوم هي من أسوأ الثقافات الموجودة و انا دائماً أقول ان ما بلغته أميركا من الهيمنة العالمية والتي نشرت من خلال ثقافتها الفاسدة ثقافة المنفعة التي من أجلها هي مستعدة لإبادة شعوب بأكملها بسبب تأمين مصالحها وهذه الثقافة السائدة اليوم في العالم، حتى أنه تجد بعض الأشخاص يتناصحون بهذا المبدأ ويقولون أن هذه الطريقة الأفضل للحفاظ على الراتب والوظيفة وعن أي راتب وأي وظيفة وأي حياة وأي مستقبل مستقبل 10 أو 20 أو 100 عام، إن ديننا الحنيف يحدثنا عن مستقبل خالد بين يدي الله وهذا يحتاج إلى صدق وإخلاص وتوجه في أي موقع كنا.
فعل المقاومة انسجام مع اخلاقنا
وتحدث السيد صفي الدين عن معارك جرود عرسال والقاع وقال: "ان المقاومة التي انجزت انجازاً كبيراً وعظيماً مع الجيش اللبناني في تحرير الجرود والأرض اللبنانية من داعش والنصرة والارهابيين وقامت بعمل عظيم جدا لم تتمكن دول ان تقوم به وهي تعاني وتكابد مع الارهاب إن هذا الانجاز الكبير والانجاز الذي يؤمن الطمأنينة بنسبة معينة لكل الشعب اللبناني يعاب عليها انها التزمت بالتفاهمات والتزمت بكلمتها، فالمقاومة بهذا الانجاز فتحت الباب والطريق لطرد الارهاب والنصرة وداعش من كل الارض اللبنانية، لا يملكون اية حجة انجازات المقاومة واضحة وانتصاراتها باهرة طريقتها واسلوبها وخطابها ومنطقها محكم في السياسة في الموقف في تحديد الاولويات في المواكبة الاعلامية والمواكبة السياسية ان كل ما قدمته المقاومة في معركة جرود عرسال ولاحقاً القاع والقلمون كان مذهلاً وعظيماً بكل المعايير الانسانية والدينية والوطنية فلم يجدوا في ما قدمته المقاومة عيباً وبدأوا يفتشون عن العيوب وتوصلوا الى نتيجة ان التزام المقاومة بالاتفاق هو عيب، والمطلوب عندهم ان تخرج المقاومة على التزاماتها حتى يرضى من يعيش على المزايدة. هذا مشهد من مشاهد الخزي والعار عند بعض الناس الذين ما فتئوا وما انفكوا يهاجمون المقاومة منذ ان وجدت المقاومة، والمقاومة قالت كلمتها منذ اليوم الاول، نحن المقاومة المؤمنة الصادقة المخلصة لشعبها لقضيتها لأمتها، المقاومة الملتزمة بقيمها ولا يمكن لهذه المقاومة ان تتخلى عن مبادئها وقيمها وانتمائها الأصيل والإنساني والديني والأخلاقي مهما كانت الصعاب ومهما كان المنتقدون مهما علا كعبهم او انخفضت كعابهم".
المقاومة اعطت للبنان العزة والسيادة والاستقلال
واضاف السيد صفي الدين: "لأن المقاومة تحمل هذه المبادئ والقيم تمكنت من ان تجمع بين القوة والقدرة من جهة وبين الحنكة والحكمة من جهة ثانية وبين الاخلاق والانتماء الديني والانساني من جهة ثالثة، هذه فرادة المقاومة وميزتها التي لا تقتل على الشبهة عدواً او فاراً في معركة التي لا تؤذي اسيراً وهذا ما حصل مع من تركهم كل العالم وسط الصحراء، نعرف انهم اعداء، ولكن حينما كانوا بين ايدي المقاومين قدمت لهم المقاومة الغذاء والماء انسجاماً مع ديننا وأخلاقنا وقيمنا. نعم هذه ضريبة نتحملها بكل جدارة ولياقة وفخر واعتزاز ولا نأبه ولن نأبه بكل ما يقال من هنا او هناك المهم ان نحافظ على هذه القيم".
واعتبر رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله : "ان ما انجزته المقاومة والجيش اللبناني في جرود عرسال والقاع ورأس بعلبك لم يكن صغيراً وكان هناك جدال ونقاش، وبعد ان هدأت الأمور والنفوس قليلاً لنتحدث بعقل هادئ ونتيجة منطقية عقلية وطنية، ان البداية التي بدأتها المقاومة في جرود عرسال وطرد النصرة من تلك الجرود ثم ما تلاها من طرد داعش وخلو الجبال والوديان من هؤلاء الإرهابيين التكفيريين هل في هذا مصلحة للبنان ام لا؟ هنا السؤال والجواب وهنا مكمن النقاش وليس في مكان اخر، لماذا لا تعترفون ان البداية التي بدأتها المقاومة في جرود عرسال كانت سبباً اساسياً ورئيسياً في تخلص لبنان من داعش والنصرة؟ ان الهدف الذي يريدونه من وراء اثارة النقاش في غير مكانه ابعاد الناس عن حقيقة الامور وتضييعهم، فالواقع اليوم يقول ان اهل عرسال بامكانهم ان يذهبوا الى الجرود فيستفيدوا من اشجارهم المثمرة في هذا العام وفي العام المقبل وفي كل الاعوام القادمة الواقع يقول ان التهديدات اليومية التي كانت توجه لرأس بعلبك وللقاع وللهرمل وللبوة ولبعلبك كل هذه التهديدات صارت في خبر كان وان كانت موجودة لاسباب اخرى غير الجرود فهي قليلة ومتدنية جدا فالناس في قراهم مطمئنون وهذا هو الواقع وهذا ما يجب ان يسلط الضوء عليه وهذا الذي يجب ان يكون محل عبرة لكل اللبنانيين وان يكون محل اعتبار لكل التجربة التي عشناها في مواجهة التكفيريين.
وتوجه الى اللبنانيين قائلا: المقاومة معكم منذ سنة 1982 وقدمت الدماء والشهداء وقدمت مواقفها بعقل ومنطق وحكمة وانسانية ووطنية وقيم خالصة لم تورث لبنان ولم تعط لبنان في مواجهة الصهاينة والتكفيريين الا العزة والكبرياء والعنفوان بل هي التي اعطت لبنان الاستقلال والسيادة الحقيقية.
الاميركيون وسياسيوهم مع بقاء داعش
واضاف السيد صفي الدين: "ان من يعطي اذنيه للسفارة الاميركية من الطبيعي ان يغضب لغضب السفارة الاميركية، بكل بساطة اصبح معلوماً للجميع ان اميركا والسفارة الاميركية تحديداً كانت غاضبة على الجيش اللبناني وبعض السياسيين اللبنانيين لأنهم استمروا في معركة مواجهة داعش في جرود القاع ورأس بعلبك وحينما غضبت السفارة الاميركية غضب من يذهب اليها ويقدم لها فروض الطاعة هذا ما حصل وليس هناك شيئ اخر". وتساءل: "لمصلحة من بقاء النصرة وداعش في لبنان؟ ولماذا كانت اميركا مصرة على بقاء داعش في لبنان؟ ولماذا سكت بعض السياسيين وقبل حينما طردت النصرة من لبنان وقام واستنكر وغضب حينما طردت داعش من لبنان وملأ الدنيا صراخا وعويلا، هؤلاء هم من في موقع الاتهام وليست المقاومة متهمة هؤلاء الذين عليهم ان يجيبوا عن الاسئلة الحساسة والملحة التي توضح الحقائق للناس، وتوجه الى الذين وقفوا مع السفارة الاميركية فسألهم عن سبب اصرارهم على بقاء داعش في الجرود اللبنانية؟ وعما اذا كان بقاء داعش والنصرة سبباً لبقاء وظيفة بعض السياسيين في لبنان، قد يكون هذا صحيحاً وقد يكون هذا أحد الأسباب الأساسية التي جعلت بعض سماسرة السلاح والمواقف في لبنان في يوم من الأيام ان يعيشوا على هذه الوظيفة القذرة والبشعة او من أجل أن تبقى له مواقع سياسية أو مواقع مالية او غير ذلك.
وكانت كلمة لخريجي معهد الرسول الأعظم ألقتها الطالبة كوثر عيسى (الاولى في لبنان في اختصاص العناية التمريضية) وثانية لخريجي كلية الرسول الأعظم ألقاها الخريج علي حيدر.
وفي الختام سلم السيد صفي الدين الشهادات على الخريجين.