بسم الله الرحمن الرحيم،
والصلاة والسلام على سيدنا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله
الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
إخواني وأخواتي: السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً.
أرحّب بكم وأشكركم على هذا الحضور اليوم. اسمحوا لي أن أتكلم كالعادة على سجيّتي، من العقل والقلب والموقف والعاطفة (حتى ما حدا بعدين يقول السيد ما به) في هذا الموقف، هذا ليس موقف القلوب الصماء، القلوب القاسية، واسمحوا لي أيضاً أن أتكلم بسرعة، لأستفيد من الوقت أكثر، ونستوعب المطالب التي أود أن أتحدث عنها. نحن في هذا اللقاء أولا هدفنا أن نعلن رفضنا وشجبنا وتنديدنا واستنكارنا وإدانتنا للعدوان السعودي الأميركي على اليمن وأهله وأن نعلن تأييدنا وتضامننا وتعاطفنا مع هذا الشعب النبيل والشريف والمظلوم. هذا هدف اللقاء.
نحن نرى في تشخيصنا كمسيرة، كجماعة، كفئة، أن من واجبنا الإنساني والأخلاقي والجهادي والديني أن نتخذ هذا الموقف. هذا تشخيصنا لأنفسنا وكل أبناء هذه الامة عليهم أن يراجعوا تكليفهم ومسؤوليتهم ويتخذوا الموقف الذي يرونه مناسباً.
أما نحن فلن يمنعنا شيء، لا تهويل ولا تهديد ولا تبعات، من أن نواصل إعلاننا لهذا الموقف، موقف التنديد بالعدوان السعودي الأميركي على اليمن وموقف التأييد لهذا الشعب المظلوم والمقاوم والصامد والمنتصر إن شاء الله .
هذا الموقف، منذ اليوم الأول، أعلنّاه لله وليوم القيامة والآخرة ويوم الحساب، لا للتاريخ ولا للجغرافيا، فليكتب التاريخ ما يشاء، نحن قوم مسؤولون أمام الله وسنحاسب على الموقف، والمسؤولية في هذه المرحلة التاريخية الخطيرة الكبرى التي لا تطال اليمن وحده بل المنطقة والأمة جمعاء.
ثانياً: قبل الدخول إلى العناوين المتعلقة بهذا العدوان،
ونحن في شهر نيسان يجب أن نقف بإجلال وإكبار أمام تضحيات وصمود شعبنا في لبنان
وخصوصاً في جنوب لبنان، في جبل عامل، في مثل هذه الأيام سنة 1996، حين شنّ العدو
الصهيوني، وكالعادة بمباركة أميركية وغربية وعربية، عدوانه على لبنان فيما سماه
بعناقيد الغضب، ووقف شعبنا ومقاومتنا وجيشنا وسقط الشهداء. نقف بإجلال أمام كل
الشهداء الذين سقطوا في تلك المواجهة البطولية، وخصوصاً أمام شهداء مجزرة قانا
التي ما زالت شاهدة أبدية على وحشية وهمجية العدو الصهيوني وحماته وداعميه، ونقف
بإجلال وإكبار أمام بطولات مجاهدي المقاومة من حزب الله إلى حركة امل إلى جبهة
المقاومة الوطنية وإلى جيشنا الوطني اللبناني، تلك الوقفة البطولية وما أدّت إليه
من نتائج أسست ومهدت لانتصار لبنان عام ألفين الذي نقل العرب، ولأول مرة، من زمن
الهزائم إلى زمن الانتصارات.
فيما يتعلق بالعدوان القائم سأتحدث في عناوين، مثل العادة أنا أعدّ الفهرس، في أماكن سأتكلم هادئاً وفي أماكن سيتصاعد الحديث معي، هذا طبيعي، لكل مقام مقال وحال.
العنوان الأول: في أهداف الحرب وشعاراتها الجديدة.
العنوان الثاني: في نتائج العدوان حتى الآن.
العنوان الثالث: في الأفق، كما يقولون في لبنان، إلى أين؟
العنوان الرابع: لماذا هذا الموقف العلني والمكشوف من حزب الله تجاه السعودية، هذا سؤال مشروع يجب أن نجيب عليه اليوم.
وإذا بقي وقت، عندي نصيحة صغيرة على المستوى اللبناني.
العنوان الأول: في أهداف الحرب وشعاراتها الجديدة.
في أول خطاب، بعد يومين من بدء العدوان، تحدثت عن الحجج الواهية التي ساقها النظام السعودي لتبرير عدوانه وحربه على اليمن: حُكي عن إعادة الشرعية والرئيس المستقيل المنتهية ولايته، حُكي عن التهديد اليمني المفترض على السعودية، يعني هو يقوم بحرب استباقية، وحُكي عن مواجهة الاحتلال الايراني أو الهيمنة الايرانية. في الخطاب الاول شرحنا هذا الموضوع فلا نعيد، نكمل من هنا لكن قلت إن الهدف الحقيقي بعد أن شرحت وناقشت وحاججت بالمنطق وبالدليل هذه الحجج الواهية، قلت بحق إن الهدف الحقيقي لهذه الحرب هو إعادة الهيمنة والوصاية السعودية الأميركية على اليمن، بعد أن قام شعب اليمن باستعادة القرار والسيادة ورفض أي شكل من أشكال الهيمنة الخارجية. هذا هدف العدوان، حسناً. بعدها، خلال هذه الأسابيع طرحت في كلمات المسؤولين السعوديين وبعض الحلفاء والناطق الرسمي باسم عاصفة الحزم وبعض العلماء والكتاب والسياسيين المؤيدين لهذا العدوان، مجموعة عناوين وأهداف وشعارات أتعرّض لها باختصار شديد أيضاً.
ـ قالوا: هذه حرب العرب، هذه حرب العروبة.
الآن مشكلتهم معنا، أنا وإياكم أننا نحن عرب، قد يتهموننا أننا تابعون لمن؟ كل شيء مفتوح، ولكن نحن عرب، فلنحكِ أننا عرب. الآن قالوا إن هدف هذه الحرب هو الدفاع عن عروبة اليمن، حسناً، هل فوضت الشعوب العربية النظام السعودي أن يشن حرباً باسمها، باسم العرب، على اليمن.
حرب عربية على من؟ حرب العرب على من؟ على شعب عربي؟ على العرب الأقحاح؟
انظروا إلى سحنتهم، إلى لهجتهم، إلى لغتهم، إلى شِعرهم، إلى أدبهم، إلى بلاغتهم، إلى فصاحتهم، وانظروا إلى شهامتهم وشجاعتهم وحماستهم وأبوّتهم وإبائهم للضيم ونخوتهم وغيرتهم وكرمهم وجودهم. إن لم يكن الشعب اليمني من العرب فمن العرب؟
قبل الإسلام كانوا هم حضارة العرب، عندما كانت شبه الجزيرة العربية وأهلها لا يتقنون القراءة والكتابة، ويتقاتلون على ساقية ماء وعروس مخطوفة، كان في اليمن حضارة وكانت اليمن مدنية. عندما كان في شبه الجزيرة العربية أعلى مستوى سياسي لزعيم عربي الشيخ هو شيخ العشيرة كان في اليمن ملوك للعرب.
بعد الإسلام، فضل اليمنيين في الإسلام في الجهاد معروف ومدوّن في التاريخ، تشهد له كل بلاد المسلمين. أندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في الوقت الحاضر، من الذي ادخل الاسلام الى اندونيسيا؟ علماء اليمن وتجار اليمن ودعاة اليمن.
القبائل اليمنية معروفة الأنساب، ضاربة في التاريخ، حاضرة في الكتب وفي علم الرجال وفي علم الأنساب وفي علم القبائل.. اليمنيون لا يحتاجون إلى شهادة على عروبتهم ولا يحتاجون إلى شهادة على إسلامهم، بل أقول: من يعتدي على الشعب اليمني اليوم هو الذي يجب أن يبحث عن شهادة على إسلامه وعلى عروبته، هذا عنوان اول.
"ما عليه شيء" فليخرجوا ويقولوا ما بال السيد؟ "ما اشبني شيء" هذا الكلام بحاجة إلى هذه اللهجة، هذه المظلومية بحاجة إلى هذه اللهجة، عيب. يوجد أناس "مش معروف قرعة رأس ابوهم من أين"، يريدون أن يناقشوا اليمنيين أنهم عرب أو غير عرب ويدافعوا عن عروبتهم.
ثانياً: في الاهداف التي طرحت والتي تكلم عنها، محاولة
إعطاء الحرب والمعركة بُعداً طائفياً، أسهل شيء، خصوصاً لدى بعض المسؤولين، بعض
العلماء في السعودية بعض كبار العلماء خطبوا وكتبوا على مواقعهم: هذه حرب سنية ـ
شيعية.
لكن على كلٍ، لا نضيع الوقت بهذا الموضوع لانه لم يصلح، اليوم لا يوجد في العالم العربي ولا في العالم الاسلامي ولا أحد يقبل ـ إلا من يمشي بالـ"فلوس" ـ لا يقبل أحد أن هذه حرب سنية ـ شيعية، هذا عدوان سعودي على اليمن لأهداف سياسية.
ثالثاً: أكثر عنوان مضحك ومفجع في آن طرح خلال الأسابيع الماضية وتمّت الدعوة في بعض البلدان العربية والاسلامية للجهاد تحته ومن أجله، هو عنوان الدفاع عن الحرمين الشرفين، الدفاع عن الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، يعني الكعبة والمسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة.
من الذي يهدد الحرمين الشريفين؟ الشعب اليمني؟ أنصار الله؟ أي مكون في الشعب اليمني؟ الجيش اليمني؟
اليمنيون معروفون، يعشقون رسول الله (ص) ويتشوّقون حج البيت والعمرة إلى البيت، ويشتاقون لزيارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
أنا أقول لكم، لأن اليوم هو يوم الصراحة والكلام لله عز وجل ـ نعم يوجد تهديد للحرمين الشريفين ولكن من أين؟
أولاً من داعش التي سمعنا قبل أشهر، بعدما أعلنت دولة الخلافة في الموصل، أنها سوف تأتي إلى الجزيرة العربية وتهدم الكعبة، لأن الكعبة، في ادعاء داعش وفي فكرها، هي مجموعة أحجار صمّاء سوداء يُطاف بها وتُعبد من دون الله، وتتنافى مع التوحيد الخالص، وكلنا يعرف هذا الفكر الداعشي من أين منشأه.
نعم، الحرم النبوي الشريف في خطر، صحيح ولكن من أين؟ أنا أقول لكم من أين، تهديده من داخل السعودية، من داخل الفكر الوهابي والثقافة الوهابية.
سوف يقولون: يا سيد أنت تتجنى.
هذا التاريخ، كل كتب التاريخ، وهذه الكتب موجودة في سوريا ومصر واليمن والسعودية وعلى الانترنت، وتستطيعون أن تراجعوا.
بعد أن سيطر عبد العزيز آل سعود ـ يعني الملك المؤسس ـ على بلاد الحجاز، وفي سنة 1926 في شهر نيسان، مثل هذه الأيام سبحان الله، قام اتباعه الوهابيون، انطلاقاً من ثقافتهم ومن فكرهم، بتهديم كل الآثار الدينية والتاريخية لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) باستثناء القبر، وسنتكلم عليه بعد قليل.. المنازل، آثار الصحابة، الأضرحة، القبور، الآثار التاريخية، القلاع، لم يتركوا شيئاً، ربما تركوا شيء استثنائي، لا أعرف، ولكن عموماً دمروا كل شيء. القاضي الذي ذهب إلى المدينة المنورة كان لديه قرار مفوض ومتخذ، قرار ومحسوم بهدم قبر رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا التاريخ مثبت ولست أنا من اخترعه، هذا قبل أن أخلق، فبدأ بالآثار الدينية والتاريخية في المدينة قبل أن يصل إلى قبر النبي (ص)، ترك قبر النبي (ص) للأخير، بدأ في البقيع، صحابة أهل البيت، زوجات النبي (ص)، كلهم جرفهم، لم يترك شيئأ، جعلهم تراب ووضع على كل قبر تراب ووضع حجر من فوق وحجر من تحت.
وكان سينطلق إلى هدم قبر
النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، ولكن خرجت الصرخة في العالم الإسلامي، قامت
القيامة في مصر، وفي الهند، وقتها كانت باكستان ما تزال جزءاً من الهند، لم تكن
منفصلة، وتركيا، إيران، العراق، بلاد الشام، والدول الإفريقية، كل العالم الاسلامي،
بات هناك ضجيج هائل، لكن أيضاً من باب الصدفة أن أكثر بلدين كان لهما تأثير على
منع الملك عبد العزيز آل سعود من أن يسمح بأن يمضي الوهابيون بهذه الخطوة كانتا
مصر والهند، يعني باكستان الحالية، ضعوا هذا في البال، سأرجع لها بعد قليل.
الموقف التاريخي لجامع الأزهر الشريف في القاهرة ولإمامه
الاكبر، الموقف التاريخي لعلماء المسلمين سنة وشيعة وعلى اختلاف المذاهب هي التي
منعت هدم قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يريد آل سعود والوهابيون
معهم هدمه سنة 1926 في
شهر نيسان. الذي يقول إنني أفتري وإنني أكذب فليأتِ بالنقاش التاريخي كله.
طبعاً هذا منسجم مع ثقافتهم ومع فكرهم، واضطر الملك ان يتنازل وطبعاً حمل مسؤوليات من قبل الوهابيين، يعني دفعوه الثمن ايضاً على هذا الصعيد واضطر ان يقوم بمؤتمر للعالم الاسلامي، ويأتي العلماء ويخطبوا وبقي لنا قبر النبي (ص) ولكن كما ترونه ممنوع ان يقترب احد منه، تلوح له من بعيد، هذا نبي الرحمة ومنقذ هذه الامة.
هذه الامة اليوم وطوال التاريخ امة العرب، امة العرب قبل الاسلام التي كانت وكانت وكانت، واذا كان لها من امجاد ومن عظمة ومن عزة ومن حضور ومن غنى ومن شرف ومن كرامة في هذا العالم فبفضل هذا الرجل خاتم النبيين محمد صلى الله عليه واله وسلم، هكذا تعاطوا معه.
المسجد النبوي الشريف مهدد، لا نعرف في أي ساعة يذهب مجموعة شباب ممّن يتعلم في مدارس الوهابية في السعودية، ويأخذ قرار التوحيد الخالص ومحاربة الشرك ويزنّرون أنفسهم ويفجرون قبر النبي (صلى الله عليى وآله وسلم)، لكن التهديد ليس من اليمن، هذا كذب وتضليل.
حسناً، الهدف الذي تلاه الذي حُكي عنه، قال المسؤولون السعودين ومن معهم إن هدف العدوان هو الدفاع عن الشعب اليمني. نعم، هكذا يكون الدفاع عن الشعب اليمني: حصار بحري وجوي وبري، ليس على الحوثيين، ليس على المقاتلين، بل على 24 مليون. ممنوع الأكل والشرب والمواد الغذائية والمواد الطبية. المنظمات الدولية تقول إنه يوجد جرحى، أعداد كبيرة من الجرحى يموتون بسبب فقدان اللوازم الطبية الضرورية.
حصار على كل الشعب اليمني، تجويع هذا الشعب، منع وصول المواد الطبية اللازمة لمعالجة الجرحى، والأسوأ والأخطر هو ارتكاب المجازر بحق المدنيين والنساء والأطفال، ومثل اسرائيل في لبنان وفلسطين وغزة، لماذا المقاتلون يضعون السلاح بين المدنيين؟ لماذا نقلوا الدبابات بين المدنيين؟ نفس المنطق، ارتكاب المجازر بحق المدنيين والنساء والأطفال، هذا ادعاء؟ فلتشاهدوا التلفزيونات، نعم، فضائيات عاصفة الحزم لم تعرض هذه المشاهد، كل تلفزيون خائف على "مصرياته" لم يعرض هذه المشاهد، كل تلفزيون خائف على رأسه من انهم ينزلونه عن "عرب سات" لم يعرض هذه المشاهد، ولكن هناك كثير من التلفزيونات في العالم تعرض هذه المشاهد، شهداء بالمئات، تهديد كل شيء، منازل المدنيين، الأسواق الشعبية، المجمعات السكنية، المدارس، المستشفيات، محطات الكهرباء والغاز، شبكات الاتصال، مخازن المواد الغذائية، مخزن، وصاحبه ليس لديه دخل، وبالعكس هناك بعض أصحاب هذه المخازن من الوهابيين، لم يسألو، فيه تموين، يجب أن يقصف، هذا أيضاً كان هدفاً كاذباً ومفضوحاً ومنافقاً، هل يكون الدفاع والحفاظ على الشعب اليمني بقتل الشعب اليمني، ما هذا الهدف؟!
الهدف الذي يليه، الدفاع عن الدولة اليمنية من أن يسيطر عليها "أنصار الله"، حسناً، كيف تدافعون عن الدولة اليمنية؟ قصف الثكنات والمعسكرات التابعة للجيش اليمني؟ تدمير أسلحة ودبابات وطائرات الجيش اليمني؟ قصف إدارات الدولة ومطاراتها وموانئها، هكذا تحافظون على الدولة اليمنية؟ تدمرونها! هذا حفاظ على الدولة؟!
وأخيراً، بعد كل هذا القتل وهذا الدمار هل يصدق أحد، هل هناك عاقل في الدنيا يصدق أن هدف هذه الحرب هو إعادة عبد ربه منصور إلى الرئاسة؟! من أجل إعادة عبد ربه منصور إلى الرئاسة؟ هذه هي الحرب؟ هذا هو هدفها؟! في أسبوعها الرابع، بعد أن جرى كل الذي جرى، هذ أمر لا يصدق.
على كلّ، أختم هذا العنوان بالقول: خصوصاً للبنانيين، يمكنكم أن تستحضروا حرب تموز وتروا الشبه بكل شيء: حصار بحري، حصار جوي، قصف على كل صعيد قتل ومجازر، شروط عالية، إخضاع، سحق، قتل، تكسير عظام، حملة إعلامية شرسة، ونحن كنا المغامرين ولكن المنتصرين، يمكنكم أن تقيسوا كل شيء على الذي يجري اليوم في اليمن، لتكتشفوا أن الحرب واحدة والعقل واحد والإدارة واحدة والأهداف واحدة، والنتيجة ستكون أيضاً واحدة.
العنوان الثاني: هو نتائج العدوان وما حققه حتى الآن من أهداف معلنة أو مفترضة.
من المفترض اليوم نحن في اليوم 22، لنرَ النتائج، بعد 22 يوماً من القصف الجوي والمدفعي والصاروخي والبحري والغارات الكثيفة والشديدة، وتقديم كل أشكال الدعم الاستخباري واللوجستي من قبل الأميركيين وأيضاً كل أشكال الدعم التي تقدمها السعودية لداعش والقاعدة الذين يقاتلون ومن معهم وحلفاؤهم في الداخل، أنا أريد أن أتكلم عن الفشل وعن نتائج أخرى، الفشل في إعادة عبد ربه منصور هادي وحكومته إلى اليمن، هو ما زال في الرياض، وهم حددوا بالحد الادنى إلى عدن أو صنعاء، فلم يعد لا إلى عدن ولا إلى صنعاء.
(قد يعود) إلى المكلا، نحن صرنا نعرف بالمحافظات وبالمدن اليمنية، في المكلا، اذا كان يحب أن يعود إلى القاعدة فهو يقاتل معهم، يعني يوجد مجال هناك إذا كانوا يريدون أن يرجعوه، ولكن إلى عدن لا يظهر أنه هناك مكان، وعلى صنعاء لا يوجد مجال.
بل أقول أكثر من ذلك، انظروا الفشل إلى أي حد، بسبب هذا العدوان، قبل العدوان إذا كان هناك من أمل في مكان ما، بحوار، بتسوية، أن يعود عبد ربه منصور رئيساً، هذا الأمل انتهى بعد العدوان، ولا يمكن لأي تسوية سياسية، هكذا يقول الشعب اليمني ولست أنا، لا يمكن لأي تسوية سياسية أن تعيد عبد ربه منصور رئيسا، وأعتقد أن جماعة السعودية فهموا هذه الحقيقة، وبدأوا ينزلون شيئاً فشيئاً، ولعل هذا السبب هو في تسمية البحاح نائباً للرئيس اليمني، أن هذا مقبول ويطلع في أول يوم ليتكلم بالتسوية وأنه يناشد، اضحكوا معي، يناشد الجيش السعودي بعدم الدخول البري إلى اليمن.
حسناً، الأول هو الفشل في إعادة الرئيس الذي شنيتم الحرب
من أجل أن تعيدوه.
ثانياً: قالو وأعلنوا أن
هدفهم هو منع وصول الجيش اليمني واللجان الشعبية إلى عدن بالخصوص، لما تمثله عدن
من رمزية، لأنهم يريدون أن يعيدوا الرئيس إلى هناك. حسناً،
هذا الهدف فشل، لا تهتموا لفضائيات عاصفة الحزم، عدن عند الجيش اليمني وعند اللجان
الشعبية، يوجد قتال في بعض الأحياء، لكن هذا أمر حسم.
ثالثاً: قالوا إن هدف العدوان والغارات ـ وهنا أصبحنا نتكلم بالأهداف التفصيلية التي كان الناطق الرسمي كل يوم يستعرضها ـ منع وصول الجيش اليمني واللجان الشعبية إلى بقية المحافظات، وهذا فشل أيضاً، أغلب المحافظات أصبحت في أيديهم. حسناً، يوجد جزء من محافظة ويوجد حضرموت، ولكن بالأعم الأغلب المحافظات أصبحت بيد الجيش اليمني واللجان الشعبية، والتقدم متواصل والقاعدة وحلفاؤها إلى مزيد من التراجع والانهزام.
رابعاً: من أهداف العدوان التفصيلية كسر ارادة الشعب
اليمني، من أول يوم جاؤوا "لما كانت أكتافهم عالية وجالسة" وضعوا
شروطاً: الشرط الأول الانسحاب من كذا، الشرط الثاني تسليم كذا، الشرط الثالث كذا
كذا، المطلوب إخضاع الشعب اليمني ليقبل بهذه الشروط، ليركع، ليستسلم، أليس هذا من
الأهداف التفصيلية للعدوان؟ لأي عدوان هذا هدف. ما هي النتيجة؟!
النتيجة هي صمود يمني كبير جداً جيشاً وشعباً وإرادة سياسية، النتيجة حماسة وعناد وثبات وصبر وطاقة على التحمل مفاجئة ومذهلة، إقبال هائل على التعبئة العامة والالتحاق بالجبهات، اجتماعات قبائلية ومظاهرات شعبية ضخمة رغم القصف الجوي على العاصمة وعلى المدن، الاستعداد للحرب الطويلة، لا تبدو حتى هذه اللحظة لا في وجوه رجال اليمن ولا نساء اليمن، ولا أطفال اليمن ولا جيش اليمن ولا لجانه الشعبية ولا مقاوميه أي علامة من علامات الانكسار بعد 22 يوما، كل القادة العسكريين والسياسيين يفهمون ماذا تعني هذه العبارة.
ومعنوياً، لا يوجد أي علامة إنكسار، لا على المستوى المعنوي ولا السياسي ولا الشعبي ولا الميداني. مزاج الشعب اليمني الذي نراه على الشاشات، نحن نعرف، نحن خضنا حرب تموز وكنا نعرف مزاج شعبنا، بالتصريحات وبالمقابلات وبالشعارات وبالهتافات، يوجد مزاج حاد وقوي، يعبر عنه اليمنيون في رفضهم للاستسلام، بل أن مطالباتهم عالية جداً لقياداتهم، ومعروف ما هي مطالباتهم.
خامساً: الفشل في تحويل المواجهة إلى مواجهة داخلية بين زيدي وشافعي، أو في المعنى الأوسع بين سني وشيعي، وبالمعنى الجهوي والمناطقي، بين جنوبي وشمالي وشمالي وجنوبي، وأصبحت النتيجة وقفة وطنية يمنية حقيقية في مواجهة العدوان، كل المعلومات تقول إن بعض الساكتين، الصامتين في الداخل اليمني بدأوا ينطقون، إن بعض القواعد الشعبية التابعة لقوى سياسية مؤيدة للعدوان بدأت تتنصل من مواقف أحزابها وقياداتها. هذا أيضاً فشل.
سادساً: من الأهداف المفترضة، الذي هو هدف مهم جداً، أنا تكلمت عنه في اليوم الأول، لكن أريد أن أحكيه من زاوية أخرى، قالوا إن في اليمن تهديد محتمل فأنا أريد أن أعمل حرب إستباقية. حسناً، ماذا فعلت بهذا التهديد المحتمل.
أولاً، إذا لم يكن موجوداً جعلته موجوداً، هذه أول نتيجة.
وإذا كان محتملاً جعلته قطعياً.
لنفترض أن هناك جماعة ما أو مجموعة ما في اليمن كانت حقاً تفكر أن تهدد المملكة العربية السعودية، لنفترض هذا، ليس فقط احتمال يا أخي، كان عندك معلومات قطعية، أنت ماذا فعلت بالعدوان على الشعب اليمني؟ حوّلت التهديد من محتمل إلى قطعي على مستوى كل الشعب اليمني.
اليوم الذي أنت تتهمه أنه كان يشكل تهديداً ما زال صابراً، هذه قيادة أنصار الله، هذا القائد الكبير والعظيم رغم شبابه والحكيم والشجاع السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي نصره الله وحفظه وحرسه، حسناً، إذا هذا الرجل وهذا القائد وهذه القيادة كانت تشكل حقاً تهديداً للسعودية، الآن هي فرصتها تقصف السعودية وتضرب صواريخ على السعودية وتهجم على السعودية وتدخل إلى نجران وإلى جيزان وإلى عسير، الآن فرصتها. الشعب اليمني يطالب، القبائل اليمنية تطالب، اليوم الثاني والعشرين والكل يقول له أين الرد؟ "ليش بعدك مطوّل بالك"؟ هذا يسمونه الصبر الإستراتيجي بالمصطلحات الجديدة، الصبر الإستراتيجي. أنتم ماذا فعلتم؟ أنتم حولتم التهديد اللاموجود إلى تهديد، ليس فقط محتملاً، إلى تهديد أكيد وقطعي.
مثلاً أنا قبل عدة أيام قرأت أن السعودية تقول: لا،لا،
نكمل، اليمني شعب قبائلي، مجتمع قبائلي يحترم القوي، نحن نلعب دور القوي، نحن نفرض
ما نريد. لكن يا سعودي، يا نظام سعودي، المجتمع القبائلي، العشائري أيضاً هو مجتمع
ثأر وإنتقام، هو مجتمع لا ينسى قتلاه، لا في ثلاثين سنة ولا في أربعين سنة، فكيف
إذا كان قتلاه نساءً وأطفالاً. أنت أخذت نفسك على التهديد الأكبر وهذا خلاف الهدف
الذي أطلقته.
سابعاً: فشل معنوي، وتهيّب
من الاستحقاقات القادمة، ماذا يوجد بعد؟ حسناً، الآن يوجد أهداف مثل حرب تموز،
كانوا يأتون ويضربون الأهداف، إنتهوا اللأهداف، يعود ويضرب الهدف مرة ثانية
وثالثة، أبنية مهدمة، الآن هناك أبنية مهدمة تقصف من جديد. حسناً،
ستنتهي الأهداف والحرب الجوية لا تمنع، لا تقدم قوات، وإذا ناس لديها إرادة تصل
إلى أي مكان، وهذا يمن واسع جداً جداً جداً، نحن في الجنوب المحدود المساحة وفي
غزة المحدودة المساحة والطيران يملأ السماء والإحاطة المعلوماتية عجيبة غريبة، ولم
يمنعوا لا تحرك القوات ولا تحرك منصات الصواريخ ولا نقل السلاح ولا نقل الذخائرولا
أي شيء على الإطلاق.
حسناً، أنت قادم إلى إستحقاق، حسناً إنتهينا من القصف
الجوي، بعد ذلك؟ هذا شعب لم يركع، لم يخضع، لم يستسلم، ماذا ستفعل؟ ليس عندك خيار،
ستذهب إلى العملية البرية، تفضل على العملية البرية، هنا يبان الوهن، لما تبدأ،
هذا جيش، الجيش السعودي، أنفق عليه مئات مليارات الدولارات، كل صفقة سلاح نقرأ
عنها في الإعلام 60 مليار و70 مليار. حسناً، عندما أتى وقت الجد في مقابل شعب معروف،
إمكاناته معروفة، سلاحه معروف، ظروفه معروفة، وعندكم معلومات كافية عنه، السعوديون
يعرفون ماذا يوجد في اليمن، تفضل إتكل على الله، لا يجرؤ. وإذا
المفتي بات مضطراً لأن يدعو إلى التجنيد الإجباري، بعد ذلك يجب أن تعلن دعوات
الجهاد في السعودية وفي العالم الإسلامي والعربي ويكذبون على العالم، يقولون
دفاعاً عن الحرمين الشريفين، بعد ذلك نريد أن نستأجر جيوشاً حتى تدخل اليمن، وإذا
هذا الجيش، إذا حكومة هذا البلد لم تقبل أن تؤجرنا الجيش "نبهدلها"
ونهينها ونمن وعليها أنه نحن أطعمناكم، نحن سقيناكم، نحن أعطيناك فلوس، "يا
عيب شوم عليكم، الآن تركتونا". هذا الذي نسميه نحن شراء الذمم، ما هو شراء
الذمم؟ تدفع لواحد فلوس حتى يقاتل خلاف قناعاته، هذا اسمه شراء ذمة، لكن إذا شخص
يقاتل من أجل قضية هو مقتنع فيها أعطيته فلوس أو لم تعطه فلوس سيقاتل، إذا أعطيته
فلوس هذا إسمه مساعدة، دعم، لكن الأول هو شراء الذمم.
اليوم هذا هو الوضع المعنوي للنظام وللجيش. بالمقابل اليمنييون
حتى الآن لم يلجأوا إلى خياراتهم الحقيقية، بعد، وأنا أحكي معلوماتي وفهمي
وتحليلي، بعد لم يفعلوا شيئاً، الذي يستطيع أن يعمله اليمني لم يعمل منه شيء، ما
زال يرتب أموره في الداخل، لكن في مواجهة السعودية ما زال لم يفعل شيئاً، في الوقت
الذي وصلتم أنتم لآخر الخط، الآن 22 يوم هذا آخر الخط، قصف جوي، ماذا سيفعل بعد؟
ما زال لديكم العملية البرية، "فرجونا يالله". طبعاً أنا لا أشجع على
هذا وإنما من باب المحاججة أتكلم. أنه هناك مشكلة حقيقية في الموضوع المعنوي.
على كل، يكفي أن أختم هذا العنوان وأقول يمكنكم عندما تتكلمون عن الإنجازات والنتائج، الآن طبعاً هناك أناس يحكون، مبكراً أعلنوا انتصار عاصفة الحزم، مثل ما اعتبروا في الأيام الأولى أن إسرائيل إنتصرت وإنتهى حزب الله وحلفاء حزب الله، ولا أدري من سيجن وسنفتش عليه بمستشفيات باريس، صحيح؟
يكفي أن أقول، الآن الذي لا يحضر يحضر، أنا أدعوكم أن تحضروا في يوم من الأيام المؤتمر الصحفي للناطق الرسمي لعاصفة الحزم، بالإيجاز اليومي ترون المسكين كيف يفتل عينيه هكذا هكذا، يفتش على أي إنجاز يقدمه في وسائل الإعلام "ما عم بيطلع معه"، هذه خلاصة هكذا شعبية.
العنوان الثالث: الأفق، إلى
أين؟ نحن نعتقد ونظن إن شاء الله أن يكون ظننا خطأ، يبدو أن الأمور تحتاج إلى وقت،
تحتاج إلى القليل من الوقت ليقتنع النظام السعودي أن الأفق مسدود وهذا شعب لن يركع
ولن يستسلم ولن يخضع وأنت ليس لك مصلحة أن تكمل هذه المعركة، اعمل معروف إنزل من
على الشجرة، ويوجد من في العالم ينزله من على الشجرة وكثيرون جاهزون أن ينزلوه
و"يعملوا له تخريجة" وطريقة وحلّ، ولكن يبدو أنه الآن غير جاهز، يعني
الأمور ما زالت قليلاً عند بعضهم تحتاج لوقت، ما زال لديهم القليل من الآمال، يقول
لك غداً أرى، أضغط على الباكستاني أضغط على المصري. تحتاج
الأمور إلى القليل من الوقت، على ما يبدو يمكن قليلاً، يمكن أكثر، لكن حتى الآن
حتى هذه اللحظة لا يوجد مكان للأصوات المنادية، يعني لا يصغى إلى الأصوات التي
تطالب بحل سياسي، بوقف الحرب وتسوية سياسية وهي كثيرة في العالم، لا أحد يعتقد أن
العالم مع السعودية، كلا، الذين مع السعودية يقولون لها أكملي الحرب، أغلب الأصوات
في العالم تقول يجب أن تقف الحرب ونبحث عن حل سياسي، تحتاج الأمور لوقت حتى
الجماعة يرجعوا ويتواضعوا ويضعوا أرجلهم على الأرض ويقبلوا بالوقائع ويبحثوا عن
مخرج.
مجلس الأمن الدولي، الذي كان من المفترض هو أن يرعى وقف
الحرب ووقف العدوان ويبحث عن حل، للأسف الشديد أخذ القرار الذي أخذه من يومين. أنا
أقول للشعب اليمني لا تحزنوا ولا تُفاجأوا أصلاً هذا هو مجلس الأمن الدولي، أصلاً ليس
متوقعاً غير هكذا. مجلس الأمن الدولي يقبل اقتراح الجلاد، بالصراع العربي الإسرائيلي
دائماً هكذا، يقبل إقتراح الجلاد ويتجاهل الضحية بل يجلدها مع الجلاد. أليس هذا
حالنا في لبنان وفي فلسطين، لكم أسوة بنا، أصبحنا مثل بعض بهذا الموضوع. ولذلك لا
يستحق أن أقف عند قرار مجلس الأمن الدولي وأجلس لأفنّده وأناقشه وحيثياته ونتائجه،
هذا ليس له قيمة مثل كل القرارات، عندما يصبح له قيمة عند إسرائيل نناقش إذا يصبح
له قيمة عندنا وعندكم أو لا.
على كل، بالأفق بات واضحاً أن القصف الجوي لا يحسم معركة، الهجوم البري مكلف بل معلوم النتائج سلفاً، ما هي النتائج، هزيمة نكراء، مين ما كان يكون، هزيمة نكراء. ليس أمام اليمنيين سوى الصمود الذي سيفشل كل أهداف العدوان، مع الإستعداد الدائم للحل السياسي وهم يعلنون ذلك ليل نهار، جاهزين للحل السياسي ولكن مع وقف الحرب.
هنا في ختام هذا العنوان يجب أن نوجه نداءً، أولاً يجب أن نشكر البرلمان الباكستاني والشعب الباكستاني والحكومة الباكستانية على موقفها، هذه حقيقة. باكستان يعني الهند عام 1926، اليوم من خلال هذا الاحتفال أود أن أوجه نداءً مجدداً للأخوة في باكستان وللأخوة في مصر، للقيادة المصرية، لجامع الأزهر الشريف.
وللشعب المصري، كما منعت مصر والهند التي أصبحت باكستان،
كما منعتا وكان لهما الدور الأكبر في منع هدم قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) نطالبكم بأن تمنعوا هدم بلد من بلاد رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله
وسلم)، وأن لا تكونوا شركاء فيه لتزدادوا شرفاً إلى شرفكم وكرامة إلى كل كراماتكم
السابقة.
اليوم الأفق هو أن يتدخل هذا العالم الإسلامي، هذه الدول الإسلامية وتضغط على المصريين على الحرب والقتل والدمار لإيقاف الحرب ورعاية حل سياسي.
لا نحن ولا أحد باليمن ولا
أحد في المنطقة يقول تعالوا لنسقط نظام السعودية، لا أحد يتحدث بهذا المنطق، كل ما
نريده للسعودية هو الخير والبركة ولشعبها الأمن والاستقرار، ما نطالب به هو أن يقف
هذا العدوان على اليمن وإنقاذ اليمن من هذه الكارثة المتعمدة.
العنوان الرابع: واختم بالنصيحة اللبنانية،
العنوان الرابع: لماذا يا حزب الله ترفعون الصوت عالياً؟ شو قصتكم؟ منذ 31 سنة لم تتحدثوا هكذا بموضوع السعودية.. إذا كنتم تودون مناقشة السعودية "تلبسون كفوف" وتدوّرون الزوايا وتبحثون عن عبارات الكناية، واللغة العربية ما شاء الله مساعدة جداً. لمَ تتحدثون الآن هكذا، يعني بوضوح، على المكشوف.
طبعا نحن جئنا متأخرين. هناك ناس سبقونا، وفي كثير من أماكن العالم العربي هناك ناس سبقونا، نحن جئنا متأخرين، لكن ما هو السبب؟
وطيب هذ هذا يخدم مصالح لبنان ويخدم مصالح اللبنانيين ويا إخواننا هدئوا البال، وكذا طبعا أكيد نحن لا نشتم، لكن هم يعتبرون الانتقاد شتم، إذا أنا أقول قام الوهابيون سنة 1926 بتدمير الأضرحة والقبور والآثار الدينية وبيوت أمهات المؤمنين والآثار لصحابة الرسول وأهل البيت وكادوا أن يكسروا ويهدموا قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لولا قيامة العالم الإسلامي، غداً يقولون فلان يشتم، أنا أتحدث بحقائق تاريخية ولا أشتم أحداً لا اشتم والده ولا أمه ولا أشتمه ولا أستعمل عبارات بذيئة.
أنا أقول هذه الحقيقة ومن لديه حقيقة ثانية فليأتِ
ويقدمها، اسمحوا لنا أن نتحدث.على كل هذا سؤال مشروع. أنا سأجيب عليه بهذا العنوان:
انظروا، إخواني وأخواتي وكل من يسمع: أنا لا أريد فتح ملفات قديمة حتى في موضوع لبنان، الآن شهر نيسان الذكرى ال40 للحرب الأهلية اللبنانية.
ماذا قدمت مملكة الخير
للبنان في الحرب الأهلية اللبنانية؟ الأموال والسلاح ووو... الآن بلا فتح
ملفات وبعد ال75 وعام 82 و83 و84 ولاحقا وعام 2006 تعرفون البحث كله لنعف عنه قليلا.
نعم نحن كنا حريصين أن لا نتحدث بالمكشوف رغم معلوماتنا
عما كان يجري في سورية خلال الأربع سنوات وكنا نعتبر أنه ليس النظام في سورية هو
المستهدف، كنا نعتبر وما زلنا أن المنطقة كلها مستهدفة، سورية، ولبنان، وفلسطين،
والمقاومة كله مستهدفة.
بين هلالين، حتى أذكر اللبنانيين مسلمين ومسيحيين تصوروا لو أنه عام 2011 هذا النظام لم يصمد وهذا الجيش لم يصمد وجزء كبير من الشعب السوري ـ لأنه دائما يتحدثون بإزدواجية معايير ـ جزء كبير من الشعب السوري كان خياره هذا الخيار وصمد، لو سقطت سورية في يد القاعدة كما سقطت الموصل في يد القاعدة ولاحقاً صار اسمها داعش، أين كان لبنان، أين مسلمو لبنان ومسيحيو لبنان، أين الكنائس والمساجد، أين النساء والأعراض، لبنان بلد السياحة. هل سيبقون لكم قلعة؟ هذا بالعراق هو كل شيء له علاقة بالسياحة وبأهل البيت هدموه، سيبقون لكم سياحة وما شاء الله علينا بلبنان.
ولذلك نعم، أنا أعود وأقول، وكل يوم أقول، ولا استحي عندما أقول، وسأقول اليوم شيئاً جديداً: كما 8 آذار 2005، شكراً سورية اليوم لأنكِ صمدتِ، وشكرا سورية اليوم لأنكِ لم تستسلمي، وشكراً سورية اليوم لأنكِ لم تخضعي لهذا الفكر التكفيري الأسود.
هذا كلنا نعرفه، ولم نتحدث على المكشوف، كل شيئ كان يجري بالعراق من العام 2003 كنا نعرفه ولم نتحدث على المكشوف، أشرت له بالخطاب الأول.
طبعا كان كل شيء بالواسطة، نعم بالبحرين دخلوا بالمباشر.
بالواسطة إذا قلنا بسورية وبالعراق ولا أعرف أين، التمويل سعودي والتحريض سعودي والإدارة سعودية، سيقولون يا إخوان أنتم تفترون على الجماعة هذه مملكة الخير هذه فقط توزع أقلاماً وكتباً وتبني مدارس فقط ومستشفيات، أنتم تتهمون الجماعة. لكن بالبحرين دخلوا علنا وسحقوا عظام البحارنة وضربوا وقمعوا الحراك السلمي الذي كلما يطالب به مطالب شعبية ديمقراطية إصلاحية طبيعية وزج بالعلماء والقادة والرموز وآخرهم سماحة الشيخ علي سلمان الأمين العام لجمعية الوفاق وآلاف السجناء في أسوأ الظروف يعيشون، ومنعوا الحل السياسي والحوار السياسي في البحرين، ومع ذلك كنا نحاول ان نقارب لماذا؟
لأنه ربما هناك مكان للصلح، ربما هناك مكان للحوار، دائما نحن كنا في لبنان من دعاة الحوار الإيراني السعودي، هو يساعد يا أخي، إذا جلسوا وتفاهموا أكيد يساعد، أكيد يساعدون، لكن أنا أريد أن أقول لكم: لسنوات، وأنا أعرف تفاصيل ومعلومات دقيقة عن اللقاءات والجلسات وطلب مواعيد، من سنوات إيران تسعى للحوار مع السعودية وتسعى للقاء مع السعودية وتسعى للتفاهم مع السعودية وتمد للسعودية يد الإخوة والحوار، ولكن السعودية كانت ترفض، دائما كانت ترفض، وترفض بشكل مسيئ أيضاً.
أحد المسؤولين الكبار الإيرانيين أنا ألتقيت به هنا من زوار لبنان، قلت له يا أخي أنت في كل مكان تذهب إليه تقول أنا جاهز أن أذهب إلى الرياض وأن ألتقي وأن أزور مرة 2 3 4 5 لم يردوا عليك "خلص" هناك كرامة للعالم، ومع ذلك الإيرانيون تابعوا، واليوم أنا أقول إن الجمهورية الإسلامية ـ ومن موقع العلم أقول ـ هي مستعدة وهي حاضرة وهي مؤمنة بالحوار بين الدول الإسلامية وبالحوار مع السعودية، لكن السعودية التي تكابر، السعودية لما تكابر لأنها تعتبر نفسها بسورية فشلت وبلبنان فشلت وبالعراق فشلت ولا أعرف أين فشلت، ستبحث عن نجاح قبل أن تذهب إلى طاولة التفاوض أو التلاقي أو التفاهم.
النجاح بسحق عظام وقتل نساء وأطفال البحارنة، الإخوة في البحرين، الشعب البحريني أو الشعب اليمني. ليس صحيحاً أن لديهم أي استعداد للحوار. على كلّ اليوم لا. آن الآوان لأن نقول الأمور كما هي وبوضوح. هذا هو الجواب.
اليوم لا حرب بالواسطة تحتاج لدليل، اليوم المسؤولون
السعوديون أعلنوا الحرب. السفير السعودي بواشنطن من واشنطن أعلن الحرب، الناطق
الرسمي لعاصفة الحزم السعودي يتحدث من الرياض، الجيش السعودي على الحدود يقصف،
الطيران السعودي يقصف ويدمر ويقتل. هذا يحتاج بعد لدليل؟ هذه ممملكة الخير.
ثانيا:هل هناك مكان للصلح؟ أين هناك مكان للصلح؟ رغم أننا
جميعا ننادي بالتسوية وبالحل السياسي باعتقادنا أنه آن الآوان برأينا، وهذا غير
ملزم لا لحليف ولا لصديق ولا لحبيب ولكن من حقنا أن نقول رأينا: آن الآوان أن يقف
المسلمون والعرب والعالم الإسلامي ليقول للمملكة العربية السعودية كفى كفى.
اليوم سؤال لكل الشعوب العربية، هذا الفكر الذي تحمله
الجماعات التي تدمر المجتمعات، بالعراق ما حصل بالمسيحي والأيزدي والشيعي والسني
الذي لا يحمل فكر وهابي وبالكردي والعربي والتركماني، هناك مجتمعات دمرت، هذه
الجماعات التي تحمل فكراً يدمر المجتمعات ويدمر الجيوش ويدمر الدول ويدمر الأمة،
هذا فكر من أين جاء؟ مدرسة من؟ كتب من؟ ثقافة من؟ فتاوى من؟ من الذي يوزع هذا
الفكر في العالم؟
من الذي يدرس هذا الفكر في مناهجه التعليمية؟ بالابتدائي والمتوسط والثانوي وبالجامعات؟ من الذي يبني مدارس في كل أنحاء العالم لتعلم شباب المسلمين هذا الفكر التكفيري التدميري؟
بكل وضوح هي المملكة العربية
السعودية وبأموال المسلمين وبأموال حج بيت الله الحرام. من أجل سورية، من أجل لبنان،
من أجل العراق، من أجل اليمن، من أجل البحرين، من أجل دول الخليج، من أجل مصر
وليبيا، من أجل الصومال، من أجل كينيا، من أجل كل بلد فيه عصابة إرهابية تكفيرية
تقتل وترتكب المجازر يجب أن يقف العالم ليقول للسعودية كفى.
هذا هو السبب. إذا أنا تحدثت بكلام انفعال وليس له منطق
ولا عقل لا تقبلوه مني.
العالم مستغرب كيف أن داعش بالعراق هدمت المدن الحضارية
والآثار والتماثيل؟ هؤلاء أبناء هؤلاء، مدرسة هؤلاء، مدرسة 1926 بالسعودية. لا
تستغربوا وقتها لم يكن هناك فضائيات. الآن أنا شاهدت بعض المذيعين والمذيعات كانوا
متأثرين على هؤلاء التماثيل التي تدمّر ربما أكثر من تأثرهم على بعض البشر.
لكن هذا الفكر من أين، والمال من أين، والسلاح من أين، والتحريض الطائفي والمذهبي من أين؟
لذلك نعم، نحن وصلنا إلى قناعة بعد حرب اليمن، نحن في حزب الله لا نلزم أحدا ولم نطلب من أحد من حلفائنا ونتفهم أي موقف من مواقف حلفائنا، هذا ما وصلنا إليه نحن كجزء من هذه الأمة، أن هذه مصلحة لبنان الكبرى، نحن في مصلحة لبنان الكبرى، في مواجهة الاحتلال، قدمنا الشهداء، آلاف الشهداء، حزب الله وحركة أمل والأحزاب الوطنية والجيش اللبناني والجيش السوري والفصائل المقاومة الفلسطينية، من أجل مصلحة لبنان الكبرى أيضاً سنحمل هذه التضحيات.
مصلحة شعوب الأمة وشعوب المنطقة الكبرى تقول يجب أن يقف العالم كله، حكومات وشعوب وأنظمة ودول، ننتهي من المجاملات، نضع الطمع بالمال السعودي جانباً ونأتي ونقول للحكام في السعودية: يا جماعة "خلص" دمرتم الدنيا، خربتم الدنيا، أدخلتم العالم ببعضها، إلى أين تأخذوننا بكل هذا الذي يحصل؟
وأنا أقول لكم: الخاسر الأكبر في كل ما جرى ويجري منذ سنوات إلى اليوم هو فلسطين وشعب فلسطين وقضية فلسطين، والرابح الأكبر هو إسرائيل وناتنياهو. من أجل هؤلاء جميعاً يجب أن نرفع الصوت. هذا رأينا. نحن نرفع الصوت وأنا اتحدث بكل وضوح: لا تتصوروا أي شيء، أي شيء، أي شيء يخطر بالبال قد يهددنا به أحد يمكن أن يمنعنا من مواصلة هذا الصوت العالي. سموه صراخاً، لا مشكلة، هذا صراخ لله وفي سبيل الله ومن أجل عباد الله الذين تسفك دماؤهم في كل بلاد المسلمين اليوم.
اليوم القاعدة وفروعها في العالم من أين؟ داعش، النصرة، بوكوحرام في نيجيريا، أسوأ وأسوأ، حركة الشباب بالصومال، تدخل إلى المستشفيات تذبح الناس، تدخل إلى الأسواق لتذبح الناس، فقط لأنهم مسيحيون، تدخل إلى الجامعات وتذبح الناس، بوكوحرام، كل هذه، من أين كتبهم، راجعوا كتبهم وثقافتهم.
على كلّ، كفى حروباً كفى
تحريضاً طائفياً ومذهبياً، كفى تضليلاً باسم الإسلام والحرمين الشريفين، حكومات،
ملوك ورؤساء، شعوب، العلماء، المفتون، الكل يجب أن يتحملوا هذه المسؤولية.
نصيحتي للبنانيين: نحن اختلفنا، نعم، على موضوع اليمن.
واختلفنا قبل اليمن على سوريا، وقبل سوريا على لبنان.. أنا نصيحتي لبعض الناس في
لبنان "يهدّو حصانهم شوي"، يهدّأوا أحصنتهم، أن لا يحتفلوا بنصر عاصفة
الحزم من الآن. انتظروا قليلاً .. لا
تخطئوا بالحسابات، أبقوا احتمالاً.. قبل أربع سنوات بنيتم كل سياساتكم
واستراتيجياتكم وتكتيكاتكم وخطابكم السياسي وشعاراتكم وتحالفاتكم على قاعدة أن
النظام في سوريا سيسقط بعد شهرين، وهذه السنة الخامسة. هل هذا صحيح، أم لا؟ .
واضطررتم أن تصلوا إلى مكان وتقولوا نعم، إيه، وصار،.. هدأوا أحصنتكم. لكم قراءة
ولنا قراءة، ولا مشكلة في الانتقاد، طبعاً، ليس من الصواب أن نشتم بعضنا بعضاً ولا
أن نعتبر النقد شتائم. أنا لا أعتبر أنني إذا انتقدت أحداً أو انتقدني أحد أن هذا
شتيمة، وفي نهاية المطاف كما في المسألة السورية وغيرها، اليوم في المسألة اليمنية
ليحتفظ كل منا بموقفه، ليعبر عن موقفه وعن قناعته وعن رأيه بالطريقة التي يراها مناسبة
مع التوصية بالالتزام بالحدود والضوابط الأخلاقية، لأني أدعي أني ملتزم بها، وفي
نهاية المطاف نحن هنا في لبنان نريد أن نعيش سوياً ونكمل سوياً ونواصل سوياً ونعمل
سوياً. كما عملنا على تحييد لبنان عن المأزق أو الأزمة أو الصراع في سوريا رغم
مخاطره الكبرى، كذلك نحن لا نريد أن ننقل هذا الخلاف وهذا الصراع في الموضوع
اليمني إلى لبنان. وانا أنصح أن لا تنقلوه أيضاً.
أقول قولي هذا وأذكر قول مؤمن آل فرعون في كتاب الله حيث يقول، كل الذي قلته أنا احسبوني يا أخي مؤمن آل فرعون "فستذكرون ما أقول لكم وأفوّض أمري إلى الله. إن الله بصير في العباد".
اليمنيون سيصمدون، سيثبتون، سيواجهون، هم أهل لذلك. يملكون هذه القيادة وهذه الكفاءة وهذا الجيش وهذا الشعب ، وهؤلاء الرجال والنساء والأطفال الذين شاهدنا بعض نماذج منهم قبل قليل ومن كان لله ومن كان لديه هذه المواصفات هو منتصر لا محالة. هكذا نؤمن وهكذا نعتقد.
مجدداً أشكركم جميعاً على هذا الحضور المبارك والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
بتوقيت بيروت