نص مقابلة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مع قناة الإخبارية السورية يوم الاثنين 6-4-2015
ـ سؤال: أهلاً ومرحباً بكم مشاهدي الإخبارية السورية على الهواء مباشرة، ضيفنا ضيف خاص على شاشة الإخبارية السورية وعلى الإعلام الوطني السوري، نرحب به مباشرة. سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حياك الله، أهلاً ومرحبا بك لأول مرة على شاشة الإخبارية السورية.
ـ السيد نصرالله: أهلاً وسهلاً بكم.
ـ سؤال: أهلاً بك. بالتأكيد الجميع ينتظر ماذا سيتحدث سماحة السيد. بطبيعة الحال سنستمع إلى الكثير اليوم من سماحة السيد لنعرف ماذا سيقول عن خطوط التماس، والعلاقة مع سوريا وإيران، عن العدوان على اليمن وحروب البقاء والعرب عن فلسطين المحتلة والحرب مع العدو. أهلاً ومرحباً بك من جديد سماحة السيد، شرّفتنا على الهواء مباشرة عبر هواء الإخبارية السورية. أنت موجود هنا على قناة وطنية سورية لأول مرة، بالتأكيد هناك دلالة أو هدف ما تريد أن توصلوها اليوم ما هي؟
ـ السيد نصرالله: بسم الله الرحمن الرحيم، أنا أيضاً أرحب بك وبهذه القناة المقاومة والمناضلة، وأتمنى إن شاء الله أن يكون هذا اللقاء مثمراً ومفيداً.
في الحقيقة أنا على تواصل دائم مع الشعب السوري، مع الجمهور السوري من خلال الكلمات والخطب، تعرفين أنني قليلاً ما أُجري مقابلات تلفزيونية أو صحافية، منذ مدة طويلة طلب مني من قبل إدارة القناة هذا اللقاء، وأنا كنت دائماً أتحين الفرصة ومشتاق لهذا اللقاء. الحمد الله الآن توفرت هذه الفرصة خصوصاً مع حصول أحداث وتطورات مهمة يمكن التطرق إليها والحديث عنها دون تكرار لما كنا دائماً نقول في الخطب أو في المقابلات السابقة. ولا شك بأن المرحلة هي حساسة جداً ومهمة جداً، ولذلك هذا النوع من التواصل مختلف مع الشعب السوري، مع الرأي العام العربي، خصوصاً في هذه المرحلة، بإعتقادي كان ذلك مهماً، مع توفّر الفرصة والحاجة تأمن إن شاء الله هذا اللقاء.
ـ سؤال: نشكرك، ووجودك لأول مرة عبر شاشة الإخبارية السورية يقدر ويثمن. أبدأ بسؤال قبل أن ندخل في المحور في سوريا تحديداً، المنطقة في صراع وصراع دامٍ. سماحة السيد تعتقد أنه صراع ديني أم سياسي؟
ـ السيد نصرالله: لا نقاش في أنه صراع سياسي وإنما يُستخدم فيه الدين أو الشعارات الدينية أو العناونين الدينية، والكثير من الصداقات والعدوات والتحالفات والحروب التي جرت وتجري الآن في المنطقة، خلفياتها سياسية وأهدافها سياسية، وإنما الكثير من الأشخاص يستغلون الدين في هذه المعارك.
للأسف لو تم الإستفادة من القيم الدينية في معارك الحق هذا لا مشكلة فيه كما في حربنا مع العدو الإسرائيلي وطبعاً مع التمييز بين الموضع الديني والموضع الطائفي. أنا أقدّم شاهداً بسيطاً وواضحاً، باعتبار الآن إيران هي عنوان كبير في المنطقة سواء في التحالف أو في العداوات، عندما كان يحكم إيران نظام الشاه، الشاهنشاه محمد رضا بهلوي، السعودية ودول الخليج وأغلب الدول العربية التي كانت مثلاً في المحور الأمريكي أو الغربي عموماً كانت على علاقة قوية جداً بالشاه وبنظام الشاه ليس مع الشخص يعني، علاقات إقتصادية وعلاقات أمنية وعسكرية وعلاقات إستراتيجية، لم يخرج أحدا من أمراء السعودية أو علماء السعودية أو من مفتي السعودية ليقول كيف تقيمون علاقة مع إيران، هذا شيعي هذا رافضي مثلاً. حسناً، الشاهنشاه محمد رضا بهلوي كان مسلماً، لكن هو بحسب التوزيع المذهبي الذي الآن يعمل عليه والطائفي لم يكن سنياً كان شيعياً بالتوزيع الحالي. إذاً النظام الإيراني الملكي الإمبراطوري الذي مذهبه شيعي وهو كان طبعاً يهتم بالشعائر الشيعية، كان طاغية، بالسياسة كان عند الإمريكان حليف إسرائيلي، لكن في الظاهر يطبع القرآن كما يطبعه الملك السعودي وكان يذهب إلى المشاهد المقدسة التي نسميها نحن لأئمتنا أئمة الشيعة، وكان زوجته تذهب إلى النجف الأشرف وتزور مرقد الإمام علي إبن أبي طالب عليه السلام وكان ملوك وأمراء الخليج وعلماء الخليج وعلماء الوهابية بالتحديد يشاهدون هذا، لم يعترض أحد على الإطلاق على العلاقات السعودية الإيرانية ولم يفتح أحد هذا الملف. في ذلك اليوم إيران كانت إمبراطورية فارسية، لم يفتحوا مل الفارسية ولا تكلموا عن مجوس ولا تكلموا عن شيعة ولا تكلموا عن رافضة، لماذا؟ لأن الشاه في حلفهم السياسي وهم عند سيد واحد هو السيد الأميركي، هو حليف إسرائيل الإسترايتيجي.
عندما جاء الإمام الخميني وانتصرت الثورة الإسلامية في إيران وبدا أن الإمام الخميني وثورته سيقفان إلى جانب الشعوب العربية في مواجهة العدو الإسرائيلي إلى جانب فلسطين، فتح سفارة لفلسطين، أعلن أن القدس وفلسطين هي قضية عربية وهي قضية إسلامية، قضية المسلمين جميعاً، أعلن قطع العلاقات أو العداء مع السيد الأميركي فقلبوا جميعاً له ظهر المجّن وبدأنا نسمع لغة جديدة، إيران فارسية، إيران مجوسية، لم ينجح هذا المنطق، إيران الشيعية، إيران الرافضية.
إذاً الكلام في الموضوع الديني أو في الموضوع المذهبي وفي الموضوع الطائفي هو فقط وسائل تستخدم بشكل سيئ وبشع لخدمة أغراض سياسية. الصراع الموجود في المنطقة ليس صراعاً دينياً، حتى مع إسرائيل. اليهود هم أتباع دين سماوي، طبعاً الإسلام له رؤية حول الديانات السماوية الأخرى، كانوا موجودين وما زالوا موجودين في الكثير من البلدان العربية والإسلامية، نحن مشكلتنا مع الصهاينة الذين جاءوا واحتلوا فلسطين واعتدوا على الشعب الفلسطيني وعلى سوريا وعلى لبنان وعلى كل المنطقة وقتلوا وارتكبوا المجازر، وليست حربنا أو قتالنا أو معركتنا هي معركة مسلمين ويهود، هي معركة مسلمين وصهاينة. إذاً ما يجري في المنطقة أكتفي بالقول أنه هو سياسي بإمتياز، لخدمة أهداف سياسية ومشاريع سياسية يتم إستغلال الدين فيها في كثير من الأحيان بشكل خاطئ وسلبي وسيئ ويسيئ إلى الدين نفسه.
ـ سؤال: سنتحدث كثيراً اليوم عن العدو الإسرائيلي، ما الذي يفعل في المنطقة، لا سيما أن كل الصراعات التي تجري يبدو أن الأيادي الصهيونية هي حاضرة. أبدأ بالمحور الأول سماحة السيد إذا سمحت لي، سوريا تعنيكم وتعني لكم الكثير كنا قد تحدثنا قبل أن نكون على الهواء مباشرة بأن لسوريا "معزّة خاصة" مثل ما نقول عنها بسوريا بقلبكم، هل اخترتم فعلاً دخول الحرب إلى سوريا؟
- السيد نصرالله: نعم، نحن هذا كان خيارنا وكان خياراً معلناً، نحن لم نخفِ هذا الأمر، وأعلناه بوضوح وذكرنا الأسباب الموجبة لدخولنا ومشاركتنا في الصراع أو في المواجهة القائمة في سوريا، بملء إرادتنا ووعينا وإنطلاقاً من إحساسنا بالمسوؤلية التاريخية في هذه المرحلة.
ـ سؤال: لم يكن هناك مشاورات تجري بين الحلفاء لدخول حزب الله أو أن لا يدخل حزب الله في هذه المعركة.
- السيد نصرالله: في لبنان يعني؟
ـ سؤال: في لبنان وفي المنطقة بشكل كامل؟
- السيد نصرالله: لا، أولاً، في لبنان حقيقة نحن لم نخبر حلفاؤنا حتى لا نحرج أحداً. وبعد أن دخلنا وأعلنت أنا الدخول فيه، كان في إحتفال في ذكر انتصار 25 أيار، بعدها أرسلت لأصدقائنا وحلفائنا في لبنان أنه أنا أعتذر منكم لم أخبركم لم أشاوركم حتى لا تتحملوا تبعات هذا الدخول، هذه مسؤولية نحن سنتحملها ونتحمل تبعاتها، وأنتم لو سألكم أحد في لبنان أو في خارج لبنان نتيجة تعقيد العلاقات الموجودة دولياً وإقليمياً وعربياً أنكم هل أنتم وافقتم على دخولنا، تستطيعون القول وأنتم صادقون، يعني بكل صدق، تقولون والله حزب الله لم يسألنا، وأنتم أحرار في الموقف التي تتخذونه، يعني نحن لم نطالب حلفاءنا في لبنان بتأييد دخولنا إلى سوريا ولم يكن لدينا مشكلة لو انتقدنا أحد منهم أو اعترض على قرارنا هذا أو سكت، نحن قلنا للجميع أنتم يعني "خذوا راحتكم" نحن لا نلزمكم بشيء، نحن هذا القرار نعتبره مسؤولية تاريخية نتكلم عنها بعد قليل وبالتالي أنتم أحرار في أن تتخذوا الموقف الذي ترونه مناسباً، طبعاً مع القيادة السورية بالتأكيد كان يوجد نقاش وتشاور وبناءً على تقدير أنه ينبغي أن نتخذ خياراً من هذا النوع، اتخذنا هذه الخيار.
ـ سؤال: هل كنتم تتوقعون أن دخولكم إلى سوريا لن يطول حتى هذه اللحظة، سماحة السيد؟
- السيد نصر الله: منذ البداية التوقع واضح أن سوريا أمام معركة قاسية جداً وطويلة جداً وكبيرة جداً، ولو عدنا إلى البدايات من الأسابيع الاولى، أنا أذكر أنه سواء على المستوى الدولي والإقليمي العربي وحتى المحلي عندنا في لبنان، على مستوى وسائل الاعلام، المراقبون، المحللون، والكل كان يتعاطى أن سوريا ستسقط وتنهار خلال شهرين أو ثلاثة أشهر. ونحن على هذا يجب أن نبني أن حجم الموأمرة على سوريا وحجم المعركة التي أعدّت لسوريا منذ البداية كان كبيراً جداً، عظيماً جداً. وبالتالي نحن لم نذهب إلى معركة ونتصور فيها أننا في معركة ستدوم سنة أو سنتين أو أقل أو أكثر أو لعدة شهور. كان واضحاً من البداية أن المعركة قاسية وكبيرة وطويلة، لأننا عندما نأخذ مشهد الاصطفاف الدولي والإقليمي والمحلي والاصطفاف في المنطقة وحجم الاستهداف، كان من الواضح أننا لسنا أمام معركة قصيرة أو بسيطة، ونحن كنا تنوقع أننا سنبقى إلى الآن، وأيضاً المعركة مفتوحة، إلى أي حد؟ طبعاً هنا مجموعة عوامل تؤثر فيها ويرتبط بها.
- سؤال: تعتقد بأن كلمة مفتوحة يعني تتحدث عن فترة طويلة الأمد. الأرض في سوريا كمعركة، نتحدث عن معركة في سوريا .... الأهداف المرسومة لسوريا ما زالت في بداياتها؟
- السيد نصر الله: منذ البداية كان هناك مجموعة أهداف، وهنا من الممكن أن نتحدث عن الأهداف وممكن أن نتحدث عن الأسباب. برأيي أنه منذ البداية بناء على الدراسة والمعلومات والمعطيات والمواكبة منذ البداية إلى اليوم، من الممكن أن ندخل إلى بحث الأسباب قليلاً. حتى الآن أغلب ما قيل حتى في الخطاب السوري أو في خطابنا نحن أو في خطاب حلفائنا وأصدقائنا أن سوريا مستهدفة بسبب دعمها للمقاومة ولأنها مقاومة أو لأنها جزء أساسي من محور المقاومة وهذا صحيح مائة بالمائة، ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد. ولذلك لا أريد أن أشرح هذا السبب الأول لأننا نعرفه جميعاً. نستفيد من الوقت وأقول هناك أسباب أخرى.
السبب الثاني، الذي قد يكون السبب الأول في الحقيقة إذا أردنا أن نتحدث في الأولوية والأهمية أن سوريا خلال العقود الماضية، ولكي نحصر الحديث، منذ زمن فهمنا ووعينا من زمن قيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى زمن السيد الرئيس بشار الأسد هي دولة أولاً مستلقة في قرارها، هي التي ترسم استراتيجياتها وهي ترسم سياسيتها وهي تحدد مصالحها وهي التي تحدد تحالفاتها وعداوتها وعلاقاتها وإن أردنا أن نتحدث على مستوى المنطقة نبحث عن نموذج دولة حقيقةً دولة مستقلة وقرارها وطني فسوريا هي واحدة من الدول القليلة في المنطقة. إذاً هي أولا دولة مستقلة، ذات قرار مستقل، وأنا لا أتحدث عن هذا نتيجة عاطفة أو مودة لأن هذا الموضع متابع من قبلي في الحد الأدنى خلال خمس وعشرين سنة من المتابعة المباشرة. ثانياً إن سوريا الدولة المستقلة هي دولة محورية في الإقليم، أي ليست فقط هي صاحبة قرار وطني، هي صاحبة قرار اقليمي مستقل أيضاً وهي لاعب أساسي في الإقليم.
- سؤال: بمعنى؟
ـ السيد نصرالله: بمعنى أنه ليس من الممكن الحديث عن مستقبل المنطقة ومستقبل الإقليم بمعزل عن سوريا وعن القرار في سوريا، موضوع فلسطين موضوع لبنان، موضوع بلاد الشام عموماً، حتى موضوع العراق، حتى موضوع تركيا، موضوع البحر الأبيض المتوسط. بالحد الادنى لو تحدثنا عن الإقليم المباشر، لا يمكن لأحد أن يرسم مستقبل المنطقة بمعزل عن الإرادة السورية والقرار السوري وهذا أيضاً واضح خلال كل السنوات الماضبة، هذا كان واضحاً.
سوريا في هذا السياق، وأنا أقول خصوصاً بعد رحيل الرئيس الأسد، هم رأوا أن - وهذا من الإيجابيات للرئيس بشار الاسد ـ يحتاج إلى تثبيت حكمه، وهو قائد شاب وأمامه فرص جديدة، وهو يحتاج إلى هذا النوع من العلاقات، ولذلك إذا لاحظتم، انفتحت مجموعة كبيرة من العلاقات: تركيا، وهذه المحبة لم تأتِ بشكل مفاجئ من السيد أردوغان، وهذه المحبة من الممكلة العربية السعودية ومن قطر ومن دول أخرى. هذا كان له علاقة بالتوجيه، توجيه اسم اتركونا نأخذ سوريا، ليس من تبعية إلى أخرى فهي ليس لها أي تبعية لا لروسيا ولا لإيران ولا لأي من حلفائها هي حقيقةً دولة مستقلة وذات قرار مستقل، هم كانوا يريدون أن يصادروا القرار السوري، لكن المعبر كان عبر العلاقات الدبلوماسية التجارية والاستثمار والمال والسياحة. مليارات الدولارات من أجل المشاريع داخل سوريا، لكنّ الهدف الحقيقي كان هو مصادرة القرار السوري وكل من موقعه ومن حيثيته. هذا الموضوع تأكد خلال الحوادث المختلفة.
مثلا أنا حين أستشهد على القرار المستقل أطرح كمثل ما حصل العام 2003، حين جاء الأمريكان وقاموا باحتلال العراق وقبل ذلك احتلوا افغانستان وكانت حادثة 11 أيلول قد وقعت، وجورج بوش يشن هجوماً على كل المنطقة وحالة رعب شديدة عند الحكام. في هذا الوقت جاء كولن بول إلى سوريا ومعه لائحة مطالب وافترض هو ـ لأن كل المنطقة مرعوبة من الأمريكان والدبابات الامريكية أصبحت على الحدود العراقية السورية ـ أن الرئيس الاسد لن يناقش أصلاً، سيستجيب كحال بقية الحكام العرب، لكن هذا الأمر لم يحصل منه شيئ، وكان المطلوب من الرئيس الأسد في الحقيقة موضوع لبنان، موضوع فلسطين، موضوع فصائل المقاومة، كلها كانت بداية لهيمنة أمريكية على القرار السوري. لكن شجاعة الرئيس الأسد وحكمته وثباته وثبات الموقف في سوريا أثبتت للقاصي والداني أن هذه دولة تأخذ قرارها باستقلال وتراعي مصالحها وتنطلق من قيمها ومبادئها، وكل ما يجري في المنطقة وفي العالم لا يرعبها ولا يخيفها. دليني على أي دولة عربية عندها مميزات من هذا النوع.
جاء 2005 حادث اغتيال الرئيس الحريري، استُغل هذا الحادث ووُجهت اتهامات في نفس اللحظة، ولذلك أنا أقول من قتل الرئيس الحريري كان قد جهز كل السيناريو، السياسي والإعلامي والشعبي، اتًهمت سوريا وأصبح يوجد تحريض كبير جداً على سوريا في لبنان وفي المنطقة والتهديد، اضطرت سوريا لمصالح صحيحة و حقيقية أن تخرج من لبنان ولكنها لم تخضع، لم تدخل في الحلف الأميركي الغربي السعودي الفلاني الفلاني...
ثم أتت حرب 2006 والهدف كان سوريا، كل المعطيات والمذكرات الموجودة الآن وكل ما نُشر من معلومات كانت تقول إن لبنان أولاً حيث تنهار المقاومة في لبنان ثم يتم إستكمال ذلك في سوريا وليس أن يُنتظر وقت آخر، وكانت الحرب في 2006 قرارها أميركي وتنفيذه إسرائيلي، لم يكن الإسرائيليون هم أصحاب القرار.
سوريا وقفت إلى جانب المقاومة وصمدت المقاومة وانتصرت المقاومة وانتصرت سوريا، وفشل مشروع ال 2006 ومع ذلك هم بعد 2006 أتوا وحاولوا من خلال العلاقات الإيجابية وكذا.. وحاولوا من خلال كثافة اللقاءات، وأنا أعرف تفاصيل في هذا الموضوع، أن يصادروا القرار السياسي الإقليمي في الحد الأدنى لسوريا. ولكن الرئيس الأسد كان يرى مصلحة سوريا ومصلحة القضية الكبرى التي يؤمن بها، ولذلك الأمور التي كانت تنسجم مع المصلحة كان يتجاوب معها والأمور التي لا تنسجم مع تلك المصلحة كان لا يتجاوب معها، وهم وجدوا بعد التجربة أن هذه القيادة وأن هذا النظام لا يمكن أن "يدخل في جيبة أحد" من دول المنطقة، لا يمكن أن يصبح تابعاً لا للملوك ولا للأمراء، ولا للسلاطين الجدد في تركيا، لذلك صار إعداد العدة للسيطرة على سوريا، إذا أمكن السيطرة، وإلا تخريبها وتدميرها وإسقاطها، وهذا ما ذهبوا إليه، لأن هذا هو سبب ثاني، أنا أطلت فيه قليلاً لأنه يجب الإضاءة عليه.
المعركة في سوريا في جانب من جانبها هي معركة الحفاظ على سوريا، وهي معركة المقاومة، إلى الآن هذا قيل وهذا صحيح، وهي معركة استقلال سوريا، واستقلال القرار السوري والموقع السوري، وأيضاً يضاف إلى ذلك سبب ثالث وهذا كُتب في كثير من الدراسات، وتكلم عنه الكثير من الباحثين وله علاقة بموضوع النفط والغاز ومضيق هرمز ومضيق باب المندب وروسيا وأوروبا والمعبر، هم يريدون من سوريا معبراً لنفطهم ولغازهم إلى أوروبا، وهذا مرتبط بوضع إقليمي ودولي معقد وطويل، ولذلك هم يريدون سوريا لهم، هم لا يريدون أن تكون سوريا للشعب السوري أو للنظام، هم يريدونها لهم لأنه يوجد مشاريع كبرى ترتبط بموضوع الثروة وبموضوع الطاقة، هم أرادوا تنفيذها دون أن يستفيد منها الشعب السوري والدولة في سوريا بما يحقق التنمية والتطور في كل المجالات.
وهناك أسباب كثيرة، وسأكتفي بهذه الأسباب لأقول نعم، هذا هو حجم الإستهداف، طبعاً القاعدة التي جيء بها إلى سوريا، هم حاولوا أن يستخدموها ولكن هي إستغلتهم، القاعدة كان لها مشروع آخر، لكن صار يوجد تقاطع مصالح أن وجود هذه الدولة وهذا النظام يحول دون تحقيق أهداف هذه الدول وأهداف القاعدة، القاعدة جاءت إلى سوريا وهذا موجود على مواقع الإنترنت التي لهم وكذلك دراساتهم، أنهم جاءوا إلى سوريا للسيطرة عليها والانطلاق منها للسيطرة على المنطقة، والمشروع المطروح كان عندهم هو السيطرة على اليمن وعلى سوريا، وهذا الآن يدخلك إلى موضوع اليمن، القاعدة أساساً كانت تريد السيطرة على اليمن والسيطرة على سوريا ضمن مواصفات إستراتيجية محددة وموجودة في الدراسات وهي دقيقة، وهم استغلوا حاجة أميركا والغرب وكل الدول التي تآمرت على سوريا إلى المقاتلين، فجاءوا بمقاتليهم من كل الدنيا من أجل تحقيق مشروعهم هم، وليس مشروع الآخرين لكن كان يوجد تقاطع، لذلك سوريا منذ اليوم الأول، أنا أشهد وهذا كان فيه نقاش طويل في الكواليس الداخلية، عندما بدأت الأحداث في درعا في بداياتها ، ثم تطورت في أماكن أخرى، أنا أشهد عن قرب أن السيد الرئيس الأسد كان حاضراً وكان جاهزاً للاستجابة للمطالب الشعبية المنطقية والمحقة، وكان منفتحاً على الحوار مع كل الفعاليات في كل المحافظات حتى على المستوى السياسي، لكن الآخرين عندما رأوا أن الدولة أو النظام يمكن أن يستوعب بداية الحركات التي حصلت في بعض المحافظات من خلال الاستجابة إلى مطالبها، دفعوا الأمور بقوة باتجاه العمل المسلح الواسع، وكلنا نتذكر بدايات الأحداث في درعا ونزول الجماعات ـ التي الآن يقولون عنها جماعات تكفيرية والمعروفة الهوية و الإنتماء والمظهر والشكل والشعارـ وأخذوا الأمور إلى المواجهة المسلحة الواسعة، لأنهم كانوا لا يريدون لا إصلاحات في سوريا ولا كانوا يسألون عن مطالب الشعب السوري ولا كانوا مستعدين للحوار، هم كانوا يريدون منذ البداية القرار الكبير: إسقاط هذا النظام لأنه مقاوم، ولأنه صاحب إرادة مستقلة ويؤكد إستقلال سوريا ولأنه يمثل الدور السوري الإقليمي ويريدون الهيمنة على سوريا وإعادة سوريا إلى دولة عادية كبقية الدول العربية التي لا شأن لها فيما يجري في المنطقة، هذا حجم الموضوع، ولذلك من الطبيعي أن يكون حجم الهجمة كما قلت في البداية ضخماً جداً وكبير جداً إلى هذا الحد.
ـ سؤال: لم يستطيعوا حتى هذه اللحظة على ما يبدو تحقيق جلّ هذه الأهداف التي تحدثتَ عنها سماحة السيد، اليوم على أبواب العام الخامس من الأزمة السورية الوضع على الأرض في سوريا كيف توصّفه؟ أين ترى أن هذا المخطط وصل في سوريا ؟ وأين تتقاطع المصالح اليوم؟ على الأرض نتحدث عسكرياً على الأقل مبدئياً.
ـ السيد نصر الله:دائماً نحن عندما نريد أن نُقيّم معركة أو حرباً كما حصل في الحروب السابقة، وفي معارك المقاومة وفي حرب تموز وفي حروب غزة، يجب أن نُقيّم الحرب على سوريا وأيضاً عندما نصل إلى اليمن يجب أن نُقيم الحرب على اليمن، دعنا نقول هل نجحوا في هذه الحرب؟ هذه الحرب فشلت، طالما أن الدولة موجودة والنظام موجود وهذا الموقع السيادي المقاوم موجود فالحرب لم تحقق هدفها الأصلي، وهو السيطرة على سوريا والهيمنة عليها ومصادرة قرارها ونقلها إلى مكانٍ آخر، إلى موقعٍ آخر، يعني في السياسة الإقليمية والدولية، طالما هذا لم يحصل هذا يعني أن الحرب حتى هذه اللحظة ـ نستطيع أن نقول ـ لم تحقق هدفها الحقيقي والأساسي، لأن المناطق التي ما زالت تحت إدارة الدولة والنظام العاصمة وكثير من المدن الأساسية عموماً أغلبها، ومناطق واسعة والجزء الأكبر من الشعب السوري أيضاً ما زال في مناطق وجود الدولة، إذاً الدولة موجودة والنظام موجود والقيادة موجودة، وأكثر من ذلك سوريا أجرت إستفتاء على تعديل الدستور وعلى الإصلاحات وعملت انتخابات نيابية وعملت إنتخابات رئاسية ـ نحن في لبنان من غير شر لسنا قادرين أن نعمل إنتخابات ـ وهذا يدل على أن الدولة موجودة والنظام موجود وفي نفس الموقع السياسي والقومي والسيادي والوطني، وهذا يعني أن الهدف فشل، السيطرة على مناطق في شمال إدلب وحتى على مدينة إدلب الآن أو في شمال حلب أو الرقة وبعض مناطق دير الزور وفي مناطق في درعا أو في الغوطة الشرقية هذا لا يُحقق الهدف.
الهدف لم يكن السيطرة على أجزاء من الأرض السورية، يعني عندما بدأت الحرب على سوريا لم يأت هذا الحلف ولاأريد هنا أن أدخل كثيرأ في الموضوع، الحلف الذي وقف خلف هذه الحرب وهو واضح سعودي تركي قطري عربي غربي أمريكاني وإسرائيل هي المستفيد الأول من كل ما يجري في المنطقة، هؤلاء لم يأتوا ليكتبوا أن الهدف من الحرب على سوريا أن نقتطع جزءاً من محافظة درعا، أو أن نأخذ منطقة إدلب أو أن نسيطر على الرقة، كلا، الهدف كان السيطرة على سوريا وإسقاط النظام وتدمير الدولة مثلما فعلوا في العراق، في العراق عندما دخلوا لم يحتلوه فقط بل دمروا الدولة العراقية، نهبوا الوزارات وكل شيء راح، تصوري أن المعارضة العراقية التي طالما استخدم صدام حسين هذا الجيش لضربها وسحق عظامها كانت تطالب بالحفاظ على الجيش العراقي، ولكن الأميركيين وجماعتهم في المنطقة ومنهم بعض دول الخليج التي كان لهم مصلحة دائمة أن لا يكون هناك جيش عربي قو، وهذه مصلحة مشتركة بين بعض دول الخليج وإسرائيل، ذهبوا ليحلوا الجيش العرقي، مع أنهم كانوا يستطيعون الإستفادة منه. فكان المطلوب في سوريا الهيمنة عليها وتدمير الدولة وتدميرالجيش والسيطرة، فهل سقطت سوريا؟
كلا لم تسقط، نعم هناك أجزاء من سوريا سقطت عسكرياً، لأسباب موضوعية وطبيعية، لكن أعتقد أن الهدف حتى الآن لم يتحقق والسبب بعد رعاية الله سبحانه وتعالى صمود وشجاعة القيادة السورية والجيش العربي السوري والقوات الشعبية على مختلف أسمائها، والدولة بأركانها وأيضاً هذا الإحتضان الشعبي الكبير. البعض يقول لك إن هذه حرب بين النظام وشعبه، فهل من المعقول أن يكون هناك نظام في الدنيا شعبه ضده وهو يصمد أربع سنوات أو خمس سنوات؟! والعالم كله ضده، كلا، هم فوجئوا بأن حساباتهم لم تكن دقيقة، وهذا الذي كنت أقوله مع كل الذين ناقشوني في الأسابيع الأولى، كنت أقول لهم: نحن نعرف سوريا ونحن لنا علاقات واسعة في الشارع السوري، حتى مع الذين لا يؤيدون النظام او لا يُحبون النظام،ومع ذلك أنا كنت أقول لهم هذا النظام وهذا الرئيس له حاضنة شعبية كبيرة جداً، وأنتم تُخطئون، لا تقيسوا على حسني مبارك ولاتقيسوا على معمر القذافي، ولا تقيسوا على زين العابدين بن علي، هذه القياسات خاطئة، حسني مبارك لم يستطع أن يُنزل مظاهرة من عشرة آلاف، "فراح جاب جماعة الجمال وما الجمال حتى يهجم".. أما في سوريا منذ المراحل الأولى شاهدنا مئات الآلاف في الطرقات في دمشق وفي حلب وفي حمص وفي طرطوس وفي اللاذقية حتى في المحافظات الشرقية وحتى في درعا وغيرها، إذاً أولاً: وهنا أريد أن أؤكد شيئاً للشعب السوري شهادة عن قرب، وهذا أنا قلته أيضاً للسيد الرئيس وليس من باب المجاملة، أن وجود قائد ورئيس شجاع وحكيم،ورأينا أوكرانيا أيضاً لا يوجد شيء، يعني هذاً الرئيس هرب إلى روسيا، صحيح أو لا؟ هذا الرئيس (في سوريا) صمد وبقي وتحمل مسؤولية كبيرة جداً وفي أصعب الظروف لم يغادر، وأنا كنت أعرف أنه لن يغادر في أصعب الظروف التي كانت موجودة في دمشق.... نعم يمكن هناك نتائج قاسية لهذه الحرب، عندما نحكي عن دمار، عن الشهداء، عن الجرحى..
ــ سؤال: واستنزاف حقيقي اليوم تمّ لكل هذا المحور مجتمعا كله مع بعض، لكن اذا اردنا أن نسأل اليوم حزب الله موجود في سوريا لأسباب ذكرتَ جزءاً منها قبل قليل، وجودكم في سوريا أين؟ في كل مساحة الأراضي السورية أم في أماكن معينة وهو لأهداف معينة؟ ما هو السبب الرئيسي اليوم الذي يجعل حزب الله موجوداً على الأرض في سوريا كفصيل سياسي عسكري؟
ــ السيد نصرالله: السبب الذي دعانا للدخول إلى سوريا هو أولاً حجم المعركة والاستهداف، خسارة سوريا ـ وهذا قلناه منذ الأيام الأولى ـ هو خسارة للبنان، هو خسارة لفلسطين وللقضية الفلسطينية، وهو كان سيحسم سلباً وبشكل خطير جدا مستقبل الصراع العربي الاسرائيلي، وهذا يعنينا كما يعني السوريين واللبنانيين والفلسطينيين وكل شعوب المنطقة ، لذلك نحن قلنا منذ البداية: نحن ذاهبون إلى سوريا لندافع عن سوريا ولندافع عن أنفسنا ايضاً لأن "ما حدا إلو على حدا جميل"، لندافع عن أنفسنا، لندافع عن المقاومة، لندافع عن لبنان، لندافع عن فلسطين، لندافع عن القضية الفلسطينية، بل أنا أريد أن أزيد الآن على ضوء كل التطورات التي حصلت، المعركة في سوريا هي دفاع عن الأردن وهي الدفاع عن العراق وهي الدفاع عن شعوب المنطقة لأنه لو سقط الوضع في سوريا وقدّر أن تسيطر القاعدة بأسمائها التي هي الآن صارت جديدة (داعش والنصرة هما قاعدة في الأصل وخلافهما تنظيمي ) لو سيطرت القاعدة على سوريا ما هو مصير لبنان؟ ما هو مصير الأردن؟ الحكومة والشعب والدولة والملك؟ ما هو مصير العراق؟ ورأينا بعدها أن الاماكن التي قدم فيها تسهيلات، العراق دخل في مرحلة خطيرة جداً، كان يمكن أن يكون الوضع أسوأ بكثير لو ان القاعدة تسيطر على سوريا. ما هو كان مصير دول الخليج؟ هؤلاء الذين عندهم تجارب فاشلة في صنع السحر الذي دائما ينقلب عليهم وفي تربية الأفاعي التي تنقلب عليهم .. هذا كله نحن كنا نراه، ولذلك هذا كان خلفية الدخول إلى سوريا.
يعني الموضوع في سوريا أكبر من مسألة شخص أو نظام، البعض يقول إن كل ما يجري في سوريا من أجل رئيس اسمه الدكتور بشار الأسد ومن أجل نظام. لا، المسألة أكبر من هذا.
ــ سؤال: تتحدث عن حزب الله..
ــ السيد نصرالله: أتكلم عن المنطقة كلها، بالنسبة لنا وبالنسبة لكل المنطقة، بل من نعم الله سبحانه وتعالى أنه كان يوجد في سوريا رئيس كهذا عندما جاءت هذه المؤامرة وجيش كهذا وإرادة كهذه، إنهم يقفون ويواجهون كل هذه الهجمة الدولية، وهذه هجمة القاعدة التي جيء بمقاتليها من كل الدنيا لتحتل سوريا ولتسيطر على سوريا. هذه بالخلفيات لدينا، عندما في البداية شخّصنا ما هي الأسباب، هذا حجم الموضوع، إذاً نحن نجلس ونتفرج؟ لا.
ثانياً: بالمباشر الذي سئلت عنه، هذا له علاقة بالحاجة في الساحة هناك، وله علاقة أيضا بإمكاناتنا، يعني حزب الله في نهاية المطاف ـ وانا قلت حتى في الخطب ـ نحن لسنا قوة إقليمية ولسنا جيشاً طويلاً عريضاً، لسنا كذلك وهذه حقيقة وليس تواضعاً. نحن في نهاية المطاف حركة مقاومة وفصيل مقاوم، لنا عديد معين، لنا إمكانات وعتاد معين، لكن يمكن أن يكون لنا في بعض المساحات أو بعض الميادين تأثير نوعي نتيجة التجربة ونتيجة الخبرة في حرب العصابات، هذا ما قد نتميز به عن تجارب الجيوش النظامية وفي مواجهة حرب عصابات بالتاكيد لنا خبرة متقدمة ونحن كنا نشن حرب عصابات في عمليات المقاومة على ضوء الحاجة وعلى ضوء الإمكانات والقدرة نتواجد في سوريا، ومن هنا نحن قلنا ونكرر حيث يجب أن نكون نكون وسنكون، ليس هناك تحفظات أنّ المنطقة الفلانية أو الفلانية، نأتي إلى هنا أو لا نأتي إلى هناك، لا. ليس هناك شيء من هذا النوع، يعني لا اعتبارات سياسية ولا اعتبارات غير سياسية ، حيث يجب أن نكون وهناك حاجة أن نكون ونستطيع أن نكون نكون.
ــ سؤال: ما هي المعايير التي يتخذها حزب الله اليوم ليقول إنني يجب أن أكون في هذا المكان وأن أكون في هذا المكان أو لا أكون في هذا المكان؟
ــ السيد نصرالله: قلت أولاً الحاجة، تشخيص الحاجة هو ليست فقط منا، هذا التشخيص مشترك وبالدرجة الاولى جهات معنية في سوريا على سبيل المثال: معركة القلمون، لا شك بأن معركة القلمون هي حاجة سورية لبنانية مشتركة لماذا؟ لأن الجماعات المسلحة في منطقة القلمون على امتدادها الواسع وصلت إلى مرحلة باتت تهدد التواصل بين دمشق وحمص وخط الساحل، إذاً هناك مصلحة أكيدة للمعركة داخل سوريا أن يُمنع سقوط هذا الطريق الدولي ، وأن تستعيد الدولة على كل حال سلطتها على هذه المنطقة مهم وضروري.
ثانياً: المصلحة السورية كانت أن منطقة القلمون بسبب تواصلها مع البقاع اللبناني كانت منفذاً كبيراً جداً لنقل المقاتلين والسلاح والعتاد والأموال إلى الداخل السوري، وليس فقط إلى القلمون، إلى أرياف دمشق المختلفة وإلى محافظات أخرى وتعرف أن قصة النأي بالنفس هذه كذبة كبيرة، إنه كانت تأتي السفن وترسو على الميناء في طرابلس وحتى في أماكن أخرى وكان يتم نقل سلاح وعتاد وإمكانات عبر الحدود اللبنانية وبالخصوص من طريق البقاع إلى منطقة القلمون إلى داخل الاراضي السورية.
إذاً، كان هناك حاجة لسد هذا المدخل الكبير، وهناك مصالح أخرى، حسناً هذا في الجانب السوري.
في الجانب اللبناني هناك جماعات مسلحة موجودة على الحدود اللبنانية وتحتل جزءاً من الأراضي اللبنانية، والأسوأ من ذلك أنها ترسل سيارات مفخخة لتقتل لبنانيين وتضرب حواجز الجيش اللبناني والمدن والقرى والبلدات اللبنانية، حسناً، هنا صار هناك تشخيص مشترك انه توجد أولوية لهذه المنطقة فلنذهب إلى منطقة القلمون. هنا أضرب مثلاً.
في بدايات الاحداث كانت دمشق أولوية، لأن هم كل الجو الذي خلقوه ـ أتتذكرين في شهر رمضان ـ أنهم سيصلّون صلاة العيد في المسجد الأموي الكبير وما شاكل، يعني كانت المعركة معركة دمشق، معركة العاصمة، والعربية والجزيرة كانوا يقولون خلال شهر تسقط دمشق وإلى آخره..
حسناً هنا الحاجة واضحة لا تحتاج تشخيصاً.
نحن لا نوجد في مكان دون مكان في سوريا، حيث يجب أن نكون نحن موجودون، حيث تدعو الحاجة سنحضر، وحيث طبعاً لدينا قدرة ونحن حضرنا بالكادر البشري، يعني نحن ليس هناك إمكانات نأخذها إلى سوريا لنقاتل بها، الإمكانات هي موجودة في سوريا، نحن نقاتل بإمكانيات الجيش العربي السوري، نحن جزء من هذه المعركة، وفي بعض الأماكن قد نحضر بأعداد معقولة، وبعض الأماكن قد لا تحتاج إلى أعداد، وإنما تحتاج إلى كوادر مثلاً يساعدون في الإدارة، في الخبرة، بتقديم المشورة، هذه حساباتنا هكذا..
ــ سؤال: سأتحدث بطريقة أخرى، أنتم كقائد عسكري موجودون على الأرض في سوريا، سوريا دولة ذات سيادة، تملك جيش موجوداً على الأرض، كيف يتم التعاطي في المعارك على الأرض بينكم وبين الجيش السوري؟ من يصدر الأوامر كيف تتخذون القرار؟ يكون القرار منفرداً بكم أم أنكم تعودون بقراراتكم لقيادات في الجيش العربي السوري؟
ــ السيد نصرالله: أولاً انا لست قائداً عسكرياً، الذين يديرون هم قادة عسكريون موجودون في سوريا..
ــ سؤال: يرجعون لحضرتك؟
ــ السيد نصرالله: يرجعون بالخطوط العريضة، أراجع الموضوع من زاوية سياسية ومن زاوية الاعتبارات الأخرى، لكن هم الذين يديرون ويقودون ويتعاونون (هم على الأرض)، أما القرار هناك فهو قرار سوريا، نحن عامل مساعد، نحن لا نقود معركة، لا نقرر معركة، لا نفتح جبهة، أقول: نفتح هنا جبهة أو هناك جبهة، طبعاً القادة العسكريون السوريون هم يسألون، يتشاورون، يناقشون، ولكن القرار هو مئة بالمئة تتخذه القيادة السورية، سواء على المستوى السياسي أو على المستوى العسكري. في الأماكن التي يوجد لنا فيها حضور معقول ونستطيع أن نقدم مساعدة نحن نقدم مساعدة
ـ سؤال: القائد حسن نصر الله القائد العسكري، قلتَ قبل قليل انك لست بقائد عسكري، رجل سياسة رجل دبلوماسي، كيف ممكن ان ينظر سماحة الامين العام السيد حسن نصر الله لخارطة المعارك المتواجدة في سورية؟ كيف تقيمها؟ وما هي النظرة المستقبلية القادمة لا سيما اننا نتحدث في هذه الفترة سماحة السيد عن مرحلة قد تبدو الأصعب في تاريخ المنطقة، مردود هذا الموضوع، بعد قليل سوف تتحدث عن ملف الاتفاق النووي الذي صار بين إيران ومجموعة الست.
ـ السيد نصر الله: يعني إذا عدنا إلى حجم الهجمة، إلى حجم الدعم الهائل الذي قدّم. مرة أنا أتكلم بالموضوع، مرة أخرى يتكلم بايدن نائب الرئيس الاميركي الذي تكلم في جامعة امركية وقال لما سمى دول الخليج وقال إنهم أنفقوا مليارات الدولارات وشحنوا آلاف الأطنان من السلاح والذخائر إلى سورية من أجل تحقيق هدفهم.
إذاً المعركة في سورية عندما تقاس، ليس أن سورية والجيش العربي السوري والقوات الشعبية والدفاع الوطني وغيره عندما يقفون مع الجيش ويقاتلون، هم ليسوا يقاتلون جيشاً حتى نحسبهم بالحسابات التقليدية والكلاسيكية والعادية، هم يقاتلون الدنيا التي أرسلت إليهم عشرات آلاف المقاتلين الذين جاؤوا إليهم من كل أنحاء الدنيا، وهؤلاء طبعا لديهم حوافز، حوافز متفاوتة ومختلفة في القتال وللأسف الشديد بعضهم ينطلق من خلفيات عقائدية ودينية ويعتقد أن ما يقوم به هو الحق وهو الصواب وهذا جهاد في سبيل الله، وإذا قُتل فهو شهيد في سبيل الله وينتظره رسول الله (ص) على الغداء وعلى العشاء، هذه طبعاً كارثة عقائدية وثقافية هائلة. وهذا يجعل المعركة صعبة، هذا واحد.
اثنان، إن المعركة فُتحت على كل الحدود وفي كثير من المحافظات في وقت واحد، وما أخذت وقتاً طويلاً لتتدحرج، حسناً، أي جيش، مثلاً جيش الولايات المتحدة الاميركية الذي هو الجيش الأول في العالم، إذا صارت أحداث في الولايات المتحدة الاميركية هل يستطيع أن ينتشر ويحضر في كل مدينة وقرية ومزرعة وعلى كل طريق وكل الحدود. الجيش النظامي ليس معداً لمهمة من هذا النوع أساساً. بطبيعة الحال حجم الهجمة والتطور الذي حصل، صارت تسقط مناطق إلى حد أن دمشق باتت مهددة، حلب مهددة، حمص مهددة، أدلب كانت دائما في دائرة التهديد، مدن أخرى كانت أيضاً، إذا كان هناك معركة مفتوحة في مساحات واسعة جداً من سورية، وكانت الخطة هي الهجمة الشاملة من كل الحدود ومن كل المناطق للوصول إلى دمشق وإسقاطها، لكن دمشق صمدت، تحصن الوضع في دمشق بشكل كبير جداً، لا يقاس وضع دمشق إلى السنة الأولى أو السنة الثانية من الأحداث، موضوع حلب اختلف، حمص، موضوع حمص بدرجة عالية كمدينة انتهى وهناك في بعض الريف في حمص طبعاً يحتاج لعلاج. هناك طبعاً محافظات عديدة في سورية تعيش الأمن والأمان ووضعها جيد وطبيعي ومستقر، وبعض الذين يذهبون إلى سورية ويعودون يفاجأون طبعاً من طبيعة الوضع هناك.
فبتقديري انا اذا نحسب من الأول، نجد أن وضع جبهتنا كان في حالة تقدم مضطرد، وبطبيعة الحال الجيش العربي السوري ومن معه يأخذون هذه المنطقة وتعود لتسقط ثم ليأخذوها مرة أخرى، هذه المدينة، هذه القرية، هذا لا يشكل تحولاً جذرياً وحاسماً في المعركة، هذا يؤثر على المعنويات ممكن، وليس على قواعد المعركة وعلى قواعد الصراع. المطلوب الآن في سورية هو الصمود لمنع السيطرة والهيمنة على سورية، وبالتأكيد هناك متغيرات في المنطقة، لأن ما يجري في سورية هو ليس موضوعاً داخلياً بحتاً، وهو يرتبط بأحداث وتطورات المنطقة التي يمكن أن نتحدث عنها بعد قليل، بالتأكيد سيكون لها انعكاسات على سورية.
ـ سؤال: إذا أردنا أن نسمي الخسائر التي تحمّلها اليوم حزب الله في سورية، هي خسائر كبيرة سماحة السيد؟
ـ السيد نصر الله: يعني هي متوقعة، طبعاً ما يقال في وسائل
الاعلام هو مبالغ فيه، طبعاً هنا في لبنان لأنه يوجد نكايات سياسية ولا يوجد
مصداقية في بعض وسائل الاعلام، وهي لا تنقل الخبر بل تنقل أمانيها، يعني مثلاً في
معركة معينة قد يسقط لنا عدد من الشهداء، افترضنا شهيدين أو ثلاثة وعدد من الجرحى،
الثلاثة على الارض السورية بالإعلام اللبناني والاعلام الخليجي يصبحون ثلاثين، يعني
أن الصفر لا قيمة له فنضعه جنب الثلاثة ليصبح 30. يوجد مبالغات في الأعداد، طبعا
هناك شهداء، هناك تضحيات وهناك العديد من الجرحى، لكن هذا ما زال ضمن المتوقع بل
أقل من المتوقع عندما نأخذ حجم المعركة.
ـ سؤال: لكن هو ليس بقليل بطبيعة الحال.
ـ السيد نصر الله: في موضوع الشهداء لا نتكلم بتقدير قليل وكثير، حتى لو كان العدد
قليلاً، بالنهاية عندما نتكلم بالبعد الانساني ونحن في هذا بطبيعة الحال نواسي
الشعب السوري الذي قدم تضحيات وأعداداً كبيرة جداً وهائلة جداً من التضحيات.
ـ سؤال: سماحة السيد عندما نتحدث عن معركة يخوضها الجيش السوري وحزب الله كجزء وفصيل أساسي من محور المقاومة والجيش العراقي بمواجهة تنظيم إرهابي كامل، هو داعش وجبهة النصرة، كأننا نقول إن اليوم إن هذا المحور يحارب الإرهاب عن العالم أجمع، ألا تخشون من هذه المعركة؟ ألا تخشون من استنزاف ما؟ لا سيما أن اليوم عندما نتحدث عن معركة الإرهاب فالكثير من الدول لم تدخل في هذه المعركة، خوفاً من هذه النتيجة، وهي الاسنتزاف.
ـ السيد حسن نصر الله: الآن مخاطر الاسنتزاف موجودة وقائمة بدليل ما حصل في سورية وما حصل في العراق. نحن في موضوع لبنان كنا حريصين على تحييد لبنان، الذي حيّد لبنان هو نحن، وليس الفريق السياسي الآخر، نحن من حيّد لبنان.
- مداخلة: عندما لم تعلنوا عن دخول سورية.
ـ السيد حسن نصر الله: لا لا، عندما أصرّينا أن لا ننقل المعركة إلى مساحات أخرى، مع العلم أن بعض الموجودين في لبنان، هم كانوا شركاء أيضاً في التآمر على كل القضايا والأهداف والعناوين الأخرى التي تكلمت بها أنا وعلى سورية، لكن نحن كنا حريصين أن نضيّق دائرة القتال والصراع والاستنزاف، وهذا انطلاقاً من اعتبارات إنسانية وأخلاقية ووطنية ودينية أيضاً، لكن في كل الأحوال حركات المقاومة في سورية والعراق والدول التي واجهت الإرهاب أو ضربها الإرهاب ليس أمامها خيار آخر سوى أن تقاتل، حتى لو أدى ذلك إلى استنزاف في مكان ما أو في مستوى ما، لكن البديل الآخر هو الاستسلام. حسناً، الذين استسلموا ماذا فُعل بهم؟ هل حُفظت كرامتهم؟ الذين استسلموا، هل بقيت لهم مساجدهم وكنائسهم وشعائرهم الدينية؟ هل بقيت لهم كراماتهم؟ هل بقيت لهم أعراضهم؟ هل بقيت لهم دمائهم؟ حسناً في العراق في مكان ما، هناك أناس استسلموا، ألم يذبح المئات من هؤلاء الذين استسلموا؟ هم استسلموا على أمل أن تنالهم مثلاً شفقة أو رحمة أو عفو. إذاً نحن أمام عدو ليس في قلبه مكان للرحمة ولا في عقله مكان للمعرفة أو الحكمة أو تشخيص المصالح. لا يوجد خيار سوى أن نقاتل جميعاً هذا الإرهاب الذي جاؤوا به وانقلب عليهم، وليس هناك مشكلة بالنهاية، الشعوب التي تستحق الحياة والتي تكون جديرة الحياة هي التي تكون مستعدة لتقديم التضحيات، وإلا الجبناء والخائفون البخلاء والمختبئون، هؤلاء لم يكونوا جديرين بالحياة.
سؤال: سماحة السيد ما يخص معركة الجنوب، نتحدث عن معركة الجنوب السوري تحديداً، ضُربتم في الجنوب السوري رددتم في مزارع شبعا في لبنان، ما الذي يمنع حزب الله طالما هو موجود على الأرض في سورية وشريك في المعركة في سورية أن يرد من الجنوب السوري؟
ـ السيد نصر الله: لم يكن هناك أي مانع، لكن نحن أردنا من خلال الرد في مزارع شبعا في جنوب لبنان، توجيه رسالة واضحة جداً للاسرائيلي، والعدو فهمها والصديق أيضا فهمها، وأردنا أن نتحدث عن وضع جديد اسمه لا قواعد اشتباك، لا جبهة يتم عزلها عن جبهة، نحن عندما يُعتدى علينا من قبل الإسرائيليين، جبهاتنا مفتوحة وخياراتنا مفتوحة في مواجهة العدوان الإسرائيلي سواء في لبنان أو في سورية، خياراتنا مفتوحة، الرد في لبنان كان له دلالة مهمة جداً جداً على المستوى الاستراتيجي والعسكري والأمني والسياسي والأبعاد المختلفة، وأعتقد أنه لو رددنا من سورية كان قيمة الرد على المستوى الاستراتيجي والمعنوي والسياسي أقل بكثير.
أنا أتبع معه المعادلات التي يرسمها، تضربني بسوريا فأرد عليك في سوريا، أما جبهتك في لبنان آمنة!
فهو جبهته مع لبنان لها قيمة كبيرة جداً، مستوطناته، مستعمراته، الشمال كله. عندما أقول له هذه جبهة واحدة وهو فهم على كل حال، هو فهم الرسالة وعقّب عليها وبعض الذين اعترضوا على الرد هم ايضاً فهموا هذه الرسالة، وأن المقاومة في لبنان تقول للعدو إذاً: لا يوجد لا زمان ولا مكان ولا جغرافيا للمعركة معك.
ـ سؤال: اذا اردنا ان نسأل عن فكرة الحل اليوم كيف يراها سماحة السيد حسن نصرالله؟ اليوم تنطلق الجولة الثانية للقاء التشاوري للأطراف السورية في موسكو، سوريا تذهب إلى مرحلة عسكرية صعبة، الكثير يتحدث عن هذه المشاهد لا سيما بعد الأحداث التي جرت في سوريا سواء في إدلب أو في الجنوب السوري أو ما يجري على صعيد المنطقة ككل. سماحة السيد، كيف تنظرون إلى الحل، من أين يبدأ، وما هي الخطوات الأولى لهذا الحل؟
ـ السيد نصرالله: الحل أولاً يبدأ من أن يكون لدى المعارضين السوريين الحقيقيين ـ الذين يقولون إننا نريد سوريا ونريد الاصلاح ونريد ونريد ـ أن يكون لديهم إرادة استقلالية ومستقلة في اتخاذ قرار الدخول في حل سياسي وحوار سياسي. المشكلة في رأيي تكمن هنا. في مقابلات سابقة أنا قلت منذ البدايات، منذ الأشهر الأولى السيد الرئيس بشار الأسد كان جاهزاً للحوار، وأنا شخصياً سمعت منه وناقشته في هذا الأمر لأن هناك جهات طلبت منا أن ندخل وأن نناقش فقلنا إننا ليس لدينا أي مشكلة.
وأنا سألته: حاضر للحوار السياسي؟ قال: نعم أنا حاضر.
سقف الحوار السياسي؟ قال: السقف عالٍ جداً لم يقل مفتوح لكنه قال عالٍ جداً.
وأيضاً أنا سألته: هم يقولون هل تقبل يا سيادة الرئيس أن يصبح هناك تعددية حزبية؟ هل تقبل بأن يحصل انتخاب للرئيس وليس استفتاء على الرئيس، هل تقبل بكذا وكذا؟ قال: نعم هذا كله قابل للنقاش وأنا أقبل به، ولكن لا تقل لهم الآن انني أقبل، دع هذا الأمر للتفاوض. هذا لأنه يوجد محبة ومودة فيما بيننا.
فأنا قلت له: طيب ممكن يصل الأمر إلى المادة الثامنة وهذا شيء كبير وخطير. وقال: حتى هذا هو خاضع للحوار السياسي وإذا توقف الحل في سوريا على إلغاء المادة الثامنة من الدستور، نحن "نمشي"، نحن نريد حلاً في سوريا، نريد أن نستوعب الوضع، لا نريد أن يذهب البلد نحو الدمار.
أنا مع كل الذين راجعونا وتكلموا معنا، قلنا لهم: الرئيس جاهز والقيادة السورية جاهزة، ولكن لم يكن أحد جاهز من كل الأطراف الأخرى للحوار السياسي.. وليس للحل السياسي.
الدول العربية التي هي بالحلف، الدول الغربية، الأميركيون، الاتراك، الكل كان يتعاطى أننا نحن في حال دخلنا في حوار سياسي مع النظام، مع الدولة يعني، نحن ـ بتعبيرهم ـ نضخ دماً في عروق النظام، نعطيه أوكسيجين جديد. النظام سيسقط بعد ثلاثة اشهر، أربعة أشهر، خمسة أشهر والكل رتبوا حساباتهم على هذا الأساس، ولذلك هم لم يقبلوا بالرغم بأن السقف كان عالياً. الإصلاح الذي كان يمكن أن يُطالب به، كان يمكن أن يكون سقفه عالياً ويُقبل به.
لكن هم لم يكن يريدون إصلاحاً، هم لم يكن يريدون حلاً سياسياً، هم لم يكن يريدون حواراً، هم يريدون الاحتمال الأول، حتى لا أعيد الكلام.
وهذه الجماعات كلها كانت مرتبطة، الآن نفس جماعة المعارضة يتكلمون أن هذه الجماعة مع المخابرات السعودية، وتلك مع المخابرات التركية، وهذه مخابرات قطرية، وأخرى مخابرات اردنية، كل واحد تابع لسفارة، وكل واحد تابع لجهاز مخابرات.
أين هي القوة السياسية أو القيادة السياسية أو العسكرية للمعارضة لنأتي ونقول تفضل يا أخي أنتم مدعوون إلى حل سياسي وإلى حوار سياسي؟
المصيبة الأكبر بدأت عندما أتت داعش وجبهة النصرة وبدأت تكتسح المناطق المسيطر عليها من قبل المعارضة. هل داعش جاهزة بأن تقوم بالحوار ـ بمعزل عن النظام ـ داعش جاهزة تقوم بالحوار؟ جبهة النصرة؟..
ـ سؤال: هل من المقبول بالأصل أن يقوم حوار مع داعش؟
ـ السيد نصرالله: أنا أتكلم بالمبدأ، حتى لو فرضنا أننا سنتنازل عن كل شيء وسنقيم حواراً مع داعش. هل داعش بماهيتها وفكرها وثقافتها هل لديها ثقافة حوار مع الآخر؟ أو تعايش مع الآخر أو الوصول إلى تسوية مع الآخر؟ هذا ليس له محل نهائياً والنصرة نفس الشيء، لأن النصرة هي داعش، يوجد تغيير فقط بالاسم.
إذاَ من البداية، الدولة والنظام والقيادة في سوريا كانت منفتحة على حوار جدي وحقيقي، دعك من الديكورات والشكليات التي كان يُحكى عنها، لكن الطرف الآخر لم يكن يوافق.
الآن للأسف الشديد، أنا اسف لأقول لك: الدول التي ترعى الجماعات التي تقاتل في سوريا، لم تأذن حتى الآن بالحل السياسي، لأنها هي ترفض الحل السياسي، ما زالت ترفض الحل السياسي، ويعجبها هذا المنظر في سوريا، المزيد من القتال، مزيد من الشهداء، من الاستنزاف، من الدمار، من الخراب، لأن هؤلاء عقلهم "هيك". ما الذي يحصل الآن في اليمن؟ هذا هو نفسه.
(هم يقولون: ) إذا لم نقدر أن نسيطر على سوريا ونهيمن عليها ونعمل عليها ملوك وأمراء، فلتذهب الى الجحيم، هم يتصرفون بهذه الطريقة، مع ذلك نحن نقول بكلمة واحدة: المنطق، العقل، المسؤولية التاريخية، القومية، الوطنية، الدينية، الأخلاقية، الإنسانية كلهم يجتمعون بالتشخيص التالي: في سوريا المطلوب الصمود، صمود الدولة، صمود الجيش، صمود الشعب، إلى جانب هذه القيادة وعدم الاستسلام، عدم الانسحاب، لأن البديل كارثي على الشعب السوري، وعلى كل المنطقة، وإبقاء الابواب مفتوحة لأي حوار سياسي ولأي حل سياسي يخدم المصالح السورية. هذا الأمر تمارسه القيادة في سوريا بشكل يومي، أنا في رأيي المشكلة هي في الطرف الآخر.
ـ سؤال: الطرف الآخر، تتحدث عن الدول الراعية لهذه المعركة؟
ـ السيد نصرالله: طبعاً الدول الراعية، نعم.
ـ سؤال: سماحة السيد عندما تتحدث بأن هذا هو المشهد والدول غير راغبة حتى اللحظة بحل الأزمة في سوريا، بماذا نستفيد اليوم من الحوار القائم اليوم في موسكو؟ الأطراف السورية الموجودة الآن، موسكو الراعية لهذا الحوار التشاوري، إذا كان هكذا هو الموضوع، هو شكلي؟ الدول الباقية هي غير راغبة ولو كانت غير راغبة لن ينجح هكذا حوار، وكأنك تقول اليوم إن هذه الخطوات لن تؤسس لحل في سوريا.
ـ السيد نصرالله: انظري، عندما نقول يوجد صعوبة، أو حتى الآن لا يوجد إذن من الدول الراعية، هذا لا يعني أن لا يحصل حوار، يجب أن ندق الأبواب والنوافذ، يجب أن يدقها السوريون. لست أنا المعني بالحوار، أي فرصة حوار مع أي مكوّن، مع أي جماعة، مع أي تجمع، يجب أن لا تفوّت، لأنه الآن بالحد الأدنى مثل هذا النوع من الحوارات، ينتج مناخات إيجابية، يفتح أبواباً، يمكن أن يمهد، يمكن أن يشجع الأطراف الأخرى للمجيء الى الحوار. ليس بأن نقوم بحوار كامل أو لا نقوم بحوار بالمطلق.
ـ سؤال: سماحة السيد قبل أن أذهب إلى الفاصل، اسمح لي بهذا السؤال فقط، أنتم كحزب الله مقربون جداً من سوريا، موجودون على الأرض في سوريا، في المعارك التي تخوضها سوريا ضد هذا الارهاب الذي يحاول النيل منها. إذا ما أردنا ان نسأل حزب الله تحديداً، هل طُلب منكم في مرحلة ما أن تكونوا وسيطاً بين سوريا ودولة من الدول التي ساهمت في هذه المعركة أحبت أن ترجع قليلاً إلى الوراء، خطوة إلى الوراء وتتراجع وتحاول أن تفتح من جديد أبواباً جديدة مع سوريا؟
ـ السيد نصرالله: كلا، لم يرقَ إلى مستوى الوساطة. بعض هذه الدول كانت ـ باعتبار العلاقة والاتصال القائم ـ كانت تطلب منا إيصال بعض الرسائل الايجابية مثلاً للسيد الرئيس بشار الاسد، ولكن برأيي وهذا ايضاً رأي الرئيس الأسد أن هذه ليست أكثر من مجاملات لإبقاء خط الاتصال مفتوح، وإلا هذه الدولة أو تلك الدولة في أدائها وسلوكها وممارستها لم يكن يتغير أي شيء على الاطلاق.
ـ سؤال: من هي هذه الدول؟ هل نستطيع أن نسأل؟
ـ السيد نصرالله: "بلاهم" احسن، لأن المجالس بالأمانات.
ـ سؤال: هم لا يشكلون أي دولة من دول الخليج العربي على الأقل؟
ـ السيد نصرالله: الآن سنبدأ، مدني أو عسكري؟ بدون أن ندخل بالأسماء يكون أفضل.
ـ سؤال: مشاهدي الإخبارية السورية أينما كنتم عبر الهواء مباشرة أعود وأرحب مباشرة بضيفنا سماحة السيد حسن نصر الله، أهلاً ومرحباً بك من جديد.
كنا تحدثنا في المحور الأول عن الشق السوري بشكل مفصل، نتحدث اليوم عن واقع حزب الله في سورية مع إيران.
يتم التداول كثيراً في الإعلام وعبر مصادر كثيرة بأن سورية باتت محتلة من قبل إيران ومن قبل حزب الله وبدأ شن الهجوم بشكل كبير نحو هذا الموضوع وقيادة وصناعة رأي عام حول هذه النقطة بالذات. برأيكم لمَ يتم الحديث عن هذا الموضوع تحديداً وفي هذا الوقت؟
ـ السيد نصر الله: دعينا نرى المصنف أولاً: من أول من تحدث عن أن هناك إحتلال إيراني لسورية هو سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، طبعا عندما رأى أن سورية صمدت والمشروع "مش ماشي" وهذا أمر أنا تحدثت عنه بالخطاب قبل عشرة أيام، هم مشكلتهم أنهم لا يستطعون رؤية شعوب ودول وناس لها إرادتها ولها عزمها، وهم عادة يتعاطوا مع مرتزقة: الناس عندهم إما رعية أو مرتزقة.
إما هو عن جد لا يستوعب أو لا، هو يكذب، واحدة من اثنتين. إذا أردنا ان نحمله على الأحسن لا هو "هيك عقله" أنا الذي سمّيته المشكلة في عقل النظام السعودي. هو "طلع معهم" كيف أن سورية صمدت، نظامها، قائدها، جيشها، دولتها، ناسها،هو لم يستوعب هذا الموضوع وهذه هي الحقيقة. نعقب على الكلام وأعود للخلفية.
الحقيقة أن الذي صمد في سورية وقاتل في سورية وحقق الانجازات في سورية هم السوريون أنفسهم، لأنه أنا لا أود التقليل من مساهمة حزب الله لكن أنا علناً قلت إن "الحجر يسند خابية" اليوم لا نود أن نقول خابية، ربما يكون جبل كبير، لكن أحيانا نتيجة شدة الأعاصير الموجودة أي تسنيد له يعطيه إضافة. الذي قاتل والذي استشهد والذي قدم التضحيات والذي حقق الانجازات هم السوريون أنفسهم. هذا الرجل غير قادر على الاستيعاب هو وكل جماعته، لا يستطيعون أن يستوعبوا، ماذا يظهر معهم؟ أن إيران محتلة سورية، كالحديث الآن عن احتلال اليمن. أين القوات؟ ليأتوا بقوات إيرانية في سورية واليمن، لا يوجد قوات إيرانية في سورية، لا من الجيش ولا من الحرس، هناك مجموعة ضباط موجودون هؤلاء موجودون من قبل الأحداث في سورية، هؤلاء جاءوا عام 1982 وبموافقة الدولة السورية، كان لهم معسكر داخل سورية، ودخلوا إلى لبنان وساعدوا المقاومة في قتال إسرائيل، وبقوا، وأصبح عددهم يتراجع. الآن عدد الإخوة الضباط الإيرانيين الموجودين في سورية هو أقل مما كان عليه قبل الأحداث. هذا وجود طبيعي وقديم وليس له علاقة بالتطورات. عدد محدود وقليل، هؤلاء يحتلون سورية؟ "كيف يعني"؟ بأي منطق، بأي عقل، حزب الله؟ لأفترض أن ليس جزءاً من قدرة حزب الله موجود بسورية، بل كل حزب الله موجود بسورية، "مش حزب الله، لو طلع كل اللبنانيين" هل يستطيعون احتلال سورية؟
هذا كلام ليس له أساس، هذا كلام بلا عقل، ليس بلا منطق، هذا من دون عقل. لكن نعم، هو محاولة للاستهانة بالإرادة السورية، وبالجيش السوري والمقدرات السورية. ومحاولة القول في حيثية أخرى أن سورية محتلة هو يبحث عن شرعية دعم المعارضة المسلحة في سورية ولو كانت تكفيرية لأن هذا ليس لديه شرعية، عندما تصبح سورية محتلة ما هي الشرعية التي سيعتمد عليها؟ أنه هو يدعم مقاومة الإحتلال، أي أ، الجماعات التكفيرية في سورية هي لا تقاتل دولة سورية ولا جيش سوريا ولا قوات شعبية سورية، وإنما تقاتل احتلالاً إيرانياً حزب اللهياً، وهي مقاومة شعبية في سورية يجب أن نقدم لها الدعم والمساندة. هذا التنظير إذا أحسنّا الظن أن عقلهم شغال للبشر.
وإلا ليس لديه أي أساس واقعاً، ليس لديه أي أساس. الآن سورية بالعكس، الآن بعض الناس يتصورون أنه نتيجة وقفة حزب الله معها أو وقفة إيران إلى جنبها وقفة مقدرة جداً ومهمة جداً لكن القرار في سورية في الداخل وفي السياسة الخارجية هو قرار القيادة السورية وأنا أعرف إلى أي حد القيادة في إيران تصر على احترام هذه الخيارات وأن أي قرار يجب أن يؤخذ في سورية يجب أن يكون من القيادة السورية نفسها، هذه الحقيقة ليس أكثر.
ـ سؤال: سماحة السيد فتحت لنا مجال لنتحدث عن السعودية، قلت إن هذا الكلام الذي صدر هو عرابه من السعودية بدأت فيه. عندما نقول إن المشهد في السعودية ذهب إلى اليمن، اليوم اليمن في مرمى السعودية، والقول إن العرب عندما اتحدوا.. ضربوا عرباً.
ماذا تقول اليوم في المشهد اليمني، لا سيما أن الكثير من الأحداث بدأت تتحدث بأن ما جعل السعودية تشارك بالعدوان على اليمن وتكون العرابة والقائدة لهذا العدوان هو له ارتباط كبير وثيق بالاتفاق النووي الإيراني؟
ـ السيد نصر الله: هذا قد يكون أحد الأسباب، هناك أسباب عديدة في رأيي. أنا قبل أيام عندما تحدثت ركزت على السبب الأول والأهم والجوهري وهو أن رجال السلطة في السعودية يريدون استعادة الهيمنة على اليمن لأنهم خسروه وفقدوه، فقدوه بسوء أداءهم وتدبيرهم وإدارتهم للوضع في اليمن، فلا أعيد. تحدثنا عنه بشكل واضح وجلي.
ثانياً السعودية أنما ذهبت إلى اليمن لأن هناك أسباباً أخرى. إذا أردت إضافة هذه الأسباب، هناك سبب آخر هو أيضاً يرتبط بالموضوع الأمريكي. عندما تصبح اليمن دولة مستقلة حقيقة واليمن ذاهبة إلى هذه النتيجة، أما ادعاء أن هذه هيمنة إيرانية وتسلط إيراني وإحتلال إيراني فهذا كلام فارغ ليس له أي أساس من الصحة.
الخيارات التي اتخذها اليمنيون في الآونة الأخيرة واقعاً كانوا يأخذون بلدهم إلى دولة مستقلة حقيقية، وإلى دولة مؤهلة وبحسب كل السوابق إلى دولة تكون إلى جانب حركات المقاومة في المنطقة وإلى جانب الموقع القومي. الشعب اليمني عموما هو شعب مؤيد للقضية الفلسطينية، محب للقضية الفلسطينية، قدم شهداء على هذا الطريق، متفاعل جداً مع ما يجري في لبنان وما يجري في فلسطين، كان له موقف مما يجري في سورية، موقف مبكر. الموقف اليمني عبّرت عنه شعبية كبيرة ترفض ما تتعرض له سورية من أول المظاهرات في الأشهر الأولى، وهذا دليل الوعي المبكر لخطورة ما يجري وصحة في قراءة ما يجري.
أن تخرج اليمن من هيمنة السعودية فهذا يعني خروجها من الهيمنة الأمريكية. موقعها استراتيجي وحساس جداً. كيف الأمريكي سيترك اليمن، ولذلك ما يجري الآن هو عدوان سعودي أمريكي على اليمن وليس فقط سعودياً.
ثالثاً: موضوع إسرائيل باب المندب صحيح له تأثير اقتصادي واستراتيجي على كل وضع المنطقة لكن أولاً على إسرائيل. أن تنشأ حالة شعبية كبيرة جداً وقد تمسك أو تكون جزءاً أساسياً من الإمساك بقرار اليمن تقول الموت لإسرائيل، هم لم يصدقوا أن ينتهوا من الموت لإسرائيل هنا لتخرج لهم الموت لأمريكا هناك.
إذاً السعودية تريد إعادة السيطرة على اليمن، أمريكا تريد اليمن، ولا تريد أن يكون اليمن خارج إرادتها لأنه إذا كان خارج إرادة السعودية فهو خارج إرادتها. إسرائيل ليس لديها مصلحة أن يكون هذا الشعب بهذا الخط السياسي وهذه العقيدة السياسية ـ الموضوع ليس مذهبياً ـ بهذه العقيدة السياسية وإلا ليكن مذهبهم "شو ما كان" شيعة، إمامية، زيدية، رافضة، سنة، شوافع، أحناف، إباضية، ليس مهماً إذا كانوا مع الأمريكان ومع إسرائيل. "شو المشكلة ليس لديهم مشكلة الجماعة".
إذاً هناك الموضوع الإسرائيلي أيضاً هو سبب، لذلك إسرائيل تدعم وتؤيد علناً ولا تخجل، تدعم القرار العربي. تصوري أن يأتي يوم تدعم فيه إسرائيل قرار جامعة الدول العربية بالاعتداء على اليمن وقد تتدخل في لحظة من اللحظات إذا كان هناك حاجة لتدخل إسرائيل في معركة اليمن.
أما الأمريكان فهم متدخلون: معلومات، واستخبارات، وإمكانات وتزويد الوقود في الجو الخ.
وهناك سبب رابع وهو حاجة حكام آل سعود لحرب من أجل الوضع الداخلي. الوضع الداخلي في السعودية وضع غير جيد بالنسبة لهم، هناك تراكم: موضوع البطالة، وموضوع الفقر وهذه المملكة التي تنفق مليارات الدولارات على الحروب في الخارج.
عندما يقول الأمير نايف أننا اعطينا صدام فقط 200 مليار دولار، هو لبنان بثلاث سنوات انفقوا فيه ثلاثة مليارات دولار، نذهب إلى هناك: مناطق شاسعة وواسعة من المملكة العربية السعودية لا يوجد فيها طرق ولا اسفلت ولا مدرسة ولا مستوصف. هناك فقر مدقع في كثير من مناطق المملكة العربية السعودية. أصلاً هم لا يسمحون لوسيلة إعلام أن تذهب إلى هناك أو أن تنقل.
البطالة الموجودة في السعودية، الأزمات الاجتماعية، والعائلة الموجودة في السعودية، اليوم صاحبهم وصديقهم أوباما ماذا قال؟ اليوم نشرت المقابلة، قال إن مشكلة دول الخليج أن الخطر عليها ليس من إيران، هذا صحيح، الخطر على دول الخليج من داخلها، من ناسها، من شبابها، من شعبها.
الثقافة التكفيرية التي يثقفون بها الشعب السعودي منذ مئة سنة وصل جزء كبير من هذا الشعب ان يكفر حتى آل سعود وحكام آل سعود وأمراء آل سعود لكن هو محكوم بالحديد والنار. وإلا إذا أراد أن يعبر عن قناعاته، كل المعلومات واستطلاعات الرأي تقول إن أكبر قاعدة مؤيدة لداعش في العالم هي في المملكة العربية السعودية. لماذا؟ لأن فكر داعش هو فكرهم.
داعش تعبر عن الوهابية الأصلية، الوهابية الأصلية هي الثقافة السعودية من مئة عام وحتى اليوم.
إذاً هناك خطر داخلي حقيقي. بالسياسة والسنن والتجارب التاريخية والبشرية تقول عادة الملوك والأمراء والحكام عندما يرون أن هناك وضعاً داخلياً صعباً ـ غير موضوع الأسرة الحاكمة والأجنحة والصراعات ومن أقصى من ومن قرّب من فهذا بحث آخر ـ عندما تشعر أن هناك تهديداً داخلياً حقيقياً، إلى أين تذهب؟ إلى حرب خارجية لتجمع الجبهة الداخلية ولتنظم أولويات مختلفة وربما أيضاً أن هؤلاء الذين يودون الجهاد في سبيل الله يفتحون لهم جبهة، طالما أن جبهة سورية استنفذت وجبهة العراق استنفذت وقد بدأوا يشكلون خطراً عليناً دعوا هؤلاء الشباب المتحمسين وفكرهم فكر داعشي نتيجة التربية نفتح لهم جبهة، تعالوا إلى اليمن. قد لا يكون هذا السبب الرئيسي ولكن هذا سبب مؤيد للذهاب إلى حرب في اليمن.
الأهم من هذا كله أن السعودية اضطرت لتذهب وتقاتل بنفسها. السعودية دائما تقاتل بالناس الآخرين، لديها أموال، وهنا الشبهة الحقيقية عند السعودية وبعض دول الخليج، هم يتصورون أنه يكفي أن يكون لديّ مال حتى أستطيع حكم العالم. هذا ليس صحيحاً.
ربما شخص لديه أموال العالم بأسره لكنه لا يستطيع حكم قريته، الأموال تحتاج أيضاً لعوامل أخرى لن أدخل بها الآن حتى لا يقال أنا أشنّع أو ما شاكل.
السعودية خلال كل الفترة الماضية تدفع أموالاً بسورية حتى تقاتل الوضع في سورية، تدفع أموالاً في العراق، تدفع أموالاً في اليمن، تدفع أموالاً في الصومال، تدفع أموالاً في لبنان، هي تدفع الأموال.
أين الاستراتيجيات العظيمة الهائلة، السياسات الكبرى، الخطط؟ هي تدفع أموالاً، هي لديها إعلام وأموال ومشايخ للفتوى.
عندما يريدون المعركة مباشرة يلبسونها لبوساً دينياً. الآن هناك علماء في السعودية، علماء كبار، مفتون (يروّجون أن ) الحرب في اليمن هي حرب سنة وشيعة، يريدونها هكذا، ولكن من يُقتل في اليمن ليسوا كلهم شيعة. هذا ما تملكه المملكة العربية السعودية.
في كل حروبها في المنطقة بالواسطة فشلت: السعودية فشلت في لبنان، السعودية فشلت في سورية، فشلت في العراق، فشلت في كل مكان ذهبت إليه. في اليمن الذي دفعها للذهاب إلى الحرب أن الأيادي الداخلية التي تقدم لها الأموال غير قادرة على تحقيق الهدف، فاضطرت السعودية أن تدخل بشكل مباشر إلى هذه الحرب.
ـ سؤال: سماحة السيد إذا كنا نريد أن نفترض بأن المشهد في اليمن سيذهب إلى ما هو أسوأ مما هو عليه اليوم، المتحدث باسم حركة أنصار الله قال"إن المشهد في اليمن ذهب إلى أبعد من أن يكون هناك قول بأن فسحة المفاوضات مع الرياض قائمة".
إذا افترضنا أن مفهوم المفاوضات غير قائم اليوم في المشهد اليمني، ما الحل؟
ـ السيد نصر الله: ليس المطلوب التفاوض مع السعودية، المطلوب أن تقف الحرب وأن يكون هناك رعاية ما، مثل الأمم المتحدة كما كان، وبضمانات دولية لرعاية حوار يمني ـ يمني، إذا كان المقصود إنقاذ الشعب اليمني والحفاظ على الشعب اليمني والشرعية في اليمن وما شاكل.
ما هي علاقة السعودية حتى تدير هي التفاوض أو تمون على التفاوض أو تكون طرفاً في التفاوض؟ المطلوب من السعودية فقط أن توقف الحرب وأن لا تتدخل في قرار اليمنيين ولتترك اليمنيين يتحاورون تحت أي مظلة دولية، وأنصار الله وبقية الأطراف الموجودة في اليمن هي منفتحة على هذا الخيار. هم يقولون: أوقفوا الحرب. نحن حاضرون أن نذهب إلى الحوار في دولة محايدة لكن لا يتوقع أحد ـ أنا لا أتدخل لكن هم الجماعة يتخذون القرار، انا لا أعرف ما هو قرارهم وأستمع في الإعلام إلى ما يقولون ـ لكن إذا كنت مكانهم، لا أقبل أن أجري حواراً عند الذي يقصف بلدي. من المنطقي جداً أن أذهب إلى دولة محايدة، وإلا الذهاب إلى من قتلني وقصف قراي وبناي التحتية وقتل شعبي ونسائي وأطفالي، أنا لا أذهب إليه ليجري حواراً ويدير حواراً، هذا خضوع، هذا استسلام، وهم يرفضون ذلك بالمطلق.
الإخوة كلهم في اليمن منفتحون على حوار، ولكن على أرض محاية، وبرعاية جهات دولية تضمن نتائج هذا الحوار.
ـ سؤال: عربياً قبل أن أذهب إلى الملف النووي الإيراني، إتفاقية الدفاع المشترك العربية بقيت مغلقة طوال كل هذه السنوات، ما الذي جعل الستار يزاح عنها الآن تحديداً سماحة السيد؟
ـ السيد نصرالله: الحاجة، الحاجة يعني، بعدين ليس العرب أخذوا القرار، أنا قرأت لبعض الأساتذة الكبار في مصر ملاحظة، ملاحظة ولو بالشكل لكن هي ملاحظة في المضمون، أن السعودية قبل ساعات من شن العدوان على اليمن، قبل ساعات من إنعقاد القمة العربية في شرم الشيخ، ما هذا الشيء الخطير الطارئ الاستثنائي الذي فرض على السعودية أن لا تنتظر ساعات، طالما هي تضمن تأييد في القمة العربية، هي ضامنة للتأييد في القمة العربية، هم شنوا الحرب ثم ذهبوا إلى القمة العربية، يعني شنوا الحرب ثم ذهبوا ليبحثوا لها عن غطاء عربي مثلاً، ليس أن العرب اجتمعوا وأخذوا قراراً وبدأوا بشن الحرب على اليمن وهذا مؤسف. وهذا أيضاً يعبر في مكان ما عن استهانة المملكة العربية السعودية، استهانة آل سعود بكل الحكام العرب، أنه هؤلاء كلهم يمشون معنا، نحن نفرض الحرب وكلهم يغطوننا ويدعموننا ويمشوا معنا، "فهمان حاله ماذا يفعل أو مش فهمان حاله ماذا يفعل طالما نحن ندفع فلوس بيمشي الحال". وأنا رأيي هذا ليس إشكالاً شكلياً أو بروتوكولياً، هذا إشكال بالمضمون، هذه الحكومات العربية والشعوب العربية.
حسناً تريدون أن تأخذوا قراراً عربياً ويوجد خطر إيراني وتهديد إيراني وإيران تشيّع العالم العربي ولا أعرف ماذا، حسناً، ماشي الحال، انتظروا كم ساعة، اجتمعوا، ناقشوا، خذوا قراراً عربياً، حتى هذا لم يعملوا به، حتى بالشكل لم يحترموا الحكومات والدول العربية، وأنا أعلم أن بعض الدول المهمة التي تعول السعودية عليها في هذه المعركة لكن لا تقولي لي من، أن رئيس هذه الدولة لم يكن على علم بقرار بدء الحرب إلا قبل ساعات قليلة، أعطي علماً قبل ساعات أنه نحن سوف نبدأ.
ـ سؤال: في الواقع، قضية فلسطين والإتفاق النووي الإيراني يفهم اليوم أن يتم إتفاق عربي في شأن موضوع اليمن لكن أن تصفّق له كل من تركيا وباكستان لم نفهم الرسالة بشكل واضح كيف يقرأها حزب الله؟
ـ السيد نصرالله: باكستان لا أعتقد أنها صفّقت، باكستان هم يعتبروا أن السعودية لها أفضال عليهم، موضوع فلوس يعني، وأن السعودية في مرحلة من المراحل ساعدتهم رغم أنها "عملت لهم بلاوي"، تعرفين أن القاعدة في باكستان وطالبان في باكستان هي صناعة المخابرات السعودية وأيضاً ساهمت معها المخابرات الباكستانية والإماراتية، هذا معروف، كل الدنيا تعرفه، ومن بركات السعودية في باكستان هي طالبان التي هي الآن تقتل الشعب الباكستاني وتفجر المساجد، ليس مساجد الشيعة، مساجد السنة ومساجد حتى الوهابيين الذين هم ليسوا على رأيها الساسي، مساجد الصوفية، الكنائس قبل أيام وسابقاً وتمارس قتلاً بشعاً بحق الشيخ الباكستاني، كلنا نتذكر حادثة المدرسة عندما قتلوا وذبحوا الأطفال في المدرسة لأنهم أولاد ضباط وجنود في الجيش الباكستاني، هذه طالبان من بركات من؟ السعودية، من أجل أن يعلم الناس. باكستان لديها مشكلة خصوصاً نواز شريف، تمويله سعودي ودعمه سعودي فأنه أنا هذه ولية نعمتي ماذا أفعل؟ وإلا لو خلي الباكستانييون لأنفسهم، لو خلوا لأنفسهم، هم يجلسون ويأخذون القرار بناء على مصالحهم الوطنية وضمائرهم وقيمهم الأخلاقية، لا يشاركوا بهذه الحرب لا من قريب ولا من بعيد. على كل حال اليوم أنا لم أعرف النتيجة، لكن اليوم كان هناك نقاش في مجلس النواب الباكستاني، المعارضة الباكستانية التي هي من أطياف متعددة كانت ضد المشاركة في هذه الحرب بالمطلق، ما القرار الذي يتخذونه لا أعرف، قد يكون المخرج عند الحكومة الباكستانية أنه نحن لا نشارك بالحرب على اليمن ولكن نشارك بالدفاع عن السعودية، يعني إذا وصل الأمر أن اليمنيين هجموا على السعودية وهذا يمكن أن يحصل، فللأسف الشديد أن تصل الأمور إلى هنا، فنحن ندافع عن السعودية، قد يكون هذا المخرج الذي تلجأ إليه الحكومة الباكستانية، لكن إذا كان الضغط السعودي كبيراً والضغط الأميركي أيضاً لأن هذه حرب أميركية سعودية قد لا يكون لدى الباكستانيين خيار للأسف سوى الدخول في هذه الحرب، لأن القصف الجوي حكينا أنه لا يحسم معركة، هذا اليوم حتى الآن لم يحصل، فهم مضطرون للدخول البري، السعودي لا يريد أن يقاتل بالجيش السعودي، يريد أن يقاتل بالجيش الباكستاني بالجيش المصري بالجيش الفلاني ولذلك قد يضغط بشدة على الباكستانيين للمشاركة في هذه الحرب.
ـ سؤال: تركيا سماحة السيد؟
ـ السيد نصرالله: تركيا حساباتها مختلفة، تركيا ليست مثل باكستان، يعني باكستان تدعم في مكان ما، تركيا لا، تقرأ المنطقة، تعيد حساباتها، نتيجة أيضا الفشل التركي في أماكن مختلفة، في سوريا يوجد فشل، في مصر يوجد فشل، بمعزل الآن الحق مع من، في ليبيا الأمور مغلقة، لأن تركيا لها علاقة بالذي يحصل في ليبيا ولها علاقة بالذي يحصل في مصر وبسوريا وبالعراق، يمكن التركي يرى أنه يوجد مصلحة ما في مكان ما لإعادة ترتيب العلاقة التركية السعودية، لأنه هم بسبب مصر أصبح هناك إنشقاق كبير جداً ثم جاءت مسائل ليبيا زادت هذا الإنشقاق فهو أنه يؤيد الموقف السعودي يجامل الموقف السعودي من جهة تحت عنوان الحد من نفوذ إيران الذي هو مجرد حجة كاذبة، من جهة في محاولة للتقرب من السعودية وإعادة لم الصفوف لتحقيق أهداف معينة، أنا أميل أكثر لهذا. أما أن تذهب تركيا للمشاركة العسكرية الميدانية القتالية في مواجهة اليمن أنا أستبعد ذلك، أستبعد لكن مجرد استبعاد يعني، قد يحصل هذا الأمر.
- سؤال: سماحة السيد إسمح لنا أن نأخذ فاصل قصير ونعود لمتابعة هذا الحوار الشق الآخر والأخير من هذا الحوار سيتضمن الحديث عن الإتفاق النووي الإيراني لا ننسى أبداً القضية المركزية للعرب فلسطين ومعركتكم مع العدو، فاصل قصير ونعود، ابقوا معنا مشاهدي الإخبارية السورية أينما كنتم.
- سؤال: أرحب بكم مشاهدي الإخبارية السورية أينما كنتم عبر الهواء مباشرة، أرحب من جديد بضيفنا سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أهلاً ومرحباً بك من جديد. سماحة السيد تحدثنا قبل هذا الفاصل وهو الفاصل الأخير في الدقائق المتبقية ما بعد هذا الفاصل نتحدث في ملفات لا تزال مهمة أساساً للمنطقة. قلت إن باكستان إذا أرادت أن تدخل إلى جانب السعودية ستدخل من باب رد الجميل أو أن تهديد الأمن السعودي من الداخل وقلت ليس هو ببعيد سيكون ذلك ممكناً في القريب، الأيام القادمة ستشهد على مثل هكذا تطور من اليمن والحوثيين إلى قلب الداخل السعودي ماذا قصدت؟
ـ السيد نصرالله: ليس مهماً، بالنهاية هذا أنا ليس لي علم خاص ولكن هذا قد يحصل بمعنى أن ما يجري في اليمن اليوم حتى هذه اللحظة هو ماذا؟ إذا نريد أن نوصفه، نعمل فيه تقدير موقف. حسناً، هم بدأوا بالقصف، وضعوا مجموعة أهداف، حتى الآن لم يتحقق شيءمن هذه الأهداف، وهذه تجربة حرب تموز بلبنان وهذه تجربة حروب غزة في فلسطين، وبالمناسبة الإدارة للحرب على اليمن سواء في بعدها الإعلامي وبعد الحرب النفسية وبعد الإدارة العسكرية وتكتيكها، هي مثل الحرب على لبنان والحرب على غزة، يعني هذا يكشف لنا من يقف خلف الستار في الإدارة. حسناً، هم وضعوا مجموعة أهداف لم يتحقق حتى هذه اللحظة شيء من هذه الأهداف، نعم سوى قتل الناس، هذا يؤكد أن اليوم نحن يمكن يوم 17، أنه فشل، فشل ذريع للعدوان السعودي الأميركي على اليمن.
قالوا أولاً: نريد أن نعيد الرئيس الذي يفترضونه شرعياً، هو جالس في الرياض هو وجماعته.
ثانياً: نريد أن نفرض على أنصار الله وعلى حلفائهم وعلى الجيش اليمني الإستسلام، لم يستسلموا الجماعة. يجب أن يخلوا إدارات الدولة ويسلموا سلاحهم الثقيل والمتوسط. الآن يمكن نحن هنا في هذه المنطقة يمكن يوجد كثير من الأشياء لا نعرفها عن اليمن، لكن السعوديين يعرفون اليمن جيداً. أنا ضحكت، معلومات عن اليمن على قد حالي، أنه في اليمن السلاح المتوسط والثقيل هو سلاح شخصي، يعني أنا لا أقول له السلاح الفردي دعه معك، القبائل في اليمن عندها سلاح ثقيل وسلاح متوسط، أن أقول لهم يا جماعة أنا فارض عليكم حرب وسلموا السلاج الثقيل والمتوسط وأنا برأيي هذا فيه شيئ من الغباء.
ثلاثة: قالوا إنه نحن نريد بالأهداف أن نمنع إحتلال إيران لليمن، وهذا تحصيل حاصل، يعني هذا هدف أصلاً ليس موجوداً، ليقولوا منعنا إحتلال إيران لليمن.
رابعاً: بالميداني قالوا نريد أن نمنع وصول الجيش اليمني واللجان الشعبية إلى بعض المحافظات وإلى عدن، ها هم وصلوا إلى عدن، المطار معهم بالإذن من قناة العربية، المطار معهم الميناء معهم المدينة بأغلبها معهم المحافظات الجنوبية أغلبها معهم.
ماذا فعلتم أنتم؟ حتى هذه اللحظة أنا أستطيع أن أتحدث من باب المعرفة وأنه نحن عندنا أيضاً تجربة حرب تموز بلبنان واكبنا حرب الإسرائيليين على غزة ونفهم بهذا الموضوع بشكل أو بآخر. أنا تقييمي أنه ما حصل حتى الآن هو فشل ذريع للعدوان السعودي الأميركي على اليمن. إذا كنا نتابع الناطق الرسمي هذا الذي يطلع ويتكلم كل يوم يقدم إيجازاً عن تطورات المعركة، المسكين محرج يريد أن يفتش على إنجاز، أنه والله يوجد قوة كانت لا أدري أين متجهة إلى عدن ضربناها، هذا ليس إنجازاً، هذا تفصيل، بالنهاية أنت تشن حرباً، وبالحرب يسقط شهداء، تدمر آليات، نُقتل نَقتل هذه الحرب، طبيعي. تكلم معي بالإنجاز العسكري الذي له بعد عسكري كبير أو له بعد سياسي، هم لم يعملوا أي إنجاز حتى الآن. بل بالعكس أنا أقول لك ما هي إنجازات العدوان السعودي حتى الآن.
الإنجاز الأول أنهم جعلوا الغالبية الساحقة من الشعب اليمني ضد السعودية بالمطلق، حسناً، متى كان اليمن يطلع فيه مئات الآلاف أو الملايين بشعار الموت لآل سعود، بالمناسبة آال سعود لا يتحملون أحداً أن يتكلم عليهم، هم يدفعون الفلوس، العالم كلها تشتم، لا بأس بذلك، لكن إذا قناة تلفزيونية أو جريدة أو خطيب أو سياسي أو كاتب يتكلم كلمة على آل سعود "بيمسحوا الأرض فيه" بالتعبير اللبناني. حسناً، يخرج الملايين الآن في اليمن يقولون الموت لآل سعود، هذه خسارة إستراتيجية فادحة بالنسبة لآل سعود في اليمن.
إثنين: هناك إستنفار يمني هائل وتعبئة يمنية هائلة نراها على شاشات التلفزة الذي هم يحاولون أن يمنعوا هذا الموضوع أن يظهر، بالقبائل وبالمدن وبالمحافظات وبالناس وستزداد هذه التعبئة وهذا الإستنفار الشعبي بسبب جرائم التي يرتكبها هذا العدوان بحق الشعب اليمني، حسناً، هذه نتيجة ثانية، وهذه من إنجازات العدوان.
من إنجازات العدوان أنه اليوم يوجد مطالبة، حتى الآن القيادة التي تدير المعركة في اليمن لم تأخذ قراراً بأن تقفل باب المندب، وهي تستطيع أن تقفله في الوقت الذي تريده، 20 كلم، يعني قصة إغلاق باب المندب بيدهم هذا، وتستطيع تضرب أهداف عسكرية في داخل الأراضي السعودية بالصواريخ وهي تقدر على ذلك وتستطيع أن تدخل أيضاً إلى داخل الأراضي السعودية، ولكن القيادة اليمنية، أهل البلد الذين هم يديرون هذه المعركة لم يلجأوا إلى أي خطوة من هذا النوع حتى الآن، ولكن قد يلجأون إلى خطوات من هذا النوع في المستقبل، أنا لا أدري، هذا له علاقة بتطورات الحرب والمعركة. الأهم هنا، أنه نعم هناك مطالبات شعبية ضخمة جداً بالرد، سواء كان رد له طابع صاروخي أو رد يقوم على الدخول (إلى الراضي السعودية)، والآن يوجد خطاب عريض وطويل في اليمن يتكلم عن المحافظات اليمنية التي هي يمنية، ولكن قام آل سعود بقتطاعها من اليمن وضمها إلى المملكة، وإدارة المعركة في السعودية، أنا سمعت خبراً، (هل هو) أكيد أو غير أكيد لا أعرف، أنه ما يقارب التسعين بلدة وقرية حدودية تم إخلاؤها، حتى قيل إنه تم هدم البيوت فيها خشية من دخول اليمنيين إليها. الآن يوجد مطالبة شعبية يمنية بأنه فلندخل السعودية، القيادة حتى الآن لم تقرر شيئاً من هذا، أنا أحببت أن ألفت لهذا الموضوع.
من الإنجازات العظيمة للعدوان هو دعم داعش ودعم القاعدة، مع العلم أن القاعدة وداعش حقاً يشكلون خطراً على السعودية وعلى كل دول الخليج ورأينا من العراق ماذا حصل. لكن هم عندما يصيبهم العمى لا يعودون يرون أمامهم، يعني أنت أمامك يوجد عندك في اليمن عندك داعش والقاعدة وعندك الجيش اليمني وعندك أنصار الله وعندك قوى سياسية أخرى صديقة حليفة للسعودية، لكن هؤلاء الذين تقاتلونهم الآن هم كانوا جاهزين للتفاوض معكم، يتحاورون معكم، يتفقون معكم قبل أن تشن الحرب عليهم، وهم ما زالوا الآن جاهزين لأن يذهبوا إلى حوار يمني يمني في دولة محايدة، لكن القاعدة وداعش يشكلان تهديداً لليمن ولكل دول الخليج وحكومات الخليج وملوك وإمراء وشيوخ وشعوب الخليج، لكن العمى إلى أين وصّل؟ من أجل أن يضرب أنصار الله ويضرب الجيش اليمني هو يحمي القاعدة ويحمي داعش في اليمن بل أكثر من ذلك ينزل لهم السلاح بالطائرات. حسناً، هذا إنجاز؟! هذا على خلاف المصالح السعودية، لذلك أنا تقديري أنه يوجد جانبان، في الجانب الإنساني مؤلم جداً ويجب أن نضيء عليه، ومسؤولية كل إنسان أن يضيء عليه، المجازر والقصف والعدوان وضرب البنية التحتية وتدمير الجيش اليمني، هذا نسيت أن أحكيه بالأهدف، هؤلاء الجماعة يعني الأميركان وإسرائيل ومعهم هؤلاء الجماعة التي جيوشهم كلنا نعرفها كيف، هم لا يريدون في هذه المنطقة جيشاً قوياً يمكن في يوم من الأيام أن يشكل تهديداً لإسرائيل أو للهيمنة الأميركية في المنطقة ولذلك الجيش اليمني هو هدف الآن على قائمة التدمير. على كل أعود لأختم وأقول، بالبعد الإنساني نعم هذا مؤلم ومحزن ما يحصل في اليمن لكن في البعد الآخر أنا من البداية توقعت، ليس توقعت على طريق المنجمين، يعني على طريقة التحليل السياسي والتجربة والمعطيات وما نعرفه أيضاً عن الوضع في اليمن والوضع في السعودية ومعادلات الصراع القائمة في المنطقة، أنا ما زلت عند رأيي الذي قلته قبل أيام في بداية الأحداث، الهزيمة السعودية عندي من أوضح الواضحات والإنتصار اليمني من أوضح الواضحات وهذا سيكون له إنعكاس على كل أحداث المنطقة وسيكون باب فرج للكثير من شعوب وحكومات المنطقة.
ـ سؤال: سأعود للحديث في موضوع يخص السعودية في آخر هذا الحوار، لكن سأدخل مباشرةً إلى الملف النووي الإيراني، ينظر كثيرون بأن إتمام الإتفاق هذا يعني أن له إنعكاسات واضحة على المنطقة، ليس كمحور مقاومة فقط، بل على المنطقة بشكل كامل، كيف تنظرون إلى هذا الإتفاق المبدئي الذي توصلت إليه إيران مع المجموعة الست؟
ـ السيد نصر الله: في المبدأ لنقل أن هذا إعلان مبادىء أو إعلان نوايا أو خطوط عريضة أو معايير أساسية، لم يتم الحديث حتى الآن عن إتفاق نهائي، المفترض من الآن إلى 30 حزيران يجب أن يشتغلوا بكتابة المسودة، 30 حزيران هو موعد الإتفاق النهائي، أنا يكفي أن أقول لأنه لدينا معايير ومؤشرات، يكفي أن تنظري إلى الموقف الإسرائيلي، وهنا بعض دول الخليج وليس كل دول الخليج، بعض دول الخليج وفي مقدمتها السعودية هي متقاطعة مع إسرائيل، عندما نرى الغضب الإسرائيلي السعودي، الإسرائيلي المعلن والسعودي المضمر من هذا الإتفاق، نفهم أهمية هذا الإتفاق، هذا أولاً.
وثانياً: نعم هذا إنجاز كبير جداً، وهذه تجربة التفاوض على الملف النووي الإيراني يجب أن يُتخذ منها العبرة وتُدرس وتُحلل ويُستخلص منها دروس ونتائج لكل الدول والحكومات والشعوب أيضاً التي تتفاوض على قضايا محقة، عندما نتكلم عن مفاوضات، وتتم دراسة الأسباب التي أدت للوصول إلى هذا الإتفاق، لكن من حيث النتيجة لا شك بأن الإتفاق النووي الإيراني ستكون له نتائج كبيرة ومهمة على المنطقة، هذا لا يعني الدخول في المساومات، التي عادةً بعض الناس يقلقون منه، أنا يكفي أن أقول إنه من أول نتائجه هو إستبعاد الحرب الإقليمية، لأنه دائما كان العدو الإسرائيلي يهدد بقصف المنشآت النووية في إيران، هذا القصف كان يمكن أن يؤدي بل طبعاً كان سيؤدي إلى حرب إقليمية، وقد تتطور الحرب الإقليمية إلى حرب عالمية، الإتفاق إن حصل إن شاء الله سيبعد شبح الحرب الإقليمية وبالتالي الحرب العالمية عن منطقتنا وبالتالي هذا من أبسط ومن أوضح ومن أهم الإنجازات حتى الآن. ثانياً: هذا طبعاً من نتائجه أنكم أنتم كلكم الذين ـ لا تؤاخذيني بالتعبيرـ "الذين كنتم تنتظرون الفشل" ـ وهم سيعملون بالمناسبة من الآن إلى 30 حزيران بدنا نفترض مليارات الدولارات التي سوف تدفع واللوبيات كلها وفي أمريكا ستعمل وفي الخليج والإسرائيليين واللوبي الصهيوني، سيكون هناك عمل دؤوب ومثابرة في الليل وفي النهار حتى لا يتم هذا الإتفاق في 30 حزيران، لكن في كل الأحوال أنتم كلكم كان هدفكم محاصرة إيران وإضعاف إيران وضرب إيران وإخضاع إيران. نتيجة الإتفاق سيكون هناك شيء آخر.
أنظري إلى إيران عندما جلست تفاوض دائماً كان يقال في لبنان إن الإنتخابات الرئاسية في لبنان موقوفة على المفاوضات النووية، وسوريا مرتبطة بالمفاوضات النووية والوضع في البحرين مرتبط بالمفاوضات النووية والوضع في العراق والوضع في فلسطين ..، نحن منذ اليوم الأول نتيجة معلوماتنا وليس تحليلاً من بعيد، نحن سألنا الإخوة الإيرانيين في أعلى المستويات وقالوا: التفاوض هو فقط على الملف النووي ونقطة على أول السطر، لا نتكلم عن شيء آخر غير الملف النووي، لا نتكلم عن لبنان ولا عن سوريا ولا عن العراق ولا عن البحرين ولا عن فلسطين ولا عن النفط ولا عن الغاز ولا عن شيء آخر، وخلال السنوات الماضية كان الأميركيون دائماً يُصرون على إدخال ملفات أخرى على الطاولة، الإيراني كان يرفض، لماذا كان يرفض؟ الإيراني لو أراد أن يبيع لكان باع، لأنه عندما تأتي إلى الإيراني لتقول له أنا أريد أن أعالج لك وأن أتفاهم معك على ملفك النووي بما يضمن حقوقك مثلاً أو الحد الأدنى من الحقوق، طيب يجب أن تعطيني حق هذا في لبنان على حساب حلفائك، وفي سوريا على حساب حلفائك وفي العراق وفي البحرين وفلسطين وفي موضوع إسرائيل وإلى آخره...
يعني آخر شيء أن نتنياهو يطلب أن الإتفاق النووي الذي له علاقة بالموضوع النووي يجب أن يتضمن بند اعتراف إيران بحق إسرائيل في الوجود، هنا نعرف سبب العداوة مع إيران، هذا هو، ونتنياهو يفهمه جيداً، على كلٍ الإيراني رفض أي نقاش في أي ملف غير الملف النووي، لأنه عندما يفتح الملفات الثانية فإنه سوف يُضغط عليه، وسوف يصير على حساب أصدقائه وحلفائه، بينما هو صاحب حق في الملف النووي فلماذا يريد أن يخلط الملفات ببعضها بهذه الطريقة. ذهب إلى الملف النووي 12 سنة يُفاوض،المفاوضات الأخيرة إستمرت سنة وأكثر "سحبة واحدة" مثلما يقولون، وصل لنتيجة أخذ هذه المعايير الأساسية، والدنيا كلها وصلت إلى محل أنه لا يوجد حل مع إيران غير الدبلوماسية، هذا الذي يضطر أوباما ليخرج ليتكلم عنه، السبب قوة إيران، بالدرجة الأولى قوة إيران، صحيح أن لها أصدقاء في المنطقة ولها تأثير في المنطقة وهذا عامل مساعد برأيي لكن ليس هو العامل الأول، العامل الأول والحقيقي والأساسي هو قوة إيران الذاتية، وهم بعرفون أنهم لا يستطيعون أن يُشعلوا حرباً مع إيران والعقوبات جربوها عشرات السنين ولم تعط نتيجة، وإيران تتقدم وتتطور وعلى كل صعيد: العلمي والتقني والتكنولوجي والثقافي والفكري والإقتصادي والبنية التحتية والعسكري والتصنيعي والتجارة والزراعة وعلى كل صعيد إيران تتقدم وتتطور.
إذاً الحصار والعقوبات لن يُخضعا إيران وحرب مع إيران النووية لا توصل إلى نتيجة، إذاً الطريق الوحيد هو الدبلوماسية، مثلما يقول أوباما، وإيران جاهزة للدبلوماسية، هي تريد حقوقها والآن هم يطلعون ليعلنوا بطولات: منعنا إيران من صناعة القنبلة النووية، طيب هم قالوا إنهم لايريدون صنع قنبلة نووية، الإمام الخامنئي منذ عشرين سنة يقول صنع القنبلة النووية وإستخدامها حرامٌ شرعاً، وهذا ممنوع بالنسبة لنا، طيب يريد أن يقدم ليعمل إنجاز ماشي الحال، يقول أنا عملت إنجاز ومنعت إيران من أن تُصنع سلاحاً نووياً، لكن النتيجة أن إيران كانت جاهزة للدبلوماسية لكنها لن تتنازل عن حقوقها الطبيعية، وأيضاً لم تُقدم أي تنازل في ملفات المنطقة، لماذا؟ لأنها رفضت أساساً أن تناقش أياً من ملفات المنطقة في المفاوضات النووية مع المجتمع الدولي.
الآن يأتى البعض ليقول الشيطان الأكبر وإيران تحبونها وهي وقعت إتفاقاً مع الشيطان الأكبر، على مهلك هي أجرت إتفاقاً مع المجتمع الدولي، خمسة زائد واحد، وغداً يوجد مجلس أمن وأمم متحدة. هذا هو تقييمنا، فنحن نرى فيه إنجازاً كبيراً بالتأكيد مثلما قال كثيرون، العدو والصديق والخصم والحاسد والمحب، الإثنين قالوا إن هذا الإتفاق إذا استمر فمعناه أنه سيعزز من قوة وحضور إيران وتأثير إيران في المنطقة، وهذا لن يضغط على إيران لتتخلى وتتراجع عن حلفائها وعن أصدقائها، لأنهم خائفون، طيب يوجد واحد سأل سؤال وهذا موجود في أكثر من واحد حتى لا يذهب الذهن إلى واحد محدد، أنه إذا إيران إستردت 120 مليار دولار فماذا سوف تعمل بهم؟ إذا من الآن هم مرعوبون، إذا إيران إستردت هذه الأموال وأصبح بإمكانها بيع نفطها وتصدير إنتاجها وحل موضوع المصارف وفتحت أبواب الإستثمار وسنشهد تنافساً هائلاً شركات أوروبية وفرنسية وألمانية وكله سوف يأتي إلى إيران، فماذا يعني ذلك؟ أن إيران سوف تزداد قوة وتزداد منعة وتزداد غنى وثروة وبالتالي ستزداد تأثيراً.. هذا واضح.
ـ سؤال: وبالتالي سينعكس ذلك على قوة الحلفاء بشكل مطلق وليس بشكل نسبي
السيد نصر الله: تماماً تماماً، أنا قرأت في مكان ما أنه يوجد أناس قلقون من أنه غداً إيران ستبيعنا وتزيحنا وتتاجر على ظهرنا. أنا أحب في هذا الموضوع أن اقول لكل الاصدقاء والحلفاء والأحبة في كل الأماكن والدول الجبهات، إيران لم تبع أحداً في يوم من الأيام، هذه إيران الدولة الإسلامية، أما إيران الشاه فنحن أعداؤها رغم أن النظام كان شيعياً، الموضوع ليس موضوع شيعي أو ليس شيعياً، إيران هذه الدولة الإسلامية، الجمهورية الإسلامية في ايران، لم تتخلَّ ولا في يوم من الأيام عن حلفائها، ولا يوم من الأيام باعتهم أو فرضت عليهم خياراً ولا يوم من الأيام أمرتهم بأمر، ولا يوم من الأيام سخّرتهم لمشروع إيراني خاص بها. هذا لم يحصل، والذي لديه شاهد فليأتِ به، أنها سخّرت صداقاتها وتحالفاتها لمصالحها الشخصية أو أنها تخلّت وباعت وخانت أحداً من حلفائها وأصدقائها، فلتأتوا لي بشاهد واحد. هذا لما كانت إيران محاصرة وتخضع لحرب، ولعقوبات ولعداوات، لم تبع ولم تشترِ على ظهر حلفائها، فكيف وإيران القوية الغنية التي سينفتح عليها العالم، كلا، أنا اقول إن إيران في المرحلة المقبلة ستكون قادرة على أن تقف إلى جانب حلفائها وأصدقائها وشعوب المنطقة وخصوصاً المقاومة في فلسطين والشعب الفلسطيني أكثر من اي وقت مضى، وهذا الذي يخاف منه الآخرون.
ـ سؤال: بطبيعة الحال الأيام القادمة ستحمل الكثير على هذا الصعيد، تحديداً سماحة السيد أنتقل للحديث في ملفنا الأخير بالدقائق الباقية. قلت مرة إنه لا يملك أي زعيم عربي أو مسلم أو أي قمة عربية لا يمتلكون حق التخلي عن حبة رمل من أرض فلسطين ولا يملك أحد الحق في التخلي عن حرف واحد من حروف كلمة فلسطين، هذه العقيدة والإيمان سيرثه أبناؤنا وإن كنت أعتقد أننا جيل نصر وأننا جيل من سيصلي في فلسطين، بصراحة سماحة السيد، ضاعت فلسطين؟
ـ السيد حسن نصر الله: ما ضاعت، هم عملوا على تضيعها ليس من الآن، يعني الآن ما يجري في العالم العربي تحت عنوان ربيع عربي وخريف عربي وكذا، البعض من حقه أن يقلق ويقول إنه ضاعت فلسطين أو ستضيع فلسطين. أنا أتهم أغلبية الأنظمة العربية أنها عملت على إضاعة فلسطين منذ عقود، وأنهم يتصرفون مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني كعبء، ولا يعرفون كيف ينهون هذا الموضوع وبأي ثمن ينتهي. والذي أحرجهم حتى الآن هو الشعب الفلسطيني المصر على أن يعود إلى أرضه والمصرّ على رفض التوطين والمصرّ على المقدسات ووو.... وقدم تضحيات هائلة. هذه الأحداث رغم قساوتها وصعوبتها هم يريدون من خلالها، الأميركيين والإسرائيليين وبعض الحكام العرب، أن تضيع فلسطين في هذا الوسط، ولكن لن تضيع إن شاء الله، وهذا يرتبط أولاً بإرداة الشعب الفلسطيني الذي ليس لديه خيار ولن ييأس ولن يتخلى لا عن أرضه ولا عن مقدساته ولا عن قضيته، هذا شعب حي وأثبت أنه يرث جيلاً بعد جيل بعد جيل. الذي يراهن أن هذا شعب يتعب أو ييأس أو شعب يتخلى عن قضيته، هو واهم تماما. أنا أعترض على الآخرين بموضوع قناعاتهم بالشعوب، هذا شعب من الأشخاص أنا اعتقد به كثيراً، مثل ما أتكلم عن اعتقادي بالشعب اليمني، بالشعب اللبناني، بالشعب السوري، بشعوب المنطقة.
ثانياً: أصدقاء الشعب الفلسطيني، بقية الشعوب، حركات المقاومة، نحن لن نتخلى عن فلسطين، حتى لو حصلت أخطاء من فلسطينيين. انظروا هنا في الضاحية كانوا عمداً يرسلون الفلسطيني ليفجر، وأنا أعتقد أن هذا عمل مخابرات اميركية، انه لماذا؟ أليس لديك سوري أو عراقي أو يمني أو سعودي؟ في العراق كانوا كلهم يفجرون، لماذا عندنا في لبنان، عند حزب الله، عند هذه البيئة الحاضنة للمقاومة، يرسلون فلسطينياً كانتحاري؟ ليحولوا بيننا وبين القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، انه "ما دخلنا في قضية فلسطين وما دخلنا في الشعب الفلسطيني"، هذا لن يحصل، لأن موضوع فلسطين والشعب الفلسطيني بالنسبة لنا هو موضوع عقائدي وإنساني وأخلاقي وليس موضوع فعل ورد فعل.
حسناً، سورية ورغم كل ما حصل في سورية، خذي من خطاب الرئيس الأسد، إلى الإعلام السوري، إلى القيادات في سورية، إلى الشعب في سورية، هل تعدل الموقف من القضية الفلسطينية؟ لم يتعدل، وموقف سورية سواء التفوضي أو الميداني هو الذي حال دون تصفية القضية الفلسطينية منذ مؤتمر مدريد إلى اليوم، وأنا أعتقد أن سورية لن تتخلى عن فلسطين حتى ولو كان لها عتب على منظمات أو حركات أو جماعات فلسطينية مثلاً. بقية شعوب المنطقة، الشعب اليمني رغم كل الذي يحصل، أنا مثلاً بعض الاصدقاء قالوا لي أنت من بين كل الحكام العرب الذين كانوا بشرم الشيخ، أنت خصّيت أبو مازن بالعتب؟ يعني هل يوجد شيء؟ الموضوع ليس بانه موضوع خاص معين، الموضوع انه انت يا أخي رئيس سلطة فلسطينية وأنت أرضك محتلة وشعبك شعب معتدى عليه، ما هي مصلحتك في أن تدعم عدواناً على الشعب اليمني، هذا هو حدود الموضوع، هذا الشعب اليمني المحب لفلسطين، هذا الشعب اليمني يقول الموت لإسرائيل، هذا الشعب اليمني أنا واثق أنه إذا حصلت أحداث في المنطقة ويُطلب من اليمنيين 100 ألف مقاتل لقتال الإسرائيلي فإنهم يرسلون، 200 ألف مقاتل يرسلون، أنا اثق بهذا، وهنا يأتي العتب، لذلك لا الشعب اليمني ولا الشعب السوري ولا السعب العراقي ولا الشعب الإيراني ولا اللبنانيين ولا الشعب الفلسطيني ولا أعتقد أن الشعب المصري وأن بقية الشعوب العربية ستتخلى عن فلسطين أيا تكن المصائب التي تحل علينا جميعاً بسبب هذا الصراعات الموجودة.
ـ سؤال: سماحة السيد، عندما تحدثت عن المقاومة الفلسطينية، مررت مروراً لا أستطيع إلا أن أصفه ـ إن كان توصيفي صحيحاً ـ أنه مرور خجول على بعض الفصائل التي كان لها دور في ما جرى في المنطقة، لا أستطيع إلا أن أسأل هنا عن علاقتكم بحماس، كيف تستطيع أن توصف لنا المشهد من هذا الفصيل الفلسطيني المقاوم؟ نتحدث عن حماس تحديداً، لا سيما أن ما جرى مؤخراً في مخيم اليرموك يضع الكثير من إشارات الاستفهام.
ـ السيد حسن نصر الله: انظري، نحن بموضع فلسطين، معيارنا هو التالي: الفصائل الفلسطينية كلها وبمعزل عن أي اعتبارات أخرى، الفصائل التي ترفض إسرائيل وتقاوم الإسرائيلي وتقاوم المشروع الصهيوني وتقدم الشهداء ولها أسرى في السجون ولها موقف سياسي واضح، نحن حتى لو اختلفنا على أي ملف آخر أو على أي قضية أخرى ولو كانت بحجم المعركة في سورية، موضوع سورية ليس ملفاً عادياً، ملف كبير جداً وخطير جداً، لكن نحن معنيون، نتيجة إخلاصنا للمعركة في مواجهة المشروع الصهيوني وإخلاصنا للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، حتى لو صار تباين بالموقف مع حماس ومع فتح ومع أي فصيل فلسطيني آخر، حريصون على العلاقة مع كل الفصائل الفلسطينية وأن تبقى علاقة طبيعية وجدية وجيدة ونتعاون لاننا نحن نواجه عدواً واحداً، أما ما نختلف عليه من ملفات أخرى، نعالجها بالحوار وبالنقاش، يقبلون منا، نقبل منهم، لاحقاً أن يقول أحد للآخر كان معك حق، هذا كله نتركه للوقت. أستطيع أن أقول بالرغم من خلافنا على تقييم الموقف مما يجري في سورية وهذا أمر معروف أنه عند الإخوة في حماس وعند بقية الفصائل، نحن كنا حريصين وسنتبقى حريصين على علاقة جيدة وطبيعية. طبعاً هناك أناس عاطفيا يمكن أن لا يتحملوا هذا الموقف، سواء في سورية أو في لبنان، ويقولون إن هذا لا يجوز، كلا نحن هنا نضع الموضوع العاطفي جانباً أو ملاحظاتهم وملاحظاتنا جانبا، لأنه أحيانا يحصل ملاحظات تفصيلية، بالمبدأ هذا المسار الاستراتيجي نحن نتّبعه.
ـ سؤال: سماحة السيد نحن نشكرك على ما تفضلت فيه في كل ملفات المنطقة، دقائق جداً ضيقة وسأستغل كل ما بقي منها من ثانية واحدة حتى، أسئلة سريعة أسالها لسماحة السيد يمكن أن تخص شخصه أو العائلة أو الحزب، بشكل كامل وكجزء أو كفصيل عسكري كبير إلى حد كبير له تأثير في هذه المنطقة، أبدأ وأسأل بما يُسأل اليوم: ما الذي يمنع حزب الله إذا كان يمتلك كل هذه القوة، العتاد والسلاح بأن يشن هجوماً فعلياً على إسرائيل وبأن بفتح الجبهة، ويقول: لم يعد الحزب حزب مقاومة، اليوم سنبدأ الهجوم.
ـ السيد نصر الله : نحن لا ندعي أن حزب الله يستطيع أن يشن حرباً.
بمعزل عن المبدأ، نحن لا نستطيع، لا ندعي أننا نستطيع وواقعاً لا نستطيع، هل نكذب على شعبنا وعلى أنفسنا أننا نحن نستطيع أن نشن حرباً على إسرائيل وأن نشطب إسرائيل وأن نحرر فلسطين، نحن حزب الله لوحدنا! هذا غير صحيح. لم ندّع شيئاً من هذا في يوم من الأيام. نحن واقعيون، هناك قوة أمامنا، نعم، قوة حقيقية، لكن نحن نختلف مع الآخرين الذين يخضعون لهذه القوة ويستسلمون لها ولا يجدون خياراً آخر، نحن لا نوافقهم. لكن نحن لم نصل إلى حقيقة أن المقاومة في لبنان بعديدها ومقدراتها وإمكاناتها هي قادرة على أن تحرر فلسطين مثلاً من البحر إلى النهر، لا.
نعم، في موضوع الجليل الذي تحدثت عنه سابقاً، وبالمناسبة أنا تحدثت عنه بلغة "قد"، أنا ليس لدي وعد قاطع، وهذا الـ"قد" قد يحصل، أنه في أي حرب مقبلة، لا سمح الله، عندما أقول حرب مقبلة يعني عدوان إسرائيلي على لبنان. نعم، في موضوع الجليل مقدور لنا، يعني للمقاومة اللبنانية، لكن أن ندخل ونصل تل أبيب ونصل إيلات، لا، لا يوجد إمكانية من هذا النوع.
ثانياً، حرب بهذا المستوى، لا يستطيع فصيل من فصائل المقاومة ان يتحمل مسؤوليته لوحده. هذا قرار كبير وعلى مستوى المنطقة يجب أن يتخذه شركاء قادرون على تحقيق الهدف من إعلان حرب من هذا النوع. نحن حتى الآن لم نتحول إلى جيش نظامي، نحن حركة مقاومة، طابعنا بالإطار العام هو طابع دفاعي. نحن نساند المقاومة في فلسطين، نعتقد أن أسلوب حرب المقاومة هو الأسلوب الأنفع والأجدى والأقل كلفة. ما زلنا نعمل على هذا الأساس ولذلك نحن لم نبادر في أي وقت من الأوقات إلى حرب كلاسيكية بهذا المستوى، وإنما فرضت علينا حروب من هذا النوع. ما نفضّله هو حروب المقاومة وليست الحروب الكبرى، ولكن إن حصلت لا نخشاها ولا نخاف منها وسنقف فيها وننتصر إن شاء الله.
ـ سؤال: سماحة السيد بعض القادة في الجيش الإسرائيلي قالوا وتحدثوا بشكل كبير عن استعداد كبير تمهيداً لحرب ثالثة محتملة على لبنان قد يدعي الإسرائيلي على خلفية هذا الاتفاق والقول بأن حزب الله بدأ الحديث عن امتلاكه لصواريخ ياخونت، ما صحة هذه المعلومات التي يتم تدوالها اليوم في الإعلام الإسرائيلي؟
ـ السيد نصر الله: من الجيد أن يقول ما يريد، نحن في موضوع مقدرات المقاومة لا نقول شيئاً، نحرص على الإخفاء الشديد، يعني إذا كان موجوداً يجب أن نخفي وإذا كان غير موجود يجب أن نخفي. إذا كان موجوداً يجب أن نخفي حتى نحافظ عليه وحتى نفاجأ العدو، مثلما حصل في الحرب. في حرب تموز مثلاً، البارجة ساعر خمسة في مقابل شواطئ بيروت ، نحن أخفينا إمتلاكنا لهذه القدرة بحيث أن العدو الإسرائيلي لم يكن لديه معلومات أننا نملك صواريخ أرض - بحر، وما كان يحتمل وما كان يتوهم، ولذلك هو لم يكن محتاطاً بشكل كاف عندما تم ضرب البارجة. كذلك في عمليات المواجهة في الجنوب، عندما دمر عدد كبير من الدبابات في الأيام الأولى أو في المواجهات، هو فوجئ بأننا نمتلك مثلاً سلاحاً ضد الدروع المسمى "كورنيت"، هو لم يكن يعرف شيئاً عن هذا الأمر. إذاً مصلحة المقاومة، مصلحة المعركة، نحن هنا لسنا في موقع التباهي، نحن في موقع المقاومة الجدية التي إن دخلت معركة تريد أن تنتصر فيها، يعني هذا الأساس الذي يحكمنا. فإخفاء المقدرات أمر أساسي. لكن لو تحدث العدو عن مقدرات ليست موجودة لدينا، لماذا أنفي ذلك وأقول له غير موجود! فليعتقد أنه موجود وبالتالي هذا يدفعه لإجراء حسابات . يعني مثلاً إذا اعتقد أنه لدي هذا النوع من الصاروخ، هذا يعني أن حركته البحرية، سفنه في البحر ستصبح مختلفة، سيبتعد مسافة معينة، سيأخذ إجراءات احترازية. إذا كان لدي هذا الصاروخ، الحمد لله، وإذا لم يكن معي فأكون قد ربحت ثمرة وجوده حتى لو لم يكن موجوداً. لأنني لا أريد أن أنفي.
ـ سؤال: سماحة السيد عندما يطل على شاشات التفزة في خطاباته نادراً ما يكون غاضباً، في خطابك الأخير سماحة السيد كنت غاضباً إلى درجة أنك هاجمت الأمراء في المملكة العربية السعودية. شُنت حملة جراء هذا الخطاب ولماذا السيد حسن نصر الله الآن يغضب إلى هذا الحد وكم مرة غضب سماحة السيد حسن نصر الله باستثناء الخطاب الأخير؟
ـ السيد نصر الله: أولاً، كوني غاضباً له سبب، على الرغم أني كنت هادئاً أغلب الخطاب، في المقطع الأخير عندما وصلت إلى موضوع اليمن والهجوم على اليمن والاعتداء على اليمن وسلوك آل سعود، نعم تحدثت قليلاً بانفعال، وهذا انفعال طبيعي وليس انفعالاً متعمداً. بالنهاية أنا إنسان أدعي أن كل ما أقوله وما أفكر به وأتعاطى معه أيضاً قلبياً وعاطفياً وروحياً. سبب الغضب هو هذا التطور الأخير الخطير جداً جداً جداً، ليس فقط في الموضوع الإنساني ، بموضوع كل وضع المنطقة ومستقبل المنطقة هناك أشخاص أخذوا قرار هذه الحرب وهم كانوا قادرين أن لا يذهبوا إليها. والمحزن والمؤسف أكثر، هذا العالم العربي. الحكومات العربية موقفها ليس جديداً، لكن أين أصحاب الإرادات الحرة في العالم العربي؟ أين الصحفيون؟ أين التفزيونات؟ أين الإذاعات؟ أين الكتّاب؟ أنا لم أطلب في الخطاب من أحد موقفاً، وحتى في لبنان نحن لم نطلب حتى من حلفائنا وأصدقائنا وأقرب الناس لنا موقفاً في موضوع اليمن. لكن ننتظر الناس أن تأخذ موقفها بإرادتها، هم أحرار بالموقف الذي يتخذونه. المؤسف والمحزن أنا كنت أتحدث بعد 48 ساعة وأكثر، وهناك سكوت قاتل في العالم العربي. إلى هذه الدرجة المال السعودي والإعلام السعودي "فعل فعله"، إلى هذا المستوى أصبحت الأمة مشطوبة ومختصرة ليس لها مكان. إلى هذه الدرجة العقل العربي أصبح يقبل سخافات. يعني مثلاً ذهبوا إلى الحرب. ما هي الحرب؟ نحن نريد أن ندافع عن الديموقراطية والشرعية في اليمن، وهذا سفيرهم في واشنطن عاد وكرر هذا الكلام. "ليش انتو عندكم ديموقراطية يا حبيباتي، عندكم انتخابات، ليش عندكم دساتير". تصوري أن الدولة، المملكة العربية السعودية تشن حرباً على الشعب اليمني وحتى الآن ما ثبت، طبعاً يضربون الجيش، يضربون بنية الجيش، ولكن هناك أعداد كبيرة جداً من الشهداء المدنيين والجرحى المدنيين. بلد يدمر بحجة ماذا؟ بحجة أنه يريد أن يعيد الديموقراطية أو نتيجة الديموقراطية إلى اليمن؟ أولاً اعمل عندك ديموقراطية . الطفل في العالم العربي يعرف هذا الكلام الذي أقوله. هذا يحتاج أن يدرس الانسان في الجامعة ليعرفه؟ تتحدث عن ديموقراطية، تتحدث عن حقوق الانسان. قبل أيام لم أحب أن أتحدث عن الموضوع الداخلي في السعودية. المرأة لا يحق لها أن تقود سيارة؟ لماذا؟ يقول لأن هذا حرام، هذه بدعة؟ لكن لا مشكلة إذا جلست بجانب السائق وحدها، يعني الخلوة ليست حراماً، ولكن تلك بدعة حرام. هذا نقاش فقهي. الناس يقولون لك حقوق المرأة في السعودية، أنا أريد أن أتحدث في حقوق الرجل في السعودية . إذا هناك دولة ليس لديها ديموقراطية، ولا انتخابات، ولا تداول سلطة، ولا حقوق انسان وفي هذا الأمر يوجد ملف طويل عريض، ومال الشعب السعودي ينفق في كل العالم كما يعرف كل العالم، ثم ترى العالم العربي ساكتاً على عدوان على اليمن، فأنا حقيقةً كنت متأثراً بهذا الجانب. وإلا لست قلقاً على المعركة، ولذلك قلت لا، لا يوجد خطر.
أنا أعتقد أنه يوجد بعد إنساني مؤلم جداً، ولكن أنا مقتنع أن السعودية ستلحق بها هزيمة كبيرة جداً، وستكون لهزيمتها انعكاس على أوضاعها الداخلية، وعلى العائلة المالكة، وعلى الذين ظنوا أنهم يريدون أن يصنعوا معجزات وانتصارات تاريخية وسيكون له انعكاس على كل المنطقة، هذه قناعتي، ونستطيع أن نكتب، وسنرى، والأيام قادمة.
أما أنا فقط غضبت؟ كلا أنا في كثير من الخطابات انا غاضب. طبيعة الموضوع يعني، أحياناً اتكلم بهدوء، وعندما نتكلم بموضوع المقاومة نتكلم بغضب، هذه طبيعة الخطاب، يستلزمه الخطاب.
أما رد الفعل علي، لأختم هذا الموضوع لأنه قطعنا الوقت معك وأطلنا عليكِ، أنا أطمئن الكل.
أولاً: أطمئن احبائي الذين "يزعلون"، إنه هاجموا فلان وسبّوه وشتموه، أنا اقول لهم لا "تزعلوا"، لأنهم هم يفترضون أنني أتأثر وأنني "أزعل"، كلا.
ثانياً: أقول للذين يشتمون، أنا عندما أرى مثلاً بعد الخطاب الأخير الذي ألقيته، أنا أرى كل ردود الفعل وأرسلوا لي إياها الاخوة. في لبنان، في السعودية، بعض دول الخليج، في مصر، في صحافة عربية أخرى، شتائم، شتائم.. أنا اذاً أقول ان معي الحق، لانه يشتمني، بعدها يخرج أحدهم ويقول إن لديه عقدة نفسية، أو أزمة نفسية، أنا لدي أزمة نفسية؟ أنتم لديكم أزمة نفسية. أو يقولون: مربك، خائف، قلق، مرتبك، أي أحد غيري لا يتكلم بالقاطعية التي قلتها، أن اليمن سينتصر، السعودية ستلحق بها هزيمة، أنا مقتنع بهذه الكلمات حرفاً حرفاً.
أنا لست مرتبكاً، ولا خائفاً، ولا قلقاً، ولا مأزوماً، وليس لدي أزمة نفسية، ولا شيء، ما يعني هذا؟ شتائم.
ناقشني بالمنطق يا أخي، أنا أتكلم بالحجج والمنطق، لها علاقة بالسعودية، لها علاقة بإيران، بسوريا، بالمقاومة، قل لي، فند لي الحجج، نعم هناك أمر وحيد قرأته وأحترمه، أنهم تكلموا أنني أنا والحزب لدينا ازدواجية معايير، الآن ليس هناك وقت لأشرح وأجيب على هذا الموضوع، إن شاء الله في مقابلة أخرى أو في خطبة أجيب وأقول: إنه كلا، لا يوجد ازدواجية معايير.
باستثناء هذا النقاش، كله شتائم، الشتائم لا توصل إلى مكان، هل تغير قناعتي بالشتائم؟ تخوفني عندما تشتمني؟ أنا أحمل دمي على كفي في الليل وفي النهار، وجاهز للشهادة في الليل وفي النهار، الشتائم ستغيرني؟
ولكنني سأقول لهم أكثر من ذلك، أنا أفرح لأنني أعتقد في يوم القيامة، ولدينا في الروايات موجود، أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، عند السنة والشيعة موجود، أنه في حال ظُلم أحدهم، وشتم، وتُكلم عليه بغير الحق، الله سبحانه وتعالى يزيد له ثوابه وأجره يوم القيامة بالمجان، يعني أنا أكون جالساً ويشتمني 200 شخص ويصبحون 300 أنا لا أحزن، لأنه أنا سيزيد ثوابي وأجري يوم القيامة بشكل مضاعف.
هذه معركة، من الطبيعي جداً أن نعبر نحن عن رأينا مهما كانت التبعات، هذا موقف كان لا بد أن يؤخذ، مثلما حدث في الأيام الأولى في سوريا، أياً تكن تبعاته، نحن سنأخذ هذا الموقف ونكمل فيه.
ـ سؤال: متى آخر مرة زرتَ فيها سوريا؟
ـ السيد نصرالله: لا أستطيع أن أقول لك، هذا الطمع لن ينجح معك، انا لست منقطعاً عن سوريا، لكن بسبب الظروف الأمنية لا نتكلم عادة متى وكيف وأين.. لكن أنا لست منقطعاً وعلى تواصل دائم إن شاء الله.
ـ سؤال: سماحة السيد القائد الأب الصديق وفي كثير من الأحيان عندما يستيقظ يقول لنفسه كلمات، عندما ينظر في المرآة، ماذا تقول عندما تستفيق صباحا كل يوم؟
ـ السيد نصرالله: لأنه لا نريد أن نطيل أكثر؟ لا أقول شيئاً.
ـ سؤال: ابداً؟ لا يوجد كلمة لتحكى؟ كلمة للمقاومة أو للشباب؟ ماذا يقول أول كلمة عندما يصحو؟
ـ السيد نصرالله: بالجواب على سؤالك حقيقةً أنا لا أقول شيء، حتى لا أمثّل وأخترع كلاماً. لكن أنا منذ أن أستيقظ إلى أن أنام حتى أنا ونائم أرى منامات، ما اؤمن به هذه القضية التي ضحت من أجلها الشعوب العربية والإسلامية بكل المنطقة، وسقط من أجلها مئات الآلاف الشهداء ويسقط جرحى ونواجه فيها مظلومية، هذه القضية أنا أعتقد بها وأؤمن بها وأعمل لها بالليل وفي النهار وحيث تطلب هذه القضية موقفاً من حزب الله ومن أي فرد من أفراد حزب الله سيكون حاضراً وجاهزاً، هذا ما نعيش من أجله في هذه الحياة.
ـ سؤال: كلمة أخيرة تحب أن توجهها للشعب السوري، ولفريق الإخبارية السورية الموجود الآن في غرفة الأخبار يتابع حضرتك وهم مسرورون جداً لإطلالتك عبر شاشة الإخبارية السورةي، ولأول مرة عبر الإعلام الرسمي السوري. ما الذي تقوله لكل من هو موجود على الأرض في سوريا؟
ـ السيد نصرالله: لكل السوريين داخل الأرض السورية وخارجها، لأنه لدينا في لبنان بات هناك ما شاء الله عدد كبير من السوريين وخارج لبنان أيضاً بالاردن، تركيا، بالعراق.. أقول لهم: أنا أدعوكم أولاً إلى وعي حقيقة ما جرى منذ سنوات إلى اليوم وإلى فهم أهدافه، أول شيء البصيرة، أن يكون لدينا فهم وإدراك وإحاطة، أن لا نؤخذ بالشعارات، أن لا نؤخذ بالاتهامات، أن لا نؤخذ بالحرب النفسية، أن نعرف مصلحة بلدنا، ومصلحة شعبنا، وموقعنا الحقيقي هذا أولاً.
ثانياً: أنتم جرت عليكم حرب دولية واقليمية ضخمة وهذه محنة كبيرة مر بها الشعب السوري، محن أخرى عاشتها شعوب أخرى أيضاً، الشعب الفلسطيني، الشعب العراقي، الشعب اللبناني، الآن الشعب اليمني، شعوب أخرى تعاني.
المطلوب الصمود، عدم الاستسلام، عدم اليأس، الثبات، المقاومة، وأنتم قادرون على أن تنتصروا وعلى أن تتغلبوا على هذه الحرب الكبرى التي شُنت عليكم.
بلدكم، وكرامتكم، ودولتكم، ووجودكم يستحق التضحية وأنتم قدمتم تضحيات جسيمة.
أنا شخصياً اخر الخط، أنا أرى انتصاراً في سوريا، لا أرى هزيمة في سوريا، المشروع الآخر لن ينتصر في سوريا إن شاء الله. الشعب السوري وهذا الخيار في سوريا هو الذي سينتصر، المسألة هي مسألة وقت، الأوضاع الدولية والأوضاع في المنطقة وهذه واحدة منها حرب اليمن وإن شاء الله سنرى في المستقبل.
ما يجري في المنطقة سيتحول إن شاء الله إلى مصلحة شعوب هذه المنطقة، ومن جملتهم الشعب السوري والوضع في سوريا، وأدعوهم إلى الثبات، إلى الصبر، إلى الثقة بالانتصار الآتي من خلال هذه التضحية التي تبذل.
أدعوهم إلى الحوار، إلى الوحدة، إلى التماسك، إلى تجاوز الماضي، إلى معالجة الجراحات، إلى العفو في أي مكان يمكن أن نعفو عن بعضنا وأن نجمع بعضنا البعض، طبعاً أدعوهم أيضاً من باب الوفاء الأخوي والشخصي أن يقدّروا قيمة شخص موجود على رأس الدولة في هذه المرحلة اسمه السيد الرئيس بشار الأسد.
وللإخبارية السورية ولكل الإعلام في سوريا، أعزيهم بشهدائهم، أسأل الله لجرحاهم الشفاء وأقول لهم لكم دور كبير جداً لأن الحرب الاعلامية هي أقوى بكثير من الحرب العسكرية. والآن في اليمن الحرب الإعلامية أضخم بكثير من الحرب العسكرية التي تشن على اليمن.
لذلك دوركم في هذه المعركة كبير وأساسي وانتم شركاء في صنع الانجازات وستكونون شركاء في صنع الانتصار النهائي إن شاء الله. يعطيكم العافية.
العلاقات الاعلامية في حزب الله
بتوقيت بيروت