كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ختام المسيرة الكبرى التي نظمها حزب الله في مدينة بعلبك لمناسبة أربعين الأمام الحسين (ع) والتي انتهت باحتفال حاشد أقيم أمام مقام السيدة خولة عليها السلام17/9/2022 .
أعوذُ بالله من الشَّيطان الرَّجيم، بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، الحمد الله ربّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبا القاسم محمَّد بن عبدالله وعلى آله الطَّيبين الطَّاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السَّلام عَلَيْكَ يَا سيدي ومولاي يا أبا عَبْدِ اللهِ وَعلَى الأرواحِ الّتي حلّتْ بِفِنائِكَ ، عَلَيْكًم مِنِّي سَلامُ اللهِ أبَداً مَا بَقِيتُ وَبَقِيَ الليْلُ وَالنَّهارُ ، وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ العَهْدِ مِنِّي لِزِيَارَتِكُمْ، السَّلام عَلَى الحُسَيْن، وَعَلَى عَليِّ بْنِ الحُسَيْنِ ، وَعَلَى أوْلادِ الحُسَيْنِ ، وَعَلَى أصْحابِ الحُسَين.
إخواني وأخواتي، السَّلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
أولاً: عظّم الله أُجوركم جميعاً في هذه الذكرى، التي نَستعيد فيها مَصاب سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، وما جرى عليهم قبل أربعين يوماً في حساب الأيام، وقبل مئات السنين في حساب القرون، وجزاكم الله خيراً على هذا الحضور الكبير والمهيب والمبارك، وأحسن الله أجركم وجزائكم على سعيكم وسهركم ومشيكم من الصباح الباكروحضوركم الآن تحت الشمس في هذا المجلس الذي نُحيي فيه هذه الذكرى العظيمة والعزيزة والأليمة.
في قديم الزمان كان إمامنا جعفر الصادق (عليه السلام) يَتطلع إلى كل الأجيال الآتية إلى قيام الساعة، إلى زوار الحسين، إلى الذين يُحيون ذكرى الحسين بالدمعة والآه والعشق والحزن والآلم، وكان يدعو له، ومن دعائه (عليه السلام): “فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تتقلب على حفرة أبي عبد الله عليه السلام، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا، اللهم إني أستودعك وتلك الأبدان وتلك الأنفس حتى تُوافيهم من الحوض يوم العطش”.
أنتم أيها الإخوة والأخوات اليوم مشمولون بهذا الدعاء الكريم من ذلك الإمام العظيم سلام الله تعالى عليه.
أيها الإخوة والأخوات، من أهم عِبر ذكرى الأربعين ويوم الأربعين، ونحن نَستحضر مواقف الإمام السجاد (عليه السلام) في المسجد الكبير في دمشق، ونستحضر مواقف السيدة زينب (عليها السلام) في قصر يزيد وبين زبانيته، من أعظم العِبر وأهمها أن المؤمن مهما كانت المصائب ومهما كانت المصاعب ومهما أحاطت به الظروف القاسية، لا يمكن أن يضعف، لا يمكن أن يَهن، لا يمكن أن يستسلم، لا يمكن أن يُظهر أي علامة من علامات الخضوع والذل، أيضاً في تلك المواقف التي شهدناها في موكب الأحزان، يتعلم الإنسان أن المؤمن لا يمكن أن ييأس، بل ينظر بعين الله إلى كل الأيام والسنين والقرون الآتية، لا يمكن أن ييأس، ولا يمكن أن ينتهي الأمل، لأنه ينظلق من الثقة بالله سبحانه وتعالى وبِوعد الله سبحانه وتعالى، هكذا كانت السيدة زينب (ع) وهي خطيبة بعض المنابر في موكب الأحزان، والأهم عندما وقفت في مجلس يزيد بن معاوية، في قصره وأمام جنوده، وهي المرأة التي قُتل أجبائها وإخوتها وأبنائها وأبناء إخوتها وأبناء عمومتها وأصحاب أخيها، وهي المرأة الأسيرة المَسبيّة منذ أسابيع من مدينة إلى مدينة، يعني ماذا يجب أن تكون حالتها النفسية والمعنوية والعاطفية؟ وهي المرأة التي تَقف وأمام عينيها، بين يدي يزيد، رأس الإمام الحسين (عليه السلام)، يعني رأس إمامها وقائدها في البعد العقائدي والديني والسياسي والجهادي، ويَعني رأس أخيها وإبن أُمها وأَبيها، والبعد العاطفي والإنساني والعائلي، ولكنها قالت كلمات فوق كل هذه الإعتبارات والحسابات التي تَهتز لها الجبال، في ذلك المجلس أَلقت خطبة قوية جداً وقاسية جداً بِحق يزيد وما اقترفته يداه، وفيها من التهديد والوعيد، ولكنني أُريد أن أَقف فقط عند الأسطر الأخيرة، التي فيها الأمل والثقة والنظرة إلى المستقبل، واليقين بالنصر وبِهزيمة يزيد ومشروع يزيد، عندما قالت له في آخر الخطبة:”فإلى الله المشتكى وعليه المعول، فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا”، اعمل الذي تُريده، كل جهدك، أُقتل، اسبي، اذبح، حاصر، جوّع، عطش، ارهب، أَلقي في السجون، شوّه في الإعلام، الذي تريده تكلم به، الذي تُريده إعمله، كل شيء تقدر أن تعمله فإعمله، ” فو الله لا تمحو ذكرنا”، إن ذكر محمدٍ وآل محمدٍ (ص) هو ذكرٌ خالدٌ إلى يوم القيامة، وهو من الذكر الذي تَعهّد الله سبحلنه وتعالى بِحفظه ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ “، هذا جزءٌ من الذكر الذي وعد الله سبحانه وتعالى بِحفظه، والله لا يُخلف الميعاد، “فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحيناا”، إن وحي محمدٍ (ص)، إن حلاله وحرامه ودينه وتعاليمه ورسالته وإسمه وصوته سوف يبقى حيّاً ومُدويذاً إلى قيام الساعة، ” ولَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا، ولا تَرحض عنك عارها “، هذا العار االذي لَحق بك بِقتلنا وسبيّتا سوف سيقى أبدياً، لاحظوا أيها الإخوة والأخوات، إنها تتحدث عن المستقبل، في الوقت الذي كل الذي حولها لا يوجد شيء يدعو إلى الأمل، كل ما حولها يدعو إلى اليأس، إلى الحزن، إلى الإخباط، إلى الإستسلام، لا يوجد أي أُفق، ولكنها تتكلم من موقع الإيمان والثقة والمعرفة بالله سبحانه وتعالى، جزء من هذا المستقبل كثيرون حاولوا أن يُدافعوا عن يزيد، أن يُبرأوا يزيد من دم الإمام الحسين (عليه السلام)، أن يُلقوا بالتبعات على إبن زياد وعلى عمر إبن سعد، ولكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل، وبَقي هذا الدم يَصرخ في وجه يزيد بن معاوية، إلى اليوم وإلى قيام الساعة، ولذلك قالت له:” ولا تَرحض عنك عارها، وَهَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ”، كل هذا التخطيط والرأي والكيد الذي لك، هذا ليس له قيمة، “وَأَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ”، أنت تتصور أنك ستحكم وتُسيطر، وتُقيم لك إمبراطورية عظيمة، ويبقى مشروعك خالدً، كلا، أيامك إلا عدد، “وَجَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ، يوم ينادى المنادي ألا لعنة الله على الظالمين، فالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ختم لأولنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة، انه رحيم ودود ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هذا ما نتعلّمه من زينب عليها السلام في مثل هذه الأيام حيث لا مكان لا للإستسلام ولا للضعف ولا للوهن ولا للهوان ولا لقبول الذُّل ولا للتراجع بل للمضي إستناداً الى كل هذا التاريخ الحافل وإلى كل هذا الأمل القادم واليقين بالمستقبل وبوعد الله سبحانه وتعالى.
اليوم مثلا نحن نشهد إحدى مصاديق ما قالته السيدة زينب عليها السلام التي كانت وحيدة أو قليلة العدد، أنظروا الى مسيرة الأربعين هذه الأيام في العراق بعض التقادير حتى الآن، تتحدث عن 20 مليون زائر خلال أيام قليلة، 5 ملايين زائر من خارج العراق، أكثر من 20 مليون زائر يمشون إلى الحسين عليه السلام، هناك مئات الالاف – الان بالحد الأدنى مئات الالاف – الذين مشوا مئات آلاف الكيلومترات من البحر، من الخليج، من شواطئ البصرة الى كربلاء، ورفعوا في مواكبهم شعار “من البحر الى النّحر” أي الى نحر الحسين عليه السلام، 20 مليون بالحد الأدنى أغلبيتهم مشوا من النجف الى كربلاء وفي هذا الحرّ الشديد نحن نتواصل مع الزوّار يقول لك درجة الحرارة 40 أحياناً 50 ، أحياناً تفوق الخمسين والمواكب تتوالى في الليل وفي النهار لا تهدأ على مدار الساعة حتى يتمكن العشرون مليوناً من الوصول الى قبر وضريح الحسين عليه السلام، هذه ظاهرة عظيمة جداً وكبيرة جداً، العشرون مليوناً جاؤوا لزيارة الحسين عليه السلام بأموالهم هم، بنفقاتهم هم، هذه الزيارة لا تموّلها دول ولا تموّلها حكومات ولا تموّلها مؤسسات دولية، الفقراء من هؤلاء الزوّار يجمعون كلفة الزيارة على مدى السنين ليتمكنوا في يوم من الأيام من المشي الى الحسين يوم أربعين، هؤلاء يأتون الى الحسين عليه السلام، من ميزة هذه الزيارة أنها ليست زيارة للسياحة أو الترفيه، 20 مليون زائر يعني عشرين مليون قلب يخفق حبّاً وعشقاً وشوقاً للحسين عليه السلام، يعني 20 مليوناً من العيون التي تذرف الدموع ليل نهار وهي تمشي الى الحسين عليه السلام، لا يوجد حشد في التاريخ البشري كالحشد الحاصل اليوم في كربلاء منذ أن خلق الله آدم عليه السلام الى اليوم أن يأتي عشرون مليونَ عاشق ومحبّ ومشتاق وبأموالهم ومن أماكن بعيدة ومشياً على الأقدام ويتحمّلون كل المخاطر لزيارة قبر رجل قُتِل قبل 1400 سنة وحيداً غريباً عطشاناً في صحراء كربلاء وهذا أشبه بالمعجزة اليوم، تصوّروا أيها الأخوة والأخوات، الآن أنتم تحت الشمس تتحملون حرارة الشمس وعلى مدى أيام هناك من يسير على الطريق في حرارة الأربعين درجة والخمسين درجة، هذا جزء من المشهد، والجزء الثاني من المشهد، الشعب العراقي أهل الكرم، أهل الجود، أهل الضيافة، كل هؤلاء العشرون مليوناً تصوّروا مثلاً – هلق لبيعرفوا بالإدارة، باللوجيست، بالخدمة، بالدعم، بيعرفوا شو يعني إنو إذا عندك 20 مليون زائر بدهم يمشوا من النجف لكربلاء بدهم يوصلوا عالنجف ومن النجف يوصلوا عكربلاء بالحد الادنى شو بدنا ببقية الطرقات يعني أديش بدهم أكل، اديش بدهم شرب، اديش بدهم منامة،اديش بدهم استراحة، اديش بدهم خدمات، اديش بدهم حماية، اديش بدهم إدارة– وهذا كله يحصل ويحصل من أموال الناس، من أموال العراقيين أنفسهم، ويأتون الى خدمة زوّار الحسين عليه السلام الكبار، الصغار، العجائز، العلماء، أساتذة الجامعات، المسؤولون الكبار، القادة الكبار يتشرفون بخدمة زوّار أبي عبدالله الحسين عليه السلام، هذا مشهد تاريخي، مشهد عظيم، ولكن تلاحظون أن العالم يتجاهله، وسائل الإعلام العالمية تتجاهله، حدث أصغر من هذا الحدث بكثير تهتم به وسائل الإعلام طبعا هذا جزء من الغربة، من المظلومية، إلا أن هذا الحدث الإنساني المعنوي الإيماني البشري الضخم الهائل الذي لا مثيل له في التاريخ في نهاية المطاف يفرض نفسه على العالم كله، كل المحاولات في التاريخ لمنع هذه الزيارة سقطت، اليوم لا يستطيعون ان يمنعوا هذه الزيارة لا بالقتل ولا بالسيارات المفخخة ولا بالتخويف ولا بالترهيب ولا بالتعقيدات الإدارية الموجودة والقائمة في كثير من دول العالم التي تمنع الزوار من المجيء الى الحسين عليه السلام، ولذلك يلجؤون اليوم مثلا إذا تكلّموا عن مسيرة الأربعين، يحاولون تشويهها ويحاولون الإساءة إليها والى زوّارها ورجالها ونسائها ولكن هذه الظاهرة هي أضخم من كل محاولات وكيد هؤلاء الكائدين والمعادين.
في هذه المناسبة من واجبنا أيضاً من هنا من لبنان أن نتوجه بالشكر الى الشعب العراقي الى المسؤولين العراقيين الى كل الجهات في العراق الرسمية والشعبية والعلمائية والمرجعية، نتوجه إليهم بالشكر والتقدير على عظيم الكرم والجود وعظيم الضيافة والتواضع والمحبة والمودّة التي يظهرونها لكل زوّار الحسين عليه السلام، ولكل الآتين من كل دول العالم، بعض الإحصاءات تتحدث عن زوّار من 80 دولة جاؤوا لزيارة الحسين في مثل هذا اليوم وهذا على كل من مظاهر هذا الوعد الزينبي.
أيها الأخوة والأخوات، أيضاً أنتم أتوجّه إليكم، إلى كل الذين نظموا هذه المواكب وأقاموا هذه المضائف وتحملوا كل هذه الأعباء، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منهم. أيضًا الذين يحاولون ويبذلون كل جهد وبكل كرم وبكل جود وبكل تواضع وبكل حنان ورحمة يحاولون أيضًا في لبنان وفي بعلبك وفي هذه المناسبة أن يحيوها وأن يكرموا زوار كل من ينتسب إلى الحسين عليه السلام وخصوصًا في هذه المدينة التي شهدت موكب السبايا والرؤوس المرفوعة والنساء المسبية والذين كانوا خُلاصة وعنوان ورسالة وصوت تلك الدماء الزكية في صحراء كربلاء.
اسمحوا لي – وأنا لا أريد أن أطيل عليكم كثيرًا – أن أتعرض لبعض المناسبات ولبعض القضايا باختصار شديد إن شاء الله.
من وحي ذكرى الشهادة والمظلومية والغربة وأيضًا الصمود والمقاومة، أستحضر بعض المناسبات من شهر أيلول.
المناسبة الأولى، ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، في 16 – 17 – 18 أيلول/ 1982 حصلت مجزرة مهولة في مخيَمي صبرا وشاتيلا والأحياء المحيطة بالمخيمين والمتصلة بالمخيمين، في تلك المجزرة والذي ارتكبها معروفٌ للبنانيين وللفلسطينيين وللعالم، العدو الإسرائيلي هو الذي كان يقوم برعاية هذه المجزرة وشارك في تنفيذها ولكن المنفذين الأساسيين الذين كان لهم الحظ الأكبر من الجرائم البشعة التي ارتكبت كانوا من الجهات اللبنانية المعروفة، والتي كانت متعاونة مع العدو ومتحالفة مع العدو الإسرائيلي عسكريًا وأمنيًا وسياسيًا في اجتياح 1982. تلك المجزرة أيها الأخوة والأخوات – فقط بأسطر قليلة لنستعيدها ولأننا سنبني عليها قليلاً – بلغ عدد الشهداء بحسب بعض الإحصائيات الرسمية نحو 1900 شهيد لبناني، لأن كثيرون يقولون لك هذا موضوع فلسطيني، كلا ليس موضوعًا فلسطينيًا، إنسانيًا ليس هناك فرق بين فلسطيني ولبناني، هناك إنسان قتل في مخيم صبرا وشاتيلا، لكن هناك خطأ شائع عند اللبنانيين أن هذه المجزرة هي مجزرة بحق الفلسطينيين فقط، 1900 شهيد لبناني، ما يقارب 3500 شهيد فلسطيني، ومن 300 إلى 500 مفقودي الأثر، يعني لم تظهر أجسادهم، حتى الآن غير معلوم إن ماتوا أو قتلوا، أو احتمال قوي أنهم اختطفوا والله العالم، قتلوهم أو رموهم بالكارنتينا أو رموا عليهم “آسيد”، سلموهم للاسرائيليين، حتى الآن لا أحد يعرف، من 300 إلى 500 شخص مفقودي الأثر حتى الآن، من 40 سنة. هذه المجزرة عندما نتحدث عن بقية المجازر التي ارتكبت منذ قيام الكيان الصهيوني، يعني من قبل 1948، 1946 – 1947 – 1948، عندما بدأت المجازر، وإن عرضنا الاحصائيات والأعداد – سأحتاط وأقول قد ولو من باب الاحتياط – قد تكون مجزرة صبرا وشاتيلا أكبر وأعظم وأخطر وأبشع مجزرة ارتكبت في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، والأغلبية الساحقة بل الكل الذين قتلوا، لأن العسكر كان قد غادر في ذاك الوقت – الذين قتلوا مدنيون وأغلبهم نساء وأطفال، الأطفال قتلوا بالسكاكين، المدنيون قتلوا في بيوتهم وفي الطرقات وأوقفوهم على الجدران، ومرّت الحكاية، الذين يتحدثون عن الإفلات من العقاب، أعظم مجزرة ارتكبتها جهات لبنانية كانت تتعامل مع العدو الإسرائيلي لم يحاسبها أحد ولم يسألها أحد، خلال ثلاثة أيام فقط، 1900 شهيد لبناني و3500 شهيد فلسطيني، 300 إلى 500 مفقود الأثر، وبقيت الجثث لآيام لا يستطيع أحد أن يقترب من المخيم. اليست هذه حقائق ووقائع! ومع ذلك يخرج أحد اليوم ويقول الآن، ومن مدة سنة، سنتين، ثلاثة، نسمع لغة “يشبهوننا ولا يشبهوننا” ويشبهوا لبنان ونشبهكم، وهذه تحدثنا عنها في السابق وقلنا أنه انتهينا منها. لا تشبهوننا ولا نشبهكم والحمد لله رب العالمين.
لكن منذ مدة خرجت نغمة جديدة، لبناننا ولبنانكم، هذا لبناننا وهذا لبنانكم، أنا أقول لكم اليوم، هذا بعض من لبنانكم، هذا بعض من لبنانكم، هذا بعض مما اقترفته أيديكم، هذه صورتكم الحقيقية. كل برهة كل مناسبة يقولون لك ثقافة الحياة وثقافة الموت، من ثقافة الحياة ومن ثقافة الموت؟ ثقافة الموت هم الذين ارتكبوا مجازر صبرا وشاتيلا، وثقافة الحياة هم الذين حرروا الجنوب ودخلوا إلى الشريط الحدودي ولم يقتلوا دجاجة. هذه ثقافة الحياة، ثقافة الكرامة، ثقافة الشرف، الذين دخلوا إلى الشريط الحدودي ولم ينتقموا من أحد، لأنه ما هي حجتهم بمجازر صبرا وشاتيلا أنهم دخلوا للانتقام لأنه مثلا جرت عملية اغتيال للرئيس بشير الجميل.
هذا لبنانكم، هذا لبنان الذي تقولون لبناننا ولبنانكم، لا نريد استهلاك الوقت بلبناننا ولبنانكم ولكن هذا جزء من المشهد.
أيضا من مناسبات أيلول مجزرة 13 أيلول 1993، وهذه مجزرة فينا لوحدنا، عشرة شهداء بينهم اختين من خيرة الأخوات وثمانية إخوة من خيرة الإخوة و40 جريحا بالرأس والصدر بنية القتل العمد. ما هي جريمة هؤلاء الذين تظاهروا في 13 أيلول 93 في الغبيري عند جسر المطار؟ أنهم كانوا من القلة في العالم العربي والاسلامي التي خرجت لتندد باتفاقية أوسلو، والتي وصّفت للأمة كلها مخاطر وحقيقة اتفاقية اوسلو والتي وصلنا إليها اليوم.
اليوم الشعب الفلسطيني كله وكثيرون ممن صنعوا اوسلو وشاركوا في اتفاقية اوسلو وأيدوا اتفاقية اوسلو الآن إلى أين وصلوا.
الشعب الفلسطيني كله اليوم، الاغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني في غزة، في الضفة، في القدس، في الداخل، في الشتات، وصلوا إلى قناعة بأن هذا طريق المفاوضات لا يؤدي إلى نتيجة وأن اوسلو فشلت وسقطت، وأن الخيار الوحيد المتاح أمام الفلسطينيين هو المقاومة، المقاومة التي استطاعت أن تحرر غزة أيضا في مناسبات أيلول في 12 أيلول 2005.
بين مجزرة صبرا وشاتيلا والخيارات الفلسطينية في اوسلو تعرفون أن منظمة التحرير أصلا حصلواعلى ضمانات، حصلوا على ضمانات أممية وضمانات أمريكية بأن لا يتعرض المدنيون في المخيمات إلى القتل وإلى الانتقام.
الضمانات الأمريكية لم تحم الفلسطينيين ولا اللبنانيين في صبرا وشاتيلا والضمانات الأمريكية لا تحمي الآن الفلسطينيين حتى عندما التزموا باتفاقية اوسلو، وهذه أيضا شاهد من الواقع المعاصر، عادة نقدم شواهد من التاريخ ، مثل حادثة المختار الثقفي والذين كانوا معه، الذين سلموا سلاحهم بنية الأمان، وفي يوم واحد ذبحوهم، 7000 مقاتل في يوم واحد ذبحوا مثل الغنم. عندما يغادر المقاتلون أو يسلمون أسلحتهم ويثقون بضمانات العدو إنما يسلمون رقاب رجالهم ونسائهم وأطفالهم وحتى الأجنة في بطون الأمهات، يسلمونها للذبح، لأنه هذا الذي جرى في صبرا وشاتيلا. بقروا بطون الحوامل كما حصل في الكثير من المجازر في فلسطين.
هذا أيضا من دروس هذه الذكريات وهذه المناسبات، ولذلك نجد أن خيار غزة هو خيار الصمود والمقاومة والثبات، ونجد اليوم الضفة التي ترعب العدو وكيان العدو والذي اضطر أن يرسل بعدد كبير من كتائب جيشه إلى الضفة وإلى مدن الضفة وإلى قرى الضفة، والمشكلة التي يواجهها العدو هناك باعترافه هو أنه اليوم لا يقاتل منظمات، هو يقاتل جيل شباب، أي شباب؟ الشباب الذين راهنوا أنهم سينسون، الشباب الذين راهنوا أن هؤلاء جيل الانترنت وجيل الفايسبوك وأنهم سيكونون من عالم آخر. فإذا بهذا الجيل من الشباب الفلسطيني من شباب ال18 وال19 و20 و21 و22 وشباب وصبايا وغالبا لا ينتمون إلى تنظيمات، وهذا الذي يرهق العدو، ويشترون السلاح بأموالهم الشخصية من كد عرقهم ويذهبون لينفذوا العمليات بكل شجاعة وبكل جرأة.
واليوم، يوم اربعين الامام الحسين عليه السلام، يوم المقاومة والثبات والشهادة والبطولة، ويوم هيهات منا الذلة، نحن من بعلبك نوجه، ومن هذا المكان الشريف، نوجه إلى الشباب الفلسطيني عموما وإلى شباب الضفة الغربية خصوصا، نوجه إليهم أسمى التحايا ونعبر لهم عن تقديرنا واحترامنا لإيمانهم، لتمسكهم بقضيتهم، لشجاعتهم، لروحهم الاستشهادية، لابائهم للذل، لابائهم للضيم، وحضورهم في الميدان، ونقول لهؤلاء الشباب، لهذا الجيل الصاعد، إن كل الشرفاء في العالم وإن كل المظلومين في العالم ومن ابناء شعبكم الفلسطيني يتطلعون إليكم ويعلقون عليكم الآمال.
أيضا في هذا السياق، وليس من التاريخ، من الأيام القليلة الماضية، أيضا ما يتصل بالموضوع الفلسطيني، البيان الأخير قبل أيام الذي أصدره الإخوة الأعزاء في قيادة حركة حماس حول إعادة ترتيب وتعزيز العلاقات مع الجمهورية العربية السورية والإشادة التي صدرت في بيانهم بحق، بدور سوريا قيادة وشعبا واحتضانها للشعب الفلسطيني ولفصائل المقاومة الفلسطينية وللقضية الفلسطينية. أيضا هذا موقف متقدم جداً. يجب أن نعبر اليوم عن احترامنا لهذا الموقف ولهذا الخيار وإن كنت أعرف وأنا في الجلسات واللقاءات الثنائية قلت لهم: كثيرون قد لا يتفهمون موقفكم من أولئك الذين كان لهم مواقف وقراءات معينة خلال العشر سنوات الماضية إن أولوية فلسطين والقضية الفلسطينية والمواجهة مع العدو الصهيوني هي التي يجب أن تحكم كل المواقف كما حكمت هذا الموقف، وسوريا التي يجب أن تعاد وتعزز وترتب العلاقات معها من قبل الجميع، الجمهورية العربية السورية بقيادتها وجيشها وشعبها هي التي كانت دائما منذ قيام هذا الكيان الغاصب سنة 1948 إلى اليوم وستبقى إن شاء الله السند الحقيقي لفلسطين وللقدس وللشعب الفلطسيني، كانت ومازالت وتحملت، واليوم أيضا تتحمل سوريا وتتعرض للمخاطر الداخلية والخارجية والعدوان الصهيوني بين الحين والآخر، لماذا؟ بسبب موقفها والتزامها بالقضية الفلسطينية وبقضية المقاومة.
أقول هذا موقف سليم وخطوة صحيحة ومهمة جدا لأن ما نحتاجه اليوم في منطقتنا هو أن تتوحد كل قوى المقاومة وأن يتجذر محور المقاومة من دول وحكومات وحركات وقوى وشعوب ورجال ونساء وسواعد وبنادق، لأن المقاومة وبالاستناد إلى محور المقاومة التي تقف فيه سوريا في موقع متقدم جدا إلى جانب الجمهورية الاسلامية في إيران، هذا المحور هو الذي يشكل الأمل الوحيد، الأمل الوحيد ليستعيد اللبنانيون والسوريون والفلسطينيون أراضيهم ومقدساتهم وخيراتهم ونفطهم وغازهم، لا بالتسول ولا “بالشحادة” ولا بالتمني ولا بالتوسل، وإنما من موقع القوة، ومن موقع العزة، ومن موقع الكرامة، ومن موقع الأنفة، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال هذه السواعد المتراصة والقوية.
أنتقل إلى العناوين اللبنانية أيضا باختصار.
العنوان الأول، ترسيم الحدود البحرية واستخراج النفط والغاز. من البداية شرحنا الموقف، لا داعي لإعادته. لبنان أمام فرصة ذهبية وتاريخية قد لا تتكرر، فرصتنا الوحيدة هو أن يتمكن لبنان من استخراج النفط والغاز ليعالج أزمته الاقتصادية والنقدية والمالية والمعيشية. “المناقرة” التي ترونها في مجلس النواب نتيجة القلّة، القلة التي تأتي بالنقار.
على كل حال، في هذا السياق، المسؤولون الصهاينة قالوا بأن الاستخراج من كاريش سيحصل في أيلول ولذلك تحدثنا عن أيلول، جاء أيلول، أعلنوا أنهم أجلوا الاستخراج من كاريش. جيد، سبب التأجيل فني، تقني، أمني، سياسي، ليس مهماً بالنسبة لنا، ليس مهما، المهم أن لا يحصل استخراج من حقل كاريش المتنازع عليه إلى أن يتم ترسيم الحدود البحرية وحصول لبنان على مطالبه المحقة.
الآن هذا يحصل في أيلول، يحصل بعد أيلول، ليس مشكلة، لكن هذه هي المعادلة بالنسبة إلينا، الخط الأحمر هو بدء الاستخراج للنفط والغاز من كاريش. في اليومين الماضيين تناقلت أخبار أنه سيبدأ الاستخراج ولو التجريبي، فبعثنا برسالة بعيداً عن الاعلام، بعثنا برسالة قوية جداً، وقلنا إذا بدأ الاستخراج يعني وقع المشكل، وقع المشكل، وحصل توضيح علني من قبل الإسرائيليين، أنه لا، هذا ليس استخراجاً وليس ضخاً للغاز والنفط من كاريش إلى الساحل، وإنما هو بالعكس من أجل تهيئة الأنابيب ليوم الاستخراج.
جيد، إذا نعود لتثبيت المعادلة، لا يمكن أن نسمح باستخراج النفط والغاز من حقل كاريش المتنازع عليه قبل أن يحصل لبنان على مطالبه المحقة، والتي دائما أقول “لسنا نحن من حددها، لا نحن وضعنا خط 23، ولا نحن تحدثنا عن حقل قانا، ولا نحن طالعين طلوع ولا نازلين نزول، هذا شأن الدولة اللبنانية”.
خلال الأيام الأولى لهذا الملف تحدثنا، وكان صوتنا عالياً، ومن أجل اثبات الجدية أرسلنا المسيّرات، تذكرون بذلك الوقت عندما بدأت المفاوضات الجدية هدأنا، صرنا عدة أسابيع بخطابنا “لم نهدد ولم نرعد ولا عم نزبد” آخر خطابين كنت بخدمتكم في جنتا وفي الضاحية في “الاربعون ربيعا”، لم أهدد ولم أعلّي صوتي ولم أقل شيئاً جديداً، وقلت أن موقفنا هو موقفنا، لماذا كنّا هادئين في الاسابيع الماضية، في خطابنا السياسي وصوتنا، وأيضاً لم نرسل مسيّرات ولم نقم بأي حركة بإتجاه العدو، لأنه كنا نعطي فرصة حقيقية للمفاوضات، كان لدينا تقدير ان المفاوضات في أجواء هادئة قد تؤدي إلى نتيجة جيدة، وقيل أيضا أنه يا أخي تحت التهديد يمكن أن لا تصل المفاوضات إلى نتيجة، التهديد الكافي حصل والباقي نحن نريد نتيجة، نحن هدفنا أن يتمكن لبنان من إستخراج النفط والغاز، نحن نريد ان نأكل عنبا، هذه بصراحة، نحن لا نبحث عن مشكل، ولذلك قلت أن هذا الملف لا يتصل بأي ملف آخر، واليوم أيضاً أوّد أن الفت قادة العدو، من الممكن أن يفهموا خطأ، انه نحن كنا هادئين و”رايقين”، لم نرفع صوتنا وهم في الاسبوعين الثلاثة التي مضت لم يبق أحد في الكيان إلا وهدد وأرعد وأزبد وأقام الدنيا وأقعدها، يجب أن لا يشتبه عليكم الموقف، هذا لم يؤثر فينا على الإطلاق، ولن يخيفنا على الإطلاق، ولن يهز موقفنا على الإطلاق، ولن يهز شعرة لا في لحيتنا ولا في رأسنا على الإطلاق، كل هذه التهديدات التي تطلقونها، نحن بالنسبة لنا، الآن نحن لسنا جزءاً من المفاوضات، نحن نواكب المفاوضات التي تقوم بها الدولة اللبنانية وعيننا ومعلوماتنا كلها على كاريش، عيننا على كاريش وصواريخنا على كاريش، ولا نريد أن نتكلم أكثر من ذلك، ولا يوجد من داعي اليوم، لا أن نهدد من جديد، ولا نتوعّد، ولا نعلّي الصوت، وأعتقد ان الاسرائيلي لديه من المعطيات الكافية هو والأميركي والأوروبيين على جدية موقف المقاومة وأن هذه لا حرب نفسية ولا نمزح مع أحد ولا شيئاً من هذا القبيل. حسناً، مددوا الوقت من أجل ان تتاح الفرصة للمفاوضات أن تؤدي الى نتيجة. نحن قوم نصبر ونعطي الفرصة للمفاوضات ان تؤدي إلى نتيجة، وهذا ما نأمل أن يتحقق إن شاء الله.
العنوان الآخر، فإذا الآن الامور هادئة، لأنهم قالوا لي أن الناس متوترة، الان فلتهدأ الناس، وننتظر طالما أن المفاوضات “ماشية”، ومن كاريش لم يبدأ الإستخراج، الوقت متاح للحلول بعيدا عن المواجهة، ولكن إذا فرضت المواجهة لا مفر منها على الإطلاق.
الموضوع الثاني بإيجاز شديد، اليونيفيل، قرار مجلس الامن الدولي الأخير حول اليونيفيل بإعتقادي فيه اعتداء وتجاوز على السيادة اللبنانية، وهو علامة من علامات ترهل الدولة اللبنانية وغيابها حتى عن قضايا بهذا المستوى من الخطورة والأهمية، لان هذا الموضوع خطير جدا، وتداعياته خطيرة جدا، وهذا لغم وفخ، ينصبه الاسرائيليون منذ سنوات طويلة للبنان، هذه المرة وقع لبنان في هذا الفخ، كل واحد من المسؤولين يلقي المسؤولية على الآخر، المسؤولون الاساسيون يقولون ليس لديهم علم، يقولون: “عنجد اخذوا هكذا قرار في مجلس الأمن؟” قلت هذا من علامات ترهل الدولة، على كل حال، حتى الان نحن تابعنا هذا الامر لخطورته، بصراحة أقول لكم لم نستطع ان نعرف من هو المسؤول، وفي كل الاحوال من فعل ذلك من اللبنانيين هو إما جاهل، وإما متآمر، لان هذا القرار يفتح الباب أمام مخاطر كبيرة في منطقة جنوب الليطاني، وعندما إستمعنا إلى الصرخة العالية لقيادات دينية وعلمائية وسياسية وإعلامية حول مخاطر القرار المتعلق باليونيفيل هذا الصوت العالي وهذه المواقف العالية كانت محقة، لانها تدرك بشكل جيد حجم المخاطر المترتبة على هذه التعديلات وعلى هذا القرار المشؤوم، وأعتقد أن هذا الموقف في لبنان جعل قيادة اليونيفيل تدرك المخاطر، فأصدرت بيانا إحتفظت فيه بحقها بناءً على التعديل، ولكنها أعلنت إلتزامها بأنها لن تقوم بأي عمل في جنوب الليطاني الا بالتنسيق مع الجيش اللبناني، هذا بيان جيد، وموقف جيد، ونحن ندعوهم إلى الالتزام بهذا الموقف، لأن هذا هو الذي يفوّت الفرصة، أما إذا أرادوا ان يتصرفوا بعيدا عن الدولة وعن الجيش اللبناني المعني بالحركة في جنوب الليطاني فإنهم يدفعون الامور إلى مكان ليس لمصلحتهم وليس لمصلحة لبنان على الاطلاق، نحن نشجّع قوات اليونيفيل على أن تفي بما وعدت به في بيانها الاخير قطعاً لدابر ما يحضره آخرون للبنان ولنا جميعا.
في قضية الحكومة، نأمل ان يتمكن الرئيسان فخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس المكلف من تشكيل حكومة في وقت قريب إن شاء الله، أستطيع أن أقول لكم اليوم، أنه لدينا آمال كبيرة في هذا المجال، يجب حكما ان تشكل حكومة، لا يجوز أن نصل إلى وقت لا سمح الله يكون هناك فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال وينقسم البلد حول حق حكومة تصريف الأعمال في القيام بمقام الرئيس أو لا، وندخل في نوع من انواع الفوضى. المسؤولية الكبرى اليوم تتطلب من الجميع التنازل هنا وهناك والعمل بصدق وجهد لتشكيل حكومة قبل ذلك الموعد، وإذا أمكن في الأيام القليلة المقبلة.
في مسالة الرئاسة، نحن نؤكد على أهمية إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، نسمع الكثير من التهديد والوعيد والتحدي وهذا لا طائل منه، هناك دعوات للإتفاق حول رئيس، نحن نؤيد الدعوات إلى الإتفاق حول الرئيس، وان يكون هناك لقاءات للحوار بعيدا عن التحدي وعن الفيتوات التي تطلق مسبقا، وفي نهاية المطاف يجب العمل لأن يأتي رئيس يحظى بأوسع قاعدة ممكنة سياسية ونيابية وشعبية ليتمكن من القيام بدوره القانوني والدستوري.
في موضوع المصارف، أقول للدولة لا يكفي المعالجة الأمنية، ما جرى بالأمس وما يجري هذه الأيام يجب أن يدفع المسؤولين الى تشكيل خلية حقيقية، خلية أزمة، خلية طوارىء، من المسؤولين في الدولة، البنك المركزي، وجمعية المصارف، وممثلين عن المودعين لإيجاد حلول حقيقية لهذه المسألة، وإلا لا يكفي أن نذهب إلى المعالجة الأمنية في هذا الأمر، الأمور ضاغطة وبمعزل عن بعض المصاديق التي يقال أنه هناك حولها شبهات، ولكن هناك مصاديق تنطلق من حاجات وآلام حقيقية وواقعية.
في موضوع الفيول الايراني الذي كنا قد وعدنا وتحدثنا، الاخوة المسؤولون في الجمهورية الاسلامية وعدوا إن شاء الله في المساعدة للبنان في مسألة الطاقة الكهربائية. غداً أو بعد غد يعني خلال أيام سيتوجه وفد، طبعا الحكاية تأخرت بعض الاسابيع، لها ظروفها سنتكلم عنها لاحقا، ظروفها اللبنانية، الاخوة في الجمهورية الاسلامية منذ اليوم الاول أبدوا إستعدادهم لتقديم العون والمساعدة للشعب اللبناني وللحكومة اللبنانية، ولكن الان يوجد ظروف لبنانية نتكلم عنها لاحقا، لانه اليوم يهمنا أن نأكل عنباً، نحن في الحقيقة ما نتطلّع إليه هو ان يحصل لبنان على مساعدة حتى يستطيع ان يؤمّن الكهرباء التي تدخل الى كل بيت والى كل منطقة لبنانية بدون تمييز، على كل حال لن أستبق الأمور، مبدأ المساعدة هو وعد حقيقي، الوفد اللبناني من وزارة الطاقة سيغادر إلى طهران وهناك سيناقشون في التفاصيل والكميات والشروط والنوعية، وخلال أيام قليلة سوف يتضح أفق هذا الملف إن شاء الله.
في كل الاحوال، أيها الأخوة والأخوات، نحن وإياكم في لبنان ونحن نواجه كل هذه التحديات الداخلية والاقليمية الصعبة والقاسية نستمد من أربيعن الإمام الحسين عليه السلام كما نستمد من عاشوراء الحسين عليه السلام كل مشاعر العزم والارادة والثقة واليقين، كما بدأت بالثقة والامل أختم بالثقة والامل، أياً تكن الصعوبات التي تحيط بنا جميعا، بشعبنا ومناطقنا وبلدنا ودولنا في المنطقة وشعوبنا في المنطقة، في لبنان وسورية وفلسطين والعراق واليمن وايران والبحرين وفي كل دول المنطقة، يجب ان يكون أملنا بالله وتوكلنا على الله وثقتنا بالله عظيمة وكبيرة جدا، ويجب أن نعمل ونقف ونواجه. لا يجوز ان نستسلم على الاطلاق، وما هو أمامنا لن يكون سوى النصر والنصر ان شاء الله. بقوة وعزم وصدق وإخلاص تستطيع شعوبنا أن تفرض إرادتها على كل المستكبرين والطغاة والمحتلين في منطقتنا.
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبد الله وعلى الارواح التي حلت بفنائك، عليكم مني جميعا سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعظم الله أجوركم، وتقبل الله منكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: العلاقات الإعلامية
بتوقيت بيروت