أشار الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، إلى أنه في مثل يوم غد في 28 آب تكون جبالنا وتلالنا والسلسلة الشرقية في البقاع والجرود والبلدات في بعلبك الهرمل قد تخلصت من الجماعات الارهابية المسلحة وعاد الأمن الى منطقة البقاع والى ربوعنا.
وفي كلمته المتلفزة بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة للتحرير الثاني، أضاف السيد نصر الله "نصرّ على هذه الاحتفالات في عيد التحرير الثاني لأخذ العبر والدروس من التجربة المؤلمة، وللتذكير بالأخطار والتهديدات التي كانت قائمة، ولنعرف كيف نواجه أخطارًا مثلها في المستقبل، ولنذكر بالتضحيات الجسام التي أدّت إلى هذا الانتصار، ولنحيي هذه التضحيات ونوجه التحية إلى أهلها".
ولفت سماحته إلى أنّ "ما حصل في جرود البقاع كان جزءاً من الحرب الكونية على سوريا ومن مشروع خطير في المنطقة ولكن البعض يبسطون الأمر وهؤلاء يتجاهلون كل الحقائق"، وأشار إلى أن "مشروع "داعش" كان السيطرة على كل سوريا وكان لبنان جزءًا من مشروعه، وقد حظي هذا التنظيم بدعم دولي وإقليمي وبتسهيلات وقدم مقاتلوه من مختلف دول العالم.."، منوهًا إلى أن تنظيم "داعش" كان يهدف إلى وصل تدمر بالقلمون، ولو تمكن من ذلك لكانت المعركة أصعب.
سماحته أشار إلى أنّ "المعركة التي حصلت مع هذه الجماعات وتمكنا من إلحاق الهزيمة بها، شارك فيها في الجانب السوري الجيش العربي السوري وقوات شعبية سورية وحزب الله، ومن الجانب اللبناني حزب الله وأهل المنطقة وفي المرحلة الأخيرة في فجر الجرود شارك فيها الجيش اللبناني".
وذكّر بأن المعركة لم تكن معركة لبنانية فقط وإنما لبنانية سورية وهي كانت على جانبي البلدين، وأن الدولة اللبنانية عجزت عن المبادرة في مواجهة الإرهابيين والدفاع عن البلدات والقرى في مواجهة "داعش".
كما أشار إلى أن السفارة الأميركية منعت الدولة من مواجهة "داعش" تحت وطأة التهديد بوقف المساعدة عن الجيش اللبناني، وأن الرئيس اللبناني ميشال عون لم يرضخ للضغوط الأميركية بعدم التدخل لمواجهة الإرهاب.
الأمين العام لحزب الله أضاف "عندما تدخل حزب الله في هذه المعركة إنما كان يعبّر عن استجابة إنسانية ووطنية وجهادية لإرادة الشعب، وأهلنا في تلك المناطق من مسلمين ومسيحيين"، لافتًا إلى أنه "في هذه الجبال والتلال والوديان قُدّمت تضحيات جسيمة في ظروف مناخية صعبة، فكانت المواجهات في كل وادٍ وجبل وبستان وكان بينهم الكثير من المتطوعين.. كثيرون من الشباب تطوعوا في تلك المعركة، تركوا جامعاتهم وعياداتهم ومكاتبهم وذهبوا إلى تلك الجبهة وسقط الكثير من هؤلاء شهداء وجرحى".
ونوّه إلى أن معارك تحرير الجرود كانت صعبة ومكلفة قبل أن يتدخل الجيش اللبناني ونقاتل "كتفًا الى كتف"، وأن التحرير حصل نتيجة تضحيات على مدى سنوات قدمها الجيشان السوري واللبناني والأهالي من الجانبين.
وتابع قائلُا "قتالنا في الجانب اللبناني أو السوري ضد الإرهاب يعود الفضل فيه إلى إيران"، مشيرًا إلى أن الجمهورية الإسلامية تدعم وتحمي في مقابل أميركا ترسل "داعش" إلى المنطقة وتمنع الدولة اللبنانية من حسم المعركة".
وأكد أن "معركتنا هدفت لحماية لبنان وتحرير الأرض ومواجهة العدوان وانتصرنا بفعل المعادلة الثلاثية وفي مقدمها سلاح المقاومة"، مضيفًا "كما نقول للصهاينة "وإن عدتم عدنا" نقول لكل الإرهابيين "وإن عدتم عدنا"".
وأشار سماحته إلى أن المشروع الذي تم التحضير له للمنطقة يتهاوى، وما نشهده في أفغانستان هو مشهد لسقوط أميركي كامل وهزيمة كاملة، فالإدارة الأميركية عاجزة"، معتبرًا أن ما جرى ويجري في أفغانستان يجب أن يخضع للدرس، ومشهد من يريدون الخروج من كابل وهم كانوا يتعاونون مع القوات الأميركية وحلف الناتو ومشهد الذين يسقطون من الطائرة وتركوا بشكل مذل".
كما أشار إلى أن تجربة أفغانستان شكّلت أيضًا سقوطًا أخلاقيًا، عندما يكون الكلب أو القطة وقنينة النبيذ أهم من الإنسان الذي تعاون معهم وخدمهم لمدة عشرين عامًا، وأضاف أن "الطائرات والمروحيات الأميركية هي التي نقلت قادة داعش من سوريا إلى أفغانستان من أجل أن تربك بهم كل دول الجوار"، مؤكدًا أن "داعش أداة أميركية وتجربة أفغانستان يجب أن تكون درسًا لكل الدول".
ولفت إلى أن "الأوروبيين أقرّوا بأن الولايات المتحدة لم تستشرهم في الانسحاب من أفغانستان وأنها لم تعد حليفًا موثوقًا، وهذا يجب أن يكون درسًا لكل من يراهن على السياسات الأميركية".
وأضاف "انتهت مهمة داعش بشكل شبه كامل في سوريا والعراق فقامت أميركا بنقلها إلى أفغانستان وشمال أفريقيا.. ونعم أحياناً تخرج داعش عن السيطرة".
السيد نصر الله رد على من ينفي وجود حصار على لبنان ولا يشعر به قائلًا "هم الأشخاص أنفسهم الذين نفوا وجود داعش أو غيره"، و"من أوضح الواضحات أن هذا البلد خلال السنتين الماضيتين يتعرض لحصار كبير عبر عدد من الموانع الاقتصادية تحت طائلة تهديد العقوبات الأميركية".
ولفت إلى أن "قانون قيصر لم يكن فقط حصارًا لسوريا بل هو أيضًا حصار للبنان"، وأوضح "قانون قيصر كان حصاراً على لبنان فعندما بدأت الحرب تضع أوزارها وانفتحت الأبواب أمام مشاريع إعادة الإعمار كثير من الشركات والمصانع والتجار اللبنانيين كانوا يأملون بالذهاب إلى هناك، وكان من الممكن أن يضخ ذلك الحياة الاقتصادية إلى لبنان".
وتابع " تم منع أي تسهيلات يمكنها إحياء الاقتصاد اللبناني كموضوع الكهرباء، وهذا الأمر كان ليتحقق منذ سنوات لولا المنع الأميركي، وعانى الشعب اللبناني كثيرًا من جراء أزمة الكهرباء"، و"لولا المنع الأميركي لكنا تمكنا من إحياء قطاعي الكهرباء والغاز في لبنان".
سماحته رأى أنه "لو أن اللبنانيين منذ سنوات رفعوا الصوت عالياً في رفض الضغوط الأميركية وفي وجه السفارة الأميركية كان من الممكن أن يحصلوا على الكهرباء ويستثنوا من العقوبات"، وتوجّه للأميركيين بالقول " لو كان الشعب اللبناني يهمّكم فاستثنوا لبنان من العقوبات وأوقفوا تهديداتكم".
كما أعلن عن الاتفاق مع "الإخوان في إيران على البدء بتحميل سفينة ثالثة، ونحن بحاجة إلى أكثر من ذلك"، مضيفًا "إذا كان لبنان فعلًا يعني شيئًا للإدارة الأميركية، قدموا استثناء للمازوت والبنزين والغاز الإيراني كما فعلتم لسنوات مع الحكومة الأفغانية".
وأكد أن "الأيام القادمة ستكذب من يشككون بالسفن القادمة من المحروقات... والحديث سيكون واضحاً عندما تصل السفينة الأولى إلى لبنان".
وفيما يتعلق بتشكيل الحكومة، أعلن عن الإصرار على تشكيل الحكومة في أسرع وقت من أجل البدء بحل الأزمات، معربًا عن أسفه بالقول "لم تستطع كل الدماء والآلام والآهات في لبنان أن تؤدي بالمسؤولين إلى إنجاز تأليف الحكومة.. أما آن للنقاش حول الحقائب والأسماء أن ينتهي؟".
وفي موضوع التحقيقات الخاصة بانفجار مرفأ بيروت، اعتبر سماحته أنّ التدبير والإجراء من قبل المحقق العدلي بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب مرفوض وغير مقبول على الإطلاق، و"نحن نطالب الجهات القضائية في لبنان أن تتدخل بما يمليه الدستور والقانون". ورأى أن طريقة إدارة ملف انفجار مرفأ بيروت من قبل القاضي العدلي تؤكد أنها قائمة على الاستنسابية والاستهداف والتسييس.
وفي ذكرى اختطاف الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه، قال السيد نصر الله "إن ما جرى عدوان وظلم للوطن واستهداف للمقاومة ولمشروع تحرير القدس وفلسطين وللسلم الأهلي"، مؤكدًا "سنكمل طريق الإمام الصدر ونحقق أهدافه وسيبقى اسمه بانتظار عودته حاضرًا بقوة في العقل والعمل والشعار والممارسة".
وأضاف "لأن الإمام الصدر كان مانعًا وساعيًا لمنع الفتنة في البلد ووضع كل شيء جانبًا لإيقاف الحرب الأهلية، ولأن مشروع الآخرين كان مشروع الفتنة وتخريب لبنان كان عليهم أن يزيلوا هذا الحاجز من طريقهم".
وختم بالقول "أسأل الله في ذكرى التحرير الثاني أن نبقى في الموقع الذي ننتقل فيه من نصر إلى نصر ونتمكن في مواجهة هذه الحرب الاقتصادية الغاشمة، والتي تريد المسّ بإرادة بلدنا ومقاومتنا".
بتوقيت بيروت